كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

الراحل ترك السياسة إلى السينما وأبدع

بالم سبرينغز: محمد رُضـا

عن رحيل عاشق السينما

يوسف شريف رزق الله

   
 
 
 
 
 
 

صباح كل يوم جمعة لا بد لي من إرسال نسخة إلكترونية من صفحة السينما التي أقوم بتحريرها في هذه الصحيفة إلى يوسف شريف رزق الله. بدأتُ ذلك بناء على طلبه منذ أكثر من ثلاث سنوات. المرّات القليلة التي نسيتُ إرسالها في الصباح بعث لي متسائلاً: «أين صفحتك يا محمد؟». وفي أعقاب كل مرّة بعثت بها صفحتي إليه ردّ عليّ شاكراً. في بعض الأحيان كان يؤكد أنها «أفضل صفحة سينما في العالم».

كان ذلك، بلا شك، يسعدني. ليس لأنه مديح، بل لأنه صادر من زميل تعرفت عليه سنة 1975 في أول زيارة لي للقاهرة. كنا فتياناً نلعب لعبة اسمها حب السينما، وها نحن كبرنا وما زلنا نلعب اللعبة. لكن اللاعبين، بغياب نقاد مثل فتحي فرج، ورفيق الصبان، وسمير فريد، وسامي السلاموني، يتناقصون

أحب السينما باكراً، لكنه تخرج أولاً في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. الغريب أنني لم أسمعه يوماً واحداً يتحدث في الاقتصاد ولا في السياسة!

في مطلع السبعينات كان ناشطاً في «نادي السينما»، وفي نشرتها. كان النادي مركز ثقل لحركة ثقافة سينمائية كبيرة في القاهرة شارك فيها كل المذكورين أعلاه بالإضافة إلى أمير العمري وأحمد رأفت بهجت وأحمد الحضري وحسن عبد المنعم وأحمد عبد العال وآخرين (بعضهم رحل والباقي ما زال معنا). كانت القاهرة، بأسرها، عاصمة للسينما العربية، بشقيها التجاري والبديل، ويوسف شريف كان، بصمت دؤوب، أحد أبرز أركانها.

عُرف عنه اطلاعه على السينما العالمية الأميركية والأوروبية على حد سواء. هذا ما ساعده في أن يتبوأ وظائف مهمّة وفاعلة في إطار عمله، من بينها قيامه بتقديم وإعداد برنامج «نادي السينما» في التلفزيون المصري، و«سينما في سينما» و«الفانوس السحري» و«سينما رزق الله» (حتى عام 2010).

هذه المهام لم تكن وحيدة، إذ لعب دوره كاملاً ناقداً ومؤرخاً وإعلامياً من الدرجة الأولى في مجال تخصصه وشغفه؛ فهو تولى رئاسة جمعية الفيلم في القاهرة ما بين 1978 و1994، وشارك في لجان تحكيم مصرية ودولية، كما أصبح عماد مهرجان القاهرة السينمائي منذ سنة 1987 وحتى اليوم.

بدأ يعاني من تردي صحته قبل الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة. كان بلغ السادسة والسبعين، وهي سنوات كثيرة على كل من يركض في الحياة سعياً وراء عمل يحبه ويتمنى البقاء فيه للأبد. على المنصة، حيث تم الاحتفاء بسنوات خدمته في ذلك المهرجان الكبير، بدا واهناً، لكن ذهنه كان نشطاً ولم يتوقف عن العمل حتى أيام قبل يوم رحيله في الثاني عشر من هذا الشهر.

رحيله يأتي بعد أربع سنوات وبضعة أيام من رحيل صديقه المخرج محمد خان. ثلاثتنا كنا أصدقاء حميمين. كلما التقينا كنا ننزلق للعبة معلومات سينمائية: «من وقف أمام جون واين في فيلم (ريو لوبو)، أو (هل لك أن تعد خمسة أفلام للمخرج جوزف هـ. لويس)»... بالنسبة لكثيرين جداً كان هذا ترفاً لا طائل منه. بالنسبة لنا كان ترجمة لقدرة كل منا على التنافس فيمن يعرف أكثر من سواه عن السينما.

صباح أمس، بعثت إليه بصفحتي السينمائية. لم يصل إليّ جواب. أعلم أنها وصلت لكنه لم يقرأها.

 

الشرق الأوسط في

13.07.2019

 
 
 
 
 

وداع قبل الوداع

طارق الشناوي

جسد نحيل شفاف، يحيطه كفن أبيض، تلك كانت هى اللقطة الأخيرة، كما رأيته فى الجامع قبل صلاة الجنازة، أبدا لم تكن تلك هى اللقطة الختامية، دعونا نعود إلى نهاية شهر نوفمبر من العام الماضى، فى الدورة رقم (40) بمهرجان القاهرة السينمائى، كانت كل العيون حريصة على أن تعلن بقوة الحب، وظلت الأيدى تصفق له بضع دقائق على المسرح الكبير بدار الأوبرا، نحن جميعًا نقف امتنانًا لهذا الرجل الذى لم يعرف طوال رحلته سوى العطاء، والغريب أنه لم يكن يدرى إلى أى مدى ساهم بالقسط الأكبر فى خلق الوعى بالسينما الأجنبية، وذلك على مدى نصف قرن، لكل المصريين والعرب، هذه هى اللقطة التى تليق بالأستاذ يوسف شريف رزق الله، كانت ملامحه وهو يلوّح بيديه، تؤكد أنه كان مدركًا أنها الذروة، عاش بعدها بضعة أشهر، وحظى بأكثر من تكريم أيضًا، إلا أنه فى حقيقة الأمر كان قد شهد معنا فى نوفمبر الماضى لحظة وداعه.

بالنسبة لجيلنا هو النافذة الثقافية والمجانية الوحيدة التى كانت متاحة وقتها من خلال التليفزيون، فكان هو المعدّ لبرامج متخصصة فى السينما العالمية، مثل (نادى السينما) تقديم درية شرف الدين، و(الأوسكار) تقديم سناء منصور، كما كان يقدم إطلالة أسبوعية على السينما فى العالم.

صاحب البنية التحتية لمهرجان القاهرة، كمدير فنى يختار الفيلم الذى يُعرض والنجم الذى يُكرم، لم يتوقف عن منح المهرجان الكثير، ظل حاضرًا فى كل التفاصيل وهو يعد للدورة القادمة للمهرجان، آخر لقاء قبل 20 يومًا فى اللجنة العليا، جاء مبكرًا كعادته، متقد الذهن لديه إجابة حاضرة لكل الأسئلة، لاحظت أنه أجرى عملية فى شرايين الرقبة، هل لها علاقة بالغسيل الكلوى، الذى كان يجريه مرتين فى الأسبوع، لم أسأل، المهم أنه حاضر بيننا.

كان هو الصوت الحاسم لتعيين الكاتب والمنتج محمد حفظى رئيسًا للمهرجان بعد جلسة مع د. إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، كانت هناك فى الكواليس تدار معارك ضارية للدفع عنوة بأسماء أخرى.

السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا على مستوى قواه الجسدية، كان هناك إحساس أن الفارس أوشك أن يترجل، شهدت المهرجانات الأخيرة وعكات صحية متتالية، قبل نحو ثلاث سنوات فى (برلين) سقط وهو يتابع المهرجان وانتقل للمستشفى، كنت أتصور أنه لن يكرر السفر خارج الحدود، إلا أنه ظل لديه نفس الشغف، الجسد لا يلبى النداء، ولكن يوسف متواجد وحاضر يتابع ويشارك بالرأى.

لا يترك مقالًا إلا ويقرؤه، وتتعجب، متى يجد متسعًا من الوقت، لديه عين تلتقط الموهوبين، قبل 15 عامًا نبهنى إلى اسم الناقد محمود عبدالشكور الذى كان ينشر وقتها فى جريدة (روزاليوسف)، قبل نحو 4 سنوات أشار إلى أندرو محسن بجريدة (المقال).

من المؤكد أن الحياة الفنية والسينمائية والإعلامية مليئة بالصراعات والضربات تحت الحزام، بينما يوسف شريف رزق الله كان هو غاندى الحياة الفنية والإعلامية، يرفض المبدأ السائد (العين بالعين) لأنه سيؤدى فى النهاية إلى أن يُصبح الجميع عميانًا.

عندما يتلقى ضربة لا يردها بل يواصل العطاء بتفانٍ، وهكذا كانت حياته عطاء بلا حدود، كفن أبيض وجسد نحيل شفاف، تحمّل الكثير دون أن يصرخ، وأخيرًا سكنت الآلام!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

13.07.2019

 
 
 
 
 

يوسف شريف رزق الله.. أبانا الذي علمنا السينما

محمد عبدالرحمن

نُشر هذا المقال لأول مرة في مجلة صباح الخير نوفمبر 2017 وتم بالفعل تكريم الأستاذ يوسف شريف رزق الله في دورة مهرجان القاهرة الأربعين نوفمبر 2018 

الإخلاص هو كلمة السر التي يفسر الحب الجارف الذي يحاط به يوسف شريف رزق الله سواء من رفاق جيله أو من أجيال تالية تربوا سينمائيا على يديه، أخلص محب السينما العالمية رقم 1 في مصر لما أحب فجنى الثمار احتراما وتقديرا حتى من الجيل الذي ارتبط بالسينما العالمية بعيدا عن ماسبيرو وبرامج يوسف شريف رزق الله الذي علمنا من خلالها قواعد فن السينما.

صحيح أن الأخبار والمتابعات والتغطيات التي تواكب كل دورة جديدة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ونحن الآن على موعد مع الدورة 39 منه، صحيح أن تلك الأخبار تقدم يوسف شريف رزق الله باعتباره مديرا فنيا للمهرجان، لكن العاملين به، والمتابعين له باعتباره الفعالية الفنية الأهم في مصر، يعرفون جيدا أن مكانة يوسف شريف رزق الله أكبر من ذلك، وأن كثيرون يغفرون للمهرجان أخطاءا متكررة فقط لأن رزق الله من بين قائمة المنظمين، كما يدركون أنه ربما الوحيد الذي حافظ على درجة عطاءه للمهرجان منذ انضم له رسميا عام 2000 كواحد من فريق العمل، قبل أن يكون من الذين واكبوا الدورة الأولى وما بعدها منذ نهاية السبعينات بحكم موقعه كعراب للسينما الأجنبية في مصر والوطن العربي.

الحفاوة التي قوبل بها يوسف شريف رزق الله عندما ظهر مؤخرا مع "صاحبة السعادة" إسعاد يونس على قناة cbc كانت بمثابة "شكر جماعي" من ملايين تابعوه وهم صبية وشباب يحبون السينما العالمية عبر شاشات التلفزيون المصري سواء من خلال برامجه الشخصية وأقربها لقلب كاتب هذه السطور (سينما x سينما) حيث لازالت أتذكر فواصل هذا البرنامج حيث الدمية الصغيرة التي تضرب الكلاكيت لتعلن نهاية فقرة وبداية فقرة جديدة، أو من خلال البرامج التي كنا نقرأ اسمه عليها كمعد للمادة التلفزيونية مثل أوسكار لسناء منصور ونادي السينما لدرية شرف الدين.

في حلقة صاحبة السعادة جاءت فرصة أخيرا لأبناء الجيل الحالي لكي يعرف كيف كان يوسف شريف رزق الله يعد مواد برامجه في زمن التلفون والتلغراف، وليس الإنترنت وتوابعه من فيس بوك وواتس آب، هذه التوابع أو لنقل التسهيلات التي توفرت للجيل الحالي ومع ذلك لم ينجح معظمهم في استغلالها من أجل تقديم ثقافة سينمائية عالمية كتلك التي وفرها يوسف شريف رزق الله لجمهور التلفزيون المصري منذ سبعينيات القرن الماضي، الأمر الذي يجعل البحث عن خليفة لهذا الرجل بمثابة ضرب من ضروب الخيال، لأن كلمة السر هي المفقودة وليست الإمكانات والخبرات، الإخلاص الذي جعله يصنع أرثا لا مثيل له، ولو كانوا في ماسبيرو يهتمون بالأرقام القياسية وبدخول موسوعة جينيس لأبلغوهم عن الرجل الذي قدم هذا العدد الهائل من ساعات البث سواء كمقدم برامج أو معد للمادة التلفزيونية عن موضوع واحد هو السينما والمهرجانات العالمية.

الإخلاص لفن السينما جعل الكثيرون لا يعرفون يوسف شريف رزق الله إلا بهذا الوجه رغم أنه مارس مهام أخرى داخل التلفزيون وخارجه ونجح فيها جميعا بنفس الدرجة، بعد تخرجه من مدرسة الجزويت عام 1961 التحق بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية وتخرج فيها عام عام 1966 ليتحلق بالتلفزيون كمحرر ومترجم للأخبار، وبجانب برامجه التلفزيونية تولى رئاسة قناة النيل الدولية منذ عام 1997 حتى 2002 ، كذلك تولى رئاسة قطاع التعاون الدولي بمدينة الإنتاج الإعلامي وجهاز السينما بنفس المدينة، وترأس جمعية الفيلم بالقاهرة قرابة 20 عاما، بجانب برامجه الشهيرة، أوسكار الذي بدأ عام 1975 ونادي السينما الذي انطلق عام 1980.

هل يجوز أن يكرم مهرجان سينمائي أحد القائمين على إدارته؟ ، حسب المتعارف عليه الإجابة هي لا، لكن عندما نتكلم عن يوسف شريف رزق الله فإن مهرجان القاهرة هو المستفيد من تكريم رجل أخلص للمهرجان وللسينما وللتلفزيون المصري كما لم يفعل أحد آخر على مدار خمسين عاما

 

موقع "في الفن" في

13.07.2019

 
 
 
 
 

وداعا يوسف شريف رزق الله

منال بركات

كدأبه دائما الهدوء والصمت والالتزام والولاء فقط للعمل، ذلك هو شأن وأسلوب يوسف شريف رزق الله، الذي تفتحت مداركنا السينمائية على برنامجيه "نادي السينما"و"الأوسكار" الذي أعدهما على مدار سنوات وسنوات عبر التليفزيون المصري. في وقت لم يكن هناك إنترنت أو وسائل ميسرة للوصول إلى الجديد من السينما العالمية.

وكأن الدورة الـ40 من مهرجان القاهرة(2018) والتي تم تكريمه في ختامها، تودع هذا المثقف الدءوب والمحب للسينما، وظلت القاعة تعج بالتصفيق له عندما صعد على المسرح ليحي الجمهور في تواضع شديد

رحل يوسف شريف رزق الله في هدوء، رغم معاناته مع المرض منذ سنوات، غير إنه كان يعمل في صمت، لا يشكو من مرضه، كان يستمع لكل صغير وكبير في إنصات تام، ويعطي كل تفصيله حقها مهما كانت شأنها. لا يبخل بالعطاء أو المعلومات، شغوف كل الشغف بالسينما، فكان عندما يعرف بإعجاب شخص بعمل فني يبادر بمشاهدته وتقيمه، يعطي كل ذي حقا حقه، ولا يتوانى أن يسند المجهود إلى صحابه، نعم هو فارس من زمن الفوارس الذي تولى رجاله تباعا.

وشاءت الظروف أن أتعامل معه في مرحلتين من حياتي المهنية، الأولي عندما كنت مندوبة لجريدتي في بداية مشواري الصحفي أتابع أخبار ماسبيرو، وكنت ألتقي معه باستمرار لمتابعة أخبار برامجه، والمرحلة الثانية أثناء عمله في مهرجان القاهرة السينمائي، ولعل هناك واقعتين لهما مدلول على مدي حرصه بكل التفاصيل مهما كانت بسيطة ، الواقعة الأولي عندما نشرت  تحليلا بعنوان " ظهور"الطرف الخفي" في مهرجان القاهرة السينمائي الـ38 "، وحرصه الشديد إلي الوصول إلى أصل الموضوع ومناقشته معي في كل تفصيله، أما الواقعة الثانية أثناء عضويتي في لجنة اختيار أفلام الدورة الـ40 من مهرجان القاهرة، عن إعجابي الشديد بالفيلم الفيتنامي "الزوجة الثالثة" ،وفيلم "ليلة الإثنتي  عشر عاما" فعلق ضاحكا.. أنت صاحبة أكبر عدد من رفض للأفلام باللجنة، وعندما تشيد  بعملا ذلك هو الحدث، ورغم كونه مديرا فنيا لمهرجان القاهرة، كان يحترم رأي لجنه المشاهدة مهما كان، ولا يتدخل في عملها، أعمالا بالديمقراطية، نعم هو فارس فى زمن عز فيه الفوارس، وداعا يا صاحب البسمة الهادئة والعقل الثاقب

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

13.07.2019

 
 
 
 
 

صاحب القلب الرقيق الذي ابكيته مرتين

هالة خليل

جلست في مكتبه منذ حوالي عامين أقص عليه سيناريو فيلما انتهيت من كتابته بعنوان شرط المحبه ولم يكن قد قراه احد او عرف عنه احد قبله. كنت احكي له كي أطمئنه علي أحوالي وإنني لم أيأس بعد ولازلت احاول عمل السينما التي احبها. ولكني حين وصلت الي الثلث الأخير من الحكايه توقفت ولم استطع استكمالها وذلك بسبب دموعه التي انهمرت فجاه فجعلتني أقفز من مقعدي لاحتضنه وانا أكرر في ذهول (انت رقيق اوي كده ؟؟؟) 

اخجلته دموعه فجففها متشحا بكبرياءه وتوقفت انا عن استكمال الحكايه مدركه ان مشاعره الرقيقة لم تعد تحتمل من حكايتي اكثر من ذلك. 

وبعد عده ايّام حادثني تليفونيا ليقترح علي ان أتقدم بالسيناريو لمسابقة مهرجان القاهره السينمائي والذي حصل بالفعل في ذلك العام علي جائزه أفضل سيناريو. 

وبعد مايقرب من عام أتتني منه مكالمه تليفونيه يستهلها بجمله يقول فيه (هو انت مصممه تبكيني؟) 

وذلك بعد ان شاهد الحلقه قبل الاخيرة من مسلسل بالحجم العائلي والذي كان يتابع حلقاته باهتمام وأخبرني انه بكي لوفاه نادر التركي فأجبته (انت اللي رقيق اوي يا أستاذ يوسف) 

استاذي الحبيب ابكيتك مرتين وابكيتني اليوم كثيرا وسأظل أبكيك ماحييت.. ولكن مانفع البكاء؟ هل سيعيد لي فرحتك بي وكلماتك المشجعة اذا صنعت فيلما جميلا؟ او افتخارك بي ودعمك اذا ما حصلت علي جائزه؟ هل ستعيد لي ابتسامتك الحانيه الأبويه الدافئة كلما التقيتك؟؟ 

تذكرت اليوم علي قبرك جمله كنت قد كتبتها علي لسان احد الشخصيات في فيلم احلي الأوقات (بيقولوا لو مات لك حد عزيز لازم تمشي في جنازته علشان تصدق انه مات) 

ولكني لم اصدق.. ولن اصدق.. فقد رايتك اليوم حيا في دموع زوجتك الحاره المخلصة وفي عيون احمد وكريم وهم يودعونك الوداع الأخير وفي رثاء تلامذتك واحباءك المخلصين وهم كثر... ستظل حيا يا استاذي العزيز في قلوبنا جميعا ستظل حيا في الذكري والذاكرة.

 

####

 

عِلم بلا "مَعلَمة"

ماهر عريف

بمعرفة واسعة، وخبرة تجاوزت 45 عاماً، كان يُقدّم يوسف شريف رزق الله المعلومة الفنية الدقيقة، دون أن يُشعرك ب"مَعلَمة".

لا يلتفت إلى الظهور عمداً، يحل ضيفاً على البرامج، يكتب في مجلات وصحف متخصصة، يتولى إدارة مهرجانات، يرأس لجان تحكيم، ويقابلك في ممر بابتسامة عريضة؛ محللاً ومفسراً أحد الأفلام بشغف مجتهد، وثقة خبير.

راهن رزق الله منذ البداية على تقديم التحليل بأسلوب يفهمه العامة، قاصداً رفع الوعي، توثيق العلاقة بالفن، والتحفيز على دراسته وممارسته. نجح في "تثقيف" من تابعه، وأسهم في دخول كُثر؛ المجال.

جيل كامل لا ينسى "دنيا السينما"، أول برنامج متخصص بتحليل وتفسير الأفلام العالمية على شاشة التلفزيون المصري، تابعه مشاهدون من مختلف الدول العربية، كان يعيد قراءة "الكوادر"؛ وأبعد منها، بعينٍ ناقدة، يستطيع الجميع رؤيتها، من خلاله.

هكذا فعل في برامج لاحقة تناولت كذلك السينما المصرية، لم يتعال في تقديم المعلومة، لم يذهب إلى قصدية الإساءة، ولم يهتم إطلاقاً بتعريف نفسه؛ أكثر من "محب للسينما". كان يتحاور مع المختلفين بهدوء، ويحرص على الإيصال؛ بودٍ جم، دون تجهّم.

يصفه نقّاد على مختلف أجيال ب"موسوعة السينما"، رغم ذلك لم يتردد في الكتابة عن المبتدئين؛ مثلما كتب عن "النجوم"، كان يشغله الفعل الفني؛ مهما كان صاحبه.

ليست مستغربة ردود الفعل الحزينة، الواسعة منذ إعلان وفاته صباح أمس الجمعة، فنانون يتحدثون عن طريقته في توجيه النقد، ومشاهدون يؤكدون تعلّقهم بالسينما من خلال برامجه.

لا يكتسب الناقد الفني عادة كل هذا الزخم، إدارته الفنية لمهرجان "القاهرة السينمائي"، اسهامه في تأسيس مهرجانات سينمائية، رئاسته لجان تحكيم، تنقله بين مهرجانات عالمية، وكتاباته المتخصصة، ليست وحدها السبب، أهم من ذلك كّله؛ مقولته الدائمة على اختلاف مراحله: "مازلت أفضّل إجراء الحوارات مع الجميع، لأتعلّم من الجميع".

 

الـ FaceBook في

13.07.2019

 
 
 
 
 

الموت يغيب «عرّاب» السينما الأجنبية يوسف شريف رزق الله

أصدقاؤه وصفوه بأنه «يوتيوب جيله»

القاهرة: فتحية الدخاخني

ودّعت مصر الناقد السينمائي وموسوعة السينما العالمية، يوسف شريف رزق الله، الذي توفي أمس، عن عمر يناهز 77 عاماً، بعد صراع مع المرض. وشيعت الجنازة بعد صلاة الجمعة من مسجد السلطان حسين، وشارك فيها عدد من النقاد والفنانين.

ونعت وزارة الثقافة المصرية وجميع هيئاتها، الناقد الراحل، وقالت في بيان صحافي أمس، إن «الراحل كان أحد رموز النقد السينمائي، ومؤرخاً ومعلماً لأجيال كثيرة، وكان موسوعة السينما العالمية والأب الروحي لنادي السينما».

واعتبر رزق الله موسوعة السينما العالمية المتنقلة، وكان يوصف بأنه «يوتيوب جيله»؛ حيث أثرى الساحة السينمائية بتحليلات ومعلومات عن الحركة الفنية، وقدم كثيراً من البرامج التلفزيونية التي ساهمت في تعريف جيل كامل بحركة السينما العالمية ومدارسها ونجومها.

وواصل رزق الله شغفه وعشقه للسينما حتى الأيام الأخيرة من حياته؛ حيث كان آخر ظهور له قبل نحو 20 يوماً، في اجتماع اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة السينمائي، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي له؛ حيث عمل فيه منذ عام 1987 في منصب السكرتير الفني، ثم أصبح مديراً فنياً للمهرجان منذ عام 2000 وحتى الآن.

وتحدث الناقد الفني طارق الشناوي عن الناقد الراحل، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «آخر لقاء مع رزق الله كان قبل نحو 20 يوماً في اجتماع اللجنة العليا لمهرجان القاهرة السينمائي»، مشيراً إلى أن «الراحل حضر قبل موعد الاجتماع، وشارك برأيه في جميع التفاصيل المتعلقة بما في ذلك التكريمات، وحسم كثيراً من القرارات».

وتابع: «رزق الله رغم الضعف الذي بدا على جسده يوم الاجتماع، فإن ذاكرته كانت حديدية، وآراؤه كانت حاسمة». وهو ما أكده المخرج شريف البنداري في تغريدة له على «تويتر»؛ لكنه قال: «حضر رزق الله بجرح في رقبته، ورغم التعب الذي كان بادياً عليه، فإنه كان شديد التركيز في اجتماع اللجنة العليا لمهرجان القاهرة السينمائي، ويعمل بشغف كالعادة وبمنتهى الهدوء، كأحد فرسان الظل».

ونعى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الناقد الراحل، الذي اعتبره «الأب الروحي والأستاذ والمعلم والقامة السينمائية والإعلامية الكبرى، التي ساهمت في قيادة دفة المهرجان على مدار أربعين عاماً، ليساهم بكل جهده في دفع المهرجان للأمام، بعد أن منح الحياة السينمائية عمره، وتتلمذت على يديه أجيال متعاقبة من النقاد والسينمائيين».

وقال المهرجان، في بيان صحافي، أمس: «نودع اليوم الأب الروحي ورمز المهرجان التاريخي، عاشق السينما، والعلامة الفريدة في عالم السينما، ليس في مصر فقط؛ بل والعالم العربي أجمع، الرجل الذي ساهم في زرع حب السينما في آلاف القلوب، والذي يدين له المهرجان بالكثير. نودع يوسف شريف رزق الله، الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معاني النبل والشرف»، مضيفاً: «آن الأوان لفارس السينما أن يترجل».

كما نعاه الكاتب والسيناريست مدحت العدل، والمخرج عمرو سلامة، والناقد الفني مجدي الطيب، بالإضافة إلى جمعية نقاد السينما المصريين.

ولد رزق الله في 5 سبتمبر (أيلول) عام 1942، وحصل على تعليمه الأساسي في مدرسة «الجزويت» التي تخرج فيها عام 1961. واعتاد التردد على دور السينما، وفي سن الخامسة عشرة حصل على جائزة من مجلة «راديو موند» الصادرة بالفرنسية، لزيارة موقع تصوير فيلم «أنا حرة» للكاتب إحسان عبد القدوس، وإخراج صلاح أبو سيف. ورغم عشقه للسينما الذي ظهر منذ الطفولة، فإنه استجاب لرغبة والديه والتحق بإحدى كليات القمة، بعد حصوله على المركز الخامس على مستوى الجمهورية في شهادة الثانوية العامة، ليتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عام 1966.

وبدأ رزق الله حياته المهنية محرراً بهيئة الاستعلامات، ثم انتقل للتلفزيون ليعمل محرراً للنشرات الإخبارية، وفي مراقبة الأخبار باتحاد الإذاعة والتلفزيون، وأصبح رئيساً لتحرير النشرات الإخبارية، ثم رئيساً لقناة «النيل» الدولية في الفترة من 1997 وحتى عام 2000، وتولى رئاسة قطاع التعاون الدولي بمدينة الإنتاج الإعلامي في الفترة من 2007 وحتى 2011، ورئاسة جهاز السينما بالمدينة في الفترة من 2011 وحتى 2012.

وعمل رزق الله معداً لبرنامج «نادي السينما» في التلفزيون المصري من عام 1975، ثم برنامج «أوسكار» عام 1980، وغيرها من البرامج السينمائية الجماهيرية على شاشة القناة الثانية في التلفزيون المصري، وشارك في لجان تحكيم عدد من مهرجانات سينمائية مثل ستراسبورغ، وميلانو، وروتردام، ومونبيلييه، وتولى رئاسة جمعية الفيلم بالقاهرة، في الفترة من 1978 إلى 1994.

 

الشرق الأوسط في

13.07.2019

 
 
 
 
 

المدير الفني لمهرجان القاهرة الدولي

رحيل الناقد السينمائي يوسف شريف رزق الله

المصدر: علا الشيخ - دبي

توفي، أمس، في القاهرة الناقد السينمائي المصري يوسف شريف رزق الله، عن 77 عاماً، إثر «وعكة صحية». ونشرت جمعية نقاد السينما المصريين بياناً على صفحتها على «فيس بوك» نعت فيه رزق الله الذي قالت إنه «أحد مؤسسي الجمعية والمدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي والمعلم الذي غرس حب السينما في القلوب».

كما نعى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، برئاسة المنتج والكاتب محمد حفظي، «بكل الحزن والأسى المدير الفني للمهرجان، الناقد السينمائي الكبير يوسف شريف رزق الله، الأب الروحي والأستاذ والمعلم والقامة السينمائية والإعلامية الكبرى الذي ساهم في قيادة دفة المهرجان على مدار أربعين عاماً، منذ أن كان سكرتيراً فنياً له عام 1978، ومديره الفني منذ عام 2000، ليسهم بكل جهده في دفع المهرجان للأمام، بعد أن منح الحياة السينمائية عمره وتتلمذ على يديه أجيال متعاقبة من النقاد والسينمائيين».

وأضاف بيان المهرجان «إذ تنعى إدارة المهرجان يوسف شريف رزق الله فإنها تودع الأب الروحي لكل العاملين في المهرجان، والعلامة الفريدة فى عالم السينما ليس في مصر فقط بل والعالم العربي أجمع، وتودع يوسف شريف رزق الله الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معاني النبل والشرف».

تخرج رزق الله في مدرسة الجزويت عام 1961، قبل أن يتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1966. وقد عمل محرراً ثم رئيساً للتحرير للنشرات الإخبارية في مراقبة الأخبار باتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وأصبح رئيساً لقناة النيل الدولية من 1997 حتى عام 2002، كما شغل منصب رئيس قطاع التعاون الدولي بمدينة الإنتاج الإعلامي، ورئيس جهاز السينما بالمدينة. وعُرف اسم يوسف شريف رزق الله بين قطاع عريض من الجمهور من خلال إعداد وتقديم العديد من البرامج السينمائية بالتلفزيون المصري، وكذلك رسائل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان كان وغيرهما.

كما شارك في لجان التحكيم في مهرجانات سينمائية عدة في الداخل والخارج.

 

الإمارات اليوم في

13.07.2019

 
 
 
 
 

كيف شكل “يوسف شريف رزق الله” نقطة تحول في علاقة الملايين بالسينما؟

حاتم منصور

عشاق السينما اليوم أمامهم بحر هائل من المعلومات والأفكار، لكن بالنسبة لجيل سابق تفتح وعيه على الدنيا في السبعينات والثمانينات، لم تكن الأمور كذلك. كانت ببساطة عدد محدود من المجلات والدوريات الفنية، وقناتان فقط على التليفزيون المصري.

وسط هذه المساحة المحدودة، شق يوسف شريف رزق الله نافذة صغيرة لنا عبر برامجه السينمائية. نافذة لم نشاهد فيها فقط أفلام، لكن تعلمنا منها أيضا الكثير والكثير عن “فن مشاهدة السينما”.

هذا الهوس بالسينما تلخصه ربما قصة الأستاذ نفسه كما يحكيها. حلمه كان الدراسة في معهد السينما – الجديد آنذاك – لكن تفوقه الدراسي ومجموع الثانوية العامة وضغوط الأسرة، انتهت بتغيير مساره إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومنها لاحقاً إلى التليفزيون.

بدايته كانت في قسم الأخبار، لكن كتاباته في دوريات أخرى عن السينما والأفلام لفتت الأنظار إليه كموسوعة سينمائية، ليبدأ وقتها مشواره السينمائي التليفزيوني الحافل، مع برنامجه الأسبوعي نادي السينما الذي تولي تقديمه مع زميلته درية شرف الدين لمدة أشهر معدودة، قبل أن يكتفي بمهمة الإعداد فقط.

كل حلقة من البرنامج تتضمن فيلما، يسبقه تقديم ومعلومات عنه، ونقاش سريع تمهيدي مع ضيف الحلقة، ثم استكمال للنقاش بعد انتهاء عرض الفيلم.

الشىء المميز بخصوص هذا البرنامج، أنه لم يكن للحديث عن السينما من منظور صُناعها بالأساس (مخرجين – ممثلين.. الخ)، بل كان ببساطة للحديث عنها من منظور كل الناس.

خبراء نفس واجتماع.. أساتذة فلسفة أو تاريخ.. ضباط شرطة.. أطباء.. مهندسين.. هؤلاء وغيرهم كانوا قائمة الضيوف. وبفضل خلفيتهم المعلوماتية وخبراتهم الوظيفية من ناحية، والأسئلة الذكية التي يعدها الأستاذ لهم من ناحية أخرى، يحدث الدمج السحري عندما يلتقي فن السينما مع العالم، ويصبح الفيلم أكبر من مجرد ساعتين تسلية. يصبح الفيلم جزء من الحياة.

بحلول عام 1980 بدأ برنامجه الآخر (الأوسكار) الذي تولت تقديمه المذيعة سناء منصور. نقطة الاختلاف الأساسية عن نادي السينما، كانت اختيار فيلم ترشح أو حصل على الأوسكار في فرع أو أكثر، وتقديمه من زاوية هذا الانجاز. ما الذي جعل فيلمنا اليوم يربح أوسكار أفضل ملابس مثلا؟

قيمة السؤال واجابته، تتجاوز من جديد الفيلم نفسه، وتُحلق بالمتفرج لملاحظات وطريقة تفكير ومشاهدة مختلفة للأفلام عامة وطرق صناعتها.

أما برنامجه تليسينما الذي قدمه بنفسه، فكان أقرب لدليل أسبوعي مختصر يقدمه عصر كل جمعة، لنعرف منه ما ينتظرنا من أفلام أجنبية طوال الأسبوع على التليفزيون.

ومن وقت لآخر كان يتحفنا بحلقة من برنامج ستار، وفيه يسجل مع فنانين مصريين أسئلته لنجم ما عالمي، ثم يقوم النجم بتسجيل اجاباته أمام الكاميرا في أمريكا، ونشاهد مونتاج نهائي يتضمن الفقرتين، قبل أن نبدأ مشاهدة فيلم ما لهذا النجم.

قائمة ضيوف هذا البرنامج تضمنت أسماء عملاقة مثل كيرك دوجلاس وميريل ستريب، وعلى عكس برامج التفاهة التي تُقدم حالياً باعتبارها برامج فنية وسينمائية، وتتضمن بالأساس حفنة أسئلة سمجة روتينية مكررة تعكس إفلاس طاقم التقديم والإعداد، من نوعية (ما هو أظرف موقف لك أثناء التصوير)، كانت أسئلة ستار على مستوى الفرصة والضيف والفيلم وفن السينما.

برنامج سينما في سينما الذي بدأه في التسعينات، كان رغم روعته، مصدر معاناة للملايين من عشاق السينما من أمثال كاتب هذه السطور! البرنامج كان مختصا بتقديم أخبار وتقارير عن السينما العالمية والأمريكية بالأخص، على مدار ربع أو ثلث ساعة على الأكثر في كل حلقة، ويقدمه الأستاذ بنفسه. لكن للأسف ظلمنا ماسبيرو وقتها، واختار عرض هذا البرنامج في ختام سهرة الأحد أو الاثنين على القناة الثانية.

مع العشوائية المعتادة للتليفزيون المصري، كان من العادى أن يبدأ البرنامج الثالثة فجرا مثلا، حتى لو كان موعده المعلن الواحدة! يمكن طبعا تخيل حجم المعاناة التي يحتاجها طالب لمتابعة برنامج في هذا التوقيت خلال شهور الدراسة!

لم تخلً الأمور من مقالب مؤلمة متكررة، مثل مقاومة النعاس لمدة 3 ساعات كاملة من أجل البرنامج، لتنتهي سهرتنا السينمائية الموعودة بمذيعة ربط تردد بابتسامة استفزازية: نعتذر عن عرض برنامج سينما في سينما هذا الأسبوع أعزائي المشاهدين، نظراً لتأخر الوقت!

لكن آلام هذه المواقف المحبطة من وقت لآخر، كانت لا شىء بجوار الجرعة السينمائية المحترمة، التي يقدمها لنا الأستاذ بانتظام.

كواحد من الجيل الذي تفتح وعيه أوائل التسعينات، يمكن القول إن يوسف شريف رزق الله كان من أقلية أحبت السينما فعلا، ولم يستغلها كمجرد حصان طروادة لترويج أفكاره السياسية والاجتماعية.

في هذه الفترة لم تكن أقلام مشاهير النقد السينمائي، تقدم ما يمكن اعتباره نقدا سينمائيا فعلا، بقدر ما تقدم مقالات سياسية بائسة مع كل فيلم وحدث سينمائي.

مع سيطرة الأهواء والميول الاشتراكية واليسارية والناصرية والقومية على أصحاب هذه الأقلام، وعلى الصحافة المصرية والعربية عامة، كانت مراجعات الأفلام في الصحف المصرية، أقرب لنكتة مبتذلة. الفيلم الذي يمجد هذه الميول والأيدلوجيات، يحصل فورا على تصنيف (فيلم عظيم)، والفيلم المصري الذي لا يمجدها، هو بالضرورة متواضع فنيا وسينمائيا!

أما بالنسبة لهوليوود فالأمور أسوأ وأسوأ، حيث الذبح ضروري ومنتظم لكل فيلم بطله شخص باسم “ديفيد” لمجرد اختيار هذا الإسم. وحيث الهجوم والرفض لكل ما هو مرتبط بالثقافة الأمريكية، اجراء ثابت باعتبارها وباء يجب ابعادنا عنه!

ماذا عن الفنيات السينمائية في الفيلم؟ لا تهم فهى هامشية! المهم لهذا النوع من النقاد والمقالات هو: هل هذا الفيلم أو الفنان متوافق مع أجنداتي وتوجهاتي السياسية أم لا؟!

لم ينزلق يوسف شريف رزق الله لهذا الفخ، وكان رمزا للموضوعية في برامجه. والأهم أنه لم ينزلق أيضا لأي صراعات أو ضجيج عن حياته الشخصية، وعاش رغم كل شهرته دون أن نراه خارج نطاقه المهني نهائيا.

ليس من المبالغة بمناسبة الحديث عن جيله وعن الأجندات السياسية والأيدلوجية، أن نعتبره ضمن أقلية لم تسعى لزرع (كراهية الآخر والغرب) في قلوبنا ونحن أطفال، بقدر ما سعت لمد جسور بيننا وبين ثقافات الآخرين.

لسنوات طويلة تساءلت: هل كان مجرد شخص محظوظ بفرصة استثنائية في التليفزيون المصري؟ هل فاتتنا إبداعات ومجهودات لآخرين أكثر وعياً وعشقاً للسينما من نفس جيله؟ هل نال شعبيته لمجرد كونه البائع الأساسي وشبه الحصري لسلعة نعشقها وقتها؟

اليوم وبعد متابعات عقود للوسط الاعلامي المختص بالسينما، تبدو الإجابة واضحة. في الحقيقة كنا نحن المحظوظين بحصوله على هذه الفرصة. المقارنة بين المحتوى السينمائي الذي كان يقدمه، والمحتوى البديل لنفس أبناء جيله في الصحف والكتب، يلخص الفارق.

المقارنة حالياً أيضاً بين ما قدمه من عقود، وما يُقدم الآن باعتباره برامج سينما وفن على الفضائيات واليوتيوب، يلخص فارقا آخر.

لدينا حالياً دفعات جديدة من أنصاف الموهوبين – وأحيانا عديمي الموهبة – القادمين لوسط اعلامي وصحفي وتليفزيوني، تسيطر عليه منظومة التوريث والشللية. لدينا مرحلة الاستوديوهات الفخمة والـ 20 كاميرا، وطاقم الفنيين المهول، المخصصين جميعاً لخدمة محتوى فقير بائس، تقدمه مذيعات تنفق ثروات شهرياً على ملابسها وشعرها، لكن لم تستثمر شىء يذكر في عقلها.

اليوم نحيا في عالم جديد بفضل القنوات الفضائية والانترنت. عالم لم نعد فيه مضطرين للنظر من نافذة صغيرة واحدة على ثقافات وأفلام غيرنا، ولم تعد فيه أخبار السينما العالمية، عملة نادرة تستوجب منا السهر للثالثة فجرا، في يوم طوارىء أسبوعي.

جيل جديد أصغر يشق طريقه حاليا للكتابة أو لعمل فيديوهات عن السينما. جيل لم يحضر عصر الأستاذ ولم يتفاعل معه مباشرة، لكن مع كل ريفيو أو مقال جيد يقابلك لناقد مصري ثلاثيني أو أربعيني حالياً، أو كل إصدار سينمائي متميز يصدر عن هذا الجيل، تأكد أن هناك غالباً بصمة ما تركها الأستاذ. بصمة ستمتد بالتأكيد لأجيال وأجيال قادمة.

بذرة نجاحه الرئيسية قد تكون أوضح الآن. على عكس الكثير من العاملين في هذا المجال سابقاً وحالياً، فعلاقة يوسف شريف رزق الله بالسينما، لم تكن علاقة شخص متسلق يريد فرص ووظائف وشهرة، بقدر ما كانت علاقة عشق صادقة. وأكبر إنجازاته على الإطلاق أنه نقل هذا العشق والشغف بالسينما لملايين آخرين من المتفرجين.

والأحزان الصادقة على السوشيال ميديا مع إعلان خبر وفاته، خير دليل على أن عشق السينما والذكريات الغالية التي حفرها في ذاكرتهم، ستظل خالدة للأبد.

 

موقع "دقائقق نت" في

13.07.2019

 
 
 
 
 

بتقرير مطول.. راديو صوت أمريكا ينعي «الموسوعة» يوسف شريف رزق الله

وائل عبد الحميد

خصص الموقع الإلكتروني لراديو صوت أمريكا تقريرًا مطولًا لتأبين الناقد  السينمائي والصحفي الشهير يوسف شريف رزق الله الذي وافته المنية مؤخرًا واصفًا إياه بالموسوعة والأسطورة.

وأضاف: "الناقد والمؤرخ السينمائي الأسطوري يوسف شريف رزق الله، الرجل الذي ساعد في إكساب أفلام هوليوود شعبية محلية من خلال تقديم مراجعات لها على شاشات التلفزيونات المحلية والشرق أوسطية مات أول أمس الجمعة".

وجاءت وفاة رزق الله عن عمر ناهز 76 عاما بعد يومين من كشف معاناته من مشكلات صحية في الكليتين.

واستطرد التقرير: "الصحفي الشهير المعروف باسم "الموسوعة السينمائية المتحركة" كان مصدرا ثمينا للإعلام العربي وكتب آلاف المقالات النقدية لصالح صحف  ومجلات مصرية وعربية بجانب برامج تلفزيونية".

رزق الله، والكلام للراديو الأمريكي، الذي أعد ثلاثة من أشهر البرامج السينمائية وهي "أوسكار" و"تليسينما" و"الفانوس السحري"بدأ مشواره المهني كمحرر أخبار بالتلفزيون المصري في ستينيات القرن المنصرم بعد تخرجه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

وفي الثمانينيات، قام بتقديم برنامج يعرض فيه تقارير عن نجوم هوليوود للجمهور المصري والعربي.

وركز رزق الله في البداية على سرد قصص كلاسيكية حول عظماء هوليوود أمثال مايكل كورتيز وديفيد لين وبلاك إدواردز و ريتشارد أتينبورو وجاري مارشال وروب راينر.

كما استضاف العديد من نجوم هوليوود عبر القمر الصناعي أمثال الممثلة الشهيرة ميريل ستريب والمنتج بيتر بوجدانوفيتش وفقا لمقطع الفيديو التالي:

وقال رزق الله ذات يوم: "أشعر بسعادة بالغة عندما أدعو نجوم هوليوود إلى مصر ومشاهدة أفلامهم والكتابة عنهم".

كما ساعد رزق الله في انطلاق مهرجان القاهرة السينمائي قبل 40 عاما.

وفاز الناقد الراحل،  الذي كان يتحدث العديد من اللغات،  بالعديد من الجوائز المتعلقة بالنقد السينمائي على مدار العشرين عاما الماضية، ودأب على التجول في أنحاء العالم للمشاركة في مهرجانات مختلفة مثل كان في فرنسا.

وسبق لرزق الله الفوز بوسام الفنون والآداب الفرنسي وكرمه مهرجان القاهرة السينمائي.

ودُفن رزق الله الجمعة الماضي وهو متزوج من ميرفت الإبياري وترك خلفه نجلين هما أحمد وكريم.

 

مصر العربية في

13.07.2019

 
 
 
 
 

عمود خيمة المهرجان!

طارق الشناوي

من المؤكد أن أول اجتماع ستعقده اللجنة العليا للمهرجان برئاسة محمد حفظى سيصبح البند الأول: ما الذى سنقدمه فى الدورة رقم 41 ليوسف شريف رزق الله؟.

عطاء يوسف تجاوز الأربعين عاما، انطلق المهرجان عام 76 بمبادرة من جمعية كتاب ونقاد السينما برئاسة كمال الملاخ، حيث كان القرار يحمل فى عمقه موقفا سياسيا، إسرائيل كانت فى طريقها لإقامة مهرجان (تل أبيب)، يحظى بالشرعية الدولية قبل القاهرة، فكان ينبغى أن نسارع بإقامة (القاهرة)، فى أول دورتين كان رزق الله يغطى الفعاليات من خلال برامجه التليفزيونية المتخصصة فى السينما العالمية، وفى 78 ضمه الملاخ إلى فريق المهرجان، ليصبح اسمه بعد ذلك فى الإدارة الفنية متصدرا المشهد، كأحد أهم صانعى المهرجان، وتأكدت مكانته فى زمن سعد وهبة، الذى تولى رسميا القيادة عام 85، وواصل الرحلة، منذ ذلك الحين. قبل أيام كان يضع اللمسات الأخيرة كمدير فنى للمهرجان للدورة القادمة.

ما الذى سوف نقدمه لرزق الله؟ فى العام الماضى كان التكريم وهو بيننا على المسرح، هذه المرة على اللجنة العليا للمهرجان أن تضع الخطة التى تليق بالأستاذ. الدورة مثلًا يطلق عليها اسمه وتتصدر صورته (لوجو) المهرجان، ممكن طبعا أن يتوجه المؤشر إلى تلك الأفكار، أو تتبلور لما هو أفضل.

ويبقى ماذا بعد تلك الدورة؟ علينا البحث عن جائزة تحمل اسمه وتظل للأبد تُشير إليه.

كان يوسف هو صمام الأمان للمهرجان طوال التاريخ، وأعترف كم كانت نظرته هى الراجحة بقدر ما كانت هادئة، فى عام 1987 عند احتجاج الفنانين ضد سعد وهبة، حيث ارتدى نجوم بحجم عادل إمام ويسرا وشريهان وغيرهم، القمصان الصفراء فى بهو فندق (سميراميس) مكان عقد المهرجان وهم يرفعون شعار المقاطعة.

كان الغضب مشروعا ومبررا وحتميا، واختلط علينا الخيط الفاصل بين إسقاط سعد وهبة وإسقاط مهرجان يحمل اسم مصر، يوسف كان أكثرنا هدوءا لم يدافع عن قانون باطل يحمل رقم (103)، دافع فقط عن استمرار المهرجان الذى يحمل اسم الوطن، ويومها كتب صديقه المقرب سامى السلامونى مقالا ناريا ضده وصفه بأنه (أسطى) مهرجانات، ولكنه لا يتخذ أبدا موقفا سياسيا، رغم أننا اكتشفنا بعدها أن يوسف على حق، وموقفه السياسى كان أكثر نضجا، المهرجان كان من الممكن أن يفقد شرعيته، لو انسحب فى وقت حرج. عقل بحجم وقامة وقيمة رزق الله، مصر ستدفع الثمن وليس سعد وهبة.

موقف آخر تشكلت مؤسسة- فى أعقاب ثورة 25 يناير- لإقامة مهرجان القاهرة برئاسة رزق الله وهو أيضا رئيس المهرجان، ورشحنى للانضمام لفريق العمل، فجأة تراجعت الدولة عن مساندة المجتمع المدنى، وقررت إعادة المهرجان إلى حظيرتها، رفضنا وانسحبنا، رزق الله كان حريصا على أن يستمر المهرجان سواء حمل اسمه أو غيره، وبالفعل تولى رئاسة تلك الدورة التى أقيمت فى 2012 عزت أبوعوف.

العام الماضى، فى عز الأزمة والدولة حائرة، فى اختيار رئيس المهرجان، استعانت به وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، فاختار محمد حفظى الذى لم يكن أبدا من أصدقائه، فهو ينحاز للأفضل.

رحلة رزق الله مع المهرجان تستحق أن تتوج فى الدورة القادمة بجائزة تشبه عطاءه تظل لصيقة باسمه، تقول للجميع إن هذا الإعلامى والسينمائى الكبير كان هو عمود خيمة مهرجان القاهرة!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

14.07.2019

 
 
 
 
 

وداع يليق بك

أحمد رزق الله

على عكس إللي الناس ممكن تفتكره، بس أنا كإبن أصغر ليوسف شريف رزق الله ماكنتش لفترة طويلة من حياتي مدرك أهمية شغله وكنت متخيل إن إللي بيعمله مش أكتر من مجرد وظيفة زي أي وظيفة تانية بيصرف بيها على عيلته الصغيرة. كنت من صغري شايف أبويا مشغول أغلب الوقت في شغله سواء في مبنى التليفزيون بماسبيرو أو لما يرجع البيت وفي يوم أجازاته لما كان يقعد على مكتبه يكتب مقالات أو سكريبتات حلقات برامجه. بس ماكنتش عارف تفاصيل إللي بيعمله، وده بسبب إنه نادرًا ما كان بيكلمني أنا وأخويا عن تفاصيل شغله. أنا عمري ما زرته في مكتبه حتى لما وصل لأعلى المناصب في التليفزيون المصري أو في مدينة الإنتاج الإعلامي أو جهاز السينما أو مهرجان القاهرة، وعمري ما حضرت تصوير لأي حلقة من حلقات برامجه. كان عامل فصل تام بين شغله وبين علاقته بينا رغم إنه كان بيشتغل بشكل متواصل حتى لما يرجع البيت بعد يوم شغل طويل. وبسبب ده كنت بستعجب جدًا وإحنا صغيرين لما الناس توقفه في الشارع تسلم عليه وتقوله رأيها في فيلم السهرة بتاع امبارح أو تطلب منه يذيع أفلام بعينها. ولما ابتديت أكبر شوية كنت برضه بستغرب إن أصحابي وزمايلي في المدرسة يقولولي إنهم سهروا امبارح لحد الفجر علشان يشوفوا برنامج أبويا (سينماxسينما) ٠ واحدة واحدة ابتديت أفهم إن الراجل أبويا ده مش موظف أو بيشتغل شغلانة زي باقية شغلانات معظم أهالي أصحابي وزمايلي في المدرسة، وإنه شكله كده بيأثر بشكل ما في الناس. ولما كبرت أكتر ابتدى يكون عندي فضول إني أعرف تفاصيل أكتر عن شغله فكنت كتير بستنى لما ينام وأروح مكتبه من غير ما يحس وأقرا السكريبت بتاع الحلقة الجاية لبرنامجه إللي لسه ماتذاعتش، أو أقرا ورقة كاتب عليها أفكار لبرامج جديدة بيفكر يعملها. شوية شوية ابتدى يحس إن أنا وأخويا أخدنا منه حب السينما (عمره ما اتدخل علشان يحببنا فيها بالعافية إنما حبيناها من عشقه ليها ومعايشتنا لأجواء شغله) فابتدى يشاركنا واحدة واحدة في أفكار فقرات برامجه ويستشيرنا خاصةً في الحاجات إللي كنا كشباب عندنا إطلاع أكتر عليها (زي لما يذيع في فقرة أغنية فيلم لمطرب أجنبي ممكن نكون إحنا عارفينه، أو لما يكون حاجة ليها علاقة بالتكنولوجيا إللي دخلت حديثًا وقتها). ابتديت أحس مع الوقت إن"شغله" بقى جزء من العالم بتاعي وابتديت أستوعب إزاي إن الواحد لما يكون بيشتغل حاجة هو فعلاً مهووس بيها (بالمعنى الحلو) فده بيخليه ما يحسش إنه بيشتغل حتى لو اشتغل ٢٤ ساعة في اليوم. واهتمامي لما كبرت بشغله وبتأثيره في الناس وصلني إني لفترة أكون معاه على نفس الموجة فنحضر أفلام سوا علشان كل واحد فينا يكتب عنها (رغم إني عمري ما تفرغت لموضوع الكتابة) أو زي ما حصل لمدة ثلاث دورات إننا نسافر مع بعض ونغطي مهرجان كان السينمائي تغطية إعلامية كل واحد بشكل منفصل عن التاني (أهمها بالنسبة لي دورة سنة ٢٠١٠ لما هو كان بيغطي المهرجان لقنوات النيل ومجلة صباح الخير أو كلام الناس وأنا كنت باعمل تغطية يومية في جرنال الشروق، وإزاي كان بيبقى فخور جدًا لما يقراها تاني يوم كتابتها كأي قاريء عادي وأنا أكون متجنن إنه يخلص قراية المقال علشان يقولي رأيه) في سابقة نادرة (أو يمكن أولى) إن الليستة المنشورة كل سنة من قبل المهرجان للصحافيين والإعلاميين المعتمدين من إدارة المهرجان تتضمن أب وابنه معًا بيغطوا المهرجان بشكل منفصل.

رغم كل ده ورغم إني في النهاية تحولت لفترة إني أكون جزء من العالم بتاعه إللي تمحور حواليه الجزء الأكبر من حياته إلا إنه فضل يطاردني هاجس إن بعد كل ده وبعد انقطاع في السنوات الأخيرة عن الالتقاء والاحتكاك المباشر بينه وبين جمهوره بعد توقفه عن تقديم البرامج التليفزيونية وبعد اقتراب مهنة الناقد السينمائي من الاندثار، إن لما تيجي النهاية الأمر يقتصر على خبر على جنب ماحدش ياخد باله منه أو إن الناس تشبه على الاسم وتقول "مش ده الراجل إللي كان باين بيطلع في التليفزيون زمان". لحد ما شفت في اليومين إللي فاتوا ألاف التعليقات إللي كتبها ناس متخصصين والأهم غير المتخصصين عنه وعن تأثيره عليهم وعلى ثقافتهم العامة ولحد ما شفت تغطية الجرايد النهارده على الحدث وعرفت إن الحمد لله مجهوده مارحش هدر.

 

####

علاقة يوسف شريف رزق الله بمهرجان القاهرة السينمائي

أحمد رزق الله

علاقة يوسف شريف رزق الله بمهرجان القاهرة السينمائي علاقة صعب وصفها. اشتغل مع مختلف الإدارات والرؤساء إللي مسكوا المهرجان (باستثناء صديقه سمير فريد إللي عرض عليه يشتغل معاه في الدورة الوحيدة إللي تولى إدارتها لكنه اعتذر له) لحد ما اتعرض عليه شخصيًا رئاسة المهرجان مرتين من وزيرين مختلفين واعتذر في المرتين. كلهم كانوا عارفين أهمية وجوده لنجاح المهرجان مش مجرد لدوره في اختيار الأفلام وتنظيم العروض والندوات واختيار الضيوف والمكّرمين لكن الأهم لإنه رمانة ميزان المهرجان بسبب حب واحترام وتقدير كل العاملين في المهرجان من الصغير للكبير له بالإضافة لتقدير الضيوف الأجانب ليه وده إللي كان بيساعده في حل أي خلافات ومشاكل بتحصل وارتضاء الجميع بحكمه. كنت وقت ما المهرجان شغّال تلاقي يوسف شريف رزق الله بيشرف بنفسه على دخول الجمهور لقاعات السينما ويتأكد بنفسه إن الفيلم اشتغل وكله تمام. شوية وتلاقيه في قاعة تانية بيدير ندوة وبعدها يطلع يحضر فيلم كواحد من الجمهور وبعدين يستقبل حد من الضيوف الأجانب للمهرجان. فضل يعمل كده لآخر دورة رغم إن صحته ماكانتش مساعداه. ورغم كل المشاكل المعروفة إللي عشناها طوال تاريخ المهرجان إلا إن وجود يوسف شريف رزق الله في الصورة كان بيطمن الناس ويخليها تترفع وتتغاضى عن أي مشاكل وصعوبات بتواجه المهرجان بسبب قلة إمكانيات وضعف التنظيم.

قبل الدورة إللي فاتت لما عرف قبل حوالي شهر من بداية الدورة اعتزام محمد حفظي تكريمه عن مشواره بمناسبة الدورة الأربعين في تاريخ المهرجان، كان في منتهى السعادة إن بيته إللي فعلًا أفنى فيه عمره هيشكره أخيرًا على مجهوداته دي. بلّغني الخبر يوم ما عرف بالتكريم في وجود مامتي ومراتي وحسيت من عينيه قد إيه هو مرتاح ومتحمس للتكريم ده بعد مراحل كتير حس فيها بالإحباط وعدم التقدير الكافي مع إدارات سابقة لدرجة قراره في كذا مرة الاستقاله من منصبه في المهرجان قبل ما يتراجع عن القرار ده. قبل افتتاح المهرجان بيوم سألته لو محتاج مني أجهز معاه الكلمة إللي هيقولها على المسرح فقاللي إنه ناوي يركز في كلمته على شكر كل الناس إللي ورا الكواليس وبتشتغل معاه في المهرجان، فأنا قولتله التكريم ده المفروض معمول علشان الناس كلها تشكرك إنت فماينفعش يتحول لشكرك إنت للناس وخلاص كده، واتفقنا أجهزله كلمة تانية يقولها على المسرح. وفعلاً كتبت الكلمة وبعتهاله على الإيميل وقبل ما ننزل نروح الأوبرا اتأكدت منه إنه قراها وقالي إنه عمل عليها شوية تعديلات بسيطة وهيستخدمها. الكلمة كانت مركزة أكتر على مشواره في السينما ومع المهرجان بالإضافة لشوية شكر في النهاية. لما طلع على المسرح اتفاجئت شخصيًا من الاستقبال العظيم إللي الناس استقبلوه بيه مجرد أول ما فهموا من الكلمة الهايلة لمحمد حفظي إن إللي هيتم تكريمه هو يوسف شريف رزق الله وقبل حتى ما يظهر على المسرح. المسرح كله فجأة قام وقف أول ما دخل على المسرح بخطواته البطيئة الصغيرة وقوبل بعاصفة من التصقيف من كل الناس إللي كانوا فعلاً فرحانين بيه لدرجة إنه هو إللي فضل وبأدبه المعتاد يطلب منهم إنهم يتفضلوا يقعدوا. لما ابتدى يقول كلمته اتفاجئت إنه طنش خالص الكلمة إللي كتبتهاله وعمل برضه إللي في دماغه وفضل طول ما هو على المسرح يشكر كل فرد في المهرجان واحد واحد وواحدة واحدة بأساميهم وكثير منهم مسبوقًا بكلمة أستاذ أو أستاذة رغم إن أغلبهم تلامذته وفي سن أولاده. بيني وبين نفسي وهو بيقول كلمته كنت متضايق علشان كنت عايز النور يكون متسلط عليه هو بس في كلمته، وابتديت أتوتر لما لاقيت الكلمة بتاعته ابتدت تطول وكلها شكر شكر وحسيت إن الtempo في القاعة ابتدى يضعف شوية. لما خلص التكريم وشفت السعادة على وشوش فريق العمل بتاعه وإحنا خارجين من الحفلة وهما بيتسابقوا إنهم يتصوروا معاه أدركت إزاي أنا ضيق الأفق وإزاي هو عنده بصيرة وفهمت ساعتها بس ليه الناس كلها بتحبه بالشكل ده وليه الناس فضلوا واقفين لدقايق يصقفوله وقت تكريمه.

بعد انتهاء الدورة، وكانت فعلاً واحدة من أنجح دورات المهرجان بأفلامها وضيوفها وتنظيمها، قعدنا مع بعض تاني واتكلمت معاه إذا كان ناوي يسيب المهرجان ويرتاح شوية ولا لسه حابب يكمَل. كان رأيي إن بتكريمه وبالدورة الناجحة دي ممكن يكون ده الوقت المناسب إنه يريح شوية ويهتم بصحته خاصةً أنه كعادته اكتشف وجهّز خلال السنين إللي فاتت مجموعة من شباب السينمائيين إللي لو خدوا الفرصة والخبرة ممكن يسندوا المهرجان مع الاستعانة بخبرته ونصايحه. كان هو ميّال برضه للرأي ده بس بعد تفكير رجع تاني ولقى إنه لسه يقدر يدَي المهرجان شوية كمان من موقعه وقرر إنه يكمَل حتى لو صحته ماسمحتلوش إنه يأدي كل إللي فضَل يأديه طوال السنين إللي فاتت من لف وسفر على المهرجانات حوالين العالم علشان يختار الأفلام الحلوة وغيرها من المهام بالشكل إللي اتعود عليه. وفعلاً والحمد لله فضل لحد آخر يوم بيأدي دوره وبيخدم المهرجان من صحته ومجهوده وأثبتلي مرة كمان إزاي عنده رؤية وبصيرة إنه فضل في المكان إللي بيحبه لحد آخر يوم في عمره وهو سعيد ومبسوط إنه بيأدي رسالته ناحية السينما والثقافة في مصر والعالم.

 

الـ FaceBook في

14.07.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004