مع برودة
الجو.. وشدة الرياح.. وسقوط الثلج الذي يحول العربات
إلي جبال
بيضاء.. يفتتح اليوم مهرجان برلين السينمائي الدولي دورته الـ٩٥،
وللمهرجان في نفسي ذكريات لا تنسي.. فقد حضرته منذ ٩٢ عاماً أي قبل وبعد
سقوط النظام الشيوعي..
كان لايزال محدوداً بالرغم من أهمية الأفلام التي كان
معظمها عن
الحرب العالمية والدول الشيوعية وعلي الأخص ألمانيا الشرقية وكفاح الشعب
للخروج من هذا السجن البغيض..
وقتل من
يحاول الهروب عن طريق السور الفاصل بين
البرلينيين.. بل ان البعض منهم كانوا يهربون عن طريق الصرف الصحي.
لقد
عاصرت إزالة سور برلين بعد سقوط النظام،
وكم كانت سعادة سكان ألمانيا الشرقية
الذين حكموا بالنظام الديكتاتوري.. ولقاءاتهم مع أقاربهم في برلين الغربية،
وكنت بصحبة صديقتي الكاتبة الصحفية حُسن شاه.. هناك أخذنا صوراً
تذكارية..
وحملنا معنا بعض الأحجار.. كما أمسكنا بالمنجل لهدم السور.. وقد اصطف
الأهالي
في طوابير طويلة للخروج من هذا السجن إلي برلين الغربية..
وكان ذلك نكبة علي سكان
برلين الغربية الذين كانوا يعرفونهم من الحذاء وكيس البلاستيك
الذي يستعملونه
بدلاً من الحقيبة.. فقد قبلوا العمل هناك بأرخص الأجور.. وانتعشت أحوالهم
حينما
باعوا منازلهم بأسعار فلكية خاصة بعد إقامة الحكومة في منطقة ألمانيا
الشرقية
وإقامة الجامعات هناك.
لقد تغيرت
برلين تماماً..
فبعد أن
كان المهرجان يعرض
في
ميدان »ذو بالاس« القريب من حديقة الحيوانات.. بين المحلات المضيئة
والمطاعم
الفاخرة.. فقد انتقل إلي منطقة برلين الشرقية في بناء خاص بالمهرجان
أطلق عليه »قصر بوستدامر« كما أطلق علي الشارع اسم مارلين ديترتش وهي من
أصل
ألماني.. ويعتز بها الألمان، وتغيرت نوعية الأفلام التي كانت معظمها تدور
حول
الحرب العالمية.. وتعاطف الألمان مع اليهود الذين احترقوا في معسكرات
»الهولوكوست«
وهو ما جعل المخرجين الكبار يخرجون أفلاماً عن هذه الحقبة من
الزمن.. من منطلق إحساسهم بالذنب ومنهم آلان وود،
وستفين سبيلبرج الذي أخرج
فيلم »قائمة شيندلر«.. كما أنتج أفلاماً تسجيلية عن هذه الحقبة.
وبعد أن
كان عدد
الصحفيين محدوداً.. وكنا نعرف بعضنا البعض.. فقد كبر المهرجان وأصبح
يحضره الآن أكثر من ثلاثة آلاف صحفي من مصوري الصحف
والتليفزيون..
وذلك بوجود جيل
من الشباب ربما لم يكن قد وُلد..
هؤلاء الشباب الذين يعيشون الآن عصر الاتصالات
الحديثة
التي سهلت لهم كل شيء ولم تكلفهم شيئاً.. أما عن جيلنا فقد كنا نكافح من
أجل وصول رسائلنا إلي صحفنا في موعدها..
أيضاً
الجهد للحصول علي صور الأفلام من
شركات
الإنتاج.. أما الرسالة فقد كانت الوسيلة الوحيدة لإرسالها عن طريق الـDHL
باهظة التكاليف.
وقد كان
المهرجان زمان يدعوننا
٢١ يوماً مع بونات الأكل
في
أحسن المطاعم.. وقد ألغي كل ذلك ولم يبق بالنسبة للنقاد القدامي إلا دعوة
٥
أيام فقط.. وضغط عدد الأيام إلي ٠١ بدلا من ٢١.. ويرجع هذا إلي ركود
الأحوال
الاقتصادية في ألمانيا بل في العالم كله.. لقد أصبح المهرجان الآن الثاني
بعد »كان«
فضلاً لأنه يعقد في بداية السنة.. فهو يجلب أهم الأفلام.. كما تعرض
فيه أيضاً الأفلام المرشحة للأوسكار.
كان
المهرجان زمان يقام في الصيف أجمل
موسم في السنة، وحدث أن تغير موعده ليقام في عز الشتاء وذلك كنوع من الرواج
الاقتصادي والسياحي الذي تفتقده برلين في ذلك الوقت.. حيث البرد والكآبة..
ولولا حبي للسينما ما واصلت الحضور ٩٢ عاماً متواصلة، وأذكر مرة أن صديقي
الفنان الراحل يوسف فرنسيس دعي للمهرجان في إحدي دوراته..
ولم يتحمل برد الشتاء
فعاد في اليوم التالي دون حتي أن يبلغ المركز الصحفي.
وأذكر
حينما تظاهر
جنود الأمن المركزي في القاهرة، وحرق بعض الكازينوهات الليلية والفنادق..
أن
شاهدنا صديقتي حُسن شاه وأنا ما يجري في القاهرة بالتليفزيون
الألماني،
وانقطع
الاتصال بيننا وبين القاهرة..
أن أخذنا نبكي لأننا لم نستطع الاطمئنان علي
أولادنا وأسرنا.
لم يعد من
الأصدقاء القدامي من يحضرون المهرجان الآن، فقد
كنا كتيبة كثيرة العدد فمنهم من رحل عن حياتنا،
ومنهم من لم يستطع توفير المصاريف
الباهظة من إقامة ومواصلات.. ومنهم من تجنب برد الشتاء القارس.
وأذكر
حدثاً
من أهم
الأحداث في إحدي دوراته، وذلك حينما عرض فيلم »صائد الغزلان« للنجم
الأمريكي روبرت دي نيرو والذي يتناول حقيقة الدول الشيوعية وما
تفعله بالأسري أثناء
الحرب.. وهي طريقة بشعة كانوا يستخدمونها علي موائد القمار حيث كانوا
يقامرون علي
قتلهم بإطلاق الرصاص.
كان ذلك
علي ما أذكر في عام
٥٧٩١، وهو نفس العام
الذي حصل فيه مخرجنا الكبير يوسف شاهين علي جائزة الدب الفضي كأحسن إخراج،
وذلك
عن
فيلم »اسكندرية ليه« وكم كانت سعادتنا نحن الجالية المصرية،
ونحن نحتفل به
في أحد
المقاهي.
الأفلام
المتنافسة علي الجوائز
وتمر
السنين حتي يبلغ
المهرجان عمره الـ٩٥.. حيث يقام في »قصر بوستدامر« في شارع مارلين
ديتريتش، وقد فرشت السجادة الحمراء من الشارع لإستقبال نجوم
السينما العالمية،
واحتشد
المصورون علي الجانبين لالتقاط الصور.. كما أقيمت شاشة كبيرة ترصد ما
يحدث بالداخل، والتي يتابعها الجمهور.
أما فيلم
الافتتاح فهو ألماني
»الدولي«
للمخرج الألماني توم تيكوير، ويشارك في بطولته كليف اوين وناعومي
وانسي.. وينتمي لسينما الأكشن، وتدور أحداثه حول جرائم غسيل الأموال وتمويل
الإرهاب والحروب في العالم.
٦٢
فيلماً
تتنافس علي جوائز الدب الذهبي
والفضي في المسابقة الرسمية للمهرجان من
٥١ دولة
هي الأرجنتين والدانمارك
وألمانيا وفرنسا واليونان وبريطانيا وإيطاليا وإيران وبيرو وبولندا
ورومانيا
واسبانيا والمجر وأورجواي والولايات المتحدة الأمريكية.. وهي أفلام تتميز
بأساليبها الفنية وتعكس أحوال العالم..
ولأول مرة تشارك بعض الدول في المسابقة،
ومعظم
الأفلام إنتاج مشترك مع دولة أودولتين وذلك لخفض ميزانية الفيلم،
ومعظمها
أفلام إنسانية سياسية تتناول تأثير الحروب والإرهاب علي الشعوب، ونوعية
الجرائم
التي تحدث والتفكك الأسري.
والمعروف
أن الفيلم الإيراني أصبح يشارك في معظم
المهرجانات الدولية ويحصل علي جوائز مهمة.. وذلك لأنه يعكس الواقع وسلبياته
وحقيقة المجتمع الإيراني.
ويعرض في
المسابقة فيلم »عن
إيلي«
About Elly
للمخرج ازجار فارهادي.. وتدور أحداثه حول رجل إيراني يعود إلي وطنه بعد
سنوات
عديدة في ألمانيا فيجد كل شيء قد تغير تماماً..
يشارك في
بطولة الفيلم شهاب حسني
وماني حتيتي.
كما يعرض
أيضاً فيلم
Mammoth
ذو
الإنتاج السويدي الألماني
الدانماركي المشترك للمخرج السويدي لوكاس موديسون، وبطولة الممثل المكسيكي
جايل
جارسيا برنال والممثلة الأمريكية الشابة ميشيل ويليامز والممثلة الفلبينية
ماريف
نيسيستو.
وتدور
أحداث الفيلم حول زوجين يعيشان علاقة زوجية ناجحة.. فالزوج
مبتكر موقع اليكتروني ذائع الصيت، بينما تعمل الزوجة طبيبة جراحة ولديهما ابنة
تبلغ من العمر ثماني سنوات تقضي معظم وقتها مع مربيتها
الفلبينية..
يسافر الزوج
إلي تايلاند لقضاء بعض الأعمال،
وهناك ينخرط دون قصد في سلسلة من الأحداث يترتب
عليها نتائج مأساوية علي الجميع.
كما
يتنافس أيضاً فيلم »في الضباب
الكهربائي« للمخرج الفرنسي برتراند تافرينه..
بطولة النجم الأمريكي تومي لي
جونز وجون جودمان..
تدور أحداثه حول شرطي يمسك بمجرم يقوم بجرائم قتل متسلسلة في
أعماق الجنوب الأمريكي.
أيضاً
يعرض في المسابقة فيلم شيري »Cheriå
للمخرج الإنجليزي ستيفين فريرز، وتدور أحداثه في إطار رومانسي حول قصة حب
بين
امرأة في منتصف العمر وشاب من عائلة ثرية،
ويقوم ببطولة النجمة الأمريكية ميشيل
فايفر والممثل الشاب روبرت فريند.. الفيلم مأخوذ عن رواية صدرت في عشرينيات
القرن
الماضي للكاتبة الفرنسية كوليت.
وتعود
النجمة ديمي مور بعد
غياب في فيلم »دموع
سعيدة« وهو عمل ذو ميزانية ضئيلة من إخراج ميتشل لشتنشن، ويشارك في
بطولته الين باركيه وريب تورن،
وهو دراما أسرية تدور أحداثه في إطار
كوميدي.
ويشارك
أيضاً فيلم »عاصفة« للمخرج الألماني حول جرائم الحرب
الصربية في البوسنة.. ويقوم ببطولته الممثل النيوزيلاندي كيري فوكس والنجمة
الرومانية آنا ماريا مارينكا بطلة فيلم »أربعة
شهور وثلاثة أسابيع
ويومان«.
ويشارك
المخرج الألماني الكبير اندريا فايدا بفيلم
Tatarak
خارج
المسابقة.
ويقدم
المخرج الفرنسي فرانسوا اوزون فيلمه الرومانسي ريكي
Ricky.
أما
الفيلم الاسباني
Latera Asustada
فتدور أحداثه حول فتاة في
العشرينيات من عمرها تعيش في مدينة ليما، وتواجه الكثير من مصاعب الحياة وتعتني
بوالدتها مما يولد بداخلها الشعور بالخوف من الحياة والناس.
والمعروف
أن الصين
تقدم
أفلاماً مميزة ذات إنتاج ضخم وغالباً ما تحصل علي جوائز وذلك منذ فيلم »حقل
الدماء« الذي عرض في القرن الماضي.. تشارك في الدورة ٩٥ بفيلم »معبود
للأبد« للمخرج كايج شين..
ويروي قصة حياة أسطورة الغناء الأوبرالي مي
لانفانج.
وتشارك
إيطاليا بفيلم »غبار الزمن« بطولة ويليام دافوس.. وتدور
أحداثه حول مخرج سينمائي أمريكي له أصول يونانية يعود إلي
الاستوديوهات في روما من
أجل استكمال تصوير عمل كان قد توقف عن تصويره لأسباب مجهولة.
أيضاً
الفيلم
الإنجليزي »نهر لندن« للمخرج الجزائري رشيد بوشارب..
وتدور أحداثه حول أبوين
يسافران إلي لندن للبحث عن طفليهما المفقودين في الهجمات
الإرهابية التي ضربت
المدينة في عام ٥٠٠٢.
ويعرض في
القسم الرسمي الفيلم الأمريكي »الثعلب
الوردي« للمخرج الهولندي هارالد زوارت وبطولة ايسواريا راي وجون رينو واندي
جارسيا.. تدور أحداث الفيلم حول تولي المفتش كلاسو-
الذي يجسد دوره ستيف
مارتن- مهمة القبض علي اللص الذي قام بسرقة أهم الكنوز الثمينة في العالم
ومن
بينها ماسة الثعلب الوردي.
أما
أمريكا فتشارك بثلاثة أفلام هي »الحياة
الخاصة لييبالي« اخراج المخرجة ريبكا ميللر، ويشارك في بطولته كيانو ريفز
وروبين
رايت بين ومونيكا بيلوتشي ووينونا رايدر وجوليان مور.. الفيلم مأخوذ عن
رواية لمخرجته »ريبيكا« ويدور حول زوجة تكتشف وقوع زوجها في حب امرأة شابة
بعد
علاقة زوجية طويلة ناجحة مما يدفعها إلي العودة لاكتشاف أنوثتها المدفونة
وبدء
مرحلة جديدة في حياتها.
و»الرسول«
فيلم أمريكي أيضاً يعرض في القسم الرسمي
للمخرج »اورين موفرمان« بطولة بين فوستر ووودي هاريلسون.
أما فيلم »القارئ«
الحائز علي جائزة الكرة الذهبية والمرشح لخمس جوائز أوسكار، والمقتبس
عن
رواية ألمانية صدرت عام ٥٩٩١ تحمل نفس الاسم.. فهو من إخراج الإنجليزي
ستيفين دالدري،
وشارك في بطولته رالف فينيس وكيت وينسلت والممثل الشاب دافيد
كروس.. تدور أحداث الفيلم حول امرأة ألمانية لها ماض مجهول
ومتهمة بجرائم في
الحرب
العالمية الثانية.
أخبار
النجوم المصرية في 5
فبراير 2009
|