ملفات خاصة

 
 
 

وثائقي عن الهامش الأميركي يخطف "الأسد الذهبي" ويثير نقاشا

جوائز البندقية لأفلام عن العنصرية والجريمة والصداقة المأزومة ومواجهة القمع الإيراني

هوفيك حبشيان

فينيسيا السينمائي الدولي التاسع والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

قبل حفلة توزيع الجوائز بنحو ساعة، عمت شوارع الـ "ليدو" حيث يعقد مهرجان البندقية السينمائي بالمتظاهرين الذين رفعوا لافتات بجملة مطالب، من أزمة الاحتباس الحراري وتغير المناخ إلى مناهضة الرأسمالية التي زاد الغضب عليها بعد غلاء المعيشة في أوروبا أخيراً، مما دفع الشرطة إلى الانتشار الشامل بأجهزتها ومركباتها في أرجاء الجزيرة الهادئة، وحول قصر "الموسترا" خوفاً من أن يصل هؤلاء الغاضبون إلى السجادة الحمراء لتعكير صفو العرس السينمائي الذي أشرف على نهايته ولم تبق إلا فرحة الختام.

المفارقة أن المهرجان قرر في الليلة الختامية نفسها إسناد "الأسد الذهبي" إلى عمل وثائقي يروي حركات الاحتجاج في أميركا عبر مجموعة شباب وبنات يقتحمون المتاحف والمعارض للتنديد بجرائم إحدى شركات صناعة الأدوية التي تسببت بمقتل 400 ألف أميركي. الفيلم المقصود هو "كل هذا الجمال وسفك الدماء" للمخرجة الأميركية لورا بواتراس التي فازت مساء أمس بأرفع جائزة تمنح في البندقية، بعد 11 يوماً من المشاهدة النهمة وتنافس 23 فيلماً، ولم يكن أي منها مرشحاً بارزاً للفوز.

 مفاجأة الوثائقي

ولم يتقدم أي فيلم بشكل نافر على بقية الأفلام، مع العلم أن عمل بواتراس نال إعجاب عدد من النقاد الذين أعطوه أعلى تقييمات في بعض المجلات السينمائية، والمفاجأة الكبرى تمثلت في فوز فيلم وثائقي بـ"الأسد"، وهذه من المرات النادرة التي يحدث فيها مثل هذا الأمر، فآخر وثائقي فاز بـ "الأسد" في البندقية هو "ساكرو غرا" (2013) للإيطالي جيانفرنكو روزي، وها إن الجائزة تعود للوثائقي بعد تسع سنوات. وينبغي التذكير أيضاً بأنن بواتراس البالغة من العمر 58 عاماً وصاحبة أفلام وثائقية معروفة مثل "مواطن أربعة" عن إدوارد سنودن الذي نالت عنه "أوسكار" أفضل فيلم وثائقي عام 2015، هي ثالث سيدة بالتوالي تحصل على "الأسد" في البندقية. 

الفيلم بورتريه خاص جداً للمصورة الأميركية اليهودية الشهيرة والناشطة نان غولدن (1953) التي تطرقت في أعمالها إلى العوالم السفلية والثقافة المضادة في أميركا السبعينيات والثمانينيات، ووثقت الجنس ونمط عيش المثليين والمهمشين واهتمت بالمخدرات والإدمان على الحبوب وغيرها من المسائل، وأشهر أعمالها "أغنية الإدمان على الجنس"، وهو عرض متتال لصور التقطتها بين 1979 و1986 (تحول لاحقاً إلى كتاب) يوثق فصولاً من سيرتها وحياتها الحميمية، وكذلك حياة عائلتها والآخرين الذين عرفتهم، وهي أيضاً مؤسسة منظمة "ألم" التي تصدت لأزمة الأفيون في أميركا وحاربت عائلة "ساكلر" المالكة لشركة الأدوية التي تصنع "أوكسيكودون"، مسكن الألم ومخفض الحرارة الذي تسبب في حالات إدمان ووفيات كثيرة.

 الفيلم من النوع الذي يعرض مسيرة شخصية عاشت الحياة على أوسع نطاق، وانخرطت بكل الأفكار والتيارات في زمنها وحاربت على أكثر من جبهة، واختبرت كل ما يمكن أن يختبر، ومرت بأزمات نفسية وقصص عاطفية ثم زواج وطلاق وخيانة. هذا بعض مما عاشته غولدن، المرأة الصلبة التي لا تضع لسانها في جيبها طوال الفيلم، فهي تتحدث عن كل شيء عاشته وشهدت عليه بلا تحفظ، من انتحار أختها في عمر باكر إلى مرحلة من حياتها عملت فيها كعاهرة في ماخور.

هل يستحق؟

وتستحق حياتها أن توثق لاتصالها الوثيق بآخر 50 سنة من تاريخ أميركا، من تحرر الفئات المهمشة داخل المجتمع إلى المحاربة السلمية لشركات صناعة الأدوية التي أتاحت من خلال وقفات احتجاجية متكررة إنهاء الشراكة بين أكبر المعارض والمتاحف وعائلة "سكلر" المنخرطة فضلاً عن الأدوية في نشاطات جمع التحف الفنية ورعايتها. هذه حياة مثالية لا شك، بعيوبها وما يمكن أن تحمله من أخطاء، لكنها تستحق أن تنقل إلى السينما، وهذا ما فعلته بواتراس باتقان.

لكن هل يستحق الفيلم أرفع جائزة في المهرجان؟ فهو في النهاية بعيد من أن يكون إنجازاً سينمائياً، وغولدن هي من تصنع الفيلم بصورها وقصصها والمادة التي توفرها للمخرجة، ولا تفعل الأخيرة إلا وضعها ضمن صياغة وثائقية جميلة ومؤثرة.

سؤال العنصرية 

الجائزة الثانية من حيث الأهمية هي جائزة لجنة التحكيم الكبرى (أسد فضي) وذهبت إلى "سانت أومير" للمخرجة السنغالية الفرنسية أليس ديوب، الذي يحكي عن سيدة تدعى لورانس كولي من أصول سنغالية مهاجرة إلى فرنسا، تضع مولوداً بالسر من رجل أبيض تعيش معه، ثم تقرر بعد مرور 15 شهراً أن تتخلى عنه عبر تركه وحيداً على الشاطئ إلى أن تجرفه الأمواج.  عمل حزين ومهم انقسم حوله كثيراً النقاد والمشاهدون في المهرجان، فبعضهم وجد فيه مغالطات وكليشيهات وتدليساً، فيما بعضهم الآخر اعتبر أنه يقارب مسألة العنصرية "وماذا يعني أن تكون متهماً بالقتل في فرنسا اليوم عندما تكون صاحب بشرة داكنة"، وذلك برؤية مختلفة وجريئة.

فيلم دموي وفوز إيراني

جائزة أفضل إخراج ذهبت إلى الفيلم الأميركي "عظام وكل شيء" للمخرج الإيطالي الصاعد إلى التكريس لوكا غوادانينو الذي أبهرنا مع "نادني باسمك" قبل بضعة أعوام، وفيه تتجول مارين البالغة من العمر 16 عاماً في البلاد مع صديقها لي على أمل العثور على والدها، وعلى أمل أيضاً بأن تفهم سبب قتلها للعديد من أصدقائها، بينما تتحكم في نفسها حتى لا تعود إلى القتل. الفيلم دموي ويتضمن مشاهد مقززة قد لا تنال إعجاب الجميع، لكن اللجنة وجدته أهلاً لجائزة الإخراج على رغم وجود أعمال عدة كانت تستحق أيضاً هذا التقدير، وقد نال الفيلم أيضاً جائزة أفضل موهبة شابة أُسندت إلى تايلور راسل. 

أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فنالها المخرج الإيراني جعفر بناهي عن فيلمه "لا دببة" الذي كان يستحق أيضاً "الأسد"، وكان سيكون مثيراً على الصعيدين السياسي والإعلامي لولا أن لجنة التحكيم برئاسة الأميركية جوليان مور منحت "الأسد" إلى مخرج إيراني. وفي هذا الفيلم الذي صوره بناهي في ظروف تمنعه من العمل بشكل طبيعي اتهام كبير للنظام الإيراني الذي يمارس التعذيب والقمع، ويحول البلاد سجناً كبيراً على حدوده مهربون ومتعاطون بأشياء غير شرعية. من القرية التي لجأ اليها هرباً من الشرطة يلعب جعفر دور بناهي، فيمنح التوجيهات إلى فريق عمله عبر "الزوم"، وهو يصور فيلماً عن حبيبين يحاولان الفرار من البلاد، وفي موازاة ذلك يلتقط الصور لكن واحدة منها ستسبب له مشكلة كبيرة في القرية التي تستضيفه. الفيلم هو الأفضل لمخرج "الدائرة" منذ بدء اضطهاده قبل 12 سنة، وهو يندرج في إطار تقليد السينما الإيرانية التي تحاول قول الأشياء غير المسموحة رقابياً بلغة استعارية.

في الجزيرة الإيرلندية

"بانشيات إينشرين" للمخرج الإيرلندي البريطاني مارتن ماكدونا الذي رشحه بعضهم لـ "الأسد" فاز بجائزة السيناريو، وهو فعلاً أكثر ما برع فيه، فالكتابة السينمائية الثرية تجعلنا نعتقد بأن مخرجه نبش في الأدب الإيرلندي لاقتباس هذا العمل، لكنه في الحقيقة استند إلى مخيلته الخاصة وهي شديدة الخصوبة، ولم يكتف بالقصة المغايرة عن السائد بل بالنحو الذي نقله إلى الشاشة من خلال سيناريو ذكي ولماح، ولا يحمل الحشو كما الحال في كثير من أفلام هذه الدورة التي تميزت بطولها المبالغ فيه.

وتدور أحداث الفيلم في جزيرة إيرلندية حيث يقع خلاف بين صديقين (كولن فاريل وبرندن غليزن) من زمن طويل، فيتطور إلى مستويات عبثية لا يستوعبها العقل، والسبب أن أحدهما يقرر عدم التحدث مع الآخر بعد الآن للتركيز على فنه وهو تأليف الموسيقى وعزفها، وقد نال الفيلم أيضاً جائزة التمثيل لكولن فاريل عن دوره فيه.

أما الخيبة الكبيرة فتمثلت في عدم فوز فيرجيني إيفيرا بجائزة أفضل ممثلة عن دورها المميز في "أولاد الآخرين"، رائعة المخرجة ريبيكا زلوتوفسكي، فالتمثال الذي كان يجب أن يكون من نصيبها ذهب إلى كايت بلانشيت عن دورها في "تار" للأميركي تود فيلد، وهو فيلم عن مؤلفة موسيقى ألمانية تدعى ليديا تار تصبح أول امرأة تقود أوركسترا في التاريخ.

وأخيراً خيبة ثانية لفتت قلوب محبي المخرج المكسيكي الكبير أليخاندرو غونزاليث إينياريتو الذي لم ينل فيلمه الاستثنائي "باردو" عن تاريخ بلاده، أي التفاتة من لجنة التحكيم التي من الواضح أنها آثرت الأفلام التي تنتصر لقضايا، مفضلة إياها على الفن الخالص.

 

####

 

كايت بلانشيت أفضل ممثلة في مهرجان البندقية السينمائي

جائزة خاصة للمخرج الإيراني المسجون جعفر بناهي والأسد الذهبي من نصيب فيلم تسجيلي عن مصورة ناشطة

(وكالات

في وقت اختار فيه مهرجان البندقية السينمائي كايت بلانشيت أفضل ممثلة ومنح الفيلم التسجيلي "كل الجمال وإراقة الدماء" عن المصورة الأميركية نان غولدن جائزة الأسد الذهبي الرئيسة، وجه رسالة سياسية إلى إيران، إذ منحت لجنة التحكيم جائزة خاصة للمخرج جعفر بناهي المسجون منذ يوليو (تموز).

وقد اختتم المهرجان، السبت الـ10 من سبتمبر (أيلول)، دورته الـ79، بعدما جذب على مدى 11 يوماً كوكبة من النجوم من بينهم تيموتي شالامي وآنا دي أرماس وسايدي سينك وهاري ستايلز وبينيلوبي كروز وكريستوف والتز.

كايت بلانشيت أفضل ممثلة

فازت كايت بلانشيت بجائزة أفضل ممثلة، للمرة الثانية خلال مسيرتها في هذا الحدث العالمي، عن دورها كقائدة أوركسترا متعطشة للسلطة في فيلم "تار" للمخرج تود فيلد.

وقدمت الممثلة الأسترالية، البالغة 53 عاماً، والمعروفة بالتزامها القضايا النسوية، أداء لافتاً في هذا العمل الدرامي الذي يقارب مسائل معاصرة حول الهوية، وإساءة استخدام السلطة، و"ثقافة الإلغاء".

وقالت بلانشيت عند تسلمها الجائزة "شكراً (...) لهذا المهرجان الذي يدعو الجمهور للعودة إلى قاعات السينما، هذا رائع".

أضافت، "لن أكون هنا مع هذه الجائزة لولا وجود مخرج رائع، فهذه الجائزة تخص أيضاً تود فيلد (...) وهو سينمائي عظيم يعرف أين يضع الكاميرا في كل ثانية".

وفاز بجائزة أحسن ممثل الإيرلندي كولين فاريل عن دوره في فيلم الكوميديا المأساوية (ذا بانشي أوف إينيشيرين).

جائزة الأسد الذهبي الرئيسة

وفاز الفيلم التسجيلي "كل الجمال وإراقة الدماء" (أول ذا بيوتي أند بلودشيد) عن المصورة الأميركية نان غولدن وصراعها مع أسرة ساكلر الثرية بجائزة الأسد الذهبي الرئيسة في المهرجان.

ويمزج الفيلم الذي أخرجته الصحافية الاستقصائية لورا بويتراس القصة المشهودة عن حياة غولدن بالحملة التي شنتها لتحميل أسرة ساكلر وشركة الأدوية التي تملكها المسؤولية عن أزمة المواد الأفيونية الأميركية.

وهذه هي المرة الثانية في تاريخ المهرجان السينمائي الممتد منذ 79 عاماً التي تذهب فيها جائزته الرئيسة إلى فيلم تسجيلي، ويعتبر المهرجان في الغالب منصة انطلاق لأعمال الطامحين للفوز بجوائز الأوسكار.

وتفوق فيلم "أول ذا بيوتي أند بلودشيد" على مجموعة من الأفلام المنافسة التي حظيت باهتمام كبير، ومن بينها رباعية لعملاق البث الأميركي "نتفليكس" وأفلام دراما أوروبية.

ويدور الفيلم التسجيلي حول كثير من صور غولدن المأخوذة من عرض الشرائح الخاص بها وعنوانه "أغنية التبعية الجنسية" الذي يوثق الثقافات الفرعية في نيويورك في الفترة من عام 1979 إلى عام 1986.

لكن غولدن تقول، إن مسيرتها المهنية انتهت تقريباً عام 2014 عندما أدمنت عقار أوكسيكونتين المسكن للآلام الذي تنتجه شركة "بورديو فارما" المملوكة لعائلة ساكلر، والذي تناولته بعد عملية جراحية.

وهناك زعم بأن "بورديو فارما" هونت من شأن مخاطر إدمان أوكسيكونتين مما ساعد في اشتعال أزمة صحية تسببت في وفاة أكثر من نصف مليون شخص بجرعات زائدة من المواد الأفيونية على مدى عقدين، وطلبت الشركة إشهار إفلاسها في عام 2019.

ونفت أسرة ساكلر ارتكاب أي خطأ، لكنها قالت في مارس (آذار)، إنها "تأسف بصدق" لأن أوكسيكونتين صار "بشكل غير متوقع جزءاً من أزمة مواد أفيونية".

وخاضت غولدن معركة استمرت سنوات لجعل المتاحف تتوقف عن قبول أموال من الأسرة قائلة، إنها يجب ألا يُسمح لها بأن تشتري الاحترام عبر "التبرعات المسمومة".

وقالت المخرجة بويتراس وهي تتسلم جائزة الأسد الذهبي، "عرفت في حياتي كثيراً من الأشخاص الذين يتسمون بالجرأة والشجاعة، لكني لم أقابل أحداً مثل نان، الإنسانة التي استطاعت أن تتخذ قرار مواجهة أسرة ساكلر صاحبة المليارات".

رسالة سياسية

ووجه المهرجان رسالة سياسية ضد الرقابة والسلطة في إيران، من خلال منح جائزة خاصة من لجنة تحكيم دورته الـ79، السبت، للمخرج الإيراني جعفر بناهي، تأكيداً على الرغبة في عدم ترك المخرج المسجون منذ يوليو (تموز) لمصيره.

وحصد المخرج الغائب قسراً عن الحدث، تصفيقاً طويلاً من الجمهور في البندقية، بعد الإعلان عن جائزته.

ويعرض بناهي، أحد أبرز الأسماء في السينما الإيرانية، في فيلم "الدببة غير موجودة" الذي تعذر عليه تقديمه في "الموسترا" بسبب وجوده في السجن، قصة مبدع محتجز في بلاده، بما يتماهى مع واقعه، للتنديد بشكل أفضل بالقمع.

وكان بناهي (62 عاماً) الذي بدأ مسيرته المهنية كمساعد لعباس كيارستمي، فاز بجائزة الأسد الذهبي في البندقية عام 2000 عن فيلم "الدائرة"، وجائزة السيناريو في مهرجان كان السينمائي عام 2018 عن فيلم "ثلاثة وجوه"، بعد ثلاث سنوات من نيله جائزة الدب الذهبي في برلين عن فيلمه "تاكسي طهران".

وتلت مينا كاواني، إحدى الممثلات في الفيلم، رسالة على مسرح قصر السينما في البندقية جاء فيها "كلنا هنا بفضل قوة السينما، ومن أجل جعفر بناهي".

وبعث المخرج المسجون بعد إدانته بـ"الدعاية ضد النظام"، برسالة إلى المهرجان الإيطالي، الأسبوع الماضي، وقع عليها مع زميله محمد رسول آف المسجون أيضاً، اتهما فيها طهران بالتعامل مع السينمائيين المستقلين كما لو أنهم "مجرمون".

وأكد المخرجان في رسالتهما أن "تاريخ السينما الإيرانية يشهد على الوجود الدائم والنشط لمخرجين مستقلين ناضلوا ضد الرقابة ومن أجل ضمان استمرارية هذا الفن، ومن بين هؤلاء يشهد البعض على منع تصوير أفلام وأرغم آخرون على الإقامة في المنفى أو وضعوا في عزلة".

الدراما الفرنسية وقصة حب

وذهبت جائزة المركز الثاني، وهي جائزة لجنة التحكيم الكبرى (الأسد الفضي)، إلى الدراما الفرنسية المعقدة "سانت أومير" للمخرجة أليس ديوب وهو العمل السينمائي الأول لها بعد سلسلة من الأفلام التسجيلية.

وذهبت جائزة أفضل مخرج إلى الإيطالي لوكا جوادانيينو عن فيلمه "بونز أند أول" "العظام وكل شيء" الذي يحكي قصة حب أحد طرفيها من آكلي لحوم البشر، وحصلت نجمته الشابة تيلور راسل على جائزة أفضل ممثل أو ممثلة ناشئين.

ونال مارتن ماكدونا جائزة أفضل سيناريو عن فيلم "ذا بانشي أوف إينيشيرين" الذي أخرجه أيضاً.

 

الـ The Independent  في

11.09.2022

 
 
 
 
 

«أطفال الآخرين» لربيكا زولتوفسكي: الأمومة حلم يراود ويشغل البال

نسرين سيد أحمد

‏البندقية ـ «القدس العربي»: قد تباغتنا الرغبة في الأمومة على حين غرة، تأتي كهاجس ملّح، يأتينا حين نلمح طفلة تلهو مع والدها أو والدتها. هذا هو الحال مع راشيل (فيرجيني إيفرا) في فيلم «أطفال الآخرين» للفرنسية ربيكا زولتوفسكي، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي (31 أغسطس/آب إلى 10 سبتمبر/أيلول).

راشيل امرأة أربعينية، تعمل معلمة لطلبة في سن المراهقة. هي امرأة ناجحة، حياتها مليئة بعملها، وبعزفها على التشلو، وبأسرتها المكونة من اختها ووالدها. هي امرأة جميلة، لا تفتقر إلى اهتمام الرجال. لكنها على حين غرة تأتيها تلك الرغبة العارمة في الأمومة، وهي تدرك أنها إن لم تدرك الإنجاب في هذه الفترة من عمرها، فلن تدركه قط. تأتينا زولتوفسكي بفيلم إنساني، فيه من فهم المرأة الكثير، وفيه من إدراك ذلك التوق الدفين للأمومة الكثير، وفيه أيضا الكثير من الوعي بنظرة الشجن والإطراق تلك تباغت النساء الذين يراودهن حلم الأمومة.

تتعرف راشيل أثناء درسٍ لتعلم العزف على الغيتار على علي (رشدي زيم)، وهو مهندس سيارات ناجح منفصل عن زوجته، وأب للصغيرة الجميلة ليلى.

تسقط راشيل على ليلى قدرا كبيرا من رغبتها في الأمومة. علاقتها بالطفلة الوديعة اللطيفة علاقة ملتبسة، فهي تحب الصغيرة وتعنى بها، لكنها في الوقت ذاته لا يربطها بالصغيرة رابط الدم الذي يربط ليلى بوالدتها الحقيقية. قد تمثل راشيل أما بديلة للطفلة في بعض العطلات أو الأمسيات التي تمضيها مع والدها، لكنها تشتاق في نهاية المطاف إلى أمها الحقيقية، بل إنها تلح في بعض الأحيان على أن تعود إلى أمها لأنها تفتقدها، على الرغم من التدليل والرعاية اللذين تحصل عليهما من راشيل. في «أطفال الآخرين» تنجز زولتفسكي فيلما فيه من الحساسية والإنسانية والإدراك لنوازع المرأة الكثير. في كثير من الأحيان تعامل ليلى راشيل بالكثير من الحب، لكنه حب لغريب، لصديقة للأب، لكن حبها لها لا يعادل حبها لأمها قط، بل إنها تسأل والدها ذات يوم على مسمع ومرأى من راشيل، لم هي باقية معهم. تسمع راشيل هذه التساؤلات من الصغيرة، فتبتسم في حرج وألم تحاول إخفاءه. يمكننا القول إن «أطفال الآخرين» فيلم اللمسات الصغيرة والانفعالات التي تحاول صاحبتها إخفاءها أسفل سطح يبدو هادئا، لكنه يخفي الكثير من الألم. وما كان للفيلم أن يكون على هذا القدر من التأثير والحساسية دون الأداء المرهف من إيفيرا، التي تحمل تعبيرات وجهها وخلجاتها، كل هذا الحنين للأمومة، وكل هذا الحب لليلى، وكل هذا الإدراك أن علاقتها بتلك الصغيرة علاقة مشروطة، ستنتهي إذا انتهت علاقتها بوالدها. لكن بحث راشيل عن الأمومة ليس بحثا يائسا، ولا يعني أن حياتها قد تنهار إذا لم يتحقق. راشيل امرأة متحققة، ذات حياة باريسية سعيدة، وذات عمل تجد فيه الكثير من الرضا، وتجد في علاقتها بطلبتها الكثير من البهجة. كما أنها تجد الكثير من الحنان في علاقتها باختها التي تصغرها.

سيناريو الفيلم، الذي كتبته زولتوفسكي بذكاء وحساسية شديدين، يلمس الوتر الصحيح طوال الفيلم. وضعت كل كلمة في الحوار في موضعها الصحيح، يمكننا أن نلمح السعادة على وجه راشيل عندما تعلم إن اختها حامل، لكننا أيضا نلمح نظرة التمني في عيني راشيل، وتلك الرغبة في أن يكون لها طفل. وعندما تضع أختها طفلا، نرى راشيل تنظر له بحب وحنان، لكنها أيضا نظرة تحمل الحنين والتوق لأن يكون لها طفل. لكن علاقة راشيل وعلي لا تدوم، حيث يجد ما يدفع والدة ليلى إلى أن تطلب منه أن يحاولا العودة لبعضهما بعضا. هنا تقدم إيفيرا ما قد يكون أفضل مشاهدها في الفيلم وأكثرها رهافة وحساسية. تنتحي راشيل بليلى جانبا لتخبرها أنها قد لا تراها بعد اليوم، لكنها ستبقى على حبها لها. يحمل وجه إيفيرا الكثير من الحزن والتأثر، لكنه لا يحمل اليأس قط. يمكننا أن ندرك من تعامل راشيل مع هذا الموقف أنها لن تنهار، ولن تسقط في هوة اليأس، بل ستواصل حياتها بالكثير من الشغف. قد تكون قد تألمت لانتهاء العلاقة أو لانقضاء علاقتها بليلى، لكنها رابطة الجأش قوية، تجد في ذاتها وحياتها الكثير من التحقق. حياة راشيل لا تقف لانتهاء علاقتها بحبيبها، ولا تقف لأن رغبتها في الإنجاب لم تتحقق. تمر بضعة أعوام لنراها سعيدة ناجحة، ونراها تلتقي بالصدفة تلميذا سابقا لها. نرى كم كان لها من التأثير في حياة هذا الطالب، الذي لا يزال يتذكر كم كانت عونا له في سنوات مراهقته وتخبطه للعثور على معنى لحياته. تحول زولتوفسكي تعبير «أبناء الآخرين» من تعبير يحمل الأسى والحسرة إلى تعبير عن تأثير راشيل على حياة أبناء الآخرين هؤلاء، وكيف تخلد في ذاكرة الكثيرين منهم كمن عاونتهم على تحقيق أهدافهم في الحياة.

 

القدس العربي اللندنية في

11.09.2022

 
 
 
 
 

ممثلاً لمصر في مهرجان فينيسيا السينمائي

كوثر يونس: فيلم "صاحبتي" تطلب تضحية خاصة من الممثلين

 أحمد العياد

إيلاف من فينيسيا : عرض مؤخرا ً ضمن مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ ٧٩ فيلم "صاحبتي" للمخرجة المصرية كوثر يونس، وهي إحدى المخرجات الشابات الواعدات، والتي حققت نجاحًا منذ فيلمها الأول وأثبتت قدرة، ورؤية وشخصية خاصة بها في الوسط السينمائي.

درست الإخراج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، وحظي فيلمها الأبرز "هديّة من الماضي" بإشادة واسعة من النّقّاد فى مختلف المهرجانات السينمائية المحلّية والدوليّة،

إيلاف التقت بها على هامش فعاليات المهرجان وكان لنا معها هذا الحوار:

·        كيف نشأت فكرة هذا الفيلم؟

ولدت فكرته أثناء فترة كورونا ولكن أكثر وقت استغرقته كان في اختيار الأبطال، فكان مهما ً وجود كيمياء بينهم، فمثًلًا كنت أجد ممثلًا جيدًا لكنه غير مناسب مع الممثلة، أو العكس، وبالتالي رحلة اختيار فريق العمل استغرقت وقتا كبيرًا، وبعدها خضت رحلة مماثلة في العمل على تحويلهم لأشخاص أخرين.. "يعني مش إنهم شخص بيمثلوه لأ، هما من جواهم مقتنعين بحاجات غير الثوابت اللي عندهم". وللإنصاف الممثل والممثلة (إلهام صفي الدين - مارك البحار) بذلا مجهودًا كبيرًا في فيلم.

·        كواليس اختيار الفيلم في مهرجان فينسيا؟

الحمد لله. رغم أنني لم أتوقع ذلك، فقد قدمت الفيلم في اللحظات الأخيرة قبل إغلاق باب التقديم.

·        تنقلت بين الرواية والوثائقي ثم عدت للراوية مرة أخرى.. هل نعتبر ذلك من باب التجريب أم الفكرة هي التي تقودك؟

بالطبع الفكرة وما أريد التعبير عنه هو ما يقودني للعمل، فعندما بدأت التسجيل صوّرت أكثر من 350 ساعة، واستمرت فترة المونتاج لمدة عامين، وبالتالي كانت رحلة طويلة، خاصة أنني كنت ضد فكرة التسجيلي، لم أكن أريده. لكن في النهاية صنعت عملاً تسجيلياً بشكل روائي.. "يعني أحداث حقيقية وكل حاجة متصورة في لحظتها لكن الحكي بطريقة روائية“. وأعني هنا فيلم "هدية من الماضي".

·        أما عندما بدأت العمل على "يوكو وياسمينا" فأنا دوما لديّ اسم باللغة العربية وآخر بالإنجليزية، ولا أدري سبب ذلك.

كانت لديّ أحداث مررت بها أو مشابهة للقصة، فشعرت بالحاجة لإعادة سردها بشكل مختلف، لأنني كنت معتادة على طريقة حكي الفيلم الطويل في "هدية من الماضي" لذلك استغرقت الكثير من الوقت حتى أجعل حكاية "يوكو وياسمينا" تُروى في 10 دقائق فقط.

·        هل تتوقعين عرض الفيلم عربيًا على الرغم من جرأته في المهرجانات المقبلة ؟

لا، لقد بدأ الحديث حول الأمر بالفعل، لكن ليس هناك شيئًا مؤكدًا بعد. وبالتالي حين يتأكد الأمر سيتم الإعلان عنه بشكل رسمي.

·        هل لديك مشاريع جديدة في الفترة المقبلة؟

لدي مشروع تسجيلي وآخر روائي.

·        روائي طويل أم قصير؟

طويل.. "التسجيلي أشعر بأنه يناديني"، فأثناء تحضيري للفيلم الروائي جاءتني فكرة التسجيلي، وشعرت بالرغبة في تقديمه على الفور.. "التسجيلي لما بيجيلي بيبقى زي نسناس كده لازم يتصور دلوقتي مش هينفع يتأجل لتاني يوم". بينما الروائي يمكن تأجيله حتى يتواجد التمويل وباقي العناصر.

 

موقع "إيلاف" في

11.09.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004