سنقرأ اليوم او
غداً أنه لم تكن هناك مفاجآت في نتائج
الأوسكار. »مليونير صعلوك« نال الأوسكار في
مجالات أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل تصوير لجانب خمسة أوسكارات أخرى. كيت
ونسلت
فازت عن دورها في »القاريء«٠ شون بن عن دوره في »ميلك« وبينيلوبي كروز عن
دورها في »فيكي،
كرستينا برشلونة«.... ما هي المشكلة إذاً؟
المشكلة هي أن النظر الى الأوسكار من باب المفاجآت لا
يمنح هذه المناسبة القيّمة حقها من التقدير. إنه كما لو أن علي الأوسكار أن
يبحث
فيما هو ليس متوقّعاً فوزه لمنحه الجائزة عن عمد وعن قصد حتى تأتي الحفلة
حابلة
بالمفاجآت وترضي بذلك من ينشد تسجيل الموقف ذاته كل عام٠
من البداية ذكر هذا الناقد أن المفاجآت ستكون قليلة
وأفضل المتسابقين فازوا سلفاً٠ وهي كانت فعلاً جوائز متوقّعة في معظم
حالاتها. لكن
رغم ذلك، فإن من فاز بها استحق، معظم الأحيان الفوز بها فعلاً بصرف النظر
عما إذا
كان فوزه جاء متوقّعاً او غير متوقّع٠
بداية أيضاً، سعت حفلة الأوسكار لأن تكون مختلفة عن
الحفلات السابقة من حيث التقديم. حرصت على أن تتحاشى تلك المطوّلات التي
كانت تقضي
على روح المتابعة بما في ذلك تلك النمر الإستعراضية الكبيرة. نعم كان هناك
بعضاً
منها لكنها كانت سريعة وقصيرة وغير مُعيقة٠
أيضاً ابتعدت عن جلب كوميدي يملأ الحفل نكاتاً تسقط على
بلاط المكان غير مثيرة سوى الضحك المصطنع وأحياناً لا تحصد حتى ذلك النوع
من
الضحك٠
تحاشت أيضاً توجيه ممثل واحد لكي
يقرأ الترشيحات ويمنح الجائزة للممثل الواحد كما كان الحال دائماً. في هذه
المناسبة
الحادية والثمانين، شاهدنا خمس ممثلات يصعدن المنصّة لتقديم الممثلات الخمس
المرشّحات لأوسكار أفضل تمثيل نسائي، وخمس ممثلين رجال يصعدون المنصّة بعد
ذلك
لتقديم الممثلين المرشّحين لأوسكارهم٠
هذا التجديد لم يؤد فقط الى اختزال الوقت، بل دفع أيضاً
الى تجديد الحياة في أوصال حفلة كانت عانت خلال السنوات العشر الأخيرة على
الأخص من
سقوط الأسهم بين المعلنين والجمهور على حد سواء٠ ومع أن أرقام المشاهدين في
أميركا
والعالم لم تعلن حين خرجت النتائج وعند كتابة هذا التقرير، بل ستعلن في
يومين او
ثلاثة، الا أن المرء لن يكون مندهشاً إذا ما سجّلت نسبة مشاهدي الأوسكار
إرتفاعاً
ولو طفيفاً٠
حب
للميلودراما
على الأقل الحفلة
تستحق هذا العام الإهتمام لذاتها٠ ففي
الأساس، لا يزال الأوسكار أقرب الى المناسبة
الدولية الفعلية شأنه في ذلك شأن أي مهرجان سينمائي عالمي٠ هنا، ومع وجود
رابحين من
اليابان الى الهند ومن ألمانيا الى بريطانيا، فإن عالمية الجائزة مقرونة
بالإهتمام
الذي لا زالت السينما تشهده حول العالم حيث ملايين الناس تدخل صالات
السينما في
أركان الأرض الأربعة كل يوم منذ أن نحو 110 سنوات٠
الى ذلك، يحمل الإحتفال تقديراً للسينما الجيّدة. طبعاً
المشككون او الساخرون عادة ما يعيبون على الأوسكار استبعاد الأفلام التي لا
تحقق
إيرادات كبيرة في نوافذ التذاكر. لكن هذا ليس صحيحاً، ليس لأن المرشّحين
يدرسون
الإيرادات قبل ترشيح الأفلام ثم قبل التصويت على الأفلام والشخصيات الفائزة
فقط، بل
لأن الأفلام المشاركة هي بالفعل من أفضل الإنتاجات للعام الماضي. كذلك فإن
المواهب
التي حققتها او شاركت في تحقيقها في الحقول المختلفة من الإخراج الى
التصوير الى
الموسيقى الى التوليف وباقي الحقول) هي مواهب ممتازة. كيف لا والمرء يجهد
لكي يكتشف
عيباً في تمثيل او في تأليف موسيقي او في التصوير ولا يجد الا منافسة حادّة
على
الجودة؟
إذاً، فاز »مليونير صعلوك«
بثماني أوسكارات بينها أهم إثنين وهما جائزة أفضل فيلم وأفضل
إخراج وكان من الصعب
فصلهما: الفيلم من النوع الذي تطلّب مشاركة
جامعة على نطاق واسع لأنه فيلم استعراضي
من ناحية وتدور أحداثه في الأزقّة والشوارع الحقيقية في بومباي ما تطلّب
جلداً
ودراية. لكن الأصعب من ذلك هو إنجاز التوليفة الجيّدة لفيلم يستعير من
السينما
الهندية حبها للميلودراما من دون السقوط في مطبّات ذلك النوع٠
أفضل منه قليلاً هو »قضية بنجامين باتون المثيرة للفضول«
من حيث أنه دراما مركّبة على وضع خيالي مع حرص المخرج على معالجتها
واقعياً٠ وفي
حين خسر براد بت، بطل هذا الفيلم، أوسكاره لحساب شون بن عن دوره في فيلم
»ميلك« (وهو
دور
جريء بلا ريب) الا أن الخاسر أيضاً في هذا السباق تحديداً هو الممثل ميكي
رورك٠
وكان لافتاً أن يخصّه الممثل شون
بن وقد استلم جائزته بالكلام حين قال له: أنت أخي٠ أعتقد أن اللفتة مهمّة
ومقصودة
ليس ترحيباً بعودة ممثل جيّد الى رحاب هوليوود بعد أن ضاع في سراديقها
لأكثر من عشر
سنوات، بل أيضاً لأن نوعية إداء ميكي رورك التقمّصية بلا قيود للشخصية التي
يمثلها
في فيلم عودته »المصارع« هي من ذات نوعية الأداء الذي قام به شون بن في
»ميلك«.
كلاهما يذهب الى الشخصية الصعبة من دون خوف٠
اليابان
وإسرائيل
لكن إذا ما أردنا مشاركة
الذين يقيمون الأوسكار على أساس إذا ما
كانت نتائجه مفاجئة او غير مفاجئة، فإن
المفاجأة شبه الوحيدة التي حدثت هو استبعاد
الفيلم الإسرائيلي »الرقص مع بشير« عن
جائزة أفضل فيلم أجنبي وتتويج الفيلم الياباني »مُغادرات« بها. ليس أن
الفيلم
الياباني لا يستحق، بل لأن الفيلم الإسرائيلي صوحب بدعاية رنّانة منذ
البداية٠ لكن
إذا ما أراد المرء قراءة هذه النتيجة فأمامه إختياران: إما أن الفيلم
الإسرائيلي
خسر الجائزة لأن الفيلم الياباني أفضل وإما خسرها لأن الفيلم الإسرائيلي
ينتقد
إسرائيل ما ألّب عليه كثيرين٠
ربما
الأقرب للصواب أن الرسالة السياسية لم تهم
العدد الكافي من المقترعين بقدر ما أثارت
إهتمامهم الحالة الإنسانية الرقيقة التي وردت في الفيلم
الياباني٠
أهم النتائج جاءت على
النحو التالي:
أفضل
فيلم
Slamdog Millionaire:
أفضل مخرج:
داني بويل عن
Slamdog Millionaire
أفضل ممثل رئيسي:
شون بن عن
Milk
أفضل ممثلة
رئيسية كيت ونسلت عن
The Reader:
أفضل
فيلم أجنبي
Departures:
أفضل تصوير، أفضل مونتاج،
أفضل موسيقا، أفضل توليف، أفضل أغنية، أفضل سيناريو مقتبس
Slamdog Millionaire
أفضل سيناريو كُتب خصيصاً
Milk :
أفضل ممثلة مساندة بينيلوبي
كروز عن
Vicky Christian Barcelona:
أفضل ممثل
مساند: هيث لدجر عن
The Dark Knight:
مدونة
"ظلال وأشباح" في 23
فبراير 2009
|