ملفات خاصة

 
 
 

"سيرا" في الـ"برليناله الـ73":

جائزة الجمهور لا تُلغي سذاجة طرح ومُعالجة

برلين/ محمد هاشم عبد السلام

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة الثالثة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

يُعتَبر "سيرا"، لأبولّين تْرَوُري (بوركينا فاسو، 1976)، من النماذج الفاضحة في كيفية تلبية مُتطلّبات الإنتاج الدولي وإملاءاته وشروطه، ومُراعاة أسواق التوزيع، الأوروبية أساساً. وقبل ذلك، ضمان البرمجة في المهرجانات الدولية، المُحبِّذة لأفلامٍ مقبلة من بلدان مُختلفة في كلّ شيء. يزيد من فرص "سيرا"، أكثر، أنّه يحمل اسم مخرجة، ويطرح قضية امرأة مُتفتّحة ومُكافحة ومُتمرّدة، ويتناول أوضاعاً تُكبّلها وطموحاتها، في مُجتمع تحكمه عادات وتقاليد بالية.

المُثير للسخرية أنّ حبكات كهذه، مُستهلكة ومُهلهلة، تُبرَز، وتُؤكِّد غالباً أنّ وراءها رؤية ساذجة جداً، وطروحات أسيرة لأنماط وقوالب مطلوبة بحدّ ذاتها، لا العكس.

من الأفلام الـ35 المُتنافسة في "بانوراما"، أحد أهمّ وأكبر أقسام "مهرجان برلين السينمائي"، فاز "سيرا" بجائزته، في الدورة الـ73 (16 ـ 26 فبراير/شباط 2023)، الممنوحة بناء على تصويت الجمهور الألماني لأفضل فيلمٍ روائي طويل. يبدو الأمر مفهوماً في ضوء أنّ دراما الفيلم، القائمة على الإثارة والتشويق والانتقام، انطلاقاً من خلفية إسلامية سياسية، جذبت أحداثها وشخصياتها ونهايتها السعيدة ذوق هذا الجمهور. رغم أنّه لا يستحقّ أيّ جائزة، مُقارنة بأفلامٍ أخرى أهمّ منه، معروضة في "بانوراما". دراما غير مُهمّة ولا مُلهِمَة في أيّ مستوى، حتّى السياسي ـ الديني، ولا يمكن أخذها بشكل جدّي، رغم ما تطرحه من أفكار تدعو إلى الحب والتفاهم والسلام، وإلى أنْ تسود روح المرونة في مواجهة المتاعب، وعدم الاستسلام مهما كانت الصعاب.

الشابّة سيرا (نافيساتو سيسي) تنتمي إلى قبيلة من البدو الرُحَّل (قبائل "فولاني"). تُسافر مع عائلتها على ظهور الجِمال، في صحراء شاسعة جميلة، تمتدّ بين موريتانيا وبوركينا فاسو. تتجه القبيلة المُسلمة إلى قرية مجاورة، حيث تقرّر تزويجها لمُزارع مسيحي يحبّها بشدّة منذ الطفولة، يُدعى جان سعدي (عبد الرحمن باري). في الطريق، ليلاً، يعترض مصطفى (مايك دانون)، أحد رجال القبيلة النافذين، على الزواج بين مسلمة ومسيحي من غير قبيلتها ومنطقتها، فيواجهه والدها، تيديان (سيدو ديالو)، زعيم القبيلة الحكيم والمُتنوّر والمُتفتّح، ويردعه ويُجبره على الانصياع لقراره، والتزام الصمت، مُؤكّداً له ثقته التامة بابنته، وبرجاحة تفكيرها، وحُسن اختيارها.

في الصباح التالي، تتعرّض القبيلة إلى هجومٍ غادر، من إرهابيين إسلاميين. يطلقون النار على الرجال بدمٍ بارد. تلعن سيرا المهاجمين على أفعالهم، ما يدفع رئيسهم إلى اختطافها، ثم اغتصابها، وتركها وحيدة وسط الصحراء، حيث الطيور الجارحة، والعطش، والحرارة. لكنّ سيرا، المُفعمة بحبّ الحياة وإرادة العيش، تُكافح بمختلف الوسائل للبقاء حيّةً، وتنجح في الوصول إلى كهف جبلي تحتمي فيه، وتنجو بمعجزة خارقة من موت حتمي.

بعد تلك الأحداث، تتفرّع خيوط الفيلم في أكثر من مسار: يبحث جان سعدي عن حبيبته، برغبة في الانتقام لها، بعد أنْ أخبرته والدتها بما حدث، هي الوحيدة التي لم تُقتل، والتي تمكّنت من بلوغ قريته. لكنّ رحلة البحث والإنقاذ، وتنفيذ التعهّد للوالدة، لا تسير على النحو المرجو، بل تبلغ ذروة العبثية والسذاجة، عندما يقترب سعدي من هدفه، راكباً دراجة بخارية، ينفد البنزين منها فجأة، من دون أنْ ينتبه. لكنّه يعثر على أسرة بسيطة، تُعيره حمارها لإكمال رحلته.

في مسار آخر، أقل سذاجة وأكثر حبكة، تنكشف الديناميكيات الداخلية لمُعسكر القتلة، المُعلّقة على بابه راية تنظيم "داعش"، ويظهر الزعيم ييري (لازار مينونغو)، مُغتصب سيرا، ومعه رجال آخرون، ونساء كثيرات وصلن أخيراً إلى المعسكر كسبايا، بهدف الترفيه عن الذكور، خاصة الرئيس الذي يختار واحدة منهنّ يومياً، فيغتصبها ويضربها. بين هؤلاء جميعاً، هناك مصطفى، المُعترض على زواج سيرا. هو لم يُقتَل بدوره، قبل أنْ يتّضح عمله مع التنظيم، وخيانته لقبيلته. لاحقاً، يتبيّن سبب جلده لنفسه، بين وقت وآخر: إنّه مثليّ الجنس، يشعر دائماً بالذنب كمسلمٍ مُتديّن، يُؤدّي الفرائض بانتظام.

مسار ثالث، أهمّ وأكثر محورية للدراما، تُكَرِّسُه أبولّين تْرَوُري لحياة سيرا في الكهف، الذي عثرت عليه صدفة، والواقع على مُقربة من معسكر "داعش"، لكنْ من دون اكتشاف وجودها فيه لأكثر من 7 أشهر. أكثر من ذلك، تنجح سيرا في التسلّل ليلاً إلى المعسكر، لسرقة طعامٍ ومياه، أكثر من مرة، من دون أنْ تُكتشف أيضاً. كما أنّها تتواصل مع السبايا مراراً، وتحفّزهنّ على التمرّد والهرب.

سذاجة الطرح وضعف المُعالجة تتجلّيان، أكثر، في اكتشاف المُراهِقة كيمي (روث فِرنر)، إحدى السبايا، أنّ سيرا حامل، بعد نظرة سريعة على بطنها. هذا يُثير دهشة المرأة الحامِل البالِغة، وغضبها، وعدم تصديقها الأمر.

في المتبقي من الفيلم، تتنقّل تْرَوُري بين هذه الخيوط، وتتوالى الأحداث الضعيفة وغير المقنعة، والمفضوحة سلفاً، من دون رتابة وملل كبيرين، خاصة بعد اكتشاف العجوز كريم (إيلديفيرت ميدا)، ذي الخبرة في جلب الأسلحة والمجنّدين الدواعش وتدريبهم في المعسكر، وجود سيرا، فيبدأ بمساعدتها وتزويدها بالماء والطعام، بشكل مُستَغرَب، ويراقب إنجابها طفلها، ثم يمدّها بأدوات تنفيذ خطّتها الانتقامية. هذا يُثير ارتياباً في أمره، قبل أنْ تنفضح حقيقة شخصيته، مع نهاية الأحداث، ما يُشكّل صدمةً.

بعد إنجابها، تستجمع قواها، وتقرّر الانتقام. تُجهّز نفسها وطفلها، وتُنفّذ خطتها الانتقامية من مُغتصبها، في عملية شبه انتحارية، ذكية ومحبوكة، تضافرت فيها النجاحات، ومنها، قبل التنفيذ مُباشرة، حصولها على فرشاة ومعجنون أسنان، بعد أكثر من 7 أشهر أمضتها في الصحراء، تأكل السحالي وغيرها.

 

العربي الجديد اللندنية في

10.03.2023

 
 
 
 
 

"مواقف وذكريات عديدة ستبقى من تجربة برليناله 2023 في الذاكرة."

أحمد شوقي

اختتم مهرجان برليناله 73 بحفل توزيع الجوائز في 26 فبراير. مدون برليناله أحمد شوقي يلقي نظرة إلى الوراء على مهرجان الأفلام ويشاركنا تجاربه وانطباعاته وأفكاره الشخصية للغاية.

كنت في الطائرة عائدًا إلى القاهرة عندما أُعلنت جوائز برليناله 73، وتم تتويج الفيلم الفرنسي "في أدامان" للمخرج المخضرم نيكولا فليبير بالدب الذهبي، لتنحاز لجنة التحكيم التي رأستها الممثلة الأمريكية كرستين ستيوارت إلى الفيلم الوثائقي الوحيد بين 19 فيلمًا تنافست في المسابقة الدولية.

الاختيار يمكن اعتباره قرارًا شجاعًا يُعبر عن مدى إعجاب محكمي المهرجان بالفيلم الذي يدخل فيه المخرج عالم دار رعاية نهارية موقعها عوّامة تطفو فوق نهر السين في باريس، تستقبل يوميًا عددًا ممن يعانون طيفًا من الأمراض العقلية، ليشغلوا يومهم بمجموعة من الأنشطة الاجتماعية والفنية التي تساعدهم على استكمال يومهم في توازن. فليبير يمنح مساحة لنزلاء الدار كي يسترسلوا ويعبروا عن أنفسهم فيما يشبه المونولوج الطويل أكثر من الحوار بين المخرج والشخصية.

ردود الفعل النقدية الدولية التي تلت عرض "في أدامان"، والنقاشات بين حضور المهرجان عن مستواه، كلها حملت قدرًا من التقدير لتجربة المخرج، لكن يصعب القول بأن أي منها توقع أن يكون هو المتوّج في النهاية بالدب الذهبي؛ ربما لوجود أفلام يراها البعض -وأنا منهم- أفضل وأقيم فنيًا، أو لأنه من النادر أن يفوز وثائقي بالجائزة الكبرى في مسابقة مشكلة بالأساس من أفلام روائية، رغم أن ذلك حدث مرتين خلال العشر سنوات الأخيرة، عندما نال "فوكوماري" للإيطالي جيافرانكو روزي الجائزة عام 2016، وعندما نالتها الرومانية أدينا بينتلي عن "لا تلمسني" عام 2018، وإن كان الأخير أكثر تحررًا في الأسلوب بما يضعه في منطقة وسطى بين الوثائقي والروائي.

عن التقدير المتأخر

الجائزة كانت مفاجأة حتى للمخرج نفسه، والذي وجه سؤالًا مازحًا إلى لجنة التحكيم عند استلام الدب الذهبي: "هل أنتم مجانين؟"، مشيرًا لما يراه من جرأة غير متوقعة في إسناد الجائزة المرموقة لفيلمه، لتكون أكبر تكريم يناله المخرج الفرنسي في مسيرته الحافلة، متفوقًا على نيله جائزة سيزار الفرنسية للمونتاج، وترشحه للبافتا البريطانية عن فيلمه الشهير "يكون ويملك" الذي أخرجه عام 2002.

لكن فيلبير لم يكن الوحيد الذي نال تكريمًا متأخرًا طال انتظاره، بل ربما تكون حكاية المخرج الأسترالي رولف دي هير هي الأكثر طرافة. فبالرغم من أن لجنة كرستين ستيوارت لم تمنح فيلمه "بقاء اللطف" أي جائزة من جوائزها الثمانية، فإن لجنة تحكيم الإتحاد الدولي للنقاد (فيبريسي) منحت الفيلم جائزتها الوحيدة في المسابقة الرسمية. دي هير صعد لاستلام الجائزة ليروي أنه نال جائزة فيبريسي في برليناله قبل أربعة عقود، لكنه نالها مناصفةً مع المخرج الأمريكي الشهير روبرت ألتمان الذي حصل على شهادة التقدير المطبوعة بينما لم يحصل دي هير على نسخة منها، وأنه سعيد بامتلاكه أخيرًا شهادة من اتحاد النقاد.

الغريب إنه بالرجوع إلى أرشيف المهرجان على شبكة الإنترنت وجدنا أن ألتمان نال جائزة فيبريسي بالمناصفة بالفعل عام 1985 عن فيلمه "شرف سري"، لكنه تقاسمها مع الوثائقي البرازيلي "بعد عشرين عامًا" للمخرج إدواردو كوتينيو الذي لا علاقة لرولف دي هير به على الإطلاق. يبدو أن الذاكرة خانت المخرج المخضرم فاختلط عليه الأمر، لكن حكايته منحت لحظة تسليم الجائزة طرافة يصعب نسيانها.

خبرة مهرجان ما بعد الجائحة

ليلة تسليم جوائز فيبريسي، والذي يمنح نقاده أيضًا ثلاث جوائز أخرى لأحسن فيلم في أقسام لقاءات وبانوراما والمنتدى، كانت فرصة للقاء عدد كبير من النقاد والصحفيين من حول العالم، تحول بعدها لما يشبه النقاش المفتوح حول تجربة المهرجان بعد انقضاء الجائحة، وكيفية تعامل كل شخص مع النظام الجديد لحجز التذاكر إلكترونيًا، ومع تغيير خريطة العروض بعد إغلاق قاعات سيني ستار، وبالتالي توزيع أفلام الأقسام الموازية في قاعات المدينة بدلًا من تركزها كلها في دائرة ميدان بوتسدامربلاتز كما كانت قديمًا.

مشكلة التنقل كانت الشكوى الأبرز، خصوصًا لمن يريد أن يتابع قسمًا مثل بانوراما، فروى لي ناقد من مُحكمي القسم أنه قضى يومًا خلال المهرجان يركض بين المترو والحافلة للحاق بثلاثة أفلام متتالية يُعرض كل منها في قاعة مختلفة بعيدة عن الأخرى. أما أنا فكان من حسن حظي أن يتركز عملي بالأساس على مشاهدة أفلام المسابقة الدولية، فلم أنتقل خارج مركز المهرجان إلا في أربعة أيام لمشاهدة أعمال أرغب في حضورها لأسباب متنوعة.

تنفذ تذاكر بعض العروض خلال أقل من خمس دقائق من طرحها للحجز.

أحمد شوقي

أما بالنسبة لنظام الحجز الإلكتروني فكانت الانطباعات حوله إيجابية عمومًا، وتحدث أحد الزملاء عن "الجودة الألمانية" في تصميم النظام تقنيًا بحيث يستوعب قدر الضغط عليه في كل صباح لحظة طرح التذاكر، والذي وصل لأن تنفذ تذاكر بعض العروض خلال أقل من خمس دقائق من طرحها للحجز، دون أن يتسبب ذلك الضغط في وقوع متاعب تقنية كالتي عانى منها مهرجان كان الصيف الماضي وتسببت في مئات الشكاوى خلال الأيام الأولى للمهرجان، علمًا بأن مهرجان كان مُغلق على المحترفين من صناعة السينما والإعلام، بينما برلين مفتوح للجمهور أيضًا بما يزيد من الضغط.

بالنسبة لي، حجز تذكرة مبكرًا وضمان مكانك في العرض حتى لو وصلت قبل بدايته بدقائق أفضل بكثير من النظام القديم وضرورة الوصول مبكرًا للتأكد من العثور على مقعد

افتتاح يعكس طابع المهرجان

بالرغم من حضوري برليناله بانتظام منذ عام 2014، إلا أنها المرة الأولى التي أتلقى فيها دعوة لحضور حفل الافتتاح، والذي كان مناسبًا جدًا لملاحظة كيف يمكن للافتتاح أن يكون صورة مصغرة تحمل أبرز سمات المهرجان عمومًا.

برليناله لا يقيد المدعوين لحفل افتتاحه بأي قواعد صارمة للزيّ كالتي يطبقها مهرجان كان وتستعيرها مهرجانات أخرى منها القاهرة السينمائي. لا إجبار على ارتداء الملابس الرسمية والدعوة تشير لأن ملابس الكوكتيل ستكون كافية، لكن حقيقة الأمر أن الأمن لم يمنع أي شخص من الحضور بسبب ملابسه حتى بعض قرروا الحضور بملابس رياضية.

لا توجد أيضًا قواعد صارمة للمرور من السجادة الحمراء لقصر برليناله، أبرزت دعوتي فمررت إلى السجادة الحمراء ومنها للمدخل بينما يلج النجوم من نفس البوابة ويقفون لالتقاط الصور الرسمية. طلبت من أحد المراسلات التقاط صورة لي للذكرى والتقط "سيلفي" آخر دون أن يصرخ أحد في وجهي بالمنع أو ضرورة المغادرة كما يحدث يوميًا في كان. والأهم: دخل الجميع من البوابة نفسها، وتم استضافة الجميع في نفس المساحة داخل قصر المهرجان قبل الحفل وبعده، وكأنه رفض معلن للتراتبية التي تفرضها المهرجانات الأخرى فتُفرّق بين المدعوين لنفس الحدث.

أما الحفل نفسه، فحمل هو الآخر سمة برليناله المعروفة وهي امتزاج السينما بالسياسة. ففي برلين لا مجال لاعتبار الأمرين منفصلين، والمهرجان يعلن في كل فرصة التزامه بدعم القضايا التي يراها عادلة في كل مكان حول العالم، بل أن حفل افتتاح برليناله 73 احتوى من السياسة ما يفوق محتواه السينمائي: كلمات عن الحرب الأوكرانية وخطاب عبر الفيديو للرئيس الأوكراني زيلنيسكي، دعم الحراك الشعبي في إيران والتضامن مع الفنانين المحتجزين، واستغلال لكل فرصة يؤكد برليناله من خلالها كونه منصة سياسية ملتزمة بامتياز.

جوائز التمثيل

التزام برليناله لا يقتصر على السياسة بل يمتد للقضايا الاجتماعية وتمكين الجماعات التي تعرضت طويلًا للتهميش. ولعل المفارقة التي تؤكد هذا الاتجاه هو اختيارات لجنة التحكيم لجوائز التمثيل، وهي الجوائز التي قام المهرجان بتعديلها بإلغاء الفوارق بين الأجناس، فلم تعد هناك جائزة لأحسن ممثل وأحسن ممثلة، بل صارت هناك جائزة لأحسن تمثيل في دور رئيسي وأخرى للدور الداعم بشكل عام ودون حسابات للجندر.

لجنة كرستين ستيوارت منحت الجائزتين لأدوار مرتبطة بالعبور الجنسي، فنالت الممثلة الإسبانية الطفلة صوفيا أوتيرو (8 سنوات) جائزة الدب الفضي لأحسن أداء في دور رئيسي عن لعبها شخصية آيتور، الصبي الذي يعيش لحظة تحول مفصلية يحسم فيها رغبته أن يعيش ويعامله الآخرين كفتاة في فيلم "20 ألف فصيلة من النحل". مخرجة الفيلم إستيباليز أوريسولا سولاجورين قالت إن اختيار فتاة للعب الدور كان اختيارًا منطقيًا أكثر من اختيار صبيّ، الرأي الذي أثبت أداء صوفيا الرائع وجاهته.

أما جائزة الدور الداعم فذهبت للممثلة الألمانية ثيا إيهري، وهي عابرة جنسيًا بالفعل، لعبت في فيلم "حتى آخر الليل" للمخرج كريستوف هوخهاوسلر دور ليني التي اضطرت أن تقضي فترة عقوبتها داخل سجن للرجال، ثم خرجت بإفراج مشروط لتشارك في مهمة بوليسية للتسلل داخل عصابة مخدرات. قد لا يكون الفيلم من أفضل ما عُرض في المسابقة لكن أداء إيهري استحق التقدير بالتأكيد. وإجمالًا كانت جوائز التمثيل هي أفضل اختيارات لجنة التحكيم فنيًا، ناهيك عن قيمتها الاجتماعية والجندرية.

مواقف وذكريات عديدة ستبقى من تجربة برليناله 2023 في الذاكرة، وشعور عام بالرضا عن عودة الحياة لطبيعتها ورجوع المهرجان العريق لقواعده كمهرجان جماهيري بالأساس، أجمل ما فيه هو القاعات الممتلئة عن آخرها بجمهور متعطش لاستكشاف الحكايات من كل أرجاء الأرض، وكثير من الأفلام الجميلة التي شاهدناها في برلين ولن ننساها.

 

معهد جوته الألماني/ رؤية في

13.03.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004