ملفات خاصة

 
 
 

«ذي أولد أوك» لكين لوتش:

مصائر اللاجئين السوريين والمهمشين في شمال إنكلترا

نسرين سيد أحمد

كان السينمائي الدولي

السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

كان ـ «القدس العربي»: في أحد مشاهد فيلم «ذي أولد أوك» للمخرج البريطاني المخضرم كين لوتش، الحاصل على سعفتين ذهبيتين في مهرجان كان، تقول يارا، اللاجئة السورية الشابة، إن الكاميرا، التي وثقت بها رحلتها بين المخيمات حتى وصولها لبريطانيا، أنقذت حياتها ومنحتها فرصة لرؤية الأمل حتى في أحلك لحظات اليأس. والقول ذاته يمكن أن ينطبق على مخرج الفيلم، الذي اختار أيضا أن ينظر إلى الأمل وإلى الخير في داخل البشر، على الرغم من الإقرار بوجود الكثير من القبح الذي فرضته الظروف الصعبة.

لكل زمن رسول ومناضل ومحارب، ويمكننا القول إن لوتش هو أحد مناضلي السينما الكبار، منذ أعوام سارت أقاويل أن لوتش سيعتزل الإخراج، لكن مع تضييق حكومة المحافظين في بريطانيا الإنفاق على المهمشين الفقراء، الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الدعم والمعونات الاجتماعية، وجد لوتش، الذي كان في السبعينيات من عمره آنذاك، أن لديه المزيد ليقال وأن صدره يصطخب بصرخات الاحتجاج والإنذار، التي أطلقها في فيلمه «أنا، دانيال بليك» الذي حاز عنه السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2016. أراد لوتش في «أنا، دانيل بليك» أن يصحح النظرة الشائهة التي يروج لها الإعلام عن أن الطبقة العمالية في بريطانيا تتكون في غالبيتها من الكسالى ومعاقري الكحول، الذين يفضلون أن تنفق عليهم الدولة بدلا من أن يعملوا لكسب دخل يكفيهم، أراد لوتش أن يرينا تعفف أنفس العاملين الذين كدحوا طوال أعمارهم والذين لا تكفيهم أجورهم الزهيدة لتوفير قوت يومهم في بلد من أثرى دول العالم، وأراد أن يكون صوت هؤلاء الصامتين.

والآن في عامنا الحالي، ولوتش في منتصف عقده الثامن، وجد مناضل السينما وأحد كبار إنسانييها، المؤمنين بقدرة البشر على الخير، رغم ما يوجد في النفوس من شرور، أن لديه المزيد ليقال في فيلمه «ذي أولد أوك» المنافس على السعفة الذهبية في مهرجان كان في دورته السادسة والسبعين. اختار لوتش قضية شائكة يفضل الكثيرون التعامي عنها، وهي العنصرية والتحامل وسوء المعاملة التي يلقاها اللاجئون السوريون في بريطانيا على يد الفقراء من الطبقة العاملة الذين يرون في القادمين تهديدا لثقافتهم ولدخلهم القليل. ينتقد لوتش عنصرية الطبقة العاملة البيضاء إزاء اللاجئين القادمين، حيث يصور مشهد وصول العائلات السورية إلى تلك القرية في شمال إنكلترا، وكيف واجهها البعض بالسباب العنصري وبتحطيم كاميرا يارا، اللاجئة السورية الشابة. لكن لوتش، وإن كان رافضا بشكل قاطع وصارم لسلوك ورؤية هؤلاء البيض العنصريين، إلا أنه يوضح أن هؤلاء هم الفئة الضالة القليلة وسط الطبقة العاملة. يوضح لوتش إن أغلب الطبقة العاملة البيضاء من الضحايا والمقهورين، يماثل قهرهم ما يتعرض له اللاجئون من قهر وفقر وشظف في العيش. يوضح لوتش أن هؤلاء الإنكليز الذين يعيش الكثير منهم على الكفاف لا يجدون متنفسا لمظالمهم إلا في اضطهاد من هم أقل منهم حظا وهم اللاجئون. يرى بعضهم أن مساعدات الكنائس والجهات الخيرية تخصص للاجئين، بينما لا تمد الدولة يد العون للفقراء من أهل القرية.

في أحد مشاهد الفيلم تحصل طفلة سورية لاجئة على دراجة مستعملة تبرع بها أحدهم، بينما ينظر صبي من أهل القرية قائلا، إنه كان على الدوام يأمل في الحصول على دراجة. يصبح وصول اللاجئين السوريين إلى القرية الفقيرة هو اللحظة الكاشفة التي تكشف جوهر الكثير من أهل القرية، التي تمنح لوتش الفرصة للإعراب عن رؤيته اليسارية المناضلة لمظالم أهل تلك القرية ولمظالم اللاجئين في آن.

«ذي أولد أوك» الذي يعنون اسم الفيلم هو اسم حانة القرية، حيث يجتمع أهل القرية مساء لاحتساء البيرة وللحديث، الذي يعربون فيه عن غضبهم إزاء أحوال قريتهم، وعن تجاهل السلطات لمطالبهم، عن أسعار العقارات التي تتعرض لهجمة شرسة، حيث تشتري شركات كبرى العقارات في المزاد بأسعار زهيدة، بينما يضطر أهل القرية لدفع أثمان باهظة لشرائها، في هذه الحانة أيضا ينفث البعض حنقهم وعنصريتهم إزاء الغريب، إزاء اللاجئين. مالك هذه الحانة هو تي جيه بالانتاين (ديف ترنر). هو رجل شهد في حياته الكثير من الخيبات والانكسارات. هو من أسرة عمال المناجم الذين واجهوا الكثير من القهر على يد حكومة مارغريت ثاتشر، ونرى من الصور المعلقة في الغرفة الخلفية للحانة، الماضي الثوري لوالده الذي شارك في الإضرابات والاحتجاجات على إغلاق مناجم الفحم التي عمل فيها أهل القرية، والتي كانت مصدر الدخل الوحيد لهم. بالانتاين رجل صاحب مبادئ، ورغم ظروفه الاقتصادية الصعبة وحانته التي يتداعى مبناها، والتي تحتاج إلى إصلاحات عاجلة، إلا أنه لا يشارك في أي لغو عنصري، ولا يشاركهم رؤيتهم العنصرية.

تتوطد الصداقة بين بالانتاين، والفتاة السورية يارا، التي تقترح، بعد رؤية الصور التي التقطها عم بالانتاين لإضرابات العاملين في المناجم في الثمانينيات، والتي عنون إحداها بـ»عندما نأكل معا، لا مكان للجوع والوحشة» أن يخصص بالانتاين القاعة الداخلية المغلقة في حانته لتقديم وجبة طعام يشترك فيها أهل القرية والقادمون السوريون، يتقاسمون إعداد الطعام وتناوله، على أن يتكرر ذلك أسبوعيا، لتكون فرصة سانحة للتعارف، ولحصول من يحتاج إلى طعام على وجبة ساخنة. لكن هذه التعاون الخيري يثير غضب العديد من أهل القرية، حيث وافق بالانتاين على فتح القاعة الداخلية لحانته للاجئة وافدة حديثا على القرية، بينما رفض فتح أبوابها لأهل القرية، لاجتماع يبثون فيه غضبهم من قدوم اللاجئين.

يقدم لوتش فيلما لا يحمل أسماء ممثلين كبار، ويقدم ممثلين جديدين، كان ظهورهم في فيلمه أول عهدهم بالتمثيل، لكنهم تحت إمرة مخرج متمكن من أدواته كل التمكن. يقدم لوتش رسالة سياسية وإنسانية واضحة جلية لا التباس فيها، رسالة تحقق لمّ شمل المجتمع بفئاته المختلفة، من السكان المحليين، واللاجئين الوافدين الجدد.

 

القدس العربي اللندنية في

28.05.2023

 
 
 
 
 

السينما العربية في مهرجان كان 2023 تعزف على مقام الانسان !

البلاد/ كان – عبدالستار ناجي:

السينما العربية امام نقلة جديدة في مسيرتها عبر جيل من الرهانات الجديدة استطاع ان يحقق حضوره اللافت خلال اعمال الدورة الاخيرة لمهرجان كان السينمائي 2023. ومن أبرز مميزات هذا الحضور هو العزف على مقام الانسان مقرونا باحترافية سينمائية عالية هي حصاد حتمي للدراسة المتخصصة والاشتغال وفق مناهج احترافية اعتبارا من كتابة النص الى تطويره مرورا بكافة المراحل الانتاجية ذات المواصفات الدولية التي تشرع الابواب صوب تعاونيات فنية دولية. 

القراءة الاولي لمجموعة الاعمال السينمائية التي عرضت ضمن الاختيارات الرسمية للدورة السادسة والسبعين لمهرجان كان السينمائي تجعل نتوقف في المحطة الاولي امام فيلم بنات الفه للمخرجة التونسية كوثر بن هنية التي استطاعت عبر مزج بين التوثيق والابعاد الدرامية استحضار الظروف الموضوعية التي عصفت بحياة واسرة الفه الحمروني التي تظل طوال مسيرتها مشغولة برعاية بناتها الاربعة بعد انفصالها عن زوجها لتكشفت في لحظة شاردة عن الزمن ان اثنتين من بناتها اختفين للالتحاق بداعش في ليبيا لتبدا متاهة اخري ورحلة معقدة مركبة لا تزال خيوطها متشابكة بانتظار عودة البنات والاحفاد التي جاءوا كنتيجة لما سمي يومها بجهاد النكاح. 

في فيلم بنات الفه كوثر بن هنية لا تبالغ في تركيب المشاهد، بل تحرص على ان يكون المزج بين التوثيقية والبعد الدرامي هو الخلطة التي اشتغلت عليها حيث تتداعي الاحداث بكل من العفوية والبساطة التي تشبه الى حد قريب حياة تلك السيدة التي سرعان من عصفت بها الايام والزيجات المتتالية والعمل على حماية ورعاية بناتها الاربعة على خلفية الاحداث التي عاشتها تونس خلال السنوات الاخيرة أثر ثورة الياسمين. 

قراءة متأملة للأحدث والمتغيرات وهيمنه التيارات الدينية والاحزاب وايضا انهيار المؤسسة الرسمية امام تلك المتغيرات العاصفة. 

سينما كوثر بن هنية في فيلمها الاخير بنات الفه شفافة عميقة حادة قاسية مكتوبة بعناية . شخوصها هم مزيج بين الشخصيات الحقيقية واخري محترفة جاءت لمنح التجربة البعد الدرامي مثل هند صبري ونور القروي واشراق مطر بالإضافة الى مجد مستوره . ومعهم الفه الحمروني نفسها وبناتها. 

سينما تشرع الابواب صوب الالم، صوب الحقيقة، صوب الانسان بكل مركبات التعب والهم اليومي وقسوة الضغوط التي تطحنه حتى نسمع قرقعة العظام والاحاسيس وهي تتهشم. 

لا يمكن مقارنه هذا العمل ببقية افلام كوثر بن هنية لأنه يمثل حالة متفردة رغم الاشتغال على ذات النهج الا انها هذه المرة تذهب بعيدا في ان تكون القضية هي الحاضر الاساسي بعيدا عن تأثيرات مفردات الحرفيات السينمائية التي رغم اثراءها العمل الا انها تسرق المشاهد من القضية المحورية وهنا القضية والانسان هما الحاضر الاساسي. 

ونذهب الى فيلم السوداني – وداعا جوليا – للمخرج محمد كوردفاني والذي يأخذنا الى حكاية جوليا السودانية الجنوبية التي وجدت نفسها في لحظة سريالية شاردة وحيدة مع طفلها بعد وفاة زوجها في ظروف هي حصاد حالة الفوضى التي يعيشها السودان في هذه المرحلة من تاريخه. 

وفي خط متوازي نتابع حكاية منى التى اضطرت لتغيير مسارها امام التظاهرات لتصطدم بطفل (ابن جوليا) وتبادر منى للهرب وليلحق بها والد الطفل (زوج جوليا) وحينما تصل منى الى منزلها تستنجد بزوجها الى يشهر سلاحه ويغتال زوج جوليا بحجة الدفاع عن النفس. 

بعدها تشعر (منى) بالذنب وتبدأ بالبحث عن اهل القتيل والعمل على تعويضهم حيث تلتقي مع جوليا وابنها وتدعوها للعمل والعيش في منزلها وتمضي العلاقة بود واحترام حتى نهاية الفيلم. 

الا اننا امام فيلم يشرع الابواب امام نواقيس تظل اصداها تتردد بعد الخروج من الفيلم اننا امام مستقبل مظلم وامام حرب اهلية ولربما ابعد من كل ذلك حيث تقرر جوليا الهجرة الى الجنوب مع طفلها بينما تظل مني وسط تلك الظروف التي تحاول ان تغير جوانب منها بالذات فيما يخص زوجها المتزمت الشكاك الذي جعلها تبتعد عن الغناء والسيطرة عليها.. 

فيلم يستحضر الالم الانساني على خلفية براكين المتغيرات التي تتفجر في السودان الهادي، ولكن خلف ذلك الهدوء مواقف عنصرية بين الشمال والجنوب وخلافات طاحنة مع بحث وتحليل لكم من القضايا وموضوعات الاجتماعية . حيث الانسان وظروفه الحياتية والمعيشية هي المحور والاساس. 

وقد قدم لنا المخرج الشاب محمد كوردفاني قراءة متأنية وشاهد مرسومة بعناية ومكتوبة باحترافية بعيدا عن كل التأثيرات المحيطة في السينما العربية والمصرية على وجه الخصوص ومن هنا اهمية هذه التجربة التي تعمد مخرج يمتلك ادواته وقبل كل هذا عشقه وشغفة للفن السابع. 

وفي المحطة التالية نتوقف عند الفيلم المغربي كذب ابيض للمخرجة الشابة اسماء المدير التي تلتقط حكاية هامشية حيث تسأل جدتها ذات يوم لماذا لا يوجد لها صور وهي صغيرة لتقول جدتها ان الصور حرام ولتبدأ تلك الصبية في استحضار الماضي بكل تفاصيله من خلال بناء الحي بالكامل عبر الدمي والكارتون في اشتغال اخذ الكثير من الوقت والجهد، اشتغال وتحليل وذهاب الى أصعب اللحظات التي تمثلت بما سمي يومها بثورة الخبز.

مع اسماء المدير جميع افراد اسرتها بالذات الجدة التي مثلت محور اساسي لأنها كانت المسيرة للأحداث في تلك المرحلة الزمنية ولا تزال هي المتحكم في اسرتها، فيما جسدت الدمي الكثير من الاحداث التي غيبت صورها وشخوصها، وهنا نتوقف طويلا امام مدير التصوير حاتم نيشي الذي قدم تجربة اضافية على صعيد الصورة لتحقق اضافية الى الابعاد الدرامية والتوثيقية في فيلم كذب ابيض.

الانسان حاضر نابض بكل ظروفه والمتغيرات التي تتحرك بخطوط متقاطعة مع مسيرتها والمه اليومي المعاش في تجربة اسماء المدير وهو ما يمثل استحضار عال وذكي وثري يجعلنا نؤكد باننا امام مخرجة شديدة الذكاء عميقة.

ونوجه البوصلة صوب المخرج المغربي كمال الازرق في فيلمه عصابات حيث حكاية بسيطة أردها الأزرق لتكون ذريعة لتمرير الشكل الذي يريده وهنا نتابع حكاية اب مع ابنه يقودهما المصادفة لاغتيال شخص وعليهم طيلة الفيلم التخلص من جثة، حيث تجوب تلك الجثة انحاء الدار البيضاء على مدي ليلة كاملة. 

جثة تبحث عن الخلاص، وثنائي اب خارج من السجن لتوه وابنه والعلاقة بين الاجيال وفي الحين ذاته تحليل لعالم الليل في كازابلانكا والعصابات التي تتحكم في الاحياء والمناطق وايضا خفايا واسرار تلك العوالم والمحطة التي يتوقف عندها هذا الثنائي في بحثه عن مكان لدفن الجثة. 

المخرج الازرق قدم احترافية سينمائية تؤكد باننا امام مخرج عال الكعب يمتلك ادواته ويعي حرفته حيث جميع المشاهد مكتوبة باحترافية وعمق وثراء ولكل مشهد إيقاعه، ومقدمة ووسطة ونهايته، وله ايضا اضاءته وتفاصيله الدقيقة التي عملت على تعميق الرحلة والمها وتعبها وارهاصاتها القاسية والمعقدة. 

مع كمال الازرق مدير تصوير امين باردا التي منح الفيلم بعد اضافي عبر حلوله البصرية العالية وتنفيذه مشاهد الرحلة، وهكذا الامر مع ثنائي المونتاج هوليس بيلكو وستيفاني ميزكوسكي وموسيقي الراب الرائعة وحلوله السمعية التي شكلت عنصرا اساسيا في هذا الفيلم الذي يعصف بقضايا الانسان في مغامرة سينمائية ثرية وهامة.

المخرج الاردني أمجد الرشيد في فيلمه انشاء الله ولد الذي يأخذنا الى حكاية سيدة توفي زوجها لتجد نفسها امام ورطة كبري اقلها تامين معيشتها واطفلتها وايضا المحافظة على شقتها من اطماع شقيق زوجها والتشريعات الخاصة بالإرث التي تتيح له واخوته المشاركة في الشقة كل ذلك على خلفية الظروف المعيشية الصعبة وتامين لقمة العيش والخلاص من تلك الظروف الضاغطة والمدمرة. 

استطاع أمجد الرشيد ان يكتب نصا جميلا خالي من التصريحات والمباشرة ثري بالشخوص والاحداث والاسقاطات الذكية التي تظل تناقش وتحلل وتدعو للحوار والتغيير. 

ارملة لم يعد امامها مفر الا ان تكون حامل من زوجها وايضا يكون حملها ولد حتى تحصل على البيت لان الابن هو الوريث بينما الابنة يشاركها اهل الزوج الارث، وعند أمجد الرشيد الامر ليس مجرد حكاية ارملة وتشريعات وقوانين، بل امر هو ابعد من كل ذلك انها منطقة للحوار والتغيير وحكاية لتكون ذريعة لتشريح المجتمع الاردني العربي بكل أطيافه الاسلامية والمسيحية، فيلم شديد الحساسية ذكي وعميق وقبل كل هذا يظل يعزف على ايقاع القضية بكل شفافية واحترافية، وهو ما يؤكد باننا امام مخرج سيكون له كثير من الشأن في مسيرة السينما الاردنية والعربية. 

الانسان هو الشغل الشاغل والقضية الاكثر حضورا في الاعمال السينمائية العربية التي كانت ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي 2023. 

 

البلاد البحرينية في

28.05.2023

 
 
 
 
 

مهرجان كانّ وزّع جوائزه..لمَن يستحق ومَن لا يستحق

محمد صبحي

فاز، أمس السبت، فيلم "تشريح سقوط"Anatomy of a Fall ، للمخرجة الفرنسية جوستين ترييت، بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم في مهرجان "كانّ" السينمائي في دورته الـ76، وبذلك تصبح ترييت ثالث امرأة تفوز بهذه الجائزة المرموقة، بعد الأسترالية جين كامبيون في العام 1993 (عن فيلمها "البيانو") والفرنسية جوليا دوكورنو في العام 2021  (عن فيلمها "تيتان").

إعلان التتويج كان متوقعاً بعض الشيء، خصوصاً بعدما أخذت جين فوندا الميكروفون للإعلان عن الجائزة وسلّطت الضوء على وجود سبع مخرجات في المسابقة الرسمية (وهو رقم قياسي في تاريخ المهرجان العريق)؛ كان التوقّع أن خاتمة الحفلة ستكون نسوية. حين صعدت جوستين ترييت (44 عاماً) إلى المنصة لاستلام سعفتها، ألقت خطاباً موجزاً، قوياً بصبغة سياسية واضحة ضد إصلاح المعاشات التقاعدية في فرنسا وضد تخفيض موازنات المؤسسات الثقافية التي هدّد إيمانويل ماكرون بتنفيذها.

قالت المخرجة "هذا العام شهدت فرنسا رفضاً تاريخياً قوياً بالإجماع لإصلاح نظام التقاعد"، وأكملت وسط تصفيقات ضجّت بها قاعة الاحتفال، "لقد أُنكر هذا التعبير عن الرأي وقُمع بشكل فاضح، وهذا النمط المتزايد من الهيمنة على السلطة آخذ في الانتشار في مناطق مختلفة. أولاً على المستوى الاجتماعي، وهذا هو المكان الأكثر تأثّراً. ولكن أيضاً في جميع مجالات المجتمع الأخرى، والسينما ليست استثناء ولا يمكن أن تكون".

"تشريح سقوط" فيلم صلب، يخوض في دراما نفسية وتشويقية، مدعوم بسيناريو مشدود وأداء استثنائي للممثلة الألمانية ساندرا هولر، ويروي حكاية تفكّك زوجين من خلال عملية قضائية تشمل ابنهما، الذي يجب أن يشهد في المحكمة باعتباره شاهداً على وفاة والده في حادث مشكوك في أسبابه وتُتهّم والدته بالضلوع به. لكن على الرغم من مزايا فيلم ترييت العديدة، إلا أنه يفتقر إلى المكانة والعمق اللذين تتمتع بهما الأفلام الحائزة على السعفة الذهبية عادةً.

ربما كان ينبغي أن تذهب الجائزة الأولى إلى الفيلم الحائز الجائزة الكبرى للجنة التحكيم، "منطقة الاهتمام" للمخرج البريطاني جوناثان غلايزر. في الفيلم المستوحى من رواية بالعنوان ذاته لمارتن آميس (الذي توفّي في اليوم نفسه الذي عُرض فيه الفيلم للمرة الأولى في "كانّ")، يروي غلايزر بدقّة جرّاح بارد الحياة اليومية الوحشية للقائد النازي رودولف هوس (كريستيان فريدل) وزوجته هيدويغ (مرة أخرى ساندرا هولر في دورٍ رائع)، في منزلهما الجميل بجوار معسكر اعتقال أوشفيتز.

على عكس فيلم ترييت، يفضّل غلايزر إيلاء اهتمامه بالميزانسين mise-en-scène على حساب النصّ. وهذا الرهان يؤكّد نجاعته وذكائه: فعبر بناء فيلمه على أساس اللقطات العامة فقط، يترك السرد معسكر الاعتقال المجاور بعيداً عن الشاشة، ومع ذلك، يمكن للمتفرّج رؤية الدخان المستمرّ الطالع من مدخنة فرن حرق الجثث، حيث تتعالى صرخات وطلقات رصاص لا يبدو أنها تزعج أطفال الزوجين أو تحرّك في والديهم أي شعور. ما يحقّقه غلايزر - بأسلوب جليدي بقدر المسافة التي يأخذها من موضوعه السرّي، يذكّر كثيراً بسينما النمساوي مايكل هانيكه، على الرغم من غياب سادية الأخير - هو تسليط الضوء بطريقة خفية على آلة القتل الوحشية التي مثّلتها النازية. من خلال عدم منح هوس وزوجته هيدويغ (ناهيك عن أطفالهما) الفرصة للظهور في لقطات مقرّبة أو الانغماس في حياتهما، يتجنّب الفيلم أي أنسنة محتملة للشخصيات.

كانت اللحظة المخصّصة لجائزة غلايزر عاطفية مؤثرة بشكل خاص، لأن الشخص المسؤول عن تقديمها، كوينتين تارانتينو، استدعى المنتج والمخرج الأسطوري روجر كورمان (97 عاماً) إلى المسرح، والذي استُقبل بحفاوة بالغة في قاعة غراند لوميير المهيبة.

من ناحية أخرى، فمن المؤسف أن لجنة التحكيم التي ترأسّها المخرج السويدي روبين أوستلوند، الحائز السعفة الذهبية العام الماضي بفيلمه "مثلث حزن"، والمخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو والمخرج الأرجنتيني دميان سيفرون والمغربية مريم توزاني، من بين آخرين، حذفوا تماماً من قائمة الفائزين أفلاماً أخرى أعلى قيمة، والتي أظهرت، بإجماع النقاد الدوليين المتواجدين في مدينة كانّ، رؤية سينمائية تليق بما هو متوقع من المهرجان. عناوين مثل "اختطاف" للمخرج الإيطالي ماركو بيلوكيو، و"الوهم" للإيطالية ايضاً أليتشي رورفاتشر، والفيلم الوثائقي الرائع "شباب (ربيع)" للمخرج الصيني وانغ بينغ.. خرجت خاوية الوفاض، عندما ذهبت جائزة أفضل مخرج للفيتنامي (المقيم في فرنسا) تران آن هونغ عن فيلمه "شغف دودان بوفان"، وهو عمل يخضع تماماً للتقاليد القديمة لما يسمّى بـ"السينما عالية الجودة" والتي استنكرتها جماعة "الموجة الفرنسية الجديدة" ومجلة "دفاتر السينما" منذ ما يقرب من 70 عاماً.

في المقابل، فاز فيلم "أوراق متساقطة" للمخرج الفنلندي العظيم آكي كوريسماكي بجائزة لجنة التحكيم، والتي تعتبر بالنسبة لصانع أفلام بقيمته أقل من عزاء. في الواقع، لم يتواجد كوريسماكي في مدينة كانّ ليلة السبت (أو ربما قرّر عدم الذهاب إلى الحفلة) وصعد ممثلّ عنه لاستلام الجائزة، حيث قرأ كلمة شكر شديدة الإيجاز:"ميرسي"، تبعتها تصفيقات وصيحات!

جائزة السيناريو ذهبت، كما كان متوقعاً، إلى ساكاموتو يوجي عن فيلم "وحش" للياباني هيروكازو كوريدا، أما في بقية الجوائز، ذهبت جائزة أفضل ممثل إلى الياباني الممتاز كوجي ياكوشو، لدوره القيادي الاستثنائي في "أيام مثالية" لفيم فيندرز، حيث لعب دور رجل غامض بقدر ما هو صامت (قضى أكثر من ساعة دون أن يتفوّه بكلمة واحدة)، ولا تكاد تمضي لقطة في الفيلم من دون أن يظهر فيها. بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة للتركية ميرفه  ديزدار عن أدائها القوي في فيلم "عن أعشاب جافّة" للتركي نوري بيلجي جيلان.

أما خارج لجنة التحكيم الرسمية، ذهبت جائزة الكاميرا الذهبية (الممنوحة لأفضل عمل أول في كافة أقسام المهرجان) في طريق أكثر إنصافاً واستحقاقاً، بمنحها لفيلم "داخل صدفة كوكون الصفراء"، باكورة أعمال الفيتنامي فام ثين آن، والذي يمكن اعتباره اكتشاف هذه النسخة من مهرجان كانّ السينمائي.

عربياً، كان هناك نصيب من الجوائز في هذه النسخة الاستثنائية التي شاركت فيها أكثر من 10 أعمال عربية. تركّزت الجوائز الأهمّ في قسم "نظرة ما"، حيث فاز الفيلم الوثائقي "كذب أبيض" للمغربية أسماء المدير بجائزة الإخراج ، وفاز فيلم "كلاب الصيد" لمواطنها كمال لزرق بجائزة لجنة التحكيم، كما فاز الفيلم السوداني "وداعاً جوليا" للمخرج محمد كردفاني بجائزة الحرية المقدّمة من القسم نفسه.

وحظي الفيلم الأردني "إن شاء الله ولد" لأمجد الرشيد، والمشارك ضمن قسم "أسبوع النقّاد"، بجائزة "جان فاونديشن" لتوزيع الفيلم داخل فرنسا.

 

المدن الإلكترونية في

28.05.2023

 
 
 
 
 

عرض في مهرجان كان السينمائي..

كين لوش يعزف مقطوعة التضامن في فيلمه السيديانة المعمرمة

البلاد/ كتب: عبدالستار ناجي

اعترف بانني شددت الرحال هذا العام الى مهرجان كان السينمائي من اجل فيلمين اولهما كان قتله زهرة القمر للاميركي مارتن سكوسيزي والثاني للمخرج المعلم البريطاني كين لوش حيث فيلم السينديانه المعمرة، ولاننا امام اسماء كبيرة شامخة فان تلك الرحلة كان مكللة مشاهدة تحفتين سيتوقف النقاد امامهما طويلا وعميقا. 

في هذا العمل ولربما سيكون اخر اعمال كين لوش الذي اعلن بانه سيتوقف عن الاخراج السينمائي يواجه مالك حانة في الشمال عداء السكان المحليين تجاه المهاجرين السوريين في أحدث افلام كين لوش ذات النبض السياسي اليساري الصريح والواضح. 

في هذا العمل الذي ياتي كجزء من  ثلاثية، يمكن أن ينظر إليها على أنها الحلقة الأخيرة من خلال العمل مع مساعده المعتاد، كاتب السيناريو بول لافيرتي، كان لوتش يتعامل مع القضايا والقصص التي لا تراها في الأخبار التليفزيونية أو على خدمات البث الجذابة، وأظهر أن صانعي الأفلام يمكنهم التدخل فعليًا في العالم الحقيقي. 

بحث لوتش أيضًا عن الموضوعات المؤلمة وغير العصرية، وسار إلى حيث كان صوت إطلاق النار أعلى مع أنا دانيال بليك، كانت هذه تجربة التقشف التقشفية، مع آسف لقد افتقدناك كانت عبودية اقتصاد الوظائف المؤقتة.

 الآن في السنديانه المعمرية او ”ذا اولد واك“ يذهب لوش الى  الظاهرة القبيحة التي ابتعدت عنها الطبقات الليبرالية في لندن في نفور حزين: مهاجرون يقيمون في بيوت في جميع أنحاء المملكة المتحدة يتعرضون لسوء المعاملة والهجوم من قبل السكان المحليين المتطرفين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لوتش لا يهاجم "المؤسسين" للطبقة العاملة البيضاء. على العكس تماما. يفكر عالميا، يتصرف محليا، يعاملهم بتعاطف. هم نفس ضحاياهم. لقد وضعتهم قوى السوق والمصالح الجيوسياسية في نفس وضع الوافدين السوريين البائسين الذين تم تشجيعهم على كرههم للشعور بالرضا عن أنفسهم . وهنا يفتح النار وبشكل مشترك علي تلك التيارات العنصرية المتطرفة وايضا الظروف التى تحيط بالجميع في طرح موضوعي قاس واليم. 

مالك الحانة تي جيه بالانتين (ديف تيرنر) يعاني من محنة شبيهة بالوظيفة: فهو مطلق ومكتئب ولديه ابن بالغ لا يتحدث معه.

The Old Oak هو اسم الحانة الخاصة به، وهو مكان اجتماع المجتمع الوحيد في مدينة التعدين السابقة الشمالية الشرقية المحرومة -وهو في حاجة ماسة إلى التجديد. (في هذا الفيلم يردد أصداء عمل سابق في لوتش، جيميز هول) يغضب أعوانه النظاميون بالغضب، وغاضبون من الانهيار في أسعار المساكن ومثقلون بمقاطع الفيديو على اليو تيوب حول المهاجرين. إنهم يغضبون في العقارات المجاورة التي تشتريها الشركات العقارية مقابل أغنية ويتم تأجيرها بشكل استغلالي، وبالتالي ينهارون قيمة المنازل التي كانوا يأملون أن تخفف بشكل فعال تقاعدهم، وقيمة التعدين في قطاع غزة من المجتمع. ثم تصل حافلة محملة بالسوريين المذعورين ويزداد التوتر سوءًا. 

يُظهر الفيلم أن تي جيه قد ارتكب خطأً استراتيجيًا على الأرجح: يطلب منه السكان المحليون البيض الغاضبون فتح الغرفة الخلفية المغلقة  منذ فترة طويلة في الحانة كمكان للاجتماع للتعبير عن مظالمهم. إنه يرفض، لكنه يسمح له بغير لباقة بأن يكون مكانًا لعشاء مجتمعي على غرار بنك الطعام لكل من السكان المحليين والسوريين، بما في ذلك يارا (إيبلا ماري). هي شابة سورية تسكن مع اشقاءها ووالدتها العجوز ، في حاجة ماسة إلى أخبار والدها المسجون في سورية. 

تلقي الصداقة بين تي جي والصبية السورية بعد التفسيرات المسيئة من  بعض شاربي الكحول تفسيرها بشكل ساخر. هناك مشهد مؤثر للغاية حيث أخذها لرؤية كاتدرائية دورهام؛ لقد تأثرت بشدة من خلال الاستماع إلى الجوقة وذهولها المبنى الذي يبلغ عمره ألف عام. إنها تتساءل حقيقة أنها لن ترى مرة أخرى المعابد في تدمر، التي بناها الرومان ودمرتها الدولة الإسلامية. يجادل لوتش ولافيرتي بحماسة أنه من خلال التضامن والاعتراف بالمصالح الحقيقية ، يمكن للشعب البريطاني إظهار التعاطف بشكل طبيعي مع المهاجرين واللاجئين. 

فيلم كبير متعاطف مع الانسان وهذة المرة الانسان العربي السوري المهاجر اللاجئ عبر صياغة سينمائية خالية من الشعارات عامرة بالعزف على سيمفونية التضامن والتعاطف والتعايش لان العالم قادر على استيعاب الجميع.. وهناك جملة تتكررفي الفيلم تقول (حينما نأكل سويا نلتصق مع بعض) ومن خلال هذة المقولة تعمل صاحب الحانة والصبية السورية على اقامة بنك الطعام ليستفيد من الجميع ويكون وسيلة للتلاقي والتحاور وبالتالي التضامن.. فيلم كبير من مخرج كبير هو البريطاني كين لوش.

 

####

 

المرأة في افلام كان السينمائي 2023 : الكينونة !

البلاد/ عبدالستار ناجي

يمثل حضور المرأة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته السادسة والسبعين حالة عالية من السخاء والاهتمام حتى انها باتت محور اساسي في عدد من تلك الافلام والتي توج بعضها بالجوائز في الحفل الختامي. حضور عالي الكعب للمرأة وقضاياها في افلام مهرجان كان وهو امر لم تخلقه الصدفة، بل هو نتاج حتمي للحالة الابداعية التي يتحرك من خلالها كبار صناع الفن السابع الذين حطوا رحالهم في مدينة كان جنوب فرنسا. والحديث عن المرأة في افلام مهرجان كان يعني الحديث عن المتغيرات التي يشهدها العالم والدور المناط بالمرأة وايضا التعبير عن قضاياها في انحاء العالم حيث راحت المرأة تحتل موقعها وتمارس دورها الفاعل والاساسي. ودعونا نرحل من مع افلام مهرجان كان، ففي فيلم الافتتاح جان دو باري للمخرجة الفرنسية ماوين والتي جسدت دور جان دو باري السيدة خريجت المواخير والتي اصبحت خليلة الملك لويس الخامس عشر والتي تميزت بثقافتها العالية ومقدرتها على تطوير وعي ملك الشمس لويس الخامس عشر.

في فيلم العودة للمخرجة كاثرين كورسيني يتم استدعاء حكاية امرأة ذات اصول افريقية من مدينة كورسيكا تعود مع بناتها من مارسيليا الى كورسيكا وهناك تواجه العنصرية تارة وانطلاق بناتها الى عوالم الحرية والسهر والبحث عن الذات في تجربة سينمائية تظل متفجرة بالقضايا. بطريقة ثرية يرصد المخرج التركي نوري بليج جيلان في فيلمه عن العشب اليابس حكاية معلم يدرس في منطقة في الغرب التركي حيث درجات الحرارة تظل تحت الصفر لأشهر طويلة وهناك نتابع حكايته مع مدرسة رسم وايضا إحدى طالباته وبين تلك العلاقة والثانية يخون هنا ويرفض هناك، ولكن نظل المرأة في المحور الذي يتجاوز ويفكر بالغد. ونتوقف عند المرأة في فيلم منطقة الاهتمام لجوناثان جلازر، حيث تسجد النجمة الالمانية ساندرا هولر دور (ادرويج) زوجة القائد الالماني (رودولف) المسؤول عن معسكر شواتز حيث كانت المحارق ضد اليهود. وكانت تلك السيدة تتصور انها تعيش بالجنة مع زوجها واطفالها رغم انها تعلم جيدا انها تعيش وسط الكارثة. لقد كانت تسمع يوميا الصراخ وصوت الطلقات النارية وايضا الدخان المتصاعد وراحة شواء الاجساد البشرية البريئة وتهمتها انها يهودية فقط. اداء راع ومتفرد لمبدعه كبيرة وشخصية مركبة تتطلب الكثير من الفكر للتقمص والمعايشة.

وفي فيلم بنات الفه للمخرجة التونسية كوثر بن هنية حيث تستحضر حكاية امرأة تونسية ظلت تعمل على حماية بناتها الاربعة ورعايتهن بعد انفصالها عن زوجها حتى اللحظة التي تعلم بان اثنتين من بناتها ذهبن الى ليبيا للانخراط في التطوع مع جماعة داعش . وهنا تتفجر تلك المرأة غضبا وتحديا واصرار من اجل استعادة بناتها اللواتي لا يزلن في السجون الليبية بتهمة الارهاب. مع فيلم بانيل وادما تأخذنا المخرجة الفرنسية ذات الاصول السنغالية الى حيث القري البعيدة في السنغال وحكاية بانيل وادما التي تواجه الخرافة والجفاف وتحاول ان تحقق مكانتها وسط ذلك العالم القاحل حتى بالأحاسيس. بينما يناقش المخرج الاميركي تود هاينس في فيلمه مايو ديسمبر حكاية لقاء بين ممثلة والشخصية التي ستقدمها من اجل معايشتها فاذا بها تخون الشخصية الرئيسية مع زوجها لنكون امام حكاية جديدة.

من التجارب المهمة التي تستدعي حضور المرأة يأتي فيلم تشريح السقوط للمخرجة جاستين تريت، وايضا الاداء المدهش للألمانية ساندرا هولر التي تتقمص دور كاتبة تعيش مع زوجها وابنها الذي فقد بصره في حادث، حيث توجه الاتهامات للزوجة بعد العثور على الزوج ميتا أثر سقوطه من الدور الثاني، وبعد كم التحقيقات ومحاولة الصمود من قبل الزوجة امام الاتهامات التي وجهت اليها يتم اكتشاف ان الزوج قد انتحر لأنه كان يعيش الكابة. وفي فيلم – فاير بيراند – للمخرج البرازيلي ذو الاصول الجزائرية كريم عينوز يأخذنا الى مرحلة الملك هنري الثامن، ولكن عبر زوجته السادسة كاثرين التي اصبحت وصية على العرش اثناء غيابة وتميزت بحكمتها ورصاتها ورغبتها الاكيدة في ترجمة الانجيل من اللاتينية الى الانجليزية الامر الذي ظل مرفوضا من قبل الكنسية واقطابها الذين كانوا يحاولون الخلاص منها، شخصية رائعة جسدتها الممثلة البريطانية اليشا فكاندر.

بينما يستحضر لنا المخرج الفنلندي القدير اكي كاروسماكي في فيلمه الاوراق المتساقطة حكاية سيدة تعيش وحيدة تعمل في أحد محلات بيع الجميلة تجمعها الصدفة مع رجل وحيد مدمن كلاهما يعيش البطالة والبحث عن الذات والخلاص من تلك الحالة المتجمدة من المشاعر والعلاقات الانسانية. وعند فيلم – النادي صفر كلوب زيرو تقدم لنا المخرجة جيسكا هوسنر حكاية مدرسة تقول بغسل عقول طلبتها حيث تجعلهم يعتقدون، بل يؤمنون انه لا اهمية لتناول الطعام لأنه يطهر ارواحهم ويمنحهم القدرة على الانعتاق والسمو.

وفي هذه التجربة تتحول تلك المدرسة الى سلطة لخلق التطرف حتى يتحول تلك المجموعة من الطلاب الى ادوات تتحكم بهم. ومع المخرج القدير ماركو بلوكيو في فيلمه المختطف نرصد نضال ام يهودية قررت الكنسية اخذ طفلها الصغير بحجة انه تم تعميده في طفولته.

اداء وتقمص ورحلة مشبعة الامل والتحدي، ولكن الطفل لا يعود فقد حولته الكنسية الى قسيس يطيع اوامر الكنسية. ومع المخرج الفيتنامي الفرنسي تران ان هونج في فيلمه عاطفة دودين نتابع حكاية العلاقة التي جمعت بين الطباخة ايجوين (جولييت بينوش) والطباخ (دودين) بانوه ميجاميل. والذين سرقهما عشقهما الى الطبخ من تكوين اسرة والعيش كزوجين. في التحفة السينمائية السديانة المعمرة (ذا اولد واك) للمخرج الاستاذ كين لوش نتابع حكاية قرية بريطانية يصلها مجموعة من اللاجئين السوريين حيث تتداعي المواقف بين ما هو عنصري وما هو متعاطف عبر علاقة تجمع بين لاجئة سورية (عبلة ماري) والتي جسدت دور – يارا – مع صاحب مقهى (دافي تورنر) والذين يعملان سويا لتطوير التضامن بين السكان واللاجئين. وعلينا انى نتوقف طويلا امام الاداء العفوية العميق الذي قدمته الفنانة الشابة عبلة ماري والذي يتناغم مع النهج الذي يشتغل علية كين لوش بأسلوبه الواقعي والذي يعبر عن الالم الانساني بشفافية عالية. النساء في مهرجان كان السينمائي باحثات عن الحرية والامل والمستقبل وقبل كل هذا الكينونة امام التحديات الجسام التي تعترض حياتهن ومسيرتهن ومستقبلهن، هكذا جاءت مسارات المرأة وقضاياها في افلام مهرجان كان السينمائي وعلى المحبة نلتقي.

 

####

 

فيلم عيسى يفوز بجائزة الجمهور في كان السينمائي

البلاد/ مسافات

فاز الفيلم القصير "عيسى" أو "أعدك بالفردوس" للمخرج مراد مصطفى بجائزة الجمهور خلال منافسته في مسابقة أسبوع النقاد، وذلك بعد يومين من حصوله على جائزة الرايل الذهبية في نفس المسابقة وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ 76 من مهرجان كان السينمائي.

كما اختار مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فيلم عيسى للمنافسة في مسابقة الأفلام القصيرة وذلك في الدورة الـ 45 من المهرجان والمقرر إقامتها في الفترة ما بين 15 وحتى 24 نوفمبر هذا العام.

ويتتبع الفيلم القصير قصة عيسى، وهو مهاجر أفريقي في مصر يبلغ من العمر 17 عامًا، يحاول أن يسابق الوقت بعد حادث عنيف لإنقاذ أحبائه مهما كلفه الأمر.

ويقوم ببطولة الفيلم كيني مارسيلينو وكنزي محمد، مدير تصوير مصطفى الكاشف، مونتاج محمد ممدوح، سيناريو مراد مصطفى وسوسن يوسف، إنتاج مشترك ما بين شركتي ريد ستار و بونانزا وسي سينما وشيفت برودكشن وفيلم كيلينك وقاع ٢٣ ، ومن إخراج مراد مصطفى.

 

البلاد البحرينية في

29.05.2023

 
 
 
 
 

فيلم «شغف دودان بوفان»: وليمة عامرة يطرب لها القلب

نسرين سيد أحمد

كان ـ «القدس العربي»: أن تشغف بالحياة ومباهجها، أن تصبح فنانا تبدع يداك ما يدفئ القلب وما تطرب له العيون، أن تكون ذواقة تمتلك من رفاهة الحس ما يمكنك من إبداع أطباق تشتهيها الأعين ويستلذ بها أصحاب المذاق الرفيع. هذا ما نجده بسخاء في فيلم «شغف دودان بوفان» الذي حصل عنه المخرج الفرنسي الفيتنامي المولد تران أن هونغ على جائزة الإخراج في مهرجان كان السينمائي في دورته السادسة والسبعين (16 إلى 27 مايو/أيار الجاري).

ينتمي فيلم «شغف دودان بوفان» إلى سلالة نادرة من الأفلام تحتفي بالطعام، تحتفي به ليس لملء البطون، بل لأنه فن لا يقل إبداعا عن لوحة بديعة نتأملها في أحد المتاحف. يتغنى الفيلم بالمذاقات والروائح الشهية ويحفل بالألوان والتوابل التي يسيل لها لعابنا ونحن نشاهد الفيلم. بعد أفلام مثل «وليمة بابيت» للمخرج الدنماركي غابريل أكسيل (1987) و»أكل شراب رجل امرأة» لآنغ لي ( 1994) يأتينا «شغف دودان بوفان» ليصحبنا في رحلة حسية مترفة ممتعة في عالم المذاق والمطبخ الرفيع، حيث يمكن للذواقة أن يميز أدق مكونات الطبق الشهي من مجرد رشفة حساء واحدة. وكما نرى في الفيلم مدى الشغف المبذول في إعداد أصناف الطعام، وكم التفاصيل الشهية الثرية التي تبذل لتقديم طبق تشتهيه الأنفس، يبذل المخرج تران أن هونغ الجهد ذاته لينجز وليمة حسية وبصرية تطرب لها قلوبنا. إنه فيلم يحتفي بالشغف والطعام والحب والحسية، ويقدمها جميعا بسخاء.

الشخصيتان المحوريتان في الفيلم هما دودان بوفان (بينوا ماجيميل في أداء بديع) وأوجيني (جولييت بينوش في أداء مرهف) اللذان يبدعان الطعام ويغدقان الحب والعشق في الفيلم المقتبس عن كتاب «حياة وشغف دودان بوفان» (1924) للفرنسي السويسري مارسيل روف. يبدأ الفيلم كما ينبغي لفيلم يحتفي بالطعام والطهي الرفيع أن يبدأ، في المطبخ الأنيق العامر بأجود اللحوم والأسماك والخضر والتوابل في منزل فرنسي ريفي أنيق تحفه حديقة غناء في القرن التاسع عشر، ونحن نتأمل بشغف متزايد إعداد وليمة من الأطباق الشهية. صاحب المنزل هو الذواقة دودان بوفان، أما أوجيني فهي طاهيته المبدعة مرهفة الحس، التي تطهو له وتشاركه الطعام منذ نحو عشرين عاما. وفي الفيلم لا ينفصل الطعام عن العشق، لذا فقد شغف دودان عشقا بأوجيني، يشاركها عشقه للمذاق المرهف، فتسمح له أحيانا أن يبادلها الغرام جسدا.

في «شغف دودان بوفان» لا يأتي الطعام كمجرد سبيل لإشباع الجوع، فالطعام بالنسبة لدودان هو أسلوب حياة. هو تعبير عما هو أصيل ومبدع، إعراب عن الجودة التي لا تضاهيها جودة، دون تفاخر أو تكلف.

يحبها وتحبه، لكنها تأبى أن يقيد حبهما زواج. يشغفان بالطعام والمذاق، ويتبادلان الغرام، فلا يسعنا إلا أن نغبطهما على جنتهما الوارفة، التي تحفل بما لذ وطاب. عندما يكرر عليها طلبه للزواج، تكتفي بابتسامة قائلة إنهما سعداء بحياتهما كما هي. وهما بالحق سعداء، سعادة تطل من كل لحظة من لحظات الفيلم، ومع كل مشهد. دودان لا يكتفي بدور سيد المنزل الذي يقرع الأجراس فيأتيه ما يشتهي، فهو ذاته يعشق الطهي ويشارك فيه بشغف. المطبخ ليس بالنسبة له مكانا لإعداد الطعام، بل هو مكان يشتهى في حد ذاته، فهو صومعة للإبداع. هو رجل متطلب، ليس لنزق أو لعجرفة، بل هكذا يكون الذواقة. يجلس بالقرب من بولين، المتدربة الصغيرة في مطبخه العامر، ليختبر ذائقتها، ونحن كما لو كنا طرفا في هذا الاختبار، نتذوق هذا الحساء الشهي، ونستمتع بنكهته التي تكشف مذاقها رويدا رويدا.

في «شغف دودان بوفان» لا يأتي الطعام كمجرد سبيل لإشباع الجوع، فالطعام بالنسبة لدودان هو أسلوب حياة. هو تعبير عما هو أصيل ومبدع، إعراب عن الجودة التي لا تضاهيها جودة، دون تفاخر أو تكلف. ذات يوم يُدعى دودان لوليمة لدى أحد الأمراء، مقصدها إبهار دودان، الذي يصفه الداعي بأنه «نابوليون المطبخ الراقي» لكن دودان يعود من تلك الوليمة مستاء، فقد أكثر الأمير في تقديم أصناف الطعام، لكن دون رقي ودون رهافة في الحس.. كان هذا البذخ المتصنع المفتقر لفهم الطعام منفرا لدودان، الطعام في عالم دودان هو قصيدة حسية، لا يفهمها إلا من يقدر الفن والإبداع. يقرر دودان أن يرد وليمة الأمير بدعوته إلى طبق فرنسي ريفي بسيط، لكنه غني بالنكهة وبخير ما تجود به الأرض. طبق بسيط شهي خير من وليمة تغص بصنوف الطعام وتفتقر إلى الذوق والذائقة، وهذا الطبق البسيط الشهي تحديدا هو ما يقدمه تران أن هانغ في فيلمه. هو فيلم شهي، إن كان بوسعنا أن نصف فيلما بأنه شهي. وهو فيلم لا يخجل من الاحتفاء بالحسية والاشتهاء والمذاق، لا يسعنا ونحن نشاهد الفيلم إلا أن ترتسم على وجوهنا بسمة رضا كما ترتسم على وجهي دودان وأوجيني بعد تذوق طعام شهي أبدعا في صنعه.

 

القدس العربي اللندنية في

29.05.2023

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

المصرية في

20.05.2023

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

المصرية في

20.05.2023

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

المصرية في

20.05.2023

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

المصرية في

20.05.2023

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

المصرية في

20.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004