ملفات خاصة

 
 
 

محمد قبلاوي: السينما البحرينية مرحب بها دائما في مالمو للسينما العربية

طارق البحار

مهرجان أفلام السعودية

الدورة الثامنة

   
 
 
 
 
 
 

نجاح سنوي يشهده مهرجان مالمو للسينما العربية في مدينة مالمو السويدية، وأصبح المهرجان والمدينة من أشهر الأسماء المتعلقة بالسويد وأوروبا اليوم، حيث تعتبر التظاهرة السنوية العربية الأكبر والأكثر شهرة في العالم والمجال السينمائي، حيث نجح منذ تأسيسه عام 2011 في تشكيل إطلالة على الأوضاع الاجتماعية والسياسية العربية، وإدارة حوارات بناءة تهم الجمهور والمختصين بحكم موقع المهرجان في السويد التي تضم العديد من الثقافات المتنوعة والمتعايشة على أرضها.

ومؤخرا قدم دورته الـ 12 وتم اختيار السعودية هذا العام كضيفة شرف، بنجاح كبير من طاقم محب للسينما جدا، بقيادة المخرج والفنان محمد قبلاوي رئيس المهرجان الذي تحدث للبلاد عن سبب هذا النجاح وأسراره في هذا اللقاء الشائق:

·        لماذا اخترتم السعودية ”ضيفة شرف“ هذا العام في مالمو؟

موضوع ”ضيف شرف“ لمهرجان مالمو للسينما العربية ليس بالجديد عندنا، فقد أطلقنا المبادرة مع انطلاق المهرجان باختيار المغرب، وتداول مباشرة بعدها عدة دول مثل “مصر“ و”تونس“ وهكذا، فضيف الشرف موضوع مهم بالنسبة لنا، ونقوم باختياره بحسب الخطة السنوية، وهو موضوع مكمل للمهرجان وهذا ليس بمعنى أنه حاضر بصورة أساسية، ولكن عندما يتم اختيار برنامج معين من دولة معينة نقوم باختيار البلد وتقديم أفلامه، خصوصا وأن اختيار السعودية أمر مهم جدا، حيث تم عرض من خلال ”برنامج ضيف الشرف“ 15 فيلما من المملكة، إضافة إلى الندوات والتعاونات، وتقديم الخبرات سينمائيا ولوجستيا، خصوصا وأن السينما السعودية في السنوات الخمس الماضية هي سينما فتية، وبدعم حكومي سخي، وتقديم  هيئة الأفلام السعودية التابعة لوزارة الثقافة، كان هناك دعم كبير ورؤية لهذه المؤسسات أنها تصنع حياة سينمائية وحياة ثقافية كاملة، وتدعمها مشاريع الأفلام.

نحن في مهرجان مالمو بدأنا مواكبة التطور في السينما السعودية أولا بالتعرف عليها منذ زمن ومنذ تقديم الحركة السينمائية بصورة انفرادية والتي تعتمد على أشخاص وجهود فردية، أو بعض صناديق الدعم أن كانت محلية أو خليجية أو حتى عربية وعالمية، وبالطبع شاهدنا أفلاما سعودية وصلت إلى أكبر المهرجانات والجوائز والمحافل بشكل فردي، لكن كل ذلك تغير اليوم وأصبح للسينما السعودية دعما حكوميا كبيرا، بمؤسسات وتقديم ”هيئة الأفلام“ مع ضخ أموال وتقديم العون وإنشاء صناديق، وبرامج لدعم صناعة الأفلام، ومثل ماهو واضح أن من خلال السنوات الأخيرة، حضر الفيلم السعودي في العديد من المهرجانات مثل مهرجان فينيسيا وتورونتو وفي القائمة الأولى للأوسكار، فكان حضورا قويا جدا، وهذا أدى إلى اهتمام مهرجان مالمو؛ كونه يهتم بالسينما الناشئة التي تحتاج إلى دعم.

كان من الملاحظ أن جمهورنا المتنوع من الشعب السويدي أو من الأصول العربية ومن الجنسيات الأخرى الذين يعيشون في السويد وهم يشاهدون الأفلام السعودية، بجميع قصصها وتراثها، وكان ذلك بمثابة تجربة جديدة، ومن هنا تم اختيار المملكة كضيفة شرف هذا العام، وبالطبع ليس بالعروض فقط، بل بتقديم العديد من المبادرات مثل افتتاح معرض لملصقات سينمائية سعودية وتقديم المحاضرات، حيث تضمن برنامج “ضيف الشرف” ندوة للتعريف بهيئة الأفلام ومبادراتها، والتعريف بالبرنامج التدريبي المكثف “جسر المواهب” التابع لبرنامج منتجي الأفلام، يضاف إلى الحضور المعتاد للأفلام والسينمائيين السعوديين في مسابقات المهرجان الرسمية لجان تحكيم، والمشاريع المشاركة في برنامج دعم أيام مالمو لإنتاج السينما، واختتم البرنامج بإقامة ليلة فنية سعودية.

وهذا تحت بند الدعم الدولي من الحكومات للسينما في بلد ما، وما المتطلبات من الأنشطة الفنية، وألقينا في مالمو الضوء على الشباب من الجنسين من المملكة السعودية تحت الخمسة وعشرين سنة، بحضورهم إلى السويد للالتقاء والاستفادة، وأن يتعرفوا على حياة جديدة ومتنفس آخر  للسينما، وفي نفس الوقت تقديم سياحة سينمائية سواء في كوبنهاجن أو مدينة مالمو، مع ردود فعل كبيرة لنجاح هذه التظاهرة السعودية عندنا، ووصل إلى هدفه بصورة كبيرة جدا.

·        يا ترى ماذا استفاد مهرجان مالمو من اختيار السعودية ضيفة شرف؟

هي دائما علاقة متبادلة، بمعنى أن السعودية هي أحد أهم الدول العربية وهذا من أول اختصاصات مهرجان مالمو الذي يلقي الضوء على السينما العربية عموما بما لها وعليها، ولكن الاستفادة هي أننا فتحنا بابا جديدا وسينما جديدة، ودعمنا مرحلة مهمة من مراحل الحياة السينمائية السعودية الشابة، والتي من المؤكد بأنها في حاجة إلى هذه المبادرات والدعم اليوم.

·        يكرم مالمو كل عام أسماء وجهات سينمائية كبيرة.. هل سيتمر ذلك مع الدورات القادمة؟

إذا كنت تقصد الأفراد، فنحن ليس لدينا استراتيجية خاصة بذلك، وليس ذلك مقررا في كل عام ببرنامج المهرجان، ولا يعتمد كنهج ثابت دائما، لكن في حال وجود اسماء تستحق التكريم، فسنكون الأوائل في اختياره وتكريمه هنا بالسويد؛ لأن المهرجان يسير بحسب المعطيات السينمائية التي نراقبها بعين الصقر حول العالم، كذلك السينما العربية.

فمثلا عندما كرمنا السينماءات المغربية في 2016، غاب تكريم أي سينما في العام الذي يليه، ولكننا نحرص سنويا أن نكرم السينما العربية في المهرجان الذي يعتبر المنفذ الوحيد في أوروبا الذي يقدم الأفلام والنشاطات بهذا الشكل، والكم الكبير من الاختيارات الدقيقة، ونحن في مالمو نفتخر كوننا أكبر مهرجان يعتني بالسينما العربية في العالم، ويعرض هذه الأفلام خارج الحدود العربية وهذا مصدر فخرنا، خصوصا وأن حتى المهرجانات العربية الدولية لا تعتني وتقدم ”فقط“ الأفلام العربية، لكنها خليط بين العديد من القارات واللغات عكسنا تماما، فنحن لا نقدم إلا الأفلام العربية، وهنا مصدر قوتنا لهذا نحن أكبر مهرجان بالعالم يعرض أفلام عربية.

·        هل السينمائي البحريني مرحب به في مهرجان مالمو بالسويد؟

بالتأكيد نرحب بجميع السينمائيين البحرينيين للمشاركة في مسابقات المهرجان، ونحن نفرح كثيرا عندما نجد أفلاما من جميع دول العالم العربي، وخصوصا منطقة الخليج العربي، ونرحب بالبحرينيين ونحثهم على المشاركة بأعمالهم السينمائية بقوة، إلى أن نصل ونختار مملكة البحرين ضيفة شرف عندنا في مالمو، ونفتح لها مساحات، فنحن نقدر السينما البحرينية دائما ونستطيع تقديم ”بانوراما“ خاصة بها ومعرض وندوات، وأهلا بكم.

·        هل ترى أن توقيت المهرجان ربما يظلم في اختيار الافلام خصوصا وأنه يأتي بعد العديد من المهرجانات؟

العديد من المهرجانات ”تلهث“ وراء العروض الأولى والحصرية في جدولها، ولكننا في مالمو نملك فلسفة خاصة بنا تقول أي فيلم لم يعرض في السويد، فهو جديد وعرض عالمي أول؛ بسبب أني شخصيا لا أتخيل أن أحدا من الجمهور السويدي أو الدنماركي أو بالتحديد المدن القريبة من مالمو قد شاهد الأفلام التي نقدمها، وأحس أنه موضوع إيجابي جدا وفرصة لي ولباقي فريق المهرجان في تنوع الاختيارات من الأفلام، التي تكون أوسع وأكبر بالطبع، وكان هذا السبب الرئيس لتغيير موعد المهرجان من أكتوبر في كل عام وسط القاهرة السينمائي والجونة وقرطاج، وابتعدنا من هذا التوقيت لكي لا نتصارع على موضوع اختيار الأفلام، وقررنا أن ترك المهرجانات الزميلة تعرض أفلامها بحسب اختياراتها، ونحن بعد ذلك نجلبها للسويد في حركة تكاملية بين جميع المهرجانات، وشخصيا أتواجد في معظم هذه المهرجانات، وأختار مباشرة الأفلام، بالاضافة إلى تسجيلها وحجزها، ففي العام الماضي كان هناك أكثر من  612 فيلما تم تسجيلها عندنا، وتم اختيار 67 فيلما منهم للعرض عندنا بالمهرجان.

·        يا ترى ما سر نجاح مهرجان مالمو للسينما العربية، خصوصا وأن السويد تملك العديد من المهرجانات؟

هناك في الحقيقة عدة أسباب، أولها فريقه يعملون فيه بمحبة كبيرة للسينما وشغف لا أستطيع أن أصفه لكم والإخلاص بالطبع، وثانيا أن مهرجان مالمو عنده خطة طويلة الأمد، ولا نعتمد أبدا على المفاجآت،  أو الصدف، فكل النقاط مدروسة مع متابعة دائمة على مدار العام، بالاضافة إلى المحافظة على النجاح أفضل من أن تبذل الجهود في تطوير مهرجانك بالتغييرات وغيرها، وعندنا نظام تثبيت الركائز، ونعتمد على الثبات في النجاح المستمر من دون التفكير في ”القفز“ إلى خطوات أكبر مع ضرورة إضافة الجديد بالطبع للمحافظة على جودة المهرجان الذي تقدمه.

أيضا نحن بالمهرجان نفكر ضمن استراتيجية مدروسة جدا في التعامل مع كل شيء حول المهرجان، مثل توصيل الأخبار إلى الصحافة داخل وخارج السويد، وهذا يتم بالاعتماد على أشخاص يعرفون تماما ما يفعلونه، خصوصا وأن مهرجان مالمو للسينما العربية ولد كبير إعلاميا؛ بسبب الاعتماد على مهرجان دبي السينمائي الدولي، والذي كان هناك تعاون كبير قبل تأسيس مالمو وخصوصا مع مسعود أمر الله علي، الذي معه رسمنا خارطة طريق المهرجان وكيفية تقديم مهرجان ناجح،  فقمنا بأخذ استراتيجية وإدارة وشكل دبي السينمائي وتم تطبيقه بسبب تواجدي فيه منذ الدورات الأولى، والعلاقات التي تربطني شخصيا بالمدير الفني له، فكنت قريب جدا من إدارة دبي السينمائي وأشاهد كل الخطط والأنظمة وكيفية تقديمه بنجاح، وبالفعل تعلمت الكثير منه ونقلته إلى مالمو، ولا أنسى الدعم الكبير للمكتب الإعلامي بنشر أخبار مهرجان مالمو، خصوصا وأن في الدورة الأولى قمنا باختيار السينما الخليجية كضيف شرف، والسنة الثانية تم اختيار الإمارات، فكانت البيانات الإعلامية التي تصدر عنا كانت تخرج من المكتب الإعلامي بمهرجان دبي السينمائي، وهذا ساعدني كثيرا في بدايات مالمو وانتشاره، ووضعه على خريطة المهرجانات العالمية والعربية الكبيرة.

 

####

 

انطلاق الدورة الأولى من مهرجان السينما الأوروبية بالمملكة العربية السعودية

بالصور : افتتاح الدورة الأولى من مهرجان السينما الأوروبية بالمملكة العربية السعودية

البلاد/ مسافات

افتتح أمس الدورة الأولى من مهرجان السينما الأوروبية بالمملكة العربية السعودية والذي من المقرر استمراره بمدينة الرياض في الفترة ما بين 15 وحتى 22 يونيو، وقد تم إطلاق المهرجان من قبل وفد الاتحاد الأوروبي ومجموعة الصور العربية للإنتاج الإعلامي المرئي والمسموع.

وانطلق الافتتاح بسينما فوكس Vox The Esplanade في حضور باتريك سيمونيت سفير الاتحاد الأوروبي بالمملكة العربية السعودية بجانب العديد من سفراء الدول الأوربية مثل سفير فرنسا وإيطاليا، المخرج الفرنسي غريغوري ماغني، والمخرج القبرصي ماريوس بايبيريدس، الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية المخرج  عبد الله العياف وعدد من ممثلي الهيئة، والعديد من صنّاع الأفلام السعودية.

وصرح  باتريك سيمونيت سفير الاتحاد الأوروبي من خلال كلمته التي ألقاها في الافتتاح "نحتفل الليلة  بالصداقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية. وإننا سعداء للغاية لرؤية "المشهد الثقافي" المزدهر في المملكة والزخم القوي الذي تجلبه رؤية 2030 للثقافة والترفيه لأكبر عدد ممكن من الشعب السعودي. وبالنسبة لنا في الاتحاد الأوروبي، نود دعم هذا الحراك ونفخر بالمساهمة به من خلال فعالياتنا ومبادراتنا مثل #شهر أوروبا والذي اختتم فعالياته الأسبوع الماضي، فضلاً عن مهرجان السينما الأوروبية الذي ينطلق اليوم."

كما صرحت الرئيس التنفيذي لمجموعة الصور العربية Arabia Pictures (APG) السيدة / رؤى يوسف المدني في حفل إطلاق المهرجان "أشعر بالسعادة بتحقيق الحلم وإقامة أول مهرجان السينما الأوروبية بالرياض، ونهدف في الدورات القادمة بالتوسع لتشمل أقسام مختلفة للأفلام والبرامج الموازية للمهرجان. وأتوجه بالشكر لكل الداعمين من صانعي الأفلام والإعلاميين الذين تشرفوا بالحضور ومشاركتنا في هذا الافتتاح"، وأشكر بشدة وفد الاتحاد الأوروبي على التعاون والدعم الذي تم تسخيره لنا، إلى جانب الهيئة السعودية للأفلام على مساندتها بالإضافة إلى الإشادة لشركائنا الكرام وبشكل خاص سينما فوكس VOX Cinema.

ويستقبل المهرجان 14 فيلمًا من مختلف بلدان أوروبا وهم النمسا، بلجيكا، قبرص، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، مالطا، بولندا، اسبانيا، السويد، وتشمل الفعاليات 4 حلقات نقاشية مع كبار صنّاع السينما بأوروبا، وهم حلقة نقاشية مع المخرج الفرنسي غريغوري ماغني، يوم الخميس 16 يونيو الساعة 7 مساءً، ومع ماتي روكينباوخ حول الجوانب القانونية في صناعة الأفلام وذلك يوم السبت 18 يونيو الساعة 7 مساءً، ومع الكاتب والمخرج القبرصي ماريوس بيبيريديس عن فن الإنتاج المشترك وذلك يوم الأحد 19 يونيو الساعة 7 مساءً، وأخيرًا حلقات نقاشية مع ألييرتو باتوتشي حول ميلاد السينما الخضراء.

يهدف المهرجان إلى تسهيل التبادل الثقافي والترويج للسينما الأوروبية وتوثيق الاتصالات بين صناع السينما الأوروبية والسعودية من خلال تنظيم جانب مخصص للأحداث.

ترعى Vox Cinema هذا الحدث إلى جانب Alliance française ومعهد Goethe وسفارة إيطاليا في المملكة العربية السعودية. كما استفاد الحدث من دعم الهيئة السعودية للأفلام.

نبذة عن وحدة الاتحاد الأوروبي:

تم افتتاح وفد الاتحاد الأوروبي لدى المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ومملكة البحرين في الرياض عام 2004. ويمثل وفد الاتحاد الأوروبي أيضًا الاتحاد الأوروبي في مواجهة مجلس التعاون الخليجي، منظمة التعاون الإسلامي (OIC) والبنك الإسلامي للتنمية (IsDB). يعمل وفد الاتحاد الأوروبي في العديد من مجالات التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والبحرين وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الحوار السياسي والقضايا الاقتصادية والتجارية والأمن الإقليمي والتعليم وكذلك تغير المناخ والانتقال إلى الطاقة / الاقتصاد الأخضر.

اقرأ المزيد عنا على:

EU Delegation's website / Twitter: @EUintheGCC / Instagram: @EUinKSA / Facebook: @EUinKSA

نبذة عن مجموعة الصور العربية:

مجموعة الصور العربية هي شركة إعلامية وترفيهية متعددة الأوجه مقرها في المملكة العربية السعودية. مع فريق شاب من المبدعين، تتخصص الصور العربية في إنتاج الأفلام والتوزيع، والتدريب، وإدارة الأحداث، والإعلان. احتضانًا للثقافة المحلية في جوهرها، تهدف الصور العربية إلى الحفاظ على رعاية المواهب، ودعم تقدير الأفلام، وبناء صناعة أفلام نابضة بالحياة، وإنشاء محتوى أصلي ورائع متعدد المنصات، وإنشاء أعمال مستدامة في مجال الترفيه.

تسعى الصور العربية إلى إقامة شراكات دولية، وتهدف إلى أن تكون لاعبًا عالميًا لمواصلة دفع المبدعين إلى الأمام معًا.

 

البلاد البحرينية في

16.06.2022

 
 
 
 
 

ثورة القوارير في السينما السعودية!

عصام زكريا

من لم يشاهد بعض الأفلام والمسلسلات السعودية التي صنعت خلال السنوات الماضية قد يتصور أن ما يطلق عليه “السينما السعودية” هو فقط هيئة الترفيه ومهرجانات المصارعة وحفلات مغنيي المهرجانات ومسرحيات وأفلام الكوميديا المصرية التي يستقبلها جمهور متعطش للرقص والضحك.

ومن المفارقات المحيرة أنه في الوقت الذي يقبل فيه الجمهور السعودي العريض على أكثر الأعمال المصرية “تجارية” و”شعبية”، بما في ذلك الأفلام التي شاركت جهات سعودية في تمويلها، وعلى سبيل المثال حقق فيلما “وقفة رجالة” و”مش أنا” إيرادات خيالية وغير مسبوقة من عرضهما في السعودية..وفي الوقت الذي يتسابق فيه “أساطين” الفن التجاري المصري من منتجين وموزعين وممثلين للحصول على قطعة كعك وبقعة عرض في المملكة، حتى يبدو الأمر وكأن الفن في مصر يقتصر على هؤلاء المنتجين والموزعين والممثلين ومنتجاتهم “الرخيصة فنيا”، فإن معظم الأفلام التي يصنعها شباب سعوديون تغرد في فضاء وسماء مختلفة تماما. تضع الجودة الفنية مثلا أعلى تسعى له، وتتخذ من الجدية سبيلا، ومن الجرأة شعارا.

انتصار الشابات

منذ أيام،  انتهت الدورة الثامنة منمهرجان أفلام السعودية التي شهدت عرض ثمانين فيلما سعوديا جديدا منها إثنى عشر فيلما روائيا طويلا، حيث فاز فيلم “قوارير” بأربعة جوائز كبرى لأفضل فيلم طويل وسيناريو وتصوير وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لفريق الممثلين.

وفيلم “قوارير” الذي شهد عرضه العالمي الأول خلال مهرجان البحر الأحمر في ديسمبر الماضي هو نتاج مشاريع تخرج من مدرسة الفنون من جامعة عفت لعدد من السينمائيات الشابات، ويتكون من خمسة أفلام قصيرة لخمس مخرجات تدور حول “ثيمة” أو فكرة واحدة هي القهر الذي تتعرض له النساء، وهو يشبه في طريقة انتاجه وموضوعه فيلما آخر بعنوان “بلوغ” عرض خلال مهرجان القاهرة الماضي من صنع خمس مخرجات شابات أيضا.

قوارير” تعبير بلاغي يشير إلى رقة وجمال الأنثى، يستخدم عادة في عبارة “رفقا بالقوارير”، وهي الفكرة التي تعزف عليها قصص الفيلم المختلفة.

تدور القصة الأولى (للمخرجة نورا المولد) حول فتاة تهوى الرسم وتسعى للمشاركة في مسابقة للمواهب تعقد في العاصمة، في الوقت الذي تنهار فيه حياتها العائلية بطلاق أبويها، وقرار أبيها بأن تبقى في حضانته، رافضا أن يسمح لها بالسفر أو ممارسة هوايتها، وعندما تحاول الفتاة التمرد بالهرب للذهاب إلى أمها تقضي ليلة موحشة تعيسة قبل أن يتم اعادتها إلى أبيها كسيرة في الصباح التالي.

**

تدور القصة الثانية (للمخرجة نور الأمين) في إطار أكثر تشويقا: أرملة شابة مات زوجها في ظروف غامضة خلال شهر العسل، الذي يبدو أنه كان مريرا، وخلال التحضير لطقوس تلقي العزاء وأثناء تواجدها في المنزل وحدها يزورها رجل لا تعرفه يصر على الدخول للبحث عن “أشياء” كانت بحوزة الفقيد لا نعرف ماهيتها، ولكن نشك في كونها ممنوعات، وفي اللحظة التي يبدو أن علاقة ما ستربط المرأة بالرجل تصل الحماة ثم المعزون ليبقى الرجل مختفيا تحت السرير إلى أن ينصرف الجميع!

في الحكاية الثالثة (للمخرجة رغيد النهدي) تبقى فتاة صغيرة حبيسة البيت مع أمها، فيما أبيها الذي يعمل معلما يقطن دورا علويا يتوافد عليه التلاميذ، فيما الفتاة محرومة ومتلهفة للتعليم، وحيدة، لا تتعلم سوى بعض النشاطات “النسائية” على يد أمها، مثل تنظيف الجسد جيدا واعداد الطعام.

**

في الحكاية الرابعة تجد فتاة شابة نفسها بين مفترقي طرق: أمها التقليدية التي تأتي لها بعريس صالونات يتقدم لخطبتها مع عائلته، وخالتها المتمردة التي يبدو أنها عاشت حياة غير خاضعة للتقاليد. في البداية تساير الفتاة التقاليد..إلى أن تكتشف أن العريس النموذجي الذي يتقدم لخطبتها مع عائلته يرغب في اصطحابها إلى بيت أحد أصدقاءه..فتدرك أن التقاليد تصبح خدعة كبيرة أحيانا!

الحكاية الخامسة (للمخرجة فاطمة الحازمي) تحمل صدمة أكبر: عائلة تقليدية نموذجية، تستعد فيها الابنة الأكبر للسفر إلى جدة لاستكمال دراستها، فيما تصر الأم على أن تقيم الفتاة في جدة مع خالها الطيب المحترم..هذا الخال الذي اعتدى على الفتاة في طفولتها، ولم يزل يحاول تكرار فعلته!

مفارقات رقابية

لحسن الحظ أن فيلم “قوارير” لم يتقدم بطلب للحصول على موافقة الرقابة المصرية، فقد كان سيرفض بحجة أنه يحتوي على “زنا محارم”، وهو ما يذكرني بمجموعة من الأفلام السعودية القصيرة من انتاج 2017، تعرض على منصة “نتفليكس” حاليا، بعنوان “قصص بشر” تحتوي على قصة حول فتاة تتعرض للاعتداء على يد أبيها، مثلما تعرضت أمها للشئ نفسه على يد الجد!

وبما أن الشئ بالشيء يذكر، فقد تذكرت أيضا قيام الرقابة المصرية بمنع عرض ثم تغيير أحداث مسلسل “دنيا” الذي عرض في رمضان الماضي بحجة أنه يحتوي على “زنا محارم” لإن بطلة المسلسل (ليلى علوي) اكتشفت أن زوجها على علاقة بأختها!  المفارقة، كما قلت، محيرة!

 

موقع "باب مصر" في

16.06.2022

 
 
 
 
 

أفلام السعودية.. عن مهرجان حيّ وصناعة تتشكل وأسباب للغيرة

الظهران – أحمد شوقي

«الحياة مثل صندوق الشكولاتة، لا يمكنك أبدًا معرفة ما ستناله»، عبارة سينمائية أدخلها روبرت زيميكس التاريخ عندما قالها بطله الأشهر «فورست جامب» على لسان توم هانكس. عبارة لخصت عبقرية فورست، الشاب طيب القلب منخفض الذكاء الذى ألقته الأقدار فى قلب صندوق الشكولاتة فعاش ألف حياة ودخل التاريخ من أبواب عدّة.

ما علاقة العبارة بموضوع مقالنا؟ أن شخصًا لو قال قبل أعوام تُعد على أصابع اليدين، وربما اليد الواحدة، أن المهرجان القومى للسينما المصرية، بعراقته وقيمة التاريخ السينمائى الذى يُمثله، سيتزامن مع مهرجان أفلام السعودية، البلد الذى كانت السينما فيه حتى وقت قريب نشاطًا محظورًا يمارسه العُشّاق سرًا، فتكون الغلبة التنظيمية والإعلامية – وربما الفنية – للحدث السعودي، فربما اعتُبر هذا القائل مخبولًا، أو على أحسن الفروض حالمًا لا يعيش على أرض الواقع. حسنًا، الحلم صار حقيقة!

جوائز ومهرجانات وطنية

الجوائز الوطنية السنوية للأفلام موضوع أبحاث عديدة يمكن التفكير فيها، بتجلياته المختلفة التى تتراوح بين تنظيم حفل جوائز سنوى على غرار أوسكار الأمريكية وبافتا البريطانية وسيزار الفرنسية، ونظائرهم ذات الطابع الغربى المرتبط بوجود مؤسسات موثوق فى اختيارات أعضائها، بينما يُفضل الشرق ومنه مصر فكرة المهرجان ولجنة التحكيم المعلنة التى تتغير من عام لآخر، بما تكفله من قدر مقبول من الثقة فى استقلالية الآراء أو على الأقل فى معرفة أصحابها. التجليات تستمر أيضًا بين تأهل كل الأفلام المعروضة وطنيًا لتكون مؤهلة تلقائيًا للمنافسة، وبين فتح باب التقدم لمن يرغب فى الترشح للجوائز، وبين تنظيم مهرجان تُقام فيه عروض للأفلام المؤهلة، أو الاكتفاء بكونها جوائز يتم التصويت عليها من واقع متابعة الخبراء والمحترفين للصناعة على مدار العام.

الأشكال عديدة ولكن تبقى القضية الأهم هى قيمة الجائزة وأثرها: هل يحترمها صنّاع الأفلام المحليين بالفعل أم يتعاملون معها على اعتبارها مجرد «تكريم آخر» من التكريمات التى صار الجميع يمنحونها ويتقلدونها آناء الليل وأطراف النهار؟

كل الأفكار السابقة وردت على الأذهان مع متابعة مهرجان أفلام السعودية فى دورته الثامنة، وهو الحدث الذى بدأ قبل سنوات كفعل تمرد يجرى على الهامش، فى خفوت وأحيانًا فى سرية، ساعيًا للتعبير عن الوجود قبل أى هدف آخر. «نحن هنا رغم الصعاب»، رفعها السينمائى الرائد أحمد المُلا وهو يطلق مهرجانه وحوله مجموعة من المهاويس، الحالمين بالسينما وسط ظروف ضاغطة ومعادية.

اليوم تغير كل شيء، المملكة صارت مركزًا لصناعة ناشئة لا تسعى فقط للحضور وإيجاد صوت خاص، بل تضع المد الثقافى والتأثير فى المحيط هدفًا استراتيجيًا يمكن أن تلمسه فى كل الأنشطة الجارية. فى حالتنا هذه نجدها فى الهدف والمحتوى والموقع. الهدف هو اجتماع صناع السينما بالمملكة لأسبوع من كل عام، المحتوى أفلام واعدة يمتاز كثير منها بالجودة والطموح، ونقاشات ثرية تحاول الإجابة على تساؤلات عدة أهمها: ماهية الفيلم السعودى الناشئ. أما المكان فحدّث ولا حرج، مركز الملك عبد العزيز الثقافى العالمى «إثراء»، الصرح الثقافى والمعرفى الذى يحلم أى منظم مهرجانات أو ناشط ثقافى أن يجد مساحة مماثلة ليؤدى عمله داخلها.

عن المهرجان والحضور والتكريم

على مدار ثمانية أيام كاملة، عُرضت الأفلام بحضور صناعها الذين سافر أغلبهم خصيصًا لحضور المهرجان «لاحظ أننا نتحدث عن مهرجان يقام فى المنطقة الشرقية بينما يتركز الشق الأكبر من الصناعة فى المدينتين الأكبر الرياض وجدّة»، لتُناقش الأفلام بعمق ليس فقط مع الجمهور الذى تعطش طويلًا لامتلاك سينما محلية، ولكن بين صناع الأفلام أنفسهم، والذين حضروا حفل الختام جميعًا، من فاز منهم ومن لم يفز، بينما يقتصر الحضور فى مهرجان مصر العريق على من يتم إبلاغهم مسبقًا بالفوز، فلا مجال أن تحضر وتخسر فى زمن صار الفنانون فيه يحجمون عن زيارة مقر جريدة عريقة لعمل ندوة صحفية طالما لم تُسمى الندوة – كذبًا – تكريمًا، ولم تنته بمنح «المُكرم» درعًا أو كريستالة بلا قيمة!

قد يبدو الحديث السابق لاذعًا، وأعى جيدًا أنه يغفل جانب التراكم الزمني، فشتان بين صناعة وليدة يستمتع جُل من فيها بالوجود والاعتراف والتقدير بعد عقود من الغبن، وبين صناعة عريقة رسخت آلياتها وعرف من فيها من أين تؤكل الكتف. والدليل أن المهرجان القومى المصرى وقت تأسيسه كان حدثًا كبيرًا حافلًا بالنجوم والحضور والمناقشات، فلربما يصير «أفلام السعودية» باهتًا إذا ما تطورت الصناعة وامتلكت نجومها أمام وخلف الكاميرا، وصار لكل منهم أجندة اهتماماته ومكاسبه.

يبقى الحاضر حالة تُرصد فتحُلل لاستشراف المستقبل، وكل شيء وارد فى الحياة الأشبه بصندوق الشكولاتة. لكن الأكيد أن مهرجان أفلام السعودية فى نسخته الثامنة كان حدثًا سينمائيًا وثقافيًا كبيرًا بكل المستويات، بعروضه وندواته ونقاشاته، وبنشر 15 كتابًا سينمائيًا جديدًا بين مؤلف ومترجم، كلها نُشرت بأفضل وأفخر صورة ممكنة، بينما قرر المهرجان القومى المصري، وبعد أعوام من نشر مكتبة سينمائية رائعة تؤرخ لأهم صناع السينما المصريين وضع لبنتها الراحل الكبير على أبو شادي، أن يتوقف عن نشر الكتب بحجة توفير النفقات، رغم وجود الأستاذ والناقد الكبير كمال رمزى على رأسه.

وقود هذا المقال انفعالين متداخلين: الفرحة بتجربة مهرجان أفلام السعودية وبالسينما الناشئة المليئة بالآمال فى المملكة، والإحباط والغيرة من أن تفقد السينما المصرية، بكل ما لها من تاريخ هائل تصغر أمامه كل التجارب، القدرة حتى على تنظيم مسابقة وطنية مؤثرة وملائمة للعصر.

ملحوظة فرعية: احترت كثيرًا فى وضع موقع كتابة هذا المقال، بعدما فهمت لماذا ينسب أبناء المنطقة الشرقية أنفسهم للمنطقة ككل وليس لمدينة بعينها. فمن يحضر المهرجان يصل إلى ويسافر من مطار الدمام، يسكن فى الخُبر، ويشاهد الأفلام فى الظهران، وكلها مدن حسب التقسيم الإداري، لكنها حواضر متجاورة ومتداخلة على المستوى الإنساني. لكننى انحزت فى النهاية لمكان العرض ولمركز «إثراء» وكتبت المقال من الظهران.

 

جريدة القاهرة في

23.06.2022

 
 
 
 
 

"رقم هاتف قديم".. فيلم سعودي عن أزمة منتصف العمر

علي سعيد يستعير من مظفر النواب أفكارا ليبدأ رحلته في السينما الشعرية.

تشهد المملكة العربية السعودية ولادة نماذج سينمائية رائدة ومجددة، حيث يذهب البعض من المخرجين الشبان إلى اعتماد التجديد في أول إنتاجاتهم الفنية ليقتبسوا من الفنون الأخرى أفكار ذات بعد إنساني واجتماعي يمكن طرحها على الجمهورين العربي والغربي، دون اللجوء إلى الاستسهال في طرح القضايا الخيالية التي لا تقدم للمشاهد إفادة تذكر.

الرياضقبل عقود طويلة، وحين تجاوزه الأربعين عاما، كتب الشاعر العراقي مظفر النواب قصيدة “رقم هاتف قديم” ليتذكر فيها بعضا من حياته في دمشق أين عاش فترة من الزمن بعد مغادرته بغداد وبيروت، وفيها وقف النواب وقفة المتأمل لحياته السابقة، ووقفة الإنسان الحائر الذي لا يقدر على فهم أشياء كثيرة في هذا الكون.

القصيدة التي قدمها النواب حين ألقاها في دمشق قائلا “ألا أُفهـم تنتـابني نـكـهةُ حُـزن، ولكن أشياء كثيرةٌ لا تـُفهـم في هذا الكون، أن يـُتقصد عـدم فهمي؛ فذلك يضع في طريق عشقيَ للناس حجـرا” والتي تقول بعض أبياتها «أغلقنا رغباتِ الشباك برقة قلبٍ… ونسينا الصبح بدون مطر…»، ألهمت في العام 2022 المخرج السعودي علي سعيد لإنجاز أول أفلامه السينمائية القصيرة والذي حمل العنوان نفسه الذي اختاره مظفر النواب لقصيدته “رقم هاتف قديم”. وهو فيلم بدأت فكرته منذ العام 2017 إلا أن مخرجه لم يجد الوقت الكافي لإتمامه بسرعة.

الفيلم الذي تم تصويره في المملكة بفريق عمل سعودي متكامل استطاع أن يحكي أزمة منتصف العمر حيث عبّر، بوجهة نظر سعودية، عما تشهده هذه الفئة العمرية من انفعالات وتحولات وذلك من خلال رصد ما يعيشه بطل الفيلم “حامد” والذي قام بأدائه الفنان السعودي يعقوب الفرحان.

ويقدم الفيلم بناء فنيا غير تقليدي، حيث يدعو المشاهد إلى المشاركة بخياله في العمق منذ اللحظة الأولى، كاسرا القوالب التقليدية للبناء الفني، والتي ترتكز على تقديم القصة من البداية إلى النهاية، دون إتاحة الفرصة للمشاهد للربط بين جميع المعلومات ودفعه للتركيز في العديد من التفاصيل وتحليل الأصوات والصور ليتمكن من بلورة تحليل وفهم ذاتي لقصة الفيلم.

◙ علي سعيد استطاع أن يقدم نموذجا غير تقليدي باستلهامه الفكرة الرئيسية للفيلم من أحد أعمال الشاعر الراحل مظفر النواب

وأزمة منتصف العمر أو ما يعرف أيضا باسم المرحلة الحساسة هي المرحلة الانتقالية التي تبدأ من سن الأربعين إلى خمس وستين سنة بالنسبة إلى الرجال والنساء، بحيث يعيش الإنسان حالة من التغير التي تنسف أغلب أفكاره القديمة وتدفعه إلى تقييم مسار حياته السابق، ويختلف منظور الشخص للأشياء والوقائع في حياته فيختلف تعامله معها، وكأنه يقوم بتكوين شخصيته من جديد.

ومن علامات بلوغ هذه المرحلة هي الاكتئاب الشديد واتخاذ الإنسان الانطوائية والعزلة ملاذاً علّه يستطيع فهم ذاته والسيطرة عليها. ثم دخوله مرحلة الانتقاد المستمر لكل شيء واختلاق المشاكل.

هذا بالإضافة إلى عيشه حالة توتر مستمر في جميع علاقاته الشخصية فيشعر الرجل أو المرأة في هذه المرحلة أنه كان يعيش في واقع وهمي وأنه لم يكن صاحب قرار في حياته. ثم يبدأ بلوم نفسه على أغلب القرارات في حياته وأنه كان مخطئا في حق ذاته. فيتخذ فورا قرار بترك جميع المسؤوليات وإسنادها إلى غيره، لعله بهذه الطريقة يتدارك ما بقي له في الحياة، وأنه بهذا سيعيد شبابه من جديد.

تٌصيب أزمة الأربعين النساء والرجال معا، لكن بشدة متفاوتة ومختلفة، وحسب بعض الباحثين فإن هذه الأزمة تصيب الرجل في حدث شخصي قد عاشه من قبل، على عكس المرأة التي قد تفكر في حدث سبق وأن عاينته أو موضوع مختلف تماما عن حياتها.

واستطاع مخرج الفيلم علي سعيد أن يقدم نموذجا غير تقليدي باستلهامه الفكرة الرئيسية للفيلم من أحد أعمال الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب، ليتمكن من خلاله الحصول على جائزة أفضل سيناريو فيلم قصير بمهرجان أفلام السعودية. ويقول سعيد إن الفيلم يجسد تصوره لما يريد أن يقدمه من أفكار ذات بعد فكري وتثقيفي في السينما السعودية.

ويستمد "رقم هاتف قديم" فلسفته من رؤية عالم النفس السويسري كارل يونغ، لأزمة منتصف العمر، فهو يقدم نظرية مختلفة، إذ يرى أن منتصف العمر وقت تبلغ فيه جوانب الشخصية الإنسانية ذروتها التي كانت مكبوتة، فيستعيد الرجال الجانب الأنثوي اللاواعي، والذي كان مغموراً في شبابهم، بينما تحرر النساء جانب الجنس الآخر الخفي بداخلهن.

الفيلم يقدم بناء فنيا غير تقليدي، حيث يدعو المشاهد إلى المشاركة بخياله في العمق منذ اللحظة الأولى، كاسرا القوالب التقليدية للبناء الفني

ويحمل الفيلم الكثير من ملامح السينما المستقلة، وهو عمل لصيق بالمكان كما يصفه صاحبه الذي يقول في تصريحات له إن الفيلم يأتي في إيقاعه ضمن "السينما الشعرية".

وتزامنت هذه التجربة السينمائية الأولى لعلي سعيد مع دخوله العقد الرابع من العمر، الأمر الذي دفعه إلى إنجاز فيلم يخاطب عامة الناس ويطرح عليهم أزمة قد يمرّ بها أغلبهم، ولما لا يكون تعبيرا عن هواجس الفنان الذي تفرغ بعد سنوات طويلة للعمل في السينما متبعا التحولات الحاصلة في المجتمع السعودي ومحاولا تعويض ما فاته في سنوات الشباب.

يشار إلى أن فيلم “رقم هاتف قديم” شارك ضمن 7 أفلام سعودية في ركن الأفلام القصيرة في الدورة الخامسة والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي. وعُرِضَ لأول مرة في افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان الأفلام السعودية بمركز “إثراء” في الظهران.

وبطل الفيلم يعقوب الفرحان (1982)، ممثل سعودي، بدأ حياته الفنية بالعمل في المسرح، ومن أهم أعماله المسرحية “وجبة سريعة”، “سر الحياة”، “المحظوظ”، “السيمفونية الثانية”، “طرفة بن العبد”، “زهير بن أبي سلمى”، “حكاية لعبة”، كما شارك في عدة مسلسلات منها “بيني وبينك”، “أم الحالة”، “ملحق بنات”، “لعبة المرأة رجل”.

وساهم أداؤه لشخصية “رشاش” في مسلسل “رشاش” الذي يُعد واحدًا من أكثر المسلسلات شعبية في المملكة العربية السعودية ومختلف دول الخليج العربي، في اكتساب يعقوب الفرحان شهرة كبيرة.

الفيلم تم تصويره في المملكة بفريق عمل سعودي متكامل استطاع أن يحكي أزمة منتصف العمر

 

العرب اللندنية في

24.06.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004