ملفات خاصة

 
 
 

عزت العلايلى «نبض عروقه كبرياء»!

طارق الشناوي

عن رحيل الفنان

عزت العلايلي

   
 
 
 
 
 
 

تلقيت قبل أقل من ثلاثة أشهر وأنا فى طريق عودتى من مهرجان الإسكندرية السينمائى مكالمة من الفنان الكبير عزت العلايلى، شكرنى على كلمة كتبتها عنه فى تلك المساحة، بمناسبة إهداء دورة المهرجان إليه، شعرت وكأن صوته تملؤه الدموع ولم أدر لماذا؟، فما كتبته عنه هو أقل ما يستحقه هذا الفنان الكبير، وعندما علمت أمس بخبر الرحيل أيقنت سر الدموع، العلايلى كان مدركا أنها من الكلمات الأخيرة التى سيقرؤها فى هذه الدنيا عن عزت العلايلى.

ظل العلايلى معتزا باسمه ومكانته لم يشك من أى إقصاء أو ابتعاد، كان يدرك جيدا أنه مهما امتدت به السنوات ستظل له مساحته التى لا ينافسه فيها أحد، فهو وعلى رأى شاعرنا الكبير كامل الشناوى (أنا لا أشكو/ ففى الشكوى انحناء/ وأنا نبض عروقى كبرياء).

قلت فى تحليل إبداعه إن النجوم نوعان الأول يسبقه ضوء ساطع يؤدى إلى (الزغللة) وهؤلاء هم الأغلبية، وتبقى الأقلية المنتقاة، أصحاب الضوء الكاشف، ويقف فى الصف الأول بين هؤلاء عزت العلايلى، ضوء ينير أولا مسام العقل والقلب.

ولد فى 15 سبتمبر عام 1934، فى أحد أحياء القاهرة الشعبية الشهيرة (باب الشعرية)، وساهمت تلك النشأة فى أن يتمكن ببساطة ونعومة فى تقمص أدوار ابن البلد، ذاكرته الإبداعية اختزنت الكثير من الأنماط التى التقاها، شارك بدور صغير قبل أن يبلغ العشرين فى فيلم «يسقط الاستعمار» بطولة وإخراج حسين صدقى، ثم التحق عام 1955 بمعهد المسرح، تخرج عام 1959، وكان يشارك أثناء الدراسة بالمعهد بأدوار صغيرة، فى مسرحيات أخرجها أساتذته، وواكب انتهاء دراسته إنشاء التليفزيون المصرى عام 1960 فالتحق بالعمل كمدير للاستديو ومخرج، فاكتسب ثقافة عريضة فى التعامل مع هذا المجال الذى كان لا يزال وليدا، وكان له أيضا مشوار فى الكتابة للمسرح مثل مسرحية «ثورة قرية» أول إخراج لحسين كمال.

على خريطته تجد أهم مخرجى السينما المصرية وقد أجمعوا على موهبته، وبرغم التباين الفكرى بين صلاح أبوسيف ويوسف شاهين تكتشف أن أهم أفلام أبوسيف يسند له البطولة مثل (السقا مات) و(المواطن مصرى) ومع يوسف شاهين (الاختيار) و(الأرض) و(إسكندرية ليه).

تستطيع أن تلمح فى أداء العلايلى إخلاصا لمنهج ستانسلافسكى القائم على فكرة الصدق فى التعبير عن الشخصية، التى تعنى التقمص والاندماج الكامل فى كل التفاصيل، حتى إنه مثلا كما قال عنه صلاح أبوسيف عندما أسند له دور السقا فى (السقا مات) بدأ بدون توجيه من المخرج يتدرب على حمل القربة وكيفية التعامل معها، وفى فيلم (أهل القمة) إخراج على بدرخان مثلا كان يحرص على دراسة سلوك الضباط، ليلتقط تلك التفاصيل، وهو من أكثر النجوم المصريين تواجدا على الساحة العربية، لعب بطولة الفيلم الجزائرى «طاحونة السيد فايبر» للمخرج أحمد راشدى، ولعب بطولة الفيلم العراقى «القادسية» للمخرج صلاح أبوسيف، وبطولة الفيلم المغربى «سأكتب اسمك على الرمال» للمخرج عبدالله المصباحى والفيلم اللبنانى «بيروت يا بيروت» للمخرج مارون بغدادى، وكان بينه وبين المخرج الجزائرى أحمد رشدى مشروع قادم لبطولة فيلم (لا) عن قصة مصطفى أمين.

حصد عددا من الجوائز والتكريمات، مثل مهرجان (دبى السينمائى الدولى) بمناسبة مرور 10 سنوات على انطلاقه 2003 كواحد من أهم النجوم الذين شاركوا فى أفضل 100 فيلم عربى مع كل من فريد شوقى ونور الشريف وأحمد زكى.

تميز العلايلى فى الأدوار الصعيدية والأعمال التليفزيونية الشهيرة مثل «زمن الحب الضائع» و«الجماعة» الجزء الأول، والذى حصل من أدائه على «جائزة التميز» فى العام 2010.

عاش العلايلى دائما محاطًا بحب الجماهير قريبًا منهم، يبدو فى حياته العامة أنه نجم قابل للمس، ابن البلد الذى يعبر فى كل مواقفه عن أحلام ومشاعر أبناء البلد، وهكذا ودعه بكل حب وتقدير أبناء البلد، فنانا مثقفا معتزا بكرامته (نبض عروقه كبرياء).

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

####

 

وفاة «سالمة» و«هادئة».. تفاصيل أيام عزت العلايلي الأخيرة

كتب: نورهان مصطفى

كشف الدكتور محمود العلايلي، نجل الفنان الراحل عزت العلايلي، تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة الفنان الكبير الراحل.

قال محمود العلايلي، خلال مداخلة مع برنامج «مساء dmc»، إن صحة والده كانت جيدة، مؤكدًا أن الأمر كان مفاجأة بالنسبة لأسرته، لأنه كان يعيش حياته بشكل طبيعي.

أضاف، أن والده توفى وفاة «سالمة» و«هادئة»، مثلما كانت حياته، وهو فضل من الله، مشيرًا إلى أن والده كان يستحق هذا الانتقال السهل.

وعن أكثر شيء كان يشغله مؤخرا، قال إنه كان مهتما بتقديم أعمال جديدة، وخاصة إعادة مسرحية «أهلا يا بكوات» وكان بدأ الاتفاق على بعض الأمور الخاصة بها.

وأكمل، موضحا أن الفنان عزت العلايلي كان يشعر بالراحة والسعادة بعد تكريمه في مهرجان الإسكندرية والاتفاق على تكريمه في مهرجان شرم الشيخ، كذلك ظهوره في البرامج التليفزيونة والحديث عن نفسه وتاريخه الفني.

رحل الفنان عزت العلايلي عن عالمنا صباح الجمعة، 5 فبراير، عن عمر ناهز 86 عامًا.

وشيعت جنازته من مسجد «المروة» بمدينة 6 أكتوبر، وفضلت أسرته عدم إقامة عزاء بسبب ظروف انتشار فيروس كورونا.

 

####

 

مشهد أصر عليه يوسف شاهين في «الأرض» تسبب في إصابة عزت العلايلي بالديدان

كتب: ريهام جودة

في أكثر من لقاء تلفزيوني له تحدث الفنان الراحل عزت العلايلي عن تصويره لفيلم «الأرض» الذي جمعه بالنجم الراحل محمود المليجي وأخرجه يوسف شاهين.

وحكى «العلايلي»-الذي توفي صباح اليوم عن 86 عاما- عن مشهد سقوط الجاموسة في مياه الساقية والترعة ونزول «العلايلي» لرفعها بمعاونة الفلاحين حوله وهو المشهد الذي أصر المخرج يوسف شاهين أن يصوره بنفسه دون الاستعانة بدوبلير ما أدى إلى إصابته بالديدان.

وتابع «العلايلي» خلال لقاءه الاخير مع الإعلامية والفنانة إسعاد يونس في برنامج«صاحبة السعادة» يناير الماضي :«كنا نصور في شهر طوبة والجو تلج ويوسف شاهين مخرج مبيهزرش..وكنت قلقان جدا..فأعطيت لواحد فلاح فلوس وقولتله انزل كده الترعة شوفلى عمق الميه راح ورجع قالى خد فلوسك يا بيه الميه تلج هو انت هتنزل هنا.. قولته أه».

وأضاف: «قالى إزاى الميه مليانة ديدان.. مبقتش عارف أعمل إيه ولقيت يوسف شاهين ماسك زجاجة وبينقط في الميه قولتله إيه ده يا جو قالى ده مطهر من الديدان، ضحكت وقولتله ده اللى هيطهر يعنى، قالى يلا نط عشان نصور والمشهد ده خد تصوير حوالى أكثر من 10 ساعات».

وتابع «العلايلي» انه أصيب بالديدان وخضع للعلاج بعدها.

فيلم «الأرض» يعد من كلاسيكيات وروائع السينما المصرية وعرض عام 1969.

 

المصري اليوم في

06.02.2021

 
 
 
 
 

«السقا مات»... عزت العلايلي يرحل بهدوء

شارك في 10 أعمال من بين أفضل مائة فيلم مصري

القاهرة: انتصار دردير

غيب الموت الفنان المصري البارز عزت العلايلي، والذي رحل في هدوء صباح أمس عن عمر يناهز 86 عاما، بعد مسيرة فنية بدأت قبل ستين عاما، وحياة حافلة بالأعمال الخالدة في السينما والتلفزيون والمسرح.

ويعد العلايلي أحد نجوم السينما الكبار، واختيرت عشرة من أفلامه ضمن قائمة أفضل مائة فيلم مصري، وتُعد من كلاسيكيات السينما المصرية، وهي أفلام: «الأرض، الاختيار، إسكندرية ليه، السقا مات، قنديل أم هاشم، بين القصرين، زائر الفجر، على من نطلق الرصاص، أهل القمة، الطوق والإسورة»، كما قدم عدة روايات من مؤلفات نجيب محفوظ من بينها الحرافيش، وجمعته صداقة وطيدة بأديب نوبل، كما كان من مؤسسي مسرح التلفزيون الذي انطلق منه زميلاه عادل إمام، وصلاح السعدني.

ورغم تقدمه في العمر، فقد كان الفنان الراحل يتمتع بلياقة كبيرة لكونه رياضيا ظل يمارس ركوب الخيل حتى سنوات قريبة، ولم يوقفه عن ممارسة الرياضة في الفترة الأخيرة سوي «فيروس كورونا».

وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بنعي العلايلي الذي وصفه الجميع بالفنان المحترم، وكتب الفنان نبيل الحلفاوي على «تويتر» «خبر صادم رغم العمر المديد لأننا لم نسمع عن مرض سبقه، وداعا الفنان الكبير عزت العلايلي تاريخ حافل بدأ بالكفاح وتكلل بالنجاح»، كما كتب الفنان محمد صبحي على صفحته بالفيسبوك «الفنان المحترم والصديق والزميل رحمه الله، ستظل أعماله وإبداعاته تعيش بيننا».

وينتمى عزت العلايلي لحي باب الشعرية بالقاهرة، وبدأ مشواره الفني عقب تخرجه في قسم التمثيل بمعهد الفنون المسرحية عام 1960 وكانت بدايته من خلال التلفزيون قبل تأسيسه حيث كلفه دكتور عبد القادر حاتم بالسفر إلى بريطانيا لمشاهدة عروض المسرح هناك، لتقديم عروض على غراره تنطلق من فرق مسرح التلفزيون، الذي أسسه وزميله رشوان توفيق والمخرج أحمد توفيق، كما قام بإعداد وكتابة بعض البرامج والتمثيليات من بينها مسلسل «اعرف عدوك» الذي كتبه في 22 حلقة عن إسرائيل لكنها لم تعرض كاملة.

وكان فيلم «رسالة من امراة مجهولة» 1962 أمام فريد الأطرش ولبني عبد العزيز هو أول ظهور سينمائي له، وتوالت أفلامه بأدوار لافتة مثل بين القصرين 1962، والسيد البلطي 1967، وقنديل أم هاشم 1968، لكن الفرصة الكبيرة جاءته من خلال فيلم «الأرض» للمخرج يوسف شاهين عن رواية للكاتب عبد الرحمن الشرقاوي وشارك في بطولته أمام محمود المليجي ونجوى إبراهيم، وجسد من خلاله شخصية الفلاح عبد الهادي، وهو الفيلم الذي تم ترشيحه للسعفة الذهبية أكبر جوائز مهرجان كان السينمائي، وأصبح العلايلي بعد ذلك هو الممثل المفضل لدى يوسف شاهين حيث اختاره لبطولة فيلم «الاختيار»1971 الذي كتب له السيناريو والحوار الروائي نجيب محفوظ وقدم فيه العلايلي شخصية البطل المصاب بانفصام الشخصية التي عدها الفنان الراحل من أصعب الأدوار التي لعبها في حياته، كما تكررت لقاءاته مع يوسف شاهين في فيلمي «الناس والنيل»، و«إسكندرية ليه».

ويعد فيلم «السقا مات» من أبرز أعمال العلايلي مع صلاح أبو سيف، والتقى معه مجددا في فيلم «القادسية» مع سعاد حسني والذي تم تصويره بالعراق، وجسد فيه شخصية الخليفة سعد بن أبي وقاص، وكذلك فيلم «المواطن مصري» الذي لعب بطولته أمام عمر الشريف، وكان آخر ظهور سينمائي له من خلال فيلم «تراب الماس» للمخرج مروان حامد.

وفي التلفزيون أدى العلايلي أعمالا بارزة قدم من خلالها أدوارا اجتماعية ودينية وتاريخية على غرار: «الإمام الطبري، عبد الله النديم، بوابة الحلواني، شيء في صدري، ميرامار، اللص والكلاب، العائلة» وهي أدوار «أضافت كثيرا لمشواره الفني» بحسب نقاد.

ورغم قلة أعماله المسرحية فقد حققت عروضه نجاحا جماهيريا ومنها المسرحية الغنائية أمام المطربة وردة الجزائرية «تمر حنة، العمر لحظة، الإنسان الطيب، وداعا يابكوات التي قدمها على خشبة المسرح القومي 2006 وأعيد تقديمها لأكثر من موسم مسرحي».

وحصل عزت العلايلي على جوائز عديدة وتكريمات مصرية وعربية في مهرجانات دبي وقرطاج ووهران، كما حظي بتكريم مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الماضية، ولم يعلن العلايلي اعتزاله، بل ظل محتفظا بمكانته، ونال آخر عمل تلفزيوني له «قيد عائلي» أمام ميرفت أمين نجاحا جماهيريا كبيرا وتصدر التريند على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الناقد سمير الجمل صاحب كتاب «المواطن مصري» الذي صدر عن مهرجان الإسكندرية خلال تكريم العلايلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لـ«الشرق الأوسط» إن الفنان الراحل «يعد نموذجاً راقياً للفنان المواطن فقد أدرك مبكرا مسؤوليته كفنان، والنجومية عنده ليست شهرة واستعراضا، بل تواضع والتزام، كما أنه نجح في تقديم أفلام ومسلسلات ومسرحيات بالتفوق والتميز نفسهما، وقبل وفاته بيومين كان يحدثني عن اتفاق تم بينه وبين دكتور إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة لإعادة عرض مسرحية (أهلا يابكوات) أمام حسين فهمي التي حققت نجاحا كبيرا عند عرضها الأول بالمسرح القومي».

وأشار الجمل إلى أن الفنان الراحل «كان من أكثر الفنانين المصريين انفتاحا على السينما العربية فجسد أدوار البطولة في عدة أفلام لكبار مخرجيها ومنها (الطاحونة) للمخرج الجزائري أحمد راشدي، و(سأكتب اسمك) على الرمال للمخرج المغربي عبد الله مصباحي، و(بيروت بيروت) الذي صوره في لبنان من إخراج مارون بغدادي، و(شنواه) الذي أنتجته (منظمة التحرير الفلسطينية) وتم تصويره بالجزائر من إخراج سمير سيف، فقد كان عروبيا شديد الانتماء».

 

الشرق الأوسط في

06.02.2021

 
 
 
 
 

عزت العلايلي: المواطن مصري.. والمهنة فلاح في أرض يوسف شاهين

كمال القاضي

الظهور العابر لعزت العلايلي في فيلمي «رسالة من امرأة مجهولة» و»بين القصرين»، لم يكن سوى استعداد للوثوب عالياً، فالشاب الذي تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1960 وعمل مُعداً للبرامج التلفزيونية لفترة قصيرة، كان يعي حجم موهبته، ويعرف أنه على مقربة من حُلمة الكبير في أن يُصبح ممثلاً له خصوصيته، ولعل البداية نفسها كانت تُنبئ بقدوم نجم بمواصفات خاصة، فهو الثوري المُثقف المُحرض على مقاومة الاستعمار في فيلم «بين القصرين» وصاحب الصوت الأعلى في الهتاف لسعد زغلول، ذلك الصوت الذي قاد الجماهير نحو قبلة الاستقلال.

بوابة دخول لعالم النجومية

لم يخيب العلايلي ظن المخرج حسن الإمام، الذي رشحه للدور الصغير ليكون بوابة الدخول لعالم النجومية والتألق في غضون سنوات قليلة، فما لبث أن أطل علينا في أدوار أخرى أكثر فاعلية وتأثيراً، فكان دورة في فيلم «الأرض» الذي جسد من خلاله شخصية عبد الهادي، الذراع الأيمن لمحمد أبو سويلم، علامة فارقة في حياته الفنية ومشواره الإبداعي الطويل، فهو الفتى القوي المُهاب، والفلاح حارس الأرض والعرض والمُتيم بوصيفة «نجوى إبراهيم» جميلة جميلات القرية. كان هذا الدور مقياساً حقيقياً للأداء الواقعي المتميز، فلا تكلف ولا مبالغة، بل انصهار كامل في الشخصية، وترسيخ لمبادئ نبيلة، عبر صورة مضيئة للفلاح المصري الشهم المتمرد على الظلم، لم يغير عزت العلايلي من منظورة القيمي للأدوار، فقد دقق كثيراً في الشكل والمضمون، واستطاع أن يقدم أنماطاً مختلفة لها السحر الأدائي والمنطق الدلالي، لعلاقة الممثل بأدواره والشخصيات التي يجسدها، ففي فيلم «السقا مات» للمخرج صلاح أبوسيف لم يقف عند حد معين في التعبير، ولكنه نفذ إلى جوهر الشخصية بكل أبعادها الإنسانية، فقدم مرثية للفقر والعوز، والعمر الذي تسرب من بين أصابع البطل، من دون أن يشعر، فلم يظفر بشيء مما يستحقه وهو ساقي الحي والمتفاني في خدمة ساكنيه من البسطاء الطيبين، الراضين بالقليل واليسير.

تنوعت الأدوار المهمة للفنان بغير تكرار، ولا ابتذال ولا سقوط في لُجة الإسفاف، بغية الانتشار والوجود على حساب القيمة، كما فعل الكثيرون من زملائه ورفاق دربه، غاية ما فعله الفنان الإنسان أنه بحث عن البدائل التي تحفظ له هيبته ووقاره

وفي فيلم «التوت والنبوت» عزف الفنان الراحل على أوتار الملحمة الشعبية التي صاغها نجيب محفوظ في رواية «الحرافيش»، مُستعرضاً آيات الذل والهوان في مواجهة جبروت فتوات الحارة وحُكامها المزعومين، وكالعادة كانت الصورة الإيجابية للمقاومة مُتجسدة في شخصيته، كونه جديراً بدور الفتوة العادل حامي حمى الحارة ونصير الضعفاء والمهزومين، وفي السياق نفسه كان دوره المُعتبر في رواية يحيى الطاهر عبد الله «الطوق والإسورة» إضافة مهمة للقيمة الموضوعية للرواية المُترجمة بالصوت والصورة على الشاشة الكبيرة، والناقلة لثقافة الجنوب المصري الخاصة في التعامل مع قضايا الشرف، حيث الحزم والشدة، ورباطة الجأش، أمام المُعضلات القوية من علامات الشخصية الصعيدية وسماتها الأساسية.

ممثل من العيار الثقيل

ولعل الدور التاريخي لعزت العلايلي في فيلم «القادسية» كان دالاً عليه كممثل من العيار الثقيل ومُثقفاً نموذجياً في اختياره لأدواره وشخصياته الدرامية، التي لا ينتهي تأثيرها بانتهاء عرض الفيلم أو المسلسل، وعلى ذكر الاختيار وتناغماً مع المعنى جاء الدور المهم في فيلم «الاختيار» للمخرج يوسف شاهين ليتوج الحقيقة ويضع الفنان الكبير في مقدمة الصفوف كمنافس قوي لنجوم الصف الأول، فرغم أن الفرصة في هذا المقام كانت عزيزة نوعاً ما، لكن الخيط لم يفلت من يد العلايلي وظل قابضاً عليه بقوة وحساسية، فلم يحسب حساباً كبيراً لموقعة على الأفيش، ولكنه عمد إلى التركيز على نوعية ما يقدمه، وجعل من التأثير مقياساً صحيحاً فنجح في تحقيق المعادلة الصعبة، وراهن على الفارق والمُختلف فكان له النصيب الأوفر من التميز.

لعب عزت العلايلي الدور الثاني أمام نور الشريف في فيلمي «أهل القمة» و»بئر الخيانة»، وفي الحالتين قدم شخصية الضابط باختلاف التخصصات والمواصفات، ففي الفيلم الأول كان ضابطاً في إدارة مكافحة التهريب، إبان فترة الانفتاح الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي، وفي الفيلم الثاني ضرب مثالاً حياً في فنية الأداء المُتقن والمدروس، حيث تقمص شخصية ضابط المخابرات، الذي يتعقب الجاسوس الذي باع نفسه للشيطان مقابل حفنة من الدولارات، وانتهت حياته نهاية مأساوية بالانتحار لتنطبق عليه الجُملة الختامية للفيلم الواردة على لسان الضابط «عاش خائن ومات كافر».

ومن زاوية إنسانية بحته وبشكل غير تقليدي لتوظيف الفكرة الدرامية جاء دوره المختلف أيضاً في الفيلم الاجتماعي البوليسي، «خائفة من شيء ما» مُجسداً لدور اللص النبيل الذي ينقذ طالبة جامعية من براثن الذئب البشري أبو بكر عزت، الرجل المتخصص في اغتصاب الفتيات بعد تخديرهن، كانت الشخصية التي قدمها عزت العلايلي في هذا الفيلم مثيرة للجدل، وكاشفة لجوانب استثنائية في طبيعة اللص الذي احترف السرقة مُضطراً وتاب وأناب على يد الفتاة التي أنقذها.

ومع الفنان عادل إمام ويسرا كان حضور العلايلي في فيلم «الإنس والجن» قوياً للغاية، ومُلهماً بضعف التأثير السلبي للجن في الإنسان في حال اعتصامه بالقرآن الكريم، وتحصنه بآيات الذكر الحكيم كقوة مضادة نافذة المفعول، وليس أدل على قدرة الفنان الراحل من تفوقه الواضح في دور عبد الموجود، ذلك الفلاح البسيط ضحية العُمدة المُستبد عمر الشريف في فيلم «المواطن مصري».

تنوعت الأدوار المهمة للفنان بغير تكرار، ولا ابتذال ولا سقوط في لُجة الإسفاف، بغية الانتشار والوجود على حساب القيمة، كما فعل الكثيرون من زملائه ورفاق دربه، غاية ما فعله الفنان الإنسان أنه بحث عن البدائل التي تحفظ له هيبته ووقاره، فركز في الأعمال التلفزيونية فكان دوره الذي نال عنه جائزة أحسن ممثل في الفيلم التلفزيوني «الطريق إلى إيلات» للمخرجة إنعام محمد علي، واستمر في العطاء فأنجز الكثير، «عبد الله النديم والحسن البصري وبوابة الحلواني وقال البحر وطارق من السماء والباقي من الزمن ساعة، ومضى الوقت والعُمر»، ولم يتبق من الرجل غير سيرة طيبة وأصداء فنه الراقي الدال عليه والمُسجل باسمه.

كاتب مصري

 

القدس العربي اللندنية في

07.02.2021

 
 
 
 
 

"كان بيتكلم معايا قبل ماتش الأهلي والدحيل"..

ابن عزت العلايلي يكشف تفاصيل الساعات الأخيرة

قال الدكتور محمود العلايلي، نجل الفنان الراحل عزت العلايلي أن والده حتى أخر لحظات حياته كان يتحرك بمنتهى السهولة ولم يعان من أي مرض قائلاً: "كان بينزل وبيروح ويجي عادي في أخر لحظات حياته، وكنا بنتكلم حتى كان قبل ماتش  الأهلي مع الدخيل القطري  كننا بنتكلم عادي وكان هيخش ينام".

وتابع  في مداخلة هاتفية عبر برنامج " كلمة أخيرة  " الذي تقدمه الاعلامية لميس الحديدي على شاشة " ON" قائلاً:  "الصراحة الوفاة المفاجاة والهادئة نعمة نشكر ربنا عليها وهو رحيل مسالم مفاجيء  حيث توفى وفاة هادئة كما كانت حياته هادئة ومسالمة".

وحول الجوانب الإنسانية في حياته وعزت العلايلي الأب قال: "أب مصري  زي كل الاباء المصريين الحريصين على حاضر أولادهم ومستقبلهم لم يكن  يحاول أن نطلب الشيء كان بيحاول يوفر الشيء  قبل مانطلبه لم يكن  أب مبالغ في التدليل وتوفير الطلبات وكان دائما بيدنا  قدوة أن كل شيء بيجي بالتعب والمثابرة زي كل الاباء المصريين".

وحول تكريمه في  مهرجان الإسكندرية قال: "تكريمه الأخير وبالاضافة إلى بعض الأحاديث الأخيرة التي أدلى بها لوسائل الإعلام والصحف أثارت سعادته وكان ممتن جداً للجميع في أخر أيامه وسعيد بذلك من حيث حفاوة الاستقبال من زملائه أو الجمهور".

وحول وصية الراحل قال : "اللي بيقول وصية أو نصيحة  للمستقبل بيبقى حاسس بدنو أجله لكن والدي الراحل لم يشعر بذلك حيث كان دائم الحديث عن مشاريعه الفنية ومستقبله حيث كان مقبلاً على الحياة، وفي وقت ندوة تكريمة في مهرجان الاسكندرية كان يوصي الفنانيين بوصية  أعادها أكثر من مرة  مثل الاهتمام بالفن والحرص عليه  وأن  يتم رعايته بما يترك أثراً إيجابياً".

وحول فكرة إعادة مسرحية "أهلاً يابكوات " قال :" سنة 2005 في أواخرها كان تعرض لوعكة صحية، أصيب بنزيف في المخ " تجمع دموي أسفل الجمجمة" ودخل عملية وبعد خروجه  من المستشفى خرج لبروفات "أهلا يابكوات"  لإعادتها في 2006 وأعيدت بالفعل ووقف ساعتها على المسرح وأكمل  عمله وأخرج موسماً  هائلاً وبالتالي لما قلي في الاخر  هعيد  "مسرحية أهلا يابكوات"  مكنتش أققدر  أققله لا عشان الصحة أو السن لاني كنت مؤمن بقدرته على ذلك والمثال كان قدامي سنة 2005 " كنت واثق أنه هيعمله بكامل الصحة والمجهود".

 

الهلال اليوم في

07.02.2021

 
 
 
 
 

عزت العلايلي وزوجته قصة حب عمرها نصف قرن.. «حتى النفس الأخير»

كتب: هبة أمين

«أنا حاسس بأمك حواليّا الفترة دي» عبارة كررها كثيرًا الفنان الكبير عزت العلايلي قبل رحيله عن دنيانا يوم الجمعة الماضي 5 فبراير على مسامع ابنته، معبرًا عن اشتياقه لزوجته التي غادرت دنيانا قبل 5 أعوام من الآن عام 2017، بعد أن جمعتهما الحياة لمدة سنوات طويلة تزيد عن 50 عامًا، وجرى توديعهما والصلاة على جثمانهما من نفس المسجد.

الزوجة رحلت عام 2017

قصة حب جمعت بين الفنان الراحل عزت العلايلي وزوجته سناء الحديدي «من خارج الوسط الفني»، دائمًا ماكان يحكي عنها وإصفًا إياها بـ«الدعم والسند» وأنه بعد رحيلها شعر بـ«التوهة والوحدة» بحسب وصفه، تفرغ هو لفنه وإبداعه، واهتمت الحبيبة بالبيت والأبناء وتنظيم حياته بأكملها «عملت كتير في حياتي، ومش هقدر أوفيها حقها وفضلها عليّ»، لم تتوقف دموعه يومًا بعد وفاتها، خاصةً عندما يجد نفسه بالمنزل بمفرده، وانشغال أبنائه بمعترك الحياة.

تفرغ للإبداع واهتمت هى بالأسرة

وروى الفنان الراحل عزت العلايلي، في لقاء تليفزيوني قبل شهور قليلة من وفاته عن عمر ناهز الـ86 عامًا عن زوجته رفيقة دربه وشريكة حياته بقوله: «من غيرها أنا ولا حاجة، هى المسؤولة عن كل شئ، بتخطط وتنفذ، بتتحكم في كل الأمور بنظام، أنا من غيرها تايه بكل ما تعنيه الكلمة من معني».

واستطرد: «بعد وفاتها، لم أتخيل أني سأكون بمفردي، وإنها هتمشي وتسيبني لوحدي في البيت والحياة، صوتها يحرسني، وأقوم من النوم على صوتها يناديني، على مدار حياتنا اللي عشناها سوا إدتني كتير جدًا جدًا، ومش هقدر أوفيها حقها مهما عملت، صاحبة الفضل عليّ وعلى أبنائنا، دايخ من بعدها، من غيرها كنت هبقى ولا حاجة، هى عملت كل حاجة ليّا، وحقيقي بفتقدها في كل لحظة بحياتي».

 

الوطن المصرية في

07.02.2021

 
 
 
 
 

العلايلى.. الفنان الذى فقدناه

عباس الطرابيلي

أستاذنا الدكتور محمد مندور عندما كان يدرس لنا مادة النقد الأدبى- فى نهاية الخمسينيات- كان يصنف لنا كل ممثل، كان يقول إن هناك ممثلًا يقرأ دوره، وممثلًا يلقى دوره، وممثلًا يؤدى دوره، ولكن أفضلهم هو من كان يعيش دوره، أى يندمج ويذوب فى روح الشخصية.. وكان يقول إن هذا الممثل هو الأفضل.. أى لا يحس المشاهد بأنه يمثل.. وكان- عليه رحمة الله- يضرب لنا أمثلة حية من بين من يحترف مهنة التمثيل، من بين فنانى مصر، وأن أكثرهم فنًا كان من يندمج ليس فقط فيما يرتديه من ملابس للدور، أو من يستخدم نبرات صوته أو يعبر بنظراته وتعبيرات وجهه.. وكان يخلص إلى القول إن هؤلاء ليسوا كثيرين.

وعندما عرفت بخبر رحيل الفنان عزت العلايلى قلت إننا فقدنا فنانًا من هذا النوع الراقى من الفنانين الذين كانوا يندمجون ويغوصون فى الشخصية التى يقومون بتقديمها.. وكان العلايلى واحدًا من هؤلاء، لم تحس وهو يؤدى دوره فلاحًا فى فيلم «الأرض».. بأنه يمثل، بل كان يقدم لنا شخصية فلاح حقيقى فى جلبابه الأزرق والطاقية التى يضعها أى فلاح على رأسه.. وعندما أدى دوره فى فيلم «السقا مات».. جسد لنا هذا السقا حتى وهو يضع قربة الماء المصنوعة من جلد الماعز على ظهره، حتى وهى فارغة وخلف أذنه يضع أصبع الطباشير ليضع به علامة عدد قرب المياه!! وأيضًا عندما قدم لنا شخصية الفتوة ابن البلد فى فيلم «التوت والنبوت» فإنه قدم لنا الفتوة.. واحدًا ممن كانوا يعيشون بيننا فى حوارى مصر، أى الذى ينتصر للحق.. ويرفض أن يكون فتوة يقهر الضعفاء.. وبلغ قمته وهو يجسد شخصية ضابط البحرية، قائد المجموعة التى قدمت لنا الدور البطولى فى فيلم «إيلات» مع المبدع نبيل الحلفاوى.. ويا سلام على دوره ضابطًا للمخابرات مع الراحل نور الشريف، ثم وهو يختتم دوره بجملة واحدة عندما انتحر الخائن نور الشريف وهو يقول: عاش خائنًا.. ومات كافرًا.

وأكاد أجزم بأن عزت العلايلى أبدع فى كل ما قدمه من أدوار.. فكان يدرس الشخصية بعد أن يغوص فيها كأنه يعيش الدور.. ولا يقرأ دوره كما رسمه كاتب الحوار.. وكان بذلك آخر هذا الجيل شديد الروعة، الذى رحل عنا، جيل الشريف، وعبدالعزيز.. وحتى عبدالوارث عسر ومحمد توفيق.

■ ■ ولقد خسرنا بوفاة عزت العلايلى واحدًا من هؤلاء العظام الذى قدم لنا العديد من الشخصيات فأبدع ما قدم.. رحم الله الفارس عزت العلايلى ابن مصر الذى فقدناه منذ أيام.

 

المصري اليوم في

08.02.2021

 
 
 
 
 

عزت العلايلي.. فنان مصري من ملح الأرض

بقلم: محمد جمال الروح

ربما يرحل الفنان بجسده عن هذه الدنيا لكن أعماله تظل وثيقة للخلود والبقاء بين الناس، رحل الفنان القدير عزت العلايلي بعد مسيرة إبداعية مشرفة امتدت لعشرات السنوات بين السينما والمسرح والتليفزيون، كان نموذجا للفنان الصادق صاحب الوعي والثقافة العميقة والتجربة الصادقة، لم يفارق يوما همه الفني همه الوطني والإنساني.

ولد عزت العلايلي بحي باب الشعرية عام 1934، ونشأ فنيا على مسرحيات يوسف بك وهبي ونجيب الريحاني، ومنذ أن بدأ وعيه في التشكل نما في وجدانه الحس الوطني حتى أنه أراد أن ينضم للفدائيين فقبض عليه وسجن سنة 1954 رغم إيمانه الصادق بالتجربة الناصرية. 

الحس الرجولي الغالب على معظم الشخصيات التي تقمصها عزت العلايلى نابع من نشأته وانعكاسا لشخصيته التي صقلتها مصاعب الحياة؛ فبعد أن حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1960، واجه ظروفا بالغة الصعوبة في بداية مشواره بسبب رعايته لإخوته بعد وفاة والدهم.

لم يكن ظهوره السينمائي السينما الأول إلا في فيلم "رسالة من امرأة مجهولة" إخراج صلاح أبو سيف عام 1962 ليسطع بعدها نجما مسرحيا وسينمائيا بعد بدايته التليفزيونية التي أسس فيها مسرح التليفزيون.

تجاوزت أفلام العلايلي 130 فيلما كان من بينها أعمالا شكلت وجدان وشكل السينما المصرية وأصبحت من أهم كلاسيكياتها، مثل فيلم الأرض، السقا مات، أهل القمة، بستان الدم، زائر الفجر، على من نطلق الرصاص، الطوق والأسورة، وقفص الحريم، وغيرهم الكثير، نحاول في هذه السطور أن نقدم ما يشبه البانوراما السينمائية لهذه الأعمال الكبيرة.

عبد الهادي في الأرض:

شارك عزت العلايلي في فيلم الأرض (عن قصة عبد الرحمن الشرقاوي) أحد أهم أفلام السينما المصرية التي استعرضت معاناة الفلاح المصري وارتباطه بأرضه، يلعب عزت العلايلي أحد أهم أدواره في هذا الفيلم، يجسد بصدق شديد دور الفلاح النقي المتمرد الذي يتنفس نخوة وشهامة وعزة رغم ضيق الحال، عبد الهادي هو النبتة القوية التي خرجت من رحم الأرض تواجه الظمأ والظلم بشجاعه فطرية، عبد الهادي لم يخن أو يتلوث أو يبيع مثل البقية، كان امتدادا إنسانيا لبطل الفيلم "محمد أبو سويلم" الذي جسد بدوره صورة صادقة للفلاح المصري الأصيل حين يتجرع الظلم والقهر ويروي الأرض بدمائه.

كان أداء وحضور عزت العلايلى واضحا بين هؤلاء النجوم الكبار أمثال المليجي، وعبد الرحمن الخميسي، ويحيى شاهين، وعبد الوارث عسر، هؤلاء الذين رسموا مع يوسف شاهين ملحمة "الأرض".

في ثاني تجربة مع يوسف شاهين يقدم عام 1971 فيلم "الاختيار"، ورغم صعوبة الفيلم واختلافه عن ذائقة الجماهير حينها، إلا أن هذا الفيلم يحتفظ بمكانة كبيرة بين الأفلام التى طورت شكل السينما المصرية. وبعدها بثماني سنوات يعود عزت العلايلي ويقدم مع يوسف شاهين تحفته "إسكندرية ليه" وسط كوكبة كبيرة صنعت فيلما مهما ومميزا.

المعلم شوشة وزائر الفجر:

شخصية المعلم شوشة في فيلم "السقا مات" هي أهم شخصية لعبها عزت العلايلي في تاريخه الفني، تحتاج تلك الشخصية القادمة من عمل أدبي كبير إلى وعي وعمق فلسفي وأداء مركب يقدم بشكل لا يتقاطع مع بساطة وتكوين رجل فطري يمتهن مهنة السقاية وحمل قربة الماء، المعلم شوشة يأخد منه الموت كل من أحب الزوجة والصديق والأمل ويتركه وحيدا في هذه الحياة معلقا بين اليأس والخوف، نجح العلايلي بقدراته الأدائية فى تجسيد الصراع النفسي الذي يعترك داخل شخصية تعاني عذابات الفراق والفقد، في آخر الفيلم يقدم العلايلي مشهدا تاريخيا حين ينادي الموت داخل المقابر ويدعوه للمواجهة بعد موت الصديق شحاته أفندي.

فيلم "السقا مات" إخراج صلاح أبو سيف من أهم روائع السينما المصرية وأكثرها عمقا واحتكاكا بفلسفة الموت والحياة.

ومن الأفلام المهمة التي قام العلايلي ببطولتها فيلم "زائر الفجر" للمخرج الراحل ممدوح شكري الذي رحل حزنا وكمدا حين منع فلمه من العرض، وقد لعب عزت العلايلى دور حسن وكيل النياية الذي سيصطدم بحقائق كثيرة أثناء بحثه في قضية مقتل الصحفية نادية الشريف، وتكمن أهمية هذا الفيلم الطليعى الجريء أنه فتح الباب أمام سينما السبعينيات لتقدم أفلاما تعري المجتمع وتفضح المفسدين مثل أفلام "المذنبون" و"على من نطلق الرصاص" الذي شارك فيه عزت العلايلي أيضا.

أهل القمة:

فيلم "أهل القمة" من إخراج على بدرخان عام 1981 من أهم الأفلام التي تناولت مرحلة الانفتاح الاقتصادي وكوارثه الأخلاقية؛ فيتعرض الفيلم للتحول الاجتماعي الذي أوجدته الظروف الاقتصادية الجديدة في الشارع المصري المعاصر، حيث الصعود المسعور لطبقة اللصوص والانتهازيين، ويلعب عزت العلايلي باقتدار دور محمد فوزي الضابط الشريف الذي يصطدم باختلال المعايير وتحول المجتمع.

في نفس العام يقوم العلايلي بدور سعد بن أبي وقاص في الفيلم العراقى "القادسية" بطولة سعاد حسني، ومن إخراج صلاح أبو سيف.

شارك العلايلي عام 1986 بأكثر من عشرة أفلام سينمائية كان أبرزها الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية، مثل فيلمه العظيم "الطوق والأسورة" عن رواية يحيى الطاهر عبد الله وإخراج خيري بشارة، و"قفص الحريم" إخراج حسين كمال عن قصة مجيد طوبيا، وفيلم "التوت والنبوت" إخراج نيازي مصطفى عن قصة الأديب العالمي نجيب محفوظ.

تعاون عزت العلايلي مع معظم المخرجين المصريين  مثل أشرف فهمي فى فيلم "المجهول" و"بستان الدم"، والمخرج على عبد الخالق في فيلم "بئر الخيانة"، ومحمد راضي في "الإنس والجن"، وأحمد يحيى في "الصبر فى الملاحات"، وإنعام محمد علي في الفيلم الحربي الكبير "الطريق إلى إيلات".

عبد الموجود المصري:

هناك نظريات كثيرة تتحدث عن أداء الممثل تدعو بعضها لضرورة امتزاج الشخصية التي يلعبها الممثل بالعالم الداخلي له؛ حيث تسكن الشخصية كل خلية في جسده بعد أن تأثر وجدانه وتحكم علاقته بالموجودات حوله. ولو ضربنا مثل لهذه النظرية لن نجد أفضل من شخصية "عبد الموجود" التي قدمها عزت العلايلي في فيلم "المواطن مصري" الفيلم الذي ينتصر صراحة للمرحلة الناصرية التي أنصفت الفلاح المصري وأعطته قدرا من الكرامة، الفيلم عن رواية "الحرب في بر مصر" للروائي يوسف القعيد، قدم عزت العلايلي درسا في تقمص وفهم الشخصية لابد أن تستفيد منه الأجيال القادمة؛ حيث يجسد العلايلي بعبقرية شخصية وضعتها الأيام الصعبة تحت وطأة الذل والعوز والانسحاق، ليس هذا فحسب بل عليه أن يختار بين الابن والأرض، حين ينفتح الصندوق ويرى ابنه الشهيد مسجي في دمائه، وتقترب الكاميرا من قسماته الباكية وتتجسد على وجهه عذابات الدنيا، مشاعر مختلطة من الحزن والقهر والندم بل والخجل من مواجهة ابنه الراقد في صندوق خشبي مغطى بالدماء.. محنة إنسانية كبيرة عبر عنها العلايلي بأداء فريد لم ينافسه فيه إلا عمر الشريف الذي وجد نفسه في مباراة تمثيلية كبيرة مع العلايلي.

رحم الله عزت العلايلي الفنان المصري الأصيل الذي أعطانا فنا صادقا وإبداعا أصيلا ما زال باقيا.

 

موقع "مصر المحروسة" في

10.02.2021

 
 
 
 
 

فى آخر حوار له قبل الرحيل عزت العلايلى..

رضيـت ربنـا فى الفن.. وبعــد مـراتـى أنـا مـش مظبــوط

كتب حوار: مـى الوزيـر

عندما التقيته وأخبرته برغبتى فى محاورته على صفحات مجلة «صباح الخير» استقبلنى بحماس شديد وقال لى: «صباح الخير الجميلة.. هى معبودتى الجميلة، هل تعلمين أننى أعتبر نفسى من المؤسسين لمجلة صباح الخير؟

صباح الخير هى العشق». وفتح قلبه لى  وبهدوئه المعهود الذى يخفى وراءه حماس «فيلسوف حكاء» لديه الكثير من الذكريات بالفن والثقافة والسياسة وحواديت صنعت المواطن مصرى, كنا نتمى أن يقرأ الحوار لكن القدر لم يسعفه.

عزت العلايلى فنان استثنائى بموهبة وملامح استثنائية أيضًا، وكذلك كان مشواره وحتى رحيله بهدوء ووقار شديدين يشبهان شخصيته وحضوره، كان لنا هذا الحوار معه قبل رحيله حدثنى فيه عن محطات مهمة وعن ذكرياته مع زوجته، رفيقة عمره والتى عانى كثيرًا بعد رحيلها وكيف يقيم نفسه وتاريخه.

        عزت العلايلى لديه تاريخ حافل ساهمت فى صنعه أعمال مأخوذة من روايات أدبية، كيف ترى الرواية الأدبية؟

- نجيب محفوظ ويوسف السباعى وغيرهما من الأدباء الكبار لن يقوموا بكتابة عمل أدبى إلا إذا كان ذا قيمة وله «أصل» وجذر وبناء خاص، سواء من الناحية الدرامية أو من الناحية الفكرية، ولا بد أن يكون هناك عائد فكرى وعائد له مردود، سواء أراد أن يُنقل عن طريق السينما أو عن طريق التليفزيون.

وحتى مع عودتى للمشاركة فى عمل مع الكاتب الشاب أحمد مراد فى روايته «تراب الماس» كان سببها الأهم هو جدية الموضوع ورؤية الكاتب  أحمد مراد، خاصة أننى شخصيًا أحترمه جدًا لأن عنده رؤى محترمة والموضوعات التى كتبها وكل ما قرأته له تحقق، وفاهم بيعمل إيه «مش أى كلام» ومطلِع وعايش الحياة السياسية والاجتماعية بشكل ناضج جدًا.

        ما تقييمك لصناعة السينما الآن بعد أن عاصرت العظماء و«الكبار» فى كل المجالات؟

- السينما والكتاب والتليفزيون هم ظِل المجتمع، فما أعكسه فى عمل درامى هو ظِل المجتمع.. وهناك شباب مجتهدون جدًا وبنات، ولكن للأسف البناء الفكرى ليس موجودًا، فى جيلنا  كان لدينا «تشكيلة» من الأدباء والمفكرين وإلى آخره، ولكنكم للأسف لا، ولا أعلم السبب ولكن أنا «زعلان جدًا» بسبب هذا الموضوع فالجيل الجديد من الشباب لن يكون له قدوة ولا رائد.

فالسينما والمسرح هما الموارد النظرية العظمى لأى بلد، هى موارد اقتصادية ونظم سياسية وتقاليد اجتماعية وخلقية زائد الفنون والآداب هم الضلع الرابع، وإذا غاب هذا الضلع البلد يختل.

        من المخرج صاحب الأثر فى مسيرتك الفنية؟

- كل مخرج تعاملت معه وحققت معه نجاحًا كان نتاج جهد مشترك وساعات طويلة، «يوسف شاهين وصلاح أبوسيف» مخرجان أحببت العمل معهما وساهم كل منا فى نجاح الآخر من خلال أعمال مهمة وتعاونا بشكل ناضج جدًا، كل الأعمال الناجحة التى قدمتها كانت مع مخرجين استمتعت كثيرًا بالعمل معهم، العمل الفنى لا يخرج بشكل سهل للجمهور فبعد جلسات ومناقشات وساعات تصوير طويلة يكون الناتج هو العمل الفنى المهم ورسالته وخاصة السينما، وكذلك المسرح فمثلا لينين الرملى فى عرض «أهلا يا بكوات» والنجاح الذى شهدناه ذلك رغم التفاصيل المجهدة وراء العمل والأداء أمام خشبة المسرح، والحمد لله أن ربنا وفقنى خلال مشوارى بالعمل مع أسماء كبيرة من المخرجين.

        ما الدور الأقرب لقلبك ؟ 

- كل دور قدمته بالنسبة لى مميز وله خصوصية فى قلبى، كل دور واخد منى وواخد من فكرى وأحلامى ومن طموحاتى، كل دور قدمته أخذ منى وأعطانى فأنا قدمت أدوارًا مصرية خالصة لم أقدم عملاً لم يجسد روحًا مصرية، أنا قدمت أعمالاً مهمة وأخذت من كل قيمة أدبية وفكرية منها، فأخذت من «التوت والنبوت» وأخذت من «الاختيار» و«الأرض»، وكل ما تتذكرينه أنت وتحدثيننى عنه الآن فأنا روحى فى كل عمل منها وتعبت وأجهدت لأصل لكل عمل منها، فأنا لم أقدم أى عمل منها بالصدفة. بل بعد تعب وعمل شاق ومثابرة، وهذا ما يسعدنى لأننى لن أرضى أن أضحك على المتفرج أو أقدم له مُنتجًا فاشلاً، فأنا لا أريد أن أصل لجمالك، ولكن لعقلك كمتفرج لأننى إنسان أساعد على بناء مجتمع.

        هل هناك عمل ندمت على تقديمه؟

- بالتأكيد هناك أدوار لم أوفق فيها أو فى اختيارها فليس هناك شىء سليم على طول الخط، «لو أنكم لا تخطئون لأتى الله بقوم يخطئون يغفر لهم».

        لماذا لم تقم بكتابة مذكراتك؟  

- طُرح علىَّ الأمر أكثر من مرة، ولكنه لا يجد الوقت للقيام بهذه الخطوة و«أنا مش متحمس» رغم أن هذا الموضوع طُرح علىّ أكثر من مرة.

        كيف أدارت الزوجة والحبيبة حياة عزت العلايلى؟ 

- زوجتى.. هى شرايينى وفكرى، زوجتى صاحبة الأثر الأكبر فى حياتى، هى كل الدنيا، هى كل حاجة فى حياتى، هى شرايينى هى فكرى، هى حبيبتى هى راحتى هى كل حاجة، هى حياتى اللى أنا عايش فيها.. 99 % من نجاحى إذا كنت نجحت فى حياتى هى السبب فيه وهى كل حاجة، لذلك من بعدها أنا «مش مظبوط» وكأنى لا أسير فى خط مستقيم من بعدها، فأنا أفكر فيها كثيرًا جدًا، لذلك أشعر أنى مفتقدها جدًا، نحن لم نتزوج زواجًا تقليديًا، بل تزوجنا عن حب وحب عميق جدًا وكانت طوال عمرها تعلم جيدًا تعلقى الشديد بها، استوعبتنى واستوعبت حياتى وتفاصيلها وأدارت حياتنا بمنتهى الذكاء.

        بنظرة الآن إلى تاريخك وكل ما قدمته، هل أنت راضٍ عنه تمام الرضا وفخور؟

- إلى حد ما، أولاً أنا أرضيت الله سبحانه وتعالى وهذا ما ليس عليه جدال، من عبادتى لله وقيامى وصلاتى ونُسُكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين، أما بالنسبة لرضاء الناس والجمهور فهذا ما أتمناه وأرجوه لأن الفن هو أمانة والكلمة أمانة.

محطـات فـى حيـاة «راضـى قبطـان»

- الاسم: عزت حسن العلايلى. وُلد 15 سبتمبر 1934 بباب الشعرية.

- حصل على بكالوريوس المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1960، وبدأ نشاطه الفنى عام 1962 وحقَّق شهرة مدويّة بأعمال ظلت باقية فى تاريخ الفن المصرى، ويعتبر فيلم «السقا مات» أقرب الأعمال لقلبه.

- أدى أدوار البطولة فى عدد من الأعمال، أشهرها: «الطريق إلى إيلات، التوت والنبوت، ذئاب لا تأكل اللحم، عاد لينتقم، الطوق والإسورة، الشارع الجديد، الأرض».

- بدأ حياته الفنية متأخرًا لتفرغه لرعاية إخوته الأربعة بعد وفاة أبيه.

- عمل فترة معد برامج تليفزيونية قبل المشاركة فى أول عمل فنى «رسالة من امرأة مجهولة».

- قدم نحو 192 عملاً فنيًا متنوعًا طوال مشواره الفنى، مثّل 86 فيلمًا منها: «قنديل أم هاشم، إسكندرية ليه، الإنس والجن، السقات مات، مخالب امرأة، بئر الخيانة، رجل من نار، كلاب المدينة، جرانيتا وتراب الماس».

- لعب أدوارا بـ64 مسلسلاً منها: وآه يا زمن، النوارس والصقور، الشارع الجديد، خان القناديلى، ربيع الغضب، ستائر الخوف، وقيد عائلى، وله 9 مسلسلات إذاعية وسهرات تليفزيونية منها: إيزيس، الصبر فى الملاحات، قصص القرآن.

- على خشبة المسرح لعب أدوارًا فى 8 مسرحيات منها: ثورة قرية، خيال الظل، وداعا يا بكوات، وأهلا يا بكوات.

وحصل على جائزة أحسن ممثل عن فيلم «الطريق إلى إيلات» إضافة إلى جوائز كبرى أخرى، وأطلق اسمه على الدورة 36 لمهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط العام الماضى.

 

صباح الخير المصرية في

10.02.2021

 
 
 
 
 

12 معلومة يكشفها نجل عزت العلايلي عن أبيه: مباراة الأهلي آخر ما شاهده

كتب: أحمد حامد دياب

عزت العلايلي فنان كبير أثرى الحياة الفنية في مصر، رحل عن عالمنا يوم الجمعة الماضي، بعد مسيرة فنية تجاوزت الـ60 عامًا قدم خلالها عشرات الأعمال على شاشات السينما والتلفزيون وخشبة المسرح، بعضها يعتبر من أفضل أفلام السينما المصرية على الإطلاق.

الدكتور محمود العلايلي نجل الفنان الراحل كشف بعض أسرار والده في أول ظهور له، نرصدها في النقاط التالية:

1- كانت تربطه علاقة عائلية وصداقة بالفنانة الراحلة سعاد حسني وكانت من أقرب المقربين لأسرته، وقد شارك معها في 6 أفلام.

2- «الأرض» و«السقا مات» من أقرب الأفلام لقلبه.

3- زوجته الراحلة عاشت معه لمدة 60 عامًا وكانت من أقاربه، وقضيا طفولتهما سويًا.

4- كان لا يذهب للمصالح الحكومية لقضاء مصالحه بنفسه حتى لا يتلقى مجاملات من أحد.

5- آخر ما شاهده في حياته هي مباراة النادي الأهلي في كأس العالم للأندية مع نادي الدحيل القطري، وآخر ما تحدث عنه هو فوز النادي الأهلي وقتها، ثم نام ورلح بعدها لخالقه.

6- كان يهتم بالرياضة وشجع أبنائه على ممارستها، كما كان يحرص على نطق اللغة العربية بشكل صحيح.

7- تسببت روح الهواية والتحدي التي كانت لديه في شبابه في تقديم الأعمال الفنية دون المستوى أو ما يعرف بالأعمال التجارية.

8- صرح نجله أن والده كان منضبطًا معه وأخوته، وأنَّ أسرته تعتبر أسرة محافظة.

9- له حفيد من ابنته رحاب يسمى «عادل» وله حفيدة من ابنه «محمود» تدعى «مريم».

10- أعظم أفلام شارك فيها لم تحقق إيرادات مثل «الأرض» و«باب الحديد» و«الاختيار».

11- كان ينوي إعادة عرض مسرحية «أهلا يا بكوات» بالتعاون مع الفنان حسين فهمي لكن القدر لم يمهله.

12- كان يعتز بنفسه ولم يطلب أبدًا المشاركة في أي عمل فني، فلم يترك لأبنائه إلا اسمه فقط ولم يترك لهم أي شيء آخر حسب ما قاله نجله.

 

الوطن المصرية في

10.02.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004