شهدت مدينة البندقية الإيطالية، السبت، عرض الفيلم السوداني
"ستموت في العشرين"، المشارك ضمن مسابقة "أيام فينيسيا" بمهرجان فينيسيا
السينمائي الدولي في دورته الـ76، الذي أثار الجدل بمجرد عرضه، حيث اعتبره
البعض لوحات فلكلورية محلية ساحرة، لكنه يعاني من عدم وجود أسلوب واحد في
بناء وتصوير المشاهد.
الفيلم الذي استغرق تصويره حوالي شهرين في منطقة "الجزيرة"
شمال الخرطوم، هو سابع فيلم روائي في تاريخ السودان، وأول فيلم روائي طويل
لمخرجه ومؤلفه السوداني أمجد أبوالعلا، واشترك في كتابته معه يوسف إبراهيم.
والفيلم مستوحى من قصة "النوم عند قدمي الجبل" للكاتب
الروائي "حمور زيادة"، حيث يدور في عوالم صوفية، من خلال حكاية "مزمل"،
الذي يولد في قرية سودانية تسيطر عليها أفكار الصوفية، ويقتنع هو والمحيطون
به بنبوءة أحد المتصوفة التي تفيد بأنه سيموت في سن العشرين، فيعيش أيامه
في خوف وقلق إلى أن يظهر في حياته المصور السينمائي "سليمان"، لتبدأ رحلة
تنوير وأمل.
مجلة "هوليوود ريبورتر" اعتبرت أن الفيلم الأول لمخرجه له
روعة ساحرة، لكن هناك مشاكل في رسم شخصية البطل الرئيسي، حيث إن "مزمل"
الذي ينتظر الموت شخصية سلبية لا تفعل شيئا سوى انتظار ما سيحدث.
كما أن المتابع يجد صعوبة في معرفة طريقة تفكير البطل الذي
يدرس القرآن لتبدو على هذا النحو من السلبية، حتى عند تعرضه للتنمر من قبل
زملائه وتغطيته بالرماد، ووضعه في صندوق، فهو لا يفعل شيئا ليثأر لنفسه.
وتشير المجلة إلى أن "مزمل" الذي أحب الفتاة الجميلة "بونا
خالد"، في سن المراهقة، لكنها لم تستجب لأبعد من الصداقة بسبب أفلاطونية
مشاعره، كان في المقابل أكثر اهتمامًا بقضاء الوقت مع صديق والده "العم
سليمان"، الذي يهتم بتصوير الأفلام، ويعيش حياته بحرية تامة، رغم حرمانية
بعض تصرفاته من وجهة نظر "مزمل".
ومن حيث الصورة يبدو منزل "سليمان "القديم المتهالك منحوتا
بملامح وأدوات سينمائية سريالية على نحو أسطوري، وتم تصوير بعض اللقطات في
ممر المنزل العائلي، ومشاهد لمرور القوارب في النيل، بالإضافة إلى عدد من
اللوحات التشكيلية الثابتة، لكن المشكلة في وجود فجوة كبيرة بين هذا
التصوير الفني المنحوت للمنزل وتصوير ورسم مواقع وأماكن أخرى داخل الفيلم
بطريقة واقعية قاسية ومباشرة.
"هوليوود
ريبورتر" أرجعت ذلك إلى أنها تجربة لمخرج شاب لا يعرف حتى الآن تمامًا ما
يريد، كما لا يعرف كيفية إدارة فكرة التعايش بين الأفكار المختلفة التي هي
موضوع الفيلم، خصوصا في علاقة "مزمل" والثقافة القادم منها المهيمنة على
مجتمعه، وبين أفكار "سليمان" المتحررة والأكثر قدرة على التكيف مع الواقع.
وأضافت المجلة أن فكرة الفيلم لا تتضح إلا بعد مرور 3
أرباعه عندما يتجرأ "مزمل" لأول مرة ويصرخ في وجه أبيه ليخبره بأنه يعتبر
أن والده الحقيقي هو "سليمان" الذي ساعده في الخروج من أزمته، عكس الأب
الذي هرب إلى أديس أبابا بعد أن فشل في حل أزمته.
ويشير سيناريو الفيلم إلى أن هروب الأب إلى "أديس أبابا"
تحت زعم كسب المال كان بالفعل بسبب فشله في التعامل مع فكرة أن ابنه سيموت
قبل بلوغه سن الرشد، بالإضافة إلى شعوره بالذنب، بسبب فشله أيضا في إنقاذ
شقيقه من الغرق.
وبعد هروب الأب يبقى "مزمل" مع أمه "سكينة"، التي لا تريد
حتى تسجيله في المدارس المحلية، لأنها تعتقد أنه لا جدوى من الدراسة للحصول
على وظيفة لن تحتاجها أبدًا، لأن ابنها سيموت قبلها، بينما يصر إمام القرية
على دراسة "مزمل" للقرآن.
"ستموت
في العشرين" حصل على جائزة تطوير السيناريو في مهرجان الأقصر السينمائي،
وعدة منح دولية من مختلف المهرجانات، منها برلين وبيروت، والنرويجية إنجريد
ليل هجوين، كما ساهم في إنتاجه السيناريست والمنتج المصري محمد حفظي. وهو
بطولة إسلام مبارك، مصطفى شحاتة، مازن أحمد، بثينة خالد، وطلال عفيفي،
ومحمود السراج وبونا خالد.
والمخرج، أمجد أبو العِلا هو مدير برامج «مهرجان السودان
للسينما المستقلة» السنوي، وفي رصيده سبعة أفلام قصيرة، كما قدم أكثر من
100 ساعة وثائقية لعدد من القنوات، ونال فيلمه الأخير "ستوديو" على جائزة
التحكيم من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.
وينتقل الفيلم بعد "فينيسيا" إلى مهرجان "تورونتو"
السينمائي، إلى جانب عرضه في الدورة المقبلة لمهرجان الجونة السينمائي
الدولي. |