ملفات خاصة

 
 
 

مخرجات وممثلات يحتفلن بعام ذهبي غيرن فيه عالم هوليوود الذكوري

حسام عاصي/ لوس أنجليس – «القدس العربي»:

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

بداية عام 2020 كانت النساء في هوليوود يستعدن لعام ذهبي، فلأول مرة كانت ستطلق الاستوديوهات الضخمة خمسة أفلام من أصل عشرة في دور العرض، جميعها من إخراج نساء، وهي فيلم باري جينكينز «المرأة المدهشة» 1984 وفيلم كيت شورتلاند «الأرملة السوداء» وفيلم كلوي تشاو «الأبديون» وفيلم نيكي كارو «مولان» وفيلم كافي يان «بيردس أوف بري» الذي انطلق في دور العرض العالمية في شهر فبراير/شباط.
لكن اندلاع جائحة كوفيد تسعة عشر في شهر مارس/آذار أسفر عن تأجيل إطلاق الأفلام الأربعة الأخرى، أولها كان مولان، الذي ألغي إطلاقه في شهر مارس/آذار وتأجل عدة مرات إلى أن أطلقته «ديزني» على منصتها الإلكترونية نهاية الصيف الماضي.

ذلك أيضاً كان مصير «المرأة المدهشة» الذي أطلقته شركة «وورنرز» على منصتها الالكترونية تزامناً مع إطلاقه في دور العرض العالمية، ما أسفر عن هبوط حاد في دخله في شباك التذاكر.

أما «الأبديون» و«الأرملة السوداء» فيتوقع أن يتم إطلاقهما في دور العرض لاحقاً هذا العام.

من المفارقات أن جائحة أخرى وهي الإنفلونزا الإسبانية، كانت مسؤولة عن تقليص نسبة النساء العاملات في صناعة الأفلام بداية عشرينيات القرن الماضي، وإنهاء سينما النساء آنذاك، وذلك لأن جميع الاستوديوهات المستقلة، التي كانت تملكها النساء أو تعمل فيها، أفلست بسبب الجائحة ولم تبق إلا الأستوديوهات الضخمة، التي كان يهيمن عليها الرجال وتركز على الأرباح. وبما أن أفلام النساء لم تكن تعتبر مربحة تجارياً، وكانت القضايا التي تطرحها كالاجهاض والحريات الجنسية محرمة، انخفضت نسبة كاتبات السيناريوهات من إثنين وعشرين في المئة إلى ما يقارب الصفر. وما زالت حتى يومنا هذا لا تتعدى الخمسة عشرة في المئة، رغم الإنجازات الأخيرة التي حققتها النساء بعد اندلاع حركة «أنا أيضاً» عام 2017.

لكن هذه المرة، استغلت النساء الجائحة لصالحها. فلأول مرة تصل نسبة أفلام المخرجات النساء «إلى ستة عشرة في المئة، ولأول مرة ترشح مخرجتان لأوسكار أفضل إخراج وهما الصينية كولي تشاو والبريطانية ايميريل فانيل، وتفوز ثلاث نساء بجوائز: تشاو عن إخراج وإنتاج فيلم «نومادلان» ودانا ماري عن إنتاج فيلم الرسوم المتحركة «سول» وايميرالد فينيل عن كتابة سيناريو «امرأة شابة واعدة».

قضايا نسائية من منظور نسائي

غالبية أفلام النساء، التي طرحت عام 2020 عالجت قضايا نسائية من منظور نسائي كالاغتصاب في «امرأة شابة واعدة» والتحرش الجنسي في «المساعدة،» والحمل في فيلم «دائماً في بعض الأوقات، وليس أبداً قط» والاجهاض في «أجزاء امرأة» والسحاقيات في «أمونيت» لكن بعضها سلط الضوء على قضايا إنسانية وبيئية واجتماعية، مثلما فعلت النجمة الهوليوودية روبين رايت في فيلمها «لاند» الذي يحكي قصة إمراة تترك بيتها في المدينة بعد تعرضها لمأساة، وتعزل نفسها عن البشر في الغابات، حيث تقطن في مقطورة. وسرعان ما تواجه قسوة الطبيعة وتحديات الوحدة فتشرف على الموت إلى أن ينجدها صياد محلي، وتربطهما علاقة صداقة.

وفي حديث معها أكدت لي أن غايتها كانت سبر قدرة البشر على الصمود وحاجتهم لبعضهم البعض من أجل البقاء على قيد الحياة. «هي اعتقدت أنها تعرف كيف تبقى على قيد الحياة في بيئة لا تعرفها من خلال قراءة الكتب وحسب. فهذا تحذير لمن يملك رؤية معينة ويظن أن في إمكانه فعل أمر ما، لكنك لا تريد أن تعبث مع الطبيعة بتلك الطريقة، عليك أن تعرف كيف تقوم بالأمر بشكل صحيح. وهذا هو الهدف لدخول شخصية الصياد، الذي يعلمها كيف تحترم الطبيعة وكيف تتعامل معها». «لاند» هو أول فيلم تخرجه رايت. وقد بدأت الإخراج في التلفزيون، حيث أخرجت ثماني حلقات من مسلسل نتفليكس «هاوس أوف كاردس» عام 2016. «وضع النساء تغير كثيراً» تقول رايت. «ما أقوم به اليوم كان مستحيلاً في الماضي القريب. وذلك كان أمراً غير مقبول. كان بإمكان أي رجل، كان تايلاندياً أو عربياً، أن يطرح وجهة نظره عن العالم، لكن حرمت المرأة من طرح وجهة نظرها. وهذا يقدم صورة غير صادقة عن عالمنا. لكن أصبح سهلاً للنساء صنع أفلامهن وذلك بفضل الأصوات الضخمة التي ضغطت على هوليوود وصناعة الأفلام».

أفلام الجريمة

مخرجات أخريات اخترن طرح شخصيات نسائية في أدوار كانت محصورة بالشخصيات الذكورية وذلك في أنواع أفلام تكون عادة ذكورية مثل أفلام الجريمة. أحدها فيلم جوليا هارت «أنا امرأتك» الذي تدور أحداثه في السبعينيات ويحكي قصة ربة بيت تدعى جين تضطر الى الهرب من بيتها مع رضيعها عندما تصبح هدفاً لعصابات الإجرام بعد تورط زوجها رجل العصابات بقتل زعيم عصابته، وتجد ملاذاً في بيت زميل زوجها وزوجته، إلى أن يُكتشف مخبؤها، فتتدرب على استخدام السلاح وتخوض معركة ضارية مع رجال العصابات لكي تنقذ نفسها وزوجها. «استلهمت هذه الفيلم من أفلام الجريمة في سبعينيات القرن الماضي، مثل «العراب» و«الرابط الفرنسي» و«الهروب» و«السارق».

تقول هارت عندما تحدثت معها عبر خدمة «زووم». «لكن أردت أن أقدم نساء تلك الأفلام، مثل الزوجات والحبيبات وغيرها من الشخصيات المخفية، الى الأمام وأجعلها الشخصيات الرئيسية لكي أعكس تغير الواقع الاجتماعي منذ السبعينيات.»

طرحت هارت الشخصيات النسائية في هذه الأدوار الرجولية دون التخلي عن أنوثتها، من خلال وضع رضيع في صلب الفيلم ما يعزز من تماهي المشاهد مع الأم، ويجعله يقلق على الرضيع مثلها. «النساء لها مسؤوليات لا يهتم بها الرجال. فجين تخوض معركة ضد المجرمين دون التخلي عن وظيفتها كامرأة وهي رعاية طفلها» تضيف هارت. فعلاً، فبينما تركز أفلام الجريمة الرجولية على الحركة والدموية، تسلط هارت على إنسانية شخصيتها. أنا كامرأة لا يهمني مطاردة السيارات، وإطلاق النار العشوائي في الحانات الليلية، بل يهمني أمن وسلامة شخصيتي وشعورها تجاه العنف حولها. فالمرأة هنا تحاول أن تتفادى العنف ولا ترغبه. وهمها الوحيد هو البقاء على قيد الحياة وحماية عائلتها وليس ممارسة العنف.»

لكن فيلم الجرائم الساخر «أهتم كثيراً» يطرح امرأة فاسدة لا تخشى استخدام العنف لتحقيق غايتها. في الفيلم، تؤدي البريطانية روزاموند بايك دور وصية رعاية فاسدة كدست ثروة ضخمة من خلال سرقة ممتلكات ضحاياها المسنين، تتورط مع رجل عصابات خطير عندما تسرق ممتلكات أمه. لكنها لا تستسلم وتحاربه بشراسة.
وفي حديث مع بايك، قالت لي «نحن في حاجة لطرح نساء شريرات في الأفلام، لأننا سئمنا من مشاهدة النساء في أدوار بائعات هوى وحبيبات خاضعات للرجال. الغاية هي تغيير النظرة بأن النساء ضعيفات ولا يمكنهن تحقيق أي شيء أو الدفاع عن أنفسهن دون مؤازرة الرجال». رغم التطور الهائل الذي حققته النساء خلال الأعوام الأخيرة عقب اندلاع حركة «أنا أيضاً» إلا أن الطريق لتحقيق المساواة مع الرجال في عالم الأفلام ما زالت طويلة، فرغم أن النساء تمثلن نصف تعداد العالم، كانت نسبة الأفلام الذكورية العام الماضي ثمانين في المئة، وهو ما قد يعني أن الأفلام لا تعكس الواقع، الذي ينبغي أن تكون مرآته.

 

القدس العربي اللندنية في

18.05.2021

 
 
 
 
 

تنوّع "غولدن غلوب"... إصلاحات متأخرة على حساب الفن

لوس أنجليس/ العربي الجديد

أقرت المنظمة القائمة على توزيع جوائز "غولدن غلوب"، يوم الخميس، سلسلة إصلاحات لتحسين تمثيل الفئات المختلفة في صفوفها، في مسعى لتطويق الجدل بشأنها، بعد سيل الانتقادات في هوليوود على خلفية نقص التنوع في أعضائها.

تتألف "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود" (إتش إف بي إيه) من نحو تسعين صحافياً يشكّلون لجنة تحكيم جوائز الـ"غولدن غلوب"، وهي أبرز المكافآت السينمائية في الولايات المتحدة بعد الـ"أوسكار".

وتثير المنظمة جدلاً كبيراً منذ كشفت صحيفة "لوس أنجليس تايمز"، في شباط/ فبراير الفائت، أنها لا تضم في بين أعضائها الـ86 أي شخص من أصحاب البشرة السوداء.

تقرير الصحيفة الأميركية سلّط الضوء أيضاً على "ثقافة الفساد" السائدة بين "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود"، وهي ثقافة شهدت قيام شركات الترفيه بمنح الأعضاء إقامات في الفنادق ووجبات عشاء ورحلات، لكسب التأييد للأفلام التي كانوا يأملون في حصولها على ترشيحات. وأفاد التقرير بأن أعضاء في الرابطة سافروا إلى العاصمة الفرنسية باريس، على نفقة "نتفليكس"، لدعم مسلسلها "إميلي في باريسالذي نال ترشيحين خلال العام الحالي.

وإثر الكشف عن هذه المعلومة، توجهت مجموعة من نحو مائة مهني في قطاع الترفيه رسمياً برسالة إلى الرابطة، تضمنت انتقادات صريحة لـ"سلوكياتها التمييزية والنقص في المهنية والانتهاكات الأخلاقية واتهامات بالفساد المالي"، وهي اتهامات سبق أن وجهتها حركة "تايمز آب" المناهضة للتحرش الجنسي.

وأقر أعضاء الرابطة، يوم الخميس الماضي، بالأكثرية سلسلة تدابير ترمي إلى معالجة الوضع، بينها زيادة عدد أعضائها بنسبة 50 في المائة في الأشهر الثماني عشرة المقبلة، خصوصاً من أجل ضمّ صحافيين سود، إضافة إلى إصلاح النظام الغامض والمتشدد المعتمد لقبول الأعضاء الجدد.

وقال رئيس الرابطة علي سار في بيان إن "التصويت بأكثرية كبيرة لإصلاح الرابطة يجدد اليوم تأكيد تصميمنا على التغيير". وأضاف "لأننا نفهم الحاجة الماسة للشفافية وأهميتها، سنبقي أعضاءنا باستمرار على اطلاع بالتقدم الذي نحرزه لجعل منظمتنا شاملة ومتنوعة أكثر". وأوضح "نفهم أن العمل الصعب بدأ للتو. سنبقى مصممين على أن نصبح منظمة أفضل ونموذجاً للتنوع والشفافية والمسؤولية".

وكشف عضو في الرابطة لوكالة "فرانس برس"، طالباً عدم ذكر اسمه، أن "قلّة من الأعضاء صوتوا ضد الإصلاحات أو امتنعوا عن التصويت، والأكثرية أيدتها". وقال "أنا مرتاح للغاية. علينا التغيير، ويجب أن نحسّن أنفسنا إذا ما أردنا الاستمرار".

لا تزال جوائز "غولدن غلوب" تحظى بأهمية كبيرة رغم تراجع المتابعة لها من الجمهور في السنوات الأخيرة. وبدأت مراجعة ذاتية بشأن المستقبل، بعد تهديدات بالمقاطعة نشأت إثر الجدل الأخير. وسُحبت عضوية الرئيس السابق للرابطة فيليب بيرك الشهر الماضي، بعدما وصف حركة "حياة السود مهمة"، في رسالة إلكترونية، بأنها "حركة كراهية"، كما أن اثنين من المستشارين اللذين استعانت بهم "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود" لمعالجة مشكلات نقص التنوع استقالا، بسبب عدم إحراز أي تقدم على هذا الصعيد.

أكثرية الأعضاء في الرابطة هم مراسلون يعملون بصورة منتظمة لحساب وسائل إعلامية معروفة ومحترمة في بلادهم، مثل "لو فيغارو" الفرنسية و"إل باييس" الإسبانية. غير أن سمعة هذه اللجنة غير العادية تضررت في الماضي، لضمّها أعضاء لقي وجودهم فيها انتقادات، مثل لاعب كمال أجسام روسي أدى في أفلام من الدرجة الثانية.

كما أن الرابطة واجهت انتقادات متكررة طاولت النقص في الاهتمام المولى للممثلين السود أو المتحدرين من الأقليات الذين غالباً ما يُغيّبون عن سجل الفائزين بالجوائز. وفي خطوات اعتبرت جزءاً من تعويض النقص في التنوع، أصبحت المخرجة الأميركية من أصل صيني، كلوي تشاو، ثاني امرأة في تاريخ الـ"غولدن غلوب" تحصل على جائزة أفضل مخرج، بعد باربرا سترايسند عام 1984، وأول امرأة من أصول آسيوية، عن فيلمها "نومادلاند".

وفي حفل توزيع جوائز "غولدن غلوب" الافتراضي الذي أقيم في مارس/ آذار الماضي، شكّلت الأميركية السوداء أندرا داي المفاجأة، بحصولها على جائزة أفضل ممثلة في فيلم درامي عن دورها في "ذي يونايتد ستايتس فرسس بيلي هوليداي". وهي ثاني امرأة غير بيضاء تحصل على هذه الجائزة، بعد ووبي غولدبرغ قبل 35 عاماً.

وفاز عدد من الممثلين السود الآخرين بجوائز، بينهم الأميركي تشادويك بوزمان الذي توفي في أغسطس/ آب الفائت، جرّاء إصابته بالسرطان، إذ مُنح جائزة أفضل ممثل في فيلم درامي عن أدائه في فيلم "ما رينيز بلاك باتم"، آخر عمل له قبل رحيله. وفاز أسود آخر هو البريطاني دانيال كالويا بجائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن دوره في "جوداس أند ذا بلاك ميساياحيث أدى دور فريد هامبتون، زعيم الحركة الثورية السوداء الذي قتل في ديسمبر/ كانون الأول عام 1969، في عملية دهم نفذتها الشرطة.

وقال مسؤولو الرابطة على مسرح الاحتفال حينها "نحن ندرك أن علينا العمل على ذلك (التنوع)، كما هي الحال مع الأفلام والتلفزيون، فتمثيل السود أمر مهم جداً".

لكن حين لا تتمتع منظمة الجوائز بالمصداقية في ما يخص نزاهة عملية التصويت الخاصة بها وفهمها للتنوع الحقيقي والشمول، يُثار الشك حول ما إذا كان الفائزون قد اختيروا فعلاً على أساس مزاياهم الخاصة أو لكف الانتقادات والرسائل الغاضبة، لتصبح تكريمات "غولدن غلوب" أشبه بجوائز ترضية، لا جوائز تحتفي بقيمة عمل سينمائي أو تلفزيوني محدد.

 

العربي الجديد اللندنية في

10.05.2021

 
 
 
 
 

مقاطعة "غولدن غلوب" تتصاعد: توم كروز يعيد جوائزه

لوس أنجليس/ العربي الجديد

ألغت شبكة "أن بي سي" التلفزيونية الأميركية بث حفل جوائز "غولدن غلوبلعام 2022، بعد شكاوى عن سقطات أخلاقية والافتقار إلى التنوّع ضمن المجموعة التي تقدم الجوائز السنوية للأعمال السينمائية والتلفزيونية.

وانضم توم كروز إلى تحرك قادته منصات البث الرقمي واستوديوهات الإنتاج، وأعاد جوائز "غولدن غلوبالثلاث التي فاز بها عن أدواره في "جيري ماغواير" و"ماغنوليا" و"بورن أون ذا فورث أوف جولاي"، وفقاً لما ذكرته مجلتا "فرايتي" و"ديدلاين".

جاء قرار "أن بي سي" بعد أن وافقت "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية"، وهي الجهة التي توزع جوائز "غولدن غلوب"، على ضم مزيد من الأعضاء السود وإجراء تغييرات أخرى خلال الثمانية عشر شهراً المقبلة. ورحّبت الشبكة التلفزيونية بداية بالخطة، لكنها قالت لاحقاً إنها ستنتظر لترى ما إذا كانت الإصلاحات فعالة.

كما أعلنت شركات "نتفليكس" و"أمازون" و"وارنر ميديا" عن مقاطعة "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية".

واجه أعضاء "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية" اتهامات أيضاً بالإدلاء بتعليقات عنصرية ومتحيزة ضد المرأة، وكذلك التماس مزايا وخدمات من مشاهير واستوديوهات.

قالت "أن بي سي" في بيان "تغيير بهذا الحجم الهائل يتطلب وقتاً وجهداً، ولدينا شعور قوي بأن رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية تحتاج وقتاً لكي تتمكن من فعل ذلك بصورة صحيحة. وعليه، فإن شبكة (أن بي سي) لن تبث حفل (غولدن غلوب) لعام 2022". وأضاف البيان: "نأمل أن نتمكّن من بث الحفل في يناير 2023، بافتراض نجاح الرابطة في تنفيذ خطتها".

وبعد إعلان "أن بي سي"، قالت "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية" إن إحداث "تغيير جذري" يظل أولوية ملحّة "بغض النظر عن موعد بث حفل (غولدن غلوب) المقبل".

وانضمت سكارليت جوهانسون إلى نجوم هوليوود الذين دانوا ممارسات "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية"، قائلة إن أعضاءها وجهوا لها تعليقات "تكاد تكون تحرشاً جنسياً". جوهانسون التي رشحت 5 مرات لنيل جائزة "غولدن غلوب" قالت في بيان: "ما لم يكن هناك إصلاح جوهري ضروري داخل الرابطة، أعتقد أن الوقت قد حان للتراجع عنها والتركيز على أهمية وقوة الوحدة داخل نقاباتنا والصناعة ككل".

وكان الممثل مارك روفالو انتقد علناً "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية"، قائلاً إنه "لا يمكن أن يكون فخوراً أو سعيداً" كونه أحد الفائزين بجوائزها. وشدّد "حان الوقت للمضي قدماً وتصحيح أخطاء الماضي".

أصبح حفل "غولدن غلوب" السنوي الذي يحضره نجوم ومسؤولون كبار في قطاع الترفيه، أحد أكبر عروض الجوائز في هوليوود. لكنه يخضع لتدقيق شديد، بعد تحقيق نشرته صحيفة "لوس أنجليس تايمز"، في فبراير/ شباط، أظهر أن الرابطة البالغ عدد أعضائها 87 صحافياً تخلو من أي أعضاء سود.

 

العربي الجديد اللندنية في

11.05.2021

 
 
 
 
 

الفيلم الأمريكي «نومادلاند»: دراما من أجل البقاء

رحمن خضير عباس

من يصدّق وجود البدو الرُحّل في أمريكا؟ هذا ما كشفته الكاتبة الأمريكية جيسيكا برودور في كتابها «نومادلاند» أو البدو الرحل الذي نشرته عام 2017، والذي تناول تداعيات أزمة الرهن العقاري عام 2008، تلك الأزمة التي أدّت إلى فقدان الكثير من الأمريكيين أعمالهم وبيوتهم، وأصبحوا تحت خط الفقر، بعد أن تحوّلوا إلى بدو رحل، ينتقلون في سياراتهم للبحث عن عمل موّقت أو موسمي، لسد حاجات لقمة العيش، وجلّ هؤلاء، حسب الكاتبة برودور، من شريحة كبار السن، الذين وجدوا أنفسهم فريسة الإملاق في أغنى بلدان العالم.
المخرجة الأمريكية من أصل صيني كلويه تشاو، المشهورة بالافلام الهجينة، وهي مزيج من الأفلام الوثائقية الممزوجة بالأدب الروائي، أُعجبت بفكرة الكتاب، الذي كان بمثابة دراسة ميدانية لهذه الشرائح، من خلال تنظيم العديد من المقابلات والحوارات معهم، أجرتها الكاتبة جيسيكا على مدى سنوات، لذا فقد كان هذا الموضوع هدفا للمخرجة كلويه تشاو، لتنفيذه سينمائيا، لكنها لم تلتزم من فصول الكتاب إلا بما يتناغم والمسار السينمائي.

وفي محاولة منها لتلمس مساحة من الواقعية، فقد طرحت على بعض هؤلاء البدو فكرة تمثيل حياتهم، وتجسيد سلوكهم اليومي، بتلقائية في التشرد والعمل والتنقل، ورغم وجود الكاميرا وتوزيع الأدوار، وإعادة المشاهد والصور والحوارات، لكنّ هذا لم يؤثر في أجواء العمل، بل بالعكس كان البدو أقرب لتجسيد شخصياتهم من الممثلين المُحترفين، بل وصل الفيلم أعلى تقنياته من خلال حرارة الحوار وصدقه، ومن خلال العلاقات الحميمة بين الممثلين (البدو) أنفسهم.

كان اختيار الممثلة فرانسيس مكدورماند، قد منح الفيلم زخما من القوة، لما تتميز به من قدرات ومواهب، فهي ممثلة سينمائية ومسرحية وتعبيرية، وقد حصلت على العديد من الجوائز ومنها جائزة الأوسكار عام 2018 عن دورها في فيلم (ثلاث لوحات خارج أيبينغ) لذلك فقد تألق الفيلم معتمدا على ثقله الاحترافي وعمقه التلقائي. وكما توقع النقاد فقد فاز هذا الفيلم بثلاث جوائز ثمينة في التصوير والموسيقى والتمثيل.

يتناول فيلم «نومادلاند» حياة امرأة أمريكية في الستينيات من عمرها تدعى فيرن، فقدت وظيفتها إثر الأزمة المالية العالمية، التي انفجرت عام 2008، والتي اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ الكساد الكبير. كما فقدت بيتها أيضا، ولذلك فقد أصبحت سيارة الڤان القديمة منزلها ووسيلة عيشها وتنقلها. وفي خضم بحثها عن العمل الموسمي، تلتقي بالكثير من الناس الذين فقدوا بيوتهم وعملهم، وظلوا يعيشون من أجل البقاء، ونستطيع أن نتلمس من خلال الفيلم روح التعاون والوشائج الاجتماعية التلقائية، بين هؤلاء الذين استطاعوا أن يتحرروا من العزلة الاجتماعية الصارمة التي يفرضها أسلوب الحياة في الغرب، والقائم على الفردية في السلوك والملكية، هؤلاء الناس أسسوا حياتهم اليومية تحت شعار(ألقاك في الطريق).

الذي جعل العلاقات الاجتماعية تتدفق، فلا تجد فردا يعيش محاطا بهمومه ومشاغله، بل مجموعة تتبادل الخبرات المختلفة، والهموم المشتركة، وتتعاون بشكلٍ وثيق لمواجهة العثرات والصعوبات وحتى الإحباطات النفسية، من خلال فيرن (فرانسيس مكدورماند) وتحوّلها إلى بدوية مترحلة، نكتشف بشاعة الشركات الرأسمالية العملاقة التي تحوّلت إلى ثقوب سوداء لالتهام ما يحيط بها من بشر، لا يمتلكون سوى جهد عملهم. لكنّ هذه المرأة لم تستسلم إلى اليأس، لأنها وجدت في بؤرة هذا الرحيل والتنقّل حالة من الاستقرار النفسي، انعكس على سلوكها فقد كانت فيرن مضطربة وعنيدة ومستقلة، لكنّها انصهرت مع هؤلاء المجاميع من البشر، الذين فقدوا رصيدهم المالي، واستبدلوه بثروة من العلاقات الإنسانية التي تؤمن بالمصير المُشترَك، لذلك فقد كانت سعيدة معهم، وكأنهم كيانٌ عائلي موّحَد.

لقد أظهر الفيلم طبيعة الحياة الحادة والقاسية لهؤلاء، من خلال اللقطات لفيرن وهي تتغوط في البراري، أو تتقي برودة الشتاء في داخل سيارتها، وهي تتدثر ببعض الأسمال، ومن خلال غضبها حينما انكسر أحد صحونها، ولجأت إلى لصقه بواسطة الصمغ.

لكن من الناحية الأخرى فقد أظهر الفيلم جمال الطبيعة التي أصبحت بيتا للبدو الرحل، حيث الليالي التي تشع بالغناء والرقص، وحيث أشعة الشمس التي تتغلغل بين البحيرات وتتسلق الجبال التي تغرق في فيض من الضوء، لقد قدّم أجمل اللوحات الفنية للطبيعة، لذلك فقد حاز الأوسكار عن جدارة في التصوير، فقد كان الفيلم قصيدة بصرية تزهو بالأخيلة من خلال اللقطات الشاعرية للطبيعة. ورغم أن «نومادلاند» لم يتناول أمراض العالم الرأسمالي وتناقضاته بشكل مباشر، لكن مشاهدته تكفي للشعور بالاشمئزاز من التناقضات التي تعصف بهذا المجتمع، والتي تجعل كبار السن لا يتوفرون على الوسائل التي تقيهم ذل الفاقة، وهم في أواخر العمر، مع أنهم كرّسوا كل حياتهم الماضية في العمل. لكنّ المنطق الاقتصادي يعتبرهم فائضين عن الحاجة، ويتركهم لمصيرهم في البحث عن الأعمال الموسمية مثل، قطف الفواكه أو تنظيف المخيمات أو المطاعم، هذه الأعمال التي تُشبه السخرة، فهي توفر لقمة اليوم دون أي ضمان صحي أو تأمين حياتي. لقد غيّر هذا الفيلم منطق الإنتاج السينمائي الذي كان يعتمد على قواعد معينة، كي يصل إلى إحراز أرفع الجوائز العالمية كالأوسكار؛ ومنها الاستوديوهات العملاقة التي تتطلب التكاليف المالية الباهظة، واختيار النجوم السينمائية الشهيرة. لكنّ «نومادلاند» اعتمد على معطيات شحيحة في تكلفتها، لكنها ثرية في عطائها، وقد عمدت المخرجة كلويه إلى تدريب البدو الرحل لتمثيل أنفسهم، باستثناء دورين لممثلين محترفين، فإضافة إلى مكدورماند هناك الممثل الذي قام بدور ثانوي، كما أنها استخدمت الطبيعة البكر، لتنتزع منها أجمل اللوحات الفنية، التي جعلته يتبوأ هذه المكانة التي يستحقها.

كاتب عراقي

 

القدس العربي اللندنية في

11.05.2021

 
 
 
 
 

جائزة للخسارة

أنس أزرق

للخسارة مذاق مرير وغصة يرافقها تشوش في الأفكار وتقلب في المزاج. وأنا من الذين يكرهون الخسارة، ولو في لعبة الشدة! أصابني هذا الشعور بعد حفل توزيع جوائز الأوسكار، وعدم فوز فيلم "الرجل الذي باع ظهره" عن فئة الأفلام الناطقة بلغة أجنبية، وأيضاً عدم فوز فيلم "الهدية" عن فئة الأفلام القصيرة، وهما الفيلمان العربيان الواصلان إلى القائمة القصيرة.

ما خفف عني هو وصولهما إلى هذه القائمة، وهما يحملان قضيتين؛ السورية والفلسطينية. إنها خسارة مطعمة بالفوز. وعلى مذهب العجائز في بلادنا: "ليسَ"؛ أي تجاوز ذلك الأمر إلى غيره، أو ما علينا. المفارقة في نتائج جوائز الأوسكار لهذا العام هي خسارة الأفلام التي تستلهم قضايا الأميركيين ذوي البشرة السوداء، وتاريخ نضالهم في الولايات المتحدة، باستثناء فوز الفيلم القصير "غريبان تماما" (نتفليكس، 32 دقيقة)، من إخراج تريفون فري ومارتن ديزموند رو، ومن تمثيل جوي باداس، وكارتر جيمس، وزاريا سيمون وآخرين.

يحكي الفيلم أحلام/كوابيس الشاب كارتر ذي البشرة السوداء، حيث تنتهي كوابيسه الليلية المئة بمقتله على يد الشرطي ذي البشرة البيضاء، كريك، بعد هروب وحوار بينهما. يستحضر الفيلم مقتل الضحية جورج فلويد، وصرخته التي يستعيرها كارتر: "لا أستطيع التنفس". استغل المخرجان وجودهما على سجادة هوليود الحمراء؛ فارتديا بزتين باللون الأسود والذهبي، وأظهرا البطانة وقد طبع على قماشها "الأسود 17 اسمًا"، باللون الذهبي، في إشارة إلى سبعة عشر ضحية من ذوي البشرة السوداء، قضوا على يد الشرطة الأميركية.

إلا أن جدلا قد أثير بعد الجائزة حول اقتباس الفيلم ومحاكاته مسلسلات وأفلام سابقة، وصلت إلى حد اتهامه بسرقة فيلم للمخرجة سينثيا كاو بعنوان "يوم شاق لرجل أسود". كأن الفوز هنا ملتبس، أو غير كامل. من أصل ثلاثة وخمسين فليماً وصلت إلى الترشيحات النهائية في أربع وعشرين فئة، كانت تسعة أفلام منها تتناول قضايا الاضطهاد العنصري في الولايات المتحدة، ورشحت لواحد وعشرين جائزة، ورغم ذلك لم تحظ هذه الأفلام بجوائز تناسب عددها ولا قيمتها الفنية.

والمعروف أن شكوى مريرة طاولت جوائز الأوسكار في الأعوام السابقة، بسبب ترشيحاتها البيضاء وغياب أفلام المبدعين الملونين عنها؛ فكانت ترشيحات 2021 أقل بياضاً، ولكن ذوي البشرة السوداء غابوا عن التتويج إلا في حدود صغيرة. يتناول فيلم "يهوذا والمسيح الأسود" سيرة منظمة الفهود السود، ومحاربتها القوانين العنصرية، واغتيال وكالة المخابرات الأميركية لزعيمها في شيكاغو فريد هامبتون، عبر زرع جاسوس من ذوي البشرة السوداء (وليام أونيل)، الذي انتحر بعد اعترافه بدوره بعد سنين طويلة.

كان ظهور المنظمة في الستينيات من القرن الماضي ردّ فعل على ممارسات الشرطة ضد السود، وطرحت شعار: "أنا أسود.. أنا جميل". رشح الفيلم لست جوائز، منها جائزة أفضل فيلم، كما رشح ممثلان فيه لجائزة أفضل ممثل مساعد، وربح جائزتين، هما أفضل ممثل مساعد وأفضل أغنية. نصف خسارة ونصف فوز!

فيلم "قاع ما ريني الأسود" (Ma Rainey's Black Bottom) يدور حول المغنية المتألقة ما ريني، خلال عشرينيات القرن الماضي في شيكاغو، وقد رشح لخمسة جوائز، منها أفضل ممثل وأفضل ممثلة، ولم يحصل إلا على جائزتي تصميم الأزياء وأحسن مكياج. إنها الخسارة مع الترضية!

فيلم "محاكمة سبعة من شيكاغو" يحكي قصة محاكمة شبان من جمعيات مختلفة تظاهروا عام 1968 ضد حرب فيتنام، رشح أيضاً لست جوائز، إلا أنه لم يفز بأية منها. كذلك خسر فيلم "ليلة واحدة في ميامي"، المرشح لثلاث جوائز، ويتناول قصة اجتماع متخيل لأربعة نجوم من ذوي البشرة السوداء، وهم مالكوم إكس ومحمد علي كلاي وجيم براون وسام كوك. إنها خسارة تامة!

ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن ترشيحات أوسكار هذا العام ليست بيضاء تماماً، فقد حصلت أول امرأة غير بيضاء (كلويه جاو) من أصل صيني على جائزة أوسكار أفضل مخرج عن فيلمها "نومادلاند"، الذي يتناول حياة المشردين من سكان المقطورات بعدما فقدوا منازلهم خلال أزمة الرهن العقاري.

 

العربي الجديد اللندنية في

13.05.2021

 
 
 
 
 

فيلم "الهدية".. وثيقة بصرية عن الأبارتهايد

مصطفى ديب

73 عامًا: فلسطين ثورة.. فلسطين ربيع

اختارت المخرجة الفلسطينية فرح النابلسي (1978)، أقل ما يمكن من التفاصيل، وأكثرها كثافةً، لبناء فيلمها "الهدية" (نتفلكس، 2021)، الذي يصور طبيعة حياة الفلسطينيين، أو النُتف القليلة المتبقية لهم منها، في ظل الاحتلال. وهي نُتفٌ يريد منها المحتل، لفت انتباه الفلسطيني إلى عجزه وقلة حيلته أمام ممارساته التي تُعرقِل سَيرَ حياته اليومية.

بين ذهاب يوسف لشراء الهدية، وعودته بها نهاية الفيلم، تحاول المخرجة أن تنقل للمشاهد مشاعره وعواطفه وانفعالاته خلال رحلته هذه

ورغم وفرة أشكال هذه الممارسات وتعددها، إلا أن النابلسي اختارت "الحاجز"، تحديدًا، ليكون محور فيلمها الجديد، وذلك لكونه المسرح الذي تمارِس فيه قوات الاحتلال إهانتها للفلسطينيين وهدرها لكرامتهم بصورةٍ يومية، في الوقت الذي تجعل فيه أبسط أمور الحياة اليومية المعاشة وتفاصيلها، في حال تطلَّب قضاؤها المرور عبر حاجزٍ إسرائيلي، معقدة بما يكفي لجعل عملية شراء ثلاجة بحاجةٍ إلى تخطيطٍ مسبق، ويومٍ كاملٍ من التوتر والقلق ومحاولات ضبط الأعصاب

شراء الثلاجة إذًا، هو الأمر البسيط، والبسيط جدًا، الذي يدور حوله فيلم "الهدية". والحاجز الإسرائيلي الذي يفصل بين مكان إقامة يوسف، بطله، والمكان الذي تُباع فيه الثلاجة، هو العامل الحاسم في جعل هذه العملية البسيطة معقدة للغاية، عدا عن أنه محور الحكاية التي تروي قصة رجلٍ يريد شراء ثلاجة لزوجته بمناسبة عيد زواجهما، دون أن يخطر في باله أن الأمر سيتحول إلى مغامرةٍ تبدأ لحظة الوقوف أمام الحاجز، وتنتهي بعد تجاوزه

وبينما يبدو الوقوف أمام الحاجز أمرًا بديهيًا لا بد منه، لا يضمن يوسف مسألة في المقابل مسألة تجاوزه، ذلك أنها مرتبطة بمزاج الجنود الذين يعمدون إلى استعراض قوتهم أمام الفلسطينيين، من خلال إجبارهم على الانتظار، ولوقتٍ طويل، قبل السماح لهم بالعبور، وذلك بعد إجراءاتٍ تعسفية يُراد منها إذلالهم والانتقاص من شأنهم.

هكذا، تستغرق علمية شراء الثلاجة التي يُفترض ألا تتجاوز بضعة ساعات، نهارًا كاملًا قضى يوسف وابنته الجزء الأكبر منه عند الحواجز ذهابًا، حيث تعرض للتفتيش لوقتٍ طويل ودون داعٍ، وإيابًا حينما منع الجنود دخول السيارة التي كانت تحمل الثلاجة، ليضطر حينها لنقلها على عربةٍ يدوية، قبل أن يصطدم بضيق مساحة الباب المخصص لدخول الفلسطينيين، وعدم موافقة الجنود على السماح له بالعبور من المدخل المخصص للمستوطنين، والذي، على عكس مدخل الفلسطينيين، يخلو تمامًا من الأسلاك والبوابات والحواجز الحديدية

وبين ذهابه لشراء الهدية وعودته بها نهاية الفيلم، تحاول فرح النابلسي أن تنقل للمشاهد مشاعر وعواطف وانفعالات يوسف العاجز، تمامًا، عن مقاومة ممارسات الجنود، بشكلٍ لا تفقد عنده خصوصيتها، أو تدخل في فخ الابتذال والتكرار، لا سيما وأن الموضوع سبق وأن عالجته أفلام كثيرة. لذا، تحاول المخرجة الفلسطينية وضع المشاهد في مواجهة محاولات يوسف المستمرة للسيطرة على أعصابه وانفعالاته في الوقت الذي يتعرض فيه، وأمام ابنته، لإذلالٍ متواصل كانت شاهدةً عليه طوال رحلتهما

ولكن هذه المحاولات لضبط النفس، تنتهي لحظة منعه من إدخال الثلاجة/ الهدية التي أمضى يومًا كاملًا يحاول إيصالها إلى زوجته، الأمر الذي دفعه إلى الدخول في نوبة هستيرية صوَّب جنود الاحتلال بفعلها أسلحتهم تجاهه، في الوقت الذي دفعت فيها ابنته العربة باتجاه المدخل المخصص للمستوطنين، مما دفعه إلى اللحاق بها، دون الاكتراث بما يقوله الجنود الذين انشغلوا عنه بمشادات كلامية حول الطريقة المناسبة للتعامل معه

الملفت للانتباه في فيلم "الهدية"، ليس تأخير الفلسطينيين على الحواجز لأسبابٍ وحججٍ سخيفة وواهية، ولا تفتيشهم بطرُقٍ تتعمد إذلالهم، وإنما حِرص الجنود على لفت انتباه الفلسطينيين إلى مستوطنٍ سُمح له بالعبور دون تفتيش أو انتظار، وبشكلٍ أراد منه الجنود تقديم الفلسطيني الذي ينتظر دوره في العبور، بوصفه دخيلًا يجب معاملته بهذه الطريقة، على العكس تمامًا من المستوطن الذي يحاول الجنود تقديمه، زورًا، بوصفه من أصحاب الأرض التي يقف عليها

اختارت النابلسي من "الحاجز" محورًا لفيلمها، وذلك لكونه المسرح الذي تمارِس فيه قوات الاحتلال إهانتها للفلسطينيين وهدرها لكرامتهم بصورةٍ يومية

ويمكن للمشاهد أيضًا أن يلاحظ، في جميع المرات التي وقف فيها يوسف عند الحاجز، الطريقة التي ينظر بها جنود الاحتلال إليه، وكأنها طريقة تطرح عليه السؤال التالي: من تكون؟ وهو سؤالٌ مفتعلٌ ومصطنع، وجزء من المساعي الصهيونية لتكريس النسيان، أو بجملةٍ أدق، التظاهر به بهدف خلق واقعٍ جديد لا مكان فيه للماضي، وبالتالي لا مكان للفلسطيني إلا بصفته دخيلًا أو مقيمًا. وهذه النظرات، أو التظاهر بها، وطرُق التعامل وأساليب التفتيش، ليس إلا محاولات إضافية لتكريس نسيان ماضيهم الحافل بالعنف الذي قامت عليه، ونتيجةً له، دولة الاحتلال

ولكن الحاجز ذاته هنا، وممارسات الجنود فيه، دلالة على ما يُراد له أن يُنسى وتذكيرٌ به أيضًا. إنه تكريسٌ لوجود الإنسان الفلسطيني، وإشارة إلى ضبابية وجود الصهاينة، ذلك أن الحاجز هنا ليس إلا تعبيرًا عن خوفهم من أصحاب الأرض، وردة فعلهم تجاههم. وبالتالي، وكما تبيّن لنا فرح النابلسي في نهاية فيلمها، لحظة عبور يوسف وابنته الحاجز برفقة الثلاجة، يصير الأخير إشارةً، بل وتكريسًا لقوة الفلسطيني الذي يملك، دائمًا، طريقًا للعودة.. للوصول

كاتب وباحث وصحفي من سوريا

 

ألترا صوت في

15.05.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004