ملفات خاصة

 
 
 

صلاح السعدني:

فنان عانق الأحلام الصغيرة فصار نجماً كبيراً

كمال القاضي

عن رحيل العمدة

صلاح السعدني

   
 
 
 
 
 
 

حين قدم صلاح السعدني شخصية الولد الصعلوك المُشاغب خفيف الظل في فيلم «الأرض» مع المخرج يوسف شاهين وسط كوكبة من كبار المُمثلين، وكانت فرصة ذهبية لم تتسن في وقتها لمُمثل مبتدئ، ظن أقرانه أن الطريق مُمهد أمامه ليُصبح نجماً سينمائياً في زمن قياسي، إلا أن صلاح السعدني نفسه أدرك أنها بداية المشوار الصعب، حيث لا يستطيع فنان موهوب مثله القبول بأقل من هذا المستوى الإبداعي في أي دور آخر يؤديه، وقد صدق حدسه، إذ ظل طوال الوقت باحثاً عن الجديد والمُختلف، ولهذا تأخرت نجوميته كثيراً في السينما، رغم أنه الأكفأ والأولى بها من كثيرين سبقوه وكانوا أقل موهبة وحضوراً على الشاشة. إنها أزمة التميز الثقافي والفني جعلته حائراً بين تمسكه بالقيمة وانتظاره لما هو آت من الفرص الأفضل والأهم، أو الانقياد كغيرة والرضا بما هو مُتاح من أدوار هي أقل بكثير من قُدراته وإمكانياته وطموحه.

لم يطاوع الفنان الراحل نفسه التواقة للانتشار ولم يستجب لغواية المُنتجين والمُخرجين الذين طالما وسوسوا إليه ليقبل بالأمر الواقع، ويسير في ركاب الأغلبية من الفنانين ليتمكن من تحقيق حُلم النجومية المُبكر على حساب القيمة الفعلية للفن البناء الذي راوده وهو لا يزال طالباً في كلية الزراعة، وتمسك به كأحد أهدافه الرئيسية قبل الحُلم بالنجاح والشهرة والمجد.

تلك كانت الأبجديات التي تعلمها صلاح السعدني في سن التكوين وأيام الصبا والشباب، وأسس عليها القاعدة التي انطلق منها إبان ظهوره وبداية حُلمه بالتمثيل والنجومية، الذي واكب في حينه أحلام الوطن بالنهضة والاستقرار والنصر. لقد علقت نكسة يونيو/حزيران 67 بذاكرة الفنان الواعد، فآثر أن يُسجل آلامها في فيلمه المهم «أحلام صغيرة» الذي شاركته فيه البطولة ميرفت أمين، فالشخصية التي جسدها كانت هي الأقرب إلى طبيعته الحقيقية، فهو المُثقف الثوري المهموم بأحزان الوطن وانكساراته والحالم دوماً بالانتصار وتجاوز المحنة والنازع إلى الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص وإزالة الحواجز بين الطبقات. لقد ترجم الفنان الراحل الكبير هذه القناعات في الكثير من الأعمال التي تصدر فيها البطولة، كفيلم «المراكبي» مع معالي زايد وهو واحد من الأدوار المُبرهنة على فطنته وذكائه وانحيازه المُطلق للفقراء والبسطاء والهامشيين. كذلك كان اختياره لشخصية وكيل النيابة في فيلم «الغول» مع عادل إمام وفريد شوقي، دليلاً على تمسكه بالعدالة وحتمية تطبيق القانون في الحُكم بين الناس، فقد تفوق على نفسه في مشهد المحكمة الذي حاول فيه إدانة الجاني الحقيقي نشأت الكاشف (حاتم ذو الفقار) ابن رجل الأعمال المُستغل صاحب النفوذ فريد شوقي. ولم يفوت صلاح السعدني الفرصة أيضاً في فيلم «زمن حاتم زهران» مع نور الشريف، كي يُثبت جدارته كرجل نبيل يدافع عن حق المجتمع في الثروات التي تكونت بالاحتيال والتعدي على حقوق الغير، فقد لعب دوراً مناوئاً لدور نور الشريف، وكانت مهمة الدفاع عن الحق جد صعبة أمام سطوة حاتم زهران، الرجل الذي حول كل شيء معنوي إلى مُكتسب مادي مُتجاهلاً العواطف والمشاعر الإنسانية للآخرين.

وفي أدوار سينمائية كثيرة، كان أداء السعدني نموذجاً لترسيخ مبادئ الحق والعدل والحرية ومحاولة ربطها بالواقع كدوره في فيلم «صراع الأحفاد» فقد كان استثناءً بين الورثة المُتقاتلين على الثروة بعد وفاة الجد، حيث ترفع الكاتب المسرحي المُثقف عن الدخول في حرب من أجل الميراث، وأبى إلا أن تكون القسمة بين الأبناء والأحفاد بالحق وأن تؤول الثروة لمُستحقيها. لقد حرص الفنان على أن تكون مُعظم أدوارة إيجابية إيماناً منه بالرسالة التي يؤديها، فلم يكن مُسرفاً في أدوار الشر، خاصة الأدوار السينمائية، لكنه في الأدوار التلفزيونية انتهج نهجاً مُغايراً، فاتسمت أعماله بالتنوع نسبياً لكنها لم تخرج تماماً عن خط الالتزام، فهو البطل المُثير للجدل في مسلسل «ليالي الحلمية» المُدافع عن حقه في أن يظل هو العُمدة حفاظاً على تقاليد العائلة وميراثها. وهو أيضاً الحرفي الفنان ابن البلد، الرافض للمساومة وصاحب الكلمة المسموعة في مسلسل «أرابيسك» والشاب المتطلع لمستقبل مرموق في التأليف والإبداع في مسلسل «سفر الأحلام» مع محمود مرسي وآثار الحكيم وحسن مصطفى.

المحطات كثيرة في مشوار صلاح السعدني الفني والإبداعي، ولا يُمكن أن يُستثنى منها دورة المتميز في مُسلسل «المكتوب على الجبين» المأخوذ عن رواية الكاتب توفيق الحكيم «يوميات نائب في الأرياف» حيث جسد دور عصفور الشاب الفطري البسيط الذي يحفظ شعر صلاح جاهين عن ظهر قلب ويردده ويرتبط بعلاقة عاطفية من طرف واحد مع ريم بطلة الحدوتة الشعبية (صابرين).

في النهاية ما يُمكن أن يُقال عن صلاح السعدني لن يُضيف جديداً فهو الغني عن الإشادة والتزكية، إنه الفنان والإنسان والمُثقف الحصيف والمُتحدث اللبق رفيع المستوى.

كاتب مصري

 

القدس العربي اللندنية في

23.04.2024

 
 
 
 
 

صلاح السعدني..

عمدة الفن المصري في العدد الجديد من "مسرحنا"

 محمود سعيد

صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، العدد الإلكتروني الجديد والذي يحمل رقم "869" من جريدة "مسرحنا".

موضوعات جريدة مسرحنا 

واستهل العدد بتقرير خبري في قسم "المتابعات والأخبار" عن العرض المسرحي"رطل لحم" بقصر ثقافة الأنفوشي، وتتواصل تغطيات عروض مسرح الثقافة الجماهيرية بالموسم الحالي، حيث تقدم رنا رأفت تغطية خاصة لعرض "اتجاه واحد" للفرقة القومية بالإسماعيلية.

وتلتقي همت مصطفى مع فريق عمل "حزام ناسف" لفرقة قصر ثقافة السلام، وتلتقي آية سيد مع فريق عرض "أسرار سانتا كلوز" بالإسكندرية، وتكتب عن تفاصيل عرض "مين سرق العمود" المقرر عرضه بمسرح سان جورج الجمعة المقبلة 26 أبريل.

وفي قسم "الحوارات والتحقيقات" تحاور سامية سيد الفنان القدير خالد عبد السلام بعد عرضه "عرفت الهوى" بالمسرح القومي، وتستطلع رنا رأفت آراء المسرحيين حول الموسم الحالي لمسرح الثقافة الجماهيرية.

وفي قسم "رؤى" يكتب د. محمود كحيلة "ونوس" يعود لقومية الشرقية بملحمة السراب بعد نصف قرن من الغياب، وتكتب نسرين نور "الحضيض..عرض حال البؤس بجمال".

صلاح السعدني 

وفي قسم "نوافذ" يكتب محمد الروبي "خواطر عامة حول فن التمثيل "5"، ويكتب د. عمرو دوارة  "صلاح السعدني.. وداعا عمدة الفن المصري".

مسرح نجيب الريحاني 

ونقرأ في ختام العدد، "الجزء 42" من مقالات د. سيد علي إسماعيل حول تاريخ مسرح نجيب الريحاني وتفاصيله المجهولة بعنوان "عباسية المجانين".

 

بوابة فيتو المصرية في

24.04.2024

 
 
 
 
 

أشرف شرف يتحدث عن الصديقين عادل إمام وصلاح السعدني في «أنا وهو وهي»

كتب: أمنية فوزي

يحل الكاتب الصحفي أشرف شرف ضيفًا ببرنامج «أنا وهو وهي»، الذي يقدمه كل من الإعلامية الكبيرة دينا رامز، والإعلامي المتميز شريف نور الدين، والإعلامية الشابة آية شعيب، على شاشة صدى البلد، اليوم في الساعة الثالثة عصرًا على الهواء مباشرة.

عادل إمام وصلاح السعدني

يتحدث «شرف» عن الصديقين الكبيرين الزعيم عادل إمام وعمدة الدراما المصرية الفنان الراحل صلاح السعدني، ويسرد من خلال اللقاء كيف تحولت زمالتهما بكلية الزراعة لصداقة، وكيف أنقذ عادل إمام صلاح السعدني من الإعتقال.

دولة عادل إمام.. أسرار وحكايات في حياة الزعيم

كما يكشف «شرف» جوانب كثيرة في حياة الزعيم، وأسرار تذاع لأول مرة من خلال كتابه الصادر في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، والذي حمل أسم «دولة عادل إمام.. أسرار وحكايات في حياة الزعيم».

برنامج «أنا وهو وهي»

يذكر أن برنامج «أنا وهو وهي» يذاع يوميًا على الهواء مباشرة من السبت إلى الأربعاء في الساعة الثالثة عصرا حتي الخامسة مساء، من إعداد ندي صالح، هبة العناني، نيرمين جلال، ويرأس تحريره الكاتبة الصحفية الكبيرة أماني ضرغام.

 

المصري اليوم في

24.04.2024

 
 
 
 
 

عن مهنة وأخلاقياتها ورحيل أفرادٍ

نديم جرجوره

مسألة يطرحها رحيل الممثل المصري صلاح السعدني (19 إبريل/ نيسان 2024). فعائلته تتمنّى، عبر "نقابة الممثلين" في القاهرة، عدم تغطية الصحافة والإعلام المصريين جنازته ودفنه، والتعزية به. تريد العائلة احتراماً مُطلقاً لخصوصيةٍ، تُتيح لأهلٍ ومقرّبين ومقرّبات فقط مشاركةً من دون أضواء عدسات، غالبيتها الساحقة غير مهنيّة وغير أخلاقية، أي إنّها لا تحترم فرداً في لحظةٍ حميمة، ولا تكترث بجماعة قليلة تُظهر حزناً وغضباً وقهراً، يولّدها رحيل قريب أو قريبة.

لحظات عربية سابقة تؤكّد فلتاناً، صحافياً وإعلامياً، إزاء حالاتٍ كهذه. التعدّي على خصوصيةٍ، فردية وجماعية وإنْ تكن الجماعة صغيرة، رائجٌ، من دون قيدٍ أو تنبّه إلى أولوية تلك الخصوصية، رغم أنّ الأخيرة حاضرةٌ في لقاء عامٍ. الأسوأ كامنٌ خارج صحافةٍ وإعلام: هواتف ذكية تلتقط أيّ شيءٍ وكلّ أحد، في أيّ لحظة وكلّ حالة، من دون احترام أو اكتراثٍ، فالـ"تريند" أهمّ، ونشر صُورٍ وتسجيلات بصرية سمعية يتجاوز كلّ مهنةٍ وأخلاقياتها، وكلّ حميمية ومتطلّباتها، إنْ يُدرك أصحاب الهواتف الذكية تلك أخلاقيات تصوير وتسجيل، وخصوصيةَ حميميٍّ وإنْ يظهر في مكانٍ عام.

هذا يحتاج إلى مزيدٍ من نقاشٍ: هناك دفاع عن أهمية توثيق لحظاتٍ كهذه، من دون التغاضي عن أصولٍ وقواعد تحترم أفراداً وحالات. وهناك، في المقابل، رفضٌ لهذا كلّه، فالتوثيق قائمٌ في التباسٍ حادٍّ بين أصولٍ وتفلّت، إذْ إنّ إتاحة المشاركة للجميع عاجزة عن ضبط التوثيق، والتفلّت قاتلٌ ومُهين.

الدفاع يطرح سؤال "أهمية" التوثيق، مع أنّ التوثيق (كلّ توثيق من دون استثناء) مطلبٌ، خاصة أنّ التوثيق العربي شبه غائب، وإنْ يحضر، فالبلبلة حاجزٌ أمام الموثَّق، الذي يظهر بصورة ما، وإنْ بوضوح فنّي أقلّ من المطلوب. الرفض مُصابٌ بعطبٍ أساسي: إنّه تسهيلٌ لمنع وقمع، غير محصورين بحالات كهذه. أي إنّ الموافقة على الرفض ربما تؤدّي إلى إشاعة الرفض في جوانب عدّة من يوميات أفرادٍ وجماعات.

فقرةٌ في بيان "نقابة الممثلين" دليلٌ على إمكانية بلوغ الرفض منعاً وقمعاً لمسائل أخرى. تقول الفقرة إنّ النقيب أشرف زكي يعمل على "اتفاقٍ" يضع أسساً وقواعد "تُحدّد آليات حضور مراسم الدفن أو الجنازات"، بين النقابة و"الصحافيين والمراسلين، حتّى لا تُسيء القلّة لهذه المهنة العظيمة". أيظنّ زكي أنّ "قلّة" فقط تُسيء إلى المهنة "العظيمة"؟ ألا تزال المهنة، في مصر تحديداً، "عظيمة"؟ أيكون النقيب عاجزاً (أم أنّه رافضٌ؟) عن معاينة الانهيار القاتل لصحافة وإعلامٍ مصريين، في مسألة كهذه، وفي مسائل أخرى؟

اتّخاذ موقفٍ صعبٌ. انهيارات أخلاقية عربية كثيرة مؤذية، وانعدام أصول مهن وأخلاقياتها كفيلٌ بتحطيم قِيَم وثقافات وأنماط عيش. أمّا التزام أخلاقيات مهنٍ فلا علاقة له البتّة بمنعٍ وقمع وانغلاق. الكتابة في مسألةٍ كهذه مرتبكةٌ. نقاشها يحتاج إلى مزيدٍ من تفكيرٍ ومعاينة. لكنّ السابق، المتكرّر مراراً، يُساهم في اتّخاذ جانب رفض الفلتان، وضبط الموافقة.

 

العربي الجديد اللندنية في

24.04.2024

 
 
 
 
 

إيمان كمال تكتب:

صلاح السعدني.. وداعًا "عمدة الدراما"

·        اتفاق ضمني مع أسامة أنور عكاشة لبعض الإضافات على الشخصيات.

·        موهبته الكبيرة انتصرت على الاضطهاد والظلم الذي لاحقه في بداية مشواره

·        انعزل بعد رحيل "أصدقاء" العمر وقرر الاكتفاء بما قدمه في مشواره..لكن لم "يعتزل". 

)وينفلت من بين إيدينا الزمان..كأنه سحبة قوس في أوتار كمان، وتنفرط الأيام عود كهرمان يتفرفط النور والحنان والأمان.. وينفلت من بين إيدينا الزمان).

تمر كلمات أغنية الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب تتر أغنية "أرابيسك..أيام حسن النعماني" خلفية لمشهد الوداع..وداع مؤثر برحيل العمدة سليمان غانم، حسن النعماني أبو كيفه، الفنان الكبير صلاح السعدني، ووداع جيل من كبار الممثلين رحلوا عن عالمنا في السنوات الماضية،نور الشريف، محمود عبد العزيز، لينفرط الجيل الأكثر تأثيرا وبصمة في عالم الدراما التلفزيونية لسنوات طويلة، تاركين فراغا يليق بقيمتهم ومكانتهم التي لم يقترب منها أحد، لكنهم تركوا لنا تاريخا مشرفا من الأعمال.

 (1)
الموهبة تنتصر

إذا اعتبرنا أن العمدة سليمان غانم في المسلسل الأكثرشعبية في تاريخ الدراما المصرية "ليالي الحلمية" وحسن النعماني في "أرابيسك" هى الشخصيات الأشهر في مشوار صلاح السعدني الذي رحل عن عالمنا قبل أيام عن عمر تجاوز الثمانين بقليل، على مستوى التأثير والشعبية، لكن خلال أكثر من 200 عمل شارك خلالها في السينما والتلفزيون والمسرح استطاع صلاح السعدني أن يترك بصمة بالشخصيات التي يقدمها.

ومن أشهر أعماله أيضًا مسلسل "الأصدقاء" ومسرحية " الملك هو الملك" وفيلم " فوزية البرجوازية".

فصلاح السعدني  الولد الشقي خفيف الظل الذي درس في كلية الزراعة ليتزامل مع عادل إمام الذي كان وقتها في عامه الدراسي الرابع، بينما كان السعدني في سنة أولى جامعة وقرر أن يشارك في فرقة التمثيل لتتوطد صداقة عمر، فطالما أكد السعدني على دعم وتشجيع عادل إمام له في بداياته.

في إحدى حلقات برنامج "ونس" حكى الإعلامي الكبير محمود سعد أن الانطلاقة الأولى لصلاح السعدني التي حققت له شعبية كبيرة، كانت بتقديمه لشخصية ممدوح في مسلسل "لا تطفئ الشمس" وهو المسلسل الذي عرض عام 1965، وقدم صلاح الشخصية التي جسدها الفنان أحمد رمزي في الفيلم الذي تم تقديمه عن نفس قصة الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس.

يحكي "سعد" أن وفاة شخصية ممدوح أثناء كتابة إحسان عبد القدوس لحلقات القصة في روز اليوسف أثار ضجة كبيرة، حتى أن الجمهور طالبه بإعادة الشخصية مجددا ورفضوا موتها، هذا الصدى الكبير عاد مرة أخرى حين توفى ممدوح (صلاح السعدني) في المسلسل، فشهدت الحلقة حالة من الحزن الشديد، وتوقع الجميع للسعدني بعدها أن يحقق نقلة أكبر.

لكن العكس، عانى صلاح السعدني لسنوات من الاضطهاد والظلم والمنع كضريبة لكونه الشقيق الأصغر للكاتب الساخر الراحل وصاحب القلم الجرئ محمود السعدني، فتم منع صلاح من التمثيل لسنوات وكان من المفترض أن يشارك في العرض المسرحي "مدرسة المشاغبين" فاضطر المخرج والمنتج المسرحي سمير خفاجي أن يعرض عليه أن يتولى عملا إداريا ليتواجد في المسرح، وعلى الرغم من صعوبة تلك المرحلة إلا أن موهبة السعدني انتصرت في النهاية وتوالت أعماله ففي الثمانينات شارك في أعمال هامة مثل مسلسل "أديب" و"وقال البحر" و" أبواب المدينة" و"سفر الأحلام" وقدم شخصية ياسين في مسلسل "بين القصرين"، إلى جانب "ليالي الحلمية" الذي بدأ الجزء الأول منه في عام 1987.

(2)
العمدة 
(تستطيع أن تنزع الفلاح من الريف لكنك لا تستطيع أن تنزع الريف من الفلاح، مصر بداخلي، الأمة العربية بداخلي، بملامحها وثقافتها وحضارتها، أحلامها احباطاتها حتى الردئ قبل الجيد، أحمل بداخل كل ذلك، إلى جانب ملمح من ثقافتي الخاصة من علاقتي بالأشياء وتحضري ورغبتي في مستقبل أفضل، وإيماني بوحدة هذه الامة وأنها تستحق مكان أفضل تحت الشمس، كل ذلك أثر في حتى المكان الذي عشت ونشأت به)

في لقاء له مع الإعلامي مروان صواف تحدث صلاح السعدني عن تأثير أصوله الريفية في شخصيته، فنشأته في محافظة الجيزة مع أسرته التي انتقلت إلى هناك لم يزعزع تلك الأصول بداخله، هذا التأثير اتضح بشكل أكبر مع تقديمه لشخصية سليمان غانم على الشاشة في "ليالي الحلمية".

يقول السعدني: "جدي الشيخ معوض هو العمدة الحقيقي تأثيره داخل حدود قريتنا على ضفاف النيل، لكن العمدة سليمان غانم أكثر تأثيرا لأنه في ملحمة فنية رائعة تأثيرها أقوى من محدودية الزمن، فتأثير الفن ممتع وجذاب يسعد الجمهورويسبب لهم المتعة".

وتابع:" تأثير الشخصية التي رسمها الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة وباقي شخصيات المسلسل أقوى بكثير، فمن خلال ليالي الحلمية رصد 50 عاما من السياسة والمجتمع والاقتصاد، والجزء الذي أخذته من جدي الشيخ معوض أفاد العمل وجعل تأثير الشخصية أكبر فتحولت الشخصية من مجرد شخصية أرسمها في خيالي إلى واقع، أصبح أنا وهو واقع واحد في الفترة التي كنت أصور فيها المسلسل".

(3)
الأكثر ثقافة..والأداء العفوي

(ما يميز صلاح السعدني هو أنه الأكثر ثقافة بين أبناء جيله، لكن هذه الثقافة لم تقف عائقا أمام تقديمه للشخصيات بل على العكس جعلته أكثر ثراء)

اعتبر يحيى الفخراني أن ثقافة صلاح السعدني التي ميزته عن الكثيرين لم تكن عائقا بينه وبين الجمهور مثل البعض، لكنه استطاع أن يطوع تلك الثقافة لتضيف له ثراء للشخصيات التي يقدمها، فاعتمد على العفوية في أدائه.

هذه الثقافة والوعى والفهم جعل الكاتب الكبير الراحل أسامة أنورعكاشة يسمح للسعدني بأن يقوم ببعض الإضافات الطفيفة للشخصية، قال عنها صلاح السعدني: "حصل اتفاق ضمني بيني وبين أسامة أنور عكاشة فكان يتركني اتصرف لكن من خلال الحدود، ولم يكن الأمر خروج عن النص لكنه كان إضافات طفيفة، ففي بعض الأوقات كنت أنهي المشهد ولدى شحنة لم تنتهي فكنت أستكمل المشهد بكلمات قليلة، وكان أسامة يرحب بذلك وأنا أحترمه كثيرا فكان على درجة من الثقافة والموهبة نادرا ما تتحث".

وأضاف: "يمكن اعتبار أننا نمر بفترة انحدار، ففي صغري كان أساتذة كبار يفتحون الطريق ويعلمون البشرية فكانوا كوادر، وجيل مؤمن بالثقافة، فكان هناك مثلا ندوات شبه يومية للفنان محمود مرسي، كنا نجلس مع أنا وعادل إمام وعمر عبد العزيز،وجلسات أخرى كان فيها كامل الشناوي وأنور الحداوي وصلاح جاهين، كل ذلك له تأثير كبير ".

فصلاح السعدني لديه نظرية أطلق عليها "الشبهية" قال عنها: "في الأمة العربية لدينا كل شئ كما هو في العالم، لدينا كرة قدم واتحاد وملاعب ومدرجات جمهور وغرفة ملابس لاعيبة و22 لاعب وحكام لكننا لا نلعب كرة القدم بل لعبة تشبه كرة القدم، وفي الفن لدينا كاميرات وتصوير ولكننا نقدم شبه السينما، وهو ما ينطبق على الاقتصاد والزراعة والصناعة وأتمنى أن نظرية الشبه تنتهي ونصبح بجد وليس مجرد شبه".

(4)
انعزال..وليس اعتزال

في عام 2013 قدم صلاح السعدني آخر أعماله وهو مسلسل "القاصرات"..لم يقرر صلاح السعدني اعتزال الفن، ورغم غيابه ظل حاضرا بأعماله التي قدمها طوال مشواره، لكنه فضل أن ينعزل ويبتعد بعد الخبطات التي تلقاها برحيل أصدقاءه المقربين، أسامة أنور عكاشة، عاطف الطيب، أبو بكر عزت، وآخرون من المقربين.

الحزن الذي خيم في القلوب برحيل عمدة الدراما صلاح السعدني، جاء موازيًا لملحمة حب من الجمهور الذي كان متعطشا لحضوره حتى وإن كان وداعه الذي تحول إلى ملحمة من الحب، وتأكيدًا على أن أصحاب الأثر الطيب والصادق لا يغيبون.

 

الفجر الفني المصرية في

25.04.2024

 
 
 
 
 

صلاح السعدني..

التلقائية والانتقائية في فن التمثيل.. وداعًا

بقلم د. حسام عطا

صلاح السعدني (1943 – 2024) علامة من علامات مصر المبدعة، علامة ذات طابع مصري خاص.

صلاح السعدني هو مرادف لغوي دال في مضمونه على تعبير الممثل الفنان المبدع. كان نجم التمثيل العربي بميله الواضح للقراءة واهتمامه المبكر بالحياة العامة، يبدو وكأنه يعد نفسه ليدخل عالم الصحافة والكتابة، بينما من الأمور التي حدثت على سبيل تصاريف القدر

وقد كان محمود السعدني شقيقه الأكبر قد تقدم لقسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ولكنه تراجع عن فكرة التمثيل ليدخل عالم الصحافة.  بينما ذهب الأخ صلاح الأصغر إلى عالم المسرح والتمثيل في بدايات الصبا، ولم يذهب لعالم الكتابة والصحافة، كما كانت تبدو البدايات.

إلا أنه وبتأمل الحضور الإبداعي لمحمود وصلاح السعدني، تجد في الأول صياغة أدائية واضحة وميلا نحو الدراما، ورغم أنه كتب للمسرح عدداً من المسرحيات فإن حضوره المسرحي فيما كتب من مقالات هو حضور يحمل طابع الحكي من حكاء مصري ساخر، ففي طريقته الساخرة الخاصة تشعر بأن محمود السعدني الكاتب الكبير هو ابن بلد مصري أو فلاح حكيم يجلس على أريكته في ظل شجرة وارفة ليحكي ويسخر ويدافع عن البسطاء من أهل مصر، وهو يكتب لهم بالأساس ولا يكتب للنخبة، فعمله الصحفي الثري لا يخلو من هذا الطابع الأدائي.

أما صلاح السعدني، الذي ذهب لعالم التمثيل، فحضوره الإبداعي لا يمكن فهمه إلا بفهم عالمه الثري بالثقافة والقراءة وحب الحياة، والارتباط بضمير البسطاء في مصر.

ويظهر ذلك في حرية اختيار الممثل لأدواره، إذ يمكن بمتابعة مجموع أدواره المتنوعة الثرية في المسرح والسينما والدراما التليفزيونية، أن تقول إنه كان يختار ما هو معبر عن شخصيات الهامش المصري الوطني من أهل مصر البسطاء ونادراً ما يتجاوز ذلك إلا ليعبر عن اختيارات لأدوار هي لأبناء الطبقة المتوسطة المصرية، التي تحب أهل مصر الطيبين وتدافع عنهم.

ولا شك أن الاختيار الحر للفنان هو اختيار يناسب ملامحه المصرية الخالصة والتي تجعله يدخل قلب المصريين، فهو مثلهم يشبههم ببشرته ذات اللون القادم من لون القمح المصري، هو ذلك الفتى النحيف في صباه، وهو ذلك الشاب الذي يشبه الخيزران المصري النابت في غيطان الخير في الدلتا والصعيد، وهو ذلك الرجل مكتمل الملامح قوي البنية بعد عبوره سن الأربعين، وهو ذلك الشيخ القوي الذي عرف الحياة وخبرها وقد ظهرت عليه وعلى بدنه علامات حبها بهذا الامتلاء العفي الذي هو امتلاء للمصريين قبل سنوات الاكتمال مع نحافتهم الباكرة، وقد منحه ذلك التغير في الملامح الخارجية في مراحل سنوات عمره فرصة لثراء نادر مكنه من تمثيل الأنواع الدرامية المتعددة.

يبقى الاختيار الأوضح لصلاح السعدني هو دوره في فيلم الغول، وهو شخصية وكيل النيابة المثقف المنتمي المتعاطف مع المتهم والذي يحافظ على القانون رغم التعاطف مع الشخص الخارج عنه، وهو الدور البديع في انسجام الإبداع والصداقة، والذي مثله الفنان الكبير عادل إمام بطاقة عاطفية حاضرة مع صديق عمره صلاح السعدني.

وإذا كان له علامة دالة تستطيع أن تعبر عن تنوع الشخصيات التي قدمها في دلالة بعينها، فهي شخصية وكيل النيابة المثقف الذي هو حقاً بالنيابة عن المجتمع والناس في مصر.

ابن البلد الشهم، المعبر عن وجدان الجماعة الشعبية هو العلامة على شخص الفنان الكبير صلاح السعدني.

وجدير بالذكر أن الفنان المثقف القارئ كلما زادت عمق معرفته بالثقافة بدا وكأنه لا يحمل شهادات عليا وهو يمثل دول الفلاح البسيط على سبيل المثال مثلما فعل في فيلم الأرض

وهكذا يبدو بلا علاقة واضحة بعمق ثقافته لأنها تبقى طاقة عاطفية وجدانية وعلى ذات الامتداد تجد حسن أرابيسك الذي يعبر عن انتقائية صلاح السعدني التمثيلية ذات الصلة بالأثر العام لشخصه الذي حرص على صناعته خارج عالم التمثيل، وهو الممثل العازف بصمته عن الحوار الصحفي والأخبار، مع حرصه الدائم على الغياب في المناسبات الخاصة والعامة ليصبح هو ذلك النجم المختلف الممتلئ بذاته

تمنح الشخصيات التي يؤديها فهما لتفاصليها وتشكل حضورها الخاص في المسرح والسينما والدراما التليفزيونية.

ولعل حضوره الواضح في العمدة غانم بدراما ليالي الحلمية دليل علي أن عمق الثقافة هي ما تدفع الممثل لرسم ملامح الشخصية، وهي أيضا تعبير عن ثقافة ملاحظة البشر والحياة اليومية وملامحهم، بينما تبدو الشخصية بمصداقيتها وكأن ممثلها لم يتم تعليمه الجامعي.

ذلك أن الملاحظة والفهم للبشر والتجربة الإنسانية هي مكون خاص لثقافة الفنان الممثل المبدع وليس القراءة في الكتب بمفردها

في المسرح قدم السعدني نماذج لا تتكرر ومنهما شخصية أبي عزة المغفل في رائعة سعد الله ونوس الملك هو الملك، وهي شخصية دالة على احترام النجم لعمل المؤلف الكبير والتزامه بحوار النص.

صلاح السعدني صاحب التلقائية والعفوية في فن التمثيل المصري

وهي تلقائية تعبر عن حضور ذهني وحريه إبداعية تأتي من الخبرة الحياتية، وتكوينه المسرحي الذي يفهم حرية الارتجال كمكون أساسي للإبداع.

إلا أن هذه التلقائية الواضحة هي وعي خاص بفن التمثيل يجب على الفنانين تأملهما لأنها ليست تلقائية خالصة كتلك التي يؤدي بها بعض النجوم الجدد الآن، بل هي تلقائية مشحونة بطاقة من الانفعال والتشخيص تخرج بالشخصية من عالم التلقائية إلى عالم التعبير الفني الإبداعي، تذهب عبر الطاقة العصبية الانفعالية إلى درجة من المبالغة المحدودة جدا

هي الباب الكبير كي تتمكن التلقائية من استخدام التعبير الإبداعي عبر استخدام أدوات الممثل جميعها من الوجه لحركة الجسد للذاكرة الانفعالية والطاقة العاطفية.

وهكذا يصبح تاريخ الفنان الكبير صلاح السعدني الإبداعي، الذي تحفظه الذاكرة المصرية للأجيال القادمة نموذجا لطريقة إبداعية خاصة بالأصالة عنه هو فقط.

ويجب تأملها ودرسها وفهمها فهي نموذج خاص في فن التمثيل.

وداعًا صلاح السعدني، اللهم أسعده برحمتك الواسعة كما أسعد الملايين في مصر والوطن العربي.

 

بوابة روز اليوسف المصرية في

26.04.2024

 
 
 
 
 

"صلاح السعدنى عمدة التشخيص فى بر مصر" عنوان صالون كلام ف السيما المقبل

كتب : جمال عبد الناصر

خصص المخرج أشرف فايق صالونه الذى يقدمه "كلام ف السيما" للحديث عن الفنان الراحل صلاح السعدنى، ووضع له عنوان "عمدة التشخيص فى بر مصر"، وذلك يوم الخميس 9 مايو 2024 بسينما الهناجر، ويقدم أيضا الصالون يوم 16 مايو 2024 بسينما مركز الحرية للإبداع الفني بالإسكندرية.

الصالون السينمائي "كلام فى السيما" للمخرج أشرف فايق يقام برعاية قطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة الفنان د. وليد قانوش، وبدعم من وزيرة الثقافة د.نيفين الكيلاني، وحضوره مجاني كخدمة ثقافية تقدمها الوزارة لرفع الوعي والثقافة السينمائية وتعريف الأجيال الجديدة برواد الفن المصري وصناع السينما.

جدير بالذكر أن الفنان صلاح السعدني الملقب بعمدة الدراما المصرية من أكثر الفنانين تمتعًا بحب الجماهير على مدار رحلته الفنية، وهو فنان من نسيج الفن المصرى، راسخ فى وجدان الشعب العربي بما قدمه من أعمال، وهو خليط من طبقات الشعب المصري، ومزيج متناغم ما بين الإنسان الشعبي البسيط والفيلسوف العميق.

وقدم الراحل نحو 35 مسرحية و45 مسلسلاً و70 فيلمًا، وكان من أحلامه الفنية تقديم شخصية الرئيسين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات، وقدم الكثير من الشخصيات والأدوار في أعماله المتعددة ما بين السينما والمسرح والتليفزيون، وهذه الشخصيات لم ولن تمحي من ذاكرة الشعب العربي، فقدم لنا هذا العبقري في فن التشخيص الكثير من الأدوار والشخصيات ما بين الفلاح المتمسك بأصوله والثورجي وابن البلد، وصاحب المبادئ في الأحياء الشعبية، والشهم خفيف الظل، وغيرها من الأدوار لكن سيظل هناك عدة أدوار لا ينساها جمهوره أبدًا لأنها كانت علامات في سجل الدراما ومنها الأسطى حسن في مسلسل "أرابيسك"، و"نصر وهدان القط" فى "حلم الجنوبى"، والعمدة سليمان غانم في "ليالي الحلمية" الذي منح السعدني لقب عمدة الدراما المصرية والعربية.

 

اليوم السابع المصرية في

27.04.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004