ملفات خاصة

 
 
 

«حظر تجول» ..

كلمة السر: «رايح أجيب الديب من ديله! »

بقلم: مجدي الطيب

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الثانية والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

عنوان خادع لفيلم لا يقترب من السياسة .. واهتمامه الرئيس بالمسكوت عنه في مجتمع يقوم على التواطؤ !

من بين أفلام المخرج الشاب أمير رمسيس، التي تضم : «آخر الدنيا» (2006)، «كشف حساب» (2007)، «ورقة شفرة» (2008)، فيلم «بتوقيت القاهرة» (2015)، «خانة اليك» (2016)، بالإضافة إلى الفيلمين التسجيليين «عن يهود مصر» (2012) و«عن يهود مصر: نهاية رحلة» (2014)، سيظل «بتوقيت القاهرة»، بمثابة النقطة الفارقة، والبصمة القوية، التي منحت أسلوبه هوية، وفجرت لديه روح السخرية، ومنحته القدرة على الوصول إلى هدفه، ورسالته، بأقصر الطرق، وأكثرها بساطاً، والأهم ابتعاداً عن الخطب، والحذلقة، والأسلوب الوعظي، وتقمص دور المثقف، الذي يقوم بتوعية الناس !

هذا ما فعلته، في رأيي، تجربة «بتوقيت القاهرة»، التي أزعم أنها غيرت الكثير في شخصية، وأسلوب، أمير رمسيس، ومن ثم رحت أتابع، بشيء من القلق، انعكاساتها، وتداعياتها، على تجربته الأحدث «حظر تجول» (94 دقيقة)؛ إذ عاد إلى سينما المؤلف، وهو الذي ترك نفسه في «آخر الدنيا» و«كشف حساب» للكاتب محمد رفعت وفي فيلم «ورقة شفرة» أغوته رؤية هشام ماجد وأحمد فهمي وفي «خانة اليك» سجنته مغامرة لؤي السيد، وأدرك أنه يُجيد، ويتألق، كثيراً، عندما يمزج بين النجوم المخضرمين وجيل الشباب ( في «توقيت القاهرة» جمع بين نور الشريف وميرفت أمين وسمير صبري والشباب : شريف رمزي، دُرة، آيتن عامر وكريم قاسم وفي «حظر تجول» استعان بخبرة إلهام شاهين والممثل العربي الكبير كامل الباشا وطزاجة جيل : أمينة خليل، أحمد مجدي، محمود الليثي وأحمد حاتم)، ولم ينس استثمار روح السخرية اللاذعة، التي كشفت عنها تجربة «بتوقيت القاهرة»؛ تارة بالمقارنة الطريفة بين حسن عابدين وظافر العابدين، وتارة أخرى؛ عبر توظيف فن «البارودي»، أو المحاكاة الساخرة، بغير فظاظة، بالسينما المصرية، التي جعلت هدى سلطان تقع في حب عبد العزيز محمود !

الهروب من السياسة .. والرقابة !

نقطة حيوية أخرى تلفت النظر في فيلم «حظر تجول»، تتمثل في أن الفيلم الذي يوحي عنوانه بأنه واحد من الأفلام، التي «تتحرش» بالساسة، والسياسة، وتُعري النظام، والأجهزة الأمنية، هو بعيد، كل البعد، عن هذا الاتجاه، وإن بدت العلاقة وثيقة، في شدة الوطأة، بين «الحظر»، «الخوف»، «القهر» و«القمع»، وبقية المشاعر الوخيمة، التي يعيشها مجتمع في ظل اجراءات أمنية تقيد حريته، وتكبل حركته، وتعيشها البطلة «فاتن» (إلهام شاهين)، التي غادرت محبسها، صبيحة يوم من أيام فرض حظر التجوال، في أغسطس 2013، وبات عليها أن تستعيد ثقة ابنتها «ليلى» (أمينة خليل)، التي امتنعت عن زيارتها في سجنها، طوال العشرين سنة، باستثناء مرة واحدة، ولولا الإفراج عنها، قبل ساعات من بدء الحظر، لشيعتها، فوراً، إلى محل إقامتها الأخير، في مدينة طنطا؛ فالابنة لم تغفر، يوماً، للأم أنها قتلت الأب / الزوج، والأم، من ناحيتها، تخشى على الابنة من بشاعة السر، وترى أنه أكبر من أن تعرفه !

جو خانق، متوتر وضاغط، يفلت منه الفيلم، ب «حوار إجباري»، يفرضه «الحظر»، بين الأم وابنتها، في غمرة انشغال زوج الابنة «حسن» ( أحمد مجدي)، بالنوبتجية الليلية بالمستشفى التي يعمل بها، وحكاية الجارة «فوزية» (عارفة عبد الرسول)، وابنتها، والجار الناقم، وأيضاً البائع الفضولي (خيري بشارة في أكثر أدواره خفة ظل)، وبلطجة «سوستة» (محمود الليثي)، سائق التوك توك، الذي جعل من سطح البناية «ماخور»، ومأساة «يحيى شكري مراد» (الممثل كامل الباشا)، الحبيب المغبون، الذي لم ينج من اتهام الابنة «ليلى» بأنه أغوى أمها، وإن بدا تعلقه بأغان، وزمن، عبد الحليم حافظ،، «أسطوانة مُستهلكة ومكررة»، عزفها عبد اللطيف عبد الحميد في فيلمه العذب «نسيم الروح» ومحمد خان في فيلمه الأخاذ «زوجة رجل مهم» بشكل أكثر حميمية ودفئاً .

بالطبع حاول كاتب السيناريو / المخرج فك «حظر التجوال»، أو كسره، على الصعيد الدرامي؛ عبر مشاهد وحكايات وشخصيات من هذه النوعية، لكنه لم ينجح أحياناً، كما حدث في مشاهد إصابة الطفلة بالحساسية، والمطاردة الأمنية الوهمية، وثرثرة المستشفى، بين أحمد مجدي ورفيقه في المستشفى، الشخصية العالة، أحمد حاتم، وخيانة «عم يحيى»، بواسطة مساعده الشاب «علي»، ومحاولة إضفاء أهمية على شخصية الزوج «حسن»، الذي كان يعلم كل شيء !

التواطؤ .. والمسكوت عنه

منذ الوهلة الأولى، لظهور إلهام شاهين، وهي تغادر السجن، ينجح أمير رمسيس، كاتب ومخرج «حظر تجول»، في إضفاء غموض على الأحداث، والتلاعب بمشاعر الجمهور؛ حتى يخيل للمتابع أن ثمة حالة عداء، وكراهية متبادلة، بين الزوجة، والسجينة السابقة، التي هي في الغالب حماتها، قبل أن يُدرك أنها أمها. وعلى نفس النسق ينجح في تأجيل إلقاء «قنبلته»، إلى الوقت الذي يختاره، حفاظاٌ على حال «التواطؤ الجماعي»، الذي وصم به الجميع، ولم ينج منه أحد؛ ومن ثم اختلطت المعايير، وضاع الخط الفاصل بين الضحية والجلاد، ومن المطلوب له الرحمة، والأولى بها، وطوال الوقت مزج الفيلم، في جرعة مُقننة للغاية، بين الترفيه، والمتعة، وتمرير المباديء والقيم الإنسانية، التي تحتاج إلى مقالات؛ فالاستثمار الواعي لخبرة إلهام شاهين، ونضجها كممثلة تحمل على عاتقها تاريخاً طويلاً، أسهم في تخفيف العبء عن الفيلم، في مواقف كثيرة، أقربها تماهيها مع الممثلة القديرة هدى سلطان، وأدائها لأكثر من مشهد بتمكن واقتدار، وبإنسانية مؤثرة استدعت التصفيقـ بعد ما جمعت كل تناقضات الشخصية؛ رقة، قوة، هشاشة، وكأنها مُصابة بفصام كما وصفتها ابنتها. وعلى الجانب الأكثر التصاقاً مع رسالة الفيلم تدفق الحديث بسلاسة، ومن دون محاولة للادعاء، مع تأكيد حق ابنة / زوجة كُتب عليها أن تبحث عمن يرعاها، بعد ما قتلت أمها أبيها، ومُطالبة بأن تغفر لأمها المُتهمة بالخيانة؛ فالتواطؤ، والصمت الأسري، يطال الجميع، والمجتمع الغارق في الخطيئة يرى «المسكوت عنه»، ولا يتكلم، والمفارقة أن المخرج نفسه اختار السلامة، وبدلاً من أن يفضح الجاني على الملأ، ويجعل منه عبرة لمن لا يعتبر، غض الطرف عنه، بصرياً، وتعمد تجهيله، ربما بحجة تشويهه، ولم يتم التركيز عليه، في لقطة واحدة، لاظهار بشاعة جرمه، على الأقل، ولا أدري إن كانت رؤية كهذه، ولصاحبها كل الاحترام، تدخل في نطاق «التواطؤ الجماعي» أم نبذ شخصية مكروهة أم النظر إليها بوصفها نكرة !

في كل الأحوال جاء اختيار مسرحية «أنا فين وانتي فين»، وتحديداً مقطع «رايح أجيب الديب من ديله»، مُغايراً تماماً، للذهنية السائدة، التي ربطت بينها والبراءة، وأصبح ظهورها على الشاشة، أو الاستماع إلى كلماتها، تمهيد لفاجعة إنسانية مروعة، الأمر الذي يؤكد أن أمير رمسيس كان يقظ الحواس، في كل تفصيلة بالفيلم، وهو ما وجدناه في تصوير عمر أبو دومة، في أول تجربة كمدير تصوير، ومونتاج هبة عثمان، ولمسات عاصم علي الفنية، وملابس ناهد نصر الله، بالإضافة إلى موسيقى تامر كروان وخلفهم جميعاً إخلاص المنتج صفي الدين محمود.

 

####

 

هذه الأفلام مرشحة لجوائز "القاهرة السينمائي"

بقلم: أسامة عبد الفتاح

·        التيه" و"جاجارين" و"شرطة" و"غزة" و"حد الطار" و"خريف التفاح" و"دوامة" و"ذهب" و"أندروميدا" مؤهلة للصعود إلى منصة التتويج

تُختتم بعد غد الخميس الدورة 42 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بتوزيع جوائز المسابقات الثلاث الرئيسية للأفلام الطويلة، وهي المسابقة الدولية، ومسابقة آفاق السينما العربية، ومسابقة أسبوع النقاد الدولي.. وسأحاول هنا رصد الأفلام المرشحة للتتويج في الأقسام الثلاثة، علما بأن المنافسة كانت شديدة القوة لتميز معظم الأعمال المشاركة.

في المسابقة الدولية، هناك الفيلم الفرنسي "جاجارين"، الذي يقاتل فيه الصغير "يوري" وحيدا من أجل إنقاذ المدينة السكنية التي يقطنها في باريس، والتي تحمل اسمه واسم رائد الفضاء الروسي "يوري جاجارين"، وذلك بعد أن بدأت السلطات الفرنسية في إزالتها.. وهو فيلم ساحر يطرح قضايا المراهقة المفضلة لدى كثير من السينمائيين حول العالم حاليا ويمزج بمهارة بين الواقع والخيال والحلم والحقيقة رغم أنه يتناول موضوعا واقعيا جدا و"آنيا" جدا، وهو قرار الحكومة الفرنسية بإزالة مشروع "جاجارين" السكني الذي كان قد افتتح عام 1963 – في حضور رائد الفضاء الروسي – في ظل تولي الحزب الشيوعي الفرنسي الحكم، لتتجاوز الإزالة فكرة هدم بعض البيوت وتكون رمزا لزوال عصر بأكمله بكل ما ينتمي إليه.

كما أرشح الفيلم البديع "ليمبو" (أو "التيه")، والذي يحكي قصة "عمر"، العازف الشاب الواعد، الذي أجبرته الظروف على الابتعاد عن أسرته السورية، ليتم عزله في قرية اسكتلندية بعيدة منتظرا البت في طلب اللجوء السياسي الذي قدمه، ومعه مجموعة ممن ينتظرون الأمل مثله. ورغم جدية موضوعه وتناوله قضيته بعمق، لا يخلو هذا العمل المختلف من لمحات كوميدية ساخرة تفجر الضحكات في الوقت الذي يثير وضع هؤلاء اللاجئين التعاطف والشفقة وأحيانا الدموع، في طرح سينمائي متميز على مستوى المضمون والبناء الدرامي ومتفوق على المستوى التقني في التصوير والمونتاج والأداء التمثيلي من جانب الجميع، سواء مسئولي معسكر العزل أو اللاجئين، خاصة بطل الفيلم، الممثل المصري أمير المصري.

وهناك فرص لفيلم "شرطة"، الذي تنتشر فيه أخبار الوفاة الغامضة للمراهق "طالب بن هاسي"، أثناء احتجاز الشرطة له، في حي "سفاليجاردن" ذي الأغلبية العربية بالعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، فتندلع على الفور احتجاجات شباب الحي على "قتله" في وجود الشرطيين "ينس" و"مايك"، اللذين يجدان نفسيهما في مواجهة الغضب المتصاعد. وبدءا من عنوانه، يدخل هذا العمل بلا تأخير إلى موضوعه الساخن، فـ"شرطة" هي الكلمة العربية التي تعني قوات البوليس، وبذلك يحيلك صناع العمل مباشرة إلى المواجهة بين رجال الشرطة والمهاجرين العرب الغاضبين بعد وفاة المراهق الذي كانت آخر كلماته "لا أستطيع التنفس"، مما يذكرنا على الفور بواقعة وفاة الرجل الأسود "جورج فلويد" بأيدي الشرطة الأمريكية، في عمل سينمائي "آني" جدا وجيد الصنع ينتمي إلى "سينما خشنة" لا تعرف الهدوء.

وقد يكون هناك مكان على منصة التتويج للفيلم الفلسطيني "غزة مونامور"، إخراج عرب ناصر وطرزان ناصر، وهو عمل سينمائي جميل وجيد الصنع يدور حول "عيسى"، بائع السمك الستيني الذي يقع في حب الأرملة سهام جارته في السوق، لكن قبل أن يصرح لها بحبه يعثر في البحر على تمثال لأفروديت يعطل تدفق مشاعره ويدخله في مواقف غير متوقعة.

وفي مسابقة آفاق السينما العربية، برز الفيلم السعودي "حد الطار"، للمخرج عبد العزيز الشلاحي، والذي يدور في نهاية التسعينات وفي مدينة تشبه المملكة الغامضة، حيث يقع ابن السياف في حب ابنة مغنية الأفراح الشعبية، في مفارقة اجتماعية مبنية على بيع الفرح وشراء الموت، ويصبح السؤال: أيهما يمكن أن يتخلى عن أحلامه في مقابل أن يصبح عالمهما مكانًا أفضل؟

ومن الصعب تجاهل الفيلم المغربي "خريف التفاح" للمخرج محمد مفتكر، والذي يدور في بيئة تبدو كبقايا جنة نائية، حيث يتلقى الابن دروسا قاسية عن الحب والحياة والبشر على يد الأب غريب الأطوار في محاولة للإجابة على أسئلة الحياة الصعبة.

وهناك فيلم "تحت السماوات والأرض" لـ"روي عريضة"، وفيه يقرر غطاس شاب أن يكسر رقما قياسيا في البقاء تحت الماء حتى يعيد النقاء إلى علاقته المعقدة مع أسئلة الوطن والمكان والحاضر.

وفي مسابقة أسبوع النقاد الدولي، يبرز الفيلم المجري (دوامة)، الذي يدور على بحيرة غامضة، ويقدم ثالوثا من رجل وامرأتين، لكنه ليس ثالوثا تقليديا يغرق في قصص الحب والزواج والخيانة، بل ينشغل بتساؤلات صعبة عن القدر والتسامح والقدرة على مواجهة الذات، في دراما نفسية وعرة وعميقة بما يتناسب مع بحيرة مليئة بالخبايا والأسرار ترمز بوضوح إلى النفس البشرية بكل ما يعتمل داخلها وما تخفيه من مشاعر ونوايا من خلال شخصيات غير تقليدية ورؤية جديدة للعلاقات المعقدة بين الرجل والمرأة.. والأهم أنه عمل ينتصر للسينما كفن بصري بالأساس يعبر بالصورة أكثر من الحوار.

وينافس بقوة الفيلم الكوسوفي الجميل "مجرة أندروميدا"، الذي يستعرض حياة أب خمسيني أرمل لا يجد عملا كميكانيكي ولا سكنا، ويضطر للإقامة في عربة مقطورة، كما يرتبط بعلاقة غير تقليدية مع فتاة ليل.. وعندما تخرج ابنته من الملجأ وتقيم معه، يواجهان معا سؤالا شديد الصعوبة: هل يستطيعان أن يعيشا حياة أفضل؟ وهو فيلم إنساني بديع، يغوص بمهارة ورِقّة في أعماق شخص على الهامش، يقيم في مقطورة على أطراف المدينة ولا يشعر به أحد، وتمر بجواره السيارات الفارهة مسرعة دون أن يلمحه ركابها، كما يغوص في علاقته الفريدة بابنته التي لا تجلده بمطالبها ولا شكاواها كما يفعل الكثير من الأطفال، بل تتعاطف معه وتقدر ظروفه، ليكون الصراع كاملا مع ضغوط الحياة والظروف الصعبة، بلغة سينمائية بالغة الجمال والعذوبة.

وأخيرا أرشح الفيلم الهولندي (ذهب)، الذي يتقاسم فيه لاعب الجمباز الشاب الموهوب "تيمو"، ووالده ذو الاحتياجات الخاصة "وورد"، حلما كبيرا: الحصول على الميدالية الذهبية في الألعاب الأوليمبية.. لكن عندما يقابل "تيمو" المعالجة النفسية "آيرين"، تتغير نظرته تجاه كل شيء، حيث يكون اللقاء إيذانا بمولد مشاعر جديدة قوية داخله تجعله يتغير. ويجيد صناع الفيلم رصد الصراع بين تلك المشاعر وبين التزاماته تجاه والده و"المهمة الأوليمبية المقدسة". وعلى المستوى التقني، يتفوق العمل في تصوير فقرات الجمباز والمنافسات الرياضية بشكل يختلف عما اعتاده المشاهد في الأفلام المشابهة.

 

####

 

"حد الطار".. السينما السعودية تبلغ مرحلة النضج

 أحمد شوقي

قبل ما يقارب العامين شاهدت "المسافة صفر"، الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج السعودي عبد العزيز الشلاحي، وفيه توافر مزيجًا صار معتادًا من المواهب الشابة الآتية من مختلف الدول العربية: اهتمام ضخم بالتقنيات والاختيارات الأسلوبية، تأثر واضح بالسينما العالمية، ومحاولة لخلق حكاية مشوّقة يمكن أن يكون لها بعض القراءات الأعمق قليلًا من ظاهر أحداثها. فيلم كان خطوة أولى مقبولة وإن شابها الكثير من عثرات البدايات.

اليوم يعود الشلاحي بفيلمه الثاني "حدّ الطار"، فيلم افتتاح المسابقة العربية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ليقطع من خلاله – وبسرعة مثيرة للانتباه – خطوات كبيرة في مشوار النضج، ويحقق نجاحًا واضحًا في أصعب تحدٍ قد يخوضه أي فنان شاب: العثور على صوته الخاص، ليروي من خلاله حكايات تهم صانعها ومحيطه.

الحد والطار.. مقارنة دائمة

"حدّ الطار" عنوان ذكي، يحمل أكثر من تفسير لفظي يرتبط بعلاقة الشد والجذب بين بطلي الفيلم: دايل ابن السيّاف وشامة ابنة الدقاقة، بين شاب امتلك والده قيمته بين الناس من قطعه الرقاب تنفيذًا للحدود الشرعية وفتاة تحب أمها لكن لا تريد أن تصير مثلها منبوذة من مجتمعها فقط لأن عملها هو نشر البهجة بدق الطبول والغناء في الأفراح. إذن فهي المقابلة بين "الحدّ" و"الطار"، ولا ننس أن دق الطار (أي الدُّف) يراه البعض إفسادًا يستحق حدًّا.

المخرج عبد العزيز الشلاحي والمؤلف مفرج المجفل يدركان جيدًا أن جوهر حكايتهما هو أفكار التناقض والمقارنة، وفيلمهما يضعنا من اللحظات الأولى في خضم التفاصيل الدقيقة للعالمين المتقابلين: عالم الجلد الذي يُشدّ ويحاك على "حدّ" خشبي فيغدو دُفًا، وعالم السيف الذي يُشحذ كي يقطع الرقاب. بل ويأخذنا صناع الفيلم إلى مقارنات أصغر وأقل صخبًا، فالسيف نفسه قد يُستخدم كأداة للبهجة والرقص في الأفراح، وقطع الرقبة قد يكون عنوانًا للحب، كالرسائل التي يخفيها دايل داخل رأس دمية يهديها لابنة شامة، فتقطع الحبيبة – حرفيًا – رأس العروس كي تقرأ رسالة حبيبها!

مقارنة أخرى يستدعيها ذكر الدمية هي مقارنة الأبيض والأسود، فكما يُمثل دايل وشامة قصور المجتمع في تقييمه للبشر ووظائفهم، اختار المخرج أن يمثلا أيضًا تناقضًا عرقيًا بين رجل أبيض وامرأة سمراء، وكما أن المجتمع يرى احترام السيّاف واحتقار الدقاقة شعورًا بديهيًا، تتعامل الفتاة الصغيرة ببراءة مؤلمة مع فعل تلوين وجه أي دمية تقتنيها بالأسود لأن ألعاب الأطفال لها لون واحد فقط: أبيض لامع كحدّ السيف.

الجرأة والجودة والقيمة

نلمس هنا قدرًا ضخمًا من الجرأة الفكرية في فيلم يُسائل ثقافة المجتمع بصراحة، بل ويصطدم بمنظومة الأحكام الشرعية وإقامة الحدود. صحيح إنه لا يجاهر بعداء المؤسسة، بل ويُظهر رغبة القائمين عليها في إقناع أهالي الضحايا بالتنازل عن الحد بل وقبول ديّة مخفضة إنقاذًا لحياة المتهم، لكنه يقولها بوضوح لا يقبل الشك: إن افترضنا قبول تمتع السيّاف بمكانة وتقدير ممن حوله، فلا ينبغي أن ينال الفنان ما هو أقل، وهو موقف كاف لنصف الفيلم بالجرأة والشجاعة وتحدي التابوهات.

إلا أن وصف الجرأة لم يستخدم تاريخيًا في موضع إيجابي كليًا، بل كان دائمًا ما يوظَّف في الشد على أيدي أفلام سيئة، فيُقال ما معناه "تُحسب للفيلم جرأته رغم عثراته الفنية". لذا فمن المهم التأكيد على أن الطرح الفكري الجرئ هو فقط أحد مصادر القوة في "حدّ الطار"، قوة تُكملها الجودة الواضحة في رسم دراما متشابكة بين شخصيات من لحم ودم، بشر رماديون أبعد ما يكونون عن نمطيات الأبيض والأسود.

دايل العاشق المتيّم الذي ينحاز عند المحك لحبّه قبل كل شيء هو في الوقت نفسه شاب فاشل اجتماعيًا، متعثر دراسيًا، ضعيف أمام عمه، وعمله سيافًا ليس فقط وسيلة للترقي الاجتماعي لكنه فرصة أخيرة لامتلاك وظيفة شريفة تناسب قدراته المحدودة. وشامة المرأة القوية صاحبة الموقف هي أيضًا أضعف من أن تواجه تحديات امرأة مثلها، نكتشف لاحقًا أنها ماكرة تتلاعب حتى بمشاعرها الشخصية بحثًا عن صيغة تفاهم مع عالمها المحيط. شخصيتان دراميتان من العيار الثقيل أجاد فيصل الدوخي وأضوى فهد تجسيدهما برهافة وفهم عميق لتعقيد الشخصية، وإمساك بالتفاصيل الصغيرة يشي بمهارة المخرج في توجيه ممثليه.

بين الماضي والمستقبل

دوافع متشابكة تخلق شبكة من العلاقات داخل حارة تخبرنا اللافتات أن زمنها هو مطلع قرننا الحالي، بينما ينفي كل شيء آخر هذا التاريخ القريب، فالحقيقة أن المجتمع السعودي ظل طويلًا يعيش عصرًا متأخرًا عما يقوله التقويم: أحكام مجتمعية صارمة وتزمت آت من عصور قديمة وإن ركب أفخم السيارات وأمسك بأحدث الهواتف. واليوم يتغير كل هذا، ويأتي الفيلم السعودي تلو الآخر ليخبرنا بالكثير، ليس فقط عن جيل من الموهوبين الشباب المتعطشين لتقديم حكاياتهم الأصيلة التي تجمع بين الخصوصية الشديدة والقدرة على التواصل مع العالم الواسع، لكن ليؤكد أيضًا أن هناك رغبة حاكمة للدولة بدخول المستقبل بأفضل صورة ممكنة، عبر تحرير العقول ومنح الفرصة للأصوات أن تعلو وللماضي أن يُحاسب وللأفكار أن تُطرح ليشتبك معها الجميع سعيًا لمستقبل أفضل.

لن نتفرع أكثر حتى لا نبخس صناع "حدّ الطار" حقهم من التحية، فقد أتوا إلى القاهرة حاملين آمال صناعة تتفتح، مسلحين بفيلم ناضج تمامًا، يجمع بين الرؤية الثاقبة والقدرة صياغة تلك الرؤى في صورة دراما شيّقة محكمة الصنع. قد يكون لك عليها بعض الملاحظات هنا أو هناك، لكن تبقى جودتها أوضح وأعمق أثرًا، ليكون أقل ما يجب علينا أن نحييهم ونحتفي بهم.

 

####

 

يحتفل العالم هذا العام بعيد ميلاد فيلليني ال ١٠٠..

فيلليني .. وأمريكا

واشنطن: توماس جورجيسيان

مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية - يوم الثلاثاء ٣ نوفمبر ٢٠٢٠ نصح الناقد السينمائي شان بيرنز قراءه ومتابعيه بمشاهدة فيلم فيلليني الشهير "لاسترادا" (الطريق) والذي تم إنتاجه من ٦٦ عاما في عام ١٩٥٤. وأشار الناقد الأمريكي الى أن مشاهدة هذا الفيلم الايطالي تعد هروبا من الواقع المحيط بنا في الحياة الأمريكية ..أو قد تكون استراحة من الصخب الخانق المصاحب للانتخابات الرئاسية!!

وجاءت النصيحة أو الروشتة تحت عنوان: هل تشعر بالضغط النفسي المصاحب ليوم الانتخاب؟ انك ستجد السلوى والعزاء في فيلم فيلليني "لاسترادا" لأنه فيلم (حسب وصف بيرنز) سوف يسحبك من خضم المواجهة أو المصادمة السياسية الحادة التي كانت ـ ومازالت ـ تشهدها البلاد.

فيلم "لاسترادا" للمخرج الإيطالي الشهير فيديريكو فيلليني فاز بأوسكار أحسن فيلم أجنبي عام ١٩٥٦. والفيلم من بطولة جولييتا ماسينا (زوجة فيلليني) وأنتوني كوين.

وحصول فيلليني على أوسكار عن هذا الفيلم كان أول أوسكار له .. بعدها توالت جوائز أوسكار على أفلام أخرى له في أعوام تالية ـ عام ١٩٥٧ عن فيلم "ليالي كابيريا" وعن فيلم "ثمانية ونصف" في عام ١٩٦٣ ثم عام ١٩٧٥ عن فيلمه "آماركورد". كما أن فيلليني حصل عام ١٩٩٢ على جائزة أوسكار الخاصة أو الفخرية ـ تقديرا لدوره ومكانته كأحد أسطوات الحكي على الشاشة السينمائية. وفي كلمته أمام الحضور ذكر فيلليني بأن بالنسبة له أمريكا والسينما تعنيان شيئا واحدا .. وأنه معهم في هذا المكان يشعر بأنه في بيته. وقد قامت بتقديمه في الحفل وتسليم جائزة الأوسكار له الممثلة الشهيرة صوفيا لورين. وكان بصحبتها على خشبة المسرح الممثل الشهير مارتشيللو ماستورياني. فيلليني توفى في ٣١ أكتوبر ١٩٩٣ بروما وكان في ال٧٣ من عمره.

المخرج الايطالي الكبير وهو يتحدث مع الكاتبة الأمريكية شارلوت شاندلر في كتابها عنه بعنوان "أنا فيلليني" يقول .. لقد رغبت دائما في عمل فيلم عن أمريكا.. ويذكر أيضا أنه كان يود القيام بذلك عن طريق إعادة بناء أمريكا في شنيشيتا (مدينة السينما في إيطاليا) ..وسبق لي أن تصورت مثل هذا المشروع سينمائيا في فيلم المقابلة ـ Intervista ـ حيث أنوي اعداد ما يحتاجه فيلم عن نيويورك في بداية القرن العشرين يقوم على رواية "أمريكا" للكاتب المعروف فرانز كافكا.

شارلوت شاندلر نشرت كتابها عن فيلليني عام ١٩٩٥. والكتاب يقع في ٤٢٠ صفحة وكما ذكر حينذاك فإن الكتاب كان حصيلة لقاءات وحوارات ممتدة مع فيلليني وزوجته وأصدقائه ومن عملوا معه. وقد حرصت الكاتبة على أن تقوم بتذكير القراء بأن فيلليني قال لها:"أنا لدى حياة واحدة .. وتلك الحياة رويتها لك. هذه هي وصيتي الأخيرة"

في هذا الكتاب الشيق والممتع نجد انطباعات وتأملات فيلليني حول مواقف عديدة عاشها خلال زياراته لأمريكا.. وخلال تعاملاته مع الأمريكيين خاصة أهل هوليوود. ونقرأ في الكتاب عن لقاء عابر لفيلليني مع المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج في إيطاليا وكان الأخير في بداية حياته الفنية وبالطبع منبهر بما أبدعه المخرج العظيم.. وأن فيما بعد في عام ١٩٩٣ حصل سبيلبرج على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي ـ وكان فيلليني حينذاك في المستشفى وعلى الرغم من حالته المرضية حرص على كتابة تهنئة لسبيلبرج.

وحسب كتاب "أنا فيلليني" فإن سبيلبرج أبدى شكره لهذه التهنئة في رسالة كتبها لفيلليني بتاريخ ١٠ سبتمبر ١٩٩٣ ـ يقول فيها:" .. أرجو أن تقرأ هذه الرسالة وأنت على ما يرام. لقد كنت من المعجبين بك منذ استطعت أن أشاهد الأفلام .. كانت أفلامك مصدر الهام عظيم لي. فهي قد أسهمت أكثر من أية أفلام أخرى في تحديد مفهومي للفيلم والسينما كفن. أنا آسف لأنني لم تتاح لي فرصة رؤيتك في البندقية، غير أنني على ثقة من أن دربينا سوف يتقاطعان في المستقبل."

واختتم سبيلبرج رسالته قائلا: "تقبل مني أطيب التمنيات وأنا أتابع مشاهدة أفلامك، واستلهم منها أكثر فأكثر"

******

ويعترف المخرج الأمريكي الكبير مارتن سكورسيزي الذي احتفل مؤخرا بعيد ميلاده ال ٧٨ أن فيلليني وتحديدا فيلم "لاسترادا" كانا مدخله لعشق السينما وعالم الأفلام. "لاسترادا" كان أول فيلم شاهده سكورسيزي وكان في ال ١٢ من عمره. حينذاك ـ حسب قوله في حوار تليفزيوني ـ كانت الأفلام الأجنبية تعرض مدبلجة ـ ناطقة باللغة الانجليزية. وقد تأثر به كثيرا.. سكورسيزي المولود في نيويورك له أصول إيطالية. وهو كغيره من المخرجين الأمريكيين (مثل وودي آلان وسبايك لي) وقف بإعجاب أمام أفلام فيلليني ورأى فيها الشعر السينمائي .. وكما كتب تي اس اليوت : الشعر تشعر به قبل أن تفهمه. وقد وصف فيلليني بأنه "شاعر السينما"

وطبعا فيلليني ورؤيته الخاصة في تقديم الأفلام وتأمله المتميز للبشر أثار اهتمام عشاق السينما وصناعها على امتداد العالم .. وبالتأكيد في أمريكا أيضا ولأجيال متتالية. كما تم صياغة كلمة felliniesque كتعبير لما يمكن وصفه ب فيللينية الموقف أو المشهد أو عقلية ونفسية التعامل معهما ..

******

تم مؤخرا طرح مجموعة أفلام فيلليني في الأسواق الأمريكية بصيغة بلو راي. ويضم الصندوق المسمى Essential Fellini (فيلليني الأساسي) ١١ فيلما من أفلامه بعد ترميمها بالاضافة الى أفلام وثائقية عنه وعن ابداعه وتسجيلات صوتية ومرئية لعملية اخراجه للأفلام. ومواد أخرى فيلمية ومطبوعة تتعلق بعالم فيلليني المبهر. صحيفة "وول ستريت جورنال" وهي تحتفي بفيللينى وعالمه السينمائي الساحر وصفته بالأيقونة الايطالية كما أنها رأت في هذه المجموعة الصادرة حديثا من أفلامه "احتفالا بالسخرية ومشاعر التعاطف الإنساني التي جعلت أفلامه تبقى في الذاكرة."

ولم تنسى الشركة المنتجة لهذا الصندوق التحفة أن تقوم بتذكير عشاق السينما وأفلام فيلليني بما قاله سكورسيزي عن المبدع الايطالي:

".. لا يكفي تسمية فيلليني بأنه كان صانعا لأفلام .. لقد كان مايسترو. لقد كان سينما. أعمال فيلليني تعد كصندوق كنوز تفتحه فتشهد عالما من العجائب ـ رؤي مضيئة من الجمال والرعب والعبث .. حيث يصبح القديم والحديث واحدا.. حيث تتحطم جميع الحواجز بين الواقع والخيال.. أمام عينيك !!

 

جريدة القاهرة في

08.12.2020

 
 
 
 
 

ليالى القاهرة السينمائى.. أجواء فنية تعيد الروح للفن السابع

انتعاشة للسينما المصرية واحتفاء بنجوم أثرت الشاشة العالمية

كتبت- دينا دياب: تصوير- رشدى أحمد:

أجواء سينمائية خاصة تعيشها مدينة القاهرة بعروض الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، التى تقام فعالياتها بدار الأوبرا المصرية وسينما الزمالك واديون وغيرها من قاعات العرض السينمائية.. وترصد «نجوم وفنون» أبرز فعاليات المهرجان، الذى لاقى لأول مرة فى تاريخه إقبالًا جماهيريًا وفنيًا غير مسبوق على كافة الفعاليات، بداية من الندوات التى تقام فى مسارح الأوبرا المختلفة، التى تحظى باهتمام الفنانين بجانب الجمهور، بالإضافة إلى حضور الأفلام التى تلافت إدارة المهرجان أزمة الزحمة بعمل 3 عروض للأفلام التى تحظى بإقبال جماهيرى مثل حظر تجوال وعاش يا كابتن وارض الرحل، كذلك الفعاليات المقامة على هامش المهرجان مثل مئوية فلينى وأيام ملتقى القاهرة السينمائى، كل ذلك وسط إجراءات احترازية مشدده للتصدى لجائحة فيروس كورونا.

مئوية فلينى.. احتفالية تليق بمخرج الروائع

من ضمن الفعاليات التى حظت بنجاح كبير هو افتتاح معرض فلينى، للصور الفوتوغرافية بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد المخرج الإيطالى، وتم تنظيم المعرض بالتعاون مع المركز الثقافى الإيطالى بالقاهرة، وعرض عددًا من الصور لأفلام فلينى وهى تصنع.

كما حاز الفيلم الوثائقى «فيلينى للأرواح» لأول مرة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذى شهد إقبال جماهيرى كبير للتعريف بالمخرج الأبرز فى إيطاليا، كما عرض المهرجان 4 نسخ مستعادة من أفلام فيلينى بما فى ذلك 8 1⁄2 « (1963)، «ليالى كابيريا» (1957)، «جولييت من الأرواح» (1965)، «لا دولتشى فيتا» (1960).

يذكر أن المخرج يسرى نصرالله، أصر على تقديم فقرة ضمن فعاليات افتتاح الدورة الـ42 للمهرجان، بعنوان «مئوية فيليني»، التى تتحدث عن الأعمال الفنية للمخرج الإيطالى فيديريكو فليني.

المسابقة الدولية.. المنافسة مصرية بين «عاش ياكابتن» و«حظر تجوال»

تحظى المسابقة الرسمية بأهمية خاصة ضمن فعاليات المهرجان هذا العام، التى يشارك فيها 15 فيلمًا للعرض الأول فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط، حازت الأفلام على إعجاب الجمهور، وعرض أغلبها 3 مرات، ولكن تظل المنافسة شرسة بين فيلمى «حظر تجوال» وفيلم «عاش ياكابتن»، ما ميز أفلام المسابقة هو إقامة سجادة حمراء لأغلب الأفلام واهتم الفنانون بحضورها للتعرف على ثقافات جديدة وكذلك إعطاء المهرجان روحًا فنية وإعلامية متميزة، حيث شهد عرض فيلم «عاش ياكابتن» حضور جماهيريًا وفنيًا كبيرًا فى عرضيه فى دار المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية وكذلك فى سينما اوديون، وحضر العرض أبطال الفيلم الحقيقيين، بعد أن قدمتهم مخرجة الفيلم مى زايد، التى تمنت أيضاً وجود كابتن رمضان مدرب البطلات.

وأقيمت ندوة ظهر الاثنين الماضى حكت فيها المخرجة مى زايد فكرة تقديم الفيلم قالت فيها إنها تعتبر الفيلم بشكل عام توثيقًا لمشوار المرأة المصرية من خلال بطولات مختلفة وشخصيات قوية مختلفة.

وقالت: «أعتبر الفيلم انتصارًا للمرأة، وتقديرًا لدورها، ولكـن لم يكن هـذا المحرك الرئيسى، بـل بالنسبة لى يمكن القول إن بطلات الفيلم مثل «زبيبة، ونهلة، وعصمت» وكل البنات فى الفيلم ملهمات كأشخاص قبـل أن يكونوا سيدات حتى كابتن رمضان الـذى ظـل 20 سـنة مدربًا للبنات ملهـمًا لنـا، الحكايـة فى مجملها كانت مبهرة، كل الناس ممكـن أن تتفاعل معها، وأنا أحـب مشـاهدة أفـلام بها شخصيات نسائية قوية، وأعمل أفـلامًا عـن سيدات قويات وزبيبة والبنات مبهرات فى حلمهـن الذى يكسر كل التوقعات، ويثابـرن حتى تحقيقه، وتأثيـره ليـس على السيدات فقط بل المرأة والرجل أيضاً.

كما عرض فيلم «دروس فى اللغة الألمانية» إخراج بافل جي. فيسناكوف من بلغاريا وألمانيا، بحضور عدد من صناعة ونال الفيلم إعجاب الجمهور لتناوله قضية إنسانية، حيث تدور أحداث الفيلم حول نيكولا الذى يعمل سائقًا فى بلغاريا، لكنه يقرر الانتقال إلى ألمانيا ليبدأ بداية جديدة يتخلص فيها من ماضيه السيئ. قبل السفر يجد نفسه يعيد النظر فى ماضيه ليسأل أن كان يستطيع أن يطوى صفحة الماضى ويبدأ من جديد.

الفيلم يقدم للمشاهدين شخصية نقيض البطل بشكل لافت، إذ تجمع شخصية نيكولا الكثير من المتناقضات، بين الحب والعنف، والرغبة فى البقاء مع أحبائه والحاجة إلى الرحيل. دراما تحمل الكثير من الجوانب الإنسانية والمأساوية كذلك، وبطل يصعب توقع خطواته القادمة، فبينما يبدو على حافة الانهيار نجده يجاهد ليقطع أشواطًا إضافية ولا يخسر أحبائه، لنستمر فى التساؤل: متى سيتوقف عن المحاولة؟

كما نال الفيلم الفرنسى الفيلم الفرنسى «جاجارين» للمخرجين فانى لياتارد وجيريمى ترويله فى عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا إقبالًا جماهيريًا، تدور أحداث الفيلم حول المراهق «يوري» الذى يقاتل وحيدًا من أجل إنقاذ المدينة السكنية التى يقطنها فى باريس، التى تحمل اسمه واسم رائد الفضاء الروسى «يورى جاجارين»، وذلك بعد أن بدأت السلطات الفرنسية فى إزالتها، والفيلم رومانسى وحاز على إعجاب الجمهور بشكل كبير.

الفيلم يطرح قضايا المراهقة المفضلة لدى كثير من السينمائيين حول العالم حاليًا ويمزج بمهارة بين الواقع والخيال والحلم والحقيقة رغم أنه يتناول موضوعًا واقعيًا جدًا وآنيًا جدًا، وهو قرار الحكومة الفرنسية بإزالة مشروع «جاجارين» السكنى الذى كان قد افتتح عام 1963- فى حضور رائد الفضاء الروسى- فى ظل تولى الحزب الشيوعى الفرنسى الحكم، لتتجاوز الإزالة فكرة هدم بعض البيوت وتكون رمزًا لزوال عصر بأكمله بكل ما ينتمى إليه.

نجاح كبير لفعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما.. وعرض المسلسلات وندوة الاتجار بالبشر اختتمت أول أمس فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما، التى حظت بنجاح كبير فى دورتها الثالثة التى استمرت فى الفترة من 4 وحتى 7 ديسمبر، حيث شهد فعاليات جديده لأول مرة فى دورات المهرجان.

للمرة الأولى يعرض ضمن الفعاليات مسلسلات درامية، حيث شهدت العرض الأول لمسلسلى «أنصاف مجانين» و«وادى الجن» من إنتاجات Viu الأصلية.

وشهد العرض حضورًا فنيًا كثيفًا، من بينهم هانى رمزى، ومحمد الشرنوبى وزوجته، وهنا شيحة، أحمد حاتم، ومريم الخشت، وتارا عماد، وبشرى، وبسنت شوقى، والسيناريست تامر حبيب.

وحاز العرض إعجاب الجمهور الذى ظل يسقف لفترة طويلة بعد عرض كل مسلسل، كما أشاد الجمهور بقوة الأعمال وتصويرها، مشيرين إلى أنها ترتقى لمنافسة الأعمال التى تنتجها منصات أجنبية.

مسلسل «أنصاف مجانين» مقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتبة السعودية د. شيماء شريف، التى تروى حكاية أنس الذى يخضع لعملية زراعة قلب ويبدأ بعد العملية بسماع صوت المتبرّع الذى يحثه على حل لغز فشل فى حله أثناء حياته، لينطلق فى رحلة للبحث عن الحلقة المفقودة.

المسلسل من إخراج عمر رشدى، وبطولة الفنانين المصريين أحمد خالد صالح وأسماء جلال.

أما مسلسل «وادى الجن» فهو من إخراج حسام الجوهرى، وبطولة خالد كمال، فراس سعيد، يوسف عثمان، ليلى أحمد زاهر، حسن مالك، سينثيا خليفة، هنا داوود، محسن منصور، رؤى شنوحة، عبدالرحمن اليماني.

بالإضافة إلى ظهور خاص للنجمة بشرى والنجمة ريهام سعيد. ويصوّر هذا المسلسل الخيالى حكاية أربعة طلاب جامعيين يستكشفون كهوف منطقة وادى الجن الغامضة، ويجدون أنفسهم عالقين فى عالم سفلى خفى تسيطر عليه قوى سحرية شريرة.

كما أقيمت جلسة نقاشية تحت عنوان «هل تسهم السينما فى التوعية بمخاطر الاتجار بالبشر؟»، وأدارت الجلسة مريم فرج مديرة المسئولية المجتمعية فى MBC، وشارك فى الحوار السفيرة نائلة جبر رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، ولوران دى بوك رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية فى مصر، وكريستينا ألبرتين الممثل الإقليمى لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى النجمين آسر ياسين ونيللى كريم، وأقيمت الحلقة برعاية اللجنة التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.

وقالت نيللى كريم إنها حاولت منذ فترة صناعة فيلم عن الحالات المأساوية التى كانت تراها وتعانى من الاضطهاد، وقامت ببحث كثير ومكثف، ولكنها وجدت أن الأمر صعب ولا يستطيع شخص واحد التكفل به وإنما يحتاج إلى المؤسسات الإنسانية التى تقدم الدعم الدائم لهذه الحالات وتتكفل بهذا الأمر، مشيرة إلى أن هذه المؤسسات عندما يتصل بها أى شخص تتحرك فورًا لتقديم الدعم، مسترشدة بحادثة كانت منذ فترة عن طفلة تعذب من قبل زوجة والدها.

وقال آسر ياسين إن من واجب كل فنان وبالأخص من تم تقليده بمنصب سفير نوايا حسنة، أن يكون فعالًا ويقدم الدعم الدائم ويعمل بجانب المؤسسات الإنسانية، وألا يكون المنصب بالنسبة له شكل أو صفة.

كذلك أقيمت ندوة بعنوان «خانة النوع: أن تكونى امرأة فى المجال الإبداعي»، شارك فيها كل من عماد كريم المتخصص فى الابتكار والتوعية فى هيئة الأمم المتحدة للمرأة والمنتجة المنفذة هند رضوان ومدربة التمثيل مروة جبريل والممثلة جميلة عوض والمطربة دينا الوديدى، بالإضافة إلى علياء زكى مديرة أيام القاهرة لصناعة السينما.

أشارت جميلة إلى أن رغم ميول عبدالناصر الصعيدية إلا أن أول سيدة تتولى منصب وزيرة كانت فى عهده.

وأوضحت جميلة أنه برغم بداية الانفتاح فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كانت البطولة النسائية فى الأفلام تقتصر على الأدوار الرومانسية فقط، وظل الأمر حتى وقت قريب إلى أن بدأنا نشاهد أعمال تتحدث عن قضايا المرأة.

 

####

 

على هامش فعاليات الدورة 42

صناع السينما على مائدة مستديرة في مهرجان القاهرة

كتبت - لمياء نبيل

نظم مهرجان القاهرة السينمائي، "مائدة مستديرة" قدمتها الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد، لطرح كثير من الأسئلة عن مستقبل صناعة السينما والتحديات التي تواجهها في الرقابة والإنتاج، سواء قبل جائحة كورونا، أو بعدها، وذلك عبر استضافة سينمائيين ينتمون إلى فئات عمرية مختلفة، في مجالات الإخراج والإنتاج والكتابة.

"المائدة المستديرة" تم إنتاجها بشراكة من مهرجان القاهرة وشركة لاجوني للإنتاج، وتم بثها على ثلاثة حلقات عبر منصات المهرجان على مواقع التواصل

الاجتماعي، من إخراج هشام فتحي، حيث كانت الحلقة الأولى مع المنتجين، وشارك فيها محمد حفظي، وماريان خوري، وهشام سليمان، وأحمد بدوي، وهاني اسامه، وشاهيناز العقاد.

وكانت الحلقة الثانية بمشاركة المخرجين يسري نصر الله، وهاله خليل، وأمير رمسيس، وأحمد فوزي صالح، وأمجد ابو العلا، وسامح علاء، أما الحلقة الثالثة والأخيرة فكانت بمشاركة الكتاب هاني فوزي، وزينب

عزيز، وتامر حبيب، ومصطفي صقر، وكريم يوسف.

وقال هشام فتحي، إن مهرجان القاهرة قرر أن يعيد إحياء هذا النوع من البرامج عبر منصاته خلال الدورة 42، بعد سنوات من توقفها، مشيرا إلى أن فكرة تنظيم مائدة مستديرة، لصناع السينما، سبق وقدمها إعلاميين مصريين، كان آخرهم الإعلامية الكبيرة سلمى الشماع، كما أنها منتشرة عالميا.

وأكد "فتحي"، أن مهرجان القاهرة، وجد ضرورة لإعادة إحياء هذا النوع من الحوارات، مع المتخصصين، ليتحدثوا عن الصناعة والتحديات التي تواجهها، ويكون لديهم فرصة لاقتراح الحلول، ضمن فعاليات حدث سينمائي كبير مثل مهرجان القاهرة.

 

الوفد المصرية في

08.11.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004