ملفات خاصة

 
 
 

جوائز عادلة لـ"الأقصر الأفريقي 12"

بقلم: أسامة عبد الفتاح

الأقصر للسينما الأفريقية

الدورة الثانية عشرة

   
 
 
 
 
 
 

**تتويج أربعة أفلام رشحناها.. وتوافق حول ذهبيات كل المسابقات.. ودهشة "شخصية" من عدم فوز "رسالة ابنة إلى والدها" و"رحلة" بأي جائزة

اُختتمت، الخميس الماضي، الدورة الثانية عشرة من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، واقتصر الختام على توزيع الجوائز وكلمات المسئولين عن المهرجان دون مظاهر احتفالية حدادا على ضحايا الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 فبراير الحالي.

جاءت الجوائز عادلة ومتوازنة إلى حد كبير في مختلف المسابقات، وكان هناك توافق بين جميع المتابعين حول معظمها، خاصة الجائزة الكبرى في كل مسابقة، في حين جاء الخلاف على بعضها طبيعيا في ظل اختلاف الأذواق ووجهات النظر بين لجان التحكيم والمتابعين، وبين أعضاء لجان التحكيم أنفسهم وبعضهم البعض.

وشهدت النتائج تتويج أربعة أفلام رشحناها في هذا المكان الأسبوع الماضي، منها ثلاثة فاز كل منها بالجائزة الكبرى في مسابقته، وأولها الفيلم الكيني "شيموني"، أو "الحفرة"، للمخرجة أنجيلا واماي، الفائز بذهبية مسابقة الأفلام الطويلة، والذي يطرح العديد من التساؤلات الفلسفية حول معنى التسامح والغفران، وإلى أى مدى تستطيع أن تسامح أو تلتمس العذر لمن تسبب في أذى كبير لك، وهل نستطيع التعامل مع العقد المترسبة في أعماق النفس بسبب ذلك الأذى؟ وما هو مدى تقبل المجتمع لأصحاب الخطيئة، وكيف يعاقبهم، ولماذا نقهر بعضنا البعض؟

وجاء الفيلم الثاني الذي رشحناه، التسجيلي السنغالي القصير "الرقص على عكازات"، للمخرج يورو ليدل نيانج، ليحصد الجائزة الكبرى لمسابقة الأفلام القصيرة عن جدارة واستحقاق، حيث يتناول بقوة وحميمية أحلام ذوي الاحتياجات الخاصة في السنغال بالتغلب على الصعوبات التي تواجههم، وأهمها نظرة المجتمع الدونية لهم واعتبارهم، من قبل البعض، مجرد متسولين.

أما الفيلم الثالث، فهو الروائي التونسي "حرقة" للمخرج لطفي ناثان، الذي فاز بذهبية مسابقة الدياسبورا بكل جدارة كما توقعنا، وهو يدور – بلغة سينمائية بليغة – حول "علي"، الشاب التونسي الذي يحلم بحياة أفضل، ويعيش وحيدا على بيع البنزين المهرب في السوق السوداء. وبعد وفاة والده، يكون عليه أن يعتني بشقيقتيه الصغيرتين، اللتين تركتا لإعالة نفسيهما في منزل تم تهديدهما بطردهما منه.

وكنا قد رشحنا أيضا الفيلم الوثائقي "التاكسي، السينما وأنا" من بوركينا فاسو، للمخرج سلام زامباليجر، والذي نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة من مسابقة الأفلام الطويلة، وهو عمل ممتع عن المخرج السينمائي البوركيني إدريسا توريه، الذي بدأ حياته سائقا للتاكسي، حيث يرصد مشواره من القيادة في شوارع وجادوجو إلى المشاركة في أكبر المهرجانات الدولية.

وفي إطار الخلاف في الرأي، اندهشت من عدم فوز الفيلم الوثائقي الطويل "تحية ابنة إلى والدها سليمان سيسيه"، للمخرجة فاتو سيسيه من مالي، بأي جائزة، رغم أنه عمل شاعري مؤثر، تتناول فيه فاتو، مسيرة والدها المخرج الكبير سليمان سيسيه من خلال لقاءات مع عائلته وأصدقائه والسينمائيين الذين عملوا معه.

كما تعجبت من خروج الفيلم التونسي الروائي القصير "رحلة"، للمخرج جميل النجار، خالي الوفاض في مسابقة الأفلام القصيرة، رغم أنهكوميديا سوداء ممتعة وجيدة الصنع تكشف جانبين متناقضين في تونس بعد عامين من ثورة 14 يناير 2011، من خلال قصة مواطن تونسي يعيش في المهجر ويواجه مع عائلته العديد من الأزمات في طريق عودتهم إلى مسقط رأسهم في "جرجيس".

وبدأ توزيع الجوائز بجائزة لجنة تحكيم النقاد الدولية "فيبريسي"، وحصل عليها فيلم "تأمل النجوم"، للمخرج ديفيد كونستانتين من موريشيوس.

وفي المسابقة الوطنية لأفلام الطلبة، فاز كل من فيلم "شاي"، للمخرج أيمن سوسة، وفيلم "القطر رايح فين"، للمخرج كرم نصر، بشهادة تقدير، وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم "واجب محسن" للمخرج مازن صالح، وجائزة النيل الكبرى (قناع توت عنخ آمون الذهبي) لأحسن فيلم إلى "كيلوجرام" للمخرجة آلاء منصور.

وحصد فيلم "زاليه"، للمخرج موسى سين أبسا من السنغال، جائزة مؤسسة شباب الفنانين المستقلين، التي تنظم المهرجان، لأفضل فيلم.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، حصل الفيلم المصري "عزيزتي ورد"، للمخرجة مروة الشرقاوي، على تنويه خاص، وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الروائي القصير (قناع توت عنخ آمون الفضي) لفيلم "زفة" للمخرج أحمد سمير من مصر، وجائزة النيل الكبرى لأحسن فيلم روائي قصير (قناع توت عنخ آمون الذهبي) لفيلم "الرقص على العكازات" للمخرج يورو ليدل نيانج.

وجاءت جوائز مسابقة "الدياسبورا" كالتالي: تنويه خاص لفيلم "رسالة أخيرة لناصر" للمخرجة فايزة حربي من مصر، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة (قناع توت عنخ آمون الفضي) لفيلم "جووا" للمخرج نجانجي موتيريى من الكونغو، وجائزة النيل الكبرى لأحسن فيلم (قناع توت عنخ آمون الذهبي) لفيلم "حرقة" للمخرج لطفي ناثان من تونس.

وفي مسابقة الأفلام الطويلة، حصل على جائزة أحسن معالجة سينمائية فيلم "المواطن كوامي" للمخرج يوهي أموليمن رواندا، ونال جائزة أحسن إسهام فني فيلم "تأمل النجوم"من موريشيوس.. أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم تسجيلي (قناع توت عنخ آمون الذهبي)،فذهبت مناصفة بين فيلم "التاكسي، السينما وأنا"،من بوركينا فاسو، وفيلم "بعيدا عن النيل" للمخرج شريف القطشة من مصر، وكانت جائزة النيل الكبرى لأحسن فيلم روائي طويل (قناع توت عنخ آمون الذهبي) من نصيب فيلم "شيموني" من كينيا.

 

جريدة القاهرة في

14.02.2023

 
 
 
 
 

«الأقصر للسينما الإفريقية» يسدل الستار على دورة التحديات

المهرجان يختتم فعالياته دون حفل مراعاة للحالة الدولية

كتب: سعيد خالد

تحديات ضخمة واجهها صناع الدورة الـ 12 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، التي استمرت فعالياتها في الفترة ما بين ٤ وحتى 9 فبراير، تحت شعار «السينما خلود الزمان» وتنافس خلالها 55 فيلمًا من 30 دولة، وكانت السنغال ضيف الشرف، واختتمت الدورة الـ12 أمس الأول، تحت الرئاسة الشرفية للنجم محمود حميدة، الذي أعلن رئيس المهرجان سيد فؤاد، ومديرته عزة الحسينى، ترشيد النفقات لأقصى درجاته هذا العام، لدرجة قيامهما بدعوة 3 صحفيين فقط لتغطية الفعاليات، لكن في المقابل حضر الدورة الكثيرون من صناع السينما الأفارقة وعدد من الدبلوماسيين، وفى ظل الظروف الصعبة خرجت الدورة للنور، وشملت تنظيم ومناقشة العديد من الندوات والعروض، منها آليات الحفاظ على التراث السينمائى، دور المرأة في السينما الإفريقية، منصة المنتجين، ندوة تكريم السينما السنغالية، الاحتفال بمئوية صلاح منصور، تكريم محمد رمضان، هالة صدقى، بيدرو بيمنتا، وتضمنت 8 ورش، معرض أفيشات لأهم الأفلام السنغالية والمصرية، والماستر كلاس لكل من مهندس الديكور فوزى العوامرى، المنتجة ماريان خورى.

ولعل أهم إيجابيات الدورة هو نجاح المهرجان هذا العام في خلق لغة تواصل مع الجمهور المحلى الأقصرى، رغم أن معظم فعالياته كانت بفندق الإقامة بأطراف المدينة، وملأ الجمهور قاعات العرض في معظم العروض والندوات، من خلال الورش التي تم تنظيمها، مشاركة الشباب من المهتمين بصناعة السينما والفنون بعرض وتطوير أعمالهم، والاتفاقات التي تمت مع إدارة المهرجان وجامعة الأقصر وعدد من المدارس، وإرسال وزارة الشباب والرياضة 100 طالب للمشاركة ومشاهدة فعاليات المهرجان، وإن كانت هناك ملاحظات من بعض المشاركين في لجان التحكيم عن كون مستوى الأفلام المشارك في الدورة الـ 12 متوسطا.

وغاب عن الدورة هذا العام، وزيرة الثقافة د.نيفين الكيلانى، ومحافظ الأقصر، المستشار مصطفى ألهم، ومستشار وزيرة الثقافة للشؤون السينما د.خالد عبدالجليل، وضيوف المهرجان المعتادون، المنتج محمد العدل، رمزى العدل، عمر عبدالعزيز.

الكثيرون انتقدوا تكريم محمد رمضان ضمن حفل الافتتاح، قائلين إنه صاحب تجارب سينمائية قليلة، وردا على ذلك أكد سيد فؤاد، رئيس المهرجان، أن المهرجان يتبنى جيل الشباب من النجوم إلى جانب القامات أصحاب التاريخ، وسبق أن كرمت قبل ذلك منة شلبى، غادة عادل، عمرو سعد، مصطفى شعبان.

وكان سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية أسدل الستار على دورته الـ 12، أمس الأول، داخل فندق إقامة الضيوف، بعد 6 أيام، وفى مؤتمر صحفى أعلن عن جوائز مسابقاته بدون حفل ختام، بدون مراسم احتفالية، نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم ومصر، وفى إطار توجهات الدولة للقيام بالفعاليات الضرورية فقط.

وأكد رئيس المهرجان، سيد فؤاد، أنه مراعاة للحالة الدولية بسبب فاجعة زلزالى سوريا وتركيا، تم تقليص الفعاليات وإلغاء حفل الختام، والاقتصار على إعلان الجوائز بحضور كل من المخرجة عزة الحسينى، مدير المهرجان، محمود حميدة، الرئيس الشرفى، المخرج مجدى أحمد على، السيناريست عبدالرحيم كمال، كريم قاسم، طارق الإبيارى، شهيرة سلام، الناقد كمال رمزى، أحمد شوقى، أسامة عبدالفتاح.

وتم الإعلان عن جوائز المهرجان، بدءًا بمسابقة الأفلام الطويلة التي تنافس عليها 12 فيلما، وتضم لجنة تحكيمها المخرج منصور صورا واد من السنغال، والمخرجة التونسية سونيا الشامخى، والممثلة المغربية آمال عيوش، عبدالرحيم كمال من مصر، محمد حفظى مصر، ويتنافس على جوائزها ١٢ فيلما هي تحية ابنة إلى والدها، سليمان سيسيه، من مالى، إخراج فاتو سيسيه، والفيلم الجنوب إفريقى «فتاة مخطوفة»، إخراج سايمون وود، وفيلم «تأمل النجوم»، إخراج ديفيد كونستانتين، وفيلم «زالية»، إخراج موسى سين من السنغال، «لا عودة سهلة للوطن» إنتاج جنوب السودان وجنوب إفريقيا وكينيا، «الجترة» من تونس، «الحياة ما بعد إخراج أنيس جاد» من الجزائر، وفيلم «شيمونى» إخراج «أنجيلا وآماى» من كينيا، وفيلم «المواطن كوامى» من رواندا إخراج يوهى أمولى، ومن بوركينا فاسو فيلم «التاكسى.. السينما وأنا»، ومن المغرب ينافس فيلم «بيت الشعر»، إخراج مليكة ماء العينين.

وفاز بجائزة أفضل معالجة سينمائية الفيلم الرواندى «المواطن كوامى»، للكاتب والمخرج يوهى أمولى، بطولة مازيمباكا جونز كينيدى، يوهى أمولى، كيت كاتاباروة.

وفاز بجائزة أحسن إسهام فنى لفيلم «تأمل النجوم» من موريشيوس، سيناريو وإخراج ديفيد كونستانتين، بطولة ايدين بوجيلو، شارون جاهروستى، جيروم بول.

وحصد جائزة توت عنخ آمون، لجنة التحكيم الخاصة كأفضل فيلم تسجيلى طويل، بالمناصفة بين فيلم «التاكسى والسينما وأنا» من بوركينا فاسو، إخراج سلام زامباليجر، والفيلم المصرى «بعيداً عن النيل»، إخراج شريف الكاتشا.

وجنى جائزة النيل لأفضل فيلم روائى طويل الفيلم الكينى «شيمونى»، إخراج أنجيلا واماى، بطولة جاستين ميريشى، ميثونى جاثيتشا، سام بسنجن.

بينما ذهبت جائزة النيل الكبرى لأفضل عمل بمسابقة أفلام الشتات «الدياسبورا»، التونسى «حرقة» إخراج لطفى ناثان، بطولة آدم بسه، نجيب العلاقى، سليمة معتوق، وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فيلم «جووا» من بلجيكا، إخراج نجانجى موتيرى، بطولة بيبتيدا سادجو، إدسون آنيبال، وحصل الفيلم الألمانى «الرسالة الأخيرة إلى ناصر» على تنويه خاص من لجنة التحكيم، إخراج فايزة حربى بمان.

تنافس على تلك المسابقة ٦ أفلام وضمت لجنة تحكيمها الفنانة لقاء الخميسى، بيدرو بمنتا، ماهر عنجارى.

وذهبت جائزة أفضل فيلم روائى طويل تمنحها جمعية شباب الفنانين المنظمة للمهرجان للفيلم السنغالى «زاليه»، تأليف موسى سين عبسا، بطولة نجيسالى بارى، مابى ديول، إبراهيم مباى.

وحصد جائزة النيل الكبرى، كأفضل فيلم للسنغالى الرقص على العكازات، إخراج يورو نيانج، بطولة كومبا ديمى، آليوسى، مريم نداى، وحصد على تنويه خاص الفيلم المصرى «عزيزتى ورد»، إخراج مروة الشرقاوى، وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم «زفة» إخراج أحمد سمير، تمثيل عمرو السروجى، مروة الصاوى، سامح حجاج.

وفى جوائز مسابقة أفلام الطلبة، فاز بجائزة أحسن فيلم للمصرى «كيلو جرام»، إخراج آلاء منصور، سيناريو جابر فراج، تمثيل أحمد محارب، أحمد يحيى، محمود طلعت، وتم منح تنويه خاص مناصفة بين أفلام «شاى»، تأليف أيمن سوسة، وفيلم «القطر رايح فين؟»، إخراج كرم خليل من مصر، سيناريو محمد جلال العشرى، وتم منح جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم «واجب محسن»، إخراج مازن صالح من مصر.

وكانت المخرجة عزة الحسينى قد أعلنت عن جوائز مشروع «فاكتورى» لدعم الأفلام القصيرة، وتضم لجنة تحكيمها المخرج أمير رمسيس وندى دومانى مؤسسة مهرجان عمان، والناقد أحمد شوقى.

وفاز بالجائزة الكبرى وقيمتها 70 ألف جنيه فيلم «فرار» لأحمد الشمندى، فيما فاز بجائزة قيمتها 55 ألف جنيه فيلم «تريسكيل» للمخرج محمد عبدالعزيز، وفاز بجائزة 50 ألف جنيه فيلم «على يقابل الأشباح».

وأيضا فاز بجائزة ٣٥ ساعة مونتاج فيلم «فرار» للمخرج أحمد الشمندى، وجائزة نقدية 45 ألف جنيه لفيلم «ممنوع الوقوع أو الانتظار» للمخرج عمرو جودة، وجائزة صناعة دى سى بى لفيلم «تريسيكيل» للمخرج محمد عبدالعزيز، َوجائزة ورشة عمل لتطوير الفيلم لـ «جذور بنية» إخراج أحمد الشبينى، وجائزة «أسبوعين من الاديتينج» لفيلم «على يقابل الأشباح» للمخرجة ضحى حمدى.

 

المصري اليوم في

11.02.2023

 
 
 
 
 

لليوم الثالث.. مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في ضيافة إسنا التاريخية

كتب: سعيد خالدمنى صقر

لليوم الثالث على التوالي قام وفد من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية بزيارة مشروعات مدينة اسنا التراثية التي يتم تنفيذها في إطار مشروع «الاستثمار في السياحة المستدامة والمتكاملة بمدينة إسنا (VISIT-Esna)» بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وبالشراكة مع وزارة السياحة والآثار، ومحافظة الأقصر، ووزارة التعاون الدولي بهدف وضع مدينة إسنا على الخريطة السياحية، والذي تقوم بتنفيذه مؤسسة «تكوين لتنمية المجتمعات المتكاملة».

شارك في جولة اليوم الثالث السيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان ،والمخرجة عزه الحسيني مدير المهرجان، وعدد من أعضاء فريق العمل بالمهرجان، وقد أشاد الوفد المشارك في الزيارة بمشرروع تطوير إسنا التاريخية بعناصره المختلفة التي تستهدف الحفاظ على المناطق الأثرية إسنا مثل وكالة الجداواي ومعصرة الزيوت، والمنازل والمباني القديمة بعماراتها المميزة.

من جانبه عبر سيد فؤاد رئيس المهرجان عن إعجابة بالاهتمام باعمال الترميم والتطوير التي يتم يقوم بها المشروع، وبالثراء الثقافي الذي تحتويه مدينة إسنا من تنوع بين المعالم الأثرية من العصور المختلفة بداية بعصر قدماء المصريين متمثلا في معبدإسنا، إلى فترات التاريخي القبطي والإسلامي والفاطمي، وصولا إلى العمارة المميزة لصعيد مصر في بدايات العصر الحديث.

وقالت عزه الحسيني مدير المهرجان أن إدارة المهرجان قد حرصت على زيارة ضيوف مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية من المصريين والأجانب على مدار أيام المهرجان، لمدينة إسنا، لما تحمله إسنا من طابع ثقافي مميز، يساهم في الدعاية للمشروعات الثقافية المختلفة التي تقوم بتفيذها مصر من أجل الحفاظ على التاريخ والهوية المصرية، في كافة أنحاء مصر، ومن أجل تعمق الفنانين والنقاد من ضيوف المهرجان في الطبيعة المحلية للبيئة الأقصرية بعناصرها المميزة، وقد حرض الكثير من الفنانين على المشاركة في الجولات الخاصة بإسنا التراثية مثل الفنانة بشري والفنان كريم قاسم، والفنان بيدرو بيمنتا، والمخرج شريف القطشة، والمؤلفة والناقدة صفاء الليثي.

 

المصري اليوم في

10.02.2023

 
 
 
 
 

مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية 2023: شعار فضفاض!

وائل سعيد

يبدو الشعار الذي اتخذته الدورة الثانية عشرة لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية هذا العام فضفاضًا بعض الشيء: "السينما خلود الزمان"، وجرت فعالياتها على مدار ستة أيام في الفترة بين 4- 10 فبراير/ شباط 2023، بمشاركة ما يزيد عن 50 فيلمًا من 30 دولة من دول القارة السمراء مع حضور ملحوظ للفيلم الوثائقي الذي يغلب على معظم مسارات التنافس، وحلّت السنغال دولة ضيف الشرف لهذا الدورة. 

مع غروب الشمس تجمعت الوفود كالعادة، عربًا وأفارقة وأجانب، على متن "الدهبية" الواسع الأرجاء، وهي مركبة نيلية ضخمة حرص القائمون على إدارة المهرجان على تضمينها في طقوس المهرجان، لتتهادى بركابها على صفحة النيل المتلألئة بالأضواء حتى معبد الأقصر حيث يقام حفل الافتتاح، بمصاحبة العروض الموسيقية الشعبية المفعمة بنبرة الجنوب شديدة الحلاوة والخصوصية.

مبادرات لدعم الصناعة

يحرص مهرجان الأقصر كذلك، على تنويع برنامجه كل عام بعدد من الفعاليات والندوات بجانب عروض الأفلام، وبصفته صادرًا عن إحدى مبادرات المجتمع المدني- "مؤسسة شباب الفنانين المستقلين"، يعمل على تفعيل دوره المجتمعي من خلال إقامة عدد من الورش الفنية لدعم المواهب بصعيد مصر في شتى المجالات من بينها التصوير والتمثيل والديكور، مع تخصيص بعض الورش للأطفال والمشغولات اليدوية كصناعة الحلي والإكسسوار، وصاحب الفعاليات إقامة معرضين أحدهما لأفيشات أفلام المكرمين، والآخر يختص بأفيشات أفلام من السينما السنغالية.

على جانب آخر، أتاحت وزارة الشباب والرياضة - إحدى الجهات الداعمة- الفرصة لعدد كبير من الشباب لحضور فعاليات الدورة، متكفلة بمصاريف الانتقال والإقامة لحوالي مائة من الشباب من مختلف محافظات مصر. وضم البرنامج أيضًا مشروع "فيلم فاكتوري" للعام الثاني على التوالي، وهو مبادرة هامة لصُناع السينما من الشباب تدعم عشرة أفلام روائية قصيرة من مصر بهدف مساعدة مُخرجيها على الانتقال من مراحل التحضير إلى مرحلة الإنتاج، ويشترك في تقديم هذا الدعم عدد من الشركات والمؤسسات من بينها: شركة أفلام مصر العالمية. شركة رد ستار. مؤسسة سرد مريم نعوم، وتحت رعاية البنك الأفريقي.

يُحسب للمهرجان هذه الجزئية المتعلقة بدعم صناع السينما من شباب القارة الأفريقية، حيث سبق أن قدم ورشة للمخرج الأثيوبي هايني جريما، تعاون جريما من خلالها وعلى مدار خمس سنوات متتالية مع أجيال مختلفة من الشباب قدم عدد كبير منهم فيلمه الروائي الأول، فيما شق بعضهم الطريق إلى المهرجانات العالمية، ولعل أبرز المشروعات السينمائية المدعومة والمنطلقة من المهرجان هو الفيلم السوداني "ستموت في العشرين".

أفلام وتكريمات

رغم الدور الكبير الذي يلعبه الفضاء الرقمي بإتاحة كافة البيانات عن العلوم والفنون، ما يزال للمهرجانات السينمائية دور لا يمكن إتاحته افتراضيًا، ويتمثل في فرص التعرف على الأصوات الجديدة المختلفة، فما بالك والصوت القادم من قلب القارة السمراء بكل عمقه وعنفوانه، وهو ما يضفي أهمية كبيرة على مهرجان الأقصر نظرًا لتركيزه على الأفلام السمراء تحديدًا وليس الأفريقية في عمومها، فبعض البلدان العربية الواقعة في القارة السمراء كالمغرب مثلًا تخطو خطوات لا خلاف عليها في مجال السينما، إلا أنها تندرج تحت السينما العربية، أما السينما من قلب أفريقيا فهي تختلف كليًا في مزجها بين الغرائبي والواقعي شديد الإيلام، ولا تخلو من السحرية حتى وإن ارتدت عباءة عصرية.

في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ذهبت جائزة النيل الكبرى- "قناع توت عنخ أمون الذهبي" للفيلم الكيني "شيموني" أو "الحفرة" للمخرجة أنجيلا واماي، وفيه نعيش تجربة البطل عقب إطلاق سراحه من السجن وعودته لقريته الأم ليبدأ حياة جديدة. يناقش الفيلم فكرة الغفران ومدى تقبل المجتمع للعائدين من أرض الخطيئة. عرض الفيلم العام الماضي ضمن مهرجان البحر الأحمر في نسخته الثانية، ورغم استقباله بحفاوة فلم يحصد جوائز، ويبدو أن المهرجان قد التفت إلى نوعية من الأفلام لم يحالفها الحظ مسبقًا؛ حيث ذهبت ذهبية مسابقة أفلام الطلبة للفيلم القصير "كيلو جرام– إخراج آلاء الباهي". 

في العام الماضي، شارك الفيلم ضمن الدورة الرابعة من ملتقى رؤية لسينما الشباب، ولم يحصل على أية جائزة وهذا لا يتعارض مع جودته وحقيقة أن مخرجته من الأصوات الواعدة في السينما، فقد استطاعت تقديم فكرة بسيطة وغرائبية في قالب كوميدي غير مُفتعل؛ سواء على مستوى التمثيل أو القصة، استلهمتها من مأساة محرقة بني سويف التي راح ضحيتها عدد كبير من المسرحيين تظهر صورهم الحقيقية في تتر النهاية مع الإهداء "إلى أرواح شهداء مسرح قصر ثقافة بني سويف".

ما يضفي أهمية كبيرة على مهرجان الأقصر تركيزه على الأفلام السمراء تحديدًا وليس الأفريقية في عمومها، فبعض البلدان العربية الواقعة في القارة السمراء كالمغرب مثلًا تخطو خطوات لا خلاف عليها في مجال السينما، إلا أنها تندرج تحت السينما العربية

أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة كأفضل فيلم تسجيلي (قناع توت عنخ أمون الذهبي) فذهبت مناصفة لفيلمي "التاكسي، السينما وأنا- سلام زامباليجر، بوركينا فاسو"، و"بعيدا عن النيل- شريف الكتشة، مصر"، وهو مخرج مصري مولود بأميركا، وفيه تجتمع مجموعة من العازفين والمغنين من دول حوض النيل لتكوين فريق غنائي يعرض حفلاته في عدد من المدن الأميركية بعيدًا عن النيل، لكنهم يستحضرونه أينما ذهبوا كأنهم يحملونه كصليب ربما أو كتعويذة حياة.

أهدى المهرجان دورة هذا العام لأرواح كل من السنغالي عثمان سمبين (مئويته) والتونسي هشام رستم ومن الجزائر شافية بوذراع، ومن مصر مئوية الفنان صلاح منصور، وهو من أميز الوجوه المعبرة في تاريخ السينما المصرية. كما شملت الاحتفالية إصدار كتابين أحدهما عن المخرج السنغالي جبريل مامبيتي في إطار الاحتفاء بالسينما السنغالية، والآخر عن العصفور "صلاح منصور- الصورة والجوهر" كما وصفته المؤلفة ناهد صلاح.

كرم المهرجان هذا العام أربعة أسماء، من السنغال المخرج منصور سورا واد، المولود بالعاصمة داكار عام 1952 وقد حصل على شهادته الجامعية من فرنسا ثم عاد إلى موطنه من جديد ليتقلد منصب مدير الأرشيف السمعى البصري بوزارة الثقافة، وحصل على العديد من الجوائز من بينها "جائزة أفريقيا للإبداع. جائزة السلام. جائزة أفضل فيلم روائي بمهرجان الفيلم الأفريقي بميلانو. وجائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج"، من أفلامه "ثمن الغفران. نيران مانساريه". ومن خارج مصر أيضًا المنتج السينمائي بيدرو بيمنتا من موزمبيق.

أما المكرمون من مصر فهم الفنانة هالة صدقي، الموسيقار هشام نزيه، ومحمد رمضان، الذي أثار تكريمه موجات عارمة من الجدل لم يتوانَ رمضان في استغلالها وإصدار أغنية جديدة تستدعى الآثار الفرعونية وتحصد ملايين المشاهدات فور رفعها على اليوتيوب.

عن التسلية والخلود

في أحد الحوارات أشار السيناريست سيد فؤاد - مؤسس ورئيس المهرجان- إلى اللغط الدائر حول تكريم محمد رمضان، موضحًا أن هدف المهرجان منذ انطلاقه هو تكريم المتميزين سواء من الفنانين الكبار أو من الشباب! يضيف فؤاد معززًا موقفه "أن أحد أهم أهداف السينما في العموم هو التسلية بجانب القيمة الفنية"، مؤكدًا أن رمضان قدم بالفعل أفلامًا فنية خلال مشواره منها "احكي يا شهرزاد. الكنز. ساعة ونص". ولا يخفى على المشاهد أن هذه الأفلام لم تكن من بطولة رمضان؛ البطولة المطلقة على الأقل، ناهيك عن أن "احكي يا شهرزاد" كان البداية الحقيقية لرمضان وهو ممثل - معقول- بأقصى تقدير أو كان كذلك في بداياته، قبل الصورة المستهجنة التي أصبح عليها.

بعيدًا عن فكرة المغامرة بتكريم محمد رمضان في مهرجان الأقصر السينمائي، فهو في نهاية المطاف ممثل كغيره من الممثلين، إلا أن طريقة التكريم نفسها تثير التساؤل، بدءًا من صفحته المنفردة في "بروشور" المؤتمر الصحافي المنعقد قبل بدء المهرجان بأسبوعين تقريبًا، والتي تحمل صورته وإنجازاته الفنية على عكس بقية أسماء المكرمين، وانتهاء بالندوة المخصصة لتكريمه والتي أقيمت في ساحة معبد الأقصر بينما لم تخرج بقية ندوات المكرمين أمثاله عن حيز قاعة الفندق.

في الفقرة المخصصة لتكريم رمضان في حفل الافتتاح، وبعد عرض البرومو - الذي تضمن لقطات من أفلام "عبده موتة. الألماني. قلب الأسد"-  دعت مذيعة الحفل الحضور إلى الترحيب بـ "النجم المصري الكبير محمد رمضان". من جهته، أعرب رمضان خلال كلمته المقتضبة عن سعادته بهذا التكريم خصوصًا وأن من سلمه الدرع فنان بقيمة محمود حميدة، ولم تفته الإشارة إلى أجداده الفراعنة الذين تشهد آثارهم على براعة ما صنعوا مضيفًا "إحنا كمان بنقدم شيء هيفضل عايش يمكن أكتر من اللي عملوه الفراعنة"! ثم توجه بالشكر لأهالي الأقصر وحفاوة الاستقبال مستنكرًا على المحافظ إرسال من ينوب عنه، وأخيرًا شكر المهرجان ورئيسه السيناريست سيد فؤاد معلقًا "مؤلف فيلمي القادم" والمخرج مجدي أحمد علي - عضو اللجنة العليا للمهرجان- "مخرج فيلمي القادم".

في سياق مُشابه تحدث رئيس المهرجان عن علاقته القديمة بمحمد رمضان حين استضافه في أحد البرامج التلفزيونية التي كان يعمل معدًا بها وذلك عقب عرض مسلسل "حنان وحنين، 2007" بطولة عمر الشريف: "كنا بنحاول نعلي من أسهم هذا الشاب الصاعد آنذاك"، وأُخذ على هذا البرنامج وقتها استضافته لوجوه مجهولة من الممثلين الجدد حتى أن البعض حذر من أن يُقال عن إدارة البرنامج كما قال سيد فؤاد "بناخد فلوس من الناس علشان نطلعهم في التلفزيون"!  

 

ضفة ثالثة اللندنية في

16.02.2023

 
 
 
 
 

ندوات مهرجان الأقصر السينمائي: حديث ودّي ورغبة في اعتزال الفن

أمل الجمل

"شِدّ الحزام على وسطك غيره ما يفيدك، إنْ كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك، أهون عليك يا حر من مدة إيدك". مقطع من أغنية، انتشرت في عشرينيات القرن العشرين، ألّفها بديع خيري، ولحّنها وغنّاها سيد درويش، بدءاً من عام 1919. لم تكن أغنية فقط، بل تعبيراً عن قناعة. لكن، بعد 100 عام، أصبحت الأغنية الرائجة: "آه لو لعبت يا زهر واتبدّلت الأحوال، وركبت أول موجة في سكة الأموال". المتغيّر ليس الموسيقى، بل الإنسان الذي غنّى، وقناعته أيضاً.

هذا ردٌّ للمؤلّف الموسيقي المصري هشام نزيه على سؤال مطروح عليه في ندوة تكريمه، في الدورة الـ12 (4 ـ 9 فبراير/شباط 2023) لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، استنكرت فيه طارحته تدهور الذوق المصري وانحداره، بعد أنْ غنّى المصريون مع سيد درويش ومحمد فوزي وعبد الوهاب ومحمد رشدي، وغيرهم من المبدعين.

أكّد نزيه رفضه فكرة انحدار الذوق المصري، موضحاً أنّ الموضوع لا يخصّ الموسيقى، فعدد السكّان أكثر من 120 مليون نسمة، لا يعيشون في منطقة واحدة: "من حقّنا أنْ يحضر هذا الاختلاف والتنوع في الأذواق"، مُضيفاً: "بمناسبة سيد درويش، أثناء العمل على كيرة والجن (2022، مروان حامد)، قرأنا بحثاً عن تاريخ الأغنية الإباحية، فوجدنا أنّها انتشرت عام 1920، أي في فترة قمم الموسيقى، وصعود الحركة الوطنية المصرية التي كانت ملهمة للشعوب حولنا، وكانت هناك نهضة فكرية في المستويات كلّها. مع ذلك، انتشرت الأغنية الإباحية بكلماتها الرقيعة. المختلف الآن أنّ تلك الأغنية تصل بسهولة عبر الهاتف المحمول، لكنّي لن أستسلم لفكرة أنّ الذوق انحدر، وسأظلّ أرفض ذلك، وأقاومه".

استمرت الندوة، بإدارة الصحافي جمال عبد الناصر، نحو 90 دقيقة، والحوار عذب وانسيابي بين المبدع المصري وجمهوره من مختلف الأعمار. تحدث نزيه عن مشاركته كممثل في الفرقة الموسيقية لعمرو دياب، في "آيس كريم في جليم" (1992) لخيري بشارة، مستعيداً بداية مشواره مع الموسيقى، ومُعبّراً عن اعتقاده أنّه لا يوجد إنسان في الكون لا يُولد وهو لا يحبّ الموسيقى. مع ذلك، لا يتذكّر متى، تحديداً، قرّر أنْ تكون هذه حياته. فعلاقته بها لم تنقطع قَطّ، رغم أنّ أهله رفضوا أنْ يدرسها، مُرحّبين بها كهواية فقط. درس الهندسة التي كان يحبّها، وتفوّق فيها، لكنّه قرّر عدم العمل بها. لم يدرس الموسيقى في أكاديمية أو معهد، بل علّم نفسه بنفسه مبادئها وقواعدها، وتنوعّت قراءاته (أدب وفن وتاريخ وسياسة)، فاكتسب وعياً وثقافة. يعترف بأنّ دراسة الهندسة علّمته الاعتراف بالخطأ، وعدم المكابرة

تحدث هشام نزيه، أيضاً، عن أول محطة مهمة في مشواره الموسيقي، المتمثّلة بالعمل مع فرقة موسيقية. كان يبلغ 13 عاماً: "حينها، لو رفضوا انضمامي إليهم، لانتهى الأمر، ربما، أو لا أحد يعلم ما الذي كان سيحصل. أعتقد أنّ هذه أهم محطة وأهم شغل في حياتي. كنتُ أعيش في بورسعيد، والفرقة تعمل في الحفلات. أعتبره أول عمل احترافي لي، لأنّي التزمت المواعيد، وعزفت ما طُلب مني، وحصلت على أجري، والناس يستمعون بسعادة. هذا مفهوم الاحتراف: الناس يعتمدون عليك، فيجدونك ملتزماً معهم".

حين سئل عن عمل حقق له الشهرة، أجاب بشكل غير متوقع: "لا أعرف الشهرة متى تحققت. لا أعرف أصلاً إذا كانت تحققت أو لا. لكني أعرف شيئاً آخر: متى أصبح المنتجون ومَنْ أعمل معهم يثقون بي. أعني بكلمة الثقة، أنّه عندما يُطلب منّي شيء محدد، بمواصفات معينة، أقترح عليهم مواصفات أخرى مختلفة. في البداية، رفض، ثم جاء وقت يقولون لي فيه: دعنا نسمع المقطوعتين، ثم وصلنا إلى مرحلة: وأنت، ماذا ترى؟ إنّها المرحلة التي أعتز بها في حياتي، والتي أصبح فيها المخرج والمنتج يطلبان مني مشاهدة الفيلم، وإخبارهما رأيي. هذا التغيير أعتز به في علاقتي الاحترافية، لأنّها مرحلة لم أحصل عليها بسهولة أبداً، بل بعد معاناة وصعوبات، وبعد رفض لوجهة نظري ودفاع عنها. لكنّي محظوظٌ، لأنه ساعدني في ذلك، أيضاً، وجود جمهور مستعد للمفاجآت الفنية، فكان يتجاوب معها".

على عكس أفكار هشام نزيه، وكيفية تفسيره الأمور، وبحثه عن القيمة الفكرية، ونظرته المتواضعة إلى ذاته رغم شهرته (ليلة الافتتاح، قال إنّه يرى نفسه وإنتاجه الفني ضئيلين، وهو يقف أمام تماثيل أجداده الفراعنة في معبد الأقصر)، وقف الممثل محمد رمضان على المسرح نفسه، قبيل تكريمه، قائلاً ـ بغرور زائد فسّره البعض بالطموح ـ إنّه قادرٌ على تقديم أعمال تُضاهي إبداع الفراعنة.

لا شكّ في أن محمد رمضان يمتلك موهبة الأداء، ولديه منطق في تصرّفاته، بما فيها تلك المثيرة للجدل، إذْ يعتبر عمله الأساسي التسلية، كما اعترف في ندوة تكريمه: "أنا ممثل. دوري أنْ أسلّي الجمهور. ليس مطلوباً مني أكثر من ذلك. لو قدّمت شيئاً إضافياً، فيه رسالة، سيكون الأمر جميلاً. لكنّه ليس دوري. لا يطلب مني أحد تقديم رسالة هادفة. هذا ليس دوري. هذا دور آخرين. لا تحمّلوني مسؤولية الآخرين. أكرّر: هدفي ومسؤوليتي التسلية".

المدهش أنّ محمد رمضان سيتحدّث، بعد ذلك، عن تنوّع أعماله التي لا تعتمد التسلية فقط. يقول إنّه لا يخاصم ضميره، ولا القيمة. كأنّ هذه "التهمة" لا تزال تؤرقه وتسبّب له عقدة، وإنْ أنكرها. حين يسأله البعض عن مكتبته السينمائية، ومتى بدأ تكوينها، فتكون فيها أعمال تدخل في "أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية"، تجده ينسى موضوع التسلية الذي طالما دافع عنه، ويعود إلى الحديث عن القيمة، وأنّه مهتم بتلك المكتبة.

وعندما يسأل عن إثارته جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديره للخسائر والمكاسب التي حقّقها جراء ذلك، يتحدّث عن أهمية التسويق له كممثل، وأنّه يؤمن بأنّ أي جلسة أو اجتماع لا يحقّق له عائداً، يعتبره بلا جدوى، مُشيراً بأصابعه الـ3 إلى تلك الإيماءة التي تعني "الفلوس". مع ذلك بقليل، يتراجع: "لا أقصد بالعائد أنْ يكون مادياً فقط".

خلاصة تصريحات محمد رمضان أنّه قال كلّ شيء، ونقيضه. حاول تجميل صورته. إنّه طموح حدّ الغرور، ويُريد كل شيء، ويرغب في أنْ يصفه الناس بأنّه "الرقم واحد"، وفي الوقت نفسه، يقولون عنه إنه متواضع، ويساعد الفقراء، كما فعل أحدهم في الندوة. تأمّل ما وراء تصرّفاته يشي بأنْ لا رسالة وهدف لديه يمكن أنْ يضحي لأجلهما. وإلا، فلماذا لا يفاجئ جمهوره بإنتاج فيلمٍ سينمائي من أمواله الخاصة، له قيمة تُدخله تاريخ السينما المصرية والعربية، بدل أنْ يُتحفنا بمشاهد لأنواع سياراته التي يمتلكها، وربما طائراته في المستقبل؟

إلى ذلك، فاجأت الممثلة هالة صدقي الجمهور، في ندوة تكريمها، بأنّها لم تعد تؤمن بالفن، وبأنّها تعمل على افتتاح مشروع تجاري (مقهى)، لأنّ الفن لم يعد يُوفّر لها الأمان المادي. هناك صفحة طُويت. يسألها أحدٌ يُريد الالتحاق بمعهد التمثيل، فتنصحه بعدم المحاولة، وهذا تنصح به أولادها، لأنّ الفن برأيها "لم يعد له مستقبل، ولا ضمان، ولا تأمين، ولا معاش".

من جهته، حاول المخرج مجدي أحمد علي، في الندوة، إقناعها بالعدول عن رأيها، مؤكّداً أنّ الصناعة تمرّ بأزمة، وهذا لا يعني الاستسلام، إذْ لا بُدّ من مواصلة المعركة، وإيصال "رسالة فنية سامية". قال إنّ تحقيق الأمان المادي للفنان يكمن في تنفيذ "حقوق الملكية الفكرية"، لأنّه مع كلّ إذاعة عمل فني، يكون هناك جزء من الدخل مُخصّص بالفنان. يذكر ورثة بليغ حمدي مثلاً الذين "يعيشون كالملوك"، من دون أنْ يغفل أن على الفنان، في حياته، أنْ يكون حكيماً في إنفاقه، وأنْ يقتطع جزءاً من الأجر المرتفع، الذي يحصل عليه، ليدخره للزمن. لكن هالة صدقي ظلّت، حتى ختام الندوة، ثابتة على قناعاتها.

 

العربي الجديد اللندنية في

17.02.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004