كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

جوسلين صعب:

نهاية مغامرة الاكتشاف السينمائي

نديم جرجوره

عن رحيل «جوسلين صعب»

   
 
 
 
 
 
 

برحيل السينمائية اللبنانية جوسلين صعب (1948 ـ 2019)، تُطوى صفحة أخرى من كتاب "السينما اللبنانية البديلة". قبل شهرين اثنين، كان احتفال بها في "دار النمر للفن والثقافة" (نوفمبر/تشرين الثاني 2018)، في إطار "ثلاثاء الأفلام" ("العربي الجديد"، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2018). حينها، اختير "لبنان في الدوّامة" (1975) لافتتاح 4 أسابيع، تُشكِّل نوعًا من استعادة ـ سينمائية وثقافية وإنسانية ـ لمرحلة مخضّبة بحيوية اشتغالٍ مفتوح على قضايا الراهن، في بيروت ومحيطها العربي. جوسلين صعب تأتي إلى السينما من الصحافة. تملك مفاتيح التحقيق البصري. تخوض معاركها ـ في البيئة العائلية والاجتماعية أولاً ـ كي تكتسب حريتها عبر الكاميرا والعدسة والشريط، وهذا ثلاثيّ تصنع به شهادات بصرية عن أناسٍ وفتراتٍ وحكاياتٍ. 

تغيب جوسلين صعب، فالمرض السرطانيّ قاسٍ، والخاتمة معروفة. والغياب يُعيد طرح سؤال العلاقة الوطيدة بين الكاميرا والمسائل العامّة، لأن حكاية "السينما البديلة" في لبنان، المصنوعة منذ بداية سبعينيات القرن الـ20، هي حكاية سينمائيين عائدين إلى بيروت عشية اندلاع الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) فيها وفي البلد، أو مع اندلاعها، كحال جوسلين صعب، التي تغادر أمكنتها في الغرب وآسيا، وتأتي إلى مدينة تتمزّق، وإلى أناسٍ يتقاتلون أو يُقْتَلون، وإلى حراكٍ يتطلّب توثيقًا بصريًا لن يكتفي بالتقاط النبض الحاصل في الشارع وبين الجماعات المتناحرة، لأنه يذهب إلى ما وراء الحدث غالبًا، مستعيدًا شيئًا من غليان الفكر والإيديولوجيا والنزاعات المتنوّعة، كي يكشف بعض راهنٍ ملوّث بالدم والغبار. 

والحكاية تلك ثنائية بامتياز، لأنها تروي حكاية السينما وحكايات صانعيها. فجوسلين صعب، المنخرطة بكليّتها في أتون الحرب الأهلية، تُشارك آخرين (بعضهم يُغادر الدنيا قبلها كمارون بغدادي ورندة الشهّال وجان شمعون) في صناعة نمط سينمائيّ لبناني ـ عربي، يرتكز جانبٌ أساسيّ منه على الواقع المحليّ، ويتناول بعضه مسائل فلسطين ومقارعة اليمين والبحث في أحوال أفرادٍ مُهمَلين. والسياسة، بمعناها الإنساني اليساري، تحتلّ مكانًا أساسيًا في نتاجٍ تحقّقه جوسلين صعب وجماعة "السينما البديلة"، قبل أن يضع منتصف ثمانينيات القرن الـ20 نوعًا من حدٍّ للتجربة، من دون تغييبها كلّيًا، فإذ بهؤلاء ينصرفون إلى تجارب أخرى، يختبرون مفرداتها وأسئلتها في الغرب، من دون انقطاع تامٍ عن البلد وناسه. لهذا، سيكون للوثائقيّ حضور أكبر في نتاجاتهم، فهو الأقدر على التوثيق المباشر للحدث، وعلى طرح الأسئلة أيضًا، قبل التحوّل إلى الروائيّ المفتوح على متخيّل تحتاجه لغة السينما، وعلى واقع يُشغل بال جوسلين صعب ورفاق المرحلة والاشتغال. 

والوثائقي الذي تصنعه جوسلين صعب لن يبقى أسير بيئة واحدة، فهو منبثق من عمل صحافي يدفعها إلى اكتشاف بلدانٍ وتجارب: مصر وحرب أكتوبر (1973)، كردستان وأحوالها، العراق وسورية وإيران والجولان. لكن هذا لاحقٌ لدراسة العلوم الاقتصادية في باريس، قبل عملها في الصحافة الإذاعية والتلفزيونية لحساب محطّات أوروبية وأميركية شمالية ويابانية. فترة مفيدة جدًا لها، إذْ تُنمّي فيها حسّ المغامرة والمواجهة والتحدّي، بارتكازٍ ثقافي على علم ومعرفة ووعي. لذا، تنشأ العلاقة بينها وبين الكاميرا (التلفزيونية والسينمائية الوثائقية) بسلاسة، فتتحوّل العدسة إلى عينٍ تُراقب وتلتقط وتحتفظ، والكاميرا إلى أرشيفٍ يوثّق ويُساجِل ويكشف. 

تعتاد جوسلين صعب حملاتٍ تُشنّ عليها لأسبابٍ واهية غالبًا، إذْ يظنّ صانعو تلك الحملات أنْ لهم حقًّا في أن يكونوا "حرّاس التاريخ والراهن"، فيرفضون من يتجرّأ على مسّ مقدّسات أرضية. هذا حاصلٌ معها بسبب "دنيا" (2005) مثلاً، ثالث أفلامها الروائية الطويلة. 

فصعب ـ لاهتمام إنساني وثقافي وفكري وجمالي لها بالمرأة وحكاياتها، وبالرقص وأساليبه، وبأسئلة الاجتماع والعصبيّة والتزمّت في مواجهة كلّ إبداع ممكن ـ تختار قصّة طالبة آداب في القاهرة تبحث في الرقص عن طيف والدتها التي تفقدها وهي صغيرة. وهذه قصّة تنفتح على أحوال اجتماعية تكون النساء بطلاتها، وتكون حكاياتهنّ ومواجعهنّ ومصائبهنّ ركائز درامية تكشف شيئًا من أهوالٍ تحيط بهنّ. 

والحملة، إذْ تتّخذ من خاتمة الفيلم (نقلاً عن تقارير ودراسات، تذكر صعب وقائع الختان في مصر) حجّة، تُعلن ولو ضمنيًا أن "دنيا" مخادع ومتحامل، بينما الواقع يؤكّد ما تصبو إليه جوسلين صعب، المثابرة على مواجهة مصاعب الحياة والبيئات والذاكرة، من دون كلل أو هزيمة، تمامًا كممارستها عيشها حتى اللحظة الأخيرة، من دون أن تسمح لمرضٍ أن يحول دون اشتغالها، مع أن المرض يشتدّ، والتعب قاتل، والتفكك الجسدي حاد. 

قبل "دنيا"، تنتظر جوسلين صعب 10 أعوام على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، كي تُحقِّق أول روائي طويل لها، بعنوان "حياة مُعلّقة" (1985)، المستمرّ في سرد حكاية صعب مع بيروت والحرب والناس (قصة حب بين شاب فاقد "طعم الحياة" وشابّة يتفتّح وعيها في ظلّ تلك الحرب). بعده، تختار نمطًا مختلفًا في صناعة فيلم، إذْ يمتلك "كان يا ما كان بيروت" (1995) نسقًا يُساوي بين وفرة الصُور الأرشيفية وجمالية المتخيّل السينمائي، كي تنظر ـ بعينٍ فاحصة وحنونة ومُحبّة ـ إلى بيروت عبر السينما والحكايات التي ترويها السينما والصُور التي تحتفظ بها السينما عن مدينة "كانت"، وها هي، بعد النهاية الملتبسة للحرب الأهلية (13 أكتوبر/تشرين الأول 1990)، تحاول أن تُرمِّم نفسها، فإذا بجوسلين صعب، مع الشابتين ميشيل تيّان وميرنا معكرون (بطلتي الفيلم)، تحاول التقاط أزمنة المدينة وفضاءاتها، وروح الشوارع والأنقاض والغبار، كي تسرد شيئًا من سيرتها هي. 

أما الروائي الأخير، "شو في؟" (2009)، فسرد تأمّلي في أحوال المدينة نفسها، التي تطغى على حياة المخرجة وروحها، عبر سيرة شاب يكتب نصوصًا أدبية من خلال شخصيات المدينة.

 

العربي الجديد اللندنية في

09.01.2019

 
 
 
 
 

رحيل جوسلين صعب الرائدة السينمائية الشجاعة

تعددية في التعبير وثبات في الالتزام

بيروت: سوسن الأبطح

قبل أن تكمل عامها الحادي والسبعين أطاح السرطان بالسينمائية والصحافية اللبنانية جوسلين صعب، بعد مقاومة صعبة وشرسة مع المرض. ويوم الاثنين أسلمت الروح، وهي التي بقيت حتى اللحظة الأخيرة تسعى لأن تعيش كما تتمنى، وتمكنت قبل وفاتها في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) الفائت، بأن توقع في باريس كتابها الفوتوغرافي «مناطق حربية» الذي جمعت فيه شهاداتها كفنانة من خلال الصور، وحصيلة خمسة عقود من العمل الصحافي والسينمائي في قلب الحروب وعلى الجبهات، وحيث البؤس والفقر والقضايا التي مست شغاف قلبها.

وجوسلين صعب المولودة في لبنان لأسرة بورجوازية عام 1948، بكل ما تحمله هذه السنة من رمزية وانكسار عربيين، تركت رفاهاً متاحاً لها لتشق طريقها الخاص، فدرست الاقتصاد في فرنسا، وعملت مراسلة حربية للقناة الفرنسية الثالثة، ومن هناك انطلقت، إلى ليبيا ومصر، لتغطي أكثر الأحداث السياسية سخونة، وتجري مقابلات مع كبار الشخصيات، من بينهم معمر القذافي وياسر عرفات الذي رافقته على الباخرة التي أقلته من لبنان عام 1982 مع مقاتلي منظمة التحرير بعد الاجتياح الإسرائيلي وإرغام الفلسطينيين على الخروج من بيروت.

عادت جوسلين صعب من فرنسا إلى بيروت مع بدء الحرب الأهلية عام 1975 مشدودة إلى الأحداث التي بدأت تتفجر. وبالفعل فإنها ستبدأ من حينها بالخروج التدريجي من التحقيقات الصحافية السريعة، لتمتهن ببراعة الشغل على الأفلام الوثائقية، بدءاً من فيلمها الأول «لبنان في الدوامة» الذي ستكر بعده السبحة وتقدم «رسالة من بيروت»، «بيروت مدينتي»، «أطفال الحرب»، «بيروت لن تعد أبداً»، «من أجل بعض الحياة»، حيث بقي لبنان في صلب غالبية أعمالها مهما ابتعدت عن وطنها. فقد سافرت إلى أقصى الشرق، وصورت في إيران وحتى فيتنام فيلهما «سيدة سايغون»، وترددت على مصر وعملت تكراراً هناك، ولعل واحداً من أبرز أفلامها الوثائقية «القاهرة مدينة الموتى» الذي تسبب لها بمشكلات جمة. وعملت في فرنسا، وقد يكون البلد الذي عاشت فيه الفترة الأطول، لكنها بقيت متعلقة بالمنطقة العربية، فعملت في الجزائر وتونس والمغرب، ونسجت علاقات عمل مع فنانين عرب كثر.

وجدت جوسلين صعب نفسها تكراراً إما ممنوعة من العرض كما حالها مع فيلم «القاهرة مدينة الموتى»، أو تحت رحمة مقص الرقابة، وقد أوقفت أيضاً في مطار القاهرة بسبب فيلمها «دنيا» (2005) الذي منع بدوره عند صدوره، وتسبب بالكثير من الجدل، بسبب حساسية موضوعه حول ختان المرأة وحريتها الفكرية. وهذا الفيلم هو أحد أفلامها الروائية التي بدأت بإنجازها في الثمانيات حيث كتبته بنفسها وصورته وأخذ منها جهداً كبيراً. فهذا الأخير احتاج التحضير له سبع سنوات، وحين منع كانت صدمة لها لم تستوعبها بسهولة. وأفلامها الروائية الباقية هي «غزل البنات» (1985) الذي كان باكورتها واستوحته من الفيلم المصري الكلاسيكي الشهير الذي يحمل الاسم نفسه، وهناك أيضاً «حياة معلقة» (1985) و«كان يا ما كان بيروت» (1994) أما الروائي الأخير «شو في» الذي تعود فيه إلى بيروت فقد صدر عام (2009).

ثمة عطش عند جوسلين صعب إلى التعبير، فهي كتبت في الصحافة وصورت الربورتاجات، ثم اتجهت إلى إنجاز التجهيزات، كما أنها اهتمت بالتقاط الصور الفوتوغرافية وأقامت معارض عدة جالت فيها في عواصم في العالم. وبيروت التي كانت تتردد عليها باستمرار بقيت بالنسبة لها مرتكزاً، وقد عادت إليها عام 2013 لتقديم ما سمته يومها «مهرجان السينما تقاوم» ثم رجعت في السنة التي تلتها لتقيم الدورة الثانية في خمس مدن لبنانية منها طرابلس التي كانت تعاني اضطراباً أمنياً، فاتحة نافذة ثقافية لسكان هذه المدن بمشاهدة نحو 40 فيلماً تركز في معظمها على الحروب وانعكاساتها والعنصرية والطائفية والعلاقات الإنسانية. وعام 2018 احتفي في لبنان أكثر من مرة بجوسلين صعب. مرة في «متحف مقام» على مقربة من مدينة جبيل، حيث أقيم معرض استعادي لأعمالها الفوتوغرافية وفيديوهات، ومرة أخرى في «دار النمر» في بيروت حيث نظم شهر لأفلام جوسلين صعب، حيث كانت تعرض كل ثلاثاء.

وبعد وفاتها نعاها زملاؤها السينمائيون، كما نعاها وزير الثقافة اللبناني غطاس الخوري قائلاً إنه برحيل المخرجة جوسلين صعب «يفقد الفن السابع شخصية مثقفة تميزت في الحصول على الكثير من الجوائز العالمية لأفلامها التي عالجت فيها القضايا الإنسانية من مختلف جوانبها، حيث تفردت عدسة كاميرتها لتأريخ اللحظة وحفظها لتكون مرجعاً للأجيال المقبلة».

ومن حظ محبي جوسلين صعب، أو من يدفعهم الفضول لمعرفة المزيد عن مسارها الشجاع، أن الباحثة الفرنسية ماتيلد روكسيل، كانت قد أصدرت كتاباً يحمل اسم «جوسلين صعب، الذاكرة الجامحة» عن «دار النهار» تتحدث فيه عن هذه الرائدة التي رسمت طريقاً لا يشبه آخر، وحفرت في صخر الذهنيات، غير آبهة بالنتائج، وجل ما كانت تريده أن تبقى تحفر بأفلامها إلى ما بعد مماتها.

 

الشرق الأوسط في

09.01.2019

 
 
 
 
 

السينما اللبنانية تودع المخرجة جوسلين صعب

كتب: رويترز

ودّعت الأوساط السينمائية اللبنانية المخرجة اللبنانية جوسلين صعب، التى تُوفيت مساء الإثنين الماضى عن عمر ناهز 71 عاماً بعد صراع مع مرض عضال رافقها فى آخر سنواتها بالعاصمة الفرنسية باريس،

وتُوفيت «جوسلين» فى أحد مستشفيات باريس، حيث أقامت لسنوات عديدة وحصلت على الجنسية الفرنسية.

وارتبط اسم «جوسلين» بأفلام الحروب والوثائقيات المصورة، التى عكست شخصيتها كصحفية وكاتبة سيناريو ومصورة فوتوغرافية، وعملت «جوسلين» مراسلة إخبارية لمحطات تليفزيونية أوروبية، حيث قامت بتغطية حرب أكتوبر 1973، وأنجزت أفلاماً وثائقية عدة عن هذه الحرب، وعن كردستان، وحرب العراق وإيران، والجولان، ولبنان.

ومن أبرز أعمالها السينمائية: «جنوب لبنان.. قصة قرية تحت الحصار» و«رسالة من بيروت» و«بيروت مدينتى» و«مصر.. مدينة الموتى» و«كان يا ما كان.. بيروت» و«غزل البنات 2»، الذى يُعد شريطها الأول فى السينما الروائية.

وقدمت «جوسلين» فى «غزل البنات 2» قصة حب جمعت الشابة «هالة»، التى تهرب من محيطها عبر الأفلام المصرية، والفنان «كريم»، الذى يعيش فى عزلة داخل شقته فيما كان يُعرف بـ«بيروت الغربية» خوفاً من الحرب.

ويضم سجل «جوسلين» أفلاماً روائية، منها «حياة معلقة» و«شو عم بصير» و«دنيا»، الذى لعب بطولته حنان ترك ومحمد منير.وأثار الفيلم جدلاً كبيراً عند عرضه عام 2005، إلا أنه حاز جوائز وإشادة كبيرة فى مهرجانات قرطاج وميلان وصندانس ومونتريال.

 

المصري اليوم في

09.01.2019

 
 
 
 
 

السينما العربية تفقد مُخرجين هما جوسلين صعب وأسامة فوزي

متابعة: المدى

صدم الوسط السينمائي وعشاق السينما هذا الأسبوع برحيل اثنين من المخرجين العرب، الذين كان لهم بصمة واضحة في السينما العربية. وهما المخرجة اللبنانية جوسلين صعب، والمخرج المصري أسامة فوزي.
فقد غيب الموت المخرجة اللبنانية جوسلين صعب مساء الاثنين عن عمر ناهز 71 عاماً بعد صراع مع مرض عضال رافقها في آخر سنواتها بالعاصمة الفرنسية باريس
.

وتوفيت صعب في أحد مستشفيات باريس حيث أقامت لسنوات عديدة وحصلت على الجنسية الفرنسية.

ارتبط اسم صعب بأفلام الحروب والوثائقيات المصورة التي عكست شخصيتها كصحفية وكاتبة سيناريو ومصورة فوتوغرافية.

عملت كمراسلة إخبارية لمحطات تلفزيونية أوروبية حيث قامت بتغطية حرب أكتوبر 1973 وأنجزت أفلاماً وثائقية عدة عن هذه الحرب، وعن كردستان، وحرب العراق وإيران، والجولان، ولبنان.

من أبرز أعمالها السينمائية (جنوب لبنان.. قصة قرية تحت الحصار) و(رسالة من بيروت) و(بيروت مدينتي) و(مصر، مدينة الموتى) و(كان يا ما كان، بيروت) و(غزل البنات 2) الذي يعد شريطها الأول في السينما الروائية.

قدمت صعب في (غزل البنات 2) قصة حب جمعت الشابة هالة التي تهرب من محيطها عبر الأفلام المصرية والفنان كريم الذي يعيش بعزلة داخل شقته في ما كان يعرف بيروت الغربية خوفا من الحرب.

يضم سجل صعب أفلاماً روائية منها (حياة معلقة) و(شو عم بصير) و(دنيا) بمشاركة حنان ترك ومحمد منير. وأثار الفيلم الذي انجز عام 2005 ضجة وحاز على جوائز وإشادة بمهرجانات قرطاج وميلان وصندانس ومونتريال.

وتوفي بعدها بيوم، المخرج أسامة فوزي عن عمر 58 عاما بعد صراع مع المرض. والجنازة من مسجد بيفرلي هيلز بعد المغرب اليوم.

أسامة فوزي تخرج فوزي في قسم الإخراج بالمعهد العالي للسينما في عام 1984، وعمل كمساعد مخرج لفترة طويلة منذ عام 1978، مع عدد كبير من المخرجين منهم حسين كمال ونيازي مصطفى وبركات وأشرف فهمي، وانقطع لفترة ثم عمل مع المخرج شريف عرفة، وأنتج له فيلم "الأقزام قادمون"، ثم توقف فترة وعاد مرة أخرى للعمل مع المخرج يسري نصر الله في فيلمه "مرسيدس"، ومع رضوان الكاشف في "ليه يا بنفسج". اشتهر بأفلامه المثيرة للجدل: عفاريت الأسفلت 1996، جنة الشياطين 1999، بحب السيما 2004، بالالوان الطبيعية 2009

المدى العراقية في

09.01.2019

 
 
 
 
 

سنوات السينما

غزل البنات (1985).. تحية لجوسلين صعب عبر فيلمها الأول

بالم سبرينغز: محمد رُضـا

لم تجد المخرجة اللبنانية الراحلة جوسلين صعب التقدير الكافي من المحيط النقدي والسينمائي، بل مرّت أفلامها الطويلة التي حققتها بإعجاب كبير من البعض وتغاضي الفريق الأكبر من النقاد. وما لبث فيلمها الروائي الأخير «دنيا»، ذلك الذي حققته سنة 2005 من تفعيل هجوم نقدي حاد عليها من قِبل نقاد وإعلاميين لم يثرهم فن الفيلم ولا كفاءة مخرجته وقضيتها بل ما إذا كانت تدخلت في موضوع لا علاقة لها بها (ختان المرأة في مصر) أو لا.

«غزل البنات» هو فيلم جوسلين صعب الروائي الطويل الأول لها بعد أفلام تسجيلية وإخبارية قامت بها. في تلك الأفلام أجادت نقل الصورة بكثير من النشاط والحس العفوي بالمكان والموضوع على حد سواء. لبنانية نيرة وشغوفة دوماً بعملها وذكية كذلك في تعاملها الصناعي والاقتصادي مع أفلامها.

تبدأ الأحداث من سنة 1976 وتمتد لفترة زمنية محدودة. بطلة الفيلم، واسمها سمر، فتاة بنت غَدها على ما تحبه أن يكون عليه، وهو غير الغد الذي كان بانتظارها. هي في عمر ينكسر بفعل الحرب التي اشتعلت وتحطم الآمال والأحلام. تهرب سمراء من الواقع إلى الخيال ثم من الخيال إلى خيال آخر. تهرب من الحرب القائمة والظروف المعيشية القاتمة ووضعها الذي تمردت عليه إلى فنان لبناني محكوم بدوره بوضع مماثل يحاربه بالعزلة. تسرح بين جدران الدمار في المدينة وتلتقي بنماذج أخرى من الناس الذين خسروا حاضرهم تحت عناوين أو مبادئ مختلفة. تلتقي بفتاة أخرى، وكلتاهما تتبادلان نوعاً آخر من الحلم قائماً على ترديد حوارات الأفلام العاطفية المصرية. إشارة واقعية لا إلى تأثير السينما المصرية على غير المصريين فقط، بل إلى مزج واضح بين خيال سمراء وخيال تلك الأفلام، وكلاهما ليسا واقعيين.

«‫غزل البنات» هو عن المجال الضيق الفاصل بين الحب والحرب في بيروت آنذاك. فيه نجحت جوسلين صعب في فتح العين على حالة بطلتها وتصورها بكل ما قد يعجبك فيها وما قد تكرهه، ولو أن الكره هو آخر المطلوب في سلسلة من الرغبات التي في ذات المخرجة.

صورت جوسلين صعب الفيلم (وفي ظروف إنتاجية وأمنية صعبة) على الصورة التي أرادتها. أسلوبها يحمل في طياته قدرة عينها على الملاحظة والإلمام بالتفاصيل وإخراجها يعكس فهماً أكيداً بالتقنيات غير متوفر عند الكثير من أترابها العرب الآخرين. يكفي للتدليل تلك المشاهد الأخيرة التي تدور في صالة سينما تحولت إلى خراب يعيش فيه أحد المحاربين. لاحظ الزوايا والأحجام التي اختارتها للقطات الداخلية. لاحظ ما طلبت من ممثليها (سمراء والمحارب) القيام به من حركة وفي أي موقع وأمام أي خلفية، لتتأكد من أن جوسلين صعب ليست فقط صانعة أجواء أولى، بل مهندسة تقنية بارعة.

الفيلم يمكن مشاهدته اليوم كشهادة للزمن وللمكان وللأفراد. ليس أن صعب قدمت نماذج اجتماعية وليس أنها نشدت تقديم واقع ودرس، بل عمدت لتقديم حكاية فتاتين تتحركان بنعومتهما أمام خلفية الحرب الهادرة والخشنة.

في الفيلم مشكلة سيناريو (كتبه الفرنسي جيرار براش) لا يستطيع التحرك بحرية في المسألة اللبنانية لأنه يجهلها، لكنه وفّر، على أي حال، وجدانيات شخصياته ولامس ما تعنيه الحرب (أي حرب) من أثر على الناس العاديين. تعوض جوسلين بعض هذا النقص بحسن معالجتها وحسن إدارتها لبطلتها الأولى هالة بسّام التي، على الأرجح، لم تظهر في أي فيلم لاحق حتى اليوم.

قيمة تاريخية | قيمة فنية:

 

الشرق الأوسط في

11.01.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2019)