·
الصوت الفلسطينى ظهر عالياً بسبب مقاطعة صناع فيلم «ليكن
صباحا» للمهرجان بعد تصنيف الفيلم كعمل «إسرائيلي»
مهرجان كان السينمائى الدولى الأعرق والأقدم الذى تم تأجيله
العام الماضى بسبب جائحة كورونا وكان ذلك بمثابة ضربة قوية لصناعة السينما
والفن فى العالم، يعود هذا العام قويا عفيا ليثبت أن صناعة السينما لا تزال
صامدة رغم ما تواجهه من تحديات بسبب التطورات الرقمية وظهور المنصات وتأثير
ذلك على شاشات العرض وأيضا جائحة كورونا التى ألقت بظلال وخيمة وخسائر
فادحة على صناعة تدر المليارات من الملايين حول العالم.
وتشهد الدورة الـ 74 التى تختم فعالياتها غدا السبت العديد
من الظواهر والعناوين الجاذبة حيث مر الأسبوع الأول دون تسجيل إصابات
بـ«كورونا» صفر إصابات بحسب ما أعلنت وسائل إعلام فرنسية.
ليس ذلك فقط بل نستطيع أن نقول انه ورغم تعدد نوعيات
وموضوعات الأفلام المشاركة سواء فى المسابقة الرسمية أو قسم نظرة ما أو
التظاهرة الشرفية التى أطلقها مدير المهرجان تيرى فريمو هذا العام ليعرض من
خلالها أفلام المخرجين المخضرمين أصحاب المشاركات المؤجلة منذ العام الماضي.
صوت فلسطين الحاضر بقوة
فى الأسبوع الأول من فعاليات المهرجان صوت فلسطين كان قويا
جدا بسبب الضجة التى أثارها صناع فيلم «ليكن صباحا» الذين أعلنوا مقاطعة
مهرجان كان السينمائى تماما على خلفية ما وصفوه بطمس للهوية الفلسطينية،
بعد تصنيف الفيلم
LET THERE BE MORNING
أو «ليكن صباحا» كعمل إسرائيلى بدلا من تمثيله لفلسطين رسميا ضمن عروض
المهرجان.
وأطلق المبدعون الفلسطينيون، بيانا بتوقيع أليكس بكري، جونا
سليمان، إلياس سلامة، سليم ضو، إيزابيل رمضان، سامر بشارات، يارا جرار،
مروان حمدان، دريد لداوي، عرين سابا، أديب صفدي، وصبحى حصري، شدد على دعمهم
لمخرج الفيلم عيران كوليرين.
وقال صناع العمل «نفخر بمشاركتنا فى الفيلم الجديد المستوحى
من رواية سيد قشوع التى تحمل العنوان ذاته «ليكن صباحاً»، إنه ثمرة تعاون
إبداعي، ويتناول حالة الحصار من حواجز عسكرية وعوائق مادية ونفسية التى
يعيشها الفلسطينيون».
تلك الأزمة التى فرضت نفسها على مهرجان كان السينمائى
تجعلنا نتساءل وبحق عن موقف صناع السينما من الفلسطينيين وعرب 48 الذين
اضطروا لحمل هويات إسرائيلية على غير إراداتهم وتعنت مهرجان كان ضدهم وكذلك
المهرجانات السينمائية العربية البتى ترفض مشاركاتهم أيضا دون إعادة النظر
فى موقفهم رغم أنهم يعيشون واقعا مفروضا عليهم.
المفارقة أن هناك فيلما إسرائيليا آخر يشارك فى المهرجان
بعنوان «ركبة عهد» للمخرج ناداف لبيد الذى تحضر فيه وبقوة المناضلة
والأيقونة الفلسطينية عهد التميمى التى تعرضت للإهانات من قبل قوات
الاحتلال الصهيونى وتم اعتقالها، المخرج الإسرائيلى لبيد صاحب الفيلم الذى
هاجر إلى فرنسا ينتقد وبقوة ما يدور فى المجتمع الإسرائيلى وما يتعرض له
الفلسطينيون.
وبحسب مجلة فارايتى السينمائية المتخصصة ووسائل إعلام
فرنسية فإن الفيلم يبدأ بمشاهد موثقة وتسجيلية للحظات القبض على عهد
التميمى ومحاكمتها قبل أن ينتقل إلى مشهد يتحدث فيه البطل مع عهد فى غرفة
استجواب ويرفع بناطلها عن ركبتها ثم يأتى بمطرقة حديدية يهوى بها على ركبة
الفتاة الشابة مؤذنا ببدء أحداث الفيلم وبحسب الكتابات النقدية فالفيلم يضع
المجتمع الإسرائيلى وجها لوجه أمام مرآة الضياع والعنف وكراهية الآخر
ومحاولة استئصاله، كما يركز شريط الصوت فى الفيلم على جملة قالها نائب فى
الكنيست الإسرائيلى عن حادثة صفع عهد للجنود الإسرائيليين وحكم القضاء
بسجنها ثمانية أشهر. يقول النائب: ثمانية أشهر فقط! كان عليهم أن يطلقوا
الرصاص على ركبتها لتصبح عاجزة طيلة حياتها!
وهى الجملة التى بنى عليها لبيد حبكة فيلمه وتسلسل أحداثه،
فعهد التميمى هى روح الفيلم.
المغرب نجم المشاركة العربية
تتنوع المشاركة العربية فى الدورة الـ 74 لمهرجان كان هذا
العام ما بين مشاركة فى المسابقة الرسمية وعضوية لجنة التحكيم أو فى أسبوع
النقاد يشارك المخرج المغربى المثير للجدل وصاحب “على زاوا وخيل الله
والزين للى فيك “نبيل عيوش بفيلمه «علّى صوتك» أو «إيقاعات كازابلانكا «
للمرة الأولى فى المسابقة الرسمية، وهناك أيضا
.
التونسية ليلى بوزيد بفيلمها «مجنون فرح»، والمصرى عمر
الزهيرى عن فيلمه «ريش» فى أسبوع النقاد. أحد الأقسام الموازية الرئيسية
لمهرجان كان، بعيده الستين هذا العام.
أما المخرجة التونسية كوثر بن هنية فهى عضو فى لجنة تحكيم
مسابقة قسم «سينيفونداسيون» الذى أنشأه المهرجان عام 1998 للأفلام القصيرة
والمخصص للمتخرجين من مدارس السينما. وكانت بن هنية قد شاركت فى السابق فى
قسم «نظرة ما» للاختيارات الرسمية، كما وصلت إلى نهائيات الدورة الأخيرة من
جوائز الأوسكار الماضية، ويشارك أيضا فى لجنة تحكيم المسابقة الرسمية النجم
الفرنسى صاحب الأصول الجزائرية طاهر رحيمي.
فيلم نبيل عيوش الذى يعرض فى الأسبوع الثانى من المهرجان
وتحديدا قبل الختام بيومين هو واحد من الأفلام المرتقبة خصوصا بعد الضجة
التى أثارها عيوش بفيلمه «الزين اللى فيك» وكان يتناول ظاهرة الدعارة فى
المغرب وهوجم عيوش بسببه بشكل كبير وتم منع الفيلم فى عدد من الدول العربية.
وعن فيلمه الجديد يقول عيوش فى حواره مع مجلة فارايتى «
فكرة الفيلم جاءت من تجربة شخصية خاضها، موضحا ما أنقذنى عندما نشأت فى
بلدة سارسيل الفرنسية، التى كانت مليئة بالعنف، كان هناك مركزًا ثقافيًا
حيث تعلمت الغناء والعزف على المسرح، وشاهدت أفلامى الأولى به، وربما كان
هذا هو السبب فى أننى أصبحت مخرجًا فيما بعد، لذلك قررت بطريقة ما أن أعيد
ما كنت أعطى لى عندما كنت صغيرا، حتى لو لم أقم بالتدريس فى (نجوم سيدى
مؤمن)، فقد ذهبت إلى هناك كثيرًا لقضاء بعض الوقت مع الشباب.
وتابع عيوش فى حواره «ذات يوم جاء مغنى راب سابق يدعى أنس
وأخبرنا أنه يريد إنشاء برنامج هيب هوب يسمى المدرسة الإيجابية للهيب هوب،
بعد عام من مراقبة طلابه، طلبت الجلوس معهم لسماع قصصهم، وأتعلم من أين
تأتى كلماتهم، وقررت أن أصنع فيلمًا عنهم».
دونوف ومارسو وشون بن
تشهد هذه الدورة تواجد ا لنجمات السينما الفرنسية اللاتى
تحولن لأيقونات على مستوى العالم ومنهم المخضرمة كاترين دونوف التى تشارك
النجم الأمريكى والمخرج شون بن فيلمه « يوم العلم «إضافة إلى ابنته ديلن،
وحسب مجلة فارايتى استمر تصفيق الجمهور من نقاد وصناع السينما لفيلم بن
لأربع دقائق متواصلة فى إشارة إلى أن هذا الفيلم أفضل من فيلم بن السابق
الذى شارك به فى المسابقة الرسمية 2016 وكان بعنوان «الوجه الأخير» وقوبل
بفتور من جانب الصحافة والنقاد.
وتدور أحداث الفيلم حول شخصية حقيقية لنصاب يدعى جون فوجل
وعلاقته بابنته التى ترغب فى أن تكون صحفية ورغم ردود الفعل الإيجابية على
الفيلم إلا أن بعض النقاد يرون أن عرض الفيلم فى العاشرة مساء وبعد يوم
مشاهدات حافل ظلم الفيلم وآثر على طريقة التعاطى معه.
أما النجمة الفرنسية صوفى مارسو فتعود إلى المسابقة الرسمية
للمهرجان بفيلم من إخراج الفرنسى المعروف فرانسوا أوزون بعنوان «كل شيء تم
على ما يرام» المشارك فى المسابقة الرسمية وتدور أحداثه من خلال دراما
اجتماعية عائلية لا تخلو من الكوميديا الساخرة. بل إن الفيلم يستخدم هذه
السخرية ليخفف من وقع موضوعه الصعب حول الموت الرحيم حيث يردد الأب الراغب
فى إنهاء حياته لمرضه الشديد بدلا من انتظار الموت «لا أريد باكيات من
حولي»، يقول الأب لابنتيه بعد أن يعلمهما برغبته فى الرحيل طواعية، الفيلم
مقتبس عن كتاب سيرة ذاتية لإيمانويل برنهايم.
وبحسب العديد من النقاد فإن الفيلم ينافس على السعفة
الذهبية بقوة كما أن الناقد اللبنانى هوفيك حبشيان يرى أن صوفى مارسو تقدم
واحدا من أهم أدوارها فى هذا الفيلم.
إلى من تذهب السعفة الذهبية؟
من بين الأفلام التى تتنافس وبقوة خلال الدورة الـ 74 على
نيل السعفة الذهبية بعضهم سبق له الحصول عليها فى دورات سابقة فهل سيقتنصها
واحدا من المخرجين أصحاب السمعة والصيت الفنيين أم ستختار لجنة التحكيم
تجربة جديدة ومنهم الإيطالى نانى موريتى عن فيلمه «ترى بياني» (الطوابق
الثلاثة) والفرنسى جاك أوديار عن فيلم «ليزوليمبياد» (الأوليمبياد)،
وأبيشاتبونج ويراسيتاكول عن فيلمه الأول الذى صوره خارج بلدته تايلاند
وباللغة الإنجليزية «ميموريا» (الذاكرة) مع تيلدا سوينتون وجان باليبار،
وينافس ايضا المعارض الروسى كيريل سيريبرينكوف عن فيلمه «بيتروفز فلو»،
والإيرانى أصغر فرهادى عن فيلم «بطل» الذى صور فى بلاده.
أم واحدة من النساء المشاركات فى المسابقة الرسمية ومن
بينهن ثلاث مخرجات فرنسيات هن ميا هانسن-لاف («بيرجمان آيلند») وجوليا
دوكورنو («تيتان») وكاترين كورسينى عن فيلم «يلخص السنتين اللتين مررنا
بهما للتو، عن الوباء والقضايا الاجتماعية.
ومن خلال القسم الجديد الذى استحدث هذا العام بعنوان «كان
برميير»، يشارك فيه مخرجون من أصحاب التجارب والخبرات الكبيرة ولم يتم
إدراج أفلامهم ضمن المسابقة الرسمية ومن هذه الأسماء المخرج الأمريكى صاحب
الرؤى السياسية المثيرة للجدل أوليفر ستون الذى يعود من خلال فيلم وثائقى
يتضمن وثائق غير منشورة عن اغتيال جون كينيدي، تلك القضية المؤرقة التى لم
تتكشف كل خيوطها حتى الآن وسبق أن قدم عنه كيندى فيلما روائيا بعنوان «جى
أف كيه1991» من بطولة كيفن كوستنر.
«يجب
أن تستمر الحياة».. تلك هى الجملة التى نخلص إليها عند متابعاتنا لفعاليات
الدورة الـ74 لمهرجان كان السينمائى الدولى (السادس من يوليو وحتى الـ17 من
الشهر ذاته)، والصور المتلاحقة التى نراها وردود الأفعال حول الأفلام
المشاركة للمخرجين المخضرمين والشباب والمواهب التى تنطلق ويتعرف إليها
العالم من خلال كان السينمائى (24 فيلما فى المسابقة الرسمية لأول مرة منذ
سنوات)، ومن كبار المخرجين العالميين المشاركين ويس أندرسون وأصغر فرهادى
وميا هانسن لوف الذين يتنافسون جميعهم على السعفة الذهبية إضافة إلى النجوم
الكبار سواء من هوليوود أو من مختلف دول العالم الذين أصروا على الحضور
والسير على السجادة الحمراء.
*****
أثبت المهرجان أن صناعة السينما لا تزال صامدة رغم تحديات
كورونا والمنصات الرقمية
تتنوع المشاركة العربية هذا العام ما بين المسابقة الرسمية
وعضوية لجنة التحكيم وأسبوع النقاد
يقام مهرجان كان سنويًا، إلا أن هناك 5 مرات فى تاريخه تم
إلغاء إقامة المهرجان عام 1939 بسبب الحرب العالمية الثانية، ثم عامى 1948
و1950 لأسباب مادية، وعام 1968 بسبب احتجاجات نشبت فى عموم فرنسا، وأخيرًا
عام 2020 بسبب جائحة كورونا.
تتكون جائزة السعفة الذهبية (الجائزة الرئيسية للمهرجان) من
فروع ذهبية عيار 18، ويبلغ عددها 19 فرعا، وتصل قيمتها إلى 20 ألف يورو وهى
من تصميم شوبارد.
يصل عدد الأفلام المنافسة فى مهرجان كان هذا العام إلى 24
فيلمًا، وسجل عام 1944 أعلى عدد أفلام مشاركة فى المهرجان إذ بلغ عددها 44
فيلمًا.
تبلغ ميزانية تنظيم فعاليات المهرجان 20 مليون يورو، وتتحمل
السلطات المحلية والوطنية نصف هذه التكلفة، بينما يتولى الممولين النصف
الآخر للميزانية.
يبلغ عدد المخرجين اللذين فازوا بجائزة السعفة الذهبية
مرتين، ثمانية مخرجين. |