ملفات خاصة

 
 
 

قصة قبيلة من السكان الأصليين "قتلة زهور القمر" قد يعيد سكورسيزي إلى الأوسكار

محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

هوليووداستقبل خروج فيلم "قتلة زهور القمر"(Killers of the Moon Flowers) في الأسبوعين الثالث والرابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى الأسواق العالمية، بما فيها العربية، بترحاب جماهيري لا بأس به. حل الفيلم أولا في الإيرادات الهولندية والبرتغالية والأوسترالية والإيطالية وفي كوريا الجنوبية ونيوزيلاندا، وثانيا في بريطانيا والولايات المتحدة. وحقق إيرادات جيدة في السعودية ومصر والإمارات وإن لم تكن تفاصيل الإيرادات قد أعلنت بعد.

ساعد في ذلك أمران أساسيان، الأول أن الفيلم، خلق منذ عرضه في مهرجان "كان" السينمائي الماضي، فضولا واسعا بسبب الغموض التام الذي يحيط بموضوعه، والأمر الثاني هو اسم مارتن سكورسيزي الذي ينتظر أفلامه رهط كبير من المتابعين حول العالم. الفيلم الممهور باسمه هو رهان الجمهور على قيمة الفيلم ونوعيّته. هذا تكرر سابقا أكثر من مرّة حتى وإن لم يترجم إلى مئات الملايين من الدولارات التي تتمتع بها أفلام الأكشن والأبطال الخارقين.

يؤخذ في الحسبان أن اهتمام جمهور المثقفين والباحثين عن السينما الفنية عموما في أعمال سكورسيزي لم يضع أفلامه في مرتبة عالية في حصاد إيرادات الأفلام.وأعلى إقبال حصده فيلم لسكورسيزي كان "المغادر"في 2006 الذي تُرجم 211 مليون دولار. في المركز الثاني "كايب فير" الذي حصد 198 مليون دولار، والثالث فيلم "الملاح" (174 مليون دولار) ثم "شاتر آيلند"و"ذئب وول ستريت" (152 مليون دولار).

الموضوع الذي يطرحه الفيلم الجديد مأخوذ عن أحداث حقيقية وقعت في عشرينات القرن الماضي عندما اغتيل عدد من أعيان وأثرياء قبيلة أوساج الهندية تبعا لخطة تصفية أدارها رجل أبيض ونفّذها أعوانه

وفي حين ليس من المتوقع أن يدخل "قتلة زهور القمر" قائمة الخمسة الأنجح لسكورسيزي، فلا بدّ من ملاحظة أن أربعة من هذه الأفلام كانت من بطولة ليوناردو دي كابريو (باستثناء "كايب فير")، بذلك يكون دي كابريو هو نقطة الجذب الأساسية في أفلام المخرج.

وقائع مخيفة

الموضوع الذي يطرحه الفيلم الجديد مأخوذ عن أحداث حقيقية وقعت في عشرينات القرن الماضي عندما اغتيل عدد من أعيان وأثرياء قبيلة أوساج الهندية تبعا لخطة تصفية أدارها رجل أبيض ونفّذها أعوانه.

للأسف، لم يكن موضوع الفيلم ليستحوذ على أكثر من نصف هذا الإهتمام لو أن مخرجا من غير الصف الأول من مخرجي أميركا اليوم (وهو صف يقف فيه حاليا سكورسيزي بجانب كريستوفر نولان وديفيد فينشر وريدلي سكوت وجيمس كاميرون وثلّة من الآخرين) قام بإخراج الفيلم.

اسم سكورسيزي ونوعية الفيلم بوصفه عملا جادا حول قضية لم تتعرّض لها السينما من قبل (إلا مرّة واحدة) أدّت للكشف عن وقائع مخيفة في تاريخ العلاقة بين البيض والمواطنين الأميركيين الأصليين، أو كما لا يزال البعض يصفهم بـ"الهنود الحمر"،  يقفان وراء اهتمام الجمهور الذي لم يكن مطلعا على القضية المُثارة في الفيلم ولا على تاريخها الواقعي.

المرّة الوحيدة التي أقدم فيها فيلم ما على التعرّض لهذه القضية، وردت في فيلم "قصة الأف بي آي" (The FBI Story)الذي أخرجه العتيق مرفن ليروي وتسلم دفة بطولته جيمس ستيوارت في سنة 1959.

تكوّن ذلك الفيلم من عرض خمسة ملفّات لنشاطات جهاز "مكتب التحقيقات الفيديرالي" الذي كان أُسّس حديثا في الخمسينات. أحد هذه النشاطات تمحور حول ملف جرائم القتل التي وقعت لأثرياء القبيلة بهدف سرقة أراضيهم. الحبكة تمّت بحسب الخطة التالية: اغتيال أحد أثرياء أفراد القبيلة ثم المسارعة في الاستحواذ على أرضه بصفقة بيع جاهزة. الغاية ليست الاستحواذ على الأرض فقط، بل الاستحواذ على النفط الذي تحويه أراضي القبيلة في ولاية أوكلاهوما (إحدى أهم الولايات المدرّة للنفط في الولايات المتحدة).

فيلم ليروي لم يحقّق الأثر التجاري على الرغم من عنوانه الجاذب، لكنه فتح نافذة من نحو ثلث ساعة على القضية التي بادر فيها بطل الفيلم، المحقق تشيب هاردستي (شخصية خيالية)، الى التحقيق في شكاوى بعث بها أفراد من قبيلة أوساج تطالب مكتب التحقيقات الفيديرالي بالإهتمام بما يحدث. ج. إدغار هوفر، رئيس المكتب، طلب من هاردستي الانتقال إلى ولاية أوكلاهوما للتحقيق، وهذا اكتشف حقيقة ما يحدث وهي الحقيقة التي تظهر، على نحو أوسع وأكثر إلماما، في فيلم سكورسيزي الجديد.

شهادة

في حين أن "قصّة الأف بي آي" ينتقل بين خمس قضايا مختلفة (من بينها واحدة حول ممارسات عصبة كوكلكس كلان العنصرية وأخرى عن محاكمات المكارثية للمتهمين بالانتماء الى الشيوعية خلال الخمسينات) يدور "قتلة زهور القمر" بكامله حولها وفي ثلاث ساعات و40 دقيقة من العرض. وهو فيلم مقتبس من كتاب لديفيد غران يتناول الوقائع على  نحو قريب ويحاذي الكتابة الوثائقية.

كُتب الكثير، شرقا وغربا، وبإعجاب كبيرعن هذا الفيلم، مما منح سكورسيزي، ابن الثمانين عاما، انتصارا معنويا جديدا يكمل سلسلة انتصاراته السابقة عبر تاريخه الطويل من الأعمال المشهودة.

القضية المثارة جنائية في الدرجة الأولى وفيلم سكورسيزي يبدأ بنماذج منها. أشخاص غامضون يقتلون رجالا من قبيلة أوساج الهندية من دون ترك أثر. العمليات دموية والمخرج يختار شكلا توثيقيا قبل الانتقال إلى ما هو روائي. هذه البداية شبيهة ببداية فيلمه الشهير "الرفقة الطيبة" الذي عمد فيه إلى تصوير سقوط ضحايا عمليات مافيوية في نيويورك. الفارق أن الأحداث التي يتناولها في فيلمه الأخير وقعت بالفعل ولو أنها سُجلت كحوادث انتحار عبر رئيس شرطة البلدة المرتشي (أبيض).

الحال هنا هي أن الأرض التي أفردتها الحكومة الأميركية لقبيلة أوساج كمحمية بعدما نقلتهم من أراضيهم الأصلية في ولاية ميسوري إلى ولاية أوكلاهوما، كانت تحتوي على مخزون هائل من النفط ومن المشكوك جدا فيه أن الحكومة الأميركية لم تكن لتمنحهم تلك القطعة الكبيرة من أراضي الولاية لو إنها كانت تعلم أنها حبلى بالنفط.

الاعتراف

بعيد اكتشاف النفط في أراضي القبيلة، بدأت، في مطلع العشرينات وحتى منتصفه، حوادث قتل  غامضة، والضحايا كانوا دوما من أثرياء النفط الأوساجيين. أما الجهة التي تدير تلك الإغتيالات فتتجسّد في شخصية صاحب البنك الذي يودع فيه أثرياء القبيلة أموالهم. خطته تقتضي التخلص من الأثرياء ثم شراء أراضيهم بأسعار بخسة مستحوذا على خيراتها. عدد الضحايا، بحسب تقدير المؤلف ديفيد غران، لا يقل عن 20 فردا (ذكر في كتابه أن الرقم قد يصل إلى 200 فرد اختفوا بطريقة غامضة لكن الفارق بين 20 و200 يبدو كبيرا).

في الفيلم تعاون المسؤولون المحليون مع صاحب المصرف وليام هايل على إقناع قادة القبيلة بأنهم ليسوا مؤهلين لاستثمار أموالهم وبأنهم في حاجة إلى مرشدين. فاقترح هايل للمهمة وهذا لم يثر الريبة لدى الأوساجيين كونه كان دائم التودد لهم، مظهرا المحبة والوئام من دون أن تحفّظ أو عنصرية.

 عومل السكان الأصليون كمجموعات متوحشة تستحق السطو على أراضيهم وقتلهم ونقلهم من مكان إلى آخر لتوسيع مساحات الاستيطان خصوصا إذا كانت القبائل تعيش فوق ركام من الذهب والفضّة

فيلم سكورسيزي دراما متعددة الرؤوس وأهمها ثلاثة: هايل كما يؤدّيه روبرت دينيرو وابن شقيقه إرنست، ليوناردو دي كابريو) والمرأة التي أوصى هايل إبن أخيه بالزواج منها لأن لديها قطعة أرض كبيرة سيرثها حين تموت. يكشف له كامل الخطة، بل يطلب منه المشاركة في تنفيذ الاغتيالات ولاحقا في دسّ السم لزوجته مولي (ليلي غلادستون) لكي يستعجل التخلّص منها. لكن السم هو من النوع البطيء، حتى لا يشك أحد في أنها ماتت مسمومة. عند هذه النقطة من الفيلم يدخل على الخط محقق "الأف بي آي" (الممثل الممتاز جسي بليموندز الذي شوهد آخر مرّة في فيلم وسترن هو"قوة الكلب" قبل عامين). يحقق في القضية ويستنتج وينقذ حياة مولي في اللحظة الأخيرة. إرنست يعترف بأن عمّه هو الذي طلب منه قتل زوجته وهو الذي يقود شبكة القتلة التي أودت بحياة الأوساجيين.

وقائع

نهاية الفيلم التي تصوّر مارتن سكورسيزي يقف في استديو لمحطة إذاعية يتلو بقايا الأحداث مع مؤثرات صوتية مناسبة، تسيء إلى ما سبق. إنها خاتمة جديدة بالفعل كبديل لما تقوم عليه أفلام أخرى مع نهاية حكايات مستوحاة من الواقع فتذكر، بطريقة الطبع على الشاشة،  ما آلت إليه الأحداث والشخصيات لما بعد العرض. لكن ما يختاره سكورسيزي كبديل يترك مذاقا كوميديا على المأساة التي أمضى المخرج تلك الساعات لتعميقها. في الأساس لا يتجنّب المخرج الدفاع عن مصير تلك القبيلة وما شهدته من ظلم وخداع. هذا تردّد في أفلام عديدة حيث الأشرار هم البيض الذين يقضمون الأراضي الهندية للتوسع أو بسبب اكتشاف الذهب والفضة. أما في فيلم سكورسيزي، فإن البيض (باستثناء المحققين) مدانون بالطبع، طالما أن هذا مقتبس من وقائع لا غُبار عليها، وخصوصا أن مواطني أميركا الأصليين عوملوا منذ وصول كولومبوس إلى سواحل القارة كمجموعات متوحشة تستحق السطو على أراضيهم وقتلهم ونقلهم من مكان إلى آخر لتوسيع مساحات الاستيطان خصوصا إذا كانت القبائل تعيش فوق ركام من الذهب والفضّة.

الإشكال الأساسي في الفيلم درامي. كالعادة يحب سكورسيزي منح بطولة أفلامه للشخصيات الشريرة. بذلك يواصل ما بدأه من قبل، فيروي الحكايات من وجهة نظر الجلادين أو القتلة وليس من وجهة نظر الضحايا. وحدها غلادستون، في دور الزوجة، تعبّر هنا عن تراجيديا الجشع والعنصرية، لكن الواجهة الأساسية لا تزال ملكا للشريرين روبرت دينيرو وليوناردو دي كابريو.

نجد هذا في فيلم "شوارع شريرة" (1974)، امتدادا لأفلام أخرى مثل "سائق التاكسي" و"لون المال" و"الرفقة الطيبة" و"كازينو" ولاحقا "ذئب وول ستريت" حيث الخديعة والجشع وسرقة المال عبر التلاعب بالبورصة مجسّدة من دون واعز أو انتقاد، و"الأيرلندي" من بين أفلام أخرى عديدة. في الفيلم الأخير يؤدي ذلك إلى تحييد القضية الهندية بأسرها وتحويلها إلى خلفية. صحيح أن هناك دورا نسائيا بارزا لكن القيادة في يد دينيرو ودي كابريو طوال الوقت.

أوسكارات محتملة

لا يغيّر وصول محقق "الأف بي آي" ورجاله إلى البلدة في نصف الساعة الأخيرة من الفيلم من هذا الوضع شيئا. ما يفعله سكورسيزي هو توفير خاتمة نظر إليها البعض كدعاية لمكتب التحقيقات الفيديرالي. لكن هذا ليس صحيحا لأن "الأف بي آي" دخل فعلا وقبض على العصابة الشريرة بالفعل. وفي حين كان يمكن لسكورسيزي معالجة الموضوع الكبير ذاته بطريقة تختصر نحو ثلاثة أرباع الساعة من العرض، فإن نصف الساعة الأخيرة هي ختام واقعي لا بد منه بحسب المعالجة التي كُتبت للفيلم أساسا.

موقع سكورسيزي النوعي حاليا أفضل بكثير من أبناء جيله بمن فيهم فرنسيس فورد كوبولا ووودي ألن وبرايان دي بالما(معظم الباقين تواروا منذ سنوات بعيدة بعدما فشلوا في ترك بصمات فنية وتجارية مهمة، باستثناء ستيفن سبيلبرغ المنتمي إلى ذلك الجيل نفسه ولو أنه اتبع، منذ البداية، نمط السينما الإستهلاكية والترفيهية المضمونة النتائج).

تأخير العروض التجارية إلى النصف الثاني من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، كان لأجل إدخال الفيلم ومخرجه وفنانيه وفنييه في موسم الجوائز السنوية غير المرتاح حاليا على وقع إضراب الممثلين (مما يعني غياب كثر عن منصات تلك المهرجانات) ووقع حرب غزة التي قد تثمر عن بضعة خطابات سياسية إذا ما سنحت الفرصة.

سكورسيزي وفيلمه ليسا وحدهما في السعي الى كسب أوسكارات وجوائز أخرى، بل هناك "نابليون" لريدلي سكوت و"المُخلّفون" (The Holdovers) و"مايستروط  لبرادلي كوبر و"القاتل" لديفيد فينشر من بين أخرى.

 

مجلة المجلة السعودية في

05.11.2023

 
 
 
 
 

ما حظوظ تسعة أفلام عربية متنافسة في «الأوسكار»؟

«الهامور ح.ع» و«فوي» و«وداعاً جوليا» من بينها

القاهرةانتصار دردير

مع ترشيحات الأفلام العربية سنوياً لجوائز الأوسكار، تتجدد الآمال بفوز أحدها بجائزة أفضل فيلم دولي؛ وهي الجائزة التي تتنافس عليها أفلام من دول العالم كافة، ورغم أن السينما العربية وصلت للتصفيات النهائية أكثر من مرة، فإنها لم تتوج في أي منها بهذه الجائزة المرموقة.

ويشهد سباق الأوسكار خلال دورته الـ96 التي يقام حفل إعلان جوائزها في 10 مارس (آذار) 2024 مشاركة 9 أفلام عربية بعد ترشيح السعودية لفيلم «الهامور» ليمثلها في جوائز الأوسكار، إلى جانب أفلام «فوي فوي فوي» من مصر، «وداعاً جوليا» من السودان، «المرهقون» من اليمن، «انشاله ولد»، الأردن، «باي باي طبريا» من فلسطين، «جنائن معلقة»، العراق، «كذب أبيض» المغرب، «بنات ألفة»، تونس.

وتتميز الأفلام العربية التي تنافس بالأوسكار هذا العام بالتنوع فيما تطرحه من قضايا، وتطور مستواها الفني، كما تشهد للمرة الأولى مشاركة كل من السودان واليمن، مما يطرح سؤالاً حول حظوظ هذه الأفلام في ظل المنافسة العالمية القوية التي تشهدها مسابقة «أفضل فيلم دولي».

وبحسب الناقد العراقي مهدي عباس، فإن المشاركات العربية في سباق الأوسكار تاريخياً لم تكن مشجعه، فدائماً ما يخرج الفيلم من أول تصفية ولا يصل إلى القائمة النهائية، إلا أنه يرى أن الفرصة هذا العام سانحة جداً، مثلما يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مستنداً إلى أن معظم الأفلام التي ترشحت عن الدول العربية سبق أن شاركت في أهم المهرجانات السينمائية العالمية نالت عدداً من الجوائز كما حازت على اهتمام النقاد والإعلام الغربي، لذا يتوقع وصول الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» أو العراقي «جنائن معلقة» أو غيرهما للقائمة النهائية.

وشارك عدد كبير من الأفلام العربية المرشحة لجائزة الأوسكار بمهرجانات عالمية، حقق بعضها جوائز دولية، على غرار الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» للمخرج محمد الكردفاني، الذي حصد جائزة الحرية بمهرجان كان السينمائي خلال دورته الماضية، والفيلم التونسي «بنات ألفة» للمخرجة كوثر بن هنية، الذي نال ثلاث جوائز هي، جائزة «السينما الإيجابية»، وجائزة «فرانسوا شالي» وجائزة «العين الذهبية»، التي تمنح للأفلام الوثائقية، والتي حصل عليها مناصفة مع الفيلم المغربي «كذب أبيض» للمخرجة أسماء المدير، التي شاركت بمسابقة «نظرة ما»، كما حاز الفيلم الأردني «إنشاله ولد» للمخرج أمجد الرشيد خلال مشاركته بمسابقة أسبوع النقاد جائزتين.

وشهد العرض الأول للفيلم اليمني «المرهقون» للمخرج عمرو جمال بمهرجان برلين الـ73 وفاز بجائزة «منظمة العفو الدولية» وجائزة الجمهور كثاني أفضل فيلم جماهيري، كما عُرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني «باي باي طبريا» للمخرجة لينا سويلم بمهرجان البندقية السينمائي خلال دورته الـ80. ويعد الفيلم السعودي «الهامور» للمخرج عبد الإله القرشي أول إنتاجات «بوليفارد إستوديوز» السينمائية، وحقق نجاحاً لافتاً عند عرضه بصالات السينما بالمملكة والدول العربية لتميز مستواه الفني، وبيعت منه أكثر من 200 ألف تذكرة.

كما حقق الفيلم المصري «فوي فوي فوي» للمخرج عمر هلال نجاحاً كبيراً، حيث تصدر قائمة إيرادات الأفلام المصرية منذ إطلاق عرضه، وشارك الفيلم العراقي «جنائن معلقة» للمخرج أحمد ياسين الدراجي بمهرجان البندقية السينمائي خلال دورته الـ79 وحصد جائزة أفضل فيلم بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي خلال دورته الثانية.

ويرى الناقد أندرو محسن أن الفوز بالأوسكار يعتمد على أكثر من جانب، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن العرض في مهرجانات دولية كبرى من العناصر المهمة التي تؤخذ في عين الاعتبار، لأن لجنة التصويت لديها فكرة مسبقة عن الأفلام أو شاهدتها خلال العرض بهذه المهرجانات، إضافة إلى أهمية جودة الأفلام، مشيراً إلى توفر هذين العنصرين في عدد من الأفلام العربية المرشحة. ولفت محسن إلى صعوبة المنافسة مع الأفلام العالمية الأخرى، فالمشاركات بهذه المسابقة تكون أقوى من جائزة أفضل فيلم بالأوسكار. كما تطرق محسن إلى عنصر الدعاية وأهميته للوصول للمصوتين التي لا تستطيع أفلام عديدة تحملها.

ويشير الناقد المصري إلى ظواهر إيجابية برزت خلال العشر سنوات الماضية بوصول أفلام عربية للقائمة النهائية، كما أن هناك اهتماماً دولياً بمتابعة السينما العربية بشكل أكبر مما كان عليه من قبل واهتمام من صناع الأفلام بتوزيعها بشكل أفضل، وأن وجود أعضاء عرب ضمن المصوتين بالأوسكار يمنح فرصاً جيدة للأفلام العربية المرشحة. ويتوقع محسن للفيلم السوداني «وداعاً جوليا»، والتونسي «بنات أُلفة» حظوظاً جيدة للوصول للقائمة القصيرة.

 

الشرق الأوسط في

05.11.2023

 
 
 
 
 

{قتلة زهرة القمر}.. تحية متأخرة لشعب {الأوساج} الحزين

علي حمود الحسن

لا متعة تضاهي مشاهدة فيلم لمارتن سكورسيزي، هذا ما شعرت به وأنا أتابع أحداث فيلمه الملحمي الجديد " قتلة زهرة القمر" (2023)، المقتبس من رواية الكاتب والصحفي الاستقصائي ديفيد غران، الذي وثّق فيه لوقائع إبادة البيض العنصريين للسكان الأصليين من قبائل الأوساج بوحشية غير مسبوقة، والاستحواذ على أموالهم وممتلكاتهم المهولة، بعد اكتشاف النفط في باطن أراضيهم "الطابو"، أسهم سكورسيزي مع كاتب السيناريو إريك روث في أفلمة الرواية الصادرة في العام 2017 وتكيفها، ليسردها بصريا على مدار 3 ساعات و26 دقيقة، وهو زمن طويل أثار امتعاض البعض من الجمهور إلى حد وصفه بالممل، فيما عده النقاد زمنا يليق بملحمة سكورسيزي الحزينة، الفيلم صوره روديكو بريتو (الايرلندي) ومنتجته الماهرة  شوثيلما شونميكر (ثلاث جوائز أوسكار) وأدى ادواره ممثلو سكورسيزي المفضلون روبرت ودي نير، ويوناردو دي كابريو، فضلا عن عشرات الممثلين والفنيين. .

الفيلم الذي تدور أحداثه في مدينة فركاس بمقاطعة أوساج/ أوكلاهموما بدايات القرن الماضي، يحكي قصة الموت الحزين والمنظم لأسر الأوساج فائقي الثراء، الذين وجدوا أنفسهم أغنى أغنياء العالم، بعد اكتشاف النفط في أراضيهم العقيمة عديمة الفائدة التي أجبرهم على العيش فيها البيض العنصريون، فعاشوا برفاهية وامتلكوا القصور والسيارات والطائرات، ما اثار غضب البيض العنصريين، فاجترحوا قانونًا صنفهم بأنهم فاقدو أهلية إدارة  أموالهم، ما يتوجب  عليهم اختيار رجلا أبيض وصيا على شؤونهم، لتبدأ تصفيتهم الجسدية من خلال القتل ودس السم أو اجبارهم على الانتحار فتؤول ممتلكاتهم إلى من يتزوج من أسرهم، أشرف على هذه الجريمة البشعة غير المسبوقة شخص يدعى وليم هال ويلقب بملك التلال (روبرت دي نيرو)، تنجح سيدة تدعى مولي بإيصال صوتها إلى الحكومة الفيدرالية، فيتم التحقيق بهذه الجرائم ويكتشف الجناة.

قدم صاحب " عصابات نيويورك" حكايته وأنهاها بتحية لشعب الأوساج، من خلال توثيق عاداتهم وتقاليدهم ونمط عيشهم بطريقة اقرب إلى التسجيلية، وبخط سردي متداخل ترويه أصوات متعددة لرواة مشاركين، وان كان معظمهم من البيض، إلا أن انحياز سكورسيزي كان واضحا للأوساج، الخط السردي الرئيسي في الفيلم هو  العلاقة الإشكالية والملتبسة بين مولي(ليلى جلادستون) الهندية الثرية، التي ترى أسرتها تتساقط قتلا ومرضا وزوجها ارنست (دي كابرو) الجندي المهزوم والهارب من الحرب العالمية الأولى الساذج والبليد المطيع لخاله الرهيب ملك التلال، والذي يعاني من شرخ سيكولوجي، فهو يحب زوجته  ويحنو عليها وعلى طفليهما، وفي الوقت ذاته يواظب على دس السم اليها مع جرعات الأنسولين، مولي هي الأخرى عشقت زوجها بجنون وإن ارتابت بما يفعل، هؤلاء الممثلون العظام ومصور عبقري (رودريكو بريتو) يعرف "دمارات" سكورسيزي، ومونتير حاذقة (ثيلما شونميكر)، أنقذ الفيلم من الترهل والممل على مدار زمنه الطويل.

 

الصباح العراقية في

06.11.2023

 
 
 
 
 

خالد محمود يكتب ..

أفضل 15 فيلما فى 2023

 

تعذر نقل النص من موقع المجلة الإلكتروني:

 

 

أخبار النجوم المصرية في

18.11.2023

 
 
 
 
 

أضواء على الأفلام العربية الطامحة لأوسكار 2024

9 أعمال مختلفة الاتجاهات والمواضيع

محمد رُضا

أما وقد انتهى إضراب ممثلي هوليوود بعد 118 يوما على بدئه، فقد تنفست المؤسسات السينمائية على اختلاف أدوارها الصعداء وهبّت للعمل من جديد. ذلك أن المخاوف كانت سادت الجهات الإنتاجية والأستديوهات من مغبة النتائج المترتبة على استمرار الإضراب فيما لو لم تقبل نقابة الممثلين الأميركيين العرض المقدّم في مطلع هذا الشهر وأصرّت على مواصلة التوقف عن أي نشاط أمام الكاميرات أو خلفها.

الخسائر المادية كبيرة، ليس فقط لأنه كان ممنوعا على الممثلين ممارسة أي نشاط أمام الكاميرا، بل كذلك لناحية أن الأفلام التي عُرضت خلال فترة الإضراب اضطرت إلى التخلي عن أحد أهم عناصر الترويج وهو قيام الممثلين بإجراء المقابلات الإعلامية، فضلا عن أن العديد من الأفلام التي كانت قد أنتجت بالفعل إما عُرضت من دون هذا الغطاء الإعلامي أو أنها تعرّضت لتغيير برامج عرضها وتكديسها في انتظار حل تلك الأزمة.

من ناحيتها، فإن المناسبات السنوية المعتادة، مثل حفلة توزيع جوائز جمعية المنتجين، وحفلة توزيع جوائز المخرجين، وحفلة جوائز "غولدن غلوبز"، كما الاحتفال المقبل لجوائز الأوسكار، كانت ستتم (لو تمت) بلا ممثلين لو استمر الإضراب إلى الشهر المقبل وما بعده، لأن المناسبات المذكورة وسواها تُعتبر، في عرف النقابة القوية (تضم عشرات ألوف المنتسبين) ترويجا لشركات الإنتاج ولا تسمح به.

أراح الاتفاق المبرم بال كل المعنيين على اختلاف حقولهم وفي الأخص أكاديمية العلوم والفنون السينمائية مانحة جوائز الأوسكار.

تخضع اشتراكات الرسائل الإخبارية الخاصة بك لقواعد الخصوصية والشروط الخاصة بـ “المجلة".

وصل عدد الأفلام التي رشحت للفيلم العالمي في العام الماضي إلى رقم قياسي في تاريخ الجائزة إذ بلغ 93 فيلما. أما بالنسبة إلى هذا العام فإن العدد النهائي بلغ 89 فيلما

ارتفاع مضطرد

كانت هذه المؤسسة العريقة قد أجّلت حفلها السادس والتسعين إلى العاشر من شهر مارس/آذار عوض موعدها المعتاد في الأسبوع الأخير من الشهر الثاني من العام، وذلك تحسّبا لاستمرار الإضراب من جهة، ومساهمة في لملمة المجتمع السينمائي لنشاطاته المعتادة ومنحه الوقت لذلك. لهذه الغاية، أجّلت تواريخ التوقف عن قبول الأفلام وتواريخ إعلان الترشيحات لمنح صانعي السينما وقتا إضافيا.

وفي حين أن جوائز الأوسكار تبقى ميدان منافسة أميركية في الأساس، نظرا إلى أن معظم مسابقاتها الرئيسة تعنى بميادين السينما الأميركية وحقولها، إلا أنها أيضا الهدف الذي ازداد الطلب عليه من قِبل مخرجي الأفلام العالمية ومؤسساتها، ويدل عليه الارتفاع المضطرد في عدد الدول التي تتقدم رسميا، نيابة عن سينمائييها، لترشيح أفلامها أو الجهات المستقلة التي تستطيع تأمين الشروط المطلوبة لدخول المسابقة.

رقم قياسي

وكان عدد الأفلام التي رشحت للفيلم العالمي في العام الماضي وصل إلى رقم قياسي في تاريخ الجائزة إذ بلغ 93 فيلما. أما بالنسبة إلى هذا العام فإن العدد النهائي بلغ 89 فيلما، أي بفارق ثلاثة أفلام فقط. ليس هناك من لغز حول هذا الاهتمام العالمي بالإشتراك في مسابقة دولية كهذه، كون الأوسكار لا يزال أعلى جوائز التقدير مكانة، والجائزة التي تمنح الدول المتقدمة بأفلامها صيتا كبيرا، إلى جانب أن المهرجانات السينمائية اليوم (من كانّ وڤينيسيا إلى لوكارنو وبرلين وصندانس وسواها) تستطيع أن تجذب المزيد من الأفلام والمواهب الفنية الكبيرة على أساس أنها السبيل النموذجي لدخول عروضها مسابقات الأوسكار الأميركي.

الطريقة التي تُعتمد لتقييم هذه الأفلام الأجنبية حال إرسالها إلى الأكاديمية مستوفية الشروط، تتبع خطوات تدريجية. هناك مجموعات مختلفة من الأعضاء تنصرف حاليا لمشاهدة كل هذه الأفلام الـ 89. يشاهد أفراد كل مجموعة العدد الذي يريد من الأفلام المعروضة شرط ألا يقل هذا العدد عن 13 فيلما للفرد. واعتمادا على التصويت الأول تعلن القائمة القصيرة للأفلام الأجنبية التي تحتوي على الأفلام الخمسة عشر التي نالت أعلى الأصوات. تعلن هذه القائمة المصغّرة في 21 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وقد غُيّر الإسم المتداول لهذه المسابقة قبل بضع سنوات من "أوسكار أفضل فيلم أجنبي" إلى "أوسكار أفضل فيلم عالمي"، تبعا لمحاولة الأكاديمية إثبات دورها على صعيد السينما العالمية.

سعي عربي حثيث

شهد الاهتمام بضم الأفلام العالمية إلى مسابقة الأوسكار خطوات متدرّجة من العام 1947 فصاعدا. فحتى سنة 1955 قدّمت الأكاديمية جائزة واحدة من دون ترشيحات مما عرضته الصالات الأميركية من أفلام غير أميركية. بذا لم يكن هناك ترشيحات رسمية كما الحال اليوم. وفي 1956 اعتمدت الجائزة كمسابقة سنوية ترشح فيها خمسة أفلام كل عام.

لكن هناك خطوطا غير واضحة للعديد من المتابعين حين يصل الأمر إلى سباق الأفلام الأجنبية، مع مزيد من تلك الأفلام التي باتت تشترك في المسابقة الرئيسية جنبا الى جنب الأفلام الأميركية. بدأ مثل هذا التقاطع في العام 1970 عندما رُشح فيلم "زد"Z باسم الجزائر في سباق الفيلم الأجنبي (ونال أوسكارها) وانضم، في الوقت نفسه، إلى سباق الأوسكار الكبير أيضا منافسا الفيلم الفائز بأوسكار أفضل فيلم وهو "كاوبوي منتصف الليل".

تكرر هذا الوضع عشر مرّات، آخرها في العام الحالي عندما طُرح الفيلم الألماني "كله هادئ على الجبهة الغربية"، في المسابقتين معا (فاز بأوسكار أفضل فيلم عالمي). في العام الماضي كان الفيلم الياباني "قد سيارتي" هو الفيلم المزدوج الدخول. في هذه القائمة، وحدها السويد حظيت بهذه الفرصة المزدوجة مرّتين (مرّة عن فيلم إنغمار برغمان "صرخات وهمسات" (1973) وقبله فيلم "المهاجرون" ليان ترووَل (1972).

ضمن هذا الاهتمام ليس غريبا أن تسعى السينمات العربية حثيثا لدخول مسابقة ستمنح الفائز بها مكانة عالمية. باستثناء فيلم كوستا- غافراس "زد"Z الذي هو من تمويل جزائري بالفعل، لم يحقق فيلم لدولة عربية مثل هذا النجاح.

فيلم "وداعا طبريا"

هذا العام هناك تسع دول عربية، وهي بحسب جدول ورودها بالأبجدية الإنكليزية: مصر والعراق والأردن والمغرب وفلسطين والسعودية والسودان وتونس واليمن.

المثير في ذلك أن المزيد من الأفلام العربية لم يعن قط ارتفاع مستواها بالمقارنة مع الأفلام الأجنبية. علينا في هذه الحالة إدراك حالة فنية محددة في هذا المجال قلما يضعها المخرجون العرب في الاعتبار وهي أن عدم فوز الفيلم العربي (باستثناء "زد") بالجائزة في هذا المجال لا يعود إلى استبعاد سياسي (بدليل دخول فيلمَي هاني أبو أسعد الفلسطينيين في الترشيحات الرسمية وهما "الجنة الآن" و"عمر") بل إلى تميّز فني ومطابقة الشروط الفنية من عدمها بحسب المستويات التي يعتمدها المصوّتون. فالمفهوم السائد في هذا الصدد هو الكمال في شروط الإنتاج والصورة والمضمون.

 هناك حالة محددة في هذا المجال قلما يضعها المخرجون العرب في الاعتبار وهي أن عدم فوز الفيلم العربي بالجائزة لا يعود إلى استبعاد سياسي بل إلى تميّز فني ومطابقة الشروط الفنية من عدمها

حرب غزّة

ذكر فلسطين يقودنا إلى مسألة لم تكن مطروحة من قبل وهي احتمال جذب الفيلم الفلسطيني المرشّح هذا العام "وداعا طبريا" للينا سويلم، اهتماما أكبر بسبب ظروف الحرب الحالية في غزّة. وهو فيلم تسجيلي عُرض في مهرجان تورنتو ويتناول لقاءات عائلية بين طرف آت في زيارة (من فرنسا) وطرف يعيش على أطراف البحيرة في الجزء القريب من الحدود الأردنية.

تبعا لتاريخ إنجازه، فإن الفيلم لا علاقة له بالحرب الواقعة حاليا في غزّة، لكنه، في طبيعته الهادئة وحديثه عن الألفة العائلية وجذورها الفلسطينية، قد يجد ما يكفي من الأصوات لدخوله القائمة القصيرة بجانب 14 فيلما آخرى. ذلك قد يشكل تمهيدا محتملا لدخوله الترشيحات الرسمية، لكن ليس بنسبة كبيرة.

كذلك الحال بالنسبة إلى الفيلم الأردني "إن شاء الله ولد" لأمجد الرشيد. إنه من تلك الأفلام التي تطرح مضمونا إجتماعيا لافتا يحتل الصدارة بينما تبقى معالجته في المستوى الثاني من إثارة الإهتمام. هناك إجادة في التمثيل وجديّة في الإخراج وطرح اجتماعي لتقاليد تثير اهتمام الغربيين (ولو أنها لم تعد جديدة في ذاتها) لكن المعالجة تبقى قريبة من الدراما التلفزيونية.

الاشتراك السعودي متمثل في "هامبور ج.ع" لعبد الإله القرشي. حضوره مهم ونوعية تنفيذه جيّدة، لكن وصوله إلى الدائرة الأخيرة من التشريحات ليس فعلا سهلا.

السبب هو أن معظم ما حققته الأفلام السعودية في نهضتها الرائعة خلال السنوات الثلاث الماضية كان من الفئة التي تنضوي تحت "النوع"Genre. أفلام محددة بالنوع الذي تنتمي إليه القصة: كوميديا، رياضة، دراما مجتمعية، فانتازيا. لكن غالبية الأفلام التي تدخل الترشيحات النهائية وتفوز هي من الفئة التي لا تنتمي إلى هذا التخصص النوعي، بل تلك الفالتة من التصنيف السريع وتنتمي تاليا إلى سينما المؤلّف. تبعا لذلك، وإلى أن تتقدّم السينما السعودية بفيلم ينتمي إلى الشروط الفنية أساسا، فإن حضور الفيلم السعودي يبقى مُهمّا لذاته مهما كانت تقنيات التنفيذ جيدة.

مصر والمغرب

مع فيلم "ڤوي! ڤوي! ڤوي!"، الذي يمثل مصر وأخرجه عمر هلال، تتوضح الصورة أكثر بقليل. هو بدوره فيلم كوميدي لكن لمساته كوميدية وطريقة تنفيذه تخلو من التنميط السائد في السينما المصرية التي يمثلها في ترشيحات هذا العام. موضوعه كذلك له حساباته كونه يعرض موضوعا غير مطروق، فهو عن رجل يحلم بالسفر حول العالم لكن لا يملك الوسيلة لتنفيذ حلمه بسبب فقره. حين يعلم بأن هناك رحلة مخصصة للعميان لجولة عالمية، يتظاهر بالعمى منضما إلى الباقين.

فيلم "ڤوي! ڤوي! ڤوي!"

ليس لدى الفيلم أي عنصر حاسم يقودنا لتأكيد إمكان دخوله في الترشيحات الأخيرة، وهذا هو واقع العديد من الأفلام العربية المختلفة (موضوعا) والجيدة (تنفيذا) في كل عام.

الفيلم المغربي "أم كل الأكاذيب" لأسماء المدير، مقاربة ليست بعيدة كثيرا عن الفيلم الفلسطيني "وداعا طبريا" من حيث أنه - بدوره- مبني على النوع التسجيلي غير العفوي مع شخصيات حقيقية تقودها المخرجة نفسها. لا نرى أن هذا الفيلم سيجتاز المسافة بين تمثيل دولته وتبوؤ القائمة القصيرة أو الرسمية لاحقا.

في المنهج ذاته من الجمع بين ما يشبه التسجيلي والروائي، تتقدم المخرجة كوثر بن هنية بفيلمها الجديد "أربع بنات". هذا عاشر فيلم تونسي يتقدّم الى الأوسكار، وثالث فيلم لمخرجته في هذا السعي، علما بإنها وصلت إلى الترشيحات النهائية سنة 2021 عبر فيلمها "الرجل الذي باع جلده". للأسف ذهبت الجائزة لأقل الأفلام المرشحة لهذه الجائزة في تلك السنة وهو الفيلم السويدي "ثمالة".

ما يجمع بين كل هذه الأفلام صدق المحاولة لتقديم مسائل اجتماعية أو فردية صادقة. لكن النيات وحدها لا تصنع النجاح المنشود

حسابات

بقيت في القائمة ثلاثة أفلام لثلاث دول عربية، هي "وداعا جوليا" لمحمد كردفاني (السودان) و"المرهَقون" لأمير جمل (اليمن) و"حدائق معلقة" لأحمد الدراجي (العراق).

هذا الأخير فيه جهد لتقديم دراما إنسانية مثيرة للاهتمام. حكاية شاب صغير يعمل في استخراج ما قد يستطيع بيعه من القمامة المرمية في بعض مجامع النفايات في العراق. في يوم، يجد دمية لامرأة عارية تستطيع أن تنطق بالآهات. يستغل الشاب الدمية فيتقاضى المال عن كل رجل يأتي ليشبع غريزته في غرفة مغلقة. الموضوع يستحق التحية لكن كتابته وإخراجه أمر آخر. على ذلك، قد يضمن ما يكفي من الأصوات لدخول القائمة القصيرة قبل أن يغادرها في الجولة الثانية والأخيرة. علما انه احتمال محدود في النظر- طبعا- الى مستويات العديد من الأفلام غير العربية كذلك.

"وداعا جوليا" هو ثاني تمثيل للسودان بعد فيلم "ستموت في العشرين" لأمجد أبو العلا قبل ثلاثة أعوام، وهو هنا أحد منتجَي هذا الفيلم. اللافت هو حديث الفيلم عن الفترة السابقة مباشرة لاستقلال جنوب السودان عن السودان وكيف ساهمت الأحداث الطائفية بين المسلمين والمسيحيين (لا يقول إنها كانت مرتّبة) في ذلك الانفصال. الفيلم مرويّ من خلال قصّة مغنية يقتل زوجها رجلا مسيحيا فتعمد إلى توفير العمل لزوجة القتيل. حظوظه هنا لن تختلف كثيرا عن حظوظ المرّة السابقة.

أما الفيلم اليمني الذي شهد عرضه العالمي الأول في برلين، فإنه دراما حول عائلة فقيرة ستنجب طفلا رابعا في الوقت الذي بالكاد يستطيع الزوج تأمين الطعام لأولاده الثلاثة. ما شوهد منه يشي بموهبة مخرج قيد التأسيس لكن هذا أبعد ما يمكن الذهاب إليه كفيلم مسابقة.

ما يجمع بين كل هذه الأفلام، صدق المحاولة لتقديم مسائل اجتماعية أو فردية صادقة. لكن النيات وحدها لا تصنع النجاح المنشود، كذلك فإن الناحية المنسية دوما هي أن الأفلام الآتية من دول أوروبية أو جنوب شرق آسيوية تتمتع دوما بأفضلية الاعتبار كونها أفضل صنعا وأقرب إلى النموذج الثقافي الذي يوجه معظم المنتخبين من أعضاء الأكاديمية.

 

مجلة المجلة السعودية في

19.11.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004