ملفات خاصة

 
 
 

السينما السعودية في 2023: عرض 432 فيلماً... و«أوبنهايمر» الأعلى إيراداً

الدمامإيمان الخطاف

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

هيئة تنظيم الإعلام لـ«الشرق الأوسط»: أكثر من 17 مليون تذكرة مبيعة... بما يفوق 888 مليون ريال

يشهد العام الذي يوشك على الرحيل (2023) على العلاقة الوثيقة التي تربط بين السعوديين ودور السينما، حيث كشفت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في أرقام خاصة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن صالات السينما تمكنت هذا العام من بيع أكثر من 17 مليون تذكرة، مقارنة بـ14.3 مليون تذكرة خلال العام الماضي (2022)، وذلك لـ432 فيلماً تم عرضها في دور السينما السعودية، جاءت من مختلف دول العالم، في حين تجاوز حجم إيرادات صالات السينما السعودية 888 مليون ريال (236.8 مليون دولار) خلال 2023.

يتزامن ذلك مع تزايد عدد دور السينما في البلاد، التي وصلت إلى 65 دار سينما، موزعة على 22 مدينة سعودية، بـ608 شاشات، لستة مشغلين، وبمجموع 62.074 مقعداً؛ مما يظهر حجم النمو الكبير الذي شهده القطاع السينمائي خلال الـ12 شهراً الماضية، بالنظر إلى أن افتتاح دور السينما السعودية كان قبل نحو 5 أعوام ونصف العام فقط، وتحديداً في أبريل (نيسان) 2018.

«أوبنهايمر» يتصدر

وتصدر فيلم «أوبنهايمر» Oppenheimer قائمة الأفلام الأعلى إيراداً في السعودية خلال عام 2023 بما يتجاوز 44 مليون ريال، مع بيع أكثر من 704 آلاف تذكرة على مدى 20 أسبوعاً، تلاه الفيلم السعودي «سطار» الذي عُرض لـ19 أسبوعاً وحقق إيرادات تتجاوز 40.6 مليون ريال جراء بيع أكثر من 903 ألف تذكرة، وجاء في المرتبة الثالثة فيلم «المهمة المستحيلة» Mission Impossible: Dead Reckoning Part One والذي حقق في 23 أسبوعاً نحو 33.4 مليون ريال من بيع أكثر من 598 مليون تذكرة.

ويُظهر تربّع فيلم المخرج الأمريكي الكبير كريستوفر نولان «أوبنهايمر» على رأس قائمة الأفلام التي انجذب إليها السعوديون في 2023، نضج التجربة السينمائية للجمهور المحلي الذي شاهد باهتمام كبير واحداً من أهم الإنتاجات السينمائية لهذا العام، والذي استوحيته قصته من حياة ج. روبرت أوبنهايمر ودوره في تطوير القنبلة الذرية، ولعب بطولة الفيلم كيليان مورفي.

1840 فيلماً في 5 سنوات

وبلغ عدد الأفلام المفسوحة للسينما خلال هذا العام 432 فيلماً، ليصل مجمل الأفلام التي فُسحت في البلاد على مدى 5 أعوام أكثر من 1840 فيلماً، وتصدرت الولايات المتحدة الأميركية قائمة الدول التي فُسحت أفلامها للسينما خلال هذا العام، بعدد 174 فيلماً، تليها الهند بـ84 فيلماً، ثم مصر بـ47 فيلماً، وبعدها اليابان 19 فيلماً، ثم بريطانيا بــ15 فيلماً، وأخيراً السعودية وكوريا الجنوبية والصين بـ9 أفلام لكل منهم.

9 أفلام سعودية

وعن الأرقام التي حققتها الأفلام السعودية في دور السينما خلال عام 2023، بعد عرض تسعة منها، بالترتيب التالي: «سطار»، «الهامور ح.ع»، «عياض في الرياض»، «أغنية الغراب»، «ملك الحلبة»، «طريق الوادي»، «تشيلو»، «عبد»، وحالياً يُعرض «مندوب الليل». وبحسب الهيئة، فإن «سطار» حقق الإيرادات الأعلى بين الأفلام السعودية حتى الآن، كما يعد الثامن في تاريخ السينما السعودية من ناحية الإيرادات، علاوة على كونه يحتل المركز الرابع من حيث عدد التذاكر المبيعة في تاريخ السينما السعودية.في حين حقق «مندوب الليل» للمخرج علي الكلثمي أكبر افتتاحية لفيلم سعودي خلال هذا العام، ببيع أكثر من 114 ألف تذكرة، وبإيرادات تتجاوز 5.9 مليون ريال حتى الآن، إضافة إلى ذلك تمكن الفيلم من تحقيق ثاني أكبر افتتاح لفيلم عربي في السينما السعودية، ولا يزال يُعرض حتى الآن ومن المرجح أن يواصل نجاحه خلال العام المقبل (2024).

3 أفلام مطلع 2024

ومن المتوقع أن يكون مطلع العام المقبل (2024) أكثر تشويقاً وإثارة لصُناع الأفلام السعوديين، حيث سيشهد عرض 3 أفلام سعودية، هي «حوجن» للمخرج ياسر الياسري المتوقع عرضه في 4 يناير (كانون الثاني)، يليه «هجان» للمخرج أبو بكر شوقي و«جرس إنذار» للمخرج خالد فهد، وكلاهما يُعرض في 18 يناير، إلا أن الأول سيُعرض في صالات السينما بينما سيُعرض الثاني على منصة «نتفليكس».

 

الشرق الأوسط في

27.12.2023

 
 
 
 
 

حصاد سينما 2023 | أفلام سعودية تميزت بروح المغامرة

جدة ـ «سينماتوغراف»

تعَد الأفلام التي تسيطر عليها روح المغامرة، من الأعمال الجاذبة لقطاع كبير من محبي الأعمال السينمائية؛ نظراً لكون قصصها مليئة بالأحداث المتجددة والسريعة، والتي تفتح باب التخمينات لدى المشاهدين ليُبدوا توقعاتهم في أحداث هذه الأعمال، ومع قرب نهاية عام 2023، كانت هناك أفلام سعودية مميزة طغت عليها هذه الروح، ومن خلال التقرير التالي، نتطرق لها.

من بين الأعمال السعودية والتي كان لها تواجد وبصمة قوية؛ خاصة وأنها أحدثت ضجة كبيرة عقب عرضها في دُور السينما، فيلم "الهامور ح.ع" للمخرج عبدالإله القرشي، وجاءت قصته مليئة بالأحداث المشوّقة؛ خاصة وأنه مستوحى من أحداث حقيقية؛ ويجمع الفيلم ما بين روح المغامرة والتشويق والدراما والكوميديا، ويحكي قصه "حامد" رجل الأمن الذي لم يعجبه حاله، وراح يبحث عن الثراء بأيّة وسيلة ممكنة، وتمكن من تغيير واقعه وصنع ثروة تجاوزت المليار، من خلال عملية احتيال تحاكي أحداثاً واقعية حدثت في السعودية قبل حوالي 20 سنة، قام بها عدد من رجال الأعمال ووسطاء الأسهم، عُرفت وقتها باسم هامور سوا.

فيلم "راس براس" هو أيضاً، من بين الأفلام السعودية التي نالت اهتماماً كبيراً من الجمهور السعودي، وعدد من النقاد؛ خاصة وأن أحداثه تأخذ المشاهدين إلى عالم فريد مليء بروح التحدي والمغامرة، والمقدَّم بطابع ترفيهي مميز، وبحبكة سينمائية ذكية، ستجعل المشاهد قريباً من أحداث الفيلم غير المتوقَّعة.

وتدور أحداث الفيلم، ومن تأليف عبدالعزيز المزيني، ومن إخراج مالك نجر، في أولى تجاربهما بعيداً عن عالم "الإنيميشن"، في حي "بذيخة" المريب، حول شخصية السائق "درويش" (عادل رضوان) الذي يقوم عن طريق الخطأ، بنقل أكبر مجرم متقاعد من المطار؛ لتتم بعد ذلك مطاردته من قِبل عصابة المجرم، بهدف استعادته بسلامة، ثم ينشغل بعدها كلٌّ من درويش وأبوغدرة (زياد العمري)، بمهمة تضليل العصابة، وإيهامها بأن الرجل العجوز لايزال على قيد الحياة؛ مما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث والمغامرات غير المتوقَّعة والمغلّفة بطابع كوميدي.

وكذلك "عبد" وهو أحد الأفلام التي نالت اهتماماً كبيراً من قِبل الجمهور السعودي، وذلك يرجع إلى عدة أمور، أبرزها: الجوائز والتكريمات التي حظي بها في المهرجانات والمحافل الفنية، التي شارك بها قبل عرضه في دُور السينما خلال عام 2023، إلى جانب أحداثه المشوّقة، والتي تأخذ المشاهد إلى رحلة طويلة عبْر أزمنة مختلفة، وذلك من خلال مخرج قام بصناعة فيلم مع زوجته؛ ليواجه موجة غضب من المجتمع وردود أفعال عنيفة بسبب هذا الفيلم؛ فيقرر السفر عبْر الزمن، من أجل تعديل هذا الخطأ، ولكن تخرج الأمور عن السيطرة.

وبعيداً عن قصته وأحداثه التي تتسم بالجرأة في الطرح، هناك أشياء أخرى تميز بها هذا العمل، هي المواهب السعودية المشارِكة في تمثيله، وعلى رأسهم: محمد علي، زياد العمري، وخيرية أبولبن.. والفيلم من إخراج منصور أسد.

ويأتي كذلك "ناقة" وهو من الأفلام السعودية التي كان لها بصمة مميزة في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، والتي انتهت فعاليتها الشهر الماضي، كما كان له بصمة ناجحة أخرى في عام 2023، من خلال مشاركته في الدورة الـ48 من مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، والتي انطلقت فعاليتها في شهر سبتمبر الماضي.

ويعتبر فيلم "ناقة" للمخرج مشعل الجاسر من نوع الإثارة والتشويق، ويروي الفيلم قصة شابة تقطعت بها السبل في الصحراء للعودة إلى منزلها قبل فترة حظر التجوّل، تحت تهديد العقاب الشديد من والدها الصارم.

أما فيلم "مندوب الليل" فهو مزيج من الدراما والتشويق المغلفة بروح المغامرة؛ حيث يعيش فيها المشاهد مع قصة "فهد القضعاني" الفنان محمد الدوخي، الثلاثيني الأعزب المضطرب، الذي يتوه وحيداً مهموماً كل ليلة في زحمة وشوارع الرياض، بين فقدان العاطفة وضياع الوظيفة وتوصيل الطلبات للزبائن؛ مما يدفعه لاحقاً للتخلي عن مبادئه في عالم لا يفقه فيه شيئاً.

يُذكر أن فيلم "مندوب الليل" شهد عرضه العالمي الأول ضمن فعاليات الدورة 48 من مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، بحضور المخرج علي الكلثمي، وبطلة الفيلم شهد الشمري.. كما كانت له مشاركة أخرى في فعاليات مهرجان زيورخ السينمائي، وعلّق مخرج العمل على مشاركة "مندوب الليل" في زيورخ السينمائي، من خلال منشور له عبْر حسابه على "إنستغرام"، جاء فيه: "وتستمر رحلة المندوب".

فيلم "مندوب الليل"، بطولة كلٍّ من: الفنان محمد الدوخي، محمد الطويان، سارة طيبة، وهاجر الشمري.. ومن إخراج علي الكلثمي.

 

موقع "سينماتوغراف" في

28.12.2023

 
 
 
 
 

الناقة/المرأة: الرحلة إلى الذات وتفكيك التقاليد

د. علي زعلة

تحت تأثير مخدّر غير مرئيّ وخفيّ عن المُشاهِد والكاميرا، تتصاعد أحداث فيلم ناقة للكاتب والمخرج مشعل الجاسر الذي عبّر العام الماضي في أحد الحوارات عن رغبته في تقديم أفلام واقعية – على حد تعبيره- وكان فيلم ناقة هو أول أفلام مشعل الطويلة في هذا الاتجاه الذي اقتحمه برغبة واعية لديه فيما يبدو.

لعل هذا الفيلم هو أكثر الإنتاجات السينمائية السعودية إثارة للجدل وتجاذبات الرأي الحادة –أحيانا- عبر القنوات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى درجة أدت بالمخرج أن ينشر تغريدة –هي أقرب للتهدئة أو للاعتذار غير الموفق في تقديري- يوضح فيها تقبله للآراء وسعيه لتقديم الأفضل في قادم التجارب!

المتابع لحالة التلقي الاجتماعي للأعمال الفنية في السعودية يتذكر جيدا ما مرت به حركة الشعر والأدب في مرحلة الثمانينات الميلادية من صراع حاد بين الحداثيين والمحافظين والصحويين، وما أثارته الرواية السعودية بأعمالها الجديدة في منتصف التسعينات وصولا إلى تسونامي الرواية – والرواية النسائية تحديدا- بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، من معارك ثقافية وحوارات اجتماعية عامة، ولعل حالة تلقي المسلسل الرائد (طاش ما طاش) شكلت قمة الاحتراب الجمعي حول عدد كبير من أطروحاته، وصلت إلى التحريم والتكفير ومحاولات التصفية!

كانت تلك الممارسات الجماهيرية المتوترة مفهومة ومبررة بمرحلتها التي نبتت فيها، ولكن حالة التلقي العنيف لفيلم ناقة لدى فئات مختلفة من شرائح المجتمع المثقف والعام، تثير دلالات عديدة، ليس أقلها أن التاريخ يعيد نفسه أحيانا، وأن قطبية القيم بين الانفتاح والتقبل في مقابل المحافظة والرفض وما بينهما من مستويات ودرجات هي نواميس كونية لن تزول أبدا، كل ما تفعله هو أنها تعيد إنتاج ذاتها وأدواتها وقنواتها بما يتناسب مع عصرها وتحولاتها الاجتماعية والثقافية، ويبدو أن الدور الآن على السينما وصناعها، في مواجهة ضغط مضاعف من جهة الجمهور المثقف فنيا وسينمائيا، ومن جهة الجمهور العام الذي ينحاز إلى محاكمة الفنون وفق أحكام القيمة الأخلاقية والتنميط النسقي السائد.

ليس من اليسير أن يخلق الفنان أسلوبه وبصمته الفنية الخاصة به، ويصعب على كثير من المبدعين ذلك، ولكن الكثير يتفق على أن مشعل الجاسر بدأ يشتغل أنموذجه الفني بطريقة تمثله هو وحده فقط منذ أعماله في اليوتيوب، وصولا إلى فيلمه الطويل الأول ناقة، فأسلوبه ولمساته الفنية الجرئية واضحة للجميع، وهذا في ذاته نجاح أوليّ يحسب للفنان العشريني المبدع، وهو نجاح يضعنا على حافة التطلع والفضول نراقب مسيرة مشعل بمتعة وإعجاب، وننتظر أعماله القادمة التي أرجو أن يواصل فيها اشتغاله الفني وخياراته التي لا تكترث لشيء سوى لصوت الفن وجمالياته واكتشاف مناطق جديدة دوما في الحكاية السعودية الغزيرة ونقلها إلى الشاشة الساحرة.

بالعودة إلى فيلم ناقة، نجده مغامرة سينمائية مميزة في بساطة قصتها –ظاهريا- وعمق تقديمها دلاليا وسينمائيا، حشدت تفاصيل كثيرة جدا أثقلت الفيلم وأرهقت المشاهد الذي سيفوّت حتمًا بعض التفاصيل في المشاهدة الأولى للفيلم، ولعل هذا المزلق مما يُلحظ كثيرا في الأعمال الفنية الأولى التي يُقبل عليها الفنان مثقلًا بالعديد من  الرؤى والأفكار؛ حيث يقوم الفيلم على استحضار ملامح المحافظة منذ مطلع الفيلم الذي يبدأ عام 1975م أي قبل مدة غير طويلة، بمشهد قتل ينجو منه طفل (أبو سارة) بإعاقة سمعية سببها التشدد الاجتماعي، وتظل سارة أسيرة لهذه الحكاية التي تصبغ سمعتها بين زميلات المدرسة اللائي يتناقلن حكايات عن أبيها العنيف وحكاية ولادته تلك، ولعل هذه الخلفية الاجتماعية المحافظة هي التي تدفع سارة إلى التمرد والبحث عن الذات عبر ممارسات التدخين والصداقات وتجربة المخدر الذي لم يشاهده أحد ولم يحدد نوعه أحد، فقط هو مخدِّر مندسّ في الشاي المشروب الشعبي الأشهر، ربما يكون المخدرُ نسقًا اجتماعيا، أو فكرة أيديولوجية، أو مركّبا داخليا فرديًّا أو جمعيًّا!

جاءت شخصية سارة عميقة جدا، وتم بناؤها والكشف عن سماتها عبر دورها الرئيس في وقائع الفيلم ومشاهده، في أداء مميز جدا للفنانة أضواء بدر، عكس قوة شخصية سارة، وقلة اكتراثها للعلاقات العاطفية كما يبدو، فسعد بالنسبة لها لم يكن سوى شريك تمرد غير موثوق تماما، بل هو رخمة و(بنت) كما وصفته سارة أحيانا، ولم تحمل المشاهد المشتركة بينهما أي إشارات عاطفية أو جسدية تؤطر العلاقة في إطار الحب. ولم تكن سارة تعلم بفكرة الذهاب للمخيم في البر، كل ما أرادته هو أن تجرب شيئا يخدرها ويخرجها من واقعها إلى عالم أكثر سلامًا وهدوءً. ويحقق لها شيئا من نزوعها إلى التمرد المسالم الذي لا يمسّ أحدا ولا يثير المتاعب لأحد! لكنها تورطت مع سعد في رحلة البر المحفوفة بكل تلك المواجهات والصراعات والمخاوف التي كانت تتوالى في الفيلم من غير وجهة محددة؛ خوف من سلطة الأب الذي لم يصدر عنه أي سلوك عنيف تجاه عائلته، سيارة شاص تلاحقهم وتشهر المسدس نحوهم دون أن تتضح هوية من بالسيارة.

تبدأ بعد شرب الشاي الملغوم آثار المخدر، وهي آثار غير واضحة المعالم، بين ضحك وهلوسة وهلع وجرأة، مما يعزز الضبابية التي تحيط بالمخدر ووجوده من الأساس! في بداية الفيلم يولد بشر وتولد ناقة، ولكن التماسّ المعنوي بين سارة والناقة لا يبدأ إلا عندما تصفها صديقتها القديمة بأنها حقودة ولا تغفر أو تنسى، ثم في مشهد قطيع الإبل الذي يظهر أمامهم فتقترب سارة من الناقة، تلمسها، تتحسسها بحذر، ثم تعانقها في مشهد حميم بين أنثى وناقة، يعكس عمقًا غامضا يجمع سارة والناقة في علاقة تبدو قديمة جدا وربما أزلية، علاقة ظهرت في البوستر بهيئة فتاة وسيقان ناقة! حيث يستحضر الفيلم كثيرا من مدوّنة الذاكرة الشعبية والخرافة، ابتداء بحكاية الإنسان الذي له أقدام حيوان، إلى مرويات حقد الإبل وعدم مسامحتها لمن يؤذيها، وبخاصة في إيذاء ولدها.

لعله الفيلم العربي الأول -فيما أعلم- الذي يعمد إلى توظيف رمزية الناقة بهذه الطريقة التي تستلهم قيمتها كحيوان رافق الإنسان منذ عصوره الأولى، ومن ثم الذهاب برمزية الناقة إلى مناطق أبعد في الثيمة الموضوعاتية والدلالة الثقافية والاجتماعية، حيث تمثل الناقة –من بين دلالاتها الكثيرة جدا- رمزا من رموز الثقافة المحافِظة المشوبة بممارسات التشدد والرفض والتضييق الدائم، وفي أحداث الفيلم تتحول علاقة سارة بالناقة التي بدت توافقية متقاربة في البداية، إلى صراع وتهديد وسعي للانتقام، بعد أن تعدت سارة –دون قصد- على الناقة وأزهقت روح وليدها، وكأن قيم المحافظة والتشدد لا تقبل من يحاول المساس بها وإنْ عن طريق الخطأ! ولكن سارة وعبر مسارات الفيلم أثبتت قوتها وإصرارها على تجاوز كل تلك العقبات الظاهرة والخفية، عقبات بداخلها الأنثوي المتعب، وعقبات في محيطها الاجتماعي الضاغط بشتى الصور والتهديدات.

جاء صراع سارة مع (الناقة) موازيا لأحداث مباراة مهمة للمنتخب الوطني، وكان حضور الحالة الرياضية معادلا موضوعيا للحالة الاجتماعية الجديدة وتحولاتها باتجاه الانفتاح، كانت سارة تصارع على الصعيد الشخصي ضد الهيمنة المتكرسة من حولها، والمنتخب يصارع لإحراز النصر، والجميع يتابع باندماج تام في حالة التحول الجمعية، حتى وإن اصطدم بالناقة وأصيب بكسور وجروح لكن المباراة ظلت مستمرة عبر شاشة الهاتف المحمول المهشم! في حين يختتم الفيلم بوصول سارة إلى أمانها بعد ركض طويل عبر الصحراء والليل وشوارع المدينة وصولا إلى السوق القديم المحترق بفعل إهمال المسؤولين عنه، لتعود إلى حضن والدها الذي يمثل الخوف والسلطة والأمان في ذات الوقت! تزامن وصول سارة وانتصارها في صراعها مع انتصار المنتخب، واحتفال الشباب على طريقتهم بالفوز في إشارة واضحة إلى أن الوجهة الجديدة معاكسة تماما لمرحلة السبعينات بكل حمولاتها، وأن جيل الشباب لديه ما يقوله في هذه المرحلة، وسيقوله وينفذه وفق قيمه ورؤاه وبأدواته وعلى طريقته الخاصة!

يطول الحديث كثيرا علن فيلم ناقة، فقد حفل بكثير من الإمتاع والإبداع على مستوى الحكاية والخطاب الفيلمي، إذ جاءت حركة الكاميرا المتباينة مستجيبة تماما لمركز الرؤية السردية المنطلقة من زاوية نظر متأثرة بالمخدر ومشوشة بالأنساق الاجتماعية المشتبكة، وكان ستار الليل اختيارا فنيا ودلاليا ناجحا جدا، كما قدم الفيلم عينات مرجعية لشخصيات من هامش المجتمع وأطرافه -بالإضافة إلى الشخصيات المركزية- ظهرت في المخيم وسيارات الآيسكريم وتأجير الدبابات وممارسات الدرباوية ومخيم المطاوعة القديم…إلخ. كما لا يمكن أن نتجاوز الموسيقا التصويرية التي شكلت رافدا رئيسا بين عناصر الفيلم المميزة، والتلاعب بالزمن السينمائي في عرض مشاهد استباقية أو استرجاعية، وعرض متكرر لمرور الزمن المرجعي في مقابل زمن الخطاب المتكسر.

أعتقد أن فيلم ناقة واحد من أهم إنتاجات السينما السعودية على الإطلاق، وأنه عمل سينمائي مفصلي سيدخل تاريخ السينما ويمكث طويلا.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

30.12.2023

 
 
 
 
 

الاضطراب كأسلوب واقعي في «مندوب الليل»

سلطان القثامي

في «مندوب الليل» لعلي الكلثمي، يعمل «فهد»، الشخصية الرئيسة في الفيلم، كمندوب لتوصيل طلبات الطعام. يحاول الفيلم من خلال هذا التوظيف إنتاج دلالات متعددة لمصطلح مندوب، وجميعها تقودنا إلى تصور سلبي عن فكرة العمل في هذا المجال. بدأ الفيلم بلقطة خلفية، نرى العالم خلالها، وكأن فهدًا هو عين الكاميرا التي نبصر بها الواقع اليومي.

من منظور المندوب، هي تجربة للثبات الأخلاقي في خضم الجشع والمنافسة وقلة المؤهلات وشح المادة. ارتكب فهد مغالطات كثيرة -مثل بيع الكحول وتخيلاته الذكورية حول زميلته في العمل – لكن في الوقت نفسه هو شاب يعول أسرته، فيهتم بوالده المريض وأخته المنفصلة وطفلتها، ويحب عائلته ويحافظ على تواصله الدائم معهم، ويقوم بمسؤولياته قدر الإمكان تجاه أفراد العائلة. كما أنه ما زال محافظًا على عاداته القديمة بتوصيله الطعام لجارتهم في الحي دون مقابل، وهي عادة اجتماعية قديمة تعكس دفء الثقافة، لكنها تزول بالتدريج مع سيطرة النزعة الفردانية على الجيل الحديث من الشباب.

وفهد شخصية لا يمكن تخيلها فقط، بل عيشها بتفاصيلها الدقيقة؛ لأنها قريبة من الواقع الذي نراه اليوم. عقب طرده من العمل ثم عمله كمندوب، خاض فهد، تحت الضغوط اليومية القاسية، مغامرة خطيرة في بيع الكحول الممنوعة نظامًا في السعودية، تمامًا كما يضطر الكثير من محدودي الدخل إلى ممارسة اقتصاد الظل، لزيادة دخلهم وحل مشاكلهم المادية. بين الإحباط والحلم بالاستقرار، تنمو الشخصيات المعتلة نفسيًا، وهو ليست بشخصيات غريبة أو أجنبية عنا، بل طبيعية وتشغل جزءًا كبيرًا من تعاملاتنا اليومية.

فالأشخاص عرضة للاضطرابات النفسية عندما يصطدم ما بداخلهم من رغبات مع الواقع الجدب. إذا سلّمنا بأن على فهد الانخراط في المجتمع الجديد الذي لا تربطه به أية صلة، ولا يشارك أفراده أي اهتمام، فنحن نؤكد أن عليه أن يكون مضطربًا نفسيًا للعيش في المجتمع المادي الذي لا يريده، وهنا في نظري نقطة قوة الفيلم من ناحية القصة. لكن هل يكفي هذا التفسير السيكولوجي الاجتماعي لفهم الواقع؟ في نظري لا يمكن أن نسطّح المعاناة ونكتفي بحتمية الظروف المعيشية الصعبة لبطل الفيلم. تحتاج الشخصية هنا إلى استجوابات كثيرة، من خلال الحوار، يمكن بها فهم الفلسفة التي ارتكز عليها الفيلم في تصويره لشخص انتهك النظام للهروب من فقره.

لا ندري إن كانت الشخصية الرئيسة قد مرت بتجارب صعبة في الماضي قادتها إلى المبالغة في ردات الفعل، مثل العنف في العمل، وبالتحديد عندما قام فهد بضرب مديره بطفاية الحريق. لكن لا تخدش هذه التساؤلات واقعية العمل ونقاشاته المبطنة حول أخلاقياتنا وصراعاتنا الطبقية، وكذلك نزاعاتها الفردية إبّان التحولات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية المصاحبة لها في مدينة الرياض بالتحديد.

قضية النص هنا، هي مسألة جوهرية حول افتقاده العمق في تصويره لمشاكلنا الاجتماعية. إذ اكتفى الفلم بتصوير نزعة الشخصيات في التماهي مع المعاناة دون الرغبة في تغييرها، فتبدو الشخصيات غير فاعلة وسلبية جدًا في معالجة الواقع، كما لو كنا نعاني ونضحك على واقعنا دون حلول.

ربما علينا أن نتقبل أن الواقع غير قابل للحل في أحيان كثيرة كما يعكس الفيلم. لكن من ناحية التموضع السينمائي، أجاد الفيلم في كثير من لقطاته. وكونه فيلمًا واقعيًا، لا بد عليه التقنين في شكلياته. أحد المشاهد المنطقية في الفيلم، على سبيل المثال، كانت لقطة وقوف فهد في الشارع تحت أحد أعمدة الإنارة. أراد المخرج هنا استخدام إنارة العمود للتركيز على شخصيته دون الحاجة لمؤثرات أخرى، فنرى فهدًا وكل ما حوله مظلم؛ لأنه الحدث الرئيسي في هذا المشهد.

وكون الفيلم دراميًا يغلب عليه النسق البطيء تكمن إثارته في ردات فعل الشخصيات بعيدًا عما تحمله الحبكة من مفاجآت. وهذا النوع من الأفلام الواقعية لا تكترث كثيرًا بالتشويق بقدر التركيز على تناسق الأحداث ومنطقيتها. يمكنني القول إن تجربة فيلم «مندوب الليل» متقدمة في أسلوبها السينمائي مقارنة بالأفلام السعودية الحديثة، لكن الواقع الحالي المعقد لا يمكن معالجته دون هيكلة سينمائية معقدة في البنية والشكل.

 

####

 

«الهامور ح.ع».. توظيف الحلم وثراء الفيلم!

محمد سيد ريان

شاب يحقق ثروة كبيرة في وقت قصير وبمجهود قليل ثم هبوط مفاجئ وانهيار سريع؛ بين النهاية والبداية تنطلق الخيوط الرئيسية للفيلم السعودي «الهامور ح.ع» في مواجهة حتمية بين الحلم غير المشروع والواقع الذي ينحاز في النهاية لمقولة «لا يصح إلا الصحيح».

يحتاج هذا العمل للمشاهدة مرات عديدة، ففي كل مرة ستكتشف زوايا مختلفة من إبداع مخرج واجتهاد ممثلين للخروج به بهذا الشكل المتميز، وتبدو ملامسته للواقع واضحة في طرح قضية الشباب الذي يسعى للثراء السريع من خلال شخصية حامد «فهد القحطاني» الذي يبدأ من الصفر ويسعى للحصول على الأموال بأي طريقة، ولا ترضيه الوظائف التقليدية التي تناسب مؤهلاته كحارس أمن أو موظف بشركة اتصالات، فيقرر أن يلجأ لأعمال السمسرة من خلال بيع بطاقات الشحن، ثم تزداد طموحاته باللعب على أوتار أحلام الناس واستثمار أطماعهم وبيع الأوهام ليخسر الجميع في النهاية.

والحقيقة أن ظاهرة «الهامور» وهذا هو الاسم السعودي لها، ليست جديدة، فقد شهدتها العديد من الدول منذ فترة بعيدة، حيث عرفت مصر بالثمانينيات شركات توظيف الأموال المتعددة بشعارات دينية ثم بالنصب من خلال «المستريح»، وتعود فكرة هذا الموضوع عالميًا إلى ما يسمى «خدعة بونزي» نسبة للمحتال الأميركي تشارلز بونزي الذي قام في عام 1920 بنفس الأمر من خلال خداع الناس بأرباح طائلة كان يدفعها من أموال المودعين الجدد لتزداد الأطماع ضمن ما يسمى بالنصب «الهرمي»، وهو نفس مع ما فعله بطل الفيلم باستغلال مجموعات عديدة واستقطاب وسطاء بالعمولة.

يبدو المنعطف الأساسي للفيلم بعد انتهاء الساعة الأولى للمشاهدة مع بداية تعرفه على جيهان «فاطمة البنوي» الفتاة الجميلة الأكثر انفتاحًا والتي تثير لديه أكبر التناقضات والتحديات بتضحيته بزوجته الأولى، ثم بزواجه منها في فرح أسطوري على أنغام أغنية صابر الرباعي «أتحدى العالم»! بينما تتعارض سلوكياتها مع أفكاره المعتادة، وهو ما يظل مشكلة تراكمية بينهما تنتهي بتخليها عنه بعد سقوطه وانتهاء نفوذه المالي.

كما يظهر التناقض أيضًا في شخصية حامد عند محاولته الحفاظ على علاقته الطيبة بوالدته مع تنفيذ رغباته، وهو ما يفشل فيه فيضاعف من أزماته النفسية.

معالجة السيناريو كانت متميزة للقصة، فلم تسقط في الفخ التقليدي، فهي لا تظهر حامدًا «البطل الأساسي» بوصفه المسؤول الوحيد عن الجريمة ومكمن الشر، بل توضح أن الطمع موجود لدى الكثيرين، ولكن يحتاجون من يحركهم، وهو ما يظهر في سلوكيات الشركاء «سليمان – راكان – أبو عزة – أبو محمد» بجلسات اللهو والمخدرات، وهم أول من تخلوا عنه بعد ذلك بعد انقضاء المصلحة، كما أن سلوكيات الناس وسعيها للمكسب السريع سهل كثيرًا من مهمته، وهو ما يدينه الفيلم في مشهد إلقاء الأموال عليه مع وضع ورقة باسم المساهم دون أخذ أي ضمانات.

زمن الفيلم كان متوازنًا مع أحداثه فتظهر الساعة الأولى أحلام الثراء، بينما ترصد الساعة الثانية تبعات السقوط، كما أن اللغة تبدو بسيطة أللهم إلا في بعض المصطلحات المرتبطة باللهجة، وربما كان هذا من العوامل التي سهلت كثيرًا طرحه تجاريًا كأول عمل سينمائي سعودي يعرض بمصر، وتظل رسالة الفيلم متجددة خاصة ونحن ما زلنا نواجه «هوامير» أخرى تحت مسميات عديدة وبأساليب أكثر حداثة مثل:«التسويق الشبكي»، أو استغلال «الهندسة الاجتماعية» في عمليات النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

####

 

«2023» عام توهج السينما السعودية.. أفلام ناجحة وفعاليات استثنائية

سوليوود «خاص»

توهجت صناعة السينما السعودية في عام 2023؛ إذ شهدت حالة من الحراك اللافت من خلال تنظيم المهرجانات والمنتديات والفعاليات النوعية التي عقدت بالمملكة على مدار العام، وعكست بشكل لافت تطور ونمو الصناعة السينمائية عامًا بعد آخر؛ وكان من بينها: «مهرجان الأفلام السعودي»، و«مؤتمر النقد السينمائي»، ومؤخرًا «مهرجان البحر الأحمر السينمائي».

إضافة إلى الاهتمام بعقد ورش العمل واللقاءات الحضورية والافتراضية المتخصصة، وصدور العديد من الإصدارات الرقمية والأوراق البحثية، التي تستهدف المساهمة في تحديد أبرز التحديات والفرص في الصناعة، وتزويد المهتمين والمختصين بها، وفقًا لرؤية المملكة 2030. بجانب جهود المؤسسات السينمائية لجذب الأفلام الهوليودية للتصوير بالمملكة، من خلال توفير كل التسهيلات اللوجستية الداعمة للإنتاج السينمائي؛ ووقّعت بالفعل «فيلم العُلا»، اتفاقيات لتصوير أفلام عالمية في محافظة العُلا.

كما تم إنتاج باقة متنوعة من حيث الكم والمحتوى من أفلام الدراما والكوميديا والرعب السعودية، التي كان لها صدى مؤثر في المشهد السينمائي المحلي والعالمي؛ إذ تجاوز حجم إيرادات صالات السينما السعودية 888 مليون ريال، ووصل عدد دور العرض إلى 65 دار سينما هذا العام.

ونافس أكثر من فيلم سعودي على إيرادات شباك التذاكر مع الأفلام العالمية، وتصدرت الإنتاجات السعودية مشاهدات المنصات الرقمية، وجعلها هذا التأثير والنجاح حاضرة في المحافل العالمية؛ إذ تم اختيار أفلام سعودية منوعة للمشاركة في مهرجانات دولية، تصدرها «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي»، الذي شهد عرض عدد من الأفلام، منها: «مندوب الليل»، و«هجان»، و«ناقة».

«مهرجان أفلام السعودية»

عُقد في مطلع شهر مايو الماضي «مهرجان أفلام السعودية»، بتنظيم من جمعية السينما السعودية، وبدعمٍ من هيئة الأفلام، وتنافس في هذه الدورة 52 عملًا سينمائيًا على جوائز المسابقات، وعرض أكثر من 70 فيلمًا، ضمن 48 مجموعة عرض و4 مجموعات للأطفال، كان من بينها فيلم الافتتاح «سليق» للمخرجة السعودية أفنان باويان، وهو فيلم من نوعية «ستوب موشن أنيميشن».

كما تم عرض أكثر من عمل بتجربة الواقع الافتراضي لأول مرة خلال المهرجان، إضافة إلى 24 عرضًا موازيًا للقاءات والندوات الفنية والثقافية المتنوعة التي استهدفت تبادل الخبرات المحلية والدولية لصناع السينما والشغوفين بالمجال. ووفّر المهرجان منصة لشركات الإنتاج، والمنتجين، وصناع الأفلام، لتمكين مشاريعهم في سوق الإنتاج.

وتوّج المهرجان أكثر من عمل سينمائي بجوائز الأفلام القصيرة والطويلة والوثائقية في ختام دورته هذا العام، وكان منها فيلم «مسافات طويلة» الذي نال جائزة النخلة الذهبية للفيلم الخليجي الوثائقي، فيما حصد جائزة جبل طويق لأفضل مدينة سعودية فيلم «العرضة النجدية»، وفاز فيلم «عبد» السعودي بجائزة النخلة الذهبية لأفضل سيناريو منفذ، وحصل «أغنية الغراب» على جائزتين: النخلة الذهبية لأفضل تصوير سينمائي، وجائزة لجنة التحكيم.

«منتدى الأفلام السعودي»

دشنت النسخة الأولى من «منتدى الأفلام السعودي»، وافتتحه نائب وزير الثقافة حامد بن محمد فايز، في مدينة الرياض، برعاية سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة. وبحضور نخبة من صانعي الأفلام العرب والعالميين، وعدد من المخرجين والمنتجين والمستثمرين والممثلين الوطنيين والإقليميين والعالميين. وضم أكثر من 100 خبير وشخصية عالمية في مجال صناعة الأفلام. وعقد خلاله العديد من ورش العمل والدورات التدريبية التي اهتمت بأحدث المواضيع والتقنيات التي تدعم صناعة السينما وعملياتها. كما شهد عروضًا للمنتجات والمشاريع والابتكارات الخاصة بصناعة الأفلام في المملكة والعالم.

وسلّط المنتدى كذلك الضوء على الدور الاقتصادي المتنامي للقطاع السينمائي في جميع أنحاء المملكة، وركّز على جذب نخبة من صناع الأفلام والمنتجين العالميين لتعزيز تبادل المعرفة والخبرات مع نظرائهم السعوديين.

«مؤتمر النقد السينمائي»

خلال العام ذاته، نظّمت هيئة الأفلام، بالشراكة الإعلامية مع موقع «سوليوود» السينمائي، «مؤتمر النقد السينمائي» خلال الفترة من 7 إلى 14 نوفمبر الماضي، وجاء تحت شعار «ما وراء الإطار»، واستهدف تسهيل الفرص وتوفير القدرات لخدمة الصناعة، واستقطاب الشراكات الواعدة. وتضمن العديد من الدورات الاحترافية والجلسات الحوارية بين النقاد المتخصصين، والأدباء، وهواة السينما ومحبيها.

وركّز المؤتمر على الوعي النقدي واستهدف تشجيع المبدعين على تطوير أعمالهم، مع المساهمة في بناء جسر تواصل بين صناع السينما والجمهور. كما شهد مشاركة المعارض الفنية وتركيبات الأفلام، التي ضمت عروض مقتطفات وصور من الأفلام العربية والعالمية. وضم الملتقى سينمائيين قدموا من نحو 22 دولة من حول العالم، في تنوع ثري وكبير، منهم: المخرج المصري يسري نصر الله، والمخرجة والباحثة السينمائية مريم العجراوي، وبثينة كاظم مؤسسة سينما عقيل، والكاتبة المصرية جيهان الطاهري وأستاذ دراسات الشرق الأوسط بكلية دارتموث، وطارق العريس، وحمادي كيروم أستاذ إستطيقيا السينما بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، والناقدان السعوديان فراس الماضي وطارق الخواجي، والناقد الكولومبي ريتشارد بينيا.

وتخلل كل هذه الفعاليات عرض مجموعة مميزة من الأفلام السينمائية من مختلف أنحاء العالمية مع تحليل فني ونقدي لها بمشاركة وتفاعل الجمهور، ومنها: «طريق الوادي» و«ميكرفون»، و«Barbie»، و«من يحرقن الليل»، بجانب تقديم باقة منوعة من برامج الطفل التي اشتملت على ورش عمل تدريبية وتفاعلية تُقدم بقالبٍ ترفيهي للأطفال. وكان قد سبق تنظيم النسخة الأولى من مؤتمر النقد السينمائي، خمسة ملتقيات متخصصة، جابت معظم مدن المملكة ومنها: جدة والرياض، وأبها، وتبوك، واستهدفت تسليط الضوء على التجربة السينمائية السعودية.

«مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»

تحت شعار «قصتك.. بمهرجانك» عُقدت الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في الفترة من 30 نوفمبر إلى 9 ديسمبر، بمدينة جدة بمشاركة 130 فيلمًا من 77 دولة بـ47 لغة، بينها 35 فيلمًا «عرض أول» على مستوى العالم، و60 فيلمًا «عرض أول» على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا في «أسبوع من العبقرية السينمائية»، منها 36 فيلمًا طويلاً وقصيرًا من المملكة؛ حيث وصل عدد الأفلام الطويلة السعودية إلى 7 أفلام: وهي «هجان، وناقة، وأمس بعد بكرة، وأحلام العصر، ومندوب الليل، ونورة»، وافتتح المهرجان بالعرض العالمي الأول لفيلم الفانتازيا «حوجن» للمخرج ياسر الياسري.

وشهد المهرجان حضورًا ضخمًا لنجوم الفن والسينما من مختلف أنحاء العالم، ومنهم: ويل سميث، وجوني ديب، وكاترين دينوف، وشارون ستون، وصوفيا فيرغارا، وبوراك أوزجيفيت، ونبيلة عبيد، ويسرا، وليلى علوي، وكاريس بشار، وكارمن بصيص، ونادين نجيم، وجمال سنان، وقصي خولي. وكرَّم المهرجان مجموعة من السينمائيين منهم: الفنان السعودي عبدالله السدحان.

واختتم المهرجان بالعرض الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لفيلم «فيراري»، وهو فيلم السيرة الذاتية المرشح لجائزة الأوسكار، للمخرج مايكل مان، ومن بطولة كل من: آدم درايفر، وبينيلوبي كروز، مع عرض خاص لفيلم «الصبي ومالك الحزين» لهاياو ميازاكي.

«العُلا» وجهة دولية لصناعة الأفلام

في سياق جهود المملكة لجذب الأفلام السعودية والعالمية للتصوير في المحافظة، تم توفير كل التسهيلات اللوجستية الداعمة للإنتاج السينمائي، ومنها تأسيس فريق من خبراء الأفلام في العُلا للمساعدة في تسهيل الإنتاج للأفلام العالمية، والتوجه لبناء نظام بيئي مناسب لصناعة الأفلام في العُلا، إضافة إلى حوافز أخرى جاذبة، مثل: إصدار التأشيرات لطواقم الأفلام، وتأمين خدمات النقل البري والجوي، والإقامة بين الرياض والعُلا، ومنح التصاريح اللازمة.

كما وقعت «فيلم العُلا» التابعة للهيئة الملكية لمحافظة العُلا، اتفاقية لتصوير أفلام هوليودية في محافظة العُلا، وخلال العام حققت أفلام عالمية تم تصويرها بالمحافظة نجاحًا كبيرًا، ومنها: «Cherry» للأخوين روسو؛ إذ تم تصوير أجزاء منه في محافظة العُلا والعاصمة الرياض، في تجربة تُعد الأولى لتصوير فيلم من إنتاج هوليوود داخل المملكة. وفي مطلع شهر يناير 2023 الماضي، أعلن فيلم العُلا التعاون مع معهد «كريتيف ميديا سكيلز» لاستضافة مخيّم إبداعي يستمر 10 أيام، ويشرف عليه نخبة من محترفي وخبراء صناعة السينما، وذلك بهدف تدريب الجيل الجديد من المواهب السينمائية السعودية.

وزير الثقافة يطمئن السينمائيين

برز خلال العام الحالي 2023 اهتمام عالي المستوى من الجهات المعنية وعلى رأسها صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، بالارتقاء بقطاع السينما والأفلام في المملكة، وتمثل هذا الاهتمام في حوار وزير الثقافة الذي خص به موقع «سوليوود» السينمائي خلال شهر يوليو الماضي، وسلّط من خلاله الضوء على سرعة وتيرة التغيير في قطاع صناعة الأفلام بعد الإعلان رسميًا عن التصريح لفتح دور للعرض السينمائي بالمملكة، التي أضحت إيراداتها من شباك التذاكر، الأسرع نموًا في الشرق الأوسط؛ مشيرًا إلى أن السعوديين هم الأقدر على حكاية قصتهم. ولاقى هذا الحوار قبولًا بين السينمائيين في المملكة، ونال اهتمامًا كبيرًا في وسائل الإعلام السعودية.

وتحدث سمو وزير الثقافة خلال حواره مع «سوليوود» عن الدعم غير المسبوق للقطاع، والمبادرات النوعية، والمقومات الثقافية والاقتصادية والطبيعية للمملكة، التي ستسهم في جذب العديد من المشاريع السينمائية؛ بالإضافة إلى البنية التحتية للصناعة، التي تطورت بشكل سريع، وكذلك وجود برنامج منافس لحوافز الاسترداد المالي، بالإضافة إلى حضور صناعة الأفلام السعودية في المحافل السينمائية الإقليمية والعالمية، عبر المشاركات الرسمية، لتعويض الغياب الذي ظل لعقود.

فعاليات نوعية متخصصة

في إطار دعم وتطوير صناعة السينما بالمملكة عقدت «هيئة الأفلام» بالشراكة مع موقع «سوليوود» السينمائي ما يقرب من 20 ورشة ولقاء حضوري مُنذ مطلع عام 2023، سلّطت الضوء خلالها على واقع ومستقبل الصناعة السينمائية، ومنها أنظمة الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في إعداد الأفلام، والتحديات والفرص التي تواجه السينمائيين والمتخصصين في سوق الإنتاج الفني، وتحليل دقيق لأبرز اتجاهات الأفلام وسبل المنافسة العالمية، وكان منها: ورشة عمل «الذكاء الاصطناعي في صناعة الفيلم»، و«الكتابة السينمائية في السعودية.. التحديات وسبل المعالجة»، و«تحليل اتجاهات الأفلام السعودية».

إصدارات رقمية متخصصة

صدر كذلك خلال العام الحالي 12 إصدارًا رقميًا ضمن سلسلة من الإصدارات الرقمية المتخصصة التي أعدها موقع «سوليوود» السينمائي، مستهدفًا تطوير صناعة السينما السعودية، ومنها إصدار بعنوان: «سينما الطفل السعودية.. ملامح البدايات»، وعدد آخر بعنوان: «مدخل إلى التقنيات الحديثة في صناعة السينما»، و«دليل صالات السينما السعودية»، و«المرأة السعودية في صناعة السينما».

حضور بارز في «مهرجان كان»

برز دور المملكة في مهرجان كان السينمائي في دورته الـ74، خلال هذا العام؛ إذ شاركت جهات حكومية وقطاع خاص وشركات سعودية متخصصة في مجال صنع الأفلام، منها: هيئة الأفلام، ووزارة الاستثمار، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، من خلال تنظيم ندوات ولقاءات متخصصة استهدفت فتح نوافذ التواصل بين صناع الأفلام والمستثمرين السعوديين ونظرائهم في العالم المشاركين في المهرجان.

دراسات وأوراق بحثية

شهد عام 2023 أيضًا مجموعة من الدراسات البحثية التي أعدها خبراء متخصصون من مركز «سمت» للدراسات، والتي كان لها دور جلي في إمداد صناع القرار والجهات المعنية بالمجال الفني والثقافي بالمعلومات الموثوقة من خلال أبحاث عميقة استهدفت توضيح سبل وضع الإنتاجات السعودية على الخريطة العالمية للسينما، في إطار رؤية المملكة 2030، خاصة مهرجانات الأفلام المرموقة مثل: «مهرجان كان، وصندانس، والبندقية، وتورونتو»، ومنها: ورقة بحثية للدكتور مصعب بن عمير العمري، الأستاذ المساعد بجامعة سعود، والمتخصص في الفيلم والإخراج السينمائي وجاءت بعنوان: «الفيلم السعودي في المحافل الدولية»، وأخرى حملت عنوان: «المبادرات العامة والخاصة في مجال صناعة السينما في المملكة العربية السعودية»، أعدها المحاضر الجامعي المتخصص الدكتور نوف عبدالله الحمدان.

إيرادات مُذهلة

منذ بداية عام 2023 أثبتت السينما السعودية تميزها وتطورها؛ إذ تم إنتاج 9 أفلام سعودية طرحت بصالات السينما هذا العام، وأخرى اقتصر عرضها على المنصات الإلكترونية. كما تم عرض 432 فيلمًا في دور السينما السعودية، جاءت من مختلف دول العالم، في حين تجاوز حجم إيرادات صالات السينما السعودية 236.8 مليون دولار، ووصل عدد صالات السينما بالمملكة إلى 65 دار سينما، موزعة على 22 مدينة سعودية، بـ608 شاشات، لستة مشغلين، وبمجموع 62.074 مقعدًا؛ وفقًا لإحصائيات الهيئة العامة لتنظيم الإعلام.

أفلام مميزة

نجحت الأفلام السعودية هذا العام في جذب الجمهور بشكل كبير إليها، بجانب حصولها على العديد من الإشادات النقدية المحلية والعالمية؛ إذ نال فيلم «سطار»، العديد من الإشادات وحقق أرقامًا قياسية في تاريخ الإيرادات في شباك التذاكر السعودي خلال عام 2023، على الرغم من طرحه في شهر ديسمبر 2022، بالإضافة إلى عرض أفلام «الهامور ح.ع»، و«عياض في الرياض»، و«أغنية الغراب»، و«ملك الحلبة»، و«طريق الوادي»، و«تشيلو»، و«عبد»، وحاليًا يُعرض «مندوب الليل»، بخلاف أفلام المنصات مثل «الخلاط +» و«الخطابة»، وأخيرًا «ناقة».

«الهامور ح.ع»

احتل المركز الثالث في قائمة الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات في فترة عرضه في شهر يناير الماضي، وحظي بإقبال جماهيري كبير؛ إذ باع الفيلم ما يقارب 200 ألف تذكرة بقيمة إيرادات بلغت نحو مليون و205 آلاف دولار أميركي.

وتمكن الفيلم السعودي فور عرضه على منصة «نتفليكس»، من تصدر قائمة الأفلام الأعلى مشاهدة. وهو أول فيلم سعودي يُعرض تجاريًا في مصر. وأحداثه مستوحاة من قصة حقيقية عُرفت مع بداية الألفية الثالثة، باسم «هامور سوا»، وهو من إخراج: عبدالإله القرشي.

«عياض في الرياض»

نجح في جذب الجماهير حين تم طرحه بدور العرض، واحتل الفيلم الدرامي والكوميدي المرتبة الثالثة في منصة «نتفليكس»، في دول الخليج، وخصوصًا في السعودية، وهو من بطولة: محمد العيسى، وعلي الدويان، وعوض عبدالله، وإخراج الإماراتي راكان.

«أغنية الغراب»

حقق الفيلم إيرادات مرتفعة، واختير لتمثيل المملكة رسميًا في مسابقة الأوسكار المقبلة عن فئة أفضل فيلم دولي، بالإضافة إلى حصده 3 جوائز في مهرجان أفلام السعودية بدورته التاسعة، وهو من إخراج: محمد السلمان.

«ملك الحلبة»

طرح فيلم الدراما والتشويق في دور السينما مع بداية شهر يونيو 2023. وحظي بإعجاب وحضور متميز من قبل الجمهور، وهو من إخراج: محمد سعيد حارب.

«طريق الوادي»

استمر عرضه في صالات السينما لأكثر من أسبوع بسبب نجاحه جماهيريًا، وذلك بعد عرضه في عدة مهرجانات سينمائية، منها: مهرجان مالمو السينمائي، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. وحصد جائزة النخلة الذهبية لأفضل ممثلة من مهرجان أفلام السعودية بدورته التاسعة. واستمر في صالات العرض لأكثر من أسبوع، وهو من إخراج: خالد فهد.

«تشيلو»

حقق فيلم الرعب أرقامًا قياسية من حيث مبيعات تذاكر افتتاحية الفيلم، إذ تجاوز إيرادات أول أيام عرضه حاجز 53 ألف ريال، وهو من تأليف: المُستشار تركي آل الشيخ. كما أنه أول فيلم عربي في التاريخ يُعرض في أكثر من 1000 شاشة في صالات السينما في الولايات المتحدة الأميركية.

«عبد»

طرح الفيلم السعودي في صالات السينما في 26 أكتوبر الماضي، ونال إعجاب الجماهير وحقق إيرادات جيدة. كما نال جائزة النخلة الذهبية لأفضل فيلم طويل في الدورة التاسعة من مهرجان أفلام السعودي، وهو من إخراج: منصور أسد.

«مندوب الليل»

اكتسح العمل شباك التذاكر السعودي، في أول أسبوع عرض له، وحقق أعلى افتتاحية لعمل سينمائي سعودي في السنوات الماضية بقيمة 1.58 مليون دولار أميركي لـ114.3 ألف تذكرة مباعة. وشهد مهرجان تورنتو عرضه العالمي الأول، وتم عرضه بمهرجان البحر الأحمر في دورته الثالثة، وهو من تأليف وإخراج: علي الكلثمي.

«الخلاط

عُرض الفيلم على منصة «نتفليكس» في يناير 2023، ونجح في دخول قائمة التوب 10 عالميًا، على المنصة العالمية خلال الأسبوع الأول من عرضه على المنصة؛ إذ وصلت نسبة مشاهدات الفيلم خلال هذه الفترة إلى مليون و570 ألف ساعة مشاهدة.

ويعد «الخلاط+» أول فيلم سعودي تنتجه «نتفليكس»، وهو مأخوذ عن مسلسل «الخلاط» الذي عُرض على موقع «يوتيوب» قبل 3 سنوات، والذي حصد أكثر من 1.5 مليار مشاهدة على موقع «يوتيوب» على مدى 22 حلقة.

«الخطابة»

عرض فيلم «الخطابة» في شهر أبريل الماضي لأول مرة على منصة «نتفليكس»، وهو من الأعمال السينمائية التي تم تصويرها بالكامل في مدينة العُلا. وتدور قصة الفيلم في إطار رعب نفسي حول حسام الموظف الذي يقع في حب فتاة، ويتبعها إلى منتجع صحراوي، لتنقلب أفكاره بعدما يلتقي بالخطابة التي تجعله يشاهد العديد من القصص من أزمنة قديمة. الفيلم شارك في بطولته كل من: حسام الحارثي، وريم الحبيب، ونور الخضراء، والعمل من إخراج: عبدالمحسن الضبعان.

«راس براس»

بدأ عرض فيلم الكوميديا على منصة نتفليكس في أغسطس الماضي. في إطار كوميدي تشويقي، ينقل السائق درويش عن طريق الخطأ أكبر مجرم متقاعد من المطار ويتم مطاردته من قبل عصابة المجرم، ويبدأ بعدها كل من درويش، وفياض الرئيس التنفيذي الجديد لشركة التاكسي في مهمة تضليل العصابة وإيهامها بأن الرجل العجوز لا يزال على قيد الحياة، الأمر الذي يؤدي إلى سلسلة مغامرات غير متوقعة.

«ناقة»

انطلق عرض الفيلم على منصة «نتفليكس» يوم 7 ديسمبر الجاري، وأثار فيلم الدراما والتشويق السعودي، موجة من الجدل بالوسط الفني عقب عرضه عبر المنصة؛ إذ تباينت الآراء حول العمل ما بين مؤيد ومعارض لحبكته ورؤية كاتبه ومخرجه «مشعل الجاسر»؛ فالبعض يرى أنها قصة ترفيهية ودرامية جيدة، فيما يرى الفريق الآخر أن صناع العمل والدعاية التشويقية له وضعوه في قوالب لا تناسبه، ويرون أنه قصته كانت لا تتعدى فيلمًا قصيرًا.

 

موقع "سوليوود" في

30.12.2023

 
 
 
 
 

"إخفاء صدّام".. أيام الديكتاتور الأخيرة

محمد صبحي

شهدت الدورة الأخيرة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، العرض العالمي الأول للفيلم الوثائقي "إخفاء صدّام" للمخرج هالكوت مصطفى، الذي يوثق قصة اختباء الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لمدة 235 يوماً، بعد غزو العراق العام 2003، من خلال لقاء مع علاء نامق، الرجل الذي خبأ صدام في مزرعته بمنطقة الدورة. أثار الفيلم جدلاً وتعرّض لانتقادات واتّهامات بـ"تجميل صورة" صدّام.

في العام 2003، بعد عامين من الهجوم على البرجين التوأم في نيويورك (11 أيلول/سبتمبر)، أصبح صدام حسين أكثر الرجال المطلوبين على هذا الكوكب. وكان 150 ألف جندي أميركي في إثره بطول بلاده التي سيطر عليها لسنوات بطريقة شمولية. أباد الأكراد، وقتل المعارضين، وهبّ ودبّ كما يشاء، وبشكل عام، أساء معاملة سكانه، الذين أغرقهم في الفقر بينما كان يعيش كسلطان. ولكن عندما قررت إدارة جورج بوش الإبن ملاحقته ككبش فداء (وفي سبيل النفط بالأساس)، كان ذلك في سياق عالم ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، بحجة لم تثبت قط أنه في بلده الصغير كان يخفي ترسانة من أسلحة الدمار الشامل، وتبنّى جزء كبير من العراقيين موقفاً قومياً مفهوماً حول تلك الشخصية، وهو موقف مثير للجدل ربما، ومكروه لدى الكثيرين، لكنه في النهاية موقفهم.

كان هذا بالتأكيد حال علاء نامق، وهو مُزارع متواضع من منطقة الدورة، علّمه والده منذ صغره صيد الأسماك وتربية الماشية، وقبل كل شيء، الصيد. بطريقة ما، التقى مسار الرجلين. صدّام، خلال سعيه للهروب بعد إطاحته كرئيس لبلاده، اكتشف أمر المزارع، ومن خلال شقيق علاء، انتهى به الأمر فجأة أمام باب بيته ذات يوم. حينها طلب منه - ليس بطريقة الأمر شبه الإلهي المعتادة، وإنما كغريق يتعلّق بقشّة منجية - مساعدته على الاختباء وحمايته. وكما لو كان في مهمة تمليها جهة عليا، قبلَ علاء بإحساسٍ هائل بالواجب.

ما تلا هذا اللقاء كان، بلا شك، الأيام الـ235 الأكثر زخماً وسيريالية في حياته (ربما باستثناء هذا اليوم، الذي سافر فيه حول العالم باعتباره بطل الفيلم). أيام لن يتمكّن سوى عدد قليل من الناس في العالم من الزعم بأنهم على دراية بأحداثها ومجرياتها. وربما لا أحد، سوى علاء نامق، بإمكانه روايه حقيقة ما حدث. "هذه قصة الرجل الذي رفض مكافأة قدرها 25 مليون دولار. رجل دون سواه يستطيع أن يحكي عن الأيام الأخيرة لصدّام حسين في الحرية"، يقول هالكوت مصطفى لـ"المدن"."هناك شخص واحد فقط يستطيع أن يخبرنا عن الحفرة التي عُثر فيها على صدام حسين، وهو الشخص الذي حفر هذه الحفرة"، كما يقول المخرج.

لسنوات، حاولت الصحافة العالمية التحدث مع علاء نامق للتعرف على حياته، قصته، هذه القصة التي من الواضح أنها لم تنته بإلقاء القبض على صدّام حسين، بل أفضت به لقضاء بعض الوقت في سجن أبو غريب سيئ السمعة، وبالتالي، لم ينته الأمر بالنسبة إليه بشكل كامل. وفي الواقع، وجوده في مهرجان جدّة يشهد على ذلك. لكن أحداً لم يتمكن من إقناعه بمشاركة ما عاشه مع الديكتاتور وما فعله من أجله. فقد رفض دائماً أن يفتح فمه وروحه. حتى ظهر هالكوت مصطفى وأقنعه.

كان المخرج فضولياً لمعرفة ما إذا كانت قصة إخفاء صدام حسين من قبل أحد المزارعين صحيحة أم لا. "بدأ الأمر عندما عثرت على اسم المزارع علاء نامق في صحيفة واشنطن بوست. بعد ذلك قضيت عاماً في محاولة العثور عليه، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، وكان عليه أن يقابل الرجل وجهاً لوجه ويستمع إلى روايته للأحداث. أولاً، كان على المخرج أن يقضي الكثير من الوقت في التعرف على علاء. على مدى ثلاث سنوات ذهب لكسب ثقته. لكنه بمجرد أن اكتسب ثقته، ظهرت مشكلة جديدة. لم يجد مخرج الفيلم مكاناً في الشرق الأوسط يمكن أن يحظى فيه رجله المنشود بالأمان. "أخذته سرّاً إلى النروج، وكانت هذه هي المرة الأولى التي نستطيع فيها التحدث من دون ضغوط، وكانت المرة الأولى التي أفهم فيها القصة بأكملها".

قرّر هالكوت مصطفى عدم تصوير الفيلم كما لو كان تقريراً تلفزيونياً، بل كفيلم أصيل لمتكلم حتمي (يجسّده علاء بكل صراحة، لكن أيضاً بجرعة من الإثارة المفترضة). شخص يعرف ما يقوله ويثير اهتمام أي متفرّج، فهو جزء من القصة، وهي قصة أساسية من هذا القرن، حتى أنه يتذوّق وينكّه كل كلمة تخرج من فمه. إضافة إلى مواد أرشيفية (من شبكات التلفزيون العراقية والأميركية) تعيد إنشاء ما يرويه، وتجمع أجزاء من تلك الأيام الحاسمة بالنسبة للجغرافيا السياسية العالمية.

يتحدر هالكوت من الجزء الكردي من العراق، وقد فرّ هو نفسه من نظام صدّام إلى النروج في العام 2000: "من الصعب أن أروي هذه القصة لأني أنا نفسي هربت من نظام صدّام. لكني كمخرج، تقع على عاتقي مسؤولية سرد القصة من دون رفدها بأجندة شخصية"، كما يقول. في عمله يفصّل هالكوت التوتّر العاطفي لقصّته كما لو كان فيلم تشويق، لكن، مرة أخرى، ليس كفيلم "مثير" أو "حرّيف"، لأننا جميعاً نعرف نتيجة القصة. ومع ذلك، من خلال تغذية تطور القصة بالتشويق، فإنه يسمح لها، من ناحية، باستعادة جزء من القوة التي أنهكها الزمن، ومن ناحية أخرى، يبرز تأثير السبق الصحافي الذي يقدّمه للعالم.

وبعيداً من بعض المطبات السردية الطفيفة التي ترجع إلى حد كبير إلى الطريقة التي يقرّر بها إدارة المعلومات التي يقدمها، فإن الفيلم يستعيد ذلك النموذج القديم حول اللقاء بين نقيضين (أقوياء ومستضعفين) تجمعهما المصادفات والأقدار، فتؤاخيهما العزلة وتجعلهما على قدم المساواة. لقاء بين إنسانين وجهاً لوجه، وجسداً لجسد؛ حتى في نهاية المطاف، تهتز الأرض من تحتهما بسبب ذلك الواقع العنيد الذي يتطلّب، للأفضل أو للأسوأ (وغالباً للأسوأ) أن يلتئم شمل كل شخصية مع المصير الذي كدحت فيه الحياة، وهي نفسها، في تصميمه واجتراحه.

 

المدن الإلكترونية في

23.01.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004