مخرج فيلم افتتاح "كان": لا أصوّر الواقع ولا أصنع أفلاماً
سياسية
المخرج الفرنسي ليوس كراكس - REUTERS
بيروت
-رنا
نجار
عاد المخرج الفرنسي ليوس كاراكس إلى الساحة السينمائية من
جديد، بفيلمه الغنائي الكوميدي "آنيت
- Annette"،
وذلك بعد غياب دام لنحو 9 أعوام، إذ اختير فيلمه ليفتتح الدورة الـ74
لمهرجان كان السينمائي.
يحكي الفيلم قصة الممثل الكوميدي "هنري"، والمغنية العالمية
"آن"، فيما تُحدث ولادة طفلتهما، اهتزازاً في علاقتهما التي تتحول لقصة حب
مأساوية، حيث إن الفيلم يتناول حياة الليل والنجومية وصعودها وسقوطها، كما
يتطرق إلى تعنيف المرأة والتحرش، فضلاً عن أزمة صعوبة التوفيق بين الشهرة
وبناء أسرة.
"آنيت"
من بطولة الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار، والأميركي آدم درايفر، وسيمون
هيلبرغ، فيما تولت فرقة "سباركس" كتابة السيناريو والموسيقى الخاصة
بالمشروع.
فيلم غنائي
وكشف ليوس كاراكس، خلال مقابلة له مع صحيفة
"لوموند"
الفرنسية، كواليس مشروع فيلم "آنيت" الغنائي، قائلاً إنه قبل 8 أعوام قدّم
له الأخوان سباركس (مغنيا الروك والبوب الشهيرين) فيلماً غنائياً، وهو ما
كان يرغب دائماً في القيام به دون تفكير.
ويعرف كاراكس فريق "سباركس الأميركي" إذ استخدم بعض
مقطوعاته الموسيقية في فيلمه السابق "هولي موتورز" الذي قدّمه قبل 9 أعوام،
وبعد عرض الفيلم "اتصل بي الأخوان سباركس، وأرسلا لي نحو 15 أغنية شكلت
أساس القصة، كانت هناك بالفعل شخصيات: هنري ممثل الستاند آب كوميدي، ومغنية
الأوبرا آن، وطفلتهما آنيت".
وأكد أنه رفض هذا المشروع في بداية الأمر، مُبرراً ذلك
بقوله: "كانت ابنتي في التاسعة من عمرها في ذلك الوقت، وكان من الممكن أن
تزعجها بعض الأفكار في القصة، فقلت لنفسي: هل هذا هو الوقت المناسب لإنتاج
فيلم عن والد سيئ حقاً؟ لكننا تحدثنا عن ذلك كله معاً، فهمت أنها تفهم كل
شيء وأنه يمكننا القيام بذلك".
اختراع شخصيات
وشرح أن "الاجتماع بفريق سباركس كان معجزة، كنت أعرف
موسيقاهم منذ الطفولة وأحفظها عن ظهر قلب، لكن العمل معهم استغرق 7 سنوات،
فكان كل شيء طويلاً جداً، لقد غيّرت المنتجين 3 مرات، وكان المشروع في
البداية أميركياً، ثم أعدته إلى فرنسا".
وأوضح كاراكس: "لم أكن أعرف شيئاً عن الأوبرا، كنت أعرف
أكثر عن الستاند آب كوميدي، لكن ليس كثيراً، وكان علينا أن نخترع الشخصيات،
ونعرف بشكلٍ خاص كيف نصنع آنيت، هذه الطفلة التي تغني، لذلك استغرق العمل
وقتاً طويلاً".
وصرّح بأنه "قبل تخيّل دمية متحرّكة (ماريونيت)، لم يكن
لديّ أي فكرة عن كيفية صنع هذا الفيلم، فكنا نخشى هذه الظاهرة المسماة
(الوادي الخارق)، ما يعني أنه كلما حاولنا إعادة إنتاج الشكل البشري بشكل
مصطنع بدقة، كلما كانت الصورة التي نحصل عليها تؤلمنا، وبدافع الذوق أو
الاشمئزاز، لم أرغب في الروبوتات أو الصور ثلاثية الأبعاد، لكن في النهاية
أنقذنا الاجتماع مع اثنين من محرّكي الدمى الشباب".
بحث طويل
وحول اختياره الفنان الأميركي آدم درايفر، قال: "قبل 6
سنوات من التصوير رأيته فقط في مسلسل
(Girls)،
فقلت على الفور: هذا الرجل وهذا الجسم مصنوعان من أجلي، من أجل الكاميرا
الخاصة بي.. إذ إنه لم يكن معروفاً جيداً آنذاك ولم يظهر بعد في سلسلة (حرب
النجوم)".
وأفاد بأن "البحث عن الممثلة التي تلعب دور آن استغرق وقتاً
أطول، ففي البداية كنا نبحث عن ممثلة أميركية، وبالفعل رأيت الكثير منهن،
لكنني لم أتمكن من العثور عليها، ثم بحثت عن المطربات، ولكن دون جدوى،
عندها شعرت وكأنني لعنة".
وتابع: "قابلت بعدها ماريون كوتيار، وكان من المفترض أن
نطلق النار احتفالاً لكنها كانت حاملاً، وهذا عندما غيرت المنتجين، لذلك
تأخر الفيلم مرة أخرى، ولحُسن الحظ تمكنا من فعل ذلك مع ماريون كوتيار".
باريس - لوس أنجلوس
وأرجع قراره بتصوير فيلم "آنيت" في لوس أنجلوس، ومناطق
مشابهة لها في بلجيكا وألمانيا، على غير عادته التي تكمن في تصويره أعماله
بشوارع باريس، إلى عدم توافر موارد مالية كافية، قائلاً: "صنعنا لوس أنجلوس
في بلجيكا وألمانيا.. فمن بين 16 أسبوعاً من التصوير، تم تصوير أسبوع واحد
فقط في لوس أنجلوس، حيث نفّذنا المشهد الافتتاحي وآخر في الغابة، وركوب
الدراجات النارية لهنري".
وأشار إلى أنّ موضوع العنف ضد المرأة كان يُثير اهتمامه
ويقرأ كتاباً بعنوان "بييرو قاتل زوجته" لبول مارغريت صادر في 1882، وهو
يدور حول الإيماء (البانتوميم) في القرن 19، لافتاً إلى أن موضوع موت
المرأة، بسبب المرض أو الانتحار أو القتل، موجود بقوة أيضاً في عالم
الأوبرا.
بعيداً عن الواقع والسياسة
وعن أسباب تصوير فيلم "آنيت" كمعظم أفلامه في الظلام، قال:
"لا أصور الواقع كثيراً.. في الليل أو في الاستوديو نُضيء ما نريد.. الليل
هناك فرصة لنبدأ من الصفر".
وقال: "أنا لا أصنع أفلاماً سياسية بشكل علني، لكنني ما زلت
أعتقد أن السينما موجودة لتُغيرنا وتُغير زوايا رؤيتنا، حتى لو بقيت مجردة
وغير مرئية للعين المجردة".
وأفاد: "لو كنت أكثر تنظيماً وإنساناً اجتماعياً، لكنت رغبت
في القيام بأشياء أخرى في الحياة الواقعية، مثلاً إنشاء مدرسة ابتدائية في
الهواء الطلق، وإتاحة الكاميرات وأجهزة المونتاج والآلات الموسيقية لجميع
الأطفال"، مُشدداً على ضرورة حصول الأطفال على حصة مدرسية بشكلٍ أسبوعي
لتعليم الشجاعة بكل أنواعها. |