كشف مهرجان "كان" السينمائي الدولي مؤخرا عن قائمة الأفلام العشرين
المتنافسة على السعفة الذهبية للدورة الـ62، ولم يسجّل في قائمة أفلامه سوى
فيلم عربي واحد في "كان"، هو الفيلم الفلسطيني "الزمن الباقي"، لإيليا
سليمان، وهو أمر لم يعد غريبا عن فلسطين التي اعتادت خلال السنوات الماضية
أن تحفظ، وحدها تقريبا، ماء وجه السينما العربية في "كان" وفي غيره من
المحافل السينمائية الدولية.
ظهرت تبريرات كثيرة للوقوف على أسباب ندرة الأعمال العربية في
المهرجانات السينمائية العالمية، فمنهم من ذهب إلى اعتبار أن صناعة السينما
العربية لا تزال متأخرة، خاصة أن أغلب الأعمال التي تشارك في المهرجانات
تنتمي إلى فئة سينما المخرج، التي تعاني من مشاكل التمويل. جهات أخرى فسّرت
الغياب بعنصرية المهرجانات العالمية واتّهمتها بمعاداة الفيلم العربي.
ولكن إذا كان عدم رواج السينما العربية عالميا، ظاهرة تتعدى حدود
المهرجانات لتشمل قاعات السينما والفضائيات، لكأنّ العيب فينا إذا لا في
الآخر.. وما يؤكد ذلك القفزة التي حققتها الأفلام الفلسطينة، رغم كلّ ما
تواجهه من ظروف صعبة: تواضع الماديات، وأحكام عنصرية مسبقة، ومحاولات
اسرائيلية شرسة لوأد كلّ عمل فلسطيني... وقد تفوقت هذه السينما على
نظيراتها العربية واقتحمت أكبر مهرجان سينمائي عالمي لا يزال إلى اليوم
المهرجان الحلم لكل فيلم عربي وهو "أوسكار السينما العالمية".
شهدت الحركة السينمائية الفلسطينية "انتفاضة" كبرى دخلت على إثرها
غمار العالمية حين تم ترشيح فيلم "يد إلهية" لإيليا سليمان لمهرجان كان
السينمائي الدولي 2002 وحصوله على جائزة هيئة التحكيم.. "انتفاضة" أوصلت
فيلم هاني أبو أسعد "الجنّة الآن" إلى جائزة "الغولدن غلوب"، وانتزعت اعجاب
كبرى المهرجانات بأفلام عديدة على غرار "ملح هذا البحر" لآن ماري جاسر
و"عيد ميلاد ليلى" لرشيد مشهرواي. "انتفاضة" جعلت السينما الفلسطينية/ التي
يعيش روّادها تحت ضغط الاحتلال وظلمه، تغازل الأوسكار في عاصمة السينما
العالمية التي يدير دفّتها اللوبي اليهودي. فلا غرابة إذن في أن يكون فيلم
إيليا سليمان الجديد، الفيلم العربي الوحيد المشارك في التظاهرات الرئيسية
لمهرجان "كان" السينمائي الدولي.
و"الزمن الباقي" الفلسطيني/ العربي يقف في الصف متباريا مع أهم مخرجي
العالم على غرار المخرج الاسباني بدرو المودوفار في "عناقات محطمة" وماركو
بيلوكيو، أحد كبار فناني السينما الإيطالية المعاصرة، الذي يشارك بفيلم
"انتصار"، إضافة إلى التايواني آنغ لي الغائب عن مهرجان كان منذ فيلم
"النمر الطائر والتنين المختبىء" عام 2000 والذي يعود مع فيلم "تايكينغ
وودستوك" حول اسطورة مهرجان الهيبي في حين يعرض مواطنه تاي مينغ-ليانغ فيلم
بعنوان "الوجه"، إلى جانب المخرج الفرنسي آلان رينيه الذي يعود إلى مهرجان
"كان" بعد عقود من الغياب مع فيلم "العشب المجنون" وكذلك ابن "كان" المدلل
المخرج الدنماركي لارس فون تراير في "عدو المسيح". ومهما يكن من أمر
التتويج بـ"سعفة كان" فإن حضور فلسطين في فيلم إيليا سليمان مرة ثانية إلى
"كان" يعدّ في حدّ ذاته خطوة هامة، في الوقت الذي عجزت فيه الأفلام العربية
الأخرى عن العبور إلى "كان".
إن السينما لغة عالمية تتخطى حدود الجنسيات واللغات والأديان، وقد
أصبحت، مع تطور تقنياتها، من العوامل الأكثر تأثيرا في المجتمعات، وقد حاول
المبدع الفلسطيني استغلال هذا "السلاح الأبيض" الشرعي للتعريف بقضيته
عالميّا، وكأنّ ما يحمله من وزر غير كاف حتى يحمل عبء تمثيل السينما
العربية من مشرقها إلى مغربها مرورا بخليجها في المهرجانات العالمية.
إن التجربة السينمائية الفلسطينية تقدم مثالا ناجحا لنوعية الأفلام
التي يحتاج إليها، قبل المتلقي الغربي، مشاهد عربي، أغلبه شباب يطالب، إلى
جانب أفلام الترفيه، بأفلام جادة تركز على المبدأ قبل المكسب. والسينما
سلاح مهم وخطير ويكون ناجحا إذا تم توظيفه بالشكل السوي، يؤثر في الرأي
العام وينجح في التعريف بقضية البلد في المحافل الدولية، وأحيانا بشكل أفضل
مما يقوم به رجال السياسة والدبلوماسيون.
ومن هذا المنطلق دخلت القضية الفلسطينية عالم الفن السابع، واقتحمت
الشاشات العالمية، قبل العربية، حاملة الألم الفلسطيني إلى العالم بوجهة
نظر مختلفة خرجت من رحم المأساة على عكس ما تعود عليه معظم الإنتاج
السينمائي العربي الذي طرح القضية الفلسطينية تبعا لتوجهات أنظمتها.
استطاعت السينما الفلسطينية أن تتجاوز الحواجز الخطرة، للتواصل مع
المشاهدين العرب والأجانب، وتقول الحقائق المغيبة، وترصد الأحداث والصراعات
الساخنة على الأرض، بلغة فنية راقية، يمكن أن نكتشفها في أعمال عشرات
السينمائيين الفلسطينيين من أجيال مختلفة. وكانت أول سينما عربية تحصل على
جوائز عالمية بهذا الشكل، وتصل إلى المنافسة على "الأوسكار"، وقد نجحت فيما
فشلت في تحقيقه السياسة بأن أوصلت صرخة الفلسطينيين إلى العالم.
hadhami@alarab.co.uk
العرب
أنلاين في 1
مايو 2009
مهرجان كان أحد أبرز
مهرجان السينما في العالم
الركود لم
يفقد مهرجان "كان" بريقه
كان ـ عندما يبدأ السوق العالمي للسينما نشاطه الاسبوع المقبل في كان
في واحد من أبرز مهرجانات السينما في العالم سيجد البعض على الارجح أن
المارثوان السينمائي الذي يعقد على مدى 11 يوما قد فقد جزءا من سحره
وتوهجه المعهود.
ففي ظل تأثير الازمة الاقتصادية على صناعة السينما العالمية على مدى
العام الماضي واجه مخرجو السينما من هوليود وحتى بوليود إجراءات تتعلق
بخفض التكاليف واستغناءات عن العاملين في استوديوهات السينما بل وجدوا
جيشا من المنتجين وممولي هذه الصناعة الذين يتملكهم الحذر .
ظهرت مؤشرات بالفعل على أن صناعة السينما والقائمين على رعايتها قد
قرروا إلغاء الحفلات الفاخرة وفعاليات الترويج التي تنفق عليها أموال
طائلة والتي تعد من أحد معالم المهرجان.
بيد أنه في حين قد لا تنساب الشمبانيا بسخاء هذا العام فإن هناك عددا
كبيرا من الافلام في السباق أملا في الفوز بجائزة السعفة الذهبية وهو ما
يعني أن المهرجان لم يفقد أيا من بريقه.
ويشمل المهرجان الذي يعقد هذا العام في دورته الثانية والستين في
المسابقة الرئيسية لهذا العام أفلاما لمخرجين بارزين في العالم مثل فيلم
"زمن الحرب " للمخرج الامريكي كوينتين تارانتينو و"الاحضان المحطمة" للمخرج
الاسباني بيدرو ألمودوفار.
كما يظهر عدد كبير من الافلام الاسيوية في مهرجان العام الحالي مثل
فيلم "حمى الربيع" للمخرج الصيني لو لي وهو يدور حول ثلاثة أشخاص يتملكهم
النهم الجنسي وفيلم "العطش" للمخرج الكوري الشهير بارك تشان الذي يتناول
قصة كاهن ينقلب إلى مصاص دماء.
وفي إطار تزايد الاهتمام الدولي بالسينما الفلسطينية تم أيضا اختيار
فيلم "الزمن الذي يبقى" للمخرج إيليا سليمان المولود في الناصرة ضمن
المسابقة الرئيسية. ويدور الفيلم حول حياة أسرة فلسطينية قبل سبعة عقود.
ويحتمل أيضا أن يكون معرض مجلة فانيتي الامريكية قد ألغى احتفاله
السنوي الذي يقيمه في فندق إيدن روك الفاخر في أنتيب كما يحتمل أيضا أن
يكون قد تم إلغاء تأجير اليخوت أثناء المهرجان بالاضافة إلى احتمال تقلص
عدد الحاضرين في المهرجان.
يحتمل كذلك خفوت الوهج التقليدي لهوليود في كان هذا العام نظرا لتراجع
صناعة السينما الامريكية والعدد الصغير نسبيا للافلام الامريكية التي تم
اختيارها للمهرجان.
لكن رغم ذلك من المرجح أن يحتفل مهرجان كان بصناعة السينما وبكوكبة من
النجوم هذا العام بقدر كبير من الرقي والروعة.
فخلافا لمهرجان السينما في فينيسيا "البندقية" الذي يقام في مطلع
الخريف أو مهرجان برلين الذي يقام في الشتاء فإن مهرجان كان يقام مع بدء
فصل الصيف في الريفيرا الفرنسية فيما تعج مياه البحر المتوسط باليخوت.
وهو ما دعا فيم فينديرز بعد عرض أخر أفلامه في مهرجان العام الماضي
للتصريح قائلا إن " السينما لها قلب وهو لا ينبض بشكل واضح جدا مرة كل عام
إلا في كان".
وهناك العديد من المهرجانات في مختلف أنحاء العالم "لكن القلب ينبض في
كان" حسبما يقول فينديرز.
وربما يأتي مهرجان كان هذا العام في أعقاب مهرجان ضعيف في فينيسيا
ومهرجان باهت في برلين وهو ما يؤكد رأي الكثير من المعلقين وهو أن عام
2008 كان عاما سيئا بالنسبة لصناعة السينما.
بل أن دولا كثيرة ستحاول فيما يبدو المشاركة بأفلامها التي سبق أن
اشتركت بها في المهرجانات الاخرى لكي تجرب حظها مع لجنة الاختيار بمهرجان
كان.
لكن الجميع تقريبا في عالم السينما - بدءا من جاري كوبر وألفريد
هتشكوك وصوفيا لورين إلى جان كوكتو وبالطبع بريجيت باردو وجدوا في مرحلة
معينة أن إغراء كان لا يقاوم.
وتتوجه كوكبة من النجوم إلى بلدة كوت دا أزور بشواطئها الشهيرة لحضور
عرض أحدث أفلامهم.
ومن أبرز النجوم المحتمل حضورهم مهرجان هذا العام بينلوبي كروز
وجيرارد ديباردييه وجودي لو وكولين فاريل وجوني ديب وبراد بيت.
لكن الامر الاهم هو أن تقليص عدد الحفلات الفاخرة لا يحتمل أن تثبط
حماس رواد السينما في كان.
وبعد أن يسدل الستار على المهرجان فإنه قد يترك بحق مجالا أكثر
للتركيز على ما آلت له صناعة السينما.
العرب
أنلاين في 5
مايو 2009
|