ملفات خاصة

 
 

اغنية علي عبد الخالق الحزينة

علي حمود الحسن

عن رحيل المخرج

علي عبدالخالق

   
 
 
 
 
 
 

توفي مؤخراً المخرج المصري علي عبد الخالق عن عمر ناهز الـ (78) عاماً، صاحب الثلاثية الشهيرة: " الكيف "، و "العار"، و"جري الوحوش"، وقبلها أخرج أفلاماً وثائقية أبرزها "أنشودة الوداع "، عبد الخالق الذي صدمته هزيمة نظام عبد الناصر وجيشه في حرب حزيران، وجد في "جماعة السينما الجديدة" التي أسسها صناع سينما شباب غاضبون في العام 1969، وسيلة لتقديم ما يمكن تقديمه للذات المصرية والعربية الجريحة، وقتها كان النظام متخلخلاً، فكانت الفرصة سانحة لهؤلاء الشباب للتصويب نحو الهدف، بلا مجاملة أو مراوغة، رافضين التحليل أو التبرير، فأخرجوا أفلاماً صريحة؛ بإدانتها ليس لنظام مهزوم وحسب، إنما انتقدوا الناس وخنوعهم وعبادتهم للطغاة، فأخرج غالب شعث فيلمه "الظلال في الجانب الآخر"(1974) ، و قدم عبد الخالق فيلمه الروائي الأول "أغنية على الممر" (1972) الذي تضمن إدانة للنظام والجمهور، وعلى الرغم من الصعوبات الإنتاجية، إلا أن الفيلم نجح جماهيرياً، حتى إن بعض السيدات تعرضن للإغماء، ما اضطر أصحاب صالة العرض إلى تهيئة سيارات إسعاف قرب باب سينما "ديانا" في القاهرة، بحسب ما قاله مخرج الفيلم في لقاء تلفزيوني.

عبد الخالق المولود في القاهرة العام 1944، تخرج في معهد السينما العالي في العام 1966، وقدم (40) فيلماً على مدار مسيرته المهنية، أبرزها: "السادة المرتشون"، و "عتبة الستات"، و "اعدام ميت "، و "شادر السمك"، وآخر أفلامه "يوم الكرامة" (2004) الذي فشل تجارياً، اعتزل صاحب "البيضة والحجر" صناعة الأفلام، لكنه واصل إخراجه للأعمال الدرامية مصراً على أفكاره ورؤاه، من خلال أفلام انحازت لهموم الإنسان المصري وآماله، وهو من القلة الذين حصدت أفلامهم النجاح الجماهيري، دون الانزلاق في مصيدة الاسفاف والتدني الفني، روى المصور السينمائي المخضرم سعيد شيمي في كتابه "حكايات المخفي والغريب أثناء عمل الأفلام" قصة طريفة تعزز ما ذهبنا إليه في تأثير أفلام علي عبد الخالق في الجمهور المصري والعربي، مفادها: أن المنتج والموزع اللبناني طنوس فرنجية، أصر على تصوير مشاهد فيلم "عذاب الحب" لعلي عبد الخالق في لبنان، واعترضنا بسبب الحرب الأهلية المشتعلة هنالك، لكن المنتج أصر، وأثناء تصويرنا لأحد المشاهد في المنطقة الجبلية، طوقتنا قوة عسكرية سورية، حاول فرنجية إفهامهم بأننا سينمائيون مصريون نعمل على إخراج فيلم دون جدوى، لكن ما إن ذكر اسم علي عبد الخالق حتى تغيرت ملامح الضابط وقال له: أنت من أخرج "أغنية على الممر" أجابه نعم، فانفرجت أساريره وعانقه واحتفى بنا فصورنا الفيلم آمنين.

 

الصباح العراقية في

12.09.2022

 
 
 
 
 

رحيل على عبدالخالق.. المخرج المثقف الذى أجاد اللعب بـالبيضة والحجر

كتب ولاء مطاوع

برحيل المخرج على عبدالخالق فى الثانى من سبتمبر الجارى، أسدل الستار على مسيرته الفنية الكبيرة؛ حيث تميزت أعماله ببصمة فريدة تركت أثرًا كبيرًا فى قلب ووجدان المُشاهد المصرى والعربى، ليضعه الجمهور فى مكانة خاصة به، بعد تحقيقه الثقة بأن هناك ما صنعه ويستحق المُشاهَدة.

بدأ أعماله بـ(أغنية على الممر)، الفيلم الذى أصبح علامة بارزة بين الأعمال الوطنية؛ لا سيما أن على عبدالخالق ابن المَرحلة التى عاشها المصريون بالصبر والكفاح بين هزيمة يونيو ونصر أكتوبر، لتتوالى أعماله الفنية بعد ذلك والتى رُغْمَ قِلة عددها ستظل خالدة فى ذاكرة السينما، ولعل أشهَرَها (العار) و(الكيف) و(جرى الوحوش) و(البيضة والحجر) و(أربعة فى مهمة رسمية).

أعطى على عبدالخالق كثيرًا من الاهتمام للقضايا المجتمعية والمُهمشين، وأحب تقديم الجريمة فى إطار إنسانى نكتشف معه الصواب والخطأ بالتجربة العملية، وينتصر الخير معه فى النهاية، كما أولى اهتمامًا كبيرًا بالممثلين الذين شاركوه أعماله، فحاول إعطاءهم الفرصة لاستعراض حجم مواهبهم الكبيرة بتغيير جلدهم كل مرة، فنرى أحمد زكى فى (شادر السمك) بعيدًا كل البُعد عن (البيضة والحجر) أو (4 فى مهمة رسمية). وكذلك محمود عبدالعزيز الذى شاركه فى أكثر من فيلم منها (الكيف) و(إعدام ميت) و(جرى الوحوش) وغيرها.

المخرج المثقف

إبداع المخرج يكمن فى كثير من التفاصيل، وتميز على عبدالخالق بالاهتمام بالدقة فى تفاصيل العمل كافة، ولكن هذه الدقة ليست وليدة الصدفة أو حتى الخيال الخصب فحسب؛ ولكنها نتاج الكثير من الاطلاع والثقافة، بالإضافة إلى نشأته الفنية الأصيلة. وهو ما يشير إليه السيناريست بشير الديك، فى تصريح خاص لمجلة «صباح الخير»، بأن على عبدالخالق كان مُخرجًا مثقفًا قويًا؛ حيث تَرَبَّى فى بيت فنّى، فوالده كان الفنان الراحل عبدالخالق صالح، الذى- بالمناسبة- شارك فى بطولة أول أفلامه (أغنية على الممر).

يضيف «الديك»: «إن خسارة على عبدالخالق كبيرة؛ لأنه مفكر جيد وشخص محترف بطريقة مميزة، لذلك خرجت أفلامه بهذا الشكل العظيم».

مخرج السينما الحديثة

من جانبه، أكد الناقد السينمائى كمال رمزى أن «عبدالخالق» ينتمى لموجة السينما الجديدة، التى بدأت بالتزامن مع بداية السبعينيات عقب نكسة يونيو 1967، وهذه السينما تميزت بارتباطها الشديد بالقضايا الوطنية والقضايا الشعبية.

يضيف لـ «صباح الخير: «على عبدالخالق هو الامتداد الخلاق لمَدرسة صلاح أبوسيف الواقعية، مع اهتمام بنفحة حداثة تم تدعيمها من خلال الأفلام الأجنبية التى كانت تعرض فى المراكز الثقافية ونادى سينما القاهرة».

وعن سبب تميز أعمال على عبدالخالق، أشار كمال رمزى إلى أنه كان يهتم بالممثل؛ حيث يصل بالأداء التمثيلى إلى أعلى الدرجات، ولعل فيلم (الكيف) هو الأكثر دلالة على فهمه وتعمُّقه فى فن الأداء التمثيلى، لذلك إذا راجعنا قائمة أفلامه، نجد أن النجم محمود عبدالعزيز قام ببطولة عدد كبير من أفلامه ووصل إلى درجة عالية من الإجادة، كذلك الأمر بالنسبة لنور الشريف وغيرهما.

لم يكن اهتمام على عبدالخالق مقصورًا على الممثل فقط؛ بل اهتم أيضًا بالسيناريو والكتابة، ولعل فى رصيده 4 أفلام قام هو بكتابتها، وهى: (4 فى مهمة رسمية) و(السادة المرتشون) و(إنهم يسرقون عمرى) و(وضاع حبى هناك).

وهو ما يعلّق كمال رمزى عليه بأن السيناريوهات التى حوّلها على عبدالخالق إلى أفلام تميزت بنفاذ الرؤية وشمولها، لذا لم يكن مستغربًا أن تنال أفلامه العديد من الجوائز فى المهرجانات.

وفاة المبدعين قبل الموت

توقف مشوار العطاء الفنّى للمخرج على عبدالخالق عام 2009؛ حيث أخرج آخر أعماله الفنية، مسلسل (البوابة الثانية). وعلى مدار السنوات السابقة شارك على استحياء فى بعض المهرجانات الفنية، كما تم تكريمه عن أعماله المميزة، وعاش على عبدالخالق لسنوات دون إضافة إبداع جديد لمشواره الخالد.

لذلك يؤكد المخرج أحمد خالد لمجلة «صباح الخير»، أنه من المؤسف أن يحيا كثير من المبدعين مثل على عبدالخالق دون إضافة المزيد من العطاء للجمهور المتعطش دائمًا لإبداعهم، كما أنه من المؤسف أن يعيشوا دون أن يدرى أحد أنهم لا يزالون على قيد الحياة.

وشدد «خالد» على بقاء أعمال على عبدالخالق فى وجدان الجمهور، حتى ولو توقف مشواره الفنّى، قائلاً: «الفن مؤثر، واستطاع على عبدالخالق التأثير وترك بصمة فنية مميزة حتى ولو كان مشواره الفنى قد انتهى»، متمنيًا أن يتم الاستفادة القصوى من المبدعين وتكريمهم أثناء وجودهم على قيد الحياة.

 

صباح الخير المصرية في

14.09.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004