كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

الأفلام الروائية العربية في مهرجان الجونة تدخل مطبخ "العالم":

قراءة نقدية لفيلم "ميكا" المغربي

الجونة ـ عدنان حسين أحمد

الجونة السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

تضمّنت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الجونة الرابع، 16 فيلمًا بينها ثلاثة أفلام عربية وهي "ميكا" للمخرج المغربي اسماعيل فروخي، و "200 متر" للمخرج الفلسطيني أمين نايفة، و "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنيّة. وسوف نركّز في هذه التغطية على الفيلمين الأول والثاني فقط لنعطي صورة دقيقة للمساهمة العربية في هذه الدورة، ونحاول أن نقيّمها بحيادية عالية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. ومن بين الأفلام المشاركة في هذه المسابقة "إلى أين تذهبين يا عايدة؟" لياسميلا زبانيتش، و "زوجة جاسوس" لكيوشي كوروساوا، و "اسمع" لآنا روشا دي سوسا وغيرها من الأفلام النوعية المتميزة.

"ميكا" يحلّق من قاع المجتمع إلى سماء الشهرة والنجومية

وأول هذه الأفلام الروائية العربية الثلاث هو فيلم "ميكا" للمخرج المغربي اسماعيل فرّوخي، الذي تنافسَ في هذه المسابقة، لكنه خرج خالي الوفاض رغم أن فيلمه كان سلسًا، ومتدفقًا، ولم نشعر، نحن المُشاهدين، بالملل أو الضيق طوال مدة العرض التي استمرت 90 دقيقة. وأنّ عدم فوزه بأي جائزة لا يقلل من أهميته الفنية والفكرية والجمالية فهو من الأفلام الخفيفة الظل رغم فظاظة الأجواء التي تحيط بشخصية ميكا، وتحاول الحدّ من طموحاته اللامحدودة، وتسعى لكسر إرادته التي دفعته لغوض العديد من المغامرات رغم المخاطر التي تتربص به من كل حدبٍ وصوب.

تُعدّ الهجرة واحدة من الثيمات المُلهمة للمخرجين المغاربة الذين يرصدون واقعهم الاجتماعي المكتظ بالمشاكل الاقتصادية والسياسية والنفسية. وربما تكون هجرة الشباب طبيعية ومألوفة لكنها تصبح قضية مثيرة للجدل حينما تصل إلى مستوى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سن العاشرة كما هو الحال في فيلم "ميكا" لاسماعيل فروخي المقيم في باريس حاليًا حيث التقى بعدد من الأطفال المهاجرين الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشر، واستمع إلى معاناتهم المؤسية، والمعضلات الكبيرة التي واجهوها في أثناء ركوبهم "زوارق الموت" بَغية الوصول إلى الضفة الأوروبية الآمنة التي يعدُّها الكثيرون "أرض اللبن والعسل" حيث يحصلون على فرص العمل بأجور مُجزية، وتُؤمَّن  لهم الرعاية الصحية المجانية، والسكن الملائم للعيش الكريم، وربما يواصل بعضهم تحصيله الدراسي الذي يؤهله لوظيفة مناسبة في دوائر الدولة المُضيّفة.

تعتمد حبكة الفيلم على قصة بسيطة تترمحور على الطفل ميكا "زكريا عنان" الذي يعيش في أحد الأحياء الفقيرة في مدينة مكناس. ونظرًا لمرض أبويه والفقر المدقع الذي تعاني منه أسرته المتواضعة يقرّر السفر إلى الدار البيضاء برفقة رجل يعرّفه على شخص يعمل في نادٍ للتنس ترتاده النخبة المغربية الميسورة الحال. وبما أنّ الطفل ميكا ذكي، سريع الالتقاط والتعلّم فقد لاحظته صوفيا "صابرينا وازاني" وانتبهت إليه، وقرّرت أن تحتضنه، وتنمّي فيه هذه الموهبة الرياضية التي تفتّحت على حين غِرّة. يُدرك المخرج اسماعيل فروخي من كثب التفاوت الكبير بين الطبقات الاجتماعية في المغرب، فإما أن يكون الإنسان فقيرًا مُعدَمًا أو ثريًا ثراءً فاحشًا بينما تنحسر الطبقة المتوسطة التي تشكّل عماد الحياة في أي مجتمع حديث. ومع ذلك فإن صوفيا، مُدربة التنس تُوحي بانتمائها إلى الطبقة المتوسطة العليا لكنها تتعاطف مع الفقراء وخاصة الأطفال الأذكياء منهم وعلى رأسهم ميكا القادم من أحياء الفقر والجوع والحاجة. ينتبه ميكا إلى وضعه الاجتماعي فيُدرك عبر مجسّاته الداخلية أنه يعيش في عالمٍ يفتقر إلى العدل والمساواة ولا يستطيع أن يفسّر السرّ الكامن وراء فقر أسرته، وثراء بعض الأسر الأخرى في هذه السن المبكرة من حياته. ولعل القرار الذي اتخذه أكبر من سنه بكثير وعليه أن يتصدى لهذا العالم الوحشي الذي يعيش بين ظهرانيه، لكنه لم يكن يدري بأنه سيواجه العديد من المواقف المُذلّة التي تزدريه لأنه ينتمي إلى قاع المجتمع المغربي، ومع ذلك يُصرّ على تغيير مصيره، ويعبئ رأسه كل يوم بأحلام جديدة.

حينما يستقبله الحاج قدّور "عز العرب كغاط" في الدار البيضاء لم يكن "ميكا" مُدركًا تمامًا لطبيعة الحياة الاجتماعية في مدينة كبيرة مثل الدار البيضاء التي تضم مختلف الشرائح الاجتماعية، ففيها الأثرياء والفقراء، والأخيار والأشرار، والمتنوّرين والجهلة، وكما هي العادة فإن الأطفال هم الأكثر وهنًا وعُرضة للمخاطر الجدية مثل السرقة، والإيذاء البدني، والتحرّش الجنسي أو توريطهم في عالم المخدرات والمتاجرة بالممنوعات والأشياء المحظورة. ويبدو أنّ ميكا قد تعرّض لغالبية هذه المخاطر لكنه انتصر عليها تباعًا حينما قرّر في داخله أن يُتقن رياضة التنس التي كان يمارسها كلما سنحت له الفرصة وعندما انتبهت إليه صوفيا وضعت له برنامجًا مُشددًا اكتشفت من خلاله قدراته الرياضية، وتقنياته التي كانت مخبأة في الأعماق. أما الحاج قدّور الذي كان مسؤولاً عنه فلم يرُق له هذا التمرّد والخروج عن الطاعة حيث يعطيه أجره، ويطرده لكنه يتعرض ثانية للسرقة والتعنيف الجسدي على أيدي عصابة من الصبيان والشباب فيعود مكسورًا مدحورًا إلى الحاج قدّور الذي يعيده إلى العمل على وفق شروطه الجديدة لكن صوفيا تتدخل ثانية وترجوه أن يسمح له بالتدريبات اليومية على رياضة التنس فيوافق هذا الأخير ويترك له الحبل على الغارب. يتوزع ميكا بين العمل والتدريب اليومي وينجح فيهما معًا لكن موهبته الرياضية تتطور بشكل ملموس إلى الدرجة التي تثير فيها دهشة وإعجاب المدربة صوفيا التي تقترح عليه بأن يشارك على مستوى أندية المملكة الأمر الذي يدفعه للتخلي عن فكرة الهروب إلى أوروبا حيث يلغي الاتفاق الذي عقده مع أحد المهربين ويحتفظ بالساعة الثمينة التي أعطتها صوفيا إليه بدلاً من أجرة التهريب. لم يكن مهمًا أن يفوز أو يخسر في المباراة الوطنية التي أُجريت على مستوى المملكة لكنه الآن أصبح في عداد المشهورين وصار اسمه يتردد في الصحف، والمجلات، وعلى ألسنة المعجبين وربما تكون اللقطة الأخيرة التي ظهر فيها أحد الصقور وهو يحلّق في سماء ملاعب التنس هي إشارة صريحة إلى أن ميكا قد حلّق في سماء الشهرة والنجومية وصار اسمه ذائعًا ومعروفًا في الأوساط الرياضية. ومنذ هذه اللحظة الفارقة سيغادر عالمه الفقير، الضيق، ليلج إلى عالمٍ أوسع تطرّزه الأحلام والأماني الكبيرة التي صنعها بإرادته القوية، وصبره، ومثابرته، وكل هذا لم يكن يتحقق لو لم تفتح له صوفيا كوّة الأمل، وتنبش فيه منجم الخبرات الكامنة وتقدّمه بالصورة الجديدة التي يحملها الآن.

لابد من الإشارة إلى أنّ أداء الممثلة صابرينا وازاني كان مستوفيًا لشروط الشخصية التي تقمّصتها فلم تقع في الانفعال والمبالغة، كما أنها لم تنحدر إلى ما هو أقلّ من مستوى الشخصية. وكالعادة فإن شركة الإنتاج الفرنسية "لابرود" تفرض شروطها في حالة الدعم كأن تكون إحدى الشخصيات فرنسية أو تتحدث باللغة الفرنسية، وهذا ما رأيناه في فيلم "ميكا" حيث كانت صوفيا تتحدث بالفرنسية دائمًا، وباللغة العربية في حالات الضرورة القصوى. أما الطفل ميكا الذي يبلغ من العمر 10 سنوات فقد أدّى دوره باتقان شديد ومحبة كبيرة، وأعتقد أن هذا الصبي سيكون ممثلاً جيدًا إن هو واصل شغفه بالتمثيل. بينما تفرّد عز العرب كغاط بأدائه المميّز، فهو ممثل محترف ومعروف في المشهد الفني المغربي وقد جسّد دوره الهادئ بكثير من الدقة، والأناة، وحسن التعبير. بقي أن ننوّه بالمخرج اسماعيل فروخي الذي سبق أن عرفناه في أفلام مثل "البيان" و "الرحلة الكبرى" و "رجال أحرار" فقد حقق رؤيته الإخراجية في هذا الفيلم الذي يتعلق بهجرة الصبيان المغاربة إلى أوروبا بحثًا عن مستقبل أفضل. وبحسب تصريحاته في الدورة الرابعة لمهرجان الجونة عام 2020 فإنّ فيلمه القادم سيعالج موضوع معاناة المهاجرين المغاربة بعد وصولهم إلى فرنسا وكيفية اندماجهم في المجتمع المضيّف أو نبوّهم عنه.

 

العالم العراقية في

05.11.2020

 
 
 
 
 

3 أفلام أجنبية ميزت "دورة العودة إلى الحياة" في الجونة

حب افتراضي روسي ورجل مجهول بولندي وفتاة سمراء من المكسيك

هوفيك حبشيان

بعيداً من السجادة الحمراء والتعليقات على فساتين الفنانات، عرضت الدورة الرابعة من مهرجان الجونة تشكيلة متنوعة من الأفلام الجديدة، التي جاءت بها من الموعد السينمائي الوحيد الذي انعقد هذا العام بعد تفشي وباء كورونا، والمقصود به موسترا البندقية. عشرات الأفلام كان لنا نصيب مشاهدتها على الشاشة الكبيرة، بعد أشهر من العزلة في البيوت والاكتفاء بالمشاهدة المنزلية. ويمكن التأكيد أن هذه الطبعة من الجونة كانت بمنزلة طبعة العودة إلى الحياة من خلال العودة إلى السينما، عبر سلك درب صالاتها التي بتنا نفتقدها. في الآتي، ثلاثة أفلام لفتت الأنظار، بعضها بقي خارج حسابات لجنة التحكيم برئاسة المخرج البريطاني بيتر ويبر. 

"صبي الحوت"

فيليب يورييف مخرج روسي سبق أن برز عمله القصير "أغنية السمكة الميكانيكية" في مهرجان ساندانس قبل سبع سنوات. كان الفيلم عن حكاية رجل يقرر أن يقوم برحلة طويلة لحضور عرس ابنته، على رغم انفصاله عن أمها قبل سنوات بعيدة. مع "صبي الحوت"، يقدم يورييف باكورته الروائية الطويلة، وقد فاز عنه بالجائزة الكبرى لقسم "أيام فينيسيا" في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية السينمائي. ما يقترحه هنا هو فيلم في منتهى الغرابة، تحدث فصوله في منطقة لورينو الروسية، وهذا على الأرجح أول ظهور لهذا المكان على الشاشة. يحتاح المشاهد إلى كثير من الصبر كي يصل إلى الخاتمة التي تمنح فجأةً قيمة غير متوقعة للفيلم. البطل هو شاب اسمه ليشكا، يعيش ويعمل في الجزيرة المعزولة التي تقع على مسافة غير بعيدة من ألاسكا وأميركا. يكسب ليشكا قوته من صيد السمك كمعظم الذين يعيشون في البلدة، لكن ما يميزه عن الآخرين، هو أنه بين الحين والآخر يجلس أمام الكمبيوتر، ويتحدث مع فتاة من فتيات الإنترنت اللواتي يقدمن خدمات جنسية افتراضية. الإنترنت دخل الجزيرة حديثاً، لذا فهو صيحة تلهي الشباب المكبوت الذي يحلم بأميركا، وليشكا منهم. لكن الأخير يذهب أبعد من البقية، فيحاول التواصل مع الفتاة الغاوية خارج الحياة الافتراضية، بعدما يقع في غرامها. فجأةً، نراه يحاول بلوغ أميركا، هذه الأرض القريبة جغرافياً والبعيدة ثقافياً. 

لا توجد محاولة في الفيلم لتقديم رؤية أنتروبولوجية تغوص في دراسة الشعب المقيم على هذه الجزيرة وعاداته وتقاليده. كل شيء يدور حول مزاج شخصية الصبي الذي يصبح من الواضح بالنسبة إلى المشاهد أنه ما عاد يميز بين الواقع الذي يعيشه والخيال الذي يتوق إليه. نظرته المملوءة بالبراءة تصبح النظرة التي يرى بها المشاهد الأحداث. يقترح يورييف فيلماً عن شاب يطمح إلى موطئ قدم في العالم الحزين الذي يعيش فيه، محاولاً الهرب إلى حيث الجنة التي "نبتت" في مخيلته. 

"لن يسقط الثلج مجدداً"

فيلم آخر جاء به مهرجان الجونة من البندقية، ونال الإعجاب في المهرجانين، ورشحته بلاد المنشأ بولندا، ليمثلها في جوائز الـ"أوسكار" 2021. هذا أحد أكثر النصوص السينمائية غرابةً في هذا العام الفقير سينمائياً، لكن الملم بسيرة المخرجة البولندية مالغورزاتا زوموفكسا لا يفاجئه جديدها. هي صاحبة خيارات جمالية وسردية، فما بالكم إذا تعاونت في الإخراج هذه المرة مع مدير تصويرها وكاتب سيناريو بعض أفلامها، وأقصد به ميشال انغلرت. في السنوات الأخيرة، وفي إطار زمني قياسي، رأينا زوموفسكا وهي تقطع شوطاً كبيراً في صناعة دهشة بألوان سينمائية فاقعة.

الفيلم يعرفنا على شخص غريب الأطوار يأتي من “المجهول”. إنه جينيا (أليك أوتغوف)، صاحب طلة بهية يشبه إلى حد ما الشخصية الرئيسة في “تيوريما” لبازوليني. نراه في بداية الفيلم يعبر الحدود الأوكرانية ليحط في بلدة واقعة في ضاحية العاصمة وارسو، حاملاً طاولة تدليك تحت ذراعه. يتبين أنه يمتلك موهبة شفاء الأوجاع. جينيا كاريزماتي جداً، يثير الإعجاب بسهولة، يتعلق المتفرج به مشهداً بعد مشهد، قبل أن يقع الفيلم بأكمله تحت سحره، حد أن يصبح محركه. سيتنقل من بيت إلى بيت، داخل مجمع سكني كل قاطنيه من الطبقة الميسورة، أفراده يتشابهون رغم اختلاف همومهم ومشاكلهم التي سيلتقطها الرجل الساحر بحماسة قل نظيرها.

وبفضل أسلوبه الذي هو مزيج من القسوة والرقة، يصبح صديقنا المدلك النجم الذي يحتاج إليه الكل، فيغدو المصلح الاجتماعي الذي يأتي بالحلول السحرية لناس في حالة من اليأس الشديد. والأهم أنه يمنحهم السعادة، وهي أكثر ما ينقصهم. ملامح حياتهم ستتبدل، وهم قابعون داخل جدران تمنع عنهم أصداء عالم بعيد. بنمط سينمائي تبرع فيه، صاغت المخرجة نصاً زاخراً بالتفاصيل يروي شيئاً عن السلطة والتسامح والأمل.

"أدغال تراجيدية" 

ثالث فيلم جاءت به إدارة الجونة من البندقية. العمل يحمل توقيع يوليني أولايزولا، مخرجة مكسيكية ثلاثينية كان فيلمها الأول “شكسبير وحميميات فيكتور هوغو" (وثائقي) فاز بأكثر من 30 جائزة دولية، من بينها واحدة في سان سيباستيان. "أدغال تراجيدية" هو تجربتها الإخراجية الخامسة، فكان عرضه الأول في مهرجان البندقية (قسم "أوريزونتي"). مديرة التصوير الكولومبية صوفيا أوجيوني تولت إضاءة الفيلم في ظروف تصوير معقدة جرى في البرية. 

نحن حيال فيلم حسي تجري فصوله في المنطقة الحدودية الواقعة بين المكسيك وهندوراس البريطانية (بليز حالياً). الغابة الاستوائية المطيرة هي مسرح الأحداث. بإيقاع متمهل، وتشكيل بصري فيه كثير من العناية، وشخصيات تتسم بالقسوة، وحكاية تنطوي على حركة ومغامرات وتشويق، نمضي إلى فيلم عميق، روحاني، متفرد في رؤيته، ويبقى لفترة ماثلاً في وجدان المشاهد بعد خروجه من الصالة. تحملنا أولايزولا إلى أعماق الطبيعة، حيث الكائنات النائمة في تفاصيلها، والأرواح المعششة في حضنها، والأشجار التي تنتظر من يستخرج منها ما تخفيه كسر من أسرار الوجود. وهو الشيء (السر) الذي يزخر به الفيلم، بالإضافة إلى الغموض ورائحة الموت التي يعبق بها المكان. 

تجري الأحداث في العشرينيات، علماً أنه من الصعب ملاحظة هذا التفصيل لولا الحكاية التي تعود بنا إلى حقبة كولونيالية تتمحور على شخصية فتاة بليزية سمراء تُدعى أغنيس (إنديرا أندروين في حضور أكثر من لافت)، نتعقب عملية هربها وشقيقتها من مالك أرض إنكليزي ترفض أن تتزوجه. إثر هذا الرفض، تنطلق مطاردة ستلقي بأغنيس في حضن مجموعة من العمال المكسيكيين يستخرجون الصمغ من الشجر. العلاقة معهم إشكالية وستستمر على هذا المنوال، ليغدو كل فرد من هؤلاء منقذاً لها و"سجانها" في الوقت عينه. يعتقد هؤلاء ان أغنيس من شياطين المايا، جمالها سيقودهم إلى حتفهم. 

الفيلم مشبع بلحظات صوفية ويأخذ الاتجاه الذي ما كان من الممكن ان يأخذه لولا انشغال المخرجة بإعطاء الحكاية أبعاداً فلسفية من وحي أساطير المايا. أما الغابة فهي الشخصية الرئيسة التي لا تترك أي انتهاك يمارس عليها، من دون أن تعود وتثأر. إنها الأم التي لها من الرأفة والقسوة ما يكفيها لصنع المعجزات.  

 

النهار اللبنانية في

07.11.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004