يواجه
مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى تبدأ فاعليات دورته الـ32 الثلاثاء
القادم مأزقا مزمنا خطورته تتمثل فى القناعة المسيطرة ليس على بعض
الإعلاميين، والنقاد، بل والسينمائيين أنفسهم والتى تجعلهم يتوهمون أن
ارتباط المهرجان باسم القاهرة يعنى تحوله إلى مناسبة أو سهرة سنوية أو حتى
فرح بلدى يقام على شرف مصر بدلا من النظر إليه على أنه ظاهرة سينمائية
دولية سنوية تطل على العالم من خلال فعاليات ومشاركات تثرى الواقع
السينمائى عالميا.
هذه
القناعة الغريبة هى التى تجعلنا نسن أسلحتنا مبكرا كل عام فى وجه المهرجان
وإدارته متهمين إياهم بالتآمر على السينما المصرية لعدم عثور إدارة
المهرجان على أفلام تمثل مصر فى مسابقاته وفعالياته الأمر الذى يضع
القائمين على المهرجان فى ورطة يصبح السبيل الوحيد أمامهم للخروج منها ورطة
أكبر تتلخص فى قبول أفضل المنتجات السينمائية المصرية التى لم تفض دور
العرض أو المهرجانات الأخرى بكارتها بعد، حتى ولو لم تكن هذه المنتجات هى
الأفضل والأجدر على المنافسة بقوة أمام المنتجات السينمائية الوافدة من
الدول الأخرى الأمر الذى يقود فى النهاية هجوما مضاعفا على إدارته وتحميلها
المسئولية. هذه التساؤلات تطرحها هنا ملابسات الأزمة التى فجرتها «روز
اليوسف» منذ أسبوعين عندما كشفتها وقت حدوثها داخل أروقة المهرجان من أجل
البحث عن فيلم مصرى يمثلها فى المهرجان والتى انتهت بعد فشله فى الحصول على
«المسافر» الذى أنتجته وزارة الثقافة.. باختيار «يوم ما تقابلنا» لإسماعيل
مراد لتمثيل مصرفى المسابقة الدولية وبلطية العايمة وخلطة فوزية وبصرة فى
المسابقة العربية، الاختيارات فجرت العديد من المفارقات.. فالذين شاهدوا
«يوم ما تقابلنا» يؤكدون أنه فيلم جيد لكن فرصته فى الحصول على جائزة شبه
معدومة، بينما أصبح «خلطة فوزية» غير قابل للاستهلاك المهرجانى بعد أن تم
حرقه.. إعلاميا فى مهرجانين عاد من أحدهما بجوائز من أيام قليلة وهو مهرجان
أبو ظبى بينما خرج من مهرجان دمشق بدون الحصول على شىء، نفس السيناريو تكرر
مع فيلم «بصرة» الذى تم تحويله من 16مم إلى 35مم وشارك فى المهرجان والمعنى
أنه فى المهرجان لم يجد أمامه غير بواقى المهرجانات منهما فيلمان تحوم
الشكوك حول جودتهم.
هذه المرة
ليست هى الأولى التى يواجه فيها المهرجان هذه الأزمة بسبب خوف إدارته من
ردود الفعل التى قد تنشأ نتيجة لغياب المشاركة المصرية عن المهرجان رغم أنه
غياب مشروع فنى حتى يعود للسوق السينمائية المصرية وعيها فكثيرا ما وقع
المهرجان فى هذا المأزق بدليل بالرجوع إلى السنوات القليلة الماضية هناك
أفلام المخرجين لم تكن قد نضجت رؤيتهم الفنية بعد مثل «العاصفة» و«أنت
عمرى» لخالد يوسف أو أفلام تفتقد إلى العمق الفنى والفكرى مثل «الباحثات عن
الحرية» و«مذكرات مراهقة» لإيناس الدغيدى، أو حتى أفلام حظيت باحتفاء زائف
وتم تمريرها فى غفلة فنية لتشارك فى فعاليات المهرجان مثلما حدث منذ عامين
مع «آخر الدنيا» لأمير رمسيس الذى تبرأ منه معظم صناعه. شريف الشوباشى
الرئيس الأسبق للمهرجان قال لنا: عندما توليت إدارة المهرجان قلت لو لم يكن
هناك فيلم مصرى مشرف يستحق أن يشارك فلن نضع المهرجان فى مأزق كهذا وأذكر
أننى تعرضت لهجوم شديد آنذاك ولكن أنظر للأمور بشكل مختلف، فهذا المهرجان
بغض النظر عن أهميته السينمائية والدولية وهو واجهة للسينما المصرية التى
للأسف تمر بأزمة وبدلا من أن يكون بمثابة جهاز تليفزيون يبث للعالم منتجاتك
السينمائية، أصابته الأفلام الضعيفة بالعطب. الشوباشى أضاف: مستوى الأفلام
المصرية لو جاء ضعيفا فهذا سيدر هجوما مضاعفا على المهرجان ولم يتمالك نفسه
من الدهشة عندما علم أن «خلطة فوزية» الذى يشارك فى المسابقة العربية عاد
لتوه من مهرجانين أخرين وقال «يانهار أبيض»!! شريف يدافع عن المهرجان ويقول
أننا ليس لدينا «شباب امرأة، الناصر صلاح الدين أو المستحيل» لنتهم
المهرجان باختيار أفلام دون المستوى فهو ليس جهة إنتاج سينمائية. حذر
الشوباشى من أن يتحول المهرجان إلى دعاية سلبية للسينما المصرية فى حال
استمر وضع الأفلام المشاركة كل عام على ما هو عليه.
يذكر أن
الدورة الأخيرة لشريف كرئيس للمهرجان شهدت مشاركة فيلمين من أهم الأفلام
المثيرة للجدل التى عرضت فى الفترة الأخيرة وهما «دنيا» لجوسلين صعب و«ليلة
سقوط بغداد» لمحمد أمين. شريف الشوباشى وضع يده على مفتاح الأزمة الذى
يتمثل فى كلمة إنتاج، الأمر الذى جعلنا نتوجه إلى المنتج السينمائى محمد
العدل الذى تعاطف مع المهرجان فى هذا المأزق الذى يواجهه سنويا بقوله: من
حق المهرجان أن يكون لديه 5 أو 6 أفلام مصرية يشارك فى فعالياته.. ولكن
المشكلة التى نواجهها دائما أن توقيته ليس من العوامل المساعدة بمعنى أنه
فى مثل هذا الوقت يكون جزء كبير من الأفلام قد عرض بينما البعض الآخر يتم
تصويره. سألنا العدل عن رأيه فى الأفلام التى تشارك هذا العام فقال فيما
يتعلق «بيوم ما تقابلنا» ممكن يكون فيلم كويس لكنه لن يأخذ جائزة لكنى شعرت
بالاستغراب أكثر عندما عرفت أن «بلطية العايمة» قد تم اختياره فلا أعتقد
أنه فيلم يصلح للمشاركة لأسباب أتحفظ فى ذكرها ولكنى أعلم أنه فيلم تقليدى
وليس جديدا فى فكرته أو تناوله فنيا. العدل اعترف بأن الذى يتحمل مسئولية
ذلك المأزق هو صناعة السينما المصرية التى تمر الآن بأزمة تتجاوز المهرجان
ولكنه قال بتفاؤل أنا متأكد أن الدورة القادمة سوف تجد 6 أفلام على الأقل
تتنافس فى جودتها الفنية فداود عبد السيد يعمل على فيلم وكذلك أسامة فوزى
ومجدى أحمد على أيضا أنا أحضر فيلم «تلك الأيام» عن رواية فتحى غانم وأعتقد
أنه سيكون عملا فنيا جيدا.
الناقدة
السينمائية ماجدة خير الله دافعت عن الأفلام التى اختارها المهرجان قائلة:
يجب أن نمنح أنفسنا فرصة مشاهدة الأفلام فأنا أعلم من خلال حديثى مع الذين
شاهدوا هذه الأفلام أنها أفلام تتسم بمستوى جيد ومطمئن على الأقل «يوم ما
تقابلنا، بصرة، وخلطة فوزية» لذا لا أرى مبررا لهذا الهجوم المبكر على
اختيارات المهرجان الذى لم يجد أمامه أفضل من هذه الأفلام لأن عدد الأفلام
التى يمكن اقتراحها للمشاركة محدود. هذه الأفكار والأسئلة طرحناها على يوسف
شريف رزق الله المسئول عن المكتب الفنى للمهرجان فاعترف لنا بأن المهرجان
كان يتمنى مشاركة أفلام أخرى لكن هذا لم يحدث. أردنا أن نحصل على «المسافر»
ولكن «البيه المخرج» لم ينته منه بعد، أسامة فوزى، وحيد حامد، ومروان حامد،
لم ينتهوا هم أيضا من أفلامهم وفى نفس الوقت الأفلام التى اخترناها أفلام
جيدة انتظروا حتى ترونها ثم أصدروا أحكامكم.
روز اليوسف المصرية في 22
نوفمبر 2008
|