لم يلق
فيلم من الجدل والاحتفاء مثلما لقيه فيلم 'المليونير
الكلب ابن الاحياء الفقيرة' الذي افتتحت عروضه في لندن، فهناك شجب وهناك
جوائز
وهناك اشكالية تعريف هل هو فيلم هندي (بوليوود) ام غربي
(هوليوود) وبينهما هناك
اشكاليات الصدق والمعاملة وتصوير الواقع، واقع الاحياء الفقيرة. ففي الهند
حيث بدأت
عروض الفيلم البريطاني الانتاج والاخراج و 'البوليوودي؟' الاسلوب هناك لحظة
من
البحث والمساءلة والغضب خاصة لاستخدام مخرج الفيلم كلمة 'كلب'
في عنوان الفيلم الذي
يحصد الجوائز العالمية كانت آخرها جائزة غلوب، ففي باتنا في ولاية بيهار
الهندية تم
حرق قاعة للسينما. ما يثير في النقاش حول الفيلم ان بعض نجومه يعيشون في حي
الاكواخ
الفقيرة (دارافي)، الذي يطوق مدينة بومبي/ مومباي، رمز كل ما
هو جميل ومزدهر وما
حققته البلاد/ الهند من تقدم خلال العقود الماضية بشكل يجعلها اي الهند في
قائمة
الدول الكبرى منافسة للصين في هذا الاتجاه. لكن وجود طوق احياء التنك
والفقر المدقع
حول المدينة المعجزة والناس الذين يعيشون فيها بدون انسانية
اثار جدلا في الهند
وخارجها. الفيلم هو من اخراج داني بويل المخرج البريطاني ويقوم على اساس
وقائع
حقيقية عن صبي من صبيان الحي، اسمه جمال مالك، ينجح في الحصول على مقعد في
مسابقة
'من يربح المليون' على الطريقة الهندية، يفوز بعشرين مليون روبية ثم يعتقل
لاتهامه
بالتزوير
والتحايل او لان صبيا مثله قادما من حي التنك لا يمكنه الوصول للقمة بدون
افتراض تحايل وخداع، وداخل الفيلم يقدم لنا المخرج كيف نجح مالك وهو بطل
الفيلم في
تحقيق النجاح من خلال احداث تعود اليه من حياته الاولى، ويبدو
ان الاسئلة للمصادفة
كانت تدور حولها، ونعرف ان مالك لم يكن يطمح لكي يحصل على الـ 20 مليون
روبية وان
هدفه كان الاتصال مع صديقة طفولته التي فقد الاتصال بها عندما هرب مع شقيقه
سليم في
القطار، ولانه كان يعرف ان الفتاة تتابع حلقات المسابقة دوما
ولا تفوتها حلقة من
حلقاتها فلم يفقد الامل باللقاء بها.
استغلال
الصغار
في الهند
فان
تداعيات
الفيلم لم تكن في الجدل حوله ولكن في قصص الممثلين الصغار الذين قاموا بدور
فيه مثل روبينا علي (لاتيكا في طفولتها) التي تعتب لأول مرة في حياتها
فنادق الخمسة
نجوم في المدينة، والتي لم يعد والدها يعمل بسبب كسره رجله
اثناء عمله في الفيلم،
وقصة ازهر الدين اسماعيل (الذي لعب دور سليم) و الذي انفق كل ما اخذه من
الفيلم على
اطعام عائلته ومعالجة والده المصاب بداء السل. حصل فيلم 'المليونيرالكلب
ابن
الاكواخ الفقيرة' على عشرة ترشيحات للاوسكار وتحول الى قصة
خيال ورومانسية معاصرة
ولقي حفاوة في كل انحاء الولايات المتحدة، وحصد حتى نهاية الشهر الماضي
اكثر من 60
مليون دولار.وادى الى ظاهرة تدويل لافلام بوليوود مع ان الفيلم ليس على
طريقة
بوليوود وان كان يحمل ملامحها. لكن في الهند هي ما يلقى فيها
الفيلم الانتقاد
الموجه لطبيعة الفيلم وينظر اليه كهجوم على روح البلد وعلى الطريقة التي
عامل فيها
المخرج والمنتجون الابطال والممثلين الذين لم يعوضوهم كثيرا على الاتعاب
التي قاموا
بها، فيما اتهم المخرج وفريقه باستغلال فقر سكان الاحياء، وهذا
الامر ادى لطرح سؤال
حول مسؤولية المخرج عن حل مشاكل مجتمعات مفككة. ففي الوقت الذي لا ينكر فيه
المخرج
مسؤوليته نحو الممثلين ان كانت في المدى البعيد او القريب فان داني بويل
يقول ان
العمل في النهاية هو 'فيلم' وعلى الهند ان تواجه مشاكلها وهي
مشاكل اكبر من ان
يحلها فريق عمل سينمائي مع انه يحاول الاسهام بقدر ما يستطيع. ما يقدمه
الفيلم هو
انه يفتح عين المشاهد على حقيقة الفقر في هذا البلد النامي بسرعة. فعلى
الرغم من
القفزات التي حققتها الهند فالبلد يعتبر من اكثر البلدان في
العالم من ناحية نسبة
الذين يعانون من فقر التغذية بحسب احصائيات الامم المتحدة. والهند هو من
اكبر
البلدان التي تنتشر فيها اكواخ الصفيح والفقر، خاصة في مومباي، حيث تقع عين
الزائر
على تلك المساحة الهائلة من سقوف التنك والصفيح التي تغلف
المدينة والتي امسكت بها
الكاميرا بشكل جميل في الفيلم. وهذا الامر محرج للهند لان مومباي هي في
النهاية
عاصمتها التجارية. وترى تقارير صحافية بريطانية ان روبينا تلقت مبلغ 500
جنيه
استرليني فيما تلقى ازهر الدين مبلغ 2475 دولارا امريكيا،
ويضيف منتجو الفيلم ان
الممثلين تلقوا اكثر من هذا حيث انه تم توفير المدارس لهما. وقد تم تصوير
الفيلم
وانتاجه بميزانية متواضعة بلغت 15 مليون دولار امريكي.
قصة
بنهاية
سعيدة
الفيلم هو
في النهاية قصة بنهاية سعيدة عن جمال مالك ابن حي الصفيح
اليتيم الذي ينجح بالاجابة على كل الاسئلة على الرغم من التحرشات التي ظلت
تلاحق
مشاركته في الفيلم التي تشير اليه بصبي الشاي، 'تشاي والا' وان
احدا لا يصدق ان
يكون ولدا كجمال ابن الاحياء الفقيرة لديه كل هذه المعرفة، وهو ما يردده
محقق
الشرطة امامه، فهذه الحقيقة التي يواجهها 'كلب الحي الفقير' ان لا يجد احدا
يصدقه،
ورغم قتامة الفيلم وسوداويته الا انه ينتهي بنهاية سعيدة على
الطريقة البولوودية.
ولكن
الاعلام الهندي تعامل مع الفيلم بطريقة مختلفة فقد اطلق عليه ' سياحة او
جولة
فقر' تستخدم اوجاع الفقراء من اجل ان تحقق الارباح. في الاسبوع الاول من
عروضه في
الهند في 350 قاعة سينما حصد الفيلم 2.8 مليون دولار امريكي.
ومن الانتقادات التي
وجهت للفيلم هي استخدامه الانكليزية بدلا من الهندية او اي من لغات الهند
وهو امر
نادر بين سكان احياء الصفيح. وقام ناشط اجتماعي بتقديم دعوى قضائية ضد صناع
الفيلم
والممثلين والمخرج متهما اياهم بالعنصرية التي تذكر بالاستعمار
الهندي عندما كان
ينادي البريطانيون على الهنود بالكلاب. فيلم بويل ليس الاول الذي يتهم فيه
صناعه
باستغلال الممثلين الاطفال فصناع فيلم ' سباق الطيارات الورقية' القائم على
رواية
الافغاني خالد حسيني اتهموا بدفع الف دولار الى الف وخمسمئة
دولار للاطفال
الممثلين.
قصة وعقدة
حب
في نهاية
الفيلم يعود بنا بويل الى اجواء
هوليوود الهندية أو بوليوود، حيث يصطف البطل والبطلة معا في صف للرقص
والغناء وتظهر
كل الاجواء والالوان التي ترافق الافلام الهندية، محطة
القطارات التي كانت مركزا
للفقر والشقاء تصبح مشهدا جميلا، والايقاع يصبح سريعا. ويبدو القطار
والمحطة
وكأنهما يريدان القفز من الصورة والدخول في اللعبة. فيلم بويل في نهايته
يختم
محاولة ذكية، وقصة هي قصة احلام بدت في بداياتها خجولة من
نفسها ونواياها وابطالها.
هنا يقف المشاهد امام قصة تتكون من عنصرين: الحظ، كما في حالة جمال مالك
والسحر كما
في
حالة الموسيقى والايقاع وقد تآلف العنصران لبناء فيلم جميل يدور كما لاحظنا
حول
ثلاثي (جمال وسليم ولاتيكا) ينتقل في احياء مومباي الفقيرة ما
يميزه هو اليتم،
لاتيكا لم تعرف في حياتها الا الفقر وجمال وشقيقه كذلك، ينقلنا الفيلم من
مغامرة
لاخرى، حيث يعيش الثلاثي على الحظ والحيل، ويقعون في اسر عصابة تتكسب من
الفقر
والفقراء والاطفال الضائعين وتقوم بتشويه الاطفال وخلق العاهات
فيهم، بعضهم يصبح
اعمى لان صوته جميل ذلك ان الاعمى ذا الصوت الجميل يحصل على الصدقات اكثر
من
السليم. في رحلة الضياع نرى الثلاثة وهم يهربون من المدارس ويقدسون نجوم
الافلام
.
وفي مشهد لا ينسى يقوم جمال بالغطس في حفرة براز من اجل انقاذ صورة الممثل
المشهور
اميتا
باتشان الذي كان في الحي، وللحصول على توقيع الممثل، لكن تعب جمال يذهب
هباء
عندما يبيعها شقيقه سليم في السوق. وعندما تقوم العصابة بمحاولة تشويه
الشقيقين
يهربان عبر قطار لكن لاتيكا التي لم تجر سريعا تترك وحيدة. في
هذا الموقف كان جمال
يريد ترك القطار وانقاذها من العصابة لكن سليم العملي والواقعي يصر على
المواصلة
مؤكدا لاخيه انها ستكون بخير. في الطريق يقوم الشقيقان باكثر من مهمة
ويمارسان اكثر
من وظيفة، يصبحان دليلي سياحة في تاج محل المكان التاريخي الذي
يبدي حضورا في
الفيلم، جمال يتحول الى دليل سياحة يقدم رحلة وحقائق مزيفة عن المعلم لسياح
لا
يهتمون بالحقائق التاريخية لكن بالتقاط الصور امامه، وخلال العمل يقوم
الشقيقان
بالسطو على احذية السياح. بعد هذه المغامرة يعود سليم وجمال
الى مومباي ويعثران على
لاتيكا التي تعمل الان في مبغى لنفس العصابة التي هربا منها، وعندما
يحاولان
اخراجها من المبغى يصطدمان بالعصابة ويقتل سليم رئيسها مقدما نفسه الان
كرئيس
عصابة، يتغير سليم بعد الحادث ويصبح اكثر عدوانية ضد اخيه،
يدير ظهره لاخيه ويهدده.
يترك جمال لاتيكا التي ترجوه ان يغادر قبل ان يقتله شقيقه. يصبح جمال بعد
ذلك صبي
شاي في شركة هواتف، اما سليم فيصبح حارسا لعدو رئيس العصابة الذي قتله،
وتصبح
لاتيكا محظية لرئيس العصابة. عند هذه النقطة يصبح جمال متسابقا
في 'من يربح
المليون' وهنا تلتقي القصة مع العقدة الرئيسية للفيلم. فالعقدة هي التي
تؤشر
للاحداث التي تتميز عن سلسلة الاحداث التي تشير للعالم 'الحقيقي' وتتركز
الان على
جمال الذي يتعرض للتعذيب والضرب من محقق الشرطة لانه سيربح 20
مليون روبية، فهو
يعرف كل الاجوبة وبالنسبة للشرطة هذا امر مستحيل على صبي شاي، والحل هنا
بالنسبة
للشرطة ان جمال لا بد وانه يخدع، هنا تتداخل احداث حياة جمال مع المسابقة،
لكن
الشرطة لا تتوصل رغم كل هذا التعذيب لمعرفة كيف يغش جمال. لا
بد من الاشارة الى ان
جلسات التحقيق تأخذ مكانها بين كل سؤال حتى سؤال العشرين مليون الاخير. في
النهاية
يصدق المحقق قصة جمال ويخلي سبيله، لكن الحقيقة تكمن ان كل سؤال في
المسابقة مرتبط
باحداث واجهت جمال في حياته وكلها معلومات لا قيمة لها عرفها
بالمصادفة، من مثل ما
هي
الصورة على عملة الدولار الامريكي؟ ماذا يحمل رب الهندوس في يده؟ عندما لا
يعرف
جمال الاجابة يسأل الجمهور او يتلفن لصديق حسبما يسمح له
البرنامج وفي حالة فشل
الخيارات يعتمد جمال على الحدس وكل مرة يختار الجواب الصحيح. في مرة يساعده
مقدم
البرنامج لكن هل هذه هي الاجابة الصحيحة؟ تمنح المسابقة الشكل العام
للفيلم، بما
فيه من جو واسئلة واضاءة، وترقب يرتبط بهذه البرامج العامة
والشعبية، ويضفي عليه
ايضا اداء انيل كابور جوا خاصا من السحر المرتبط بعالم التلفاز والاعلام.
كما ان
الفيلم يجعلنا مشاركين في المسابقة، ونتساءل او يجعلنا نحاول الاجابة عن
خيارات
كلها تتعلق بمصداقية المتسابق، الف- يعرف الاجابة، باء: غشاش،
جيم: هو محظوظ، دال:
هناك شخص
كتب له الاجابة. مشكلة الفيلم بالنسبة لنقاده انه يرحل سريعا في معاناة
السكان في حي 'دارفي' الذي تم تصوير معظم مشاهد الفيلم فيه، ويعيش فيه اكثر
من
مليون فقير. ويبدو الفيلم في اضاءته وايقاعه السريع بمثابة
رحلة في الفقر وسياحة في
احيائه. من هنا وجد النقاد الهنود فيه مآخذ على هذه الرحلة، لكن اخرين
وجدوا في
مشاهد التعذيب في محطة شرطة مومباي شكلا اخر من النقد لان هناك مبالغة
فيها، مثل
تعليق وصعق بالكهرباء، كل هذا لان جمال كان يحمل معرفة فوق قدر
مستواه. لكن ما ينقذ
الفيلم من كل هذه الانتقادات هو عقدته القائمة على الاستعادات والربط بين
الاسئلة
وحوادث معينة في حياته، والحب الذي يتسرب في داخل الفيلم حيث
نعرف ان جمال لم يكن
راضيا عن ترك لاتيكا وحدها في يد العصابة. ندمه على تركها او على عدم
التعلق بيدها
وهي تحاول ركوب القطار اصبح قضية حياته وحبها. لاتيكا في
البداية تكون ضحية الهجران
وتحصل على علامة، جرح من العصابة كعقاب لها على الهروب والعلامة تزيدها
جمالا، في
المرة الثانية تكون مركز فداء من سليم الذي لم يكن مقتنعا ابدا بشقيقه، فهو
مرة
يحاول حمايته واخرى يريد الابتعاد عنه. تضحية سليم هي التي
تجمع بين جمال ولاتيكا،
ولهذا نراهما يرقصان في نهاية الفيلم. في داخل الفيلم فكرة الفرسان
الثلاثة، سليم
وجمال ولاتيكا، ما يجمعهما هو اليتم والتشرد. منذ البداية، اي منذ ان ظهرت
في
الفيلم، لم يكن سليم مرحبا بالطفلة التي جاءت الى الملجأ لان
مكانها ليس فيه لكن
جمال يصر على دخولها وايوائها خاصة ان البنت كانت ترتجف من المطر. كل هذا
جاء ضد
رغبة اخيه. اذا كان الحب هو من ينقذ الفيلم فان انقاذ جمال لاتيكا هو
النهاية
السعيدة له من خلال الفداء الذي مارسه سليم، مما يعني انه لا
يمكن اختصار الفيلم
بلقاء بين صبي شاي وفتاة مبغى ولكنها في جوهرها تلخص فكرة ثلاثة فرسان،
والغريب ان
كتاب الفرسان الثلاثة 'موسكاتيرز' هو الوحيد الذي يحضر في الفيلم وجمال
يحدس جوابا
عن سؤال حوله في المسابقة. في رحلة الفرسان الثلاثة عادة ما
ينجو اثنان الحبيب
والحبيبة ويلزم ان يكون هناك ضحية.
هل كان
تمثيلا للواقع؟
هذا على
صعيد رؤية
الفيلم الفنية وهي قائمة على رواية للكاتب الهندي فيكاس سواراب (سؤال
وجواب). لكن ما يطرح في النقد سواء كان اعتذاريا ام نقديا حقيقيا هو ان
الفيلم قد
لا يكون تمثيلا حقيقيا لواقع مدن الاكواخ، فسكانها كما كتب
ناشطون اجتماعيون
وباحثون، ليسوا كلهم شحاذين او قتلة، ايتاما ومشردين، ففي مدن الاكواخ بشر
لهم
احلامهم هربوا من قراهم او اجبروا على الهرب منها، بنوا اكواخهم بانفسهم في
اماكن
متنازع عليها. اكواخ الصفيح فيها بشر يحلمون بالغد ويؤمنون
بالعلم والتعليم كرافعة
للمستقبل، وهي نقطة غير ظاهرة في الفيلم. في كل صباح تحمل الحافلات الآلاف
من
العمال للمدينة الكبيرة للعمل في بيوت الاغنياء: خدم، طباخين/ حرس/ عمال
نظافة/ خدم
لتمشية كلاب الاغنياء/ خضرجية/ فاكهانيين/ تجار صغار/باعة شاي
مثل جمال مالك وغير
ذلك من المهن. طبعا هذا لا يلغي ان هناك نوعا من الاستغلال والمعاناة
والفقر لكن
هذا جزء من عرض كبير عن حيوات اناس يطمحون للاحسن. وكجزء من نجاح الفيلم
انه اكد
على عدد من الكليشيهات التي تعود الى مواقف الطبقة المتوسطة
التي تروج لكل المواقف
السلبية عن تصرفات ابناء الاحياء الفقيرة، فهي اي الطبقة المتوسطة تربط كل
سرقة او
جريمة صغيرة وكبيرة بابناء الاحياء وكأن ابناء الطبقة المتوسطة ملائكة بلا
خطايا
ومن الجدير بالذكر ان اشكالية العلاقة بين الخدم والفقراء
واغنياء الطبقة
الاقتصادية تفرض حضورها على عدد من الافلام ونقاش الروايات والتعليقات
الصحافية
الهندية. ومن هنا ينظر الى الفيلم على انه مشاهد كررها الممثلون لكل
المواقف
المسبقة التي تحملها الطبقة المتوسطة والغنية للفقراء وتتخذهم
كمشجب لتعلق عليه كل
اخطائهم وخطاياهم. مشكلة الفيلم انه يلاحق حكاية ابطال لا اصل لهم وكأنه
يعمم اشكال
التصرفات على كل ابناء الحي او الاحياء وهم ليسوا كذلك فهم بشر طيبون
نظيفون،
واللافت للنظر ان غالبية سكان الحي هم من المسلمين، ضحايا
العولمة وضحايا العنصرية،
وضحايا العنف الطائفي، والدة جمال مثال على هذا، وضحايا فساد الشرطة
والنظام
السياسي. لكن ما يميز ابناء الاحياء انهم لم يفقدوا احترامهم بانفسهم، اما
ابناؤهم
فهم مثلهم مليئون بالطاقة والحيوية والتكريس للعلم والتعلم وهو
ما لم يعكسه الفيلم
بصدق. وحياتهم ليست كما يصورها الفيلم تقوم على الحظ، والغنى لا يأتي
بالصدفة، او
بضربة الحظ ولعبة الكازينو، ولكنه ثمرة سنوات من العذاب والعطاء والبذل.
فيلم بويل
وان جمع بين تقاليد هوليوود او بوليوود ـ مع ان الكثيرين
يرفضون الوصف الاخيرـ
يعتمد نسخة ميلودرامية عن حياة ابناء الاحياء. في البداية تعتقد انك امام
نسخة
جديدة من فيلم 'مدينة الرب' عن فقراء كالكوتا لدومينك لابيير الذي تحول
لفيلم، لكن
فيلم بويل لم ينجح حيث نجحت افلام اخرى بنقل معاناة سكان
الاحياء كما في فيلم ميرا
نير 'سلام بومبي' وانانند باتوردان ' مومباي هامارا شاهير' (مومباي
مدينتنا) ولم
تلق الافلام هذه وغيرها الاحتفاء الذي لقيه فيلم بويل مع انها كانت تتعامل
مع
الواقع والحراك الاجتماعي بحميمية وعاطفية كبيرة.
المليونير
الكلب ابن
الاحياء الفقيرة
من اخراج:
داني بويل، كاتب النص : سيمون بيوفوي ويقوم على
رواية 'سؤال وجواب' لفيكاس سواراب'، 120 دقيقة، ديف باتل (جمال مالك)، ايوش
ماهيش
خاديكا (جمال الصغير)، فريدا بينتو (لاتيكا)، روبينا علي (لاتيكا
الصغيرة)، مدهور
ميتال (سليم) ازهر الدين محمد اسماعيل (سليم الصغير) سانشيتا تشاودري (ام
جمال)
انيل كابور (مقدم المسابقة) وعرفان خان (محقق الشرطة).
كاتب من
اسرة 'القدس
العربي'
القدس
العربي في 9
فبراير 2009
|