ملفات خاصة

 
 
 

مايسترو”..

الاختيارات الثلاثة للمخرج برادلي كوبر

أحمد شوقي

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

يمتلئ تاريخ السينما بحالات عديدة قام خلالها ممثلون بالاتجاه إلى الإخراج، محاولات أسفرت عن نتائج شديدة التفاوت بين نجاح مشهود وتعثر حزين. غير أن السؤال الأهم الذي ينبغي طرحه في كل مرة نشاهد فيها فيلمًا من إخراج ممثل شهير هو الدافع الفني وراء تلك الخطوة.

لا نتحدث هنا عن التفسير الإنساني المنطقي، فبعد درجة من النجاح يشعر الممثل -لا سيما إن كان مثقفًا وصاحب أفكار- أن لديه ما يريد التعبير عنه بنفسه بدلًا من الاكتفاء بأن يكون أداةً في عمل مخرج آخر. إنما نقصد الأسباب الفنية والسردية التي تحرك التجربة: هل الأمر يقتصر على أن الممثل كوّن خبرة تقنية تجعله قادرًا على شغل مقعد المخرج بلا مشاكل؟ أم إن لديه فعلًا أسلوبًا خاصًا يحتاج الانتقال إلى المقعد كي يُظهره على الشاشة؟

في هذا السؤال تكمن قيمة فيلممايسترو، ثاني أعمال النجم برادلي كوبر كمخرج، والذي يقطع من خلاله خطوة ضخمة من كونه ممثلًا أتقن أدوات الإخراج إلى تعميده مخرجًا حقيقيًا لديه اختيارات أسلوبية مثيرة للانتباه والتحليل. فيلم كوبر الأول “مولد نجمة A Star is Born” أثبت الجدارة التقنية، وها هو يعود ليرسخ مكانته كصانع أفلام معاصر يستحق اهتمام أسماء بحجم مارتن سكورسيزي وستيفن سبيلبيرج اللذين شاركاه إنتاج الفيلم.

في هذا المقال، سنتعرض لثلاثة اختيارات رئيسية شكلت أسلوب كوبر السردي في “مايسترو”، فجعلته واحدًا من أفضل أعمال 2023، وفتحت له باب موسم الجوائز الذي نتوقع أن يحظى خلاله بتقدير يعوّض منصة “نتفليكس” بعض الشيء عما فقدته أفلامها خلال الأعوام الأخيرة من سمعة.

 الاختيار الأول: احذر من الماستر سينز

يبدأ الفيلم بمقدمة نشاهد فيها بطل الحكاية الملحن وقائد الأوركسترا الشهير ليونارد بيرنستاين عجوزًا يتحدث عن زوجته الراحلة (يجسده برادلي كوبر بنفسه مستخدمًا أنفًا صناعيًا تسببت أنباء وجوده في لغط إعلامي وحساسية من جمهور الصوابية قبل أن ينساه الجميع بعد لحظات تمكن فيها الفيلم من جذب انتباههم!). ننتقل بعد المقدمة مباشرة للحظة الأهم في مسيرة بيرنستاين الشاب، عندما أتته فرصة غير متوقعة وهو في عمر الخامسة والعشرين أن يقود أوركسترا نيويورك الفيلهارموني عندما تعرض المايسترو لوعكة صحية مفاجئة.

المقدمة صوّرت بالألوان، والماضي بالأبيض والأسود المناسب للعصر. يتلقى بيرنستاين الخبر فيصيح في سعادة، يخبر حبيبه النائم ويرتدي روبه المنزلي ويركض لنكتشف إنه يعيش في غرفة ضمن مبنى المسرح، يصل إلى شرفة المسرح فينظر منها بفخر وتبتعد الكاميرا لتوضح التباين بين صغر جسده وحجم القاعة الهائل، وتتصاعد في الخلفية دقات طبول وموسيقى حماسية.

عند هذه اللحظة يمكن بسهولة توقع المشهد التالي: أن نرى الشاب عديم الخبرة يُبهر الجميع بقيادة مثالية للأوركسترا تضعه على طريق الشهرة والمجد مبكرًا، وهو ما حدث بالفعل في الواقع. لكن برادلي كوبر المخرج يتخذ قرارًا بعدم الوقوع في فخ إغراء المشهد المتوقع وغواية تلميع نفسه كممثل، ليفاجئنا الفيلم بانتقال يتجاوز الحفل بأكمله، ويقفز منه للنتيجة الأهم: ليني بيرنستاين وقد صار بالفعل موسيقيًا مرموقًا تفتح له الحياة ذراعيها.

يشير القول الشائع أن محدودي الموهبة مهووسون دائمًا بالملحمة، وحكاية بيرنستاين ملحمية بحق، كانت تحتاج مخرجًا ضعيفًا ليملأها بمشاهد العزف ولحظات التصاعد الدرامي، لكن برادلي كوبر تعامل مع المهمة بمنتهى الحذر، وبنضج يكشف عن وعي بموضوعه، فيؤجل “الماستر سينز” أو المشاهد الرئيسية إلى وقتها المناسب، حتى أننا عندما نشاهد ليني أخيرًا يقود الأوركسترا في الربع الأخير من الفيلم نكون قد وصلنا لنقطة نفهم فيها قيمة أداءه، ونضعه داخل مكانه الصحيح في سياق حياته المعقدة والمليئة بالتفاصيل.

الاختيار الثاني: احترم تعقد نفوس البشر

الموضوع الرئيسي لفيلم “مايسترو” ليس المسيرة الفنية لليونارد بيرنستاين، وإنما علاقته المعقدة بزوجته الممثلة الأمريكية التشيلية فيليشيا مونتيليجري، والتي تجسدها كاري موليجان بأداء مدهش ربما يكون الأداء النسائي الأفضل في كل أفلام الشهور الأخيرة من العام الحالي.

ومثلما تمتلئ مسيرة بيرنستاين بالمشاهد الملائمة لعمل ملحمي، فإن علاقته بزوجته تحفل بكل أسباب الميلودراما، فهو ذو ميول جنسية مزدوجة منذ الأزل، كان بصحبة حبيب عندما واتته فرصة قيادة الأوركسترا لأول مرة، لكنه يقع في حب فيليشيا بالفعل ويفعل كل شيء كي تكون معه. كلاهما يهودي أثرت ديانته على مسيرته أو شكّلت على الأقل عقدة ما في شخصيته، ويكفي إن تعارفهما بدأ بنصيحة من موسيقار يهودي آخر لليني أن يغير اسمه الأخير من بيرنستاين إلى بيرنز لأنه من المستحيل أن يُسمح لرجل يحمل اسمًا يدل على جذوره كهذا أن ينال فرصًا كبيرة.

ليني رجل أسرة ناجح، يحبه أبناءه الثلاثة ويتعاملون معه بكل ود وتقدير، لكنه أيضًا فنان جامح يقتنص لحظات اللذة الجسدية والعاطفية عندما يجدها دون أن يضع في اعتباره كل حسابات الأسرة والمجتمع. فيليشيا هي الأخرى بالتأكيد تحب ليني وتتفهمه، لكن تفهمها يتصارع طيلة الوقت مع قدرتها على تحمل جموحه وشططه وخروجه على المألوف، وهو في المقابل يعلم كونه في أمس الحاجة إليها، ليس فقط لأنها آخر من يحافظ على صورته الإعلامية المنضبطة كزوج ورب أسرة ناجح، ولكن لأنه يعترف بأنها مصدر الاتزان الذي يحميه من شخصيته التي تعاني كأغلب الموهوبين من حس تدمير ذاتي واضح.

أفضل ما في النص الذي كتبه برادلي كوبر بصحبة جوش سينجر هو تفهمه لقدر التعقد الذي يميز كل تفصيلة في تلك العلاقة، بل وكل العلاقات الإنسانية بشكل ما، فلا ينجرف أبدًا إلى الميلودراما رغم امتلاكه كل أسبابها، بل يبقى دائمًا على مسافة ملائمة، تتأمل الحدث وتقترب من شخوصه، دون أن تصدر عليهم أحكامًا أو تحاول التظاهر بامتلاك تفسيرات قاطعة لقراراتهم في الحياة. ولعل مشهد المواجهة المؤجلة بين الزوجين، والذي يصوّره كوبر في لقطة واحدة ثابتة مدتها أربعة دقائق، ويوظف فيه الحوار مع تفاصيل مسيرة احتفالية تدور في الخلفية خارج المنزل، هو تعبير سينمائي بليغ عن قيمة الاختيارين الأول والثاني، وعن قدرة مخرج أن ينقل أعقد المشاعر والأفكار بأدوات بسيطة وبليغة.

الاختيار الثالث: ابحث عن صوت الحقيقة

ثالث الاختيارات المدهشة في “مايسترو” هو قرار كوبر ألا يضع أي موسيقى جديدة للفيلم، وأن يكتفي بالإبحار بعمق داخل موسيقى ليونارد بيرنستاين بحثًا عن القطع الملائمة للتعبير عما يريده في كل مشهد من العمل.

لدينا هنا شريط صوتي مدهش، لا يكتفي برادلي كوبر فيه باستخدام بيرنستاين المعروفة، بل يُبحر داخل الأعمال الأقل شهرة للرجل الذي يمتلك مسيرة غريبة في تجلياتها المتباينة، فقد ألف موسيقى كلاسيكية ومسرحيات غنائية لمسارح برودواي وأعمال خفيفة، بخلاف موسيقى أصلية لفيلم وحيد هو رائعة إيليا كازان “على الواجهة البحرية On the Waterfront”. وهي معلومة تختلط في أذهان الكثيرين بسبب الأفلام العديدة التي استخدمت موسيقى مسرحيات برنستاين الغنائية، بينما كلها أعمال لم تؤلف من أجل السينما بالأساس.

يُقدم كوبر سردًا موازيًا عبر الموسيقى، يخبرنا من خلاله أن إنجاز بطله الفني كان تجسيدًا لما يموج داخله من تناقضات، وكأن بيرنستاين يساهم بموسيقاه بعد عقود من رحيله في كتابة فيلم عن حياته، فإذا كان السيناريو من كتابة كوبر وسينجر، فالفيلم من كتابة ليني معهما. وهو مجددًا اختيار إخراجي يستحق التحية.

 يمتلك “مايسترو” المزيد مما يمكن الحديث عنه، من ثراء الصورة وتعدد أشكالها، فالمخرج يوظف الألوان والأبيض والأسود، الشاشة العريضة والمربعة، اللقطات الطويلة الثابتة والمتحركة الصاخبة، إلى الأداء التمثيلي الكبير من برادلي كوبر وكاري موليجان، إلى القدرة على إعادة خلق أكثر من زمن عبر الاختيارات البصرية والموسيقية، وغيرها من العناصر التي يحفل بها الفيلم.

لكن تبقى الاختيارات الثلاثة التي تعرضنا لها في المقال الأقدر في التعبير عما أثبته صانع الفيلم من موهبة سردية كبيرة، وصوت سينمائي خاص يوّظف إمكانيات الوسيط بصورة خلّاقة لا تكتفي بكون صانعها ممثلًا تعلم تقنيات الإخراج. وإذا كان “مولد نجمة” قد قدم لنا برادلي كوبر المخرج الناجح، فإن “مايسترو” قد جاء لنا بالمخرج الموهوب.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

25.12.2023

 
 
 
 
 

خالد محمود يكتب:

أفضل 10 أفلام فى 2023

من المآسى التاريخية إلى الأفلام الكوميدية وسينما الرعب والأكشن الصاخبة، ومن «أوبنهايمر» إلى «باربى» اللذين حققا نجاحا كبيرا وبمثابة الحدث المذهل فى شباك التذاكر الذى أطلق عليه ظاهرة «باربنهايمر».. مجموعة من الأفلام الرائعة بفنياتها وأفكارها وقصصها شهدتها شاشة السينما العالمية خلال عام 2023 الذى نودعه بعد أيام، والتى جاءت لتسعد المشاهدين ربما أكثر من أى وقت مضى.

نعم لا تزال هناك بعض الأسئلة الكبيرة التى لم يتم حلها بعد حول مصير السينما منها البث المباشر على المنصات، والذكاء الاصطناعى، وأنماط الحضور بعد الوباء، ولكن يبقى 2023 عامًا رائعًا للأفلام.. ولنتذكر معا نماذج مشرقة مثل «قتلة زهرة القمر، بريسيلا، الخيال الأمريكى، ومدينة الكويكبات، وتار».

فى السطور التالية نرصد أفضل عشرين فيلما شهدها العام والتف حولها الجمهور والنقاد وستبقى كثيرا فى الذاكرة.

1ــ «أوبنهايمر»

المخرج: كريستوفر نولان

بالتأكيد، ربما يكون «باربى» قد فاز بمعركة شباك التذاكر ــ 1.44 مليار دولار مقابل 950 مليون دولار لأوبنهايمر ــ لكن ملحمة القنبلة الذرية لكريستوفر نولان انتصرت أيضا فى مهمتها كتجربة سينمائية هائلة ومثيرة للقلق. يحكى هذا الفيلم قصة عبقرى الفيزياء الأمريكى روبرت أوبنهايمر الذى قام بصناعة القنبلة النووية، وقد جعلنا هذا الفيلم المكثف عن السيرة الذاتية نفكر جميعًا فى الوضع السياسى الهش فى العالم ــ وكيف يمكن أن يتفكك فى حالة من الفوضى فى أى لحظة. بفضل أداء كيليان ميرفى الذى يستحق الكثير الجوائز ــ وبعض الأدوار الداعمة الممتعة للغاية لمات ديمون وتوم كونتى، جنبًا إلى جنب مع إميلى بلانت المثيرة للإعجاب يروى الفيلم قصة إنسانية مقنعة أيضًا وكيف غير مشروع مانهاتن من كل شىء فى العالم.. نولان مهتم بتناقضات أوبنهايمر، وعبقريته، وغموضه، وتبريراته ــ كيف يمكن لرومانسية الإنجاز الكبير أن تعمى الأشخاص ذوى النوايا الحسنة ظاهريًا عن عواقبهم الكارثية الحتمية.

2ــ «تار»

المخرج: تود فيلدمان

فيلم الدراما النفسية الرائع وفيه تجسد كيت بلانشيت أحد أعظم أدوارها فى شخصية ليديا تار، قائدة فرقة موسيقية مشهورة عالميًا تواجه اتهامات بسوء السلوك.

ففى الوقت الذى تكون فيه على بعد أيام من تسجيل السيمفونية التى سترفع من مسيرتها المهنية ونرى أن جميع العناصر تتآمر ضدها، تصبح بيترا، ابنة ليديا بالتبنى، دعمًا عاطفيًا متكاملا لأمها المكافحة التى تطوف من دوامة الهوس بالغرور الماكرة والشهوانية التى تدمر العالم النبيل لشخصيتها، تبرز كيت بلانشيت فى الصعود بأداء العمر. مع ما لا يقل عن ستة ترشيحات لجوائز الأوسكار و لا يمكن تفويت هذا الفيلم المذهل على الإطلاق.

3ــ «قتلة زهرة القمر»

المخرج: مارتن سكورسيزى

فى الفيلم الذى يستند إلى أحداث حقيقية، يقدم المخرج مارتن سكورسيزى تحفته الفنية الجديدة التى تألق فيها النجوم ليلى جلادستون وليوناردو دى كابريو وروبرت دينيرو عبر قصة سكان أمة أوساج بأوكلاهوما فى العشرينيات من القرن الماضى، والتى تم التلاعب بها وقتلها من قبل الانتهازيين البيض الذين يسعون للحصول على حقوق التعدين التى يملكونها. تم تصوير فصل دموى من تاريخ أمريكا، وهو يغلى بالتوتر، بصورة سينمائية مدهشة. أسرنا روبرت دى نيرو بأدائه دور ويليام كينج هيل الانتهازى، والعقل المدبر وراء جرائم القتل، بينما أذهلت جلادستون بدور مولى كايل، وهى امرأة من أوساج أظهرت الإصرار النفسى أثناء قتالها لمضطهديها. فى وسط كل ذلك كان دى كابريو فى أحد أروع أدواره حيث جسد إرنست، زوج مولى، وهو جندى سابق يشتبه فى أن عمه ويليام لا يعمل لصالحه، فى فعل أى شىء حيال تكوين ثروة.

أثبت هذا الفيلم الملحمى الملىء بإثارته للافكار أن سكورسيزى لا يظهر أى علامات على التباطؤ فى عقده السابع من صناعة الأفلام، ويظل متوهجا الآن كما كان دائمًا.

4ــ «باربى»

المخرج: جريتا جيرويج

عندما ينظر مؤرخو المستقبل إلى عام 2023، ستكون صفحات كتبهم وردية اللون بفضل ظاهرة النجاح الجماهيرى الكبير لـ «باربى». صنعت المخرجة جريتا جيرويج فيلمًا كوميديًا موسيقيًا جديدًا حول لعبة تجد مكانها أخبارا فى العالم الحقيقى «باربى» مكتوبًا بشكل رائع وقامت ببطولته بأداء مثالى مارجوت روبى مع ريان جوسلينج، مقامرة جريتا جيرويج تولد الكيمياء المثالية بين النطاق الملحمى لصناعة الأفلام فى الاستوديو والحيوية الإبداعية لسرد القصص ذات التفكير المستقل.

وحقق الفيلم قفزة كبيرة وسريعة فى شباك التذاكر وحصد أكثر من مليار دولار لتحطم جيرويج الأرقام القياسية كمخرجة.والحقيقة لا أحد يستطيع التوقف عن غناء «أنا مجرد كين» التى ظهرت بالفيلم، وأينما كنت ومهما كنت كنا جميعًا نعيش فى عالم باربى خلال المشاهدة.

5ــ «بريسيلا»

المخرج صوفيا كوبولا

يقدم أحدث أفلام صوفيا كوبولا منظورًا فريدًا لواحدة من أفضل العلاقات الموثقة فى أمريكا. يصور فيلم «بريسيلا» بطريقة فريدة، طبيعة تلك العلاقة الرومانسية المضطربة بين بريسيلا وزوجها أسطورة الغناء وأيقونة الموسيقى إلفيس بريسلى من خلال عيون بريسيلا، منذ أول لقاء لهما، عندما كان عمرها 14 عامًا فقط. على عكس فيلم «إلفيس» للمخرج باز لورمان عام 2022، نهج كوبولا الدقيق كان بمثابة فحص مؤثر لتعقيدات الحب بين الثنائى، ويستند الفيلم إلى سيرة بريسيلا الذاتية التى صدرت عام 1985 تحت عنوان «إلفيس وأنا».

6ــ «حياة الماضى»

المخرج: سيلين سونج

بين الحين والآخر، يظهر مخرج جديد بقدر مذهل من الثقة ورؤية مدهشة ومتكاملة. الكاتبة والمخرجة سيلين سونج هى واحدة من هؤلاء المخرجين بفيلمها «حياة الماضى» الذى يقدم قصة حب متلألئة ومؤلمة تتمتع بالنضج.

يقدم الفيلم حكاية رمزية حول الاختيارات التى نتخذها فى الحياة، عبر شخصين يعيشان بدون أمل.. نورا وهاى سونج كانا حبيبين منذ الطفولة أثناء نشأتهما فى شوارع سيول، بكوريا الجنوبية، ولكن بعد أن اختار والدا نورا الهجرة إلى كندا، غادرت نورا دون أن تقول وداعًا. ويسلك هاى طريقًا آخر يبقيه بعيدا. يقفز الفيلم بعد ذلك عدة مرات إلى المستقبل، حيث يعيد علاقتهما أولا فى أوائل العشرينات من عمرهما، ثم فى الثلاثينيات عندما يعيدان الاتصال مرارًا وتكرارًا. فى كل لقاء، يشعران بفضول مؤلم حول كيفية تطور حياة الآخر ــ ويبحثان ضمنيًا عما قد يكون، وما يمكن أن يكون، ولن يأتى أبدًا.

إنه فيلم تم تمثيله بشكل رائع يدعونا للصبر الذى يأتى من حكمة المعيشية، وكذلك ربما من الندم. تأخذ سونج وقتها فى مقارنة الخيارات والثقافات التى تشكل الشخصيتين. ما يعلق فى ذهنك بعد كل مشهد هى الأسئلة التى لا يمكن الإجابة عليها.

7ــ «تشريح السقوط»

المخرج: جوستين تريت

تضعنا المخرجة الفرنسية جوستين تريت فى لغز يتعلق بمؤلفة ألمانية ناجحة «ساندرا هولر»، ومنزل بعيد فى جبال الألب الفرنسية، وجثة قتيل هو زوجها (صموئيل ثيس). المشتبه به الرئيسى هى الزوجة نفسها، حيث يطرح الفيلم تساؤلات ما إذا كان زوجها قد سقط أو تم دفعه من الطابق العلوى من مسكنهما ويصبح أمرًا متروكًا للمحكمة لتقرره، وعند هذه النقطة نبدأ فى اكتشاف المزيد عن تاريخ الزوجين المتقلب للغاية وتبدو قصة زواج ولكنها قصة مثيرة، والتى تتتبع إلى مشهد لاذع.

وفى لمحة، يثير الفيلم الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائى جدلا انسانيا بدلا من التحقيق الجنائى، عندما تصبح المحاكمة أكثر من مجرد تشريح أحادى الجانب لزواجهما، ويقف عند كل التناقضات والمشاكل الخفية التى لا تحتمل تبريرًا أو تحليلًا قانونيًا، وعبر أداء ساندرا هولر المذهل تنكشف حياتها الخاصة أمام العالم، وكذلك ابنها الأعمى البالغ من العمر ثمانى سنوات (ميلو ماتشادو جرادر)، الذى اكتشف جثة والده، هو ما يجعل هذه الدراما القانونية مثيرة ومأساة فى نفس الوقت.. وفى كلتا الحالتين، لا توجد إجابات سهلة فى التحفة السينمائية التى شيدتها المخرجة تريت بعناية فائقة فنيا.

8ــ «منطقة الاهتمام»

المخرج: جوناثان جليزر

فى منطقة الاهتمام، يغزل جوناثان جليزر خيط رفيع صعب بشكل لا يصدق: فهو يصور عائلة نازية رفيعة المستوى تعيش حياتها اليومية فى منزلها فى «أوشفيتز»، وتبذل قصارى جهدها لفهمها دون التعاطف معها على الإطلاق. أسلوبه أمر بالغ الأهمية.. إذ إنه لا يصور العائلة بقدر ما يراقبهم. وبدلا من إظهار الفظائع التى تحدث فى مكان قريب، فإننا نسمعها فقط خارج الشاشة. الهدف هنا هو إظهار التنافر المعرفى ورتابة الشر؛ وكيف أن تعليق انتقاد انفسنا هو السبب الجذرى لقدرة البشرعلى ارتكاب الفظائع. بشكل عام، يعد الفيلم إنجازًا فنيا هائلا وتأثيره قوى يؤدى إلى الحزن والتأمل.

9ــ أشياء سيئة

المخرج: يورجوس لانثيموس

إن لقاء المخرج يورجوس لانثيموس وكاتب السيناريو تونى ماكنمارا والنجمة إيما ستون ويليم دافو، رامى يوسف ومارك رافالو أسفر عن عمل مدهش من الخيال العلمى والرومانسية، يدور العمل حول امرأة شابة تُدعى بيلا باكستر، ورحلتها من الموت إلى العودة للحياة مجددًا على يد العالم الغامض وغير التقليدى دكتور جودوين باكستر. تحت حماية باكستر، بيلا حريصة على التعلم. متعطشة للدنيوية التى تفتقر إليها، وتهرب مع دنكان (مارك روفالو)، المحامى الماكر والفاسق، فى مغامرة عاصفة عبر القارات. متحررة من الأحكام المسبقة فى عصرها، تنمو بيلا بثبات فى هدفها المتمثل فى الدفاع عن المساواة والتحرر.

إن الجذب المذهل للفيلم هو أداء ستون الرائع فى دور بيلا.. أيضًا الفيلم يمثل متعة للمشاهدة من خلال الأزياء المذهلة وتصميمات الإنتاج، والتى تم التقاطها فى تصوير سينمائى رائع من قبل روبن رايان.

10ــ الخيال الأمريكي

المخرج: كورد جيفرسون

يواجه المخرج هوس ثقافتنا بتحويل الناس إلى صور نمطية شنيعة. يلعب جيفرى رايت دور مونك، وهو روائى محبط سئم من استفادة المؤسسة من الترفيه «الأسود» الذى يعتمد على الاستعارات المتعبة والمهينة. ولإثبات وجهة نظره، يستخدم مونك اسمًا مستعارًا لكتابة كتاب «أسود» غريب خاص به، وهو كتاب يدفعه إلى قلب النفاق والجنون الذى يدعى أنه يحتقره.

يعد جيفرى رايت واحدًا من أفضل الممثلين فى جيله، وقد اقتبس جيفرسون رواية بيرسيفال إيفريت التى تحمل نفس الاسم.

1. «باربى»

الإجمالى العالمى: 1.44 مليار دولار

تاريخ الإصدار: 5 أبريل 2022

2. «فيلم سوبر ماريو بروس»

الإجمالى العالمى: 1.34 مليار دولار

تاريخ الإصدار: 5 أبريل 2023

3. «أوبنهايمر»

الإجمالى العالمى: 951.4 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 21 يوليو 2023

4. «حراس المجرة المجلد ٣»

الإجمالى العالمى: 845.4 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 5 مايو 2023

5. «سريع إكس».

الإجمالى العالمى: 707.6 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 19 مايو 2023

6. «الرجل العنكبوت: عبر عالم العنكبوت»

الإجمالى العالمى: 684.9 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 2 يونيو 2023

7. «الحورية الصغيرة»

الإجمالى العالمى: 568.8 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 26 مايو 2023

8. «المهمة: مستحيلة ــ حساب الموتى الجزء الأول»

الإجمالى العالمى: 567.5 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 12 يوليو 2023

9. «عنصرى»

الإجمالى العالمى: 479.8 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 16 يونيو 2023

10. «الرجل النملة والدبور: الهوس الكمى»

الإجمالى العالمى: 476.3 مليون دولار

تاريخ الإصدار: 17 فبراير 2023

 

الشروق المصرية في

23.12.2023

 
 
 
 
 

بمشاركة هند صبري..

«بنات ألفة» اول فيلم تونسي يشارك في قائمتين لـ جوائز الأوسكار (تفاصيل)

كتب: محمود زكي

يشارك الفيلم التونسي «بنات ألفة»، لأول مرة في تاريخ السينما التونسية في فعاليات الدورة جوائز الأوسكار في الدورة الحالية السادسة والتسعين، إذ من المقرر أن ينافس الفيلم في قائمتين للأفلام القصيرتين لـ جوائز الأوسكار وهما قائمة «الأفلام الوثائقية» و«أحسن فيلم عالمي».

فيلم «بنات ألفة» للمخرجة كوثر بن هنية، هو ترشيح تونس الرسمي لجوائز الأوسكار وقد لقى عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي ضمن المسابقة الرسمية استقبالا حافلا حيث فاز بجائزة العين الذهبية للأفلام الوثائقية.

«بنات ألفة» مستوحى من قصة حقيقية لسيدة تونسية اسمها ألفة لديها ٤ بنات، تعاني من الفقر وتشهد وقوع بناتها في مستنقع الإرهاب والتطرف فتحاول مساعدتهن بعدما انتهى بهن المطاف في السجن بسبب هروبهن إلى ليبيا وانضمامهن إلى تنظيم داعش الإرهابي.

شارك في بطولته الفنانة هند صبري والتي قدمت دور ألفة، بمشاركة نور فروي وإشراق مطر ومجد مستورة، كما شاركت كوثر بن هنية في كتابة السيناريو وتولت عملية المونتاج بنفسها والفيلم من إنتاج تونسي فرنسي ألماني سعودي مشترك.

وحصل فيلم «بنات ألفة»، مؤخرا، من مسابقة روائع عربية بجائزة الشرق لأفضل وثائقي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي بدورته الثالثة التي انتهت 9 ديسمبر الماضي.

وحقق الفيلم التونسي بنات ألفة، مؤخرًا إنجازا عالميا جديدا يواصل به سلسلة نجاحاته العالمية حيث استطاع الفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في حفل جوائز جوثام وهي واحدة من أكبر الجوائز العالمية التي تكرم السينما المستقلة.

 

المصري اليوم في

23.12.2023

 
 
 
 
 

فيلمان عربيان ضمن القائمة الأولية لأوسكار أفضل فيلم دولي

"بنات ألفة" للتونسية كوثر بن هنية و"كذب أبيض" للمغربية أسماء المدير مرشحان لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي.

تونساختير الفيلم التونسي “بنات ألفة” ضمن القائمة الأولية لجائزة أوسكار أفضل فيلم دولي في الدورة السادسة والتسعين للجائزة الأشهر عالميا في مجال السينما. كما اختير فيلم المخرجة كوثر بن هنية ضمن القائمة الأولية لجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل.

والفيلم مستوحى من قصة حقيقية لسيدة اسمها “ألفة” لديها أربع بنات، ويجسد رؤية المخرجة والمؤلفة لحياة هذه السيدة سينمائيا بطريقة تجمع بين الوثائقي والدراما، وكأنه فيلم وثائقي عن الفيلم نفسه.

وكتبت المخرجة على صفحتها بفيسبوك “تونس ضمن القائمة المختصرة ليس في فئة واحدة، وإنما في فئتين للأوسكار”. كما اختير الفيلم المغربي “كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير ضمن القائمة الأولية لجائزة أفضل فيلم دولي.

وتستكشف المخرجة البالغة 32 عاما في هذا الفيلم الوثائقي ماضيا مجهولا لعائلتها. وفي هذه القصة تزور أسماء منزل والديها في الدار البيضاء لمساعدتهما على الانتقال إلى منزل آخر. ومع بدئها فرز الأغراض التي كانت تملكها خلال طفولتها، عثرت على صورة جعلتها تبدأ التساؤل عن الأكاذيب الصغيرة التي أخبرتها بها عائلتها. وكتبت أسماء على حساباتها الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي “المغرب باق.. فعلناها ثانية”.

وأضافت “شكرا لفريق الفيلم الرائع.. وزارة الثقافة.. المركز السينمائي.. الخزانة السينمائية.. الجزيرة الوثائقية.. مهرجان مراكش.. الأصدقاء والصديقات.. وآخرين وأخريات. شكرا على دعمكم لسينما بلدنا”. وأعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأميركية الخميس القائمات الأولية لعدد من فئات جوائزها.

وتضم قائمة أفضل فيلم دولي 15 فيلما من بين 88 فيلما رشحتها دولها للمنافسة على الجائزة التي تمنح سنويا لفيلم منتج خارج الولايات المتحدة لا تقل مدته عن 40 دقيقة ولا تزيد اللغة الإنجليزية في حواره عن 50 في المئة. ويحق لكل دولة ترشيح فيلم واحد فقط من إنتاجها للمنافسة على الجائزة التي لم يسبق أن فاز بها أي فيلم عربي.

ومن المنتظر إعلان القائمة المختصرة لجائزة أفضل فيلم دولي في يناير القادم على أن يعلن اسم الفيلم الفائز في حفل جوائز الأوسكار خلال العاشر من مارس المقبل بمسرح دولبي في مدينة لوس أنجلس.

 

العرب اللندنية في

23.12.2023

 
 
 
 
 

«مايسترو»... أداءٌ ساحر وحبكةٌ مترنّحة وسجالٌ حول الأنف المركّب

فيلم برادلي كوبر يعيد إحياء سيرة قائد الأوركسترا ليونارد برنستاين

بيروتكريستين حبيب

راقت لعبة الإخراج للممثل الأميركي برادلي كوبر. فبعد النجاح المدوّي لتجربته السينمائية الإخراجية الأولى في فيلم «A Star is Born»، إلى جانب «ليدي غاغا» عام 2018، ها هو يعود منتِجاً وكاتباً ومخرجاً وممثلاً في فيلم «مايسترو» (Maestro) الذي تعرضه منصة «نتفليكس».

يساند كوبر جيشٌ من المنتجين يتصدّرهم اسمان لامعان في عالم السينما، هما مارتن سكورسيزي وستيفن سبيلرغ. الفيلم الذي صفّق له الحضور 7 دقائق وقوفاً بعد عرضه الأوّل في مهرجان البندقيّة في سبتمبر (أيلول) الماضي، يستعرض جزءاً من سيرة قائد الأوركسترا والمؤلف الموسيقي الأميركي ليونارد برنستاين، الذي يؤدّي كوبر دوره بشغف.

إلى جانب ميله المتجدّد للإخراج، يتّجه كوبر مرةً أخرى إلى الحكايات المرتبطة بالموسيقى. وفي أجزاء عدة منه، خصوصاً في قسمه الأول، يتأرجح الفيلم بين «الدراما» و«الميوزيكال». الأمر منطقيّ، بما أن القصة تتمحور حول إحدى أهم الشخصيات في عالم الموسيقى الأميركية؛ برنستاين الذي قرّب الموسيقى الكلاسيكيّة من الأجيال الشابة، فحفر اسمَه على إنجازات عدة، في طليعتها المسرحية الموسيقية «وست سايد ستوري» (West Side Story).

بموازاة عبقريّته وشهرته وشعبيّته، شابت التناقضات حياة برنستاين الخاصة. هو المايسترو عاشق الأضواء، وهو المؤلّف الذي يهوى الظلّ. لكن أهمّ زاوية يركّز عليها الفيلم، هي علاقته الاستثنائية بزوجته فيليسيا مونتيليغري، التي استمرت 32 عاماً. من دون أن تكون امرأةً خانعةً، احتوَت فيليسيا صراعات ليونارد النفسية، كما أنها تعايشت مع ازدواجية هويته الجنسية. ففي مقابل قصة حبهما الفريدة والصلبة، لم يُخفِ برنستاين مثليّته وعلاقاته المتعدّدة مع الرجال.

يتّخذ هذا الموضوع حيّزاً أساسياً من الفيلم وتُمتحَن به صلابةُ العلاقة بين «المايسترو» وزوجته. تقدّم الممثلة كاري موليغان في هذا الإطار أداءً ساحراً، فتتنقّل بسلاسة بين شخصيات الزوجة العاشقة، والمرأة الواقعيّة، وتلك الغاضبة المتسلّطة، وصولاً إلى الإنسانة الضعيفة التي غلبها المرض.

بالشخصيات التي تتقمّصها وبأدائها الأكثر من مقنِع، تشكّل موليغان العمود الفقري للفيلم؛ تمنحه عمقه الإنساني والعاطفي، بعيداً عن بهرجة المسارح والعروض الموسيقية. هي ليست شريكة في القصة فحسب، بل ممثلة تكاد تنافس برادلي كوبر على صدارة الشاشة وتسبقه إلى قلوب المشاهدين. تسير الأحداث على وقع تطوّر مشاعرها ومواقفها. ولا تتّضح معالم الحكاية وتتسارع أحداثها، إلا بعد أن ينجلي صراع فيليسيا الصامت وغيرتُها على زوجها. ما إن يتظهّر هذا الخلاف وتبدأ المواجهة بين الزوجَين، حتى يسود شعور عام وكأنّ الفيلم قد بدأ للتوّ، أي بعد ساعة من انطلاقته البطيئة وغير المتماسكة سردياً.

قد يغلب انطباع بأن الفيلم كلاسيكيّ، ونخبويّ، وموجّه حصراً إلى جمهور معنيّ بسيرة الموسيقار برنستاين، لكن العناصر الإنسانية في الحكاية تأتي لتخفّف من وطأة النخبويّة. إلّا أن تلك التفاصيل الإنسانية لا تُستثمر كما يجب وبما يكفي، فتبدو السرديّة جوفاء، وناقصة من سياقٍ صلب ومن ركيزة واضحة. فرغم حياة برنستاين الشائكة، تبقى المعالجة الدراميّة هامشيّة وسطحيّة، لا سيّما في القسم الأول من الفيلم. لا حبكة جليّة ولا حتى إشكاليّة، بل بنية متقطّعة وغير متجانسة لأحداثٍ فنيةٍ وشخصيةٍ متفرقة في حياة الثنائي ليونارد وفيليسيا.

لا يدّعي برادلي كوبر أنه أحاط بمراحل حياة برنستاين كلها، لكنّ ذلك لم يعفِه من الانتقاد، لناحية أنه لم يضئ بما يكفي على أجزاء أساسية من السيرة. ومن أبرز ما همّشه الفيلم، خلفيّة «المايسترو» اليهوديّة، حيث يقتصر التلميح إليها على مشهدٍ خاطفٍ يقترح فيه أحد أصدقاء برنستاين عليه تغيير اسمه، كي يبدو أقلّ يهوديّةً ويتمكّن من أن يصبح «أعظم وأول قائد أوركسترا أميركي».

ومع أن هذه الجزئية بقيت هامشيّة، إلا أن أعضاء بارزين في المجتمع اليهودي الأميركي، امتعضوا من أنف ليونارد برنستاين المركّب النافر. وقد اتّهم هؤلاء كوبر بأنه يسخر من «السحنة اليهودية» (Jewface). وفيما نفى كوبر أن يكون ذلك متعمّداً، أكد أنه وفريق العمل قاما بكلّ ما في وسعهما للحصول على النسخة الأقرب والأشبَه ببرنستاين؛ ولا بدّ من الاعتراف بأنهم نجحوا في ذلك.

يقف خلف هذا النجاح أخصائي الماكياج والمؤثرات الخاصة، كازو هيرو، الحائز على جائزة «أوسكار». منذ المشهد الأوّل، يشكّل مظهر برادلي كوبر صدمةً للعين، فيصعب التصديق أنه ذلك الرجل المسنّ ذات الشعر الأبيض والملامح المتعَبة، الجالس دامعاً خلف البيانو. ووفق هيرو، فإنّ هذا التحوّل في شكل كوبر استغرق إنجازه 5 ساعات.

يسير الفيلم على وقع الاسترجاع الزمني (flashback)، فيتنقّل من الأسود والأبيض إلى الألوان. يُرافق المُشاهد بالتالي ليونارد وفيليسيا في مختلف مراحلهما العمريّة، ما بين سنة 1943 وأواخر ثمانينات القرن الماضي. وفيما تبدأ الأحداث بالأسود والأبيض في لحظة مصيريّة من مسيرة برنستاين وهو في الـ25 من عمره، تبلغ المشاعر الإنسانية ذروتها في القسم الأخير من الفيلم، وسط أداء تصاعديّ للبطلَين.

ليس مستغرَباً إذن أن يكون «مايسترو» مرشحاً إلى مجموعة من الجوائز السينمائية العالمية، على رأسها 4 ترشيحات إلى جوائز «غولدن غلوب» عن فئات: أفضل ممثل، وممثلة، ودراما، وإخراج.

 

الشرق الأوسط في

23.12.2023

 
 
 
 
 

تونس والمغرب على عتبة الأوسكار

طارق الشناوي

أُعلنت، قبل يومين، القائمة الطويلة لجوائز أوسكار لأفضل (دولى) غير ناطق بالإنجليزية.

شاركت مصر فى هذه الدورة بفيلم عمر هلال (فوى فوى فوى)، الذى لم يتم اختياره فى القائمة الأولى، وهى خطوة لم نحققها حتى الآن إلا فقط مع المخرجة المصرية الأمريكية جيهان نجيم بفيلمها التسجيلى (الميدان)، وذلك عام 2013، التى وصلت إلى قائمة الخمسة الطويلة، وحاولت المخرجة والمنتجة ماريان خورى- نوعًا من تكريم هذا الإنجاز- عرضه فى (بانوراما) السينما الأوروبية، وجاءت التعليمات الملزمة بمنع العرض، وبدأ هناك تيار عالى الصوت ينفى عن المخرجة والفيلم مصريته.

السينما التونسية مع المخرجة كوثر بن هنية قفزت إلى تلك القائمة مع فيلم (بنات ألفة)، كما أن المخرجة المغربية، أسماء المدير، حققت ذلك الإنجاز بفيلمها الأول (كذب أبيض)، الذى سبق عرضه فى مهرجانات متعددة، مثل (كان) و(البحر الأحمر) (ومراكش)، وتُوج بعشرات من الجوائز فى تلك الفترة الزمنية القصيرة.

وقبل نحو أسبوعين، كتبت مقالًا وصفته فيه بأنه (فيلم الأفلام)، المخرجة تبدو وكأنها اخترعت (أبجدية) سينمائية خاصة بها، قفزت فيها برشاقة فوق كل الأنماط السينمائية المتعارف عليها، لا أستبعد أن يصعد الفيلم إلى قائمة الخمسة (القصيرة) فى الشهر القادم، قبل الإعلان النهائى عن الفيلم الفائز، 10 مارس المقبل، وليس مستبعدًا أبدًا بالنسبة لى أن نحقق أوسكار أفضل فيلم أجنبى فى تلك الدورة، التى تحمل رقم (96).

فى هذه الدورة كانت هناك مشاركات عربية وصلت إلى رقم (8)، وأتصورها هى الأكثر عددًا طوال تاريخنا، مثلًا اليمن (المرهقون) عمر جمال، والعراق (جنائز معلقة) أحمد ياسين الدراجى، والسودان (وداعًا جوليا)، وكان المخرج السودانى محمد الكردفانى هو الأكثر حضورًا فى التسويق لفيلمه، إلا أن التصويت فى نهاية الأمر لم ينصفه.

بدأ (الأوسكار) عام 1927، إلا أن (أوسكار) أفضل فيلم أجنبى (دولى) أُضيفت فى منتصف الخمسينيات، ومقصود بها (غير ناطق بالإنجليزية)، وكان المركز الكاثوليكى للسينما المصرية هو الجهة المعتمدة لاختيار الفيلم- الأكاديمية لا تتعامل مع هيئات حكومية.

أول الأفلام المصرية التى رُشحت (باب الحديد) يوسف شاهين 1958، وتعددت بعدها الترشيحات، مثل (أم العروسة) عاطف سالم، و(الحرام) هنرى بركات، و(زوجتى والكلب) سعيد مرزوق، وصولًا إلى (سهر الليالى) هانى خليفة، ثم تغيرت جهة الترشيح عام 2005، وكلمة حق يجب أن أذكرها فى حق المركز الكاثوليكى أن أبانا الراحل يوسف مظلوم وكان معه أبونا بطرس دانيال لم يمارس أى منهما ضغوطًا على اختيارات لجان التحكيم، حتى الشرط الأخلاقى المباشر، لم يضعاه مؤشرًا حاسمًا، وانحازا فقط إلى الفن.

فى المرحلة التالية لترشيح الأوسكار، أصبح الكاتب الكبير محمد سلماوى هو المسؤول عن اللجنة، وتمت الاستعانة بمجموعة محكمين، منبثقة عن مهرجان القاهرة، ومن بين الأفلام التى تم ترشيحها (رسائل بحر) داوود عبدالسيد.

بعد ثورة 30 يونيو، صارت نقابة السينمائيين هى الجهة المعتمدة لدى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة بأمريكا، ومن بين الأفلام التى رشحتها (فتاة المصنع) محمد خان، و(الشيخ جاكسون) عمرو سلامة،

و(اشتباك) محمد دياب، و(يوم الدين) أبوبكر شوقى وغيرها.

أكثر من دولة عربية وصلت إلى القائمة القصيرة، مثل فلسطين ولبنان وتونس والجزائر وموريتانيا والأردن، بينما نحن حتى الآن لم نصل ولا مرة حتى إلى الطويلة، هل هناك مَن يعنيه الأمر؟، أبدًا، ولا الهوا!!.

 

المصري اليوم في

24.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004