جنيات إنشيرين”:

عن الملل والملل الوجودي

رياض حَمَّادي– اليمن

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 95)

   
 
 
 
 
 
 

محكومًا بغضب كبير الآلهة زيوس قضى سيزيف بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه وحين يصل إلى قمته تتدحرج إلى الوادي فيعاود سيزيف رفعها إلى القمة إلى الأبد.

لو أن سيزيف إنسان لشعر بالرتابة والملل ولتمرد على واقعه مثلما فعل “دون كيشوت” الذي أصابت عقله لوثة فترك بيته وشد الرحال كفارس من العصور الوسطى باحثًا عن المغامرات. لعله الملل الوجودي والبحث عما يخلده هو ما دفعه لأن يتخيل أعداءً لا وجود لهم فيحارب طواحين الهواء وقطعان الماعز. ولعله الملل الوجودي نفسه يقف وراء مغامرات مدام بوفاري- في بيئة رتيبة تفتقر إلى مباهج الحياة- وما الشهوانية إلا وجهه الظاهر.

من خلال الرؤية نفسها، يمكن أن ننظر إلى كولم (بريندان جليسون) وهو يقرر فجأة التخلي عن صداقته لبادريك (كولن فاريل). ثمة لحظة في حياة كل منا يقف فيها المرء أمام مرآة نفسه ليرى ما أنجز وما يمكنه إنجازه، لحظة وعي أشبه بكوة نور نرى من خلالها الفراغ الذي خلفناه ونتساءل عن البصمة التي يمكن أن نتركها كأثر خالد وراءنا شرط التوقف عن الروتين اليومي والبدء من جديد.

في خضم هذا التساؤل سنلقي باللوم على عاداتنا وربما على أقرب المقربين إلينا. هذا ما فعله كولم وهو يعتقد أن صديقه بادريك يسرق وقته ويحرمه من التفرغ للتأليف الموسيقي.

نوع آخر من الملل

يتناول فيلم “جنيات إنشيرين” (The Banshees of Inisherin) 2022م، لكاتبه ومخرجه مارتن مكدوناه، وبإشارات تشويقية متصاعدة، موضوعًا فلسفيًا هو الملل الوجودي. والمدهش أن يكون الملل موضوعًا لفيلم دون أن يصاب مشاهده بالملل، والسبب هو لغته البصرية المدهشة وإيقاعه غير البطيء، مع أن أحداثه عادية، إذا استثنينا الحدث الجنوني المركزي وهو قطع كولم لأصابع يده احتجاجًا على اقتحام بادريك حياته بعد أن حذره ألا يفعل.

يفتتح الفيلم بلقطات تأسيسية للجزيرة نرى فيها من زاوية علوية مساحات شاسعة خضراء، وعلى جزء بسيط من الجزيرة ثمة بيوت قليلة. اللقطات نفسها تتخلل أحداث الفيلم لتذكرنا بالفراغ والعزلة التي تحيط بالجزء المأهول من الجزيرة. الحانة ومنزل بادريك وأخته شيفون ومنزل كولم: ثلاثة أماكن رئيسية لسرد أحداث القصة. واللافت أننا لا نرى الناس وهم يمارسون أعمالهم بل نراهم إما في الحانة، أو وهم يتناولون الطعام في البيوت. هذه الحياة الرتيبة التي تخلو من الأخبار هي مدعاة لملل يمكن أن يشعر به الجميع، لكن مكدوناه يؤكد على ملل من نوع آخر هو الملل الوجودي الذي تختلف أسئلة من يعاني منه بحسب هدفه في الحياة: كولم يبحث عن لحن يخلده، وشيفون تبحث عن رجل يحبها، ودومينيك يبحث عن امرأة تحبه، بينما بادريك وبقية سكان الجزيرة يعيشون حياتهم دون هدف، وهم بهذا أقرب إلى اتباع مذهب اللذة.

صديق يقرر مقاطعة صديقه فجأة. سيتساءل بادريك عن السبب. وسيخبره كولم أنه لم يعد يحبه. وسيخبره لاحقًا بسبب آخر هو أقرب للحقيقة: لقد مل من ثرثرته العقيمة. تحرَّج كولم من إطلاق صفة ممل على صديقه بادريك لكن هذا سيسمعها من آخرين في الحانة. والواقع أن جميع سكان الجزيرة مملين. هذا ما صارحت به شيفون كولم وما خطته في رسالتها لأخيها بادريك بعد أن رحلت إلى مكان آخر مدركةً أن بقاءها عازبة ليس لعيب فيها وإنما العيب في المكان وأهله.

تصف شيفون الناس في المكان الجديد الذي حلت فيه بأنهم أقل عنفًا وسخرية ويتسمون بالعقلانية خلافًا للجزيرة التي غادرتها ووصفتها بأن لا شيء فيها سوى الكآبة والعزلة والضغينة والحقد والوحدة والوقت الذي يمر ببطء مُميت.

برحيلها عن المكان تقدم شيفون أولى الخيارات. وبعد أن أنقذت نفسها ترسل لأخيها رسالة تدعوه فيها لينضم إليها. ثمة سرير ينتظره ووظيفة ممكنة بعد أن توقفت الحرب. لكن بادريك كان قد اكتشف لعبة خطيرة هي الحرب في نسختها الأصغر. بهذه الحرب مع صديقه اللدود كولم سيقدمان الخيار الثاني للخلاص من الملل الوجودي؛ بعد أن أثبت كولم أنه غير قادر على ترك أثر خالد، أو أنه قد فعل ذلك بلحنه الذي أنجزه ولم يعد يبالي بعدها إن فقد أصابعه أو إن قضى نحبه حرقًا على يد صديقه بادريك.

كانت الحرب الأهلية الأيرلندية الأكبر تدور في خلفية المشهد ولا يُسمع منها سوى أصوات المدافع التي تقطع بين فينة وأخرى رتابة السلام في الجزيرة. الحرب في صورتها الجحيمية هي مرآة لحرب الصديقين وأحد الخيارات المقترحة للخلاص من الملل الوجودي الذي يعاني منه كولم.

يمكن أن نرى في صورة الحرب هذه تفسيرًا لاستفحالها على الأرض. ينظر بادريك إلى المكان الذي تشتعل فيه الحرب ويقول: “بالتوفيق لكم، أيًا يكن السبب الذي تتقاتلون من أجله.” والمضمر (فهو أفضل من حالنا هنا) وفي مشهد آخر وبعد توقف سماعهم لأصوات القذائف يقول بادريك: “واثق بأنهم سيحاربون بعضهم مجددًا قريبًا. بعض الأمور لا يمكن إيقافها وأظن أن هذا شيء جيد!” وهو بهذه العبارة يشير إلى حربه مع كولم والحرب بشكل عام.

ليس مللًا عاديا ذلك الذي يعاني منه كولم. مثل هذا الملل قد اعتاده؛ فلا يمكن للمرء أن يتوقع في جزيرة كهذه سوى الملل، كما عبَّرت شيفون. في محاولة للتشخيص تعتقد شيفون أن كولم يعاني من الاكتئاب، وهو اليأس بلسان القس. وبحكم أنه موسيقيّ، أدرك كولم المأزق العبثي العالق فيه، ولذلك قرر أن يضع حدًا لهذه الرتابة، والعجز واليأس معًا، بعمل يكشف عن روح الفنان. سيبتر أصابعه ليذكرنا بقطع فان جوخ لأذنه. الفارق بين فان جوخ وكولم هو في الهدف من البتر وفي القدرة على إحراز عمل يضمن الخلود.

يدرك كولم قيمة أن يترك الإنسان عملًا يذكره الناس به. واحدة من أعظم حوارات الفيلم عندما يقول لبادريك إن اللطافة فانية خلافًا للشعر والموسيقى والرسم. لكن كيف بوسع عازف كمان أن يترك عملًا خالدًا وقد بتر أصابعه؟! وهل يتعارض اللطف مع الإنجاز والإبداع؟!

إحساس كولم بالعجز مواز لإحساسه بقيمة الخلود. هذا العجز يتحول إلى عمل انتقامي من نفسه. برغم تباين شخصيتيهما إلا أن بادريك هو مرآة لكولم. لا يريد كولم أن يكون نسخة عن صديقه. ثمة حاجز فكري بين الصديقين يتمثل بصريًا من خلال حاجز زجاجي نراه في كادرات عدة. في أحد المشاهد يحطم بادريك المرآة عندما يرى صورته فيها قبل أن يذهب للانتقام من صديقه. نرى في المرآة صورة بادريك وقد تشوهت بفعل التكسير وتعدد وجهه بفعل التشظي. التباين في الشخصيتين نراه ماثلا كذلك في صور بوستر الفيلمين: ثمة مسافة فاصلة بين كولم وبادريك وهما على الشاطئ والكلب أقرب إلى كولم. وفي صورة أخرى للفيلم نرى الصديقين يعطي أحدهما ظهره للآخر.

نجد الحاجز نفسه في كادرات أخرى وقد حلت البقرة والحصان محل بادريك، وحل بادريك محل كولم. هذا الاستبدال يشير إلى أثر قطع كولم لصداقته ببادريك والتي ألقت بتأثيرها على علاقته بحيواناته الأليفة. ويمكن أن نرى في هذا الاستبدال تماثلًا وتوحدًا بين بادريك والحيوانات، من حيث طبيعة الحياة، وفي مراقبة الحيوانات لبادريك شعور يدل على اهتمامها بحالة صاحبها.

وينتهي الفيلم بكادر أخير يمثل الفراق النهائي بين الصديقين والسيدة مكورميك تتوسطهما في الكادر بما يوحي بدورها السابق والقادم في هذا الانفصال. تجسد السيدة مكورميك دور “الشؤم” في عنوان الفيلم وفي لحن كولم. كلمة  banshee في الأسطورة الأيرلندية هي “روح أنثى تحذر من الموت الوشيك في منزل.” وهي بهذا المعنى والدور تقترب من معنى “غراب البين” الذي يعبر عن الشؤم في الثقافة العربية.

الألم والملل

وفقًا لشوبنهاور، فإن حياة الإنسان، وحتى الحيوان “تتأرجح مثل البندول بين الألم والملل، ولذلك فضَّل كولم تحمل الألم على تحمل الملل باترًا أصابع يده الخمسة في محاولة ظاهرية لجعل صديقه بادريك يكف عن إزعاجه، أما السبب الحقيقي فيكمن في رغبته في التخلص من الملل. قد تبدو هذه صورة مبالغ فيها لو لم نجد ما يدعمها في التجارب العلمية التي أثبتت أن الإنسان يفضل التعرض للألم في محاولة لتجنب الملل. في تجربة أجرتها جامعة هارفارد عام 2014م، “تُرك أفراد منعزلون في غرفة بيضاء هادئة وخاوية سوى من زر واحد إن ضَغط عليه الشخص يصاب بصدمة كهربائية. بعد بضع دقائق، شعرت نسبة كبيرة منهم بالملل إلى درجة أن بعضهم ضغط على الزر مرتين.”

كان كولم يبحث عن خصم يمنحه هذه الإثارة، وما من مشجب أفضل من بادريك “الممل والأحمق” الذي بدل أن يتركه وشأنه- كما سيفعل أي إنسان عاقل- استمر في اقتحام حياته ليمضي كولم في تنفيذ تهديده. بعد أن قطع إصبعه سألته شيفون: “هل تألمت؟” أجاب بأنه شعر بألم مؤقت وبإثارة أكبر. وقال لبادريك: “لا أريد اعتذارا منك، إنه أمر يريحني”. من الواضح أن كولم وصل إلى درجة من اللامبالاة تجاه أفعال بادريك، واللامبالاة تعبير عن اليأس وهي أقرب إلى العدمية وتتناقض مع الرغبة في الخلود، لكنها لا تنفي شعوره بمأزقه الوجودي.

تفضيل الألم على الملل جاء بصورة أخرى هي الانتحار. هذا الخيار قدمه دومنيك- قام بالدور (باري كيوجان) ببراعة لا تقل عن أداء فاريل وجليسونمثل كولم يبحث دومنيك عن معنى حدده في العثور على الحب، تشاركه شيفون هذا الهدف، لكنها تبحث عنه في رجل ومكان آخرَين. رابطان كانا يبقيان دومينيك على قيد الحياة: لطف بادريك وأمله في حب شيفون له، وبعد أن تحولت شخصية بادريك، من اللطف إلى القسوة، واكتشف أن شيفون لا يمكنها أن تبادله الحب قرر ما كان ينوي القيام به. الانتحار هو الشيء الوحيد الذي خطط له في حياته العفوية.

بالنظر إلى الخيار الذي اتخذه وسيلة للخلاص، فقد كان دومينيك أكثر وعيًا بمأزقه الوجودي من بادريك بل ومن كولم نفسه. شعر دومينيك أن الموت أكثر معقولية من بقاء الآلة تعمل دون جدوى، بحسب تعبير نيتشه عن الانتحار الذي يسميه “الموت المعقول”. كان بوسع كولم الرحيل أو الانتحار، أو خيارات أخرى من تلك التي أشار إليها بادريك: “إذا لم تكن تحتضر فلديك الوقت الكافي لتفعل ذلك: (الدردشة والتأليف).” عندما ذهب إليه بادريك وجده جالسًا لا يفعل شيئًا سوى التدخين، ما يعني أن لديه الوقت الكافي للتفكير والتأليف.

ثمة إدانة للدين في تحميله جزءًا من مسؤولية الملل الوجودي. الإدانة ماثلة في حوار كولم مع القس عن الأتان (جيني) المقتولة التي لا يلقي الله لها بالًا.. هنا تكمن المشكلة في نظر كولم، بلسان حال قائل: لو أنه يهتم (بالأتان) لتغير الحال. ضع هذا المشهد بما يتضمنه من معنى مقابل مشهد آخر لمجموعة من الأبقار وهي واقفة عند قبر (جيني). بالمقارنة: يخبرنا هذا المشهد بأن الأبقار تهتم، أكثر مما يفعل الله! بادريك نفسه يهتم إلى درجة تكون فيها حيواناته أقرب إليه من الإنسان. خذله الإنسان بينما لم تخذله حيواناته قط. لذلك آلمه موت جيني فيضعها في قبر وعليه الصليب بما يدل على قدرها عنده. التذكير بهذه الإدانة أو المسؤولية يظهر في كادرات عدة نرى فيها تمثال مريم العذراء، في أكثر من مشهد، ونرى السماء كخلفية للصلبان أو هذه في مواجهة السماء وكأنها شواهد على قبور المأزق البشري.

للحيوانات حضور في الفيلم يماثل حضور البشر، تجدها في غرفة النوم وغرفة الطعام، وهي ذكية ولطيفة- خلافًا لسكان الجزيرة الذين يفتقرون للطف والذكاء- ويمكنها أن تكون رفيقًا أفضل في حالات الوحدة والحزن والملل، كما في حالة أتان بادريك وكلب دومنيك. يخاطب بادريك كلب كولم: “أنت الشيء الوحيد اللطيف فيه.” تتسلل الفكاهة من مواقف عديدة بطلها في الغالب دومينيك بعفويته وبساطته وتصرفاته الحمقاء، لكن أحد المشاهد الطريفة بطلها كلب كولم. بعد مواجهة بين كولم وبادريك انصرف بادريك معتقدًا أنه قد استعاد صداقته بكولم، لكن الكلب أدرك حقيقة الموقف وأن كولم ينوي بتر أصابعه فما كان منه إلا أن حاول إبعاد المقص من أمامه.

صور التمرد

هل يجدي التخلص من العبثية والملل الوجودي بالانتحار؟ يجيب كامو “لا، إنها تستوجب التمرد.” لكن الانتحار صورة من صور التمرد، والرحيل تمرد كذلك، كما فعلت شيفون، والعنف كما فعل كولم وبادريك، كلها صور للتمرد على الملل الوجودي، بينما يقف بقية سكان الجزيرة مشاهدين غير مدركين للمأزق الوجودي الذي هم فيه. لو أن الملل مدعاة لأن يبتر الإنسان أعضاءه لما بقي منه سوى رأسه على حد تعبير ساقي الحانة. تسأل شيفون أخاها: “ألا تشعر بالوحدة؟!” يجيبها مستغربًا: “لا أشعر أبدًا بالوحدة.” ومن لا يعرف معنى الشعور بالوحدة لن يعرف معنى الشعور بالملل. وبادريك بهذا أبيقوري: اللذة عنده هي الخير الأسمى، والألم هو الشر الأقصى. عندما تخبره أخته بقرار رحيلها يسألها: “ومن سيطبخ لي؟

لو أن هدف كولم التأليف والتفكير لوجد وقتًا كافيًا. إضافة إلى لغة الحوار، تخبرنا الكاميرا بهذه الحقيقة من خلال تصوير بيت كولم المنعزل إلى جوار الشاطئ. وبلقطات علوية بعيدة نرى الجزيرة الشاسعة خاوية من الناس. إنه مكان ملائم للإبداع. وثمة وقت ومساحة كافية للإلهام. ينعكس جمال الجزيرة هذا من خلال كادرات الفيلم (التقطت أكثر من ثلاثين صورة بديعة من الفيلم). إن كل كادر في الفيلم هو تحفة ومتعة بصرية، وكأنه بهذه اللغة البصرية يشير إلى أن جمال المكان كفيل بأن يكون دافعًا للإبداع.

ما يزعج كولم ليس الوقت الذي يضيعه بصحبة بادريك وإنما هو الوقت الممل الذي يقضيه معه والدليل أنه أحبه عندما بدأ بادريك في انتقاده. كأي فنان حقيقي احتاج كولم لنقد لاذع وإثارة تخرجه من حالة الركود، وهذا ما اكتشفه بادريك واستثمره ليوجه لكولم المزيد من الانتقاد في محاولة منه لاستعادة صداقتهما. سيتطور النقد إلى حالات عنف ظن بادريك بها أنه سيُعيد صداقتهما ولو في صورة مغايرة لتلك التي يعتبرها كولم مملة.

ثمة نظرة سلبية للملل الوجودي فهو عند شوبنهاور “توق دفين من دون أي هدف معيَّن”. ويعرفه هايدجر بأنه “الضباب الصامت”، ووصفه كيركجارد بأنه: “جذر كل الشرور.” من ناحية أخرى يمكن للملل أن يكون مصدراً للإبداع، ودافعًا ومحفِّزًا للابتكار، بل هو أساس العملية الإبداعية، إذا أدرك المبدع ضرورة الخلاص منه بعمل خلاق. هذا العمل الخلاق هو ما كان يبحث عنه كولم- لكن “العين بصيرة واليد (أصبحت) قصيرة”- وسط بيئة (أبقورية) مملة.

 

موقع "عين على السينما" في

06.02.2023

 
 
 
 
 

"آفاتار 2": إبهارٌ بصري مع غيابٍ للسرد

عمر شبانة

فيلم "آفاتار 2" يُدعى، بحسب بعض من شاهدوه، معجزة جديدة في مجال المؤثرات البصرية، وهو كذلك فعليًّا، فهو مبهرٌ بصريًّا، حتّى أنّنا اضطُررنا، في أثناء مشاهدته، إلى ارتداء نظّارات خاصّة لنستوعب الصّورة وسرعة حركتها وخلفيّاتها، ويتساءل من شاهد فيلم "تايتانك" إن كان كاميرون هو المخرج نفسه الذي يقدم "آفاتار"، إذْ سننتظر، بحسب تصريحاته، أجزاء جديدة منه قد تصل إلى الخمسة، فالفروق بين الفيلمين شاسعة وواسعة.   

بعد مشاهدة الفيلم (من تأليف وإخراج جيمس كاميرون)، لا أستطيع أنا، وربّما غيري ممّن شاهدوا الفيلم، إنكار الجهد الهائل والجبّار الذي بذله المخرج وفريق عمله لإنجاز هذا العمل المُبهر بتقنياته وأدواته البصرية. تقنيات كانت ستكون فائقة للخيال البشري قبل سنوات، لكنّها تتحقق الآن في عمل خارج التصوّر بصريًّا وصوتيًّا أيضًا. لكنّ العمل ليس مُبهرًا على صعيد السرد الدراميّ والخاتمة، ولا على مستوى "الرسالة" النهائية للفيلم. وهو ما يطرح السؤال عن مدى ارتباطه بما يُسمّى "سينما الخيال العلميّ"، من جهة. ومن جهة ثانية بماذا يختلف عن أفلام "الأكشن" الاستهلاكية، رغم أنه يختلف عنها فعلًا؟ وهل يستحق مئات الملايين (حوالي 400 مليون دولار) كميزانية، وما يقارب مليارَي دولار من الدَّخل خلال أسابيع قليلة؟ ومن هو جمهور هذه الأفلام أصلًا؟ أسئلة تنتظر من يجيب عنها.

البعض رأى أن كاميرون هذه المرة يخلق في عالمه وبأدواته المتخيّلة مساحة خياليّة عن الاستعمار، وعن أطماع البشر وميولهم العنيفة، وحاجاتهم التي تحركهم

خلق تقنيات جديدة

وبناءً على ما جاء من تقارير حول الفيلم، فإن جيمس كاميرون في هذا الجزء من فيلمه خصوصًا، وفي الجزء الأول منه جزئيًّا، يعتمد نظام الكاميرا الافتراضية، وتصوير فيلم ثلاثيّ الأبعاد، مزاوجًا بين مؤثرات الـCGI القادمة من عالم الألعاب، وتقنية الحركة الحية أو "اللايف آكشن"، خالقًا تقنية جديدة أطلق عليها  The Volume وهي قائمة على قناع للوجه شديد الحساسية مدعوم بكاميرا دقيقة لالتقاط تعبيرات الوجه. هذا بخلاف تطويره لنظام Fusion Digital 3-D Camera الذي أتاح للممثلين إمكانية رؤية المؤثرات المحيطة بهم بدلًا عن الخلفية الخضراء، وعن الاعتماد على خيالهم أثناء تأدية المشهد.

كان السؤال الأوّل والكبير الذي طرحتُه عند انتهائي من مشاهدة الفيلم، والخروج منه مبهورًا، ولكن مخذولًا أيضًا، وهو سؤال ربّما يكون آخرون ممّن شاهدوه طرحوه على أنفسهم أيضًا، وهو ما إذا كان يكفي استخدام كمية ضخمة من الآلات والتكنولوجيا والإبهار البصري لصناعة فيلم سينمائيّ ناجح؟ أم أن ما رأيناه في هذا الفيلم يحيل على عالم آخر غير السينما، بما يتطلب هذا الفن السابع من عناصر إنسانيّة بعواطف ومشاعر وأحاسيس؟

أمّا السّؤال الثاني الذي يمكن طرحه على هذا الفيلم والقائمين عليه، فهو حول "الرسالة" التي حملها وأراد تبليغها إلى مشاهديه. إذ يبدو أنه أراد أن يعكس صورة من صور الصراع بين قوى الشرّ متمثّلة في حضارة القوّة والعلم والمعرفة، مقابل قوى الخير متمثّلة في الشعب البدائيّ وقبائله المحبة للسلام والطبيعة والجمال. هذا الصراع الذي ينتهي في الفيلم بانتصار حضارة البدائيّين وخيرهم على حضارة القوة والعلم وشرّها. وهنا سنجد من يتوهّم أن هذا الانتصار هو حلم المخرج نفسه. لكنّ انتصار الخير على الشرّ يتطلّب مؤهّلات لا يتوفّر عليها النصّ ولا السّرد الدراميّ، بل نحن حيال مغامرات لا يربطها رابط قويّ ومنطقيّ.

نقد الاستعمار

في خضمّ الاستعمال الهائل للقوّة والتقنيات التي تجسّدها، وصراع هذه القوّة الاستعماريّة مع قوى الخير التي تدافع عن نفسها بالقوس والسهام، وفي فيلم تبلغ مدّته ثلاث ساعات وربع، تبرز وتضيع عبارة يكرّرها أفراد القبيلة، وهي عبارة تعني حرفيًا "أنا أراك". لكنهم يقصدون بها "أنا أحبّك" كما يتّضح من سياق اللقاءات والحوارات. ومثل هذه العبارة، ثمّة مشاهد حبّ قليلة تبدو كقطرة عطر في بحر هائج. نعني هنا الحبّ الذي يجمع أفراد القبيلة المدافعة عن أرضها وحياتها، في مواجهة قوّة حضاريّة تريد أن تفرض عليها نمطَ حياة لا يلائمها، وهي تفعل ذلك لا حبًّا في هذه القبيلة أو رغبة في تطويرها، كما يدّعي المستعمِرون عادة، بل للسيطرة على ثروات تنطوي عليها بلادها. 

البعض رأى أن كاميرون هذه المرة يخلق في عالمه وبأدواته المتخيّلة مساحة خياليّة عن الاستعمار، وعن أطماع البشر وميولهم العنيفة، وحاجاتهم التي تحركهم، فيُصوِّر شعبًا وادعًا يحيا بانسجام مع الطبيعة، ألا وهم قبائل "النافي"، أمام الجيش الأميركي الذي يريق دماءهم وينهب ثرواتهم، في استعارة عن وقائع إبادة السكان الأصليّين لأميركا.

سؤال الطبيعة

ولا بدّ من الإشادة أيضًا بحجم الاهتمام الذي يبديه الفيلم حيال الطبيعة والبيئة، وبطريقة علمية خيالية أيضًا، خصوصًا في إبرازه ملمَحَين أساسيّين منها هما الغابات والمياه. هذا الاهتمام المشدَّد والمعمّق يتّخذ أبعادًا عدّة. الأوّل منها يتعلّق بجماليّات الطبيعة، حيث تدور الكاميرا حاملة أجمل وأعمق ما في الغابة والبحر، خضرةً وزرقةً لم يسبق للسينما إبرازهما، في حدود علمنا. والبعد الثاني يتعلّق بمدى ارتباط كلّ من القوّتين المتصارعتين بهذه الطبيعة، وهو ارتباط تحكمه المصلحة عند الطرف الأقوى الذي لا يتورّع عن تدمير الطبيعة حين تدعوه مصلحته إلى ذلك، ولكنه ارتباط يحكمه الحبّ لدى القبيلة المُسالمة التي ترفض النمط غير الطبيعيّ في حياتها. مع ذلك يظلّ السؤال عن كلّ ما يقال عن الخيال العلمي في الفيلم.

إشارةٌ أخيرة أجد أنها ضروريّة، تتعلّق بجمهور الصالة، وأقصد الصالة التي شاهدت الفيلم فيها في عمّان، حيث كان الحضور لا يزيدون على عدد أصابع اليدَين، وهذا يبدو أمرًا غريبًا حيال ما هو شائع عن الجماهير التي جعلت إيرادات الفيلم تقارب المليارين، فأين هي المشكلة، إن كانت ثمّة مشكلة؟

 

ضفة ثالثة اللندنية في

08.02.2023

 
 
 
 
 

"آل فايبلمان": عن سبيلبيرغ وعشقه السينما وسحرها

عبد الكريم قادري

أثبت ستيفن سبيلبيرع (1946)، عبر "آل فايبلمان" (2022)، أنّ السينما معادلٌ موضوعي للحياة. من خلالها، تتحوّل الأحلام إلى حقيقة وسحر. كأنّه يقول، بصوت مرتفع: "الجمال الذي تفرزه الأفلام لا يُمكن لأي فنّ نقله ولا فهمه". ليس لأنّه أفضلها وأهمها، بل لأنّه قادر على اكتشاف الجمال العظيم، إضافة إلى قدرته على اكتشاف الحقائق وأسرار الأشياء. هذا المُعطى الأساسي جسّده سبيلبيرغ في جديده، ليكون تحية حارّة منه للسينما، التي شكّلت حياته، وصبغت معظم سنوات عمره بتلك الهالة من الإثارة والأضواء.

فيه، نقل جزءاً من سيرته وولعه بهذا الفن، كأنّه يجاري به "سينما باراديزو" (1988)، للإيطالي جوزيبي تورناتوري، الذي بات مع الوقت تميمة هذا الفن. لكنّ سبيلبيرغ، في "آل فايبلمان"، أقلّ حميمية من تورناتوري، فيكون أكثر فرحاً وأقلّ نوستالجيا. في المقابل، أظهر أهمية السينما بالنسبة إليه، وإلى العالم أجمع.

انعكس ذكاء سبيلبيرغ، المشارك في كتابة السيناريو، في طريقة بناء الفيلم، التي جاءت بشكل تصاعدي. أي أنّه تتبّع المرحلة الزمنية لحياة أبطاله، بدءاً من طفولة سامي فايبلمان (ماتيو زوريان فرنسيس ـ دَفورد)، حين اكتشف الفيلم في قاعة سينما لأول مرة، وحاول والده بارت (بول دانو) ووالدته ميتزي (ميشيل ويليامز) تشجيعه على خوض مغامرة المشاهدة، فتأثّر بذلك لاحقاً. هذا التأثّر نقله إلى مرحلة مهمّة في حياته. بدأ ولعه بالسينما باكراً، خاصة بعد أنْ اشترت والدته له كاميرا. بعدها، ركّز سبيلبيرغ على مرحلتي المراهقة والشباب (أدّى الدور، في هاتين المرحلتين، غابرييل لابيل)، الفترة التي انتقلت فيها العائلة، مرغمةً، إلى ولاية أريزونا، حيث الفضاء الممتدّ، الذي تعكسه الصحراء، وما تحمله من قيمتين، جمالية وفكرية.

هناك، بدأت مغامرة سامي في إخراج أفلام هاوية، مع ابتكاره حلولاً عملية في ظلّ نقص الإمكانيات. أفلامٌ أُعجبَت بها عائلته وأصدقاؤه. انتهت المغامرة بانتقال العائلة، مجدّداً، إلى كاليفورنيا، حيث تبدّلت حياة أفرادها، منذ ظهور علامات تفكّكٍ فيها، وتنمرّ يتعرّض له سامي في المدرسة. شغفه بالسينما لم ينتهِ. حارب مشاكله بالكاميرا. بفضلها، انتقم من الذين تعرّضوا له. بعد انتهاء الدراسة الثانوية، قدّم طلبات عدّة لشركات الإنتاج السينمائي، لجعل هوايته مصدر رزقه.

بين هذه المراحل الـ3، شرّح سبيلبيرغ واقع العائلة من زوايا عدّة، انطلاقاً من خيانة ميتزي لبارت. اكتشف سامي هذا في مقاطع فيديو صوّرها سابقاً، أي أعَدّ لها فيلماً كاملا، بعد تركيبه، ثم عرضه على أمه، التي كانت تتعجّب من ردّة الفعل الباردة لابنها، الذي عرف فيما بعد أنّه اكتشف هذا المعطى الخطر.

أنتج سبيلبيرغ معاني وأبعاداً تأويلية مهمة في فيلمه. منها، أنّ الفنان لا يُمكن أنْ يجمع بين الفن وحب الأسرة، لأنّه إذا أراد بلوغ شغفه والحفاظ عليه، لا بُدّ من التخلّص من التزامات العائلة ومشاكلها. هذه الفكرة أوصلها الخال بوريس (جود هيرش) إلى سامي، خاصة أنّه، هو شخصياً، التزم هذا الأمر، باختياره الترحال والتنقّل في السيرك، تابعاً شغفه، فأنكرته العائلة. سأله سامي عن مغزى "أدخل المرءُ رأسَه في فم الأسد". ردّ عليه الخال: "الشجاعة أنْ تُدخل رأسك في فم الأسد. لكنّ الفن أنْ تجعل الأسد لا يعضك". هذا المعطى الأساسي جعل سامي ينطلق في حياته، غير آبه بمشاكل والديه، خاصة أنّه يعرف جيداً أنّ أمه باتت تتبع مقولة "كلّ شيء يحدث لسبب معين". لذا، تخلّت عن زوجها وأسرتها، من أجل حبيبها بيني (سَثْ روغن)، المقرّب من العائلة.

أشار سبيلبيرغ، أيضاً، إلى مشكلة مهمّة، تعرّضت لها عائلة فايبلمان، خاصة سامي: العائلة يهودية، تعرّض أفرادٌ منها إلى مضايقات زملاء له في المدرسة، لأنّه يهودي، إضافة إلى قِصَر قامته.

في السياق نفسه للأبعاد الجمالية، العامرة بالتأويل، عكس سبيلبيرغ شغف صنع الأفلام عبر المراهق سامي. أعطاه العناصر الأساسية لتحقيق هذا الهدف، مُقنعاً المتلقّي، عبر هذا المخرج الهاوي، بجدوى وجمالية ما يقوم بصنعه. عُرضت تلك الأفلام في السياق الدرامي، مع تصوير الدهشة الأولى عبر المشاركين فيها، ونقلها إلى المشاهد الأساسي، الذي يعكسه جمهور سبيلبيرغ، منتج أفلامٍ عدّة في فيلمٍ واحد. شُكّلت هذه المعطيات وفقاً لتراتبية منطقية، انطلاقاً من الوسائل التي غطّت تلك المرحلة الزمنية، أي الشرط التاريخي والموضوعي، وقرّبنا من الآلات المستعملة ليُشعرنا بحنين إلى ذاك الزمن، الذي شَهِد بدايات صنع السينما. إنّه زمن المخرج نفسه.

تجلّت خبرة ستيفن سبيلبيرغ، في هذا الفيلم ـ الذي افتتح الدورة الـ44 (13 ـ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2022) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" ـ بشكل واضح جداً، بفضل توزيع فصوله والتحكّم فيها. في كلّ فصل، حافظ على التوازن والتشويق، وأوجد قصصاً ثانوية، ساندت الموضوع الرئيسي. أعطى للفصل القيمة نفسها التي أعطاها للفيلم. قلّص الزمن الدرامي، ووسّع الأحداث ورَاكَمَها، وهذا صنع سلاسة، وألغى رتابة متوقّعة وغير مستحَبّة، كان يُمكنها قَطع سلسلةِ المُشاهدة، وخلق تباعدٍ من المُتلقي. انطلاقاً من هذه الخبرة، تمّ تجاوز هذه المعضلة، في هذا الفيلم، كما في أفلامٍ أخرى له.

اختار ممثلون/ممثلات لا ينتمون إلى الصف الأول، واستخرج منهم طاقات تمثيلية رهيبة، خدمت الفيلم، وساهمت في توليد المعنى الذي أراده، خاصة ميشيل ويليامز، مؤدّية ميتزي، الشخصية المركّبة والمعقّدة، التي يصعب فهمها، لأنّها أمّ متفهّمة ومتسلّطة وحنونة وطائشة وداعمة، كما تحمل صفات مركّبة أخرى. استطاعت ويليامز تأدية هذا كلّه، في البُعدين النفسي والشكلي، ما يعكس حُسن إدارة الممثلين من سبيلبيرغ، الذي أخرج الطاقة الكامنة فيها وفيهم.

كما جعل الشخصية وقوداً لزرع حبّ السينما في سامي، إذْ دعمته في كلّ خطوة من حياته، كأنْ تقول له: "الأفلام أحلام لا تنساها أبداً"، وأسدت له نصائح يمكنه الاستناد إليها في حياته، كقولها: "الشعور بالذنب عاطفة ضائعة". شجّعته ليكون مستقّلاً في حياته: "عليك أنْ تفعل ما يُمليه عليك قلبك، لأنّك لستَ مديناً لأحد، ولا حتّى أنا". هذه الشخصية مصدر قوة، عكست تفاصيلَها ويليامز، بكلّ اقتدار ومحبة.

"آل فايبلمان"،المرشّح لـ7 جوائز "أوسكار" (تُعلن نتائجها النهائية في 13 مارس/آذار 2023)، وثيقة سينمائية مهمّة، وتشجيع جمالي من ستيفن سبيلبيرغ على حبّ هذا الفن واحترامه. الفيلم، بحسب طرح المخرج دائماً، وسيلة تفكير وجمال، أكثر منه أداة ترفيه وتسلية؛ ومسار حياة وتجارب، أكثر منه لحظة ترف.

 

العربي الجديد اللندنية في

08.02.2023

 
 
 
 
 

أندريا رايزبوره تستحق الترشح للأوسكار وتتحدى كل جدال حولها

سؤال عن سبب تشهير وسائل الإعلام بواحدة من أجرأ الممثلات البريطانيات وقد جرى التنويه بفيلمها "إلى ليزلي" فيما لا تستقر الأكاديمية الأميركية على رأي بشأنها

جيفري ماكناب 

يمكنكم بسهولة فهم سبب اندهاش الممثلين زملاء #أندريا_رايزبوره بأدائها شخصية أم #مدمنة على الكحول في فيلم المخرج #مايكل_موريس "إلى ليزلي" To Leslie غير المشهور والمصنوع بموازنة بسيطة، وسبب تصويت كثيرين منهم لمصلحة ترشيحها لنيل جائزة الأوسكار. في المقابل، يصعب فهم سبب تعرض رايزبوره  للتشهير في وقت لاحق، مِن قبل وسائل الإعلام بسبب حملتها لجوائز الأوسكار، وكذلك تهديدها بإلغاء ترشيحها.

لا يجرؤ أحد على معاملة ميريل ستريب بهذا المستوى من عدم الاحترام. ويجادل كثيرون بأن رايزبوره هي الممثلة السينمائية البريطانية الأقرب إلى ستريب بجرأتها وتنوع أدوارها. لا تكمن المعضلة الحقيقية في كيفية تطفلها على سباق الأوسكار لهذا العام، لكن في عدم تقديرها ومعرفتها بشكل أفضل.

تأكد اليوم أن ترشيحها لجائزة الأوسكار لا يزال مستمراً، على رغم الجدل الذي هدد باجتياح الفيلم خلال الأيام الأخيرة. تضع رايزبوره  كامل طاقتها التمثيلية في "إلى ليزلي" عبر أداء دور أم عازبة من تكساس مدمنة على الكحول تمر بأوقات عصيبة للغاية. قبل بضعة أعوام، فازت تلك الأم باليانصيب لكنها أنفقت كل أموالها على الكحول. يبدو أداء نيكولاس كيج شخصية بطل غير تقليدي مدمن يتعاطى الكحول حتى الموت الذي أكسبه جائزة أوسكار عن فيلم "مغادرة لاس فيغاس" Leaving Las Vegas عام 1995، فاتراً بالمقارنة مع أداء رايزبوره.

لا تخفي تلك الممثلة البريطانية إعجابها بالدراما المكثفة والطبيعية وشبه المرتجلة التي قدمها الممثل والمخرج والكاتب الأميركي جون كاسافيتس في ستينيات القرن الـ20 وسبعينياته. وفي أدائها شخصية ليزلي، تستغل نفس القوة الشرسة والوحشية التي تراها في أداء ممثلين من أمثال جينا رولاندز وبن غازارا في أفضل أفلام كاسافيتس. يتمكن تجسيدها في آن معاً من التقاط هشاشة ليزلي وغرورها وضلالها وهي مخمورة. إن سلوكها مخادع وحقير أحياناً، لكننا جميعاً نشجعها في نهاية المطاف. وكذلك تمتلك تلك الأم خصالاً ساذجة ومثيرة للشفقة مثل جرو ضائع. قد يصبح الفيلم أكثر رقة في مراحله التالية، لكنه في معظمه نظرة حازمة إلى الإدمان بينما تقدم بطلته أداء يعتصر القلوب.

استطراداً، إن مشاهدة "إلى ليزلي" صعبة وكئيبة. وهناك عدد من اللحظات في الفيلم تجعلك ترغب في الإشاحة بنظرك، مثلاً حينما تسرق الشخصية التي تجسدها رايزبوره المال من ابنها البالغ من العمر 19 سنة كي تشرب إلى أن يغمى عليها مرة أخرى. يأتي المشهد الأكثر كآبة حينما تتقيأ بعدما أقلعت عن الشرب بشكل مفاجئ. إنها حطام امرأة تشعر بالشفقة تجاه نفسها، تخفي زجاجات المشروب تحت فراشها وتنفّر كل شخص تقابله تقريباً، بمن فيهم ابنها. كانت ستعيش حياة قاسية في الشوارع لولا لطف مدير نزل (يؤديه مارك مارون) الذي يمنحها وظيفة عاملة نظافة. وهنا نرى على كل حال التمثيل المنهجي في أفضل صوره. تتقمص رايزبوره شخصيتها ولا تتملص من إظهارها في أكثر لحظاتها بؤساً وقتامة.

حينما أعلن ترشيح الفيلم للأوسكار للمرة الأولى، بدا الأمر كأنه انتصار لصناعة الأفلام المستقلة الكادحة العتيقة في الولايات المتحدة، إذ يقدم "إلى ليزلي" قصة تحكي عن نوع من البطلات نادراً ما تعترف بهن السينما الأميركية السائدة. ليست ليزلي قائدة فرقة موسيقية ذائعة الصيت كتلك الشخصية التي تجسدها كيت بلانشيت، المرشحة لجائزة الأوسكار إلى جانب رايزبوره، في فيلم "تار" Tar، ولا هي نجمة سينمائية تعاني الصدمة على غرار مارلين مونرو التي تجسدها آنا دي أرماس في فيلم "شقراء" Blonde. إنها امرأة يائسة تعيش على هامش المجتمع، وقدرتها على الاعتناء بنفسها أقل بكثير من الأرملة المتجولة التي تعيش في حافلة التي أدتها فرانسيس مكدورماند في فيلم "أرض الرحّل" Nomadland الصادر عام 2020.

في البداية، كتبت الصحف الأميركية المعنية بصناعة السينما بإعجاب عن حملة الجوائز "الشعبية" الفاعلة للغاية التي نظمتها النجمة البريطانية وفريقها. ثم ظهر رد فعل عنيف. وراح المعلقون يلاحظون غياب النساء السوداوات عن قائمة ترشيحات الأوسكار، من بينهن فيولا ديفيس بطلة فيلم "المرأة الملك" The Woman King ودانييل ديدويلر التي أشيد بأدائها على نطاق واسع لشخصية مامي تيل موبلي، الأم المكلومة والناشطة في مجال الحقوق المدنية في فيلم "تيل" Till. وصار ينظر إليهما على أنهما أحق بالترشح [من رايزبوره].

كذلك برزت انتقادات لشخصيات مؤثرة أبدت إعجابها بـ"إلى ليزلي"، من بينها نجمات الصف الأول على غرار بلانشيت وكيت وينسلت وغوينيث بالترو اللواتي استضفن عروضاً للفيلم وعبرن عن دعمهن من خلال منشورات عبر حساباتهن الخاصة على منصات التواصل الاجتماعي وتحدثن علناً عن تألق رايزبوره.

استطراداً، لخصت مدونة "توم أند لورينزو" الصوتية هذا الأسبوع كيف أن ما تسمى "قضية رايزبوره" قوضت سباق الأوسكار لهذه السنة. وورد فيها، "كان التصور أن هذه الممثلة البيضاء، مع جميع صديقاتها من الممثلات البيضاوات، قد أخرجن اثنتين من المرشحات السوداوات المشهورات والمحتفى بهن للغاية واللاتي كان ترشحهن متوقعاً بشدة".  

بطريقة ما، أصبحت رايزبوره، الممثلة البريطانية اللامعة صاحبة الأداء المتعدد الألوان والمعروفة بأنها لم تلعب شخصيتين متماثلتين أبداً، درعاً يصد الانتقاد الموجه إلى "أكاديمية فنون وعلوم السينما" [التي تمنح جائزة الأوسكار] ويصفها بأنها تفتقر إلى الشمولية. لم يعد النقاش يدور حول أداء رايزبوره الاستثنائي في "إلى ليزلي" لكن حول الظلم المستمر في جوائز الأوسكار.

بالتالي، اتهمت الأكاديمية بكراهية النساء والعنصرية. واهتزت تلك المؤسسة إلى درجة أنها فتحت تحقيقاً في الحملة، مما يعد إجراء سخيفاً بشكل واضح. طفا شعور بأن الأكاديمية يائسة في تحويل النقد عنها، بالتالي أصبح "إلى ليزلي" كبش فداء، ووجدت رايزبوره نفسها على خط النار. لو صُنع هذا فيلماً بإنتاج أضخم ونجوم معروفين أكثر، فمن المحتمل أنهم ما كانوا ليجرؤون على ذلك. ومع أن الترشيح لم يُلغ، إلا أن سمعة البطلة تشوهت بالتأكيد وفرصتها الآن للفوز بجائزة أفضل ممثلة باتت ضئيلة.

وللمفارقة، فإن رايزبوره طالبت بصراحة في السابق بأن تصبح الأكاديمية، وهي عضو فيها، أكثر تنوعاً وشمولية.

ففي مقابلة أجرتها عام 2020، صرحت رايزبوره بأن "مقدار المسؤولية التي تتحملها كعضو في الأكاديمية، يجعل تأثيرك في العالم إشكالياً حقاً. فما هو تأثير إهمالك أو عدم إهمالك لشيء ما في العالم؟ كيف يؤثر ذلك في الأطفال الذين يرون صورتهم الخاصة على لوحة الإعلانات، أو أي شخص يشبههم على لوحة إعلانات؟ بقدر ما نستطيع تغيير الأمور نحو الأفضل، وبقدر وجهات النظر التي يمكننا الوصول إليها، وبقدر ما يمكننا أن نفتح أذهاننا أمام أشياء جديدة، يكون ذلك أفضل".

لا تبدو هذه الكلمات كملاحظات صادرة عن شخص يخطط بطريقة نفعية لسرقة مجد الأوسكار من شخص آخر.

في السياق نفسه، لا يشبه الأمر أن تكون رايزبوره ساعية إلى أخذ الفوز بجوائز الأوسكار على محمل الجد أيضاً. في مدونة صوتية استضافتها أخيراً مع مارك مارون، شريكها في بطولة "إلى ليزلي"، استشهدت بفيلم "يرجى الاطلاع"  For Your Consideration الكوميدي الساخر الصادر عام 2006 للمخرج كريستوفر غيست، حول السلوك الفظيع لفريق عمل فيلم منخفض الموازنة وأبطاله الذين يتنافسون للحصول على جائزة الأوسكار، باعتباره أحد أفلامها المفضلة. وفي تلك المدونة، علقت رايزبوره على الفيلم ووصفته بأنه "مضحك للغاية. بمجرد أن اشتم الفريق رائحة الترشيحات فقد الجميع عقولهم، بل كل صلة بالواقع". الآن، هي نفسها عالقة وسط الهستيريا النرجسية عينها في هوليوود، تلك التي سخر غيست منها بابتهاج شديد.

وفي ملمح متصل، إن هذه النجمة الإنجليزية أقل شهرة بكثير من المرشحات الأخريات لجوائز الأوسكار لهذا العام. وكذلك فإنها بنفسها مسؤولة جزئياً عن شهرتها الضعيفة نسبياً. منذ وقت مبكر من مسيرتها المهنية، حينما ظهرت في إنتاجات المسرح الوطني على غرار "احتراق" Burn عام 2006 إلى جانب ممثلين شباب آخرين من وزن مات سميث وأندرو غارفيلد، دأبت رايزبوره على الابتعاد عن الأضواء. على عكس سميث وغارفيلد، لم تظهر في المسلسلات التلفزيونية أو الأفلام الرائجة مثل "دكتور هو" Dr Who و"سبايدرمان" Spider-Man. بدلاً من ذلك، عملت بشكل أساسي على أداء شخصيات منهجية مع مخرجين أمثال مايك لي وأليخاندرو غونزاليس إينياريتو وتوم فورد وديفيد أو راسل وجيمس مارش. يضاف إلى ذلك أنها تنتج الأفلام إلى جانب التمثيل، وتستثمر أموالها في السينما.

في سياق متصل، تدعي رايزبوره أنها لم "تؤد أي شخصية بصوتها أو جسدها"، إذ تعيد اختراع نفسها في كل مشروع جديد، مصرة على الحفاظ على فاصل واضح بين عملها وحياتها الخاصة. ربما يسند إليها دور مدمنة على الكحول في فيلم ما وضحية لمرض السرطان في الفيلم التالي. في بدايات حياتها المهنية، جسدت مارغريت تاتشر في صباها في الدراما التلفزيونية "الطريق الطويلة إلى فنشلي" The Long Walk to Finchley الصادرة عام 2008، لكنها لعبت أيضاً دور ابنة ستالين في "موت ستالين" The Death of Stalin الصادر عام 2017، وامرأة من بلفاست محاصرة بين الجيش الجمهوري الإيرلندي والقوات البريطانية في فيلم الإثارة المكثف "راقصة الظل" Shadow Dancer الصادر عام 2012 للمخرج جيمس مارش.

في منحى آخر، ترعرعت رايزبوره المولودة في شمال شرقي إنجلترا، على التمثيل. ونالت عضوية في "مسرح الشعب" أثناء طفولتها. وشاركت في أول مسرحية لها في سن التاسعة. وظهرت في أكثر من 60 عملاً حتى قبل أن تقوم باختبار الأداء في "الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية". وتابعت مسيرتها بالعمل في "شركة شكسبير الملكية" وكذلك في المسرح الوطني. ضمت صفوف مرشديها في وقت مبكر من حياتها المهنية، شخصيات بارزة كالمخرجين بيتر هول ومايك لي. لا يمتلك هذا القدر من العراقة سوى قلة من معاصريها.

ذات مرة، قالت المغنية الشهيرة مادونا، "كنت أبحث عن ميزة معينة، شيء هش، مخنث، ومع ذلك أنثوي بطريقة كلاسيكية حقاً. حينما رأيت أندريا، عرفت على الفور أنها هي". وآنذاك، أوضحت سبب اختيارها رايزبوره لأداء دور واليس سيمبسون، الشخصية الاجتماعية الأميركية المطلقة التي ألقي عليها اللوم في تنازل الملك إدوارد الثامن عن العرش، في فيلم السيرة الذاتية "دبليو. إي" W.E الذي أخرجته مادونا عام 2011.

وحينها أيضاً، لم ينجح ذلك الفيلم. وهوجمت مادونا من قبل وسائل الإعلام البريطانية بسبب تجرؤها على صناعة فيلم عن العائلة الملكية. في المقابل، كانت المغنية محقة في شأن نجمتها الشابة، إذ امتلكت رايزبوره القدرة على أن تبدو رقيقة وشديدة الصلابة في آن معاً. يمكنها أداء دور الأرستقراطية المتعجرفة كزوجة كريستيان بيل الفاتنة لكن المنعزلة للغاية في فيلم "أمستردام" Amsterdam، بالمستوى ذاته الذي تجسد فيه شخصيات صعبة مثل ليزلي ممن يقضين حياتهن في الحانات ومواقف الحافلات.

كذلك يمكنها أداء الكوميديا (على غرار ما فعلته في أفلام "مايندهورن"Mindhorn  و"لا تبالي" Happy-Go-Lucky  و"صنع في داغنهام" Made in Dagenham)، والتراجيديا (إذ شاركت في مسرحية "الآنسة جولي" Miss Julie للكاتب أوغست ستريندبرغ).

كذلك تتضمن أفلامها السينمائية أعمال رعب كـ"المتملكة" Possessor الصادر عام 2020 للمخرج براندن كروننبرغ الذي تؤدي فيه دور قاتلة تتحكم بأجساد الآخرين، وفيلم "ماندي" Mandy المنمق الصادر عام 2018 وتألقت فيه أمام نيكولاس كيج المسلح بمنشار. وتملك أيضاً مشاركات في أعمال مقتبسة من الأدب والدراما التجريبية.

إذاً، تندرج رايزبوره بين أكثر الممثلين مغامرة وإبداعاً في جيلها. بالتالي، يبدو من المحبط للغاية الآن وضع علامة على غسمها. يدور الحديث عنها، ليس بسبب تألق أدائها، بل لأن منظمي سباق الأوسكار لا يزالون غير قادرين على حل شؤونهم الداخلية.

* يتوافر "إلى ليزلي" الآن للمشاهدة عبر منصة "أمازون برايم".

© The Independent

 

الـ The Independent  في

09.02.2023

 
 
 
 
 

الحائز على الاوسكار الممثل رامي مالك يقتحم هوليوود بشراسة:

اعتدت اختراع شخصياتي منذ طفولتي

ترجمة:عدوية الهلالي

يتحدث بصوت واطئ وهادئ لكنه طاقة يصعب احتواءها.انه الممثل الشاب رامي مالك الحائزعلى جائزة الأوسكار وجائزة غولدن غلوب وجائزة البافتا عن افلامه السينمائية وجائزة ايمي عن مسلسله التلفزيوني (المستر روبوت)،

والذي يجسد ادوارا صعبة، فقد غزا هوليوود بشراسة وأثار تجسيده لشخصية المغني الانكليزي الشهير فريدي ميركوري في فيلم السيرة الذاتية (الملحمة البوهيمية) عام 2018 اعجاب النقاد،وحتى أولئك الذين خاب أملهم في الفيلم فقد أشادوا بالممثل بالاجماع خاصةعندما جسد دورالخصم المخيف لجيمس بوند في فيلم (لاوقت للموت)عام (2021). ومنذ ذلك الحين، تتابعت الافلام التي جعلت منه نجماً مميزاً.

كان قد انطلق في مسيرته الفنية من خلال المسلسل التلفزيوني (السيدروبوت)بين عامي (2015-2019)،إذ كان يقتصرسابقًا على الأدوارالداعمة: كدور الفرعون اخمنرع في الأجزاء الثلاثة من الفيلم الكوميدي (ليلة في المتحف)، ودورطالب في فيلم "الهاديء"والذي أشاد به توم هانكس كثيرا عام (2011)،ومصاص دماء في الفصل الأخيرمن ملحمة توايلايت-الشفق-عام (2012). لكن نجاح مسلسل (السيدروبوت) الذي جسد فيه دور بطل قرصنة غيراجتماعي ولكن إنساني،كان قد سمح له بالفوز،في عام 2016،بجائزة إيمي لأفضل ممثل في مسلسل درامي. وقد مرت عشرين عامًا منذ أن فاز فنان "غيرأبيض" بهذه الجائزة المرموقة، كما أكدت الصحافة الأمريكية.

كان والداه يتمنيان أن يمتهن وظيفة "جادة" كأن يكون محاميا أوطبيبا،لكن الطفل الخجول الذي "يخترع الشخصيات" كانت لديه أحلام أخرى. فقد نشأ رامي مالك في لوس أنجلوس،وهو ابن لزوجين مهاجرين مصريين وصلا إلى هناك قبل وقت قصيرمن ولادته.وعندماحصل،في عام 2019،على جائزةأوسكارلأفضل ممثل عن فيلم)الملحمة البوهيمية)،تحدث رامي مالك عن طفولته وعن حياته المهنية وقوة السينما.وفي حوار معه أجرته مجلة مدام فيغارو قال عن تجربته مع النجمة كاثرين دونوف:

لديّ ذكرى ساحرة مع النجمة الجميلة فقد صورنا معا اعلان عن ساعة كارتييه وكان الحصول على هذه الفرصة للعمل مع كاثريند ونوفو أمرًاسحريًا.

·        ستلعب دورًا رائدًا في الفيلم الجديد الذي ستنتجه؟

- نعم! ولدي أيضًا مشروع آخرأكتبه تدورأحداثه في لوس أنجلوس،وهي المدينة التي نشأت فيها،لأنني أعرفها جيدًا بشكل لايصدق ولأنها تسري في دمي. وأود التصويرفي أماكن لاتراها في السينما.ففي فيلم (المعلم)الذي مثلته مع بولتوماس أندرسون عام 2012قلت له انه يعرض كل أماكننا السرية في السينما حتى لانستطيع العودة إلى هناك بعد ذلك! وسيتم تصويرالفيلم في الليل لأن المشاهد الليلية تجعلني أشعر بالبهجة.

·        أنت تعتز بدور فريديمير كوري،هل ستجد دورا يتفوق عليه؟

- إنه شيء سأعتز به دائمًا. لأن فريديكان له تأثير،ليس عليّ فقط،ولكن على البشر في جميع أنحاءالعالم.

·        أشهر ثلاث شخصيات لك كانت في (السيدروبوت) و(الملحمة البوهيمية) و(جيمسبوند)هي عن رجال لايتناسبون مع أعراف المجتمع. فهل هي مصادفة؟

- لقد صورت فيلمًا في بلغراد في عام 2016،وهوإعادة إنتاج لبابيلون. كان ذلك بعد جائزة إيمي عن مسلسل (السيدروبوت). وعند وصولي إلى الفندق، كان هناك مجموعة من الشباب ينتظروني من عشاق العرض. كان لديهم هذه الحاجة إلى التعبيرعن أنفسهم،وما أخبروهل يعن شخصية إليوت هو أنه أعطاهم الأمل والشعور بأنهم ليسوا مضطرين لأن يكونوا مجرد تماثيل جامدة. إذ يمكن للجميع أن يلعبوا دورًا، حتى عندما يخبر كالتار يخب خلاف ذلك، لكن بيئتك الاجتماعية والسياسية تجعل الأمر صعبًا للغاية. لقد اندهش تمن رد فعلهم. واعتقدت أن الأمر يستحق لعب هذه الشخصيات. الآن،أن الست ضد تصوير قصة حب، أوأي شيء مرح.لم أكن لأقول ذلك قبل بضع سنوات،لكنني أتعلم من خلال المهنة، وإذا كانت هذه الأدوار تجعل ناسا سعداء أيضًا،فهذا جيد. فربما لايجب لعب كل الأدوار غير العادية، لكنها لاتزال الأكثرجاذبية بين أدواري.

·        عندما تلقيت الأوسكار،تحدثت عن نفسك كطفل،عن "رومي الصغير"،هل غالبًا ماتفكر في طفولتك؟

- نعم،في كثيرمن الأحيان. قد يبدوغريبا أن تسمع ممثلا يقول "كنت خجولًا جدًا"،لكن هذه الحقيقة، لقد كنت خجولًا للغاية. فقد نشأت في بيئة لم يكن لدينا فيها أحدث الألعاب أوالملابس العصرية. أنا لاأتذمر،دعنا نقول إنني قضيت الكثيرمن الوقت بمفردي مع أفكاري. كنت أقوم بإنشاء شخصيات لنفسي،وقصص لم أكن لأجرؤ على مشاركتها مع أي شخص. لقدكان شيئًا سريًا للغاية. لذلك كنت هادئًا، كما ان هناك وقت تكون فيه صغيرًاومضطربًا بشأن هويتك،وتتساءل عن سبب كونك شخصًا مختلفا،ولماذا تشعر بأنك مقيد تمامًا في الأماكن العامة.

 

المدى العراقية في

09.02.2023

 
 
 
 
 

فيولا ديفيس تحصل على جائزة شابلن من «جمعية الأفلام في مركز لينكولن»

نيويورك ـ «سينماتوغراف»

من المقرر أن تحصل فيولا ديفيس على جائزة شابلن الثامنة والأربعين حيث يتم تكريمها من قبل جمعية الأفلام في مركز لينكولن في أمسية احتفالية يوم 24 أبريل المقبل في قاعة Alice Tully Hall بمركز لينكولن في مدينة نيويورك.

وقالت ليزلي كلاينبيرج، رئيسة قسم الأفلام في مركز لينكولن، في بيان اليوم الخميس، “يشرفنا تكريس أمسية للاحتفال بإنجازاتها ومواهبها في حفل توزيع جوائز شابلن الـ 48”.

تدعم عائدات حفل جائزة تشابلن الأفلام في برامج السينما على مدار العام في مركز لينكولن، وسلسلة الأفلام المعاصرة، وبرامج الطلاب، ومهرجانات الأفلام مثل مهرجان نيويورك السينمائي والمخرجين الجدد / الأفلام الجديدة.

أقيم حفل جائزة شابلن لأول مرة في عام 1972، حيث تم تكريم تشارلي شابلن الذي يحمل الاسم نفسه. منذ ذلك الحين، شمل المستلمون كيت بلانشيت، وألفريد هيتشكوك، وبيلي وايلدر، وفيديريكو فيليني، وإليزابيث تايلور، وبيت ديفيس، وجيمس ستيوارت، وروبرت التمان، ومارتن سكورسيزي، وديان كيتون، وميريل ستريب، وتوم هانكس، وسيدني بواتييه، وباربرا سترايساند، وروبرت ريدفورد، مورغان فريمان، روبرت دي نيرو، هيلين ميرين، وسبايك لي.

 

موقع "سينماتوغراف" في

10.02.2023

 
 
 
 
 

فيلم TÁR لـ كيت بلانشيت.. المرأة القوية لا تجسدها سوى نجمة قوية

«سينماتوغراف» ـ متابعات

فيلم “Tár” للنجمة العالمية كيت بلانشيت من بين الأفلام التي تنافس بقوة في حفل توزيع جوائز الأوسكار 2023 المنتظر إقامته في شهر مارس المقبل، حيث إنه ينافس على 6 من فئات الجوائز، وهي أفضل فيلم وأفضل ممثلة وأفضل تصوير سينمائي وأفضل مونتاج وأفضل مخرج وأفضل سيناريو أصلي، ويعتبره الجمهور سينجح في حصد أحد أبرز تلك الجوائز بسبب نجاحاته المستمرة التي حققها في الفترة الأخيرة.

ومن المعروف عن كيت بلانشيت أنها من بين النجمات اللواتي يشتهرن بأداء شخصية المرأة القوية في معظم أعمالها الفنية، حيث إن شخصيتها كامرأة قوية تحرص على تحقيق النجاحات باستمرار والمضي قدمًا بقوة في طريقها؛ دائمًا ما ينعكس ذلك على أعمالها الفنية، فنجدها الأنسب من بين زميلاتها لتقديم أعمال تناصر المرأة وترصد الصعوبات التي تواجهها، مثلما فعلت في “Notes on a Scandal” أو “Blue Jasmine”، وأخيرا في فيلمها الشهير “Tár” الذي نجحت في أن تتصدر اهتمام الجميع بأدائها في الفيلم الذي حقق العديد من النجاحات المتتالية.

وتقدم كيت بلانشيت في الفيلم قصة ليديا تار أول امرأة تتولى مهمة الموسيقار لأوركسترا ألمانية ضخمة، لتواصل النجمة العالمية تسليط الضوء على نموذج نسائي جديد وناجح، ليزيد أيضًا من نجاحها الشخصي على مستوى المسيرة المهنية، ويؤهلها ذلك مجددًا للترشح للأوسكار 2023، حيث إنها باتت على مقربة من الفوز بالجائزة الأشهر بسبب إشادات الجميع بأدائها وتميزها في فيلم “Tár”.

فيلم “Tár” بجانب أنه ينافس بقوة في أوسكار 2023، إلا أنه استطاع تحقيق نجاحًا أخرى في العديد من الجوائز الشهيرة الأخرى، حيث فازت كيت بلانشيت بجائزة أفضل ممثلة في حفل توزيع جوائز غولدن غلوب، كما فازت بجائزة أفضل ممثلة أيضًا في حفل توزيع جوائز اختيارات النقاد، إضافة إلى الإشادات الجماهيرية والنقدية بالفيلم ككل وأداء كيت على وجه الخصوص.

لم يستطع الجمهور تخيل أن تؤدي أي ممثلة أخرى شخصية ليديا تار سوى كيت بلانشيت، حيث إنها تقريباً الشخصية الوحيدة التي خرج الجمهور من الفيلم متعلقًا بأدائها المميز الاستثنائي، خاصة وهي تقف على المسرح خلال أداء البروفات، حيث تنسجم مع ما تقوم به لتؤكد للجمهور أنها خلقت لهذه المهنة فقط، وبالرغم من الفيلم الذي يتناول سيرة ملحنة وقائدة أوركسترا شهيرة، قد يعتقد البعض أنه من المفترض أن يحتوي العمل على عرض موسيقي طويل؛ إلا أن صناع العمل اكتفوا بالحديث عن العروض الموسيقية دون تقديمها بشكل واضح في الأحداث، لكن وصلت في النهاية لنا حالة القلق والتشوش والقوة والقدرة والنجاح الخاص بشخصية ليديا تار من خلال أداء كيت بلانشيت.

الجدير بالذكر أن فيلم “Tár” تدور أحداثه في عالم الموسيقى الكلاسيكية، حيث يسلط العمل الضوء على ليديا تار، والتي تعتبر واحدة من أعظم الملحنات، وتعد المرأة الأولى التي تتولى مهمة موسيقار لأوركسترا ألمانية كبيرة.

والفيلم يعود به المخرج والسيناريست الأمريكي تود فيلد بعد حوالى 16 سنة منذ قدم فيلم “Little Children” للنجمة كيت ونسليت عام 2006، ووصلت ميزانية Tar إلى 35 مليون دولار وتم تصويره فى ألمانيا والحوار فيه يدور باللغتين الإنجليزية والألمانية.

 

موقع "سينماتوغراف" في

11.02.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004