ملفات خاصة

 
 
 

ما أفضل 15 فيلما عالميا وعربيا في 2023؟

أعمال سينمائية حملت مفاجآت على مستويات عدة

هوفيك حبشيان

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

شهد عام 2023 الذي يطوي غداً صفحته الأخيرة حركة سينمائية فريدة وغزيرة، وعرض كثير من الأفلام الجديدة في المهرجانات العالمية والعربية التي باتت تشكل الموسم المنتظر كل عام لدى أهل السينما والأعلام والجمهور .أفلام حملت مفاجآت عدة سواء في الإخراج والتمثيل والتقنيات والقضايا التي عالجتها، وهنا لائحة بـ 15 فيلماً تميزت خلال 2023.

"الجانحون" لرودريغو مورينو

من أجمل ما قدمه مهرجان "كان" السينمائي في دورته الأخيرة حكاية موظف أرجنتيني يخطط لسرقة مبلغ ضخم من المال من المصرف الذي يعمل فيه، وهدفه تأمين ما يلزمه من فلوس كي لا يحتاج إلى العمل بعد الآن.

فهو يأخذ بالضبط القيمة التي كانت ستدخل إلى جيبه لو استمر في العمل حتى نهاية الخدمة، ثم يورط صديقه وزميله في العمل عبر تسليمه الثروة ليحتفظ بها، وذلك حتى خروجه من السجن، على أن يتقاسمها معه.

لا تتوقعوا تسلسل أحداث تقليدي في هذا العمل، فمورينو لديه كثير من المفاجآت والأفكار، وهي بدورها تخرج عن المألوف.

وعملية السرقة ليست سوى بداية لكن الخاتمة مؤجلة ولن نعرف أين تنتهي الأشياء حتى عندما يشرف الفيلم على نهايته، وهذا يمده بأهمية ويحوله إلى عمل ليس للحرية فيه حدود تقف عندها.

"وحش الأدغال" لباتريك شيحا

بطل الفيلم يقول بأنه ينتظر حدثاً عظيماً سيغير مجرى حياته، لا بل سيتغير كل شيء من حوله بعده، وسيسمو بهذا التغيير.

وهذا الفيلم العبثي المجنون المقتبس بتصرف شديد من رواية لهنري جيمس تبدأ أحداثه عام 1979 وتنتهي عام 2004، وينتقل بنا من الديسكو إلى التكنو، ذلك أنه يدور داخل ملهى ليلي، ومن المستحيل تلخيص ما نراه لا بكلمة ولا بألف، فهي تجربة سينمائية تُعاش بالحواس والقلب والعاطفة، ويضعنا المخرج أمام تجربة مغناطيسية عن فصل من حياة شخصان يرفعهما إلى أرفع مكانة.

وكل شيء يتغير من حولهما ويمضي إلا هما، فنحن إزاء فيلم عن ترقب اللاشيء لا نظير له على مستوى الإحساس الذي يبثه وهو ينمو في أحشائنا، ليتحول في الآخر إلى أنشودة عن معضلة الإنسان الحالي.

"منطقة اهتمام" لجوناثان غلايزر

يتناول الفيلم الهولوكوست من دون أي تجسيد له، فلا يتحدث عنه كما في كثير من الأفلام، بل يضعه في خلفية الأحداث المينيمالية التي نتابعها، وبمساعدة لقطات تنطوي على حس جمالي مشغول بعناية نكتشف يوميات أحد قادة أوشفيتز الذي يقيم في جوار المعسكر مع زوجته وأولاده، وهذه المنطقة التي يقيم فيها معروفه باسم "منطقة اهتمام"، وتهتم زوجة الضابط بتفاصيل منزلها فيما يُقتل الأبرياء قرب المكان.

تعيش العائلة في هذه الجنة ولا يبدو على أفرادها أي مظهر من مظاهر الانزعاج والقلق، وقد نال الفيلم الجائزة الكبرى في مهرجان "كان" السينمائي. 

"أوبنهايمر" لكريستوفر نولان

أكثر فيلم كان مادة للاهتمام في 2023 ومحل سجال عند المشاهدين، ويتناول فيه نولان شبه سيرة شخصية طبع إنجازها العلمي المدمر القرن الـ 20.

إنه الفيزيائي والكيميائي الأميركي ج. روبرت أوبنهايمر الذي لُقب بـ "أبو القنبلة الذرية".

نكتشفه في مراحل مختلفة من حياته، حيناً عالماً وحيناً عاشقاً وحيناً متهماً وحيناً بطلاً قومياً وحيناً خائناً أو شخصاً يعيد النظر في كل ما أنجزه، والحال الأخيرة هي أهم جزء في الحكاية لأنها تجرده من أسطوريته وتجعله شخصاً عادياً تتآكله الشكوك.

ويتلاعب نولان بالزمن السينمائي، وهذه إحدى هواياته، في نص بصري هائل لا يزعن لنوع سينمائي محدد، صانعاً خيبة عند الذين ينتظرون سيرة ذاتية تقليدية.

"أوراق ميتة" لآكي كوريسماكي

هذا الفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي، هو عن لقاء بين كائنين مسحوقين، موظفة سوبرماركت وعامل بناء مدمن على الكحول لا يثبت على وظيفة، وكلاهما يعانيان الوحدة في مدينة هلسينكي المملة، فيأتي اللقاء لتجديد صلتهما بالحياة والحب، وبعاطفته المعدودة تجاه الشخصيات، يتموضع كوريسماكي الحكاية داخل عالم كئيب وبارد، حيث شخصيات تحاول التمسك بالحب لتتمكن من مواصلة رحلة البحث عن السعادة، وعمل دافئ يداعب الروح نال جوائز عدة حول العالم. 

"قتلة قمر الزهرة" لمارتن سكورسيزي

ومن أهم أفلام العام إنتاج ضخم بلغت موازنته 200 مليون دولار، يتناول فصلاً من تاريخ أميركا من خلال أحداث حقيقية طواها النسيان يعيد سكورسيزي تذكيرنا بها لأهميتها، ويجتمع روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو للمرة الأولى أمام كاميرا صاحب "سائق التاكسي" الذي ينجز أول "وسترن" في مسيرته.

والعمل الذي يتجاوز طوله الساعات الثلاث يحملنا إلى شمال شرق أوكلاهوما في عشرينيات القرن الماضي، معقل قبيلة الأوساج التي تعرضت لتصفيات منظمة بعدما تم العثور على كميات من النفط والغاز في الأراضي التي تعيش عليها. وبكثير من التفاصيل يقدم سكورسيزي فيلماً مشبعاً بأغانيهم وأناشيدهم، راوياً التاريخ لا من وجهة نظر المنتصر أو الخاسر، بل من منظور فنان يرد الاعتبار إلى الضحايا.  

"القصر" لرومان بولانسكي

عمل انقلابي ساخر لأحد آخر عظماء الفن السابع، هاجمه النقاد بشراسة واصفين إياه بأحط النعوت من دون قدرة على الفصل بين الإنسان المتهم بالاغتصاب وفنان قدم هذا العمل الذي يمرغ الأثرياء في الوحل، وذلك خلال تجمعهم في أحد الفنادق الفخمة ليلة رأس العام 2000.

لا يحاول بولانسكي أن يكون ماركسياً أو مصلحاً اجتماعياً، هو يريد إضحاكنا فقط بلغة كوميديا بدائية تعتمد على شيء من فن البورلسك القديم الذي عفا عليه الزمن، لكنه يتجدد أمام كاميرا المعلم ومن خلال سيناريو كتبه يرجي سكوليموفسكي. إنها مناسبة لا يمكن رفضها للضحك على الشخصيات وحماقته، أما الخاتمة المفاجئة والمستفزة فلا يمكن نسيانها.

"الوهم" لأليتشه رورفاكر

يتعقب الفيلم شلة من حفاري القبور الذين يبحثون عن آثار مدفونة في أماكن عدة، قائدهم آرثر إنكليزي مقيم في إيطاليا خرج أخيراً من السجن، وهو صاحب قدرة خارقة على كشف الأماكن التي طمرت فيها كنوز العالم الغابر.

وتتطرق رورفاكر مع هذا العمل البديع الذي يحبس الأنفاس إلى قضية المتاجرة بالأعمال الفنية والآثار المسروقة في إيطاليا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي متاجرة يبدو أنها تولدت من رغبة "الثائرين" في الانتقام من الظلم الاجتماعي الذي عانوه، وتزجنا المخرجة الشابة والكبيرة في آن معاً، في تجربة مشاهدة فريدة تكرسها نهائياً حكواتية ذات لمسة سحرية.

"فوق الأعشاب الجافة" لنوري بيلغي جيلان

ثلاث ساعات من سينما خالصة، ثرثارة ولكن لماحة، رفقة ثلاث شخصيات رئيسة في قرية أناضولية، الأرض التي لطالما صورها جيلان، وهذه المرة تغمرها الثلوج مثلما يغمر الحزن والكآبة قلب المدرس الذي يبحث عن فرصة خارج جدران المدرسة التي يدرس فيها. يموضعنا المخرج الكبير في قلب القلق الوجودي الذي اعتبره بعضهم اجتراراً لليأس والعدمية، لكن لا يجيد تصوير سواه، وهذا يكفي كي يصنع دهشة. اللقطات الطويلة والكلام الكثير والإحساس الطاغي بالزمن، وهذا كله لا يغيب عن الفيلم الذي يجدد موعدنا مع القسوة والرقة، مانحاً المشاهد كثيراً من الحرية.

"إغماض العينين" لفيكتور إريثه

بعد ثلاثة عقود غياب عاد المعلم الإسباني إلى الشاشة ليقدم هذه التحفة المنتظرة. وتوفر مشاهدة الفيلم متعة لا تُضاهى لكونه يأخذنا في رحلة داخل الذاكرة والماضي والمرض والشيخوخة، بقدرة رهيبة في تجديد الخطاب في كل لحظة. وكثير من النقاد تلقوا الفيلم باعتباره "وصية" مخرج هو اليوم في الـ83، إذ يمنح الانطباع بأن لا كلام يمكن قوله من بعده.

وتبدأ الحكاية بتحقيق يجريه مخرج بحثاً عن الممثل الذي كان لعب في فيلمه والذي اختفى فجأة خلال التصوير، مما منع إكماله.

لكن التحقيق يتحول إلى بحث في الأعماق و مثالية ورغبة إيرثه في عدم الإذعان لمتطلبات السوق وإنجاز عمل يشبهه ويطرح تساؤلاته وهواجسه عن الوجود عموماً، من خلال هذا التصادم بين الواقع والخيال، وببساطة مطلقة يحملنا إلى ينابيع الفن متعاطياً مع السينما كسر ولغز وسؤال مستمر. 

"حيوات ماضية" لسيلين سونغ

فيلم استلهمته المخرجة الكورية الكندية سيلين سونغ من تجربتها الشخصية، وهي قصة فتاة كورية تخضع حياتها فجأة للمساءلة مع الظهور المفاجئ للشاب الذي كان صديق طفولتها.

وهذا فيلم ناعم عن الخيارات التي نجريها في الحياة، والأحلام التي نتخلى عنها تدريجاً ليحل مكانها الطمع بالاستقرار والخوف من المستقبل.

الحيوات الماضية أو السابقة التي يطرحها العنوان هي حياة لا تعيشها البطلة بل تزورها بين حين وآخر، كما يزور أي منا أماكن له فيها ذكريات.

لكن هذه الحياة لا فكاك منها مهما حاولنا طمسها، وهذا ما يشغل الفيلم الجميل الذي ينشغل بنوع ثالث من العاطفة لا هو وليدة حب ولا هو نتيجة صداقة. 

"تشريح سقوط" لجوستين ترييه

فاز الفيلم بـ "سعفة" مهرجان "كان" السينمائي الأخير ونال إعجاب كثيرين على المستوى الدولي، فسقوط زوج من شرفة منزله ووفاته على الفور ينكاءان الجراح ويحضان على الأسئلة المحرجة التي تؤدي إلى اقتحام تفاصيل الحياة الشخصية.

الزوجة، وهي ألمانية تعيش في فرنسا، متهمة وعليها أن تثبت براءتها، فتبدأ سلسلة من الجلسات التي تعيد سرد حكايتهما الزوجية.

أنجزت المخرجة فيلم محاكمة لكن السيناريو يتجاوز هذا النوع ليبلغ مناطق غير مستكشفة، أما الجلسات في المحكمة فأشبه بقطع بازل تعيد بناء لوحة شاملة تسهم في بلوغ "الحقيقة".

المحاكمة ستكون مؤلمة وخصوصاً للابن الضرير الذي لا يكفي أنه خسر والده، بل عليه أيضاً أن يخوض إجراءات قضائية تواكب عملية الحداد الضرورية، وهذا عمل مبتكر وجريء ومختلف يعطي للممثلة ساندرا هولر دور حياتها.  

"دوغمان" للوك بيسون

فيلم قاس وحاد لكن يحمل طبقات عدة من الرقة والحنان، إذا أمعنا النظر جيداً في دواخل البطل المضاد دوغلاس وفي دواخل بيسون.

ودوغلاس هذا ابن عائلة مفككة عاقبه والده عندما كان فتى من خلال حبسه في قفص للكلاب لكنه نجح في الفرار، أما ما حل به بعد ذلك فالفيلم يتكفل بروي التفاصيل، وهذا فيلم عن الحب وغيابه. عالم كامل متكامل يصوره بيسون بصدق وتطرف من دون أن يحسب حساب أي شيء آخر، وفيلم شخصي يصفي عبره بيسون حساباته مع الحياة بعدما تجاوز الـ 60 سنة.

"مندوب الليل" لعلي الكلثمي

الشاب فهد محور أحداث هذا العمل الذي يأخذ من الرياض وليلها مسرحاً له، وتبدأ الحكاية مع طرده المهين من وظيفته في شركة للاتصالات، فيضطر إلى العمل مندوباً ليلياً مكلفاً بتوصيل طلبات إلى أصحابها.

ينزلق صديقنا التائه والوحيد في فخ الليل، مع ما يأتي معه من أشباح قادرة على صناعة الخوف، وهذا عمل لافت بصورة استثنائية يحدث قطيعة مع نمطية بعض الأفلام السعودية من دون أن يسعى إلى ذلك في المقام الأول.

وينصهر الفيلم مع الحياة اليومية ملتقطاً نبضها وإشاراتها من خلال شخصية تكون مدخلنا إليها فنكتشف الأشياء من خلالها. هذا عمل سينمائي ناضج يجمع بين الكوميديا السوداء والثريللر، وهو خير تجسيد لانفتاح السعودية على الفن السابع. 

"داخل قذيفة الشرنقة الصفراء" لفام تيين أن

فيلم فيتنامي بديع فاز بجائزة "الكاميرا الذهبية" في مهرجان "كان" الأخير، وعمل يذكر بأسلوب المخرج التايلاندي أبيشاتبونغ فيراسيتاكول، نتعقب فيه شاب في رحلته إلى الريف من أجل نقل رفات زوجة أخيه الذي اختفى، ويرافقه في الرحلة ابن أخيه الذي لا يبخل بالأسئلة التي تختلط بتساؤلات عمه.

ويصعب قول أي كلام يختزل هذه الرائعة البصرية عن الحياة والموت وكل الأحداث التي تقع بينهما مهما تكن صغيرة وعابرة. أسلوب الفيلم تأملي والإيقاع متمهل، فيحملنا إلى ذروة المعنى من خلال تفاصيل صغيرة.

يا لها من تجربة ونحن نزج في الطبيعة لنخرج منها أكثر نضوجاً، ومنذ باكورته يؤكد المخرج تيين أن على موهبة استثنائية في صناعة سينما.

 

####

 

أفضل أفلام 2023: من "باربي" إلى "قتلة زهرة القمر"

امتعاض ليوناردو دي كابريو. معاناة مارغوت روبي من 3 أزمات وجودية على الأقل، لكن أي فيلم منها هو الأفضل؟

كلاريس لوفري 

مراسلة ثقافية @clarisselou

حين يتعلق الأمر بالسينما، يعد عام 2023 عام النقائض. "باربنهايمر". إضرابات القطاع. المشاريع الملغاة. حشد الجماهير. الرقابة السياسية. تنطوي تمضية العام في الكتابة عن القطاع وفنه على التذبذب بين الأمل واليأس، بين الإيمان بأن السينما ستزدهر مرة أخرى، والاضطرار إلى مشاهدتها وهي تقاتل بشراسة من أجل بقائها.

مع ذلك، ثمة 15 فيلماً أظهرت العاطفة والرؤية والشجاعة الإبداعية. لقد بيَّنت أننا، بغض النظر عما يخبئه المستقبل، نستطيع على الأقل التأكد من أن الفن العظيم سيسود دائماً.

هنا، بناء على تواريخ الإصدار في المملكة المتحدة، قائمة بأفضل أفلام العام الماضي هذا.

15. "رياليتي" Reality

يتجذر العمل الأول للكاتبة المسرحية تينا ساتر في مضمار الأفلام الروائية الطويلة في الرعب المطلق والبسيط، ويصبح العمل ملحاً من خلال قربه من الحقيقة. يعد "رياليتي"، على غرار النسخة السينمائية من مسرحية "هل هذه غرفة؟" Is This A Room؟ التي عرضتها ساتر على المسرح عام 2019، اقتباساً حرفياً للمقابلة التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) مع رياليتي لاي وينر، إحدى قُدامى المحاربين في سلاح الجو الأميركي والمترجمة المتعاقدة مع وكالة الأمن القومي، في الثالث من يونيو (حزيران) 2017. اتهمت وينر بتسريب تقرير استخباري حول المحاولة الروسية لقرصنة قوائم الناخبين خلال انتخابات عام 2016، وحكم عليها وفق قانون التجسس الصادر عام 1917، لكن هذه الأفعال لا تمت بصلة إلى ما قد تقدم عليه جاسوسة حسنة التدريب، بل إلى امرأة عادية حولتها إنسانيتها بحسب القانون إلى مجرمة.

نشاهد وينر (سيدني سويني، بطلة مسلسل "إيفوريا" أو "نشوة") تثير ضجة حول حيواناتها الأليفة أثناء اقتحام منزلها من قبل جيش من الرجال الذين يتحدثون بهمهمات خفيضة وغير رسمية. تعتذر عن الفوضى التي تسببت بها وتحاول العثور على مكان خاص حيث يمكنها التحدث إلى الرجلين المسؤولين، غاريك (جوش هاميلتون) وتايلور (مارشانت ديفيس). يتحدثون بأدب بشكل آلي، فيما نبدأ، نحن الجمهور، في فهم الإنكار العميق الذي يدور هنا. لا أحد يقول ذلك في هذه النصوص المنتزعة من الواقع، لكن في نهاية المطاف، ستقبع هذه المرأة في السجن.

اقرأوا المقابلة التي أجريناها مع المخرجة تينا ساتر

14. "كيفية ممارسة الجنس" How to Have Sex

العمل الأول لمولي مانينغ ووكر عبارة عن مفاجأة، وهو قصة من نصفين. تحضر تارا (ميا ماكينا-بروس) إلى ماليا بجزيرة كريت مع صديقتيها سكاي (لارا بيك) وإيم (اينفا لويس)، ومع إصرار عنيد على خسارة بكارتها. هي تبلغ من العمر 16 سنة، وتحاول أن تتفادى سنوات الرشد المقبلة بسرعة، وتفضل أن تثمل حتى يغمى عليها بدلاً من أن تقرأ محتوى المغلف الذي يضم نتائجها في الثانوية العامة.

في البداية، تكون دورة الشرب، الشرب، الشرب، التقيؤ، النوم، الشرب، الشرب، الشرب مستنزفة لكن جذابة، ثم تقلب ووكر جو جمهورها وحياة تارا نفسها معاً، إذ يزحف الجانب البشع والاستغلالي للمنتجع من الظلال. يبدو الأمر وكأننا بلغنا آخر الليل، وأشعل شخص ما، أخيراً، الأضواء فوق حلبة الرقص. ويعتبر فيلم "كيفية ممارسة الجنس" اقتباساً حراً من أعمال السيرة الذاتية من امرأة تقوم بإخراج أول أعمالها، ويبدو الفيلم أكثر ذكاء وأكثر تعاطفاً بحيث ينظر إلى عالم الجنس ولا يوافق إلا على ما يمثل الصدق الصريح.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية، والمقابلة التي أجريناها مع البطلة ميا ماكينا-بروس

13. "الفجوة العمرية" May December

فيلم "الفجوة العمرية" هو بكل المواصفات من أعمال المستفز تود هاينز، الفنان الذي حول ذات يوم معاناة كارين كاربنتر مع فقدان الشهية والشره المرضي باستخدام دمى "باربي" إلى فيلم قصير بعنوان "النجمة: قصة كارين كاربنتر"Superstar: The Karen Carpenter Story. هو مبني في شكل فضفاض (جداً) على قصة ماري كاي ليتورنو، وهي مدرسة أميركية سجنت عام 1997 بتهمة الانتهاك الجنسي لطفل يبلغ من العمر 12 سنة. وهي أنجبت ابنة من الصبي، وتزوجته لاحقاً، لكن هاينز، في البداية، يظلل فيلمه بالطريقة نفسها التي اتبعتها وسائل الإعلام – كإثارة تابلويدية.

تحضر ممثلة (ناتالي بورتمان) عند عتبة باب غرايسي (جوليان مور)، نظيرة لـليتورنو في الفيلم. ستؤدي الأولى شخصية الثانية في فيلم قيد الإعداد وتحرص على أن تعكس سلوكياتها كلها، من عسر النطق إلى الطريقة المتعمدة التي تميل بها رأسها، مثل أميرة شغوفة. يمثل "الفجوة العمرية" فرصة لاثنتين من نجمات هوليوود الأكثر تقديراً لخوض حرب سرية، محصورة في شكل شبه كامل في جمل غير مكتملة وحواجب مرتعشة، لكن من ثم يستقطب جو (شارلز ميلتون)، ضحية غرايسي وزوجها، التركيز. وتكاد الحسرة الناجمة عن أداء ميلتون – وتواطؤنا في الميلودراما التي سبقته– أن يكونا أكثر من قدرتنا على التحمل.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية، والمقابلة التي أجريناها مع المخرج تود هاينز

12. "بريسيلا" Priscilla

ربما أحبطت نسخة صوفيا كوبولا من فيلم "حورية البحر الصغيرة" من قبل القوى السائدة (المقصود مسؤولو الأستوديوهات المفتقرون إلى الخيال)، ومع ذلك وجدت المخرجة نمطها الخفي والتخريبي من الانتقام في فيلم "بريسيلا". الفيلم هو القصة الخيالية الخاصة به، النسخة المأسوية من "الجميلة النائمة" حيث تستيقظ الأميرة من نومها الأبدي لتجد فقط أن أميرها هو من سحرها في البداية، لكن الأمير هنا هو أيقونة أميركا الحديثة، إلفيس بريسلي. يؤدي فيلم كوبولا أيضاً دور رفيق غير متوقع لفيلم "إلفيس" الصادر العام الماضي، حيث جاء باز لورمان ونجمه أوستن باتلر بإرث المغني إلى واقع مسرع كثيراً ومرصع صناعياً.

لكن إذا جسد باتلر، بحاجبيه اللامعين بالعرق، إلفيس رجل الاستعراض، ينظر جاكوب إيلوردي، في فيلم كوبولا، وراء الستارة ليجد رجلاً بائساً، عصبياً وغير مستقر، يتوق إلى شريك في بؤسه. من خلال العمل على مذكرات بريسيلا الخاصة، التي نشرت عام 1985، يجذب عمل كوبولا الهادئ لكن المثير بريسيلا كما تجسدها كايلي سبيني إلى مملكة من الوعود الهامسة والساعات الذهبية والسجاد الأبيض الأشعث. تصورها سبيني فتاة صغيرة عالقة في أحلام اليقظة –لكنها في لحظاتها القليلة بعيداً من إلفيس، هي أشبه بامرأة مختلفة تماماً.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية

11. "ممرات" Passages

في حين أن فيلم سيلين سونغ "حيوات ماضية" Past Lives من المرجح أن يبلغ عدداً غير قليل من قوائم أفضل أفلام العام، لم أستطع إلا أن أجد نفسي منجذبة أكثر نحو النقيض الروحي لهذا الفيلم: فيلم "ممرات" لآيرا ساكس، الذي يناقض نضج أبطال سونغ ووضوحهم بثلاثة عشاق يتجهون نحو التدمير المؤكد في شكل متبادل. المخرج الألماني توماس (فرانز روغوفسكي) – المدلل، الوقح، المثير للشفقة – متزوج من منتج المطبوعات مارتن (بن ويشاو). خلال سهرة، يقيم توماس علاقة جنسية مع المدرسة الفرنسية أغات (أديل إكزارتشوبولوس).

ويسارع إلى المنزل ليخبر مارتن –"لقد أقمت علاقة جنسية مع امرأة. هل يمكنني أن أخبرك عنها؟"– وهكذا يشعل عاصفة نارية حسية، يبدو أنها تضيء كل ما يحيط بعيني روغوفسكي الكبيرتين والبنيتين وابتسامته الشريرة. هو هش إلى درجة أن المرء يتوق إلى تهدئته، لكنه متمكن جداً من القسوة الصريحة. لا ينحاز ساكس إلى أي طرف هنا –بدلاً من ذلك تفكر كاميرته بحذر في مكمن القوة، في الحياة وفي الجنس. هي عين خبير أنثروبولوجي تتناول أعظم حالات الفوضى.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية، والمقابلة التي أجريناها مع المخرج إيرا ساكس والنجم فرانز روغوفسكي

10. "تعفن في الشمس" Rotting in the Sun

تصطدم العدمية (ربما؟) بأكبر معرض للأعضاء الذكرية على الشاشة هذا العام في تصوير سيباستيان سيلفا القاسي للفن والشهرة والثروة. يعرض المخرج التشيلياني نسخة عن نفسه، هو المدفوع إلى التفكير في الانتحار بسبب النفور الذي يختبره في ركنه النرجسي المتميز للغاية من أركان ثقافة المثليين. يبحث بهوس عن الفينوباربيتال، وهو مخدر له صلة بارتفاع مفاجئ في الجرعات الزائدة المميتة، ويحاول إثبات أن حياته لا معنى لها لأنه لا يتذكر الفيلم الأخير الذي أخرجه مارتن سكورسيزي.

يتميز العمل بالأداء والصدق في الوقت نفسه تماماً، فهو محاكاة ساخرة للجلد الفني للذات الذي يتحول إلى أنماط غير متوقعة بمجرد دخول مشاركين آخرين في الفيلم على الخط. أحدهما هو المؤثر جوردان فيرستمان، وهو كاتب مشارك في مسلسل "حفلة البحث" Search Party التلفزيوني، يشارك بصفته الشخصية مرة أخرى في شكل غير مقيد، تائقاً هنا إلى التعاون مع سيلفا في برنامج واقعي يصفه بأنه يشبه مسلسل "كبح الحماسة" Curb Your Enthusiasm "لكنه، حسناً، إيجابي". والآخر هو فيرو (كاتالينا سافيدرا)، عاملة التنظيف لدى سيلفا، التي تنهي هذه القصة الجريئة لكن الحزينة في شكل غريب بمشهد واحد هو حقاً نكسة.

اقرأوا المقابلة التي أجريناها مع النجم جوردان فيرستمان

9. "الابنة الأبدية" The Eternal Daughter

ضرب فيلماً جوانا هوغ المزدوجان، "التذكار" The Souvenir و"التذكار الجزء الثاني" The Souvenir Part II، على وتر حساس لدى النقاد والمشاهدين، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى كيفية تضمين غرورهما في مجال السيرة الذاتية لبعض الأسئلة الأكثر تعقيداً في الأفلام: من هم الأشخاص المسموح لنا سرد قصصهم؟ وما الذي نأمل في تحقيقه من خلال سردها؟ تكمن مواضيع كهذه أيضاً في قلب الجزء الثالث غير المتوقع والمؤثر بعمق الذي أخرجته هوغ من الثلاثية، "الابنة الأبدية".

دور جولي، بديلة هوغ، في هذين الفيلمين الأولين أدته أونور سوينتون بيرن، لكن جولي هنا في منتصف العمر، وتؤدي دورها والدة سوينتون بيرن الحقيقية تيلدا سوينتون. أما دور والدة جولي، روزاليند، فتؤديه سوينتون أيضاً –ما يعني أن الممثلة المتبدلة تعطى المتعة الكبيرة الخاصة بالتمثيل أمام نفسها. تأخذ جولي روزاليند نهاية الأسبوع الذي يقع فيها عيد ميلادها إلى فندق ريفي في ويلز، وهو مسكن خاص سابق حيث أمضت روزاليند جزءاً من طفولتها. تبدأ الأم في سرد ذكريات بينما تسجل ابنتها، المخرجة، السرد على هاتفها. على عكس سابقيه، يبدو أن "الابنة الأبدية" موجود في عالمه الخاص المسكون والغارق في الضباب والظلال. كثيراً ما يعامل الأدب القوطي المنزل على أنه عالم من الذكريات العالقة –هنا تستخدمه هوغ لاستكشاف حاجة الطفل الماسة إلى أن يفهمه أحد الوالدين ويحبه.

8. "باربي" Barbie

لم تفتقر هوليوود تماماً إلى الأفكار الجيدة هذا العام –خذوا، مثلاً، "جون ويك: الفصل الرابع" John Wick: Chapter 4 أو "حراس المجرة الجزء الثالث" Guardians of the Galaxy Vol 3 من استوديوهات "مارفل"، لكن ربما يتعين عليكم العودة إلى "ماكس المجنون: طريق الغضب" Mad Max: Fury Road للعثور على مثال أكثر متانة على تغلب الفن على الجانب التجاري مقارنة بفيلم "باربي" لغريتا غيرويغ. إنه فيلم عن لعبة، وهو أيضاً كوميديا تهريجية مبهجة تستحضر العصر الذهبي لهوليوود، وهو أيضاً فحص صلب في شكل مدهش لتبدد الشخصية في ظل الرأسمالية. بدا نجاحه في شباك التذاكر، إلى جانب ظاهرة "باربنهايمر" بأكملها [الإطلاق المتزامن لفيلمي "باربي" و"أوبنهايمر"]، وكأنه بصيص أمل قصير لكن مرحب به لهذا القطاع.

وهذه البراعة والتفاؤل هما ما يحركان فيلم غيرويغ وهو يتراقص عبر تاريخ السينما – من "مظلات شيربورغ" The Umbrellas of Cherbourg لجاك ديمي إلى "مغامرة بي-وي الكبيرة" Pee-wee’s Big Adventure – مع احتضان لنفاق الحياة الحديثة. تنتقل باربي، "باربي النمطية"، كما تجسدها مارغوت روبي من عالمها البلاستيكي المثالي إلى عالمنا، فقط لتكتشف أن عبارة "يمكن للمرأة أن تكون أي شيء" قد حرفت إلى "يجب أن تكون المرأة كل شيء". أوه، وكين كما يجسده رايان غوسلينغ موجود أيضاً – وهو مضحك للغاية.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية

7. "مدينة الكويكب" Asteroid City

لطالما كان تصوير ويس أندرسون النقي للضعف البشري مهووساً بفكرة الخيال وأولئك الذين يعتمدون عليه –الكتاب والمخططون والرومانسيون والموهومون في شكل مأسوي. ومع ذلك، يجد فيلمه الروائي الأخير، "مدينة الكويكب"، أن ذلك الخيال مؤلف من طبقات كثيفة للغاية، مثل معجنات الميل فوي [حلوى فرنسية تعرف أيضاً باسم نابليون]، إلى درجة أنه يمثل نوعاً من القمة للمخرج. هو معادل أندرسون لكسر حاجز الصوت. يقدم مضيف (بريان كرانستون) برنامجاً تلفزيونياً بالأبيض والأسود حول إنتاج مسرحية، تدور هي نفسها حول محاولات الحكومة إخفاء دليل على وجود حياة خارج كوكب الأرض. نرى العرض التلفزيوني والإنتاج المسرحي والقصة الخيالية كلها تدور في ألوان وأبعاد مختلفة.

لكن عند مستوى أعمق من ذلك يكمن مزيد من الخيال. يستخدم مصور حربي (جيسون شوارتزمان) صدمته كوسيلة لدرء واجبات الأبوة. تضفي ممثلة (سكارليت جوهانسون) نزعة دكاكيرية (فتشية) على الإدمان والانتهاكات والوفيات المفاجئة لأقرانها المشهورين، كسبيل سهل لملاحقة مزيد من العبقرية غير المادية. يكافح ممثل آخر (شوارتزمان، مجدداً) لفهم معنى المسرحية ويقال له، في المقابل، "لا يهم. استمر فقط في سرد القصة". يوفر "مدينة الكويكب" ملاذاً للمرضى الروحيين والضالين.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية، والمقابلة التي أجريناها مع المخرج ويس أندرسون

6. "بابل" Babylon

تمزق نسخة داميان شازيل الفاسدة والاستفزازية لعصر هوليوود الصامت سمعة المخرج التي أكسبه إياها فيلم "لا لا لاند" La La Land كحالم منفصل عن الواقع والاعتقاد الخطأ الشائع بأن الفيلم المبكر كان عملاً غريباً أو مثالياً. ندخل هذا العالم من المخدرات والجنس وروث الأفيال من خلال عيون اثنين من الطامحين المفترسين، نيلي لاروي (مارغوت روبي) والمساعد السينمائي ماني توريس (دييغو كالفا)، وكل منهما دمج خيالي لرواد العصر الحقيقيين.

تمثل روبي، هنا، نجمة صاعدة سبق وعضها أسد، وهي تصارع ثعابين، وترقص مثل امرأة ممسوسة، وتغادر طاولة من المقبلات والطاولة تبدو كمسرح لجريمة قتل. تقتحم عالم شازيل الذي ينبض بالحياة لكن نادراً ما يكون غير أصيل، وتقتحم الموسيقى التصويرية من نوع الجاز التي تدفع إلى الرقص (من تأليف جاستن هوروفيتز)، وتقتحم إطلالات ماري زوفرز وجايمي لي ماكنتوش وهيبا ثوريسدوتير بأزيائهم الحسية. يشمل أداؤها كلاً من المجد والحسرة، إذ يبدأ الفيلم من حولها في مواجهة كلفة الخلود –وما يتطلبه الأمر لتحقيق تلك اللحظة المثالية على الشاشة، مثل الدمعة الوحيدة التي تتدحرج على خد نيلي في أول أداء لها أمام الكاميرا.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية

5. "سان أومير" Saint Omer

عام 2016، ألقت مخرجة الأفلام الوثائقية الفرنسية أليس ديوب الضوء على محاكمة فابيان كابو، وهي امرأة سنغالية متهمة بقتل ابنتها الرضيعة بأن تركتها على الشاطئ. يسمح لنا فيلم "سان أومير"، الذي يشكل تحولها المذهل إلى الخيال، بفهم ما الذي هزها وفتنها بالضبط في شأن التجربة. هو فيلم عن التعاطف والمجهولية، حول كيفية تمظهر تاريخ فرنسا الاستعماري في عزلة حديثة. تنعكس محاكمة كابو في شكل منحرف ليس فقط من خلال ذاتية ديوب كشاهدة، بل من خلال مأساة ميديا، الأميرة اليونانية التي قتلت أمها، وازدريت باعتبارها "كارهة تماماً للآلهة... وللجنس البشري كله".

يحاول "سان أومير" تجريد الجريمة من "عدم إمكانية التفكير" بها، مستمداً قوته من عقم ذلك الفعل. المتهمة هنا، لورانس كولي، تؤدي دورها بتحفظ مذهل غوسلاجي مالاندا، التي تتجنب التعبير وبدلاً من ذلك تملأ الفراغ بشغف عصي على الوصف ومكبوت. نمضي الفيلم كله تائقين إلى أن نراها تبكي، إلى أن نراها تغضب، أن تنهار بطريقة تقدم أخيراً إجابات، لكن تلك اللحظة لا تحل. بدلاً من ذلك، تصورها المصورة السينمائية كلير ماثون تضمحل إلى لا شيء تقريباً، باستثناء النظرات القليلة القصيرة، لكن القوية التي تتشاركها مع بديلة ديوب، راما (كايجي كاغامي).

4. "بيرل" Pearl

في البداية، لم يكن "بيرل" سوى فكرة متممة، فيلم تسبق أحداثه فيلم تاي وست الإباحي "إكس" (X) الصادر في السبعينيات، كتب على عجل في غضون أسبوعين بالتعاون مع نجمته ميا غوث، لكن الفن لديه طرق غريبة ليصنع حياة خاصة به. لا يتفوق "بيرل" على سابقه بأشواط فحسب، بل يعمل في الواقع في شكل أفضل كصورة مأسوية قائمة بذاتها لامرأة تدمرها حساسيتها تجاه العالم في النهاية. بيرل كما تجسدها غوث وحش حديث للغاية، يمزج بين الحزن والرغبات العنيفة، وفاسد إلى درجة أنه لا يعود قادراً على التمييز بين النقي والحقير.

هي شابة، تعيش في مزرعة عام 1918 وابنة مهاجرين ألمانيين يعانيان من رهاب الأماكن المكشوفة، وتشهد سوء معاملة في المنزل وأرض عجائب ملونة في أوهامها، لكنها تتعرض مراراً وتكراراً إلى الخيانة من قبل أولئك الذين تثق بهم. عندما يلمح خبير وسيم في العروض السينمائية (سوبرمان المقبل ديفيد كورنسويت) بيرل الحقيقية، ومشاعرها القبيحة كلها، يرتعد. ويترتب على ذلك قتل وفوضى. تحتضن غوث كل ما هو مخيف ومثير للسخرية ومثير للشفقة في شأن بيرل، وتسمح لتلك المشاعر بالوصول إلى ذروتها في مونولوغ ختامي يصبح لحظة سلام موثوقة للممثلة. فلتحيا بيرل بحسناتها وسيئاتها.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية، والمقابلة التي أجريناها مع المخرج تاي وست

3. الجمال وسفك الدماء كلاهما All the Beauty and the Bloodshed

لا يكمنان الجمال وسفك الدماء في الفيلم الوثائقي للورا بويتراس عن الفنانة نان غولدين فحسب، بل أيضاً الصمود والحزن والغبطة والرغبة والحرية والغضب والفوضى – كل طبقة من كل عاطفة تشير إلى أنها كبيرة ومشرقة مثل لوحة إعلانات في تايمز سكوير. هنا، كما هي الحال في حياة الشخصية التي تتناولها، هناك قليل من الحدود بين الحياة والفن والسياسة. تميزت طفولة غولدين التعيسة، التي قمع خلالها البؤس خلف واجهة حياة الضواحي، بانتحار أختها. أدى هذا الألم إلى أعمالها، بما في ذلك فيلم "أغنية الاعتماد الجنسي" الصادر عام 1985، الذي فهرس الجيب المحصن لكن الضعيف للمثليين في لوير إيست سايد بنيويورك.

فجأة، يتعرض المجتمع إلى هجوم خلال أزمة الإيدز، إذ تذكر بويتراس الأصدقاء الذين فقدتهم غولدين، مثل الفنان ديفيد فويناروفيتش. ويقترن حزن غولدين بأزمة المواد الأفيونية، وإدمانها على عقار "الأوكسي-كونتين". يقودها ذلك إلى درجات متحف المتروبوليتان، للاحتجاج على التمويل الذي تلقته إمبراطورية "ساكلر" للمنتجات الصيدلانية. في مرحلة ما، تشرح غولدين أنها أصبحت مصورة فوتوغرافية لأنها أمضت حياتها كلها تسمع أن تجاربها الخاصة لم تكن حقيقية. والكاميرا هي طريقة صغيرة للحفاظ على الحقيقة. يرصد فيلم بويتراس الوثائقي العاطفي الذي يجري بحثاً روحياً ما يحدث عندما لا يعود الفن رغبة، بل وسيلة للبقاء.

اقرأوا المقابلة التي أجريناها مع المخرجة لورا بويتراس

2. "العودة إلى سيول" Return to Seoul

قد تظل العودة إلى الوطن حجر الزاوية في السينما الوردية والعاطفية، لكن محاولة دايفي تشو الشجاعة للتشكيك في تلك المثل العليا هي التي تجعل "العودة إلى سيول" مساهمة عميقة في المشهد السينمائي لهذا العام. فريدي (بارك جي-مين)، امرأة في منتصف العشرينيات من عمرها تبنتها عائلة فرنسية فور ولادتها في كوريا الجنوبية، تصل إلى سيول للعثور على والديها البيولوجيين، لكن عندما يتجاوب والدها (أوه كوانغ-روك)، يزداد شعورها غموضاً وقتامة.

العاطفية كلمة ممنوعة هنا، إذ تطارد كاميرا تشو فريدي على مدى ثماني سنوات، وهي تتنقل بلا هوادة بين الهويات –المرأة الساحرة ذات الشفتين الحمراوين الدمويتين، وتاجر الأسلحة الفضولي، والمتجولة ذات الجدائل المقطوعة. تسمح بارك، في أدائها الأول، لصلابة فريدي بتحمل ثقل خيبة أمل العمر. إنها فاتنة وراقصة شموس وامرأة عازمة على إلحاق الألم بالمدينة التي قد لا تشعر بأنها تستحقها أبداً. بالنسبة إلى أي شخص يعيش مع علامة استفهام في رأسه، يمكن أن يتحول الشعور بالمجهول إلى سم.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية

1. "قتلة زهرة القمر" Killers of the Flower Moon

تتلقى مجموعة مارتن سكورسيزي للروائع التي تدور حول العصابات إضافة جديدة هنا، إذ يخرج المخرج إلى الضوء أحد أعظم شرور أميركا المكبوتة. يقتبس "قتلة زهرة القمر" كتاب ديفيد غران غير الخيالي الصادر عام 2017 حول مذبحة السكان الأصليين من شعب أوساج التي وقعت أوائل القرن الـ20. قتل العشرات من شعب أوساج بسبب حقوق النفط التي جعلتهم أغنى شعب على صعيد حصة الفرد على وجه الأرض، وذلك كله على أيدي متآمرين بيض صاهروهم. يركز فيلم سكورسيزي على إرنست بوركهارت (ليوناردو دي كابريو)، الذي وصل إلى فيرفاكس بأوكلاهوما، وتزوج مولي كايل (ليلي غلادستون) بناء على طلب خاله ويليام هيل (روبرت دي نيرو).

هنا، يدور سكورسيزي حول هواجسه القديمة، إذ يشرح في شكل منهجي النواة المتعفنة لقلب الإنسان. ليس العمل أقل ثباتاً في تصويره للعنف، وتضفي معاونته المخلصة، المحررة ثيلما شونمايكر، على الفيلم دفعة مرعبة وكارثية، لكن من الواضح جداً أيضاً، جزئياً، أنه عمل مخرج في سنواته المتقدمة، هو أكثر نكراناً للذات وتأملاً ذاتياً من ذي قبل.

ينتمي هذا الفيلم، بالقدر نفسه، إلى غلادستون كما ينتمي إلى سكورسيزي، فهي تشكل مآسي الفيلم حول نظرة عينيها الثابتة لكن المحطمة. هو ينتمي أيضاً إلى شعب أوساج، الذي ساعد في تشكيل سرده وعمل على نطاق واسع لإنتاجه. ينظر سكورسيزي إليهم، ثم ينظر إلى نفسه – وفي خاتمة الفيلم المذهلة، يحاول أن يحسب حساباً لقوة روايته للقصص وعبثها.

اقرأوا مراجعتنا الأصلية، والمقابلة التي أجريناها مع كاتب "قتلة زهرة القمر" ديفيد غران

© The Independent

 

الـ The Independent  في

30.12.2023

 
 
 
 
 

افضل افلام 2023.. هل شاهدتها؟

البلاد/ طارق البحار

استمرت السينما في التذبذب مرة أخرى في عام 2023، حبث أثبتت الاعمال الرائجة مثل "باربي وابنهايمر" أن الجماهير لديها شهية لأكثر من مجرد مشاهدة أفلام الأبطال الخارقين في شباك التذاكر، في حين أن الآثار المتتالية لإضرابات الكتاب والممثلين أجبرت هوليوود على دراسة الآثار المقلقة لثورة البث في العقد الماضي.

 لم يتأثر الشكل الفني نفسه حقا كالعادة، خاصة إذا كنت تعرف أين تبحث، وثبت أن تنظيم قائمة لأفضل أفلام العام أمر صعب للغاية!

لكن وسط ذلك هناك 10 افلام هوليوودية فرضت نفسها بقوة في 2023، خصوصا وان بعضها مازال يعرض في السينما والمنصات، وهي كالتالي:

Barbie

Oppenheimer

Killers of the Flower Moon

May December

The Boy and the Heron

Anatomy of a Fall

The Holdovers

Past Lives

Poor Things

Maestro

 

البلاد البحرينية في

30.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004