ملفات خاصة

 
 

فيلم «ريش»:

بين البحث عن الفن والبحث مع الشرطة

أنيس أفندي

الجونة السينمائي

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 
 
 

هل تذكر لعبة «ابحث مع الشرطة»؟

هي لعبة انتشرت قديمًا في مجلات الأطفال حيث يتم تقديم مجموعة من الصور الكاريكاتيرية لبعض المجرمين وعدد من الإرشادات الخاصة بملامح المجرم المطلوب ضبطه كأن يكون ذا شارب، أو أصلع، أو ذا عينين واسعتين. أما أكثر هذه الإرشادات إثارة هي التي تقول بأن المجرم ذو وجه مثلث، أو مربع، أو دائري. كنت أتعجب كثيرًا في صغري من تلك الوجوه المرسومة بخطوط مستقيمة فتظهر فيها الأشكال الهندسية بوضوح، وظللت لسنوات معتقدًا أن مثل هذه الوجوه ليس لها وجود في الحياة الواقعية، إلى أن صادفت أحدهم بالفعل.

في إنجاز غير مسبوق في تاريخ السينما المصرية، فاز الفيلم المصري «ريش» من إخراج عمر الزهيري بجائزة مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي الدولي، إضافة إلى جائزة الفيبريسي (الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية) بالمسابقة نفسها، ورشح لجائزة ثالثة هي الكاميرا الذهبية.

قبل أيام عرض الفيلم محليًا للمرة الأولى ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي التي يشارك الفيلم في مسابقتها للأفلام الروائية الطويلة. لم تمر سوى ساعات قليلة قبل أن تعج وسائل الإعلام بأخبار الفيلم التي تصدرها خبر خروج كل من شريف منير وأشرف عبد الباقي وأحمد رزق أثناء عرض الفيلم اعتراضًا على ما وصفته وسائل الإعلام نقلاً عنهم أن «الفيلم يسيء إلى سمعة مصر»، وذلك قبل أن يصدر الفنان أشرف عبد الباقي بيانًا ينفي فيه ما نقل على لسانه، ويؤكد أنه خرج فقط لأنه «لم يتحمل قسوة الفيلم».

فيلم مصري

تدور أحداث الفيلم في أجواء فانتازية عن أسرة فقيرة مكونة من الأب، عامل في مصنع، والأم، ربة منزل، وثلاثة من الأبناء. يستقدم الأب ساحرًا شعبيًا لتقديم بعض الفقرات في حفل أقامته الأسرة للاحتفال بعيد ميلاد الابن الأكبر. أثناء إحدى الفقرات السحرية طلب الساحر من الأب أن يدخل إلى صندوق خشبي فارغ، وبعد إعادة فتح الصندوق اختفى الأب وظهرت دجاجة داخل الصندوق. صفق الحاضرون إعجابًا بمهارة الساحر، الذي أعاد إغلاق الصندوق لاستعادة الأب ولكنه فشل في استرجاعه. ووسط ذهول الجميع، اختفى الأب وبقيت الدجاجة.

يتابع الفيلم محاولات الزوجة لاستعادة زوجها بشتى الطرق، كالبحث عن الساحر الذي هرب فور فشل كل مساعيه لاستعادة الأب، أو اللجوء لأحد الدجالين الذي نصح برعاية الدجاجة وإسقائها سائلاً خاصًا. عندما يرفض المصنع صرف أي مستحقات للزوج المتغيب عن العمل بدون سبب، تبدأ في البحث عن عمل والاضطلاع بمهام الزوج الغائب.

تجربة فانتازية جديدة ومختلفة كل الاختلاف عن السينما المصرية السائدة، وضع فكرتها المخرج الشاب عمر الزهيري وشاركه كتابة السيناريو الكاتب أحمد عامر. لا يتوقف اختلاف هذه التجربة عند النوع الفيلمي الغائب منذ سنوات طويلة عن السينما المصرية، وربما لم يطرق هذا النوع من قبل سوى المخرج الكبير رأفت الميهي في عدد من أفلامه، ولكن المثير أيضًا في تجربة الزهيري هو المعالجة الذكية والتنفيذ المتقن لكل العناصر الفنية بما لا يخل بمفردات النوع الفيلمي أو الخروج على قواعد عوالمه الغرائبية في أي لحظة من الفيلم.

على المستوى البصري، يقدم الزهيري تجربة أولى شديدة النضوج، استطاع من خلالها أن يخلق عالم الفيلم الخاص والفريد من نوعه بمفردات سينمائية خالصة، إلى الحد الذي يجعله لا يشبه أي عالم آخر في الواقع، سيما الواقع المصري، وإن بدا تأثره الشديد بأسلوب المخرج والكاتب السينمائي السويدي الشهير روي أندرسون في عدد غير قليل من العناصر مثل تصميم المناظر والديكور الذي تغلب عليه الألوان الشاحبة، وتكوين المشاهد ذات الكادرات العميقة، والكاميرا الثابتة، وصولاً إلى الأداء التمثيلي الجاف الذي تغلب عليه الملامح المحايدة والإيقاع الجسدي البطيء.

يشارك الزهيري الفضل في هذا الإسهام الفني، اثنان من الأسماء المصرية الشابة هما مدير التصوير كمال سامي، والمشرف الفني ومصمم الديكور عصام علي، في أولى تجاربهما السينمائية على الإطلاق والتي تنم عن نضج وموهبة كبيرة ننتظر منها الكثير في المستقبل.

يتنقل الفيلم بين عدد من المواقع غير المألوفة والتي منحت الصورة طزاجة وخصوصية تليق بعالمه الفانتازي، فضلاً عن عدد كبير من المناظر المصممة بجودة فنية عالية وتنسجم في عالم الفيلم كما لو كانت مواقع حقيقية، بدءًا من منزل الأسرة الذي يمثل مركز الأحداث، بغرفه الشاحبة والضيقة، مرورًا بقسم الشرطة والمستشفى البيطري والمصنع. في كل هذه المواقع والمناظر تلعب الإضاءة دورًا محوريًا في التأسيس للطابع البصري، سواء بالاعتماد على مصادر متعددة أو منفردة للضوء، أو في المزج بين الأضواء الطبيعية والصناعية الذي لا يفتقد إلى الجمالية ويحافظ في الوقت نفسه على التأثير النفسي لهذا العالم الغرائبي الشاحب.

تمتد يد الإتقان والجودة الفنية إلى كل عناصر الفيلم والذي يضم فريق عمله في غالبيته فنانين مصريين، فبالإضافة إلى التصوير السينمائي وتصميم الديكور، قام بأعمال المونتاج هشام صقر، وتصميم الصوت أحمد عدنان، وتصميم الأزياء هبة حسني، والماكياج والخدع البصرية إسلام أليكس ودنيا صدقي، مجموعة من الفنانين الذين يستحقون الاحتفاء وليس والاتهامات المزيفة.

جمال الواقع وجمال الفن

هذه الأسلوبية المحكمة والمسيطرة على الفيلم في كل عناصره هي أول الأبواب التي ولجت منها الأصوات الرافضة، وفي الوقت نفسه، وللغرابة الشديدة، هي ذات العناصر التي منحت الفيلم قيمته الفنية وتوجته بهذه الجوائز الرفيعة من أحد أكثر المحافل السينمائية المرموقة على مستوى العالم.

قامت الاتهامات الموجهة للفيلم بالإساءة لمصر على أساس أن الفيلم يصور الفقر في المجتمع المصري بشكل فج ومنافٍ للواقع، وبالغت في تصويرها لهذه التهمة باستحضار نظرية المؤامرة والقول بأن هذه الإساءة هي السبب الوحيد لفوز الفيلم بمثل تلك الجوائز المرموقة.

على خلاف ما قد يبدو من العنوان، لا نية لكاتب هذا المقال في مناقشة تلك الاتهامات أو الدخول في جدل لا طائل من ورائه، ولكن ما يشغلني حقًا هو التفاوت في تلقي هذا العملي، سيما وأن تلك الأصوات الرافضة بدأها فنانون هم بحكم التعريف أكثر فهمًا لجوهر الفن الذي ينتمون إليه.

بالتأكيد ليس هناك أي إساءة في تصوير الفقر، وفيلم «ريش» بالتأكيد ليس الأول من نوعه الذي يتناول موضوع الفقر في السينما المصرية، ودعني أزيدك من الشعر بيتًا وأقول إن الفقر ليس بموضوع الفيلم، أو على أقل تقدير لا يمثل مركزية لأحداثه، وإنما تدور المعالجة الدرامية حول شخصية الزوجة التي تغيب عنها زوجها -بصرف النظر عن السبب- وكان عليها أن تواجه الحياة وحدها بعد أن كان مستقرها المنزل ولا تعرف في الحياة سوى خدمة زوجها وأبنائها. الزوجة التي تأخر حوارها بالفيلم لمدة ليست بالقليلة وكانت أولى كلماتها: «ماشي، حاضر».

ما يجعل من «ريش» فيلمًا غير اعتيادي هو تلك الأسلوبية المسيطرة على عناصره سيما البصرية، هو ذلك العالم الغرائبي الذي لا ينتمي إلى الواقع، وتلك الألوان الشاحبة التي تعبر عن رؤية صناعه وتنسجم في الوقت نفسه مع حياة البطلة التي لا تعرف الألوان الصريحة، والتي يغشى الدخان منزلها بصفة يومية ولا تغيب مداخن المصانع عن خلفية حياتها.

الاختيارات الفنية بفيلم ريش كانت أشبه بالخطوط المستقيمة في وجوه المجرمين في لعبة «ابحث مع الشرطة»، كانت اختيارًا فنيًا أصيلاً أجاد من خلاله صانع الفيلم التعبير عن نفسه ورؤيته الخاصة للعالم. بالتأكيد لا تبدو الحياة في الواقع بمثل هذا الشحوب المادي، وإن كانت على نفس القدر من الشحوب المعنوي، وهنا تحديدًا يكمن إسهام الفيلم الفني الذي استحق عليه تلك الجوائز المرموقة.

فيلم «ريش» هو بحق أحد العلامات المضيئة في تاريخ السينما المصرية التي تعيش في حالة من الركود الفني منذ سنوات طويلة. وبعد حين، ستنقشع تلك السحابة الكثيفة، وتتبدد كل تلك الاتهامات وما صاحبها من جدل سيصب في مصلحة الفيلم بكل تأكيد وسيدفع الكثيرون للبحث عنه ومشاهدته، وسيبقى الفيلم وإنجازه التاريخي، وسيبقى أيضًا السؤال: ما هو مفهوم فناني هذه الحقبة الرديئة من تاريخ السينما عن الفن الحقيقي؟

 

####

 

من صناع فيلم «ريش» لصناع التريند: من يسيء لسمعة مصر؟

عزة عبد الحميد

«على الفنانين الموجودين في مهرجان الجونة ألا يهتموا بالأزياء فقط، وأن تأتي اهتماماتهم أيضًا بالأفلام التي يتم عرضها خلال الفاعليات هناك، فلا يمكن أن يكون مهرجان بهذا الحجم تنصب اهتماماته على الصور فقط»، لمحة من تعقيبات جمهور مع بداية فاعليات مهرجان الجونة السينمائي الدولي، والذي بدأ في 14 أكتوبر، الحالي ومن المقرر أن تستمر فاعلياته حتى يوم 22 من ذات الشهر.

ومع حضور عدد كبير من الفنانين والذين لم يكن من المتوقع أن يوجدوا هذا العام، أو يحضروا فاعلياته من الأساس بسبب وباء كورونا، قرر هؤلاء النجوم أن يقتحموا أبواب العروض السينمائية للمهرجان، من خلال حضور الأفلام المصرية، المشاركة في الفاعليات والتي كان على رأسها فيلم «ريش» الذي حصل على جائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان في دورته الأخيرة، وجائزة لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسي)، كما أنه حصد، مؤخرًا، جائزة أفضل فيلم في مهرجان بينجياو السينمائي الدولي في الصين،وهو من تأليف أحمد عامر، وإخراج المخرج الشاب عمر الزهيري.

فيلم «ريش».. إشادة عالمية محاربة محلية

لم توقف إشادات المجتمع الدولي والمهرجانات العالمية، بفيلم ينتمي إلى عالم الفانتازيا، أكثر منه إلى عالم الواقع، حيث تعتقد أم لثلاثة أطفال، أن زوجها تحول إلى دجاجة في لعبة ساحر، آتى به في عيد ميلاد أحد أبنائه، وتجعله يعيش معها في ذات المنزل، ولكن داخل أحد الأقفاص، ظنًا أن الساحر سيعيده إليها مرة أخرى، فيلم «ريش»، يحكي تجربة حياتية لبعض الأفراد الذين يعيشون فقرًا مدقعًا، في إحدى الخرابات المكانية، من دون أن يحدد المخرج عمر الزهيري أو المؤلف أحمد عامر، المكان أو الزمان الخاصين بهذا العمل، وبالتالي هذا العمل لم يقر أي من صناعه بأنه يعكس الواقع المصري أو أي دولة محددة، بل إنه فيلم تم إنتاجه من دون مكان أو زمان محددين.

مع عرض فيلم «ريش»، في إطار فاعليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة، فوجئ الجمهور بعدد من الانتقادات الصارخة، لهذا العمل، إضافة إلى انسحاب بعض الفنانين من الفيلم موجهين له تهمة الإساءة لسمعة مصر.

وعلى الرغم من أن وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، قامت بتكريم أبطال العمل من قبل فور حصولهم على جائزة مهرجان كان، فإن بعض الفنانين وعلى رأسهم شريف منير رأوا أن هذا الفيلم يسيء لسمعة مصر، وأن الوضع في مصر قد تغير منذ أربع سنوات فلم تعد هناك عشوائيات كما نرى في الفيلم، قال ذلك، على الرغم من لا مكانية وزمانية العمل في الأساس، وعقبه في الانسحاب كل من أشرف عبد الباقي وأحمد رزق، وعلق بعض من الفنانين واتهموا المهرجان بأنه مشبوه وعرض فيلم «ريش»، يؤكد شبهة المهرجان، وكان هذا من الفنانة المعتزلة شادية عبد الحميد على سبيل المثال.

الإساءة لسمعة مصر.. عبارة ألفتها الآذان منذ سنوات

بدورها، اتجهت «إضاءات»، مباشرة إلى الفنان شريف منير لسؤاله عن سبب اتهامه لفيلم «ريش»، بهذا الاتهام الخطير وهو «الإساءة لسمعة مصر»، ليقول في تصريح خاص: إنه رأى أن مأساوية الفيلم زائدة عن اللزوم، وأنه أصابه بأذى نفسي، لم يستطع تحمله، كما أنه يجب أن نبتعد عن شاكلة الأفلام التي تشبه «حين ميسرة»، حيث إن شكل المجتمع اختلف عما كان عليه من قبل، وحتى أنه أيضًا لم يكن بهذا الفقر المدقع من قبل.

وأضاف شريف منير: «الفيلم ذكرني بفيلم بداية ونهاية، للمخرج صلاح أبو سيف، وشكل الدولة المصرية حاليًا تغير، ويجب أن نغير وجهة نظر العالم عن مصر الحالية، كما أكد أنه ليس الفنان الوحيد الذي خرج من الفيلم، فهناك عدد من الفنانين الذين تركوا صالة العرض»، مؤكدًا استنكاره من أن يحصل فيلم كهذا على جوائز عالمية.

وعن مقارنة حالة الفيلم بالـ«الكيت كات»، قال منير، «الأمر يختلف تمامًا، وحين يرى المتخصصون العمل سيدركون ذلك، وإلا يمكنكم اعتبار أنني لا أفهم شيئًا في السينما».

رد الناقد الفني طارق الشناوي، على ما فعله الفنان شريف منير من انتقاد لاذع للفيلم، مؤكدًا أن لكل شخص الحرية الكاملة في أن يُعجب بعمل فني أو لا، ولكن فكرة التشويه والتشهير بفيلم، لعدم رضا فنان عنه، هذا أمر غير مقبول تمامًا وترفضه حرية الرأي والإبداع.

وأضاف الشناوي، في تصريح خاص لـ«إضاءات»، أن استخدام عبارة «الإساءة لسمعة مصر»، عفى عليها الزمن منذ سنوات، فمن حق أي شخص أن يعترض على عمل إبداعي، وألا يتوافق مع أهوائه، ولكن لا يمكن أبدًا أن نقوم بسحب الأمر إلى الإساءة لسمعة مصر، فالعمل الإبداعي عمل حر لا يمكن حصره بهذا الشكل.

التريند يُخلق من العدم

بينما علق الناقد الفني محمد سيد عبد الرحيم،من الجونة، على موقف الفنان شريف منير، مؤكدًا أنه باحث عن التريند منذ اللحظات الأولى في حفلة الافتتاح، وجاء ذلك جليًا حين قام أحمد السقا شاكرًا الجيل السابق له، ليقم منير محييًا للجمهور، على الرغم من وجود العديد من أبناء جيله في حفل الافتتاح.

وأضاف عبد الرحيم، في تصريح خاص لـ«إضاءات»، أن شريف منير حاول استكمال الشو الذي سعى إليه، حين صعد على المسرح ليقوم بإزالة «المنديل»، من وجه السقا، وهو ما اعتبره كثيرون محاولة للفت الانتباه.

وأكد أن فيلم «ريش»، لا يمكن إطلاقًا أن يسيء لسمعة مصر، وهو الذي قام بحصد جوائز عالمية، وهذا الكلام يقال منذ سنوات طويلة فقيل على يوسف شاهين في فيلم «باب الحديد»، ومحمد خان وغيرهما العديد من صناع الأعمال المهمة، وأنه يعتبر هذا الفيلم واحدًا من الأفلام المهمة والمميزة، سواء في رؤيته أو الأفكار التي يتحدث عنها، كما أنه تمت صناعته بأسلوب مبتكر وعصري، إضافة إلى الجودة الكبيرة في عناصر الفيلم بداية من الكتابة ثم التمثيل والمونتاج والإخراج، جميعها أشياء تقول، إننا أمام فيلم قادر على أن ينافس بقوة، وبالتالي حصد ما حصل عليه من جوائز عالمية.

هل تنصل الجميع من شريف منير

مع تلميح شريف منير من أنه ليس الفنان الوحيد الذي ترك فيلم «ريش»، أثناء عرضه، توجهت الأنظار إلى كل من أحمد رزق وأشرف عبد الباقي اللذين خرجا من صالة العرض، وتوجهت إليهما الأنظار بوصفهما معترضين على نوعية الفيلم وأنهما ضد سياسته، وبسؤالنا الفنان أحمد رزق، عن حقيقة انسحابه من فيلم «ريش» لإساءته لسمعة مصر، قال في تصريح خاص لموقع «إضاءات»، «كيف يمكن أن يقوم فيلم بالإساءة لسمعة وطن، لا يمكن لذلك أن يحدث أبدًا».

مضيفًا، أن انسحابه من عرض فيلم «ريش»، أتى بسبب أن العمل أدخله في «مود» سيئ ليس إلا، والاختلاف على الفيلم لا يمكن أن يحمل إلا انتقادًا فنيًا فقط، ولا يوجد له علاقه بالسياسة، فنحن هوينا فقط فكرة التقسيم ليس إلا.

وتزامنًا مع الحدث خرج أشرف عبد الباقي لينفي انسحابه من الفيلم لأنه يسيء لسمعة مصر كما أشيع، وقال من خلال بث مباشر قام به على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي، «فيسبوك»، ليقول إن الخلاف على فيلم «ريش»، ليس سياسيًا، وإنه لا يوجد عمل فني اجتمعت عليه جميع الآراء، مؤكدًا، أن الفيلم مشوق جدًا، لكنه تناول مشكلة الفقر بشكل جريء للغاية.

مخرج «ريش» يدافع عن وجهة نظره

وكان على عمر الزهيري، مخرج فيلم «ريش»، الدفاع عن وجهة نظره، فتواصلنا في «إضاءات»، معه، ليرد قائلًا: «قدمت هذا الفيلم وأنا أومن بكل ما أقدمه من أفكار، ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في وجهة النظر حول أي عمل فني».

وأضاف، أن «الفيلم ليس له علاقة بمصر من قريب أو من بعيد، وأن العمل بدأ تصويره منذ عدة سنوات، مؤكدًا أنه هو وجيله يحاولون تقديم أعمال مختلفة بوجهات نظر متطورة».

وأنهى حديثه، بأن «الزمن هو أفضل حكم على الأفلام التي يحدث عليها خلاف، وأنه ليس المخرج الأخير الذي يخلق حالة من الارتباك، فقد سبقه الكبار في هذا، والزمن هو الفيصل الوحيد في ذلك».

الكلمة الرنانة التي لا تنتهي

نجد من خلال الجدل الذي أثير خلال الساعات الماضية أننا أمام فنان أراد أن يثير الانتباه، فقرر أن يضحي بعمل فني حصد العديد من الجوائز العالمية ورفع اسم مصر في المحافل الدولية، ليخلق من نفسه «تريند»، حتى وإن كان هذا على حساب «سمعة مصر»، التي تشدق بها.

ولكنها لم تكن المرة الأولى في تاريخ السينما التي يهاجم بها أبناء الوسط الفني زملاءهم، متهمين إياهم بالإساءة لسمعة مصر بسبب أفلام لم ترق لأهواء البعض.

 

موقع "إضاءات" في

20.10.2021

 
 
 
 
 

تجربة سينمائية فريدة في "الجونة 5" ..

"ثانية واحدة" عن الإنسان والفن والثورة الثقافية في الصين / صور

الجونة : أسامة عبد الفتاح

خارج مسابقة الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي، والتي تُختتم بعد غد الجمعة، عُرض فيلم "ثانية واحدة" للمخرج الصيني الكبير زانج ييمو، الذي يقوم فيه بتجربة سينمائية فريدة يبحر خلالها في أعماق الإنسان والفن والحياة خلال فترة الثورة الثقافية الشهيرة في الصين.

ينتمي ييمو إلى الجيل الخامس من السينمائيين الصينيين، والذي وُلد من بين صفوف الدفعة الأولى بأكاديمية بكين للسينما التي أُعيد افتتاحها عام 1978 بعد نهاية الثورة الثقافية. اكتشف مثل زملائه، بحماس، أفلام السينما العالمية الكبرى التي كانت ممنوعة حتى ذلك الوقت بالصين. وفرض أبناء تلك الدفعة، بعد تخرجهم عام 1982، تجديدا شاملا لسينما بلادهم، لكن دون تقليد أفلام الأساتذة الغربيين التي شكلت وعيهم. ورغم ذلك، فقد فتحت لهم معرفة أفلام روسيلليني ودي سيكا وجودار وتروفو وفيلليني وبرجمان وكابرا وغيرهم، آفاقا استراتيجية جديدة. ففي ظل تجاهل السلطات لهم، كان عليهم المرور ببوابة الاعتراف الدولي للحصول على حقوق المواطنة في بلادهم. واتسمت هذه الاستراتيجية بالجرأة لأن معظم أفلامهم - بعيدا عن اللعب بورقة الكونية التي تضمن ذلك الاعتراف الأجنبي، سجلت عودة صريحة للجذور الصينية.

وعبَّر ثلاثة سينمائيين كبار، من "دفعة 82"، عن هذا الاتجاه بدءا من أفلامهم الأولى: "تشن كايجي" في "الأرض الصفراء" (1984)، "تيان زوانج-زوانج" في "قانون أرض الصيد" (1985)، و"زانج ييمو"، الذي درس التصوير السينمائي في الأكاديمية، وأدار تصوير أفلام "تشن كايجي" قبل أن ينتقل إلى الإخراج، بفيلمه الشهير "الذرة الحمراء"، الذي فاز بالدب الذهبي في برلين عام 1987.

واعتبارا من فيلمه الثاني، "جو دو" (1990)، لجأ إلى جماليات غرائبية شاذة عظّمت من سمعته في الغرب بما يتجاوز كثيرا التأثير الذي أحدثته المغامرة الجمالية لفيلمه الأول، سواء بين الجمهور أو عند لجان التحكيم. بل أنه ذهب إلى أبعد من ذلك في "زوجات وخليلات" (1991)، الذي كان تصويرا فنيا مبدعا للجمال الآسيوي، سواء الممثلة "جونج لي"، أو الأقمشة الحريرية، أو المباني القديمة، ولم يكن ذلك يدل على موهبة كبيرة، إلا أنه قدم، في العام التالي، فيلما شديد التماسك والتميز هو "كيو جيو.. امرأة صينية".

تدور أحداث فيلم ييمو الجديد خلال الثورة الثقافية (1966 - 1975) التي أطلقها النظام الماوي لتجاوز الخلافات التي لم تعد قابلة للحل بين مختلف القادة السياسيين، وذلك عن طريق إثارة حركة جماهيرية ضخمة ذات آثار كارثية. وفيما يخص السينما تحديدا، فقد تكفلت الثورة الثقافية - ببساطة - بتدميرها بالكامل، حيث استنكرت "جيانج كينج"، زوجة ماو والممثلة القديمة، السينما باعتبارها بالأساس عدوا للمبادئ التي من المقترض أن يقوم عليها المجتمع الماوي. وهكذا توقفت السينما، التي تتطلب تجهيزات تقنية واقتصادية ثقيلة نسبيا. ومن 1967 إلى 1969، لم يتم إنتاج أي فيلم، ولم يكن مسموحا باستخدام الشاشات إلا لعرض سبعة أعمال أوبرالية ثورية محددة. ومثل باقي الفنانين والمثقفين، كان يتم توقيف السينمائيين وضربهم، أو إرسالهم إلى الريف لـ"إعادة تعليمهم" بالاحتكاك مع الفلاحين الفقراء.

في ظل هذه الأجواء، يتتبع ييمو – في رحلة شاقة بقدر ما هي استثنائية ومدهشة – رجلا يهرب من معسكر للعمل ويخاطر بكل شيء، حتى حياته، بحثا عن بَكَرة فيلم خام تحتوي على لقطة تظهر فيها ابنته التي فقدها، ويجدها في دار سينما قديمة.

وفي الفيلم مشاهد بديعة بحق لتلك الدار، التي يعود تاريخها إلى الستينات، وغرفة ماكينة العرض بها. وهذه المشاهد لا تجعل العمل جديرا فقط بالمشاهدة، بل تدخل به قائمة كلاسيكيات السينما العالمية.

 

بوابة الأهرام المصرية في

20.10.2021

 
 
 
 
 

فيلم “ريش” ماذا ستفعل الزوجة بعد ان يتحول زوجها الى دجاجة!

البلاد - طارق البحار:

عرض ضمن منصة مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لمهرجان الجونة بدورته الخامسة فيلم "ريش" وهو إنتاج مشترك بين كل من فرنسا، مصر، هولندا واليونان، حقق مؤخرا الجائزة الكبرى في أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي الدولي، كما نال دعماً من جهات دولية عديدة خلال مراحل إنتاجه، وهو أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج عمر الزهيري، وتم اختياره للمشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة لمهرجان أيام قرطاج السينمائية 2021، وكرمت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم صناع فيلم وذلك خلال الاحتفالية التي نظمها المركز القومي للسينما برئاسة السيناريست محمد الباسوسي بقاعة ثروت عكاشة بالمركز القومي للسينما.

يتناول الفيلم الفنتازي قصة أب يقرر إقامة عيد ميلاد ابنه الأكبر فيحضر ساحرا لتقديم بعض الفقرات المسلية للأطفال، وفي إحدى الفقرات يدخل الأب في صندوق خشبي ليتحول إلى دجاجة ومع محاولة الساحر إعادته مرة أخرى تفشل الخدعة ويبقى الأب في هيئة دجاجة في اسلوب ساخر على مشكلات المجتمع المختلفة، وايضا الضوء على أوضاع المرأة العاملة، الذي يقدمها المخرج في المشاهد الاولية من الاحداث، فهي تعمل طوال الوقت في كل مكان، فهي تقوم برعاية الاطفال، والتنطيف والطبخ الى جانب طلبات الزوج الذي كل ما يريده الثناء على كل ما يفعله، ووسط ذلك نرى الاهتمام بنفسها يقل نفسيا وجسديا، مع الاشارة الى ان بعض الازواج يعتقدون انهم يفعلون كل شيء!

الفيلم يبدأ بطريقة الدراما الاجتماعية الواقعية، من النوع الذي يكون فيه المكان المتربة والمتهاونة حيث يحدث العمل والشخصيات المجهولة من أجل تسليط الضوء على حقيقة أن هذه قصة يمكن أن تحدث في أي وقت وفي أي مكان، ولولا اللهجة المصرية لم تحدد المنطقة.

الفيلم بتصويره يقدم خليط من اعمال وعناصر كاوريسماكي، والموسيقى هي نبرة مصر المعروفة وتذكرنا بيوسف شاهين، وهو عبارة عن مجموعة من الأساليب والتحولات في الاخراج والقصة التي تتغير مع هذه الحفلة والمزج الذي حصل من العناصر الخارقة للطبيعة والكوميديا المظلمة.

وكما ذكرت تواجه الزوجة تحدي أن تكون هي المعيل لأول مرة في حياتها، فهي تتعرض لضغوط لدفع الإيجار، حيث أن زوجها قد تخلف عن الدفع، ولكن لغزها الأكبر يتلخص في الكيفية التي ينبغي لها أن تتعامل بها مع الدجاجة! الزوجة مصممة على رعاية زوجها الدجاجة، حتى أطعامه الحبوب في غرفتهم، واثناء بدأت تدرك أن الدجاجة قد تكون أكثر تقديرا من زوجها من أي وقت مضى. مع تطور الفيلم، ينظر إلى مكانة المرأة في العمل والمجتمع. فالمصنع الذي رفض سابقا السماح للمرأة بالعمل فيه يغير سياسته، الزوجة ستحتاج إلى التحول.

بيان من المهرجان

جاء اختيار فيلم "ريش" للمخرج المصري عمر الزهيري هذا العام في مهرجان الجونة السينمائي بدورته الخامسة متسقا مع معايير اختيار الأفلام وحصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي فى مهرجان "كان" يؤكد المهرجان أنه لم ولن يعرض أي فيلم بدون الحصول على التصاريح الرسمية تأكيدأ لأنه لا يحمل أية أساءة أو ضغينة فى أى من عروضه المختلفة سواء داخل أو خارج المسابقة الرسمية وبرفض اية اساءة للدولة المصرية فى أى حال.

ويفتخر المهرجان أنه مهرجان مصري يقام على أرض مصر التي يكن لها كل الأحترام والتقدير فى كل ما ينتمي للمهرجان.

 

البلاد البحرينية في

20.10.2021

 
 
 
 
 

رغم الجدل والهجوم.. مخرج "ريش" يحصد جائزة أفضل موهبة عربية

القاهرة - أحمد الريدي

أحداث ساخنة تشهدها الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي، بطلها هو المخرج عمر الزهيري صاحب فيلم "ريش" الحاصل على الجائزة الكبرى من أسبوع النقاد بمهرجان "كان".

ويشارك فيلمه ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة، وتسبب في جدل شديد بعدما تعرض للهجوم من قبل عدد من الفنانين، واعتبره البعض الآخر يسيء لسمعة مصر بسبب الصورة التي تظهر فيه.

كل ذلك الهجوم، لم يمنع مهرجان الجونة من منح المخرج عمر الزهيري جائزة أفضل موهبة عربية في الشرق الأوسط، والتي تقدمها مجلة فارايتي.

وبعد صعوده لتسلم الجائزة عبر المخرج عمر الزهيري عن سعادته وفخره بالتكريم، خاصة وأنه يأتي في مصر، كما وجه الشكر للقائمين على مهرجان الجونة السينمائي بسبب دعمهم للعمل، كما وجه الشكر لوزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، بسبب تكريمها لصناع الفيلم قبل فترة.

كلمات الزهيري جاءت لتثير الدهشة في ظل ما يجري، خاصة وأن التكريم الرسمي الذي جاء من قبل وزارة الثقافة المصرية لصناع الفيلم، بعد تتويجه بالجائزة في مهرجان "كان" السينمائي الدولي.

يحمل شهادة من قبل الجهات الرسمية أن العمل لم يحمل في طياته إساءة للدولة المصرية، وعلى الرغم من ذلك حمل عرضه الأول جدلا كبيرا، وتسبب في لغط واسع داخل أروقة المهرجان.

إلا أن المخرج عمر الزهيري قال في كلمته على المسرح وقت التكريم بالجائزة، أنه سعيد بالسينما التي تقدمها مصر، وأنه قدم فيلمه "ريش" من أجل الإنسانية.

وتدور أحداث فيلم "ريش" في إطار عبثي، حول شخص يتحول إلى دجاجة، فتصبح الزوجة هي المسؤولة عن تلبية متطلبات العائلة، في ظل رحلة تبحث فيها عن سر اختفاء زوجها، وكيف حدث هذا الأمر، مع مسؤوليتها في إطعام أبنائها، ومواجهة عالم لم تتعامل معه من قبل، في ظل ظروف معيشية صعبة.

 

####

 

في الجونة.. فيلم يعرض دون مشاركة!

عدد كبير من النجوم أبرزهم خالد النبوي وياسمين رئيس وأحمد الفيشاوي وشيرين رضا

القاهرة - أحمد الريدي

على هامش الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي، اختار صناع فيلم "قمر 14" أن يعرض العمل للمرة الأولى عالميا ضمن الفعاليات دون أن يشار ك في المسابقة.

وتحدث صناع الفيلم الذي يقوم ببطولته عدد كبير من النجوم أبرزهم خالد النبوي وياسمين رئيس وأحمد الفيشاوي وشيرين رضا، ومن إخراج هادي الباجوري وإنتاج أحمد السبكي، في لقاء مع الصحافيين.

فأكد المخرج أنه عمل مع المؤلف كثيرا، وحينما أخبره أنه يمتلك سيناريو، أوضح الباجوري أنه لم يعمل كثيرا على السيناريو بسبب كتابته بشكل محترف للغاية.

بسيط وسلس

وللمرة الأولى يقوم بإرسال المسودة الأولى للممثلين، معتبرا أن تحضير الفيلم كان بسيطا وسلسا للغاية، وهو ما وصفه قائلا "أقل فيلم عملت فيه مجهود.. تحضيره كان بسيطا وسلسا".

وكشف المخرج عن كون الفيلم يتحدث عن أمرين، أولهما تأثير المجتمع على العلاقات الرومانسية في ظل الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي، والأمر الثاني يتعلق بليلة اكتمال القمر وما يصاحبها من تأثيرات على الأرض، وبالتالي التأثير الذي يقع على المواطنين.

ورغم احتواء الفيلم على 5 قصص للأبطال بالداخل، أكد صناعه على كونه فيلما واحدا مترابطا ولا يحتوي على 5 أفلام قصيرة، كما نفى مخرجه أن يكون هناك أي تشابه بين الفيلم وفيلم "هيبتا" الذي قدمه من قبل، على الرغم من كون نوع الفيلم واحدا وهو الطابع الرومانسي.

أما فيما يخص ظهور الممثلين بالفيلم وكونهم نالوا دقائق معدودة بسبب قصر مدة العمل، وتواجد 5 قصص داخل الإطار الفني، فأكد المخرج أن الممثل الذي يضع في حساباته مدة الدور وحجمه دون الاهتمام بالفيلم في المجمل، هو ممثل لا يرغب في العمل معه نهائيا، وهو ما اتفق معه فيه باقي الممثلين الحاضرين.

كما أشار الفيشاوي إلى أن البطولات الجماعية عادة ما تنجح، وحينما يتواجد أكثر من فنان يساهم ذلك في تسويق العمل، لأن الجمهور سيحضر من أجل الفنان الذي يحبه.

في حين اعتبر أحمد مالك أن النظر إلى حجم الدور والمدة التي سيقضيها صاحبه في العمل هو منظور سطحي، وهو ما جعل المخرج يؤكد أنه لا يؤسس أعماله عل ممثلين.

يشار إلى أن فيلم "قمر 14" عرض على هامش الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي، للمرة الأولى عالميا ضمن الفعاليات دون أن يشار ك في المسابقة.

 

العربية نت في

20.10.2021

 
 
 
 
 

الأفلام اللبنانية تبرز الوجة الغائب لبيروت في «الجونة السينمائي»

الجونة ــ  «سينماتوغراف»

تواصل الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي عروضها وفعالياتها، ومن أبرز الأعمال العربية المشاركة في المهرجان نجد السينما اللبنانية التي تقدم أعمالاً متنوعة ما بين الفيلم الوثائقي والروائي، وتطرح أهم القضايا الجريئة التي عرفت السينما اللبنانية بإثارتها، إذ لم تتوقف عن إثارة الجدل وتقديم مستوى فني عال يرتقي إلى مصاف السينما العالمية.

السجناء الزرق

بعد 12 عاماً من فيلمها الأول عن أوضاع سجن رومية في لبنان تعود الممثلة والمخرجة زينة دكاش إلى المكان ذاته حيث تدور أحداث فيلمها الوثائقي الجديد “السجناء الزرق” الذي تستعرض من خلاله قضية المرضى النفسيين خلف أسوار المؤسسات العقابية.

الفيلم مدته 75 دقيقة، وهو الوثائقي الطويل الثالث لدكاش عن السجون بعد “12 لبنانيا غاضبا” في 2009 عن سجن رومية و”يوميات شهرزاد” في 2013 عن سجن بعبدا. وينافس ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بمهرجان الجونة السينمائي في مصر كما ينافس على جائزة “سينما من أجل الإنسانية”.

يكتسب الفيلم اسمه من المبنى الأزرق داخل سجن رومية الذي يضم السجناء المصابين باضطرابات نفسية وعصبية، حيث تعمل زينة على مساعدتهم بالعلاج النفسي من خلال “المركز اللبناني للعلاج بالدراما”، وتعمل على دمجهم في أنشطة وعروض فنية ومسرحية.

جرى تصوير الفيلم على مدى ثلاث سنوات داخل سجن رومية المكتظ بالنزلاء، ويمكن من خلاله ملاحظة مدى الإهمال الذي يعانيه المرضى النفسيون الصادرة ضدهم أحكام قضائية أو الموقوفون على ذمة قضايا، حيث لا رعاية طبية ولا متابعة قضائية لأوضاعهم القانونية.

وأوضحت دكاش أن القانون اللبناني الصادر في 1943 ولا يزال ساريا ينص على أن “كل مجنون أو معتوه أو ممسوس ارتكب جرما يبقى في السجن إلى حين الشفاء”، وهو في نظرها نص فضفاض غير ملزم بإجراء تقييم منتظم لحالات السجناء مما يبقيهم خلف الأسوار حتى يأتيهم الموت.

وقالت المخرجة بعد العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان الجونة “عملت داخل السجون لسنوات طويلة وصنعنا مسرحيات كثيرة وكل هذا موثق بالفيديو والصور، لكن فكرة صنع فيلم لا تظهر إلا عندما يكون هناك شيء ملح يشدني للحكي عنه وإبرازه بشكل منفصل”.

وأضافت “لاحظت أثناء العمل بعض السجناء غير المتزنين نفسيا وعندما سألت اكتشفت أن الأحكام الصادرة ضدهم تشمل عبارة ‘لحين الشفاء’ وعندما بحثت أكثر وجدت أن من بينهم من قضى 37 و38 عاما في السجن، إلى درجة أن بعضهم أصابه الخرف أو الزهايمر”.

وأشارت إلى أن الأفلام والمسرحيات وغيرها من الجهود المجتمعية والمساعي الشخصية ساهمت في تحريك المياه الراكدة وتغيير ولو شيء بسيط في أوضاع السجناء وخروج بعضهم بالفعل في إطار جهود خاصة.

وقالت إن “هناك مشروع قانون منذ عدة سنوات بشأن أوضاع السجناء الذين يعانون من أمراض نفسية وعصبية لكن الوضع القائم في لبنان يؤجل مناقشة الكثير من القضايا”.

ورغم قسوة الحياة داخل السجن لا يخلو فيلم “السجناء الزرق” من المرح الذي يتولد من ردود الفعل التلقائية للسجناء أثناء جلسات العلاج النفسي والإعداد للأعمال المسرحية.

وتقول زينة إنه رغم صعوبة العمل داخل سجن للرجال في البداية واستغراق وقت طويل لاعتياد النزلاء على وجودها ومنحها ثقتهم فإنهم فور تأكدهم من صدق نواياها ورغبتها الحقيقية في مساعدتهم أطلقوا عليها لقب “أبو علي” ليشعروا بأنها واحدة منهم.

في حب بيروت

شهد اليوم الأربعاء، سادس أيام الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي، مجموعة متميزة من العروض والفعاليات من بينها عرض الفيلم اللبناني “كوستا برافا” للمخرجة مونيا عقل الذي رُشح لجائزة الجمهور في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي وفاز بجائزة نيتباك (شبكة الترويج للسينما الآسيوية) في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي.

وتعتبر عقل فيلمها عملا من أعمال المقاومة وسبيلا للبقاء ضد الأزمة المالية وتداعيات انفجار بيروت والأزمة الصحية، مشيرة إلى أن لبنان يمر بفترة صعبة، فيما فيلمها رسالة حب إلى بيروت.

ويصور الفيلم قصة عائلة تقرر الفرار من بيروت للعيش في الجبال هروبا من الهواء الملوث، لكن إحساس الوالدين بالذنب يتعاظم خاصة مع إقامة السلطات مصب نفايات بالقرب من المستقر الجديد. وفي هذا العمل تؤدي نادين لبكي دور الأم في حين يلعب الممثل الفلسطيني صالح بكري دور الأب.

وسبق أن اعتبر موقع فاريتي فيلم “كوستا برافا” أنه قدم صورة قوية لما يحدث في بيروت والأوضاع التي كانت سائدة قبل انفجار المرفأ، من خلال قصة هذه الأسرة التي تواجه المصاعب في انتقالها إلى الجبال اللبنانية.

وقالت بطلة الفيلم نادين لبكي إن “كوستا برافا” ليس مجرد فيلم بالنسبة إليهم، إنما هو صورة انعكاسية لما يعيشه اللبنانيون، وهو ما يظهر في الصراعات والتناقضات العاطفية ومشاعر الحب والكراهية التي يكنونها لبلدهم.

شبح المدينة

ومن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة يعرض فيلم لبناني آخر هو “البحر أمامكم” من إخراج إيلي داغر الفائز بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير من مهرجان كان السينمائي عن فيلمه “موج 98”. من خلال فيلمه الروائي الجديد يعود داغر (1985) إلى الوجه الشاحب من لبنان؛ فبين العملَين بيروت حاضرة كشبح، مدينة أبوكاليبتية رمادية لا تدخلها الشمس، تعود إليها بطلة الفيلم الجديد جنى التي تؤدي دورها الممثلة منال عيسى، بعد غياب سنوات للدراسة في باريس، ليشرّع هذا الرجوع الباب على جملة من التساؤلات والأحاسيس والانفعالات والصور والعلاقات. ويُشارك في بطولة العمل كلّ من يارا أبوحيدر وربيع الزهر وفادي أبي سمرا وروجيه عازار.

ويتطرق الفيلم إلى الأحداث التي يشهدها لبنان منذ زمن طويل وما ترتب عليها من فقدان الرؤية، كما يضيء على بعض الجوانب التي دفعت اللبنانيين إلى الهجرة خارج بلدهم هرباً من الواقع الأليم الذي جعل البعض الآخر من اللبنانيين الذين بقوا في وطنهم يشعرون بالغربة فيه، وهذه الظروف والأحداث شكّلت بيئة خصبة للإبداع اللبناني في مجالات فنية وثقافية عدة.

ويتناول الفيلم موضوع الاغتراب، ولكن غير مقصود به الهجرة لأن أكثر من 70 في المئة من اللبنانيين في الخارج، وإنما تم اختيار موضوع الاغتراب الاجتماعي الذي يجعل من المقيمين يشعرون بانفصالهم عن القيم والمعايير والممارسات والعلاقات الاجتماعية في المجتمع اللبناني الذي مازال يعاني من الأزمات الاقتصادية والسياسية والتفكك الاجتماعي، وقد انعكست الحالة السياسية والاجتماعية والواقع المعيشي الصعب على جل الأفلام اللبنانية التي باتت تحاول مطاردة وجه بيروت.

 

موقع "سينماتوغراف" في

20.10.2021

 
 
 
 
 

فيلم "ريش" المتوج في كان يثير الجدل في مصر

فيلم فانتازي يجرّب نوعا جديدا من السينما.. وللنقاد والجمهور آراء أخرى.

حاز الفيلم المصري “ريش” على جائزتين في مهرجان كان بفرنسا ونال إشادة كبيرة لدى عرضه دوليا، لكن هذا لم يحُل دون تعرضه للنقد والهجوم عقب مشاركته في مهرجان الجونة السينمائي بمصر. فهناك كثيرون رأوا في الفيلم تشويها للواقع المصري وآخرون نعتوه بالنخبوي، فيما يرى منتجوه أنه تجريب فني وكل تجريب عادة ما يقابل بالجدل وحتى الرفض.

الجونة (مصر)رغم أن الفيلم المصري “ريش” لمخرجه عمر الزهيري حصل على جائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان وجائزة لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسي) في يوليو المنقضي، فقد وجه له بعض الفنانين والنقاد سهام النقد بعد عرضه في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة مساء الأحد، معتبرين أنه “يسيء إلى سمعة مصر” بسبب حالة الفقر المدقع والبؤس الذي تعيشه عائلة هي محور أحداثه.

والعمل الذي حقق إنجازا كبيرا للسينما المصرية، إذ يعدّ أول فيلم مصري يفوز بجائزة النقاد في مهرجان كان، إنتاج مصري – فرنسي – هولندي – يوناني مشترك، وهو العمل الروائي الطويل الأول لمخرجه (33 عاما) الذي ساهم في كتابته أيضا.

عمر الزهيريالفيلم مختلف تماما والاختلاف أحيانا يكون مربكا لبعض الناس

مفارقة عبثية

يسرد الفيلم، الذي يمزج بين الواقع والفانتازيا، قصة عائلة فقيرة مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال. وفي أحد الأيام يقرر الأب الاحتفال بعيد ميلاد أحد أبنائه فيُحضر ساحرا لتقديم فقرات مسلية للضيوف، لكن عندما يستعين الساحر بالأب في تأدية فقرة يدخله إلى صندوق خشي كبير ويحوله إلى دجاجة ويختفي الأب. ومع محاولة الساحر إعادته مرة أخرى تفشل الخدعة ويبقى الأب في هيئة دجاجة.

ومن هذه المفارقة العبثية تنطلق أحداث الفيلم، إذ تلجأ الزوجة إلى كل السبل لاستعادة الأب وتبحث عن الساحر لكن دون جدوى، وبعدما تستنفد ما لديها من جنيهات معدودة تبدأ في الاعتماد على نفسها لتدبير متطلبات الأسرة وتدفع بابنها الأكبر للعمل في المصنع الذي كان يعمل فيه أبوه لسداد ديونهم.

وبعد أن يستقر وضع الأسرة نسبيا يظهر الأب من جديد لكن بحالة مزرية فاقدا للكلام والحركة ما يجعله عبئا جديدا على الأسرة.

وقال الزهيري في حديث له “الفكرة تبدو هزلية وأقرب إلى النكتة بتحول الزوج إلى دجاجة، لكن عندما نقترب من الحكاية نراها مشكلة كبيرة، مشكلة حياة أو موت”.

وأضاف “الفيلم مختلف تماما وفيه سينما متجددة وتجريب بشكل كبير. الاختلاف أحيانا يكون مربكا لبعض الناس”.

وتابع “أي شيء فيه تجديد تقابله محاولات للتصنيف، لكن في النهاية أنا مصري، والفيلم مصري، والفيلم ليس ملكا لمنتجيه بل هو ملك للجمهور”.

حلم الأوسكار

ويملك الزهيري (33 عاما) في رصيده فيلمين قصيرين، كما عمل من قبل مساعد مخرج في عدد من الأفلام إضافة إلى اشتغاله بمجال الإعلانات.

وقال إن التحضير لفيلمه الروائي الأول استغرق وقتا طويلا، لكنه أنجز عملية التصوير في خمسة أسابيع فقط، مشيرا إلى أن معظم المناظر عبارة عن ديكورات إضافة إلى جزء صُنع بالغرافيكس.

وعن اختياراته للممثلين قال إنهم جميعا غير محترفين ويقفون أمام الكاميرا للمرة الأولى وكان الهدف من الاستعانة بهم هو وضع شخصيات حقيقية تتماشى مع العالم المقدَّم في الفيلم.

وعن أول أفلامه الروائية الطويلة قال الزهيري “هو اختيار شخصي نابع من طريقة التفكير التي اتبعتها من قبل في تنفيذ أفلامي القصيرة، رأيت بعض الصور في مخيلتي بنيت عليها قصة وأصبحت هذا الفيلم”.

ويضيف “السيناريو في أفلامي مجرد مرحلة مبدئية وليست كل الفيلم، فهي مسودّة أفكار تتحوّل لاحقا إلى مجموعة من المشاهد الحية وصور وأصوات. أنا أبحث عن الشعور الذي يفاجئني بعد المونتاج وليس الأفكار المكتوبة، لذلك إذا وجدت قصة أو سيناريو مكتوبا من غيري واستطعت أن أتخيله لا أمانع في العمل عليه كما حصل مع فيلم ‘ريش’ للمؤلف أحمد عامر، والذي اشتركت معه في كتابة السيناريو”.

وقالت شاهيناز العقاد منتجة “ريش” إنها تتلقى المئات من السيناريوهات لكنها تحمست جدا للفيلم من القراءة الأولى.

تصنيف الأفلام باعتبارها أفلام مهرجانات أو أفلاما تجارية غير واقعي ففي النهاية هناك فيلم جيد وفيلم سيء

وأضافت “المخرج خلق عالمه الخاص، فلا يمكن للمشاهد أن يحكم أين تدور هذه الأحداث أو متى، إضافة إلى أن كل شيء في الفيلم يجافي المنطق وبالتالي نحن نرى أمامنا صورة مصنوعة من الخيال”.

واستطردت “أعلم أن الفيلم موجع للقلب ويمكن قراءته على أكثر من مستوى لكن ليست له أي علاقة بالسياسة، وأنا أرى أن عُمَر قدم لنا عملا ممتعا”.

وأشارت إلى أن تصنيف الأفلام باعتبارها أفلام مهرجانات أو أفلاما تجارية غير واقعي، لأن في النهاية هناك فيلم جيد وفيلم غير جيد “حتى فيلمنا الذي يصنف على أنه نخبوي ويخاطب المثقفين جاءت ردود الفعل عليه متباينة، فلا يوجد شيء يتفق عليه الجميع بشكل مطلق”.

وكان بعض النقاد قد توقعوا أن يصبح “ريش” مرشح مصر للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي بعدما أعلن منتجو العمل عزمهم طرحه في دور العرض في شهر ديسمبر، إلا أن هذا الحلم تبدد بعد الجدل الكبير الذي أثير في وسائل الإعلام المصرية.

ويذكر أن عمر الزهيري تخرّج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، وعمل مساعدا للعديد من المخرجين المصريين من بينهم يوسف شاهين ويسري نصرالله.

وسبق للزهيري أن أخرج عددا من الأفلام القصيرة منها “زفير” الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان دبي السينمائي الدولي في العام 2011، وفي 2014 قدّم عمله الثاني “ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375” وهو أول فيلم مصري يتم اختياره من قبل مؤسسة سيني فونداسيون بمهرجان كان السينمائي. لكن فيلم “ريش” هو أول عمل روائي طويل له على غرار سائر الأفلام التي شاركت هذا العام في مسابقة أسبوع النقّاد بكان.

 

العرب اللندنية في

20.10.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004