ملفات خاصة

 
 

ريش.. أفضل فيلم عربي في الجونة السينمائي

كاظم مرشد السلوم

الجونة السينمائي

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 
 
 

بعد أن حصد جائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي، وهي الجائزة التي لم ينلها اي فيلم عربي سابقا، جاء عرضه العربي الأول في مهرجان الجونة ليثير جدلا ولغطا، استمر الى ما بعد انتهاء المهرجان، بين من يرى ان الفيلم يسيء الى سمعة مصر، وبين من يرى ان السينما وفي واحدة من أهم مهامها هي تسليط الضوء على الواقع وتحديد المشكلات الكامنة فيه.

الفيلم يتحدث عن أسرة فقيرة جدا، أب يحاول توفير ما يمكن لأطفاله الثلاثة وزوجته، رغم تسلطه وتهميشه لدور زوجته داخل الأسرة، وفي محاولة منه لادخال الفرح الى اطفاله يقوم بعمل عيد ميلاد لأحدهم، ويجلب ساحرا من الذين يجيدون العاب الخفة، ويطلب منه الأخير أن يدخل في صندوق كبير وهو صندوق إخفاء، وبعد دخوله يقوم الساحر بإخراج دجاجة بدلا عنه، لكنه يفشل في اعادته الى وضعه الطبيعي، ومن هذه النقطة تنطلق حكاية الفيلم وحبكته التي تغوص عميقا في الواقع المزري الذي يعيشه الناس ومن ضمنهم هذه الاسرة.

الاشتغال

لا يمكن تصنيف الفيلم بشكل دقيق، فهو عبارة عن فنتازيا، قد تنتمي للعبثية، او للكافكوية التي تحول فيها رجل كافكا الى مسخ، المخرج عمر الزهيري أراد ذلك متعمدا، ليبتعد عن التشخيص الدقيق الذي قد لا ترضى به الرقابة، لذلك لا يوجد تحديد للزمان او للمكان، وليست هناك أسماء لأبطاله، وتأثيث المكان يضعك في تصور ان الزمان هنا يمضي من دون وجود أثر له على الناس، أزياء السبعينيات والثمانينيات، وسيارات قديمة، وتلفزيونات قديمة، مع وجود موبايلات حديثة، ليس هناك حوار كبير بين شخصيات الفيلم، بل جمل بسيطة، أسئلة وأجوبة مقتضبة فقط، مواقع التصوير صنع البعض منها خصيصا للفيلم، والآخر جاء بتقنية الغرافكس، حتى يبتعد الزهيري بفيلمه عن تحديد هوية الفيلم، وان كانت العملة المصرية واللغة هما الدالتان الوحيدتان على هوية الموضوع وشخوصه.

رحلة البحث عن الزوج المفقود

بعد فشل الساحر بإعادة الزوج الى وضعه الطبيعي، تبدأ رحلة الزوجة في البحث عنه، رحلة جعلها عمر الزهيري رحلة استكشاف لواقع صعب ليس لأسرة بطله، بل لشريحة كبيرة من المجتمع، حيث لا رحمة لمن لا يجد لمشكلاته حلا يسيرا، انتهازيون، و برجوازيون يتمتعون بكل شيء، وقوانين وضعت منذ عقود ما زال العمل بها ساريا، لا تراعي وضع الناس، ومنها قانون الإسكان، وعمالة الأطفال وغيرها.

رغم كل مشكلاتها تحرص الزوجة على اطعام الزوج الدجاجة والاعتناء به، مجربة كل السبل الممكنة لإعادته الى وضعه الطبيعي من دون جدوى، الى أن تصل الى اللحظة التي يطلب منها مدير المعمل الذي يشتغل فيه الزوج، جلب وثيقة تثبت فقدان زوجها، حتى يمكنه من دفع مرتبه وتشغيل ابنه الطفل مكانه، لتكتشف أن زوجها عثر عليه منذ فترة، لكنه لا يتحرك ولا يتكلم، رغم عديد محاولاتها لإعادته الى وضعه الطبيعي، الا انه لا يستجيب لها، وبقى كأنه ميت سريريا، فتقرر في النهاية التخلص منه ومن الدجاجة التي تحول اليها، فتخنقه وتذبح الدجاجة، محاولة الاستمرار في حياتها وانهاء رحلة البحث وحكاية الفيلم.

تأويل النص المرئي 

يمكن لحكاية الفيلم أن تكون موجودة في أي مكان وزمان، خصوصا في بلدان الشرق الأوسط، التي لو سلط الضوء بشكل دقيق على مشكلات الناس فيها، سواء بالشكل الذي تناوله الفيلم او بالشكل الوثائقي للسينما، لوجدنا حكايات تفوق فنتازيا عمر الزهيري مخرج الفيلم.

القانون ورعاية الدولة عندما يغيبان او يضعفان، يكونان أس مشكلات المجتمع، وهو ما طرحه الفيلم في الكثير من مشاهده، فضعف الروابط الأسرية نتيجة ذلك وانشغال الناس كل بمشكلاته طرحهما الفيلم من خلال عدم وجود أي علاقة اسرية للزوج او الزوجة داخل الفيلم، هنا تعمد الزهيري ذكر أسماء شخصياته، الكل بلا أسماء، قسوة الفقر والعوز، وغياب قوانين الضمان الفاعلة، وبقاؤها حبرا على ورق في معظم البلاد العربية، كل ذلك تناوله الفيلم وأشار اليه من خلال رحلة معاناة الزوجة.

الأداء

حتى يقترب من الواقع بشكل كبير تعمد الزهيري أن يكون جميع ابطال فيلمه من الناس العاديين الذين لم يسبق لهم الوقوف امام الكاميرا، وجعلهم يتصرفون بالعفوية ذاتها التي يعيشونها في حياتهم اليومية، مستخدما كاميرته برشاقة، اذ تدور في أماكن ضيقة جدا لكن زواياها معبرة توصل ما أراد الفيلم قوله، بطلة الفيلم دميانة نصار التي حملت الفيلم على اكتفاها، أدت دورها بشكل مميز، وساعدها في ذلك عدم وجود حوارات طويلة تحتاج من الممثل لريكشنات عديدة على وجهه، وجاء ذلك نتيجة للسيناريو المحكم الذي كتبه الزهيري بنفسه مع احمد عامر، ولم يحتج مدير التصوير كمال سامي الى الكثير حتى تدور كاميرته في أماكن التصوير، فلا قطعات وحركة شاريو، بل ان الكاميرا كانت ثابتة في معظم الوقت.

أخيرا، يبدو ان جيل المخرج عمر الزهيري سيبحث مستقبلا و بشكل عبثي وفنتازي  في الواقع وما فيه من خلل ومشكلات تعصف بحياة الناس.

الزهيري درس الإخراج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، واخرج اول فيلم قصير  بعنوان «زفير» الذي فاز بجائزة المهر في مهرجان دبي السينمائي، واخرج بعد ذلك فيلمه القصير الثاني «ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375» الذي شارك في مهرجان كان عام 2014 في مسابقة سينيفودناسيون، وحصل على العديد من الجوائز بعدها.

 

####

 

3 أفلام وثائقيَّة تعالج التهميش والبيئة واللجوء

عدنان حسين أحمد

أوستروف - جزيرة مفقودة.. تعود للحضن الروسي

 يدور فيلم «أوستروف- جزيرة مفقودة» للمخرجة الروسية سفيتلانا رودينا ولوران ستوب حول جزيرة نائية في بحر قزوين يعيش فيها السكان الذين اهملتهم الدولة وتخلت عنهم نهائيا، لكنهم بسبب تعلقهم بهذا المكان يحاولون البقاء على قيد الحياة من خلال صيد الأسماك لكن شرطة خفر السواحل تمنعهم من ذلك وتقاضيهم حتى على صيد سمكة «حفش» واحدة محظور صيدها، ومع ذلك فإن الأب يجازف في كل مرة ويخرج للصيد ليعود بما يسد رمق الاسرة.

لم تكن أوستروف، في حقيقة الأمر، جزيرة مفقودة لكن قادة روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي «السابق» سيضعون هذه الجزيرة وأماكن أخرى مهمّشة على رفوف النسيان، ومع ذلك فإن القوانين الروسية تفرض شروطا قاسية على سكّان هذه المناطق المنسيّة، ويحرمونهم من مصدر عيشهم الوحيد.

يُصنّف هذا الفيلم بالوثائقي لكنه يُسرد بنبرة روائية تمنحه أبعادا جديدة لا تكتفي بالتوثيق ولا تُراهن عليه، وشخصية الأب إيفان هي شخصية روائية بامتياز يحضر بقوة من مستهل الفيلم الذي بلغت مدته 92 دقيقة حتى نهايته بفكر ويتأمل ويحاور أفراد أسرته والمقرّبين إليه ويجترح أفكارا قد تبدو غريبة على البيئة المكانية التي يعيش فيها، ويتشبث بها. فرغم شحّ الماء الصالح للشرب، وانعدام التيار الكهربائي، والاستعاضة عنه بما يوفره المولد الكهربائي الذي يتيح لهم مشاهدة التلفاز في بعض المناسبات الوطنية، وخُطب الرئيس بوتين الذي يمحضه إيفان حُبًا من نوع خاص، ويؤمن بآرائه وتوجهاته السياسية التي أعادت الاعتبار لروسيا إثر تفكّك اتحادها العتيد.

 يأخذ الفيلم طابعا سيريا يعكس حب الزوجة لزوجها فهي تريد الانتقال إلى المدينة لتغيير حياة أبنائها، لكن بسبب حبها لزوجها تقبل بالكثير من الخسائر والتنازلات،  وتعيش في قلب المتاهة المائية موفرة أجواءً حميمة للأسرة برمتها.

لا يخلو الفيلم، كما أشرنا تواً، من نبرة سياسية فربّ الأسرة يحب فلاديمير بوتين ويعتقد بأن هذا الرجل قد أوقف روسيا على قدميها لذلك يكتب له رسالة مطولة يطلب فيها تزويد الجزيرة بالماء والكهرباء إضافة إلى منحهم رُخص الصيد لبعض أنواع الأسماك، ولم تصل الرسالة على ما يبدو ولعلها ظلت في الجزيرة لكن ظهور بوتين في برنامج تلفازي يوحي بأن بناء المستشفى في الجزيرة وتقديم بعض الخدمات الإدارية هي أشبه بالرد على الرسالة التي لم تصل.

صمت الأمواج.. وأصوات الطبيعة

 من بين الأفلام الوثائقية القليلة التي لا تعتمد على الحوار إلاّ ما ندر هو فيلم «صمت الأمواج» للمخرج الهولندي بيتر ريم دو كرون الذي يقدّم لنا وجبة بصرية دسمة لمنطقة بحر وادن الرطبة على الدوام والتي تتعرض إلى مدّ وجزر متواصلين، وتمتد هذه المنطقة من مدينة إسبرج الدنماركية، وتمرّ عبر الأراضي الألمانية وتصل إلى داخل الأراضي الهولندية، وتتغيّر المناظر الطبيعية مرتين في اليوم، في الأقل، على خلفية الماء والسماء والرياح والضوء والضباب، كما يرصد مخرج الفيلم العلاقة الهشة بين الإنسان والطبيعة، فهذه البيئة المائية هي منطقة تكاثر سنوية لـ 12 مليون طائر من مختلف الأنواع والأجناس، البعض منها وخاصة الإوز الرمادي، يتم اصطياده بطريقة متعسفة لكي يتحول إلى لحوم للمائدة الهولندية الدنماركية الألمانية، وبعضها الآخر يهاجر ويعود إلى هذه البيئة البحرية، لا يتوقف الصيد عند حدود الطيور والأسماك وإنما يمتد إلى المحار وكل ما يجود به البحر من كائنات قابلة للأكل، وتتبدى قسوة الإنسان حينما يتخذ من هذه البيئة الغنية بثرواتها المتعددة مكانا لتدريب الطيارين الذين يقودون طائراتهم النفاثة ويضربون أهدافهم الوهمية بالصواريخ ورشقات الرصاص الذي يرعب كل الكائنات الحية التي تعيش في تلك المضارب، وعلى الرغم من هيمنة أصوات الطبيعة مثل خرير الماء، وحفيف الشجر، وزقزقة العصافير، وهديل الطيور فهناك أصوات العربات التي تسير على سكة حديد تمتد في أعماق المتاهة المائية، ثمة علماء ومختصون يرصدون المئات من الكائنات الحية ويدرسونها عن كثب في مختبراتهم العلمية بغية الإمساك ببعض المعلومات الجديدة التي تُثري سجل اكتشافاتهم القديمة، وفضلاً عن ذلك كله فهناك الأصوات البشرية التي تتكلم وتضحك وتبكي، وتصرخ وتقرأ بصوت عال متناغمة مع أصوات المدّ والجزر في ذلك المكان الذي لا يطأه إلاّ القليل من البشر المسكونين بهاجس الطبيعة.

كباتن الزعتري.. والإمساك بخيوط الحلم

على الرغم من السنوات الثماني التي أمضاها المخرج علي العربي مع محمود وفوزي، بطلي فيلمه «كباتن الزعتري» إلاّ أنه اعتمد في خاتمة المطاف على قصة بسيطة متواضعة لكنها لا تخلو من نفحة إنسانية منحت الفيلم أبعادا عميقة تحاكي أحلام الإنسان وتطلعاته بغض النظر عن مكان تواجده، فكيف إذا كان الأمر في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، هذا المكان الذي تضيق مساحته مهما امتدت واتسعت، لقد تعايش المخرج مع محمود داغر، وزميله فوزي رضوان قطيش، وتعرّف على كل همومهم وهواجسهم في هذا المنفى، فهم لاجئون في كل الأحوال بعد أن شرّدهم القصف الوحشي على مدينة درعا السورية ولم يجدوا فضاءً يحتويهم غير الزعتري. يعتمد هذا الفيلم مثل «أوستروف» على التلاقح بين تقنية الوثائقي والروائي لكن الحوار أخذ مساحة سردية واسعة تحرم المتلقي من تأمل الصورة السينمائية وتأثيرها في العين الخبيرة للمتلقي المحترف، لم يكن أمام محمود وفوزي سوى اللعب في ملاعب كرة القدم المتوفرة في الزعتري، ومع ذلك فإنهم يتطلعون لتحقيق أحلامهم الكبيرة بالخروج من هذا الإطار الضيق الذي سرعان ما ينفتح إلى أبعد مدى حينما يصل ممثلون من أكاديمية أسباير إلى مخيم الزعتري بهدف اختيار لاعبين لبطولة دولية، فيقع عليهما الاختيار للمهارات التي يتوفران عليها، ويسافران إلى الدوحة لخوض هذه المباراة الدولية التي تُفرح الأهل والأقارب والأصدقاء، تغوص قصة الفيلم في السيرة الذاتية للصديقين محمود وفوزي، وتكشف لنا عن همومها العاطفية، وعلاقتهما الحميمة مع فتيات من سكّان المخيم نفسه، الأمر الذي يُخرج الفيلم من رتابته السردية، وتهويماته الكلامية التي لا تخدم النص البصري كثيرا.

 

####

 

من مهام السينما

كاظم مرشد السلوم

رغم أن البعض يعد السينما وسيلة ترفيه خالصة فقط، إلا أن الواقع غير ذلك، فمع تطور الإنتاج السينمائي وتعدد المدارس السينمائية، وبروز العديد من المنظرين والمخرجين السينمائيين، وكذلك دخول المونتاج الذي حرك السينما واعتبره أزنشتاين الولادة الحقيقية لها، بدأت السينما في تناول الواقع دراميا، من خلال تحويل العديد من روايات الادب العالمي الى أفلام سينمائية، ما زال البعض منها محفورا في ذاكرة المشاهدين في كل مكان، مثل فيلم «ذهب مع الريح»، او «المواطن كين»، او «الشيخ والبحر» رائعة همنغواي العظيمة، هذا التناول جعل السينما تقترب من هموم الناس ومشكلاتهم اليومية، وكذلك جعلها تتناول الواقع السياسي للعديد من البلدان، فنرى أفلاما تناولت القمع الذي تعرض له السود في أميركا، وعنف دكتاتوريات أميركا اللاتينية وغيرها من البلدان.

واستطاعت بعض الأفلام أن تغير من القوانين في بعض الدول، مثل فيلم «اريد حلا»، الذي عدل بعد عرض قانون الأحوال الشخصية في مصر، وما زالت السينما مستمرة في تناول الواقع دراميا ووثائقيا، رغم الهجمات العديدة من هذه الجهة او تلك التي تتعرض لها الأفلام بحجة الإساءة الى شخص ما او جهة سياسية او اجتماعية معينة.

بعد عرض فيلم «ريش» في مهرجان الجونة للمخرج عمر الزهيري، والحاصل على جائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي، حصل الكثير من الجدل حوله، بعد أن غادر عدد من الفنانين المصريين قاعة العرض، معتبرين ان الفيلم اساء لمصر، بينما رأي المناصرين للفيلم انه يتحدث عن واقع ملموس ليس في مصر وحدها بل في كل البلدان العربية ومعظم بلدان الشرق الأوسط.هذا الجدل والضجة اللذان رافقا عرض الفيلم ردت عليهما الحكومة المصرية بحكمة، اذ قالت ان الدولة لا يمكن أن تتأثر بفيلم اساء اليها، بل ان الفيلم سلط الضوء على واقع نحن ندركه، وسائرون في طريق تغييره، حتى اننا نعرف ان بطلة الفيلم دميانة نصار من المنطقة الفلانية المشمولة بالتطوير، وخطة العمل الحكومي لتغيير واقع الناس والمكان مستمرة، لكن البعض ظل ينفخ في قربة مثقوبة من خلال المزايدة على الآخرين في جوانب شتى.

رغم تسريب الفيلم بعد عرضه الا انه حقق نجاحا كبيرا وسوف يسوق الى العديد من الفضائيات العالمية ويشارك في مهرجانات سينمائية عديدة مقبلة.

وتبقى السينما مؤثرة من خلال عديد مهامها التي تتناولها فيلميا.

 

####

 

منصة مهرجان الجونة السينمائي تقدم الدعم لثلاثة أفلام عراقيَّة

 حصل مشروع «نساء حياتي» (العراق، سويسرا) من إخراج زهراء غندور على 10 آلاف دولار أميركي مقدمة من مقام، ومشاركة في مبادرة جلوبال فيلم إكسبريشن من إيفتا. وفاز فيلم «جنائن معلقة» (العراق، المملكة المتحدة، فلسطين) للمخرج أحمد ياسين الدراجي بمبلغ 30 ألف دولار أميركي لخدمات المؤثرات البصرية والتلوين من ميركوري فيشوال سوليوشنز، وحصل فيلم «خط فاصل» (لبنان) من إخراج رين رزوق على 10 آلاف دولار أميركي مقدمة من كلاكيت.

وفاز مشروع «البصير» (العراق، سويسرا) من إخراج علي طوفان الفتلاوي بمبلغ 5 آلاف دولار لخدمات ما بعد الإنتاج من هيكات استوديو.

 

الصباح العراقية في

01.11.2021

 
 
 
 
 

عن رجلٍ يرفض مُشاهدة "تايتانيك": تكثيفٌ زمني ولقطات مقرّبة وضبابية

نديم جرجوره

يُصرّ ياكو (بِتْري بويْكولاينن) على عدم مُشاهدة "تايتانيك" لجيمس كاميرون، منذ إطلاق عروضه التجارية الدولية عام 1997، لا في الصالات السينمائية، ولا في منزله. لديه نسخة "دي في دي" غير مستعملة البتّة، أي أنّها لا تزال مُغلّفة في علبتها. مُقعَد ومُصاب بالعمى، يعيش ياكو وحيداً في منزله. هناك سيدة تخدمه يومياً، وحبيبة يتواصل معها هاتفياً، ووالد يطمئن عليه بين حينٍ وآخر. الحيّز المكانيّ ضيّق، والسينما خيالٌ يُخرجه إلى عوالم وذكريات وانفعالات. لكنّ "تايتانيك" خارج الاهتمام، أي خارج المُشاهدة. هذا واضحٌ منذ عنوان الفيلم: "الأعمى الذي لا يريد مُشاهدة تايتانيك" (2021، 82 دقيقة)، للفنلندي تِمّو نيكي، الفائز بجائزة Armany Beauty، التي يمنحها الجمهور، في الدورة الـ78 (1 ـ 11 سبتمبر/ أيلول 2021) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي".

يوميات ياكو عادية للغاية. تقنيات حديثة تُلبّي له حاجاتٍ مختلفةالهاتف الذكي أساسيّ بالنسبة إليه، كونه الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الآخرين، ولتلبية معظم تلك الحاجات. العلاقة بين ياكو والهاتف الذكي متينة، والعلاقة بينه وبين سيربا (ماريانا مايلا) حميمة وعميقة، رغم الابتعاد الجغرافي بينهما، الذي يمنح التواصل الهاتفي حيويته وحضوره الأعمق والأسهل، والأقدر على تمتين ارتباطٍ يتوزّع على الانفعال والاجتماع والسينما والحياة اليومية.

الابتعاد الجغرافي نفسه سببٌ لمغامرةٍ، يُقرّر ياكو، ذات لحظةٍ، أنْ يخوضها، بهدف لقاء سيربا مباشرةً. هذا يحتاج إلى مساعدة قريبٍ أو صديق، لكنّه يعتمد على مساعدة أشخاصٍ في محطات القطار، وسائقي سيارات الأجرة. سيربا غير مُصدّقةٍ. لكنّه مُصرّ على لقائها مباشرة، كإصراره على عدم مشاهدة "تايتانيك"  (في السرد، تفاصيل ومسائل يُفضَّل أنْ تُشاهَد). يُرتِّب أمور السفر إليها، فهي مُقيمةٌ في مدينة بعيدة، تحتاج إلى أكثر من وسيلة نقل لبلوغها. في الطريق إليها، يُسرَق هاتفه الذكي، ويتعرّض للابتزاز من رجلين اثنين. كلامٌ كثيرٌ يُقال بينه وبينهما، كالكلام الكثير الذي يعتمد عليه النصّ الحكائي (سيناريو نيكي نفسه). لكنّ الكلام متحرّر من الثرثرة، لما يحتويه من إشارات وتعليقات ونقاشات وسجالات، فيها من السخرية ما يتساوى والجدّية في مقاربة أمور عدّة، في الحياة وعنها، كما في السينما وعنها.

لـ"الأعمى الذي لا يريد مُشاهدة تايتانيك" تكثيفٌ زمني يعكس تكثيفاً درامياً وجمالياً وحكائياً، في سرد حكاية رجلٍ يواجه يومياً، وحده، تحدّيات قاسية. مواجهةٌ تتكامل وأسلوب تصويرٍ، يتمثّل بحجب ممثلي الشخصيات الأخرى وممثلاتها كلّياً عن المشهد، التي (الشخصيات) تظهر ملامحها ضبابيةً، مع شيءٍ طفيف من حركات بعضها في خلفية الصورة الأساسية؛ كما بلقطات مُقرّبة جداً لياكو فقط، ما يزيد من كثافة الضغط والتوتر، ومن تورّطٍ في عيش اللحظات كلّها معه، بكلّ ما فيها من ارتباكات وقلق ورغبات وانهيارات وانفعالات.

يُذكر أنّ الفيلم (تصوير ساري آلتونن، مونتاج يوسي ساندو) فائزٌ بجائزة "نجمة الجونة الذهبية" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة (50 ألف دولار أميركي)، في الدورة الـ5 (14 ـ 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) لـ"مهرجان الجونة السينمائي"، وجائزة "نجمة الجونة لأفضل ممثل"، لبِتْري بويْكولاينن، الممثل المعروف في فنلندا، المُصاب بـ"التصلّب المتعدّد" (ترجمة حرفية للتعبير الفرنسي Sclerose En Plaques)، وهذا مرض يُصيب الدماغ والنخاع الشوكي وجهاز المناعة، كما يُصيب بروتيناً أساسياً مهمّته نشر نبضات عصبية.

 

العربي الجديد اللندنية في

01.11.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004