كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

حسن حسني: «أسطى التمثيل» وصانع الألعاب الكوميدية

عصام زكريا

عن رحيل القشاش

حسن حسني

   
 
 
 
 
 
 

القاهرة | رحل قبل أيام الممثل المصري الكبير حسن حسني (1931- 2020) عن عمر يقترب من التسعين، ورحلة طويلة شارك خلالها في ما يقرب من 500 عمل سينمائي وتلفزيوني ومسرحي، امتدت منذ بداية ستينيات القرن الماضي وحتى أيام قليلة قبل رحيله. كلّها تقريباً في أدوار ثانية أو ثالثة، لكنها صنعت منه نجماً لا يقلّ عن أشهر نجوم الأداء. رحلة تكلّلت بتكريمه في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» العام الماضي، واختتمت بمشاركته، رغم الشيخوخة والمرض، في مسلسل «سلطانة المعز» الذي عُرض في رمضان الماضي، وفي السينما بفيلم «خيال مآتة» مع الكوميديان أحمد حلمي في العام الماضي.

عرفناه كبيراً، كأنه وُلد في الخمسين، مثل كثير من نجوم التمثيل الذين ظهروا قبل انتشار السينما، ولم يظهروا على شاشاتها إلا كباراً: يوسف وهبي، نجيب الريحاني، أمينة رزق، ماري منيب، عبد الوارث عسر، زكي رستم، وغيرهم... غير أن حسن حسني ولد بعد ظهور السينما، لا قبلها، وشارك في عشرات الأفلام منذ بداية الستينيات من القرن الماضي، في أدوار قصيرة لم ينتبه لها أحد.

ينتمي حسن حسني إلى نوع من الممثلين ينظر إلى مهنته باعتبارها «حرفة»

كان على حسن حسني، المولود عام 1931، أن ينتظر حتى يقترب من الستين ليصبح واحداً من ألمع كوميديانات التسعينيات وبداية الألفية الثالثة. شارك في ما يقرب من 500 عمل سينمائي وتلفزيوني ومسرحي، كان أولها فيلم «الباب المفتوح» (إخراج هنري بركات ـــ 1963)، لكن الشهرة لم تواتِه إلّا في سن متأخرة، عندما استوت ملامحه ونضجت موهبته واحتاجت أفلام التسعينيات إلى ممثل يلعب أدوار الآباء والموظفين و«المعلمين».

لم يبدأ حياته كممثل كوميدي. على العكس، كانت معظم أدواره حتى منتصف التسعينيات جادة. لمع في أدوار قصيرة لمخرجين متميزين مثل دور الضابط الكبير في «زوجة رجل مهم» لمحمد خان، ووالد الفتاة المغتصبة في «المغتصبون» (1989) لسعيد مرزوق، والمحامي في «المواطن مصري» (1991) لصلاح أبو سيف، ومساعد وزير الداخلية في «البريء»، والموظف المرتشي في «دماء على الإسفلت» (1992) لعاطف الطيب، وهو الدور الذي حصل عنه على جائزة أفضل ممثل من «المهرجان القومي للسينما» رغم أن دوره فيه ثانوي.

عمل حسن حسني مع مخرجين كبار آخرين: رضوان الكاشف في «ليه يا بنفسج» (1993)، داود عبد السيد في «سارق الفرح» (1995)، أسامة فوزي في «عفاريت الإسفلت» (1996)، في الوقت الذي شارك فيه أيضاً في العديد من المسلسلات التلفزيونية الشهيرة.

قبل دوره في «عبود على الحدود» (شريف عرفة، 1999)، كان حسن حسني قد ظهر في أكثر من مئتي عمل. لكن دوره كوالد علاء ولي الدين في هذا الفيلم يعتبر بداية جديدة لموهبته الكوميدية التي تفجّرت عبر أفلام المضحكين الجدد التي أغرقت السينما المصرية لأكثر من عشر سنوات تالية. بعد «عبود..» ثم «الناظر» مع عرفة وولي الدين أيضاً، تحول حسن حسني إلى تميمة في كل أعمال المضحكين الجدد: محمد هنيدي، محمد سعد، هاني رمزي، أحمد حلمي، أحمد مكي، رامز جلال وغيرهم.

أثار الضحك غالباً من خلال ملامحه الجادة، المتجهمة، التي تستقبل ما يفعله المضحكون باستغراب

تقوم الكوميديا بشكل عام على فكرة الجملة والرد عليها في المسرح أو لقطة الفعل ولقطة رد الفعل في السينما، أو «القرار» و«الجواب» في الموسيقى. لا يمكن لأي كوميديان أن يثير الضحك بدون «سنيد» خبير بجواره يجيد تلقي النكتة وإظهار رد الفعل المناسب الذي ينتقل إلى المشاهد فيضحك. برع حسن حسني بشكل خاص في دور رد الفعل، أو صانع الألعاب الذي يجيد توزيع الكرة للهدافين من المضحكين، فيسجلون أهدافهم مثيرين هتاف وضحكات المشاهدين. من الطريف أن حسن حسني نفسه ليس «كوميدياناً»، فهو لا يبالغ في تحريك جسده أو ملامح وجهه، ولا يرتدي ملابس أو يضع أكسسوارات مضحكة، ولا يطلق نكاتاً لفظية أو عبارات مضحكة بحدّ ذاتها، لكنه يثير الضحك غالباً من خلال ملامحه الجادة، المتجهمة، التي تستقبل ما يفعله وما يقوله المضحكون باستغراب أو اشمئزاز أو خوف، أو أي رد فعل مناسب تماماً لنوع الضحكة التي يفعلها أو يطلقها البطل.

ينتمي حسن حسني أيضاً إلى نوع من الممثلين ينظر إلى مهنته باعتبارها «حرفة»، أكثر منها «فناً»، أو «تقمصاً»، وهو في ذلك أشبه بـ «أسطوات» الحرف الفنية (لا تنسى أن كلمة art تعني الحرفة اليدوية، وكلمة «فن» تستخدم لوصف الإتقان الذي يتسم به أي عمل: فن الحرب، فن الحب، فن اللعب..). من هذا المنظور، فإن حسن حسني فنان أداء من الطراز الأول، تعامل مع التمثيل باعتباره مهنة وحرفة، بما يعني ذلك من إيجابيات وسلبيات. التواضع، الإخلاص والإتقان من الصفات الإيجابية التي نجدها في أعماله، تشهد عليها معظم أدواره، ونعرف أو نسمع عنها من حكايات الفنانين والتقنيين الذين عملوا معه. لكن من ناحية أخرى، هناك العشرات من الأعمال الرديئة أو متواضعة القيمة التي شارك فيها لمجرد أنّه لم يكن يستطيع أن يرفض عملاً، حتى وهو يعرف جيداً، بحكم خبرته وذكائه، أنها لن تنجح جماهيرياً أو أنها ضعيفة فنياً.

 

الأخبار اللبنانية في

01.06.2020

 
 
 
 
 

بين الإجراءات الاحترازية والمرض.. أسباب غياب الفنانين عن جنازة حسن حسني

كتب: ضحى محمد

أثار مشهد جنازة الفنان حسن حسني، جدلاً عبر السوشيال ميديا، فعلى الرغم من أنه شارك معظم الفنانين في أعمالهم الدرامية والسينمائية، إلا أن الجنازة اقتصرت على عدد محدود من أهله فقط، وخرج عدد من الفنانين لتبرير عدم تواجدهم في العزاء.

علق الفنان محمد هنيدي، على عدم حضوره جنازة حسن حسني: "الله يرحمه زى أبويا التاني، أكيد عمري ما هتأخر على وداع أخير له، إلا لسبب قوي، وعادةً مابحبش أتكلم لما بتعب.. بس قبل رحيل حبيبى حسن حسني بيومين كنت بأركب دعامات بالقلب والدكاترة مانعين أى حركة.. ربنا يرحمك يا عم حسن.. وماتحكمش على حد وخليك حسن النية ربنا دايما أعلم بظروف عباده".

بينما قال الفنان حمدى الميرغني، إن سبب غيابه عن الجنازة بسبب علمه متأخر عن موعدها: "الله أعلم بظروف كل شخص على حدة، ‏أنا مثلا واحد من الوسط الفني الملقى عليه اتهام التقصير في عزاء الكبير القدير المغفور له الأستاذ حسن حسني، استيقظت من النوم، ‏فوجئت بوفاته بعد دفنه، اتقوا الله واحترموا لحظة وفاته، وادعوا له بالرحمة والمغفرة خيرًا من الغيبة والنميمة، وإلقاء الناس بالباطل".

ولكن بررت الفنانة داليا البحيري عدم حضورها صلاة الجنازة قائلة، "والله عيب.. دى تعليمات دولة، ممنوع حضور الجنازات والأفراح لغاية ما تنتهى جائحة كورونا تماما، لو خالفنا نتشتم، ولو التزمنا نتهم بالنفاق، وعدم العرفان بالجميل".

 

الوطن المصرية في

02.06.2020

 
 
 
 
 

عمر الشريف يتأمل حسن حسنى!!

طارق الشناوي

حاولوا بكل إصرار صناعة أكثر من نجمة فى رمضان، صارت تلك النجمة تحتل عنوة العنوان، بينما الفشل فى نهاية الأمر كان هو حقا العنوان.

سر غامض، تلك هى النجومية، مهما حاولت أن تُمسك بأسباب موضوعية تكتشف أن (فى يديك الهواء).. ما يسكن تحت السطح أكبر بكثير مما تستطيع أن تراه بعينيك أو يقتنع به عقلك.

النجم هو ابن الزمن، دائما فى كل حقبة تظهر نجوم وتختفى أخرى، وفى كل المجالات، وهناك أيضا فن صناعة النجم.. هكذا مثلا كان لدينا المنتج الراحل رمسيس نجيب يجيد اكتشافهم وتلميعهم وتقديمهم للجمهور، فهو الذى دفع بنجلاء فتحى بطلة لفيلمه «أفراح» بعد أن كانت سعاد حسنى هى المرشحة، ولكنها أرادت زيادة أجرها، وكان يحرص على توفير كل سبل الدعاية لنجلاء، حتى تصدّرت صورتها واسمها علب «الكبريت»، وهو ما كرره أيضا مع محمود عبدالعزيز عندما غالى حسين فهمى فى أجره، فقرر أن يمنح البطولة فى (حتى آخر العمر) لوسيم آخر هو محمود عبدالعزيز، ولكن ما منح كل هؤلاء البقاء على القمة قبل الوسامة، قطعا هو الموهبة.

كيف تبرق المواهب الأخرى التى ليس لديها وهج سعاد ونجلاء وحسين ومحمود؟!.. كان لى حوار طويل قبل عامين مع حسن حسنى، حاولت أن أعثر فى كلماته وحكاياته على إجابة، وروى لى تلك الواقعة، تأملوها ربما نعثر معا على بداية الخيط.. عندما كان حسن حسنى فى حجرته بالأستوديو ينتظر أداء دوره أمام عمر الشريف فى فيلم (المواطن مصرى) إخراج صلاح أبوسيف، وذلك قبل نحو 30 عاما، فوجئ بأن مساعدة عمر الشريف الكاتبة إيناس بكر تطرق بابه وتطلب منه أن يأتى لعمر الشريف فى حجرته، فذهب مسرعًا، فوجده يقول له أنا معجب بك ولكنى لا أعرف اسمك، هل لديك مانع أن نعمل بروفة معا؟، وبدأ حسن يقرأ الدورين، لاحظ حسن أن الشريف يتابعه ولا يشاركه الحوار، وبعد ساعتين وقفا أمام كاميرا مدير التصوير طارق التلمسانى، فوجد أبوسيف أن عمر لايزال صامتا، فطلب منه أن يتكلم.. فأجابه: أتكلم إزاى وأنا أشاهد حسن حسنى.

عندما حصل عام 1993 على جائزة أفضل ممثل عن فيلمه (دماء ع الأسفلت) تأليف أسامة أنور عكاشة، إخراج عاطف الطيب، بينما كان كل النجوم بحجم نور الشريف ومحمود عبدالعزيز وأحمد زكى وعادل إمام فى مقدمة المرشحين لها، سألوه لمن تهديها؟ أجابهم «لاثنين زكى رستم وصلاح منصور»، وهكذا كان الفنان الكبير هو الامتداد العصرى لرستم ومنصور.

لدينا كبار لا يتمتعون بجاذبية الشباك، فلم يكن أى منهم يصنف كذلك، ولا تسند لهم بمفردهم البطولة، ورغم ذلك عندما نرصد تاريخ فن الإبداع نتوقف طويلا أمام تلك المواهب الاستثنائية. تميز حسن حسنى بموهبة إضافية بأنه وقف خلف جميع أبنائه من نجوم الألفية الثالثة ومنحهم ختم النجومية، بينما لم يحتل هو ولا مرة مقدمة (التتر) ولا صدارة (الأفيش).. مع الزمن سينسى الناس كل هؤلاء، ولن يتبقى سوى القادرين فقط على إثراء الشاشات، أمثال رستم ومنصور والمليجى وحسنى!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

####

 

نجوم الفن يبررون غيابهم عن جنازة حسن حسني:

«أسباب صحية.. ومش وقت بطولات»

كتب: مادونا عماد

برر عدد من نجوم الفن أسباب غيابهم عن تشييع جثمان الفنان الكبير حسن حسني.

وكشف الفنان أحمد سعد أسباب غيابه، عن جنازة الفنان حسن حسني، لافتًا إلى يرى في التجمعات خطورة، خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا، بينما أوضح أنه ليس العزاء الأول الذي يغيب عنه بل امتنع عن جنازات المتوفين من أقاربه، بسبب الوباء واهتمامه بملازمة المنزل والالتزام بالإجراءات الاحترازية.

وقال «سعد» عبر برنامج «TheInsider»الذي يذاع على قناة «دبي»: «البقية في حياتنا كلنا لرحيل فنان عظيم الأب والإنسان الخلوق.. إحنا مش هنعمل بطولات الناس لو كانت شافت الفنانين متجمعين دي رسالة غلط جدًا، واحنا في وباء ماينفعش خالص أي حد يروح».

تابع: «في ناس حواليا وقرايبي ماتوا أنا ماروحتش، وليس الأستاذ حسن حسني فقط، ومش وقته نعمل بطولات نقعد كل واحد يعمل ببطل أنه راح كل واحد يقرأ القرآن في بيته، احنا بنصلي لله من بيتنا مش هنقرأ القرآن في البيت!».

وسبق «سعد» عدد من الفنانين مُبررين غيابهم، فقال الفنان محمد هنيدي عبر «تويتر»: «حسن حسني الله يرحمه زي أبويا التاني، أكيد عمري ما هتأخر على وداع أخير له إلا لسبب قوي.. قبل رحيل حبيبي حسن حسني بيومين كنت بركب دعامات بالقلب والدكاترة مانعين أي حركة، ماتحكمش على حد وخليك حسن النية».

وقبل ساعات من تعليق «هنيدي»، أوضح الفنان بيومي فؤاد أسبابه، قائلًا: «لا أنا الكورونا مامنعتنيش، أنا عرفت من بالليل أن إحنا هنصلي الضهر وبعدين نصلي صلاة الجنازة على المرحوم حسن حسني وبعدين ندفن».

تابع: «أنا نزلت من الساعة 11 من بيتي وأنا في الطريق إلى المقابر قالولي إنهم دفنوا خلاص، كلمت الدكتور أشرف زكي وأوس أوس ومعتز التوني المخرج، وقالولي إنهم دفنوا خلاص»

أما حمدي الميرغني، فكان من أوائل المعتذرين عن عدم حضور العزاء، وقال: «استيقظت من النوم ‏فوجئت بوفاته بعد دفنه، اتقوا الله واحترموا لحظة وفاته وادعوا له بالرحمة والمغفرة خيرًا من الغيبة والنميمة وإلقاء الناس بالباطل». وكانت الانتقادات طالت الفنانين، بعد تعليق الفنان سعد الصغير وتفاجأه بغيابهم.

إذ قال «الصغير» عبر برنامج «ET بالعربي»، السبت الماضي، يوم وفاة الفنان: «توقعت الفنانين كلهم يجوا عشان نصلي عليه كلنا كثير.. الناس اللي ماجتش عشان كورونا أنت جاي عشان تتعظ والواحد بيجي عشان يتعظ». وتابع: «يلا كل واحد معاه عذره، كنت متوقع الفنانين يروحوا، يخافوا من إيه كلنا هنموت، زعلان جدًا أن الفنانين كلهم ماجوش»،

يذكر أن الفنان رحل عن عالمنا إثر أزمة قلبية مفاجأة، أدت إلى دخوله المستشفى، وظل على مدار الـ24 ساعة داخل العناية المركزة حتى فارق الحياة، السبت الماضي، وشيعت جنازة الفنان من أمام مقابر أسرته بطريق الفيوم، وتمت صلاة الجنازة ودفن الجثمان هناك.

 

المصري اليوم في

02.06.2020

 
 
 
 
 

ولا تنابزوا بالجنازات

طارق الشناوي

 (قل لى كم جنازة حضرتها؟ أقل لك من أنت.).. كان هذا هو رد أشرف زكى على المطرب الشعبى سعد الصغير الذى شارك فى جنازة الفنان الكبير حسن حسنى، بينما غاب العديد من النجوم من تلاميذه، وعندما وجد (الصغير) كاميرا فى مدافن الأسرة أحالها إلى فرصة لا تعوض، للمسارعة بتوجيه الاتهام للجميع.

أشرف كتركيبة نفسية لديه فيض من الثبات الانفعالى، فلماذا فقده هذه المرة، واستشاط غضبًا، وأصبح المقياس لديه فى الحكم على الإنسان (عدد الجنازات التى حضرها)، بدلا من أن يسأل عن الإنجازات التى حققها.

بالمناسبة أشرف لا يشارك فى العزاء أو فى الذهاب للمستشفيات فقط بصفته فقط نقيبا، أتذكر فى المرحلة الزمنية بعد ثورة 25 يناير عندما كان بعيدا عن كرسى النقابة، وليس منوطًا به أى واجبات اجتماعية، كنت أجده يسارع بتقديم العزاء لأسرة المتوفى، حتى لو لم يكن عضوا بالنقابة التى ينتمى إليها.

الصحافة فى العادة عند التغطية ترصد حركة النجوم، وتتابع الدموع لو وجدتها، وأحاديث (الموبايل) لو تورط أى منهم فى الرد، وفى أحيان كثيرة تسارع بتقديم إجابات عشوائية، لمجرد أنها ينبغى أن تتقدم بإجابة. أتذكر فى جنازة فاتن حمامة نشروا صورة لرجل عجوز يبكى فى المسجد، أمام النعش، على اعتبار أنه زوج فاتن أستاذ الأشعة الكبير د. محمد عبدالوهاب. كنت على علاقة طيبة بالطبيب الكبير الراحل، وتعجبت لتلك الجرأة، وتناقلت كل المواقع نفس الخبر، ولا تزال صورته باكيًا تحتل نفس المساحة باعتباره زوج فاتن، فلا أحد يعنيه التكذيب، وعندما لم يجدوا عمر الشريف فى الجنازة، نشروا على لسانه تلك الإجابة (لم أحضر لأنى أخشى الزحام)، بينما عندما رحل عمر الشريف بعد فاتن ببضعة أشهر، صرح ابنه طارق بأنه بسبب (ألزهايمر) لم يكن يدرى أبدا أن فاتن قد رحلت، وكثيرا ما كان يسأله فى أيامه الأخيرة عنها.

صارت الكاميرا بكل جرأة تقتحم الخصوصية فى الجنازة والصيوان، بدون أى اعتبار لمشاعر أهل المتوفى، ولا لحرمة الموت، كثيرا ما تابعنا تراشقات لفظية وجسدية داخل الجامع، بينما عدد من الزملاء يتسابقون للحصول على صورة الفنان فى الكفن.

النجم الذى لا يحضر صار عليه أن يتقدم بشهادة مرضية لتوضيح سبب الغياب، وهكذا قرأت مثلا أن أحد تلاميذ حسن حسنى وهو يقسم ع المصحف، بأنه ركب مؤخرا دعامة فى قلبه، وصار ممنوعا من مغادرة المنزل، ونجما ثانيا يؤكد أنه كان فى طريقه للحضور وفوجئ بتغيير مكان الجنازة، وثالثا أقسم أيمانات مغلظة بأنه لم يعرف أساسا الخبر.

لا يوجد ما يبرر البحث عن مبرر، لا أحد من حقه التفتيش عن النوايا، ليس معنى ذلك أن الوسط الفنى هو عنوان الوفاء، مع الأسف الوفاء صار سلعة نادرة فى المجتمع بكل أطيافه، أغلبنا صار مشغولا بمعاركه الشخصية، الموت تحول إلى مجرد خبر، ومن أول السطر، ليعود بعدها الجميع لاستكمال الصراع، وكأن الموت كأس قد توقفت عن الدوران، بعد أن ارتشف القطرة الأخيرة منه الراحل العزيز!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

03.06.2020

 
 
 
 
 

زين العابدين خيري يكتب:

عفريت حسن حسني أكبر من المصباح

كثيرون في تاريخ مصر امتلكوا ناصية التمثيل؛ فقدموا كل أنواع الأدوار بحرفية شديدة، ولم يستطع أحد أن يحبس موهبتهم في مصباح بعينه، تراجيديا كان أو كوميديا، شريرا كان أو طيبا، بل حطموا كل المصابيح مطلقين العنان لعفاريتهم ليتجولوا كيفما شاءوا بين المصابيح السحرية المختلفة أنواعها، ومن هؤلاء الذين أغوتهم مصابيح التمثيل كلها فحام حولها باحترافية دون أن يحترق منها، واحترفها حتى صار أحد ملوك الجان بها، الممثل القدير حسن حسني.

لفت حسن حسني الأنظار إليه بصفة عامة ولفت نظري شخصيا بصفة خاصة وأنا بعد طفل صغير من خلال دوره في المسلسل الشهير "أبنائي الأعزاء شكرا" (1979)، ولكن كان ذلك بطريقة سلبية جدا، حيث أوقعني في كراهيته من المشهد الأول له وهو يمارس ألاعيبه الشريرة ضد بطل المسلسل الطيب جدا "بابا عبده" أو الممثل الكبير عبد المنعم مدبولي، حيث كان يقوم بدور فتحي سكرتير الشركة الفاسد المرتشي المنوط به إثبات أن هذا الموظف القديم عفا عليه الزمن ويجب إنهاء مشواره الوظيفي فورا.

ولكن هل كان مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" هو البداية فعلا بالنسبة لحسن حسني؟ الحقيقة أن الممثل القدير المولود في حي القلعة (15 أكتوبر 1931) لأب مقاول وأم وافتها المنية وهو في السادسة من عمره، كان قد عرف المعاناة لسنين طويلة في مجال التمثيل الذي عشقه منذ طفولته قبل ظهوره في هذا المسلسل، ولكنه لن يتم تعويضه عن هذه المعاناة إلا بعد سنوات طويلة سيمر خلالها بالكثير من المحطات المهمة، حتى يتغير حظه أخيرا بعد أن يتجاوز الستين من عمره ليصبح ابن الحلمية الجديدة "فاسوخة" السينما أو "أيقونة الحظ" والعنصر المشترك الأكبر في أفلام السينما الناجحة منذ تسعينات القرن العشرين.

البداية المفاجئة

أثناء بحثي في مشوار العم حسن حسني فوجئت بأن ظهوره الأول على شاشة السينما كان في العام 1963 بعد 7 سنوات فقط من حصوله على شهادة التوجيهية، وبعد قليل من التحاقه بفرقة المسرح العسكري التي كانت تابعة للجيش والتي زامله فيها الممثل القدير الراحل حسن عابدين، وقبلها كان حسن حسني قد عرف التألق تلميذا في العديد من الأدوار التي قدمها مع المسرح المدرسي، وكان أبرزها دور "أنطونيو" الذي حصل من خلاله على كأس التفوق بمدرسة الخديوية، وهو الذي اعتاد الحصول على ميداليات التقدير من وزارة التربية والتعليم، قبل أن يلفت نظر الفنان القدير حسين رياض لموهبته أثناء مشاركته في إحدى لجان التقييم الخاصة بمسابقات التمثيل في المدارس، وفي تلك اللحظة فقط أدرك الطالب حسن حسني أنه لن يكون أي شيء آخر إلا ممثلا محترفا.

في العام 1963 وبعد قليل من التحاقه بفرقة المسرح العسكري اختار المخرج الكبير هنري بركات حسن حسني كواحد من الوجوه الجديدة التي أخذت فرصتها الأولى في فيلم "الباب المفتوح"، صحيح أن الدور الذي حصل عليه حسن حسني لم يكن إلا ثوان قليلة على الشاشة كأحد الفدائيين المعتقلين من زملاء اثنين من أبطال الفيلم وهم صالح سليم ومحمود الحديني، ولكنها تظل مشاركة مهمة باعتبارها الأولى على شاشة السينما التي سيكون حسن حسني وبعدها بسنوات طويلة أحد أبرز نجومها، بما يزيد على 165 فيلما، تجعله من بين أغزر ممثلي مصر إنتاجا سينمائيا.

مشاركات حسن حسني السينمائية ستستمر قليلة جدا لسنوات ولمشاهد محدودة في أفلام قليلة مثل "لا وقت للحب" (1963)، والنصف الآخر (1967)، حتى يزيد عدد هذه المشاهد وتتحول إلى أدوار صغيرة كدور رئيس العمال في فيلم "حب وكبرياء" مع المخرج الكبير حسن الإمام، والأبطال محمود ياسين ونجلاء فتحي وشهيرة، ثم دور جارسون المقهى في فيلم "الكرنك" للمخرج علي بدرخان مع سعاد حسني ونور الشريف وكمال الشناوي وبقية أبطال الفيلم.

التألق

جاءت بعد ذلك فترة الثمانينات لتشهد البداية الحقيقية لحسن حسني بأدوار أكثر تميزا وخصوصا مع مخرجي موجة الواقعية الجديدة في السينما، بدأت بفيلم "سواق الأتوبيس" (1982) مع المخرج عاطف الطيب والأبطال نور الشريف وميرفت أمين وعماد حمدي، ثم تلاه أربعة أفلام أخرى مع عاطف الطيب قدم فيها أدوارا متنوعة وكلها مهمة جدا وهي: "البريء" (1986)، "البدرون" (1987)، "الهروب" (1991) و"دماء على الأسفلت" (1992)، وفي تلك الفترة قدم أيضا فيلم "زوجة رجل مهم" (1987) مع محمد خان، الذي سيقدم معه بعد ذلك واحدا من أبرز أدواره في تلك المرحلة وهو دور عبد العظيم القرنفلي في فيلم "فارس المدينة" (1993)، وهو الدور الذي فاز عنه حسن بجائزة أحسن ممثل في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وأحسن ممثل في المهرجان القومي للسينما في العام نفسه 1993، ليتم التعامل أخيرا مع موهبة حسن حسني بما يليق بها وإن كان ذلك بعد أن تخطى الستين من عمره.

بعد عامين تقريبا من تألق حسن حسني في "فارس المدينة"، كان على موعد جديد من التألق في دور "ركبة" في فيلم "سارق الفرح" (1995) للمخرج داود عبد السيد، وهو مخرج آخر من فرسان الواقعية الجديدة، وهو الدور الذي فاز عنه حسني بخمسة جوائز تمثيل تقديرا لأدائه المبهر فيه.

تميمة الحظ

في تلك الفترة من بداية التسعينات كان متوسط عدد الأفلام التي يشارك فيها حسن حسني 4 أفلام سنويا، حيث شارك بالتحديد في 36 فيلما في تسع سنوات بداية من العام 1991 وحتى العام 1999 وهو العام الذي شارك فيه في بطولة فيلم "عبود على الحدود" مع المخرج شريف عرفة، كأول فيلم له مع مجموعة الممثلين الكوميديين التي أُطلق عليها لقب "المضحكون الجدد" وضمت الراحل علاء ولي الدين مع محمد هنيدي وأشرف عبد الباقي وهاني رمزي، ولحق بهم محمد سعد وأحمد حلمي. لذا ليس حقيقيا أن مشاركته في أفلام هؤلاء النجوم كانت السبب في تحقيقه فترة انتشار متأخرة بعد الستين، وإنما كان السبب الحقيقي في انتشاره سينمائيا في تلك الفترة هي نجاحه مع مجموعة مخرجي الواقعية الجديدة وخصوصا مع عاطف الطيب ومحمد خان وداود عبد السيد منذ الثمانينات واستمرار ذلك في التسعينات، ولكن مرحلة المضحكين الجدد تسببت في ارتفاع عدد الأفلام التي يشارك فيها حسن حسني بنسبة 50% تقريبا ليصل عدد أفلامه مع نهاية السنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة إلى حوالي 60 فيلما، أي أن متوسط عدد أفلامه زاد إلى حوالي 6 أفلام في السنة، ولو قارناه برقم 4 أفلام في السنة فلن يكون الفارق كبيرا، ولكن الفارق الحقيقي كان في نوعية الأدوار التي صار يقدمها؛ فقد أصبحت كوميدية بالضرورة في أغلبها لتتناسب مع نوعية الأفلام التي صارت تحتكره وأغلبها كوميدي، على العكس من أفلام الفترة السابقة التي كانت تتنوع بشكل كبير بين كافة أنواع الأدوار، وربما زادت مساحة الأدوار التي أصبح يقدمها مع المضحكين الجدد ولكن في مقابل قلة جودتها بالمقارنة مع أدوار المرحلة السابقة التي كانت قد وصلت إلى قمة نضجها في أفلام مثل "فارس المدينة" و"دماء على الأسفلت و"سارق الفرح".

أما الملحوظة الأهم في أفلام مرحلة المضحكين الجدد فهي أنهم اعتبروا وجود حسن حسني في أفلامهم بمثابة تميمة حظ أو "فاسوخة" تلك الأفلام حيث كانوا يتفاءلون بوجوده لضمان نجاح أفلامهم.

ومن وقتها استمر التفاؤل بوجود حسن حسني في أغلب الأفلام الكوميدية التي تصدر حتى عامنا الحالي 2018، ومع نجوم غير المضحكين الجدد الذين ظهر من هم أجدد منهم، بداية من كريم عبد العزيز وأحمد رزق وسامح حسين وحمادة هلال وأحمد عيد مرورا برامز جلال ومي عز الدين وأحمد مكي وصولا إلى محمد إمام الذي شاركه حسني بطولة فيلميه "كابتن مصر" و"جحيم في الهند".

 

الفجر المصرية في

04.06.2020

 
 
 
 
 

الأستاذ وفائي.. وجوه غائبة لحسن حسني

محمد محمود

غادر الفنان الكبير حسن حسني عالمنا في الأيام الماضية، مخلفًا وراءه إرثًا فنيًا مختلف الأطياف، من جد التراجيديا إلى هزل الكوميديا، في حالة من الشمولية الفنية -إن جاز التعبير- قلما وجد لها نظير، سواء في جيله أو في ما سبقه وتلاه من أجيال.

خلّف حسن حسني إرثًا فنيًا مختلف الأطياف، من جد التراجيديا إلى هزل الكوميديا

من المعتاد أن تواجه ذاكرة المشاهد العربي الهوائية هذا التنوع الفني بنوع من التفضيل الذي يصل ببعض الأعمال حد السماء، ويلقي ببعضها الآخر إلى أدراج الرياح، دون الالتفات إلى القيمة الفنية للمذكور والمنسي، فقط الجماهيرية وحدها تحكم، ولا راد لحكمها.

كوميديا حاضرة

وهو ما حدث بالفعل في حالة الفنان حسن حسني، في حياته وعقب موته، حيث نالت أعماله الكوميدية احتفاء غير مسبوق، كان من أهم مظاهره أن طفت "إيفيهاته" على السطح، وكأنها تُقال للمرة الأولى، رغم أنها لم تغب أبدًا.

ما يُزيل الغموض عن هذه الظاهرة هو أن حسن حسني في أوائل الألفية الجديدة مثّل البوابة السحرية لعبور جيل كامل من ضيق الصعود إلى براح القمة، من هؤلاء -مثالًا وليس حصرًا- محمد هنيدي ومحمد سعد، اللذين ساعدتهما عوامل عديدة لاقتحام عوالم المجد من أوسع أبوابها، مثّل حسني أحد أهم هذه العوامل.

بلُغة السينما نحن نتحدث عن "سَنيّد"، ممثل كبير يقوم بأدوار ثانوية تضيف العبق إلى بطل شاب وتقدمه إلى الجمهور على طبق من ذهب، كان من الممكن فعلًا أن تنطبق هذه الحالة على ما نتحدث عنه، بشرط ألا يكون الممثل المقصود حسن حسني.

موهبة حسني الفذة عصية على أن تحصر في دور مساعد "سنيّد"، مكنته الموهبة الجلية من تحقيق حضور طاغي أضاف قيمة فنية مميزة إلى كل الأعمال التي شهدت ظهوره، مما جعل غيابه عن أي فيلم تم إنتاجه بمصر في أوائل الألفية معضلة تتربص بصنّاع العمل، تربص نقصان حبة الفريز بصانع الحلوى.

كانت تلك بداية ما عرف بـ السينما الجديدة، تلك السينما التي ساهمت في تشكيل وعي الأجيال الشابة وجذبها إلى الشاشة الكبيرة، وكانت كافية جدًا لأن تطفو أعمال حسني الكوميدية على السطح، رغم أن أعماله الجادة تثبت وتشهد على أننا أمام ممثل عملاق وظاهرة فنية قلما يجود الزمان بمثلها.

دراما غائبة

هناك في تسعينيات القرن الماضي، ومن عوالم دراما أسامة أنور عكاشة التي يتصارع فيها التيه ضد اليقين، تحديدًا من رائعته "أرابيسك"، التي قام ببطولتها الفنان صلاح السعدني صحبة رَكب من الفنانين الثِقال الذين استطاع حسني أن يجد لنفسه مكانًا مميزًا بينهم بواسطة دور "الأستاذ وفائي"، والد أنوار، الباحث عن الحقيقة، غريم الحياة ونديم الماضي.

لطالما عُرف عكاشة بتساؤلاته الجدلية عن الهوية المصرية، والتي ظهرت جليه في "أرابيسك"، بين حيرة الأسطى حسن المصري الأصيل، بطل حرب أكتوبر، واستشراق الدكتور برهان الذي أبهرته أضواء الغرب، مثل الأستاذ وفائي الشاطئ الذي تتلاقى عليه الأمواج لتهدأ.

ظل عكاشة يتساءل في فنه وصحافته عن الهوية المصرية، يمجد أشخاصًا ويضع آخرين تحت النعال، إلا أنه بين هذا وذاك بدا دومًا معتزًا بمصريته، فخورًا بكون المصريين عبروا أزمنة المحتلين والغزاة دون أن تعبرهم، وهو ما مثله الأستاذ وفائي ببراعة وحرفنة منقطعة النظير.

الأستاذ وفائي فنان مغمور يرسم لوحات لا يراها غيره، مدرس تاريخ يمسك بتلابيب الماضي، يحتفظ بجزء منها في كرسي السلطان سليم الأول الذي يحتفظ به لديه ثم تقوم مؤامرة لانتزاعه منه، يخوض النقاشات مع الأسطى حسن والدكتور برهان فينتصر لمنطقه الوجيه، دون أن يشعر أحدًا منهم بضاءلته.

تمثّل شخصية الأستاذ وفائي، في مسلسل "أرابيسك" نقطة التقاء وجهات النظر المتناقضة

شخصية الأستاذ وفائي المركبة ذات الثقافة الموسوعية والمستوى الاجتماعي المتواضع، والتي تمثل كذلك نقطة التقاء وجهات النظر المتناقضة، كان لا بد لها من أداء سهل ممتنع، قام به حسني على أكمل وجه وعلى الشكل الذي يشعرك أنه ولد ليكون وفائي، مثقف حينما يتطلب الأمر، وقعيد قهاوي بلدي حين تقتضي الدراما.

رحل حسني من عالم إلى عالم، ولكن مشاهده تبقى شاهده على ممثل متفرد لم يدخل سباقًا إلا وأصر على الفوز وناله، رحلة ومغامرة ومشقة وترحال وقصة كتبت سطرها الأخير: حط الفارس أمتعته ولكن الرائحة لا تزال تعبق بالأجواء.

كاتب من مصر

 

موقع "ألترا صوت" في

05.06.2020

 
 
 
 
 

حسن حسني..المشخصاتي" كتاب بتوقيع الناقد طارق الشناوي

البلاد: أسامة الماجد

خلال ترتيب ورص الكتب الجديدة بمكتبتي، وقع بين يدي كتاب أحضره لي الزميل طارق البحار خلال حضوره مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الاربعون 2018 بعنوان" حسن حسني..المشخصاتي" للكاتب والناقد السينمائي طارق الشناوي، وربما هي صدفة مرسومة من القدر ان اطلع على الكتاب بعد مرور أيام قليلة على رحيل الفنان القدير حسن حسني.

اشتمل الكتاب على خمسة فصول، الفصل الأول مقدمة طويلة مسهبة عن حياته، والفصل الثاني حواره مع الناقد طارق الشناوي يدخل مع في مختلف مراحل حياته الفنية واعماله وقصصه مع الفنانين واحلامه. والفصل الثالث تم تخصيصه لكل من كتب عن حسن حسني، فهم حسب الشناوي اهله وعزوته، فهو عمود خيمة الفن في تلك الاسرة مترامية الأطراف. والفصل الرابع من الكتاب رؤية نقدية للشناوي تتمثل في بعض المقالات التي رصد من خلالها لمحات من مشوار حسن حسني ونشرت في مجلة روز اليوسف، وجريدتي الأهالي وصوت الامة. والفصل الخامس والأخير " فيلموجرافيا" وفيه رصد لجميع الافلام التي شارك بها الفنان الراحل منذ فيلم " الباب المفتوح" عام 1963 للمخرج هنري بركات، ولغاية فيلم " عقدة الخواجة" عام 2018 مع المخرج بيتر ميمي.

يقول الشناوي في مقدمه كتابه ..ذهبت لمنزله في مدينة 6 أكتوبر لإجراء حوار صحفي نتذكر فيه معا بعض لمحات من المشوار، وهیأت نفسي لكي أنعش ذاكرته ببعض المواقف التي عايشتها، وكنت شاهدا عليها، فاكتشفت أن ذاكرة الأستاذ لم تغادرها حتى أدق التفاصيل.. أنه "أسطى" التمثيل القادر على أن ينتقل بزاوية 180 درجة من النقيض للنقيض. الفنان الكبير حسن حسني واحد من هؤلاء القادرين على توجيه مشاعرنا لكي نبكي أو نضحك. رغم تعدد الموجات الفنية، وولادة أكثر من جيل، هو عمق الموهبة بل وتفردها، ولا يزال حسن حسني يتمتع بمرونة تتيح له استيعاب مفردات هذا الجيل، والقدرة على فك شفرة الزمن، فهو الممثل الكبير، بل هو الأستاذ صاحب الخبرة العريضة الذي يستطيع، أن يمسك بنبض الشخصية، وكأنه يعيد تشكيل الصلصال، فهو يصبح في هذه الحالة هو بالضبط الصلصال الذي تتغير في كل مرة، ليس فقط ملامحه، ولكن أحاسيسه الداخلية.​

 

البلاد البحرينية في

06.06.2020

 
 
 
 
 

رامى المتولى يكتب:

حسن حسنى.. المتنوع والجوكر صانع البسمة

كلمات نعى نابضة بالحياة كتبها زملاء وأصدقاء وأحباء الراحل الكبير حسن حسنى تدل على مسيرة تعايش وحب وود متبادل، ليست مجرد كلمات تكتب على سبيل التعزية أو إثبات الوجود، فهى فى الحقيقة تتخطى ذلك والدليل هو تفردها والمشاعر التى تعكسها، هى كتابات بالحزن والحسرة وألم الغياب، توفى الراحل الذى منح لفن التمثيل سنوات عمره بأكملها وتفوق وبرع فيه منذ طفولته فى المسرح المدرسى وحتى وفاته تاركًا مئات الأعمال فى كل المجالات شارك فيهما تقريبًا معظم نجوم وفنانى مصر وعدد من نجوم الخليج.

حسن حسنى ليس ممثلاً عاديًا، ليس من مشاهير أصحاب الأدوار المساعدة التى تنحصر أدوارهم فى شكل محدد يتنوع بتنوع العمل وحسب الحاجة مثل توفيق الدقن وعباس فارس وزين عشماوى وعبدالمنعم إبراهيم، أو حتى منافسيه الرئيسيتين فى سنوات التسعينيات والألفينات لطفى لبيب وأسامة عباس على تفرد كل هذه الأسماء وتجاربهم الثرية، الا أن حسن حسنى بمنتهى البساطة مختلف، لأنه استمر فى كسر القالب الذى يوضع فيه بحكم النجاح ومحاولات استغلاله التالية بدور وشخصية تحول المسار الذى يُنظر إليه من خلاله، بعد عدة تحولات أجبر الجميع أن يروه بالشكل الذى يحبه وهو الممثل الذى لا حدود لإمكانياته أو قدرته على أن يتحول داخل العمل لأى شىء كل الشخصيات مناسبة لحسن حسنى وكل الشخصيات هو قادر على أدائها بأكبر قدر ممكن من الإقناع.

ملكات خاصة جعلت من هذا الممثل يسير على الخط الرفيع الفاصل بين ما هو تجارى واستهلاكى وما هو فنى مقرر له البقاء والخلود، بنفس درجة النجاح، مسيرته ضمت ما يقرب من 500 عمل إن لم يكن أكثر موزعة بين المسرح بشقيه العام والخاص متنقلاً بين عدة فرق بداية من المسرح العسكرى قبل حله فى عام 1967 مرورًا بالمسرح القومى وفرقة تحية كاريوكا وصولا للمسرح الخاص بشكله المميز فى الألفينات، وفى الدراما التليفزيونية أفلاما ومسلسلات وسهرات تليفزيونية تنقل خلالها بين الاستوديوهات المصرية والخليجية مشاركًا فى مئات الأعمال، فى السينما نستطيع القول إنه عاصر وشارك فى التحولات السينمائية الكبرى خلال سنوات نشاطه فى مصر، هذا بخلاف مشاركته فى بطولة عشرات من المسلسلات الإذاعية.

السينما هى المجال الأبرز الذى ظهر فيه حسن، بداية من ظهوره البسيط فى الفيلم المميز «الباب المفتوح» عام 1963 كأحد الفدائيين المسجونين مع (محمود الحدينى) فى مشهد الزنزانة الشهير، ليكتب بدايته بمشاركة السيدة فاتن حمامة والمخرج هنرى بركات فى فيلم عن رواية للكاتبة لطيفة الزيات وسيناريو وحوار بركات ويوسف عيسى وهو أحد الأفلام الطليعية التى عكست توجه هذه المرحلة من تاريخ مصر والداعمة لتحرر المرأة من قيود المجتمع المفروضة عليها بفعل العادات والتقاليد، مرورًا بأدوار صغيرة مؤثرة فى أفلام متعددة، بالتزامن مع ظهور موجة الواقعية الجديدة، فى أدوار ينحصر معظمها فى الشخصية الشريرة والتى توجهها فى فيلم عاطف الطيب «البرىء» عام 1986 بشخصية الملازم أول فيه، الضابط الذى ترقى من صف الضابط ليصل إلى المنصب الذى وصل له ويزين كتفه نجمتان، مشهد مروره والمروحة خلفه ليتغلب على الحر وهو يتفقد المساجين.

ومع ظهور المضحكين الجدد بداية من أواخر التسعينيات تحول حسن حسنى من أدوار الشر الغالبة والتى كان يكسرها بأدائه لشخصيات مثل موظف قناة السويس فى «ناصر 56» وعبد العظيم من «فارس المدينة» وغيرها، نتذكر شخصية الأب القاسى فى «عبود على الحدود» والأب المدافع عن ابنه فى «عكسر فى المعسكر» والضابط أدهم فى «اللى بالى بالك» وعم باخ فى «اللمبى» عشرات الشخصيات التى زامل من خلالها صعود هؤلاء النجوم محمد هنيدى ومحمد سعد وأحمد السقا وعلاء ولى الدين وغيرهم، ومع اهتمامه بالمشاركة فى التحولات التى تشهدها السينما وكونه أحد العناصر المؤثرة فيها، نشاطه فى التليفزيون يسير على نفس الخط الموازى يشارك نجومها الكبار فى أدوار رئيسية متنوعة مثل يسرا فى عدد كبير من مسلسلاتها وأعمال مهمة مثل «رأفت الهجان» و«المال والبنون».

الكثير من الأعمال التى ضمت شخصيات شديدة التميز وتأثرنا بها كمشاهدين فى أعمال أكثر بكثير من النماذج المذكورة، لا مجال لذكرها بسبب ضخامة ما قدمه الراحل حسن حسنى وحجم إنجازه، لكن الملفت والذى سيبقى بالتأكيد هو المشاعر التى يكنها له الفنانون الذين اعتبروه تميمة حظهم ورمانة ميزان مواقع تصوير أعمالهم، الكبير الذى يلتف حوله الجميع طلبا للمشورة والدعم، أما المشاهدون فالمعظم نشأ على أعمال حسن حسنى أجيال متعاقبة تعرفه اسمًا وشكلاً يحتفظون له فى ذاكرتهم بالعديد من المشاهد المرتبطة بمواقف وخبرات حياتيه، حياة حسن حسنى لم تنته بتاريخ 30 مايو 2020، على العكس أضيف لها ثقلا ومحبة واهتمام ملايين بما قدمه من فن خلال سنوات عمره.

 

الفجر المصرية في

08.06.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004