ملفات خاصة

 
 
 

الفيلم المصري المتوج في كان - "ريش"..

عن أب تحول دجاجة ومصائب أخرى

أحمد شوقي

كان السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

بين عشية وضحاها، صار فيلم "ريش" ومخرجه عمر الزهيري عنوانًا للساعة وهدفًا للمتابعات الصحفية والبرامج التلفزيونية. كيف لا والفيلم حقق مالم يحققه أي فيلم مصري طويل من قبل، فجمع جائزة أسبوع النقاد الدولي في مهرجان كان السينمائي الرابع والسبعين وجائزة الإتحاد الدولي للنقاد (فيبريسى) التي يتنافس عليها قرابة الخمسين فيلمًا في قسمي أسبوع النقاد ونصف شهر المخرجين. الإنجاز الذي لم يحققه فيلم مصري في كان من قبل، والذي جعل هذا الاهتمام الإعلامي الضخم مقبولًا، وإن لم يسبقه اهتمام مماثل قبل الجوائز، لكنها ضريبة يدفعها كل من يعمل خارج نظام النجوم.

إلا أن الحديث عن الأفلام من زاوية الجوائز دائمًا أمر خادع، ليس فقط لأن التاريخ يعلمنا أنه لطالما فازت أفلام بجوائز كبرى ثم سقطت من الحسبان سريعًا، في مقابل أفلام أخرى لم تنل جوائزًا لكنها نجحت في اختبار الزمن وصارت من علامات السينما. ولكن لأنه مدخل يضع السينما في حيز التنافس الرياضي الصفري، مقسمًا الأمور لرابح وخاسر، أبيض وأسود، بينما في حقيقة الأمر كلما ازداد ارتباط الفيلم بمعنى السينما الحقيقي، كلما تموضع أكثر في المنطقة الرمادية، المحركة للأسئلة لا الإجابات، والدافعة للاشتباك مع الأفلام أكثر من الوقوع في غرامها. تلك المساحة التي ينتمي "ريش" إليها بجدارة، والتي سنحاول النظر للفيلم من خلالها في هذا المقال.

جدير بالذكر هنا أن المقال قد كُتب بعد مشاهدة متعمقة للفيلم، وقد يحتوي عن بعض التفاصيل التي قد تحرق بعض الأحداث، لكنه أمر بلا قيمة في فيلم لا تمثل الحبكة فيه أكثر من مدخل للمشاهدة. لكنه يظل مقالًا تُفضل قراءته (أو إعادة قراءته) بعد مشاهدة الفيلم.

الحكاية التي صارت معروفة للجميع من كثرة نشرها كالآتي: رجل صعب المراس، رب أسرة فقيرة من الطراز التقليدي، يتحول في ظروف غير مفهومة وخلال عيد ميلاد طفليه دجاجة، ليتحتم على زوجته أن تخرج إلى العالم للمرة الأول، محاولةً تدبير نفقات أسرتها وحماية أطفالها من تهديد التشرد بالطرد من منزل لم يدفع الأب إيجاره قبل مغادرته عالم البشر.

أي أننا لو حللنا الحكاية إلى عناصرها الأولية فسنجد أننا بصدد التفكير في كل من الأب، الدجاجة، البيت والدجاجة.

الأب.. داخل عالم "جت ف السوستة"

قبل أعوام قليلة، انفجرت على موقع فيس بوك للتواصل الاجتماعي شهرة "جروب" مغلق اسمه "جت ف السوستة". فكرة الجروب ارتبطت بكونه مقتصرًا على الرجال، يتبادلون في النصائح والخدمات، الأمر الذي لاقى نجاحًا هائلًا في حينه، ليدعوني أحد الأصدقاء للانضمام للمجموعة التي لم أحتج أكثر من ساعات لأدرك معاناتها من كافة عيوب التجمعات المصرية المقتصرة على الذكور: قدر هائل من الرجعية والمحافظة، ذكورية مسممة، أحكام قاطعة بالعهر والفحش، وانعدام كامل للقدرة على معارضة هذا السياق العام ولو بكلمة.

هناك بالطبع جانب إيجابي، فالكثير من الأعضاء وجدوا وظيفة أو قضوا مصلحة بمساعدة عضو آخر، لكنها مكاسب تأتي ضمن صفقة الثمن فيها هو التواطؤ والسكوت عن التناقضات الفجة. شعور يدركه كل شاب اضطر لإخفاء بعض قناعاته خلال جلسته اليومية مع أصدقاءه في المقهى خوفًا من التعرض للازدراء أو التحول مادة للسخرية على أحسن الفروض.

يبدو الحديث السابق بعيدًا عن موضوع الفيلم، فما علاقة جروب على فيس بوك بفيلم عمر الزهيري المتوّج في مهرجان كان؟ الإجابة هي أن فيلمًا مصريًا لم ينجح في دخول عالم الذكورية المسموم كما فعله المخرج الموهوب ومعه شريكه في الكتابة أحمد عامر.

الأمر يبدأ من الأب، الذي يعتبر الجنيهات القليلة الممزقة التي يعطيها لزوجته مطلع كل يوم تضحية عظمى، على جميع أفراد الأسرة مقابلها أن يتعايشوا مع صرامته وجلافته وشطحاته. الرجل يروي قصصًا جنونية ويعد أولاده بأمور مستحيلة ويضيع قروشه في شراء نافورة مستعملة تزيد منزلهم قبحًا على قبح، بينما لم يسدد الإيجار المتراكم عليه.

بإمكان كل منّا أن يجد بسهولة نقاط تشابه واضحة بين رجال عاشرهم طيلة حياته وشخصية الأب، رغم طريقة تقديمها العبثية التي باتت أسلوبا انتهجه الزهيري منذ فيلمه القصير السابق "ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375". هذا التشابه يرسم النبرة العامة للفيلم، والتي تمزج بين وعي المشاهد بأن ما يراه خيالي فانتازي وبين إدراكه أن الجوهر ليس بعيدًا عن الواقع اليومي الذي لا يقل عبثية في تفاصيله.

هذا العالم الذكوري الذي يرفض تسلل أي أنثى داخله يمتلك قانونه وهيراريكيته الداخلية، التي ينصاع فيها الأب متواضعًا لزميله المهرب معتبرًا حضوره عيد الميلاد تكريمًا يستحق الاحتفال، بينما يذهب المهرب نفسه ليقدم ذات فروض الولاء والانحناء لمدير شركة حقيرة، لديه هو الآخر بالتأكيد درجة أعلى في السلم عليه أن يصغر أمامها مكملًا اللوحة السوريالية. حتى الأبناء أنفسهم مفتونون بوالدهم رغم كل ما فيه، يتطلعون إليه، ولو لم يتحول دجاجة (أو ربما حتى بعد أن تحوّل) سيغدون بمرور الأعوام نسخًا منه، أعضاءً في "الجروب".

الدجاجة.. هل ما حدث بالفعل معجزة؟

سيلاحظ المشاهد المدقق لفيلم "ريش" أن الوجود الحيواني في الفيلم لا يقتصر على الدجاجة، وإنما تظهر الحيوانات بشكل مستمر وبصورة تبدو غريبة في اعتياديها: قرد يقفز على زجاج سيارة، حمار وحشي يظهر في خلفية الكادر، كلب يقف بجوار طابور صرف المرتبات وكأنه يستعد لأخذ موقعه من الشباك، وهكذا.

هذا الوجود يساهم بطبيعة الحال في رسم الانطباع الغرائبي لفيلم تبدأ غرابته من فكرته المجردة، لكن القليل من التفكير في الأمر قد يقودنا إلى تفسير مغاير. تفسير يرتبط بالفروق بين عالمي الإنسان والحيوان.

الفلاسفة يقولون إن الإنسان يتشارك مع الحيوانات في نفس الوظائف الحيوية: يأكل ويشرب وينام ويتكاثر، لكن الفارق بين العالمين يتلخص في القدرة على الاستمتاع، فالإنسان وحده هو من يمكنه أن يختار طعامًا في مكان أبعد أو نظير مقابل أعلى لأنه يستمتع بمذاقه، وهو من يمكنه أن يمارس الجنس خارج إطار دوره التطوري كوسيلة للتكاثر، يمارسه بطرق غير اعتيادية وبغرض يتلخص في متعته، والأمر ذاته مع النوم وطقوسه وظروفه.

القياس يدفعنا تلقائيًا للتفكير في طبيعة الحياة التي تعيشها تلك الأسرة. حياة يقتصر فيها الطعام على وجبة مكررة. "النهارده وبكره بتنجان" يقولها الزوج في البداية مؤسسًا لنمط الأسرة الغذائي. طعام لا يلعب أكثر من دوره الوظيفي في سد الرمق، نوم حتمي لإراحة الجسد قبل بدء يوم جديد من المشقة. هل هذه حياة تنتمي نفسيًا لعالم البشر أم عالم الحيوان؟

أو لنطرح السؤال بطريقة أخرى: ما الذي خسرته هذه الأسرة بتحول الأب دجاجة؟ هل خسرت مساحة من الدفء والحميمية والأمان كما يفترض على الأب أن يكونه؟ أم أن المعاناة تقتصر على الحرمان من مصدر للجنيهات القليلة التي تضمن لأفراد الأسرة آخر ما يربطهم بالإنسانية: سقف فوق رؤوسهم؟ من يتابع كل محطات المعاناة التي مرت بها الزوجة يؤكد أن الاختيار الثاني هو الأقرب للصحة. هي فقط فقدت الحد الأدنى من الأمان المالي، وافتقرت كذلك لوجود ذكر يحمي العش من هجوم ذكور آخرين.

باختصار: هل كان الوضع سيتغير لو كان غياب الأب سببه موت مفاجئ أو قرار بالرحيل والهرب؟ الإجابة المؤلمة هي النفي، في الحالتين الأمر سيان، ومحاولات الزوجة المحمومة لإعادة الأمور كما كانت عليه هي مجرد محاولات حيوان يحاول النجاة من فخ صياد، لا إنسان يحاول استعادة شريك عمر. تعاملها مع الأمر باعتباره محنة تحاول الخروج منها ينفي عن جوهر الحكاية الحس الفانتازي الذي يوحي به ملخصها. إذا غاب الخيال غابت الإنسانية، يقولها هرم ماسلو قبل أن يؤكدها الزهيري.

لذا، ما حدث للأسف ليس معجزة خارقة للواقع، هو فقط مجرد انتقال من صورة حيوانية إلى أخرى.

البيت.. أبطال العالم في الديلفري

يفرض البيت حضوره في "ريش" من اللحظات الأولى للفيلم. منزل صغير متهالك أشبه في منطقة نائية، منعزل بما ينفي انتمائه لإحدى العشوائيات المكتظة، يمر القطار خارجه فيندفع الدخان من النوافذ. وفي الداخل، يبدو كل شيء مقفرًا أشبه ببيت مهجور تركه أهله. المحتويات مينمالية بصورة تتناقض مع ما نعرفه عن بيوت المعدمين التي تتراكم فيها مقتنيات بلا قيمة.

البيت يثير التساؤلات حول كنهه قبل أن نفهم كونه وحدة من مساكن أحد المصانع المقامة على هوامش المدينة، لكنه يساهم قبل أن نبلغ هذا الفهم في تأسيس طبيعة العالم الفيلمي الذي يجمع الواقعية والفانتازيا معًا، فهو مكان "يشبه الواقع" لكنه ليس الواقع نفسه، بل يرسم صورة سينمائية له ملائمة لما سنراه لاحقًا. وفي خضم هذا المزيج القاتم بين القبح والفقر والتقشف، نجد الأب "يُجمّل" البيت بنافورة ستمنحه "شكلًا جماليًا"!

تلك التفصيلة في العلاقة مع البيت، الذي سرعان ما سيتحول كابوسًا يطارد البطلة التي تفعل كل شيء في وسعها، بل وتضحي بمستقبل أحد أبنائها من أجل البقاء داخله، تُشكل أحد أهم وأعمق الخيارات التي أخذها الزهيري في فيلمه: التناقض العجيب بين بؤس المكان وأفعال أصحابه.

الأب يبحث عن الحس الجمالي في شبه بيت. الشوارع والسيارات في حالة مزرية والناس فيها لا ينتبهون. الرجال يصفون مقهى البلياردو بأجمل مكان في حياتهم دون أن يحاولوا إزالة الغبار المتراكم في كل مكان حتى على الطاولة التي يلعبون فوقها. المصنع والشركة وحتى فيلا الأُثرياء كلها أشباه أماكن، لا يزيد عن قبحها سوى عبثية الكيفية التي يأخذ أصحابها أنفسهم وأماكنهم على محمل الجد. الجميع يمتلك سطوة وحيثية واحترام نتيجة لوجوده في مكان لا يفترض أن يثير لدى أي إنسان عاقل سوى التقزز.

في خلفية الذهن يعلو صوت ويجز وهو يصدح بفخر "جامدين ومفيش إلا احنا.. حلوين ومفيش الأحلى"، بينما يتحدث عن سائقي توصيل طلبات للمنازل بإمكان كل من يمتلك عدة جنيهات أن يحركهم لقضاء مشترياته.

هذا ليس تقليلًا من شأن أي عمل بطبيعة الحال، لكنه نقد اجتماعي وفكري من الطراز الرفيع يقدمه "ريش" دون كلمات: قبل أن تفخر بمكانتك الرفيعة داخل منطقة/ شركة/ مدينة/ دولة، تأكد في البداية أن الأمر يستحق الفخر، حتى لا تصير مثل هذا "الباشا" الجالس بمنتهى الثقة والغرور يلقي التوجيهات ويأكل السميط في صالة بلياردو حقيرة.

الأم.. قطعة الحلوى تتمرد على الذباب

عذرًا لاستخدام واحد من أكثر التشبيهات سخافة في تاريخ جدلنا المجتمعي: تشبيه المرأة بقطعة الحلوى التي يجب أن تُغطى كي لا تصير مادة جاذبة للذباب. الرد المعتاد والمنطقي أن الأمر فقط لا يهين الأنثى باعتبارها مفعولًا به، مجرد جماد لا يملك رأيًا أو إرادة أو قدرة على المقاومة، بل يهين الرجال باعتبارهم ذبابًا بلا عقل تحركه شهوته دون اعتبارات أخرى. لكن الفيلم يطرح الأمر من زاوية أخرى أكثر قتامة: ماذا لو كان الرجال بالفعل ذبابًا؟

تجد البطلة نفسها فجأة ملقاة وسط عالم من الرجال. عالم ممنوع على النساء دخوله، موظف المصنع فيه لا يجد بأسًا في أن يحل طفل لا يكاد يبلغ عمر التعليم محل والده الغائب لكنه يتمسك بمنع عمل النساء في المصنع.

قد يكون الموظف من داخله راغبًا في المساعدة بدليل عرضه حل عمل الطفل، وقد تجد البطلة دعمًا من هذا الرجل أو ذاك في بعض المواقف تعاطفًا مع أزمتها، لكن المشكلة تكمن في "لائحة المصنع" التي تقبل كل شيء إلا عمل النساء، في النظام العام الطارد والرافض الذي يحيل حياتها جحيمًا تقديسًا للقواعد التي لا يعرف أحد من وضعها ولن تفهم أبدًا لماذا يجب أن تظل قائمة رغم تعارضها مع أبسط قواعد الإنسانية.

اللائحة هي النظام الذكوري الأبوي، تلك الشبكة اللانهائية من الرجال الواثقين جدًا من أنفسهم، المصدرين للأحكام والمتحكمين في المصائر، وأولهم الزوج نفسه بحضوره الثقيل المُتعب لمن حوله، سواء في صورته البشرية الأولى، صورته الداجنة أو صورة البشرية الثانية. لذا فكان من الضروري أن تأتي النهاية في صورة فعل قاطع، تمردي، تعلن به البطلة تمردها على عالم الذباب وممثله الدائم في بيتها. قرار عفوي لكنه منطقي، لا ضمانة لأن ما سيأتي بعده سيكون أفضل، لكنه بالتأكيد سيكون أقل سماجة.

"ريش" هو أحد أذكى الأفلام المصرية الحديثة وأكثرها قدرة على إثارة الأفكار الهامة، دون أي صياح أو خطابة أو مداعبة لذائقة ما، سواء كانت ذائقة الجمهور العريض أو مبرمجي المهرجانات. فيلم بإمكانك أن تتفق وتختلف مع تفاصيله، تشتبك معه بأريحية. فيلم لا يشبه إلا نفسه وصانعه، بصريًا وفكريًا، وهو ما يستحق التقدير والإعجاب بغض النظر عن فوزه بالجوائز من عدمه.

 

موقع "في الفن" في

27.07.2021

 
 
 
 
 

فيلم (المقصورة رقم 6) الفنلندي الذي فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان كان

هلسنكي ـ يوسف أبو الفوز

أحتفت وسائل الاعلام الفنلندية والاوساط الثقافية في البلاد، بحصول المخرج الفنلندي يوهو كوزمانين (مواليد 1979)، على الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي في دورته 74، للايام 17-6 تموز عن فيلمه (المقصورة رقم 6)، وتقاسمها مع المخرج الإيراني اصغر فرهادي عن فيلمه (بطل)، وكوزمانين هنا هو ثاني مخرج فنلندي ينال هذه الجائزة، بعد ان نالها عام 2002 أكي كاورسمكي ( مواليد 1957) عن فيلمه ( رجل بدون ماضي).

المخرج يوهو كوزمانين، درس الإخراج السينمائي في كلية الفنون والتصميم في جامعة هلسنكي، وعمل كمخرج في المسرح والاوبرا والتلفزيون لسنوات عديدة، ونالت اعماله انتباه النقاد والجمهور وحصلت على العديد من الجوائز. في عام 2010 اخرج فيلم (الرسامون) الذي ترشح لجوائز فنلندية في خمس فئات (بطولة تمثيل، سيناريو، إخراج، تصوير، أفضل فيلم)، عام 2016 اخرج فيلم ( اسعد يوم في حياة اولي ماكي).

فيلم (المقصورة رقم 6)، من انتاج عام 2021، والمصنف كفيلم درامي، مدته ساعة و46 دقيقة، وحائز على نسبة 70٪ على موقع (الطماطم الفاسدة ــ Rotten Tomatoes) المعني ﺑﺘﻘﻴﻴﻢ وﻧﻘﺪ اﻷﻓـــﻼم، هو انتاج مشترك، فنلندي ـ روسي ـ استوني ـ الماني، يستند الى رواية بنفس الاسم، للكاتبة الفنلندية روزا ليكسوم (مواليد 1958)، وهي كاتبة وفنانة تشكيلية فنلندية ومخرجة وممثلة ويصفوها عادة بالفنانة الشاملة. درست الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية في هلسنكي وكوبنهاغن وموسكو. ترجمت أعمالها إلى العديد من اللغات. كتبت الرواية والقصة القصيرة، بالإضافة إلى انها قامت بإنجاز رسوم كاريكاتير ولوحات وأفلام ومسرحيات وكتب للأطفال. عرفت بكتابتها قصص العديد من الأفلام الناجحة مثل، هيستريا 1993، ريستو 1999ـ وثائقي، وأيضا لعبت ادوارا في أفلام أخرى (اقتل المدينة 1986). وفي عام 2011 حازت روايتها (المقصورة رقم 6) على جائزة فنلنديا وهي جائزة أدبية مرموقة في فنلندا، تأسست عام 1984، تمنحها سنويا مؤسسة الكتاب الفنلندية لعمل روائي يتم اختياره من بين 5 كتب مرشحة، من قبل لجنة تحكيم مكونة من ثلاثة أعضاء. وغالبًا ما يصف النقاد أسلوب روزا ليكسوم الأدبي بأنه ما بعد الحداثة، والموضوعات الرئيسية في إعمالها هي المرأة، السلطة والجنس.

الفيلم الفنلندي (المقصورة رقم 6) المأخوذ عن الرواية بنفس الاسم، والذي اشتركت الكاتبة الى جانب المخرج، في كتابة السيناريو له، لم يلتزم السيناريو بالأسماء الواردة في الرواية، ولا بمسار حركة القطار ولا بعمر الشخصيات، وأجرى تغيرات طفيفة في بعض الاحداث. يحكي الفيلم قصة علاقة حب تنشأ بشكل غير متوقع، بين شخصين مختلفين تماما اجبرا على تقاسم مقصورة، خلال رحلة في قطار الى الدائرة القطبية، تحدث في تسعينات القرن الماضي. الرجل (فاديم)، عامل مناجم، روسي، لعب دوره الممثل الروسي يوري بوريسوف (مواليد 1992)، وهو رجل يتميز بالخشونة يشرب الخمر طوال الوقت ومتذمر دائما، في طريقه الى مدينة مورمانسك القطبية بحثا عن عمل. والمرأة (لاورا) طالبة آثار فنلندية، انهت دراستها في موسكو، امرأة هادئة، هاربة من علاقة حب غامضة في موسكو، قليلة الكلام، في طريقها الى مدينة مورمانسك لمعاينة بعض الصخور الاثرية، لعبت دورها الممثلة الفنلندية سيدي هارلا (مواليد 1984). خلال الرحلة من مدينة موسكو الى مدينة مورمانسك، والتي تمتد لأيام عديدة، يواجهون فيها شخصيات مختلفة، ومواقف تبرز فيها أحيانا روح الكوميديا السوداء، تتغير آرائهما عن الحياة، عن الوحدة والصداقة وحاجتهم للتواصل الانساني. ففي الوقت الذي هم يعيشون في مقصورتهم، يتغير العالم من حولهم، ويرون مدنا منهارة وحالات بائسة، فتبدأ وجهات نظرهم بالاقتراب والاتفاق، كلما تقدم القطار في رحلته الى أجواء أكثر برودة، حيث تبرز الحاجة للدفء أكثر، فتزول شيئا فشيئا روح التنافر والعداء، في النهاية تصبح الصداقة والحب ممكنا. في وقت صدور الرواية قيل عنها انها تريد القول بان روسيا التي تعرضت للازمات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وفنلندا الوديعة، عليهما التعايش مع بعضهما البعض في المساحة التي يعيشون فيها.

كتب الناقد تود مكارثي، (11 تموز 2021) في صحيفة (ديد لاين) الصادرة في هوليود، بعد مشاهدته الفيلم (ان الأداء الرائع للممثلين ارتفع بقصة الفيلم كثيرا، ففظاظة الرجل تنتزع على يد امرأة تساعده لظهور حقيقته الإنسانية، وبالتالي العثور على روحه الضائعة).

كان مخططا للفيلم ان يتم تصويره في موسكو، لكن بسبب جائحة الكورونا تم التصوير في محطة بطرسبورغ، وفي قطار روسي متحرك باتجاه مدينة مورمانسك أوائل عام 2020 وجرت اعمال المونتاج والاعمال الفنية الخاصة بالفيلم في استوديوهات موسفيلم الشهيرة في موسكو.

في أحاديث المخرج لوسائل الاعلام، ولقاءاته التلفزيونية، قال عن الفيلم ان فريق العمل كان يطمح للحصول على السعفة الذهبية لمهرجان كان، وأضاف بأن حصول الفيلم، مناصفة مع الفيلم الإيراني، على الجائزة الكبرى، من بين 24 فيلما متسابقا، لأسماء مخرجين مرموقين، شيئا عظيما تستحقه السينما الفنلندية وان الجائزة تعني له شخصيا الكثير. يذكر ان الفيلم سيتم عرضه في الصالات الفنلندية الخريف القادم، بينما تعاقدت شركة سوني الامريكية لتوزيع الفيلم لأنحاء العالم، فبالإضافة إلى أمريكا الشمالية، ستشهد صفقة التوزيع أيضًا حقوق توزيع فيلم (المقصورة رقم 6) الى أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. بعد فوز الفيلم، قال بعض المتابعين بان السينما الفنلندية، ستخرج من تحت ظلال عباءة أكي كوريسماكي باعتباره الفائز الأول في مهرجان كان عام 2002 واسمه مهيمن دوليا عند الحديث عن السينما الفنلندية، وابتدات مرحلة جديدة للسينما الفنلندية.

يذكر ان الدورة 74 من مهرجان كان، كانت برئاسة المخرج الأمريكي سبايك لي، وكان الفيلم الفائز بجائزة السعفة الذهبية، وهو فيلم “تيتان” (Titane) وهو درامي فرنسي بلجيكي من تأليف وإخراج جوليا دوكورناو ، كأول فنانة امراة تفوز بهذه الجائزة. وتميز الفيلم حسب النقاد بمعالجة جريئة غير مسبوقة لقصة قاتل، وان انتقده البعض لمشاهد العنف والجنس، لكن موقع (الطماطم الفاسدة) منحه تقدير95%.

 

المدى العراقية في

28.07.2021

 
 
 
 
 

فيلم "تيتان" الفائز في "كان" يحدث بقسوته سجالا

المخرجة الفرنسية ترد معتبرة أن التوحش المشهدي قوة لهدم الجدران التي تحبس الناس في سجن

هوفيك حبشيان

لم يحدث في التاريخ المعاصر لمهرجان كان أن انقسمت الصحافة حول فيلم نال "السعفة الذهبية" كما انقسمت حول فيلم "تيتان" للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو الفائز بالجائزة السينمائية الأرفع من يد شارون ستون في آخر دورة. الفيلم لا يترك أحداً لا مبالياً حياله، ومن المرجح أنه ستكون هناك خلافات فنية وفكرية كثيرة في شأنه في الفترة المقبلة خصوصاً عندما تبدأ عروضه في العالم أجمع. تمييز فيلم من منبر مثل "كان" حدث إعلامي كبير، لكن أيضاً تسويق مفيد للفيلم الذي يحظى بذلك التمييز. ففي الصحافة الفرنسية، الورقية والإلكترونية، المتخصصة والعامة، كانت الآراء متفاوتة ومتناقضة ومتضاربة جداً، وهذا يؤكد مدى قدرة الفيلم على توليد سجال في الأوساط السينمائية. في أي حال، برعت دوكورنو منذ فيلمها السابق في خلق تفاعل مع عملها، وبات يُحسب لها حساب. 

موقع "باند أ بار" الإلكتروني كتب أن الفيلم "صرخة حب تؤكد موهبة دوكورنو العظيمة التي وُضعت في خدمة إنسانية جريحة تبحث عن صمود". آدم سانشيز كتب في "CQ" يقول إن الفيلم يشي بثقة في الذات وشجاعة مطلقة في السينما الفرنسية الحالية، معتبراً أن المخرجة لم تخف في طرح هواجسها علناً. جريدة "20 دقيقة" التي توزع مجاناً وصفت التجربة بالقوية والعميقة، في حين قال موقع "كولتور بوان" إن خطاب الفيلم الوحيد بصري وحسّي، ولكن في العمق هذا ما يصنع قوته. وتابع يقول: "تعود دوكورنو إلى ما هو بدائي وغرائزي وتستكشف تجاوزاته وحريته المطلقة. "تيتان" ليس فيلم رعب ولكنه شيء غير نقي تماماً (…). إنه تأكيد على ولادة مخرجة كبيرة تمخضت وحشاً رائعاً. نقاد آخرون توقعوا في مقالاتهم قبل توزيع الجوائز بأن الفيلم سيفوز وهذه حال ناتالي شيفليه من موقع "آخر أخبار ألزاس" التي قالت إن "تيتان" فيلم رعب على طريقة سينما المؤلف. وأضافت: "هذا فيلم فريد من نوعه، مبتكر".

زميلتها مارغريت بو من مجلة "إيل" تحدثت عن السيناريو باعتباره "باروكي"، حيث الجمال البصري يتصل بكل لقطة من لقطات الفيلم. في مجلة "لومانيته" مقال لسيبريان كاديو يدعي بأننا أمام فيلم "نسوي بشراسة يجدر علينا اكتشافه ونحن نعلم عن تفاصيل حكايته أقل ما يمكن"، في حين قارنه اريك نوهوف من جريدة "لو فيغارو" بأفلام غاسبار نويه التي تثير الجدل أينما عُرض، معتبراً أنها نجحت في الوقوع في فخ التفاهة ما يعني أنها صاحبة شخصية قوية. الناقد نيكولا شالير كتب في "لو نوفيل أوبسرفاتور" بأن البطلين يلجآن إلى خيمة رجال إطفاء للهرب من عالم يشبه كليبات المغني الأميركي الأسود سنوب دوغ، ولكن كما لو كان من إخراج برنار دو لا فيلارديير. وأضاف أن دوكورنو تتقيأ الأشياء الفاترة وتؤمن بقوة السينما. أما مجلة "ليه انكوروبتيبل" فكتب فيها جاكي غولدبرغ أن المخرجة تنسف كل شيء، من الأعراف للذوق الحسن كي تقدم فيلماً لا يشبه أي فيلم آخر، أو بالأحرى يشبه أفلاماً أخرى كثيرة ولكنها لم تعالج البتة على هذا النحو. 

آراء منقسمة

في مجلة "تيليراما" انقسمت الآراء حول الفيلم بشدة، إلى درجة قررت الإدارة نشر رأيين، واحد مؤيد للفيلم وآخر معاد له، وهذه من التقاليد الراسخة في المجلة الفرنسية الشهيرة. الرأي المؤيد يقول: "كل مشهد يصرخ إيمانه بقوة الإخراج. دوكورنو قادرة على خلط مواد مضادة بعضها بالبعض الآخر كالنار والدموع. أما الرأي الذي وقف في وجه الفيلم، فكتبته سيسيل موري قائلة: "في فيلمها السابق، استطاعت دوكورنو إزعاجنا بالعمق. هذه المرة، تبالغ إلى حد التخمة من خلال دس مرجعيات سينمائية في فيلمها". أما الناقد الشهير أوليفييه دو برون فكتب غاضباً في "ماريان" بأن الفيلم يرمق إلى سينما كل من ديفيد لينتش وديفيد كروننبرغ بنظرة غرامية، لكنه لا يصل إلى ركبة هذه السينما التي يشتهيها. أخيراً، من اللافت أن مجلة "دفاتر السينما" العريقة نشرت رأياً معتدلاً في "تيتان" خلافاً لعادتها: "الفيلم يؤكد المكانة الفريدة التي تحتلها جوليا دوكورنو في المشهد السينمائي الفرنسي، وكذلك تمكنها الذي لا شك فيه". 

موقف الجمهور

ولكن ماذا عن رأي جمهور كان الذين شاهدوا الفيلم؟ قد يبدو السؤال غريباً، إلا أنه مشروع وكل يوم هناك صحف تستفتي آراء المواطنين في المدينة الشهيرة التي يجري فيها الحدث. فغداة ختام المهرجان، تنظم منذ سنوات عروضاً للسكان الأصليين ليكتشفوا الأفلام الفائزة التي سمعوا عنها طوال الأيام الماضية. ثم تأتي وسائل الإعلام لتأخذ آراءهم التي يكون بعضها انفعالياً وعفوياً لكونه لا يأتي من متخصصين. وحده مَن يبقى في كان، لسبب أو لآخر، بعد انتهاء المهرجان، يرى المدينة على حقيقتها: قرية صغيرة مليئة بالمتقاعدين والعمال الأجانب والمسنات اللاتي يتنزهن برفقة كلابهن. وللتعويض عن الإزعاج الذي يتسبب به المهرجان طوال أسبوعين، تحاول الإدارة، من خلال تأسيس جمعيات، أن تورط سكان المدينة في الهم المهرجاني، من خلال تخصيص حصة من البطاقات لسكان المدينة. عبر الانضمام إلى واحدة من هذه الجمعيات، يحق لأهالي "كان" أن يحصلوا على بطاقات ويشاهدوا أفلام التشكيلة الرسمية وغيرها. أما الحدث الأكبر بالنسبة لهم فيتمثل في إعادة عرض الفيلم الفائز بـ"السعفة الذهبية". تفتح صالة "لوميير" أبوابها أمام حاملي البطاقات، فتأتي النساء بفساتينهن الأنيقة صحبة أزواجهن، ويتكرر مشهد صعود السلالم والتصوير على السجادة الحمراء. أهالي "كان" هم نجوم المهرجان في تلك الليلة المخصصة لهم؛ عشرات المصورين يحضرون إلى المكان لالتقاط صورهم. 

هذا العام، جاء سكان "كان" لمشاهدة الفيلم الفائز بأعداد كبيرة وهم يعرفون مضمونه جيداً، بعد ما قرأوا عنه في الصحف الفرنسية وشاهدوا صوره في نشرات الأخبار. لكن ربما هذه أول مرة يحذر فيها عمدة "كان" دافيد لينار الناس من الفيلم الفائز، ناصحاً من تصدمهم مشاهد القسوة والدم والقتل من أن يتأكدوا أن الفيلم يناسب حساسيتهم، كما أنه طلب بعدم اصطحاب الصغار سناً. ونقلت جريدة "نيس ماتان" آراء بعض المشاهدين، علماً أن دورية إسعاف كانت تقف أمام صالة لوميير حيث عُرض الفيلم الجدلي. أحد المشاهدين قال لـ"نيس ماتان" وهو يهم على الجلوس في كرسيه إنه يخاف أن يشعر بإحساس سيئ وهو يشاهد الفيلم، أما آخرون فكانت لديهم آراء متفاوتة تشبه إلى حد معين ما قالته الصحافة في الفيلم. 

أما جوليا دوكورنو التي أصبحت اسماً شهيراً في عالم السينما، فكيف ترد على هذا كله بعد ما كانت في الماضي عبرت عن استغرابها من انزعاج المشاهدين من فيلمها السابق؟ فهي قالت كل شيء باختصار شديد يوم نالت الجائزة: "التوحش الذي يخيف البعض (…) قوة لدفع جدران المعيارية التي تحبسنا في سجن وتفصلنا عن بعضنا البعض". 

 

الـ The Independent  في

29.07.2021

 
 
 
 
 

«في فيلم «سيبيل» نترافق مع جوستين ترييت وبطلتيها ڤيرجيني إيڤيرا وأديل إيغزاركوبولوس في دهاليز الغموض

روما – الثقافيّة

يضع فيلم «سيبيل» – دهاليز النساء- للمخرجة جوستين ترييت جنبًا إلى جنب اثنتين من أكثر الممثلات إثارة في السينما الفرنسية والعالمية، ڤيرجيني إيڤيراوأديل إكزاركوبولوس، العائدتان للتو من في مهرجان كان السينمائي الأخير حيث أدّت إيڤيرا بطولة فيلم «بينيديتّا» للمخرج پول ڤيرهوڤين، فيما أدّت آديل إيغزاركوبولس  دوركسّاندرا في فيلم  « Zero Fucks Given » للمخرجة الشابة جولي لوكوستر، الذي عُرض ضمن مسابقة «أسبوع النقّاد».

و«سيبيل» هو الفيلم الطويل الثالث لجوستين تريت وتؤدّي فيه فيرجيني إيڤيرا دور الكاتبة سيبيل ،التي هجرت الكتابة لتعمل طبيبة نفسية.

وبمرور الوقت ، وبسبب الرغبة في الكتابة ، قررت ترك معظم مرضاها وبدأت في تخيل حبكة روايتها الجديدة. أثناء البحث عن الإلهام ، تتصّل بها الممثلة الشابة المضطربة مارغو (وتؤدّيها آديل إيغزاركوبولوس) مارغ تتوسل إلى سيبيل لرؤيتها والقبول بعلاجها.

دراما عاطفية تتشابك فيها حياة بطلتي الحكاية مع حياة الشخصيّة الثالثة في الفيلم، وهي المخرجة السينمائية تعمل معها مارغو في بطولة الفيلم الذي تُنجزه؛ هذا الدور تؤدّيه ساندرا هولر التي عرفها الجمهور الواسع في أدائها المتميّز في فيلم « توني إردمان» من إخراج الألمانية الشابة مارين آدي.

وبينما تُفصح مارغو عن نفسها أمام سيبيل دون موانع، تُفتتن الطبيبة بحكايتها بشكل متزايد، ودون إعلام المريضة تُسجّل محادثاتهما سراً لتستعين بها في كتابة روايتها الجديدة.

 

موقع "إيطاليا الثقافية" في

31.07.2021

 
 
 
 
 

وزيرة الثقافة تكرم صناع فيلم «ريش» بعد جائزة مهرجان كان

كتب: سعيد خالد

تكرم وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم، صناع فيلم «ريش» للمخرج عمر الزهيري، في احتفالية ينظمها المركز القومي للسينما، برئاسة السيناريست محمد الباسوسي، وذلك بعد غد الثلاثاء، بمركز ثروت عكاشة الثقافي.

يأتي ذلك التكريم تقديرا لتميز العمل ولحصوله على جائزة الفيبريسي لأفضل فيلم في الاقسام الموازية وجائزة أفضل فيلم بأسبوع النقاد بمهرجان كان.

وتدور قصة الفيلم حول أم تعيش في كنف زوجها وأبنائها، حياة لا تتغير وأيام تتكرر بين جدران المنزل الذي لا تغادره ولا تعرف ما يدور خارجه. ذات يوم يحدث التغير المفاجئ ويتحول زوجها إلى دجاجة، فأثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل في إعادة الزوج، الذي كان يدير كل تفاصيل حياة هذه الأسرة، هذا التحول العنيف يجبر هذه الزوجة الخاملة على تحمل المسؤولية بحثاً عن حلول للأزمة واستعادة الزوج، وتحاول النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة، وخلال هذه الأيام الصعبة تمر الزوجة بتغيرٍ قاسٍ وعبثي.

ويمزج الفيلم بين الواقع والفانتازيا، إذ يتناول قصة أب يقرر إقامة عيد ميلاد ابنه الأكبر فيحضر ساحرا لتقديم بعض الفقرات المسلية للأطفال، وفي إحدى الفقرات يدخل الأب في صندوق خشبي ليتحول إلى دجاجة ومع محاولة الساحر إعادته مرة أخرى تفشل الخدعة ويبقى الأب في هيئة دجاجة.

يعد «ريش» هو أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج عمر الزهيري، وقد اشترك في تأليفه مع السيناريست أحمد عامر، وهو من إنتاج الفرنسيين جولييت لوبوتر وبيير مناهيم، من خلال شركة Still Moving، بالمشاركة مع Lagoonie Film Production للمنتجة شاهيناز العقاد، وفيلم كلينك والمنتج محمد حفظي، درك جان وارينك وكوجي نيليسين (Kepler Film)، جيورجوس كرنفاس وكونستانتينوس كنتفركيس (Heretic) وفيرونا ماير، وتتولى توزيعه في العالم العربي شركة Film Clinic Indie Distribution.

وتم تطوير مشروع الفيلم بدعم من جائزة baumi لتطوير السيناريو، تورينو فيلم لاب ومؤسسة Cinefondation، ونال جائزة الأطلس لما بعد الإنتاج في ورشة الأطلس ضمن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش 2020.

 

المصري اليوم في

01.08.2021

 
 
 
 
 

وزيرة الثقافة تكرم صناع فيلم «ريش» الفائز بجائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان

كتب: سعيد خالد

كرمت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، صناع فيلم ريش، من إخراج عمر الزهيري، بعد الفوز بجائزة مسابقة أسبوع النقاد في الدورة الـ74 من مهرجان كان السينمائي الدولي، خلال الاحتفالية التي نظمها المركز القومي للسينما برئاسة السيناريست محمد الباسوسي بقاعة ثروت عكاشة بالمركز القومي للسينما، بحضور الدكتور خالد عبدالجليل مستشار وزيرة الثقافة لشؤون السينما وكوكبة متميزة من السينمائيين وصناع الفيلم.

وقالت عبدالدايم إن الفوز بالجائزة يعد إنجازاً تاريخيا باعتباره أول فيلم مصري يحصل عليها خاصة أنها المشاركة الأولى بهذه المسابقة، وتابعت أن الجائزة تعد خطوة جديدة على طريق استعادة الريادة المصرية في مجال السينما، وأشادت بالمستوى الفني المميز للفيلم وصناعة وحثتهم على بذل المزيد من الجهد لاستمرار التفوق، وأكدت الفخر بهذا الإنجاز موجهة تحية تقدير لمبدعي الفيلم ووعدتهم بتقديم كافة أشكال الدعم، ووجهت الشكر للسيناريست الباسوسي لجهوده الدؤوبة في تطوير المجال السينمائي، وللمخرج محمد حفظي والمنتجة شاهيناز العقاد لإيمانهم بقدرات الشباب من أبطال الفيلم.

كما أبدى صناع الفيلم سعادتهم البالغة بتكريم وزيرة الثقافة لهم واهتمامها بإثراء ودعم الحركة السينمائية المصرية.

وكان الحفل قد استهل بمشاهد مسجلة عن الفيلم وصناعه أثناء مشاركتهم بالمهرجان وحصولهم على الجائزة ثم كرمت وزيرة الثقافة فريق العمل بتسليمهم الدروع التذكارية وشهادات التقدير وهم المنتج محمد حفظي، المنتجة شاهيناز العقاد، المخرج عمر الزهيري، مديرالتصوير كمال سامي، مهندس الديكور عاصم على، المونتير هشام صقر، المنتج المنفذ محمد الراعي، مدير الإدارة الإنتاجية سامر صلاح، مصممة الملابس هبة حسني، مهندس الصوت أحمد عدنان، مدير الإنتاج هشام أبوزيد، مساعد المخرج أحمد عماد والممثلين دميانة نصار (عن دور الزوجة)، سامي بسيون (عن دور الزوج)، محمد عبدالهادي (عن دور صديق الزوج)، فادي مينا (عن دور الابن الأكبر)، أبوسفين نبيل (عن دور الابن الأصغر )، نعيم عبدالملك (عن دور الساحر)، محمد صدقي (عن دور مسؤول المصنع)، يوستينا سمير (مسؤولة ممثلين المنيا)، ناصر جلال (عن دور صديق الزوج)، عبدالله (عن دور مساعد الساحر)، سامية (عن دور صديقة الزوجة).

فيلم ريش سيناريو عمر الزهيرى بمشاركة أحمد عامر ويمزج بين الواقع والفانتازيا، حيث يتناول قصة أب يقرر إقامة عيد ميلاد ابنه الأكبر فيحضر ساحراً لتقديم بعض الفقرات المسلية للأطفال وفي إحدى الفقرات يدخل الأب في صندوق خشبي ليتحول إلى دجاجة، ومع محاولة الساحر إعادته مرة أخرى تفشل الخدعة ويبقى الأب في هيئة دجاجة وتحاول الام استعادة زوجها من خلال رحلة شاقة تجرب فيها كل الحلول.

 

المصري اليوم في

03.08.2021

 
 
 
 
 

السينما العربية في مهرجان «كان السينمائي الدولي».. تجارب بارزة لمواهب شابة

الثقافيّة – مهرجان كان السينمائي الدوليأحمد شوقي*

بحضور عربي متنوع في الأفلام ولجان التحكيم وسوق الأفلام، اختتمت فاعليات الدورة الرابعة والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي. وبالرغم من أن العنوان الأبرز قبل الانطلاق كان مشاركة الفيلم المغربي نبيل عيّوش «علّي صوتك»، والذي يمكن اعتباره – بعد المشاهدة وبكل المقاييس – عملًا هامشيًا في مسيرة مخرجه الموهوب، فإن الحدث الأبرز مع الختام كان بالتأكيد حصول فيلم المصري عمر الزهيري «ريش» على الجائزة الكبرى في مسابقة أسبوع النقاد، وحصوله أيضاً على جائزة «الرابطة العالمية لنقاد السينما».

الجائزة الرسمية، التي تأتي في العام التالي لحصول «ستاشر» لسامح علاء على «السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصيرة» في العام الماضي، تشير بالتأكيد إلى تغيير يحدث بهدوء في السينما المصرية، ببروز جيل من الشباب الموهوبين أصبحوا أكثر اطلاعاً على سينما العالم، تحرروا من نمطيات السرد الحاكمة للفيلم المصري، وقيود التمويل التي تحاصر خيال المبدع، فأتت النتائج في صورة أفلام مختلفة ومقدّرة.

أوروبا.. ورحلة الهجرة إلى الداخل

بعيدًا عن الجوائز والمنافسات، وعن فيلمي الزهيري وعيّوش، فإن مهرجان «كان» قدم لنا هذا العام عدة أفلام لمخرجين عرب تستحق الاهتمام، سنمرّ على ثلاثة منها في هذا المقال. وفي صدارتها «أوروبا» للمخرج الإيطالي العراقي حيدر رشيد، والذي عُرض في قسم «نصف شهر المخرجين».

هل هو مجرد فيلم آخر عن الهجرة غير الشرعية (أو غير الموثقة حسب المصطلحات الحقوقية)؟

الحكاية عن شاب يخوض رحلة التسلّل إلى أوروبا عبر الحدود التركية البلغارية، متعرضاً إلى ما في هذه الرحلة من أخطار ومخاوف. التلخيص المخل الذي يعطي انطباعاً بأنّه واحد من عشرات الأفلام التي تناولت القضية وقتلتها بحثاً، بل وأساءَت إليها أحياناً من فرط سذاجة التناول وسطحيته. لكن حقيقة الأمر أنّ تجربة فيلم «أوروبا» أهم وأعمق بكثير من كل ما سبقه. بصورة تجعله وفيلم آخر قبله هو «آخر واحد فينا» للتونسي علاء الدين سليم، العملان الأكثر اكتمالاً في تناول الجانب المجرّد لفكرة التسلل عبر الحدود: كونها رحلة في الداخل قبل أن تكون في الخارج.

صحيح أن البطل (آدم علي) يخوض متاعب الرحلة، من استغلال المهرّبين، ومطاردة المتعصبين «صائدو المهاجرين»، كما يطلقون على أنفسهم، وصولاً إلى الخطر الطبيعي المتمثل في أرض جديدة بجغرافيا مجهولة يتيه فيها كأنه الإنسان الأول في العالم.

إلاّ أنّ الجانب الأهم للرحلة هو اكتشاف الذات ومساءلة القدرات الجسدية والنفسية، وهي رحلةٌ يجعلنا حيدر رشيد نقطعها عبر سرد الفيلم كاملًا من وجهة نظر بطله، فنخوض معه رحلته ونجد أنفسنا في كل لحظة متماهين مع ما يخوضه، متسائلين حول قدرتنا على الصمود، تماماً كما يُسائل الفيلم قدرات البطل فلا يجيب أبداً بالنفي أو بالتأكيد.

تغدو رحلة التسلل إلى القارة العجوز مرادفاً لرحلة الإنسان على الأرض: ركضٌ ولهاثٌ ومحاولةُ نجاةٍ تلي الأخرى، مع لحظات راحة عابرة يعلم البطل – والإنسان – أنها لن تدوم. والحقيقة المؤلمة التي ندركها ضمناً أنّ بلوغ الهدف لا يعني أيّ ضمان للسعادة أو حتى النجاة، هي مجرد نهاية لمرحلة وبداية لرحلة جديدة من المعاناة.

مجنون فرح.. وآية النمطية المعكوسة

ثاني الأفلام المهمة هو ئ«مجنون فرح» للتونسية ليلى بوزيد، المخرجة التي لفتت الأنظار بفيلمها الأول «على حلّة عيني» قبل أن تعود ليختار «أسبوع النقاد» في «مهرجان كان» فيلمها الجديد ليكون فيلم ختام الأسبوع هذا العام.

الثقافة واللغة والجنس والبعد الطبقي هي محاور فيلم بوزيد الذي يروي حكاية حب غير مألوفة الشكل بين فتاة تونسية تنتقل إلى باريس من أجل الدراسة في جامعة السوربون، وزميلها، جزائري الأصول، ابن العاصمة الفرنسية المنحدر من طبقة اجتماعية أقل، فرضت عليه نوعاً معيناً من الثقافة المحافظة التي نشأ عليها داخل الحي ومع الأصدقاء.

يظهر ذكاء النص من الاختيارات التأسيسية المناقضة للصور النمطية، فالأنثى فرح الآتية من العالم العربي هي الأكثر تحرراً وانفتاحاً على الحب والحياة، بينما أحمد، الذكر، الباريسي هو الطرف الممزق بين جذور تشبّع بها مجتمعياً وواقع مناقض لها. يُضاف إلى ذلك بعدٌ إضافيٌّ ينطلق من مفارقة كون الطرف المتمسّك بالتقاليد يجهل اللغة المؤسسة لهذه الجذور، بينما من تجيد العربية هي الطرف الذي لا يُضفي عليها أي قداسة، بل على العكس تجد فرح فيها حساً إيروتيكياً يتجسد في الشعر الكلاسيكي الذي يدرسه كلاهما في الجامعة.

الفيلم كثيف بالأفكار، وعلى النقيض من «أوروبا» الذي يضع مشاهده في خضم رحلة حسيّة ويترك له التفاعل والتفسير، يهتم «مجنون فرح» بتوضيح مستويات تأويله وطرح أفكاره بشكل يلامس المباشرة. الأفكار في فيلم ليلى بوزيد محمولةٌ فوق قاطرة الدراما دون غطاء، كل تطورٍ في الحكاية يصاحبه سطرٌ يضاف إلى جدل الأفكار المطروحة؛ ليكون الفيلمان وجهي عملة الفن الجيد: بعضه صريح وبعضه يكتفي بالتلميح.

البحر أمامكم.. والمدينة المسمومة خلفكم

أما ثالث الأفلام التي تستحق الاهتمام فكان «البحر أمامكم»، الفيلم الطويل الأول للمخرج اللبناني إيلي داغر بعدما نال السعفة الذهبية للأفلام القصيرة عن فيلمه السابق «موج 98»، ورغم الفروق الشكلية بين العملين، فقد كام «موج 98 » فيلم تحريك قصير، فيما الفيلم الجديد روائي طويل، إلا أن الموضوع واحد في التجربتين: بيروت، المدينة التي صارت حملًا خانقًا لأهلها، تارة لتحلّله وصعوبة العيش فيه، وتارة لاستحالة التخلص من أسره وبدء حياة جديدة خارجه.

في الفيلم تعود جينى (منال عيسى في أداء مؤثر كعادتها) إلى بيروت بعد سنوات من الدراسة والعمل في باريس، تعود كما سافرت، بلا إنجاز أو طموح أو رؤية للمستقبل، فتعيد علاقتها مع حبيبها السابق الذي يعمل في وظيفة متواضعة في الصباح ويعيش حياة بوهيمية في المساء.

علاقة تبدأ الظهور فتمنح الحيوية لجينى، قبل أن نكتشف كونها الوجه الآخر لعلاقته المسمّمة بالمدينة: كلتاهما بها بعض الخصوصية واللحظات العذبة، لكنها علاقة مُعطلة تقيّد جينى وتمنعها من الانطلاق والتحقق. قيود لا سبيل للتحرر منها سوى بالتخلص من الطرف الآخر، بقتل المدينة والحبيب. لكن هل يمكن أن يكون هناك مستقبل بعد فعل القتل؟ يُترك الأمر متروكًا لتخيّلاتنا.

الأفلام الثلاثة ترسم في مجملها، خاصة لو أضفنا إليها خصوصية فيلم «ريش»، صورة مؤثرة لسينما عربية جديدة جادّة، يصنعها جيل قد يعاني من أزمات أحمد الثقافية والاجتماعية، ومن علاقة جينى المشوهة بالوطن، إلا أنه يخوض رحلته ويكتشف صوته على طريقته، حرًا قويًا مثل فرح، ومثل كمال، بطل «أوروبا» المهاجر المجهول سواء وصل غايته أو لم يصل.

* ناقدٌ سينمائي مصري ومنظّم مهرجانات وتظاهرات سينمائية

 

موقع "إيطاليا الثقافية" في

03.08.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004