كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

أيام الأوسكار (4): هل خسر الأوسكار سنتيمترات من قامته؟

مصاعب تحلق فوق رأس التمثال الذهبي وسط غياب مقدم للحفل

لندن: محمد رُضـا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2019)

   
 
 
 
 
 
 

ترقب سنوي يعيشه ملايين المشاهدين في أميركا وحول العالم لمتابعة حفل توزيع جوائز الأوسكار. العرض يستمر، مبدئياً، لثلاث ساعات ونصف تتخلله استعراضات وتصريحات وإعلان أسماء وصعود الفائزين على المسرح وشكرهم. هذا هو التقليد وهو المنتظر من حفل الأوسكار لكنه أيضاً ما بات يبعث على الرعب.

في الماضيين، القريب والمتوسط، كان حفل الأوسكار هو المرتبة الأولى لرغبة هوليوود الاحتفاء بمن فيها وبمن شارك في دعم أفلامها أو في البذل في السينما في شتى جوانبها وحقولها.

المرتبة الثانية (أياً كانت) قبعت على بعد فراسخ بحرية بعيداً عنها. كانت هناك دائماً مؤسسات أخرى تمنح جوائز، لكن المحيط الفني والإعلامي حولها كان خجولاً. كان مكتفياً بالجائزة الأمثل. بذلك الأوسكار الذي «يفي ويكفي». لا حاجة معه لحفل آخر أو للتحلق حول جوائز مختلفة. هذا كله تغير في السنوات العشرين الأخيرة.

الجميع بات يريد أن يحتفل. يريد أن يمنح جوائز. يريد أن يبرز كلاعب رئيسي في المناسبات السينمائية وكموطن للتوقعات والمنافسات وكعلامة مميزة في الحياة السينمائية.

المهرجانات بدأت تتمحور حول ما الذي سيصل من بين أفلامها إلى مصاف الأوسكار؟ أي مما عرضته على الجمهور بأسماء ومبررات فنية سوف يستمر في الصعود ودخول المنافسات الأخرى ويصل بعد ذلك إلى ترشيحات الأكاديمية.

المناسبات السنوية صارت أكثر طرحاً ومشاركة في خلق فترة ساخنة من العام - الأشهر ما بين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) - إلى نهاية فبراير (شباط) - هي لا تذكر الأوسكار بل تؤسس لبدائل وتشيع لجوائز تسبق الأوسكار بينما تحتفي بالأفلام والشخصيات ذاتها.

أرقام مزعجة

الخطط نجحت. أوسكار اليوم لم يعد كأوسكار الأمس. هوليوود تغيرت، وجيلان جديدان من السينمائيين أعقبا الأجيال السابقة، ودماء جديدة برؤى ومفاهيم مغايرة أصبحت تشكل نسبة كبيرة من المقترعين. بالتالي أوسكار «نائب» و«روما» وسواهما غير أوسكارات «كليوباترا» و«الوصايا العشر» و«لمن تقرع الأجراس» أو «ذهب مع الريح».

عند الجيل الجديد تستدير عقارب الاهتمام إلى المطروح وليس إلى التشكيل. إلى الموضوع وليس إلى منهج أو أسلوب الصياغة. إلى السياسة وليس إلى الفن الذي يهضم السياسة في داخله. بالتالي تختلف المعايير التي يستند إليها معظم المقترعين عما كانت عليه في السابق.

تختلف لا بالنسبة للأفلام المرشحة ومن يفوز منها فقط، بل بالنسبة للمخرجين والممثلين وباقي أصحاب المواهب والتخصصات لأن الثقافة السابقة زالت ونوع جديد من السينما بزغ بديلاً لها من صنع جيل لديه نظرة مختلفة عن السينما من تلك التي صنعت المجد السابق.

بالتالي، هناك مصاعب كبيرة تحلق فوق رأس التمثال الذهبي بعضها ناتج عن قيام المناسبات الاحتفائية السنوية الأخرى باقتطاع أجزاء من كيانه واستنساخ جوائزه، وبعضها الآخر ناتج عن اختلاف تلك الرؤى واستبدال ما كان ملكاً لكيان إنتاجي وصناعي كاملين بآخر متطاير الاهتمامات والمستويات.

هذا من دون أن ننسى دور التطور التقني الذي منح كل المتابعين كل الفرص لمشاهدة كل ما يحدث على ظهر هذا الكوكب صغيراً أو كبيراً. امتلأ ذلك الواقع الافتراضي بزخم غير مسبوق من الآراء والأحكام ولم يعد الأوسكار منصّة وحيدة يلتف الناس حولها ويتابعون.

في صباح اليوم التالي لحفل الأوسكار في العام الماضي استيقظت اللجنة الإدارية لأكاديمية العلوم والفنون السينمائية، مانحة الأوسكار، على خبر مزعج: انخفاض عدد المشاهدين الأميركيين للحفل الذي بث على شاشة محطة ABC بنسبة 25 في المائة. عدد المشاهدين لم يزد عن 26 مليون و500 ألف مشاهد. هذا أقل بنحو 30 مليون مشاهد مما كان عليه سنة 1998 على سبيل المثال. والانحسار الأكبر كان من بين القسم الغالب من المشاهدين التقليديين وهم الراشدون ما بين الثامنة عشرة والتاسعة والأربعين من العمر.

نتيجة ذلك تقدمت المحطة التلفزيونية (تتبع إمبراطورية ديزني) من الأكاديمية بطلب حثيث هذا العام وهو العمل على تقويض ساعات الحفل كي لا يأخذ من وقت المحطة أكثر من ثلاث ساعات. وتبعاً لبعض المصادر، لا تمانع المحطة في أن تقوم إدارة الأكاديمية (التي تتألف من 54 عضواً) بعمل ما يلزم بحيث لا تزيد مدة البث عن ساعتين ونصف كون الساعات الثلاث (ومع كل ما تقدم من أسباب اقتضمت من انفرادية الاحتفال كثيراً) تقلص عدد المشاهدين المتبرّمين من طول مدّة العرض وتدفع الكثير منهم إلى البحث عن ترفيه آخر. الفكرة هنا هي تجارية بحتة.

ميزانية «أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية» تبلغ نحو 162 مليون دولار سنوياً. 80 في المائة منها هو مدخولها من بيع حقوق البث التلفزيوني لمحطة ABC. وهذه المحطة تبيع إعلانات تفوق 115 مليون دولار سنوياً في تلك الساعات التي يستغرقها بث حفل الأوسكار.

أي انحسار في عدد المشاهدين سيصحبه انحسار في عدد المعلنين. سيؤثر ذلك على العقد المبرم بين الأكاديمية والمحطة وقد ينجلي عنه خفض سلم إيرادات الأوسكار ذاته. لهذا السبب اقترحت المحطة على الأكاديمية اختصار الفترة الزمنية بحجب بث أربع مسابقات أساسية أهمها أوسكار أفضل تصوير، الأمر الذي أثار هيجان النقابات والنقاد فتراجعت الأكاديمية عن قرارها هذا بعدما كانت تبنته.

حفل من دون مقدم

حفل ختام الدورة الحادية والتسعين خلا من مقدّم فقرات. ليست للمرّة الأولى بل سبق للحفل أن عمد إلى هذا الحل قبل ثلاثين سنة. لكن الظروف اختلفت بعض الشيء هذه المرّة.

كان دواين جونسون أحد الاقتراحات الأولى. تقدّمت له الأكاديمية بطلب تقديم الحفل قبل تسعة أشهر وهو رحّب إلى أن وجد أن التدريبات التي عليه أن يقوم بها قبل شهرين من بداية الحفل ستفرض عليه عدم الالتزام بجدول تصوير أفلامه التي كان يخوض (وهو ينجز من فيلمين إلى ثلاثة كل عام ونصف). كان يعتقد أن التدريب لن يستغرق سوى يومين أو ثلاثة وتقديم الحفل سيشغله ليوم وهذا ما سيتيح له العودة إلى التصوير سريعاً. مع مداركه الجديدة كان لا بد له أن يعتذر. بعد مداولات عديدة تم الطلب من الكوميدي كيفن هارت القيام بالمهمة. هنا سقط الجميع في فخ لم يحسب له أحد. كيفن شخصية سينمائية مناسبة ورجل يعرف الكوميديا كما يعرف كفه. لكن ما حدث نموذج على كيف أن السياسة اللعينة تدخل لتفسد كل شيء.

في هذه الحالة، وما إن أعلنت الأكاديمية عن انتخابها هارت للقيام بتقديم الحفل، حتى نشطت وسائل التواصل الاجتماعي لتقوّض كل شيء كاشفة عن أن هارت كان هاجم المثليين قبل عشر سنوات في تغريدات مبكرة له.

الأكاديمية طلبت من هارت أن يعتذر. هارت رفض الاعتذار (من يلومه إذا ما كانت الأمور الشخصية باتت موظفة لخدمة توجهات سياسية). وفي رفضه رفض مماثل على أن يكون هناك رقيب على آرائه ورفض في أن تنصاع الأكاديمية لرأي جهة واحدة عوض أن تمارس حقها المفترض.

مهمة تقديم حفل بلا مقدّم صعبة بدورها لأن على منتجي ومصممي الحفل ابتداع بدائل ضمن الوقت المحدد. صحيح أن المتابعين الدائمين لحفل الأوسكار يهتمون كثيراً بمن سيفوز وبمن سيخرج بلا فوز، إلا أن طريقة تصميم وتقديم وإخراج الحفل لها مكانة علياً في كل الاعتبارات. من دون حفل ناجح فنياً سيجد الأوسكار نفسه وقد خسر بعضاً من سنتيمترات قامته. رغم كل ذلك، ليس الأوسكار في خطر حتى الآن.

هو يستشعر فقط التقلب المناخي من حوله ويدرك أن بعضه (إن لم يكن معظمه) عائد إلى الحياة العصرية التي باتت تتحكم في تفاصيله. سياسياً عليه أن ينتبه إلى فخاخ منصوبة. هنا فخ الوقوع فيما يغضب النساء وهنا فخ الوقوع بما يثير استياء المثليين، وهناك فخ أكبر أساساً وهو تحوّله إلى منصّة لانتقادات سياسية.

ربما هذا التحول بحد ذاته فعل جيد لأنه يمنح الفائزين وسواهم منصّـة لإطلاق تعليقاتهم حول أميركا وحول العالم، لكن الكثير من الجيد مضر، كما سبق وقلنا في رسالة سابقة، وهذا يتبلور حين نجد أفلاماً تتبنى خطوطاً سياسية (مثل «بلاكككلانسمان» و«نائب» و«عن الآباء والأبناء») تحاول البروز من خلالها تحقيق غاياتها الشخصية.

في النهاية هي شبكة من المصالح وكل طرف فيها يريد أن يفوز بأكثر مما يستطيع تحقيقه من نتائج.

الشرق الأوسط في

25.02.2019

 
 
 
 
 

بافل بافليكوفسكي لـ"المدن": أوروبا تغيرت كثيراً..لكننا لم نَضِع بعد

محمد صبحي

أسألُ المخرج البولندي باول بافليكووسكي (1957 – وارسو، بولندا) عن نسخة مختصرة من قصة حياة والديه العاطفية، فيقوم بإخبارها في نَفَس واحد: "اللقاء الأول بينهما كان في عامهما الـ17، في أواخر الأربعينيات، زواج، فطلاق، ثم زواج مرة أخرى وطفل في العام 1957، بافل. اضطرتهما ظروف عملهما للسفر كثيراً - كان الأب طبيباً، والأم راقصة باليه - ومرة ​​أخرى انفصلا. انتقل الأب إلى برلين، بينما اصطحبت الأم ابنها (14 عاماً) إلى لندن. كلاهما تزوج ثانية، التقيا بعضهما بعضاً مرة أخرى في الخارج، ثم عاشا معاً مرة أخرى... كان الوضع فوضوياً جداً ومتعِباً. أتصور ذلك. أعتقد أنهما على المدى الطويل تعبا من المجادلة، وسوف يدركان في مرحلة ما أن ليس لأحدهما سوى الآخر".

كانت علاقة والدي بافليكوفسكي هي مصدر إلهام لقصة الحب بين صائد المواهب (توماش كوت) ومغنية فرقة الرقص الشعبي البولندي (أداء رائع من جوانا كوليغ) في دراما "حرب باردة"(*) الملتهبة، فيلمه الجديد الذي تدور أحداثه في أوروبا بين أواخر الأربعينيات وحتى أوائل الستينيات. الإشادة النقدية والحفاوة لجماهيرة حضرتا بقوة منذ العرض العالمي الأول للفيلم في أيار/مايو الماضي في مهرجان "كان" السينمائي، وقد ذُكر فيلم بافليكوفسكي منذ ذلك الحين كفائز محتمل بأوسكار أفضل فيلم أجنبي. لم يخب ظنّ جمهور الفيلم، إذ استطال نجاح الفيلم المهرجاني وغزا في الشهور التالية مهرجانات ومنصات عديدة، نذكر من بينهما فوزه بخمس جوائز كبرى في جوائز السينما الأوروبية الشهر الماضي، ووصوله للقائمة النهائية لترشيحات أوسكار أفضل فيلم أجنبي، فضلاً عن فوزه المحتمل بجائزة أوسكار أفضل تصوير سينمائي.

لدى بافليكوفسكي سمعة تدعمه، فمنذ بداية القرن الجديد صنع لنفسه اسماً في إنكلترا (التي درس ودرّس في جامعاتها فنون الإخراج) كصانع أفلام صغيرة جادة. على سبيل المثال، في فيلمه "ملاذ أخير" (2000) تغادر امرأة روسية صغيرة مع ابنها إلى إنجلترا لمقابلة خطيبها، لكن حين لا يظهر ينتهي بها المطاف في مركز طالبي اللجوء السياسي. أو في أفضل أفلامه وأكثرها ذيوعاً - قبل شهرته المتأخرة عالمياً- دراما الصيف الحالم والحب المثلي المعنونة "ماي سامر أوف لاف" (2004)، مع إيميلي بلانت وناتالي بريس في دور مراهقتين تكتشفان الحب والرغبة في الريف الإنكليزي. نمت مكانته السينمائية عالمياً بشكل كبير عندما عاد إلى وارسو وقرر التركيز على وطنه القديم. في 2013، ظهر فيلمه "إيدا" في صورة صارمة بالأبيض والأسود، عن راهبة يهودية تتعثّر بتاريخها العائلي المأساوي في الستينيات البولندية، وأكسبه جائزة أوسكار، هي الأولى على الإطلاق لفيلم بولندي.

في فيلمه الجديد، "حرب باردة"، يعود بافليكوفسكي من جديد إلى ماضي بولندا، ليحكي قصة حب، دون إشغال باله بأي اسقاطات ممكنة تربط فيلمه بما يحدث في عالم اليوم. هو فيلم شخصي ومنطلق حنين لاستدعاء ماض زاخر، أما إذا كانت الأجواء خلف الستار الحديدي تعيد إلى الأذهان صورة أوروبا حالياً، فهذه مسألة يحددها المشاهد بنفسه، كما يقول بافليكوفسكي.

·        زولا وفيكتور، بطلا الفيلم، يحملان اسمَي والديك. ما الذي يعنيه ذلك؟

* نعم، قصة الفيلم مبنية على أساس علاقة والدي ببعضهما بعضا، لكني تعاملت معها بحرية. إنها قصة مثيرة بحد ذاتها: على مدى فترة أربعين عاماً، انفصل والداي مراراً وتكراراً، فقط ليعودا إلى بعضهما مرة أخرى. بالطبع غيرتُ وحذفت في كثير من مواضع القصة، لأن الحياة الحقيقية أكثر تعقيداً من أن تُسرد في الفيلم. ومن أجل تسهيل الأمور، قررت أثناء كتابة السيناريو إعطاء اسمي والديّ لبطليّ الفيلم، وفي النهاية قررت أن أتركها على هذا الحال، لأن تلك الأسماء توافقت بشكل جيد مع ما يحدث في الفيلم.

لم أضع طفلاً في قصة الفيلم، للحفاظ على مسافتي منه. "حرب باردة" ببساطة يدور حول زوجين كلاهما يلعب دور القيادة في العلاقة، تماماً مثل والديّ. في كثير من علاقات الحبّ، وخاصة على الشاشة، واحد من الاثنين غالباً ما تكون له اليد العليا. هذا ليس هو الحال هنا. كتبت بالفعل ماضي والديّ في التسعينات، لكني لا أنوي تصويره بعد. انجذبت طويلاً إلى علاقات الحب المأسوية؛ قبل سنوات كنت أعمل على فيلم أميركي عن سيلفيا بلاث وتيد هيوز (انتحرت بلاث في الثلاثين من عمرها، واتهِم هيوز علناً ​​بمسؤوليته عن دفعها للانتحار، المحرر)، لكن ذلك لم يحدث أبداً. مشاحنات مع نجوم كبيرة وتوقعات عالية جداً. قبل ثلاث سنوات، أخرجت قصة والدي مرة أخرى. حذرني منتجي: قصة امتدت على مدى أربعين سنة مع الكثير من التقلبات والانعطافات، هذا لا ينجح كثيراً في الأفلام. قال إن ذلك كثير جداً ومعقد جداً. ولكن مع "إيدا" أثبت بالفعل أن السرد البيضاوي elliptical يمكن أن يعمل بشكل جيد، بحيث لا يتعيّن عليك إظهار كل شيء لتقول الكثير.

·        تنتهي القصة بطريقة دراماتيكية، ولكن أيضاً على غرار القصص الخيالية. هل هذا مأخوذ أيضاً من الحياة الحقيقية لوالديك؟

* النهاية ليس بعيدة عن الحقيقة. لكني لا أريد الخوض في ذلك.

·        بالعودة إلى البداية، عندما يجتمع زولا وفيكتور في المجموعة الموسيقية. مشاهد الغناء والرقص رائعة. كيف أتيت إلى هذا المكان الموسيقي؟

* في البداية لم يكن لدي سوى تلك القصة الرومانسية، لذلك بحثت عن عنصر آخر يعطي القصة دماء تساعدها على الاستمرار. ثم قابلت بالصدفة فرقة مازوفشا، التي تجمع وتؤدي الأغاني البولندية التقليدية. تأسست الفرقة الموسيقية بعد الحرب العالمية الثانية بواسطة زوجين جابا أنحاء الريف البولندي بكامله رفقة جهاز تسجيل، لتسجيل الأغاني المحلية بأصوات مغنييها مباشرة. وجدث هذه التفصيلة رائعة، لذا أدرجتها في القصة، وطلبت من الفرقة العمل على المشاهد الموسيقىة. من هنا، أصبحت الموسيقى شريكاً ثالثاً في علاقة زولا وفيكتور، كما الروح القدس في الثالوث، يجمعهما باستمرار ويعطيهما الإلهام. لكني استمتعت أيضاً برؤية جزء محدد من التاريخ البولندي بهذه الطريقة.

·        "حرب باردة" يتشارك مع فيلمك السابق "إيدا" بعض أوجه التشابه. من ناحية، الصورة بالأبيض والأسود، أبعاد الإطار، العودة إلى ماضي بولندا التاريخي. من ناحية اخرى، هو أكثر حيوية وحركة.

* أجد هذا الفيلم مختلفاً تماماً من وجهة النظر الأسلوبية عن "إيدا"، الذي كان تأملياً وهادئاً وكاثوليكياً جداً. هذا الفيلم أكثر حيوية وفيه الكثير من الطاقة، لأنه قصة حب عاطفية ومحمومة لامرأة حاسمة للغاية تدورعلى خلفية من الرقص والموسيقى والسياسة. الكاميرا تتحرك كثيراً جداً، والأبيض والأسود أكثر عمقاً. على أي حال، إذا قارنته بأفلام هوليوود، فستجده يعتمد جماليات مختلفة للغاية في جانب تقطيع المشاهد والنقلات بينها. أريد فقط أن أقول إنني بذلت قصارى جهدي لكي لا أكرر نفسي، ويقولون إنه يصنع نسخة أخرى من "إيدا".

·        لكن الفيلمين، "إيدا" و"حرب باردة"، يختلفان كلية عن باقي أعمالك. ما سبب تلك "العودة البولندية" المتأخرة نسبياً في حياتك المهنية كمخرج؟

* هذا له علاقة بظروفي الشخصية. لقد نشأت في بولندا، لكني هاجرت بشكل غير متوقع مع والدتي إلى بريطانيا في سن المراهقة. استقريت هناك. عندما أصبحت مخرجاً، كنت أرغب في رواية قصص عن أجزاء أخرى من العالم، وفعلت ذلك عدة مرات، لكن في الوقت نفسه أصبح عندي أطفال ولم أرد أن أكون بعيداً عن البيت لشهور. هناك أشياء في الحياة تعيش لها أكثر من السينما، وفي بعض الأحيان يكون عليك تقديم تنازلات. لقد صنعت العديد من الأفلام في إنكلترا. ولكن في النهاية، يبدأ صوت في داخلك: أعتقد إنني الآن أصبحت أكثر جاهزية وتفهماً لاكتشاف جذوري. بمجرد أن كبر ولداي ودخلا الجامعة، عُدت إلى بولندا. هنا صادفت العديد من القصص، الكثير من التاريخ غير المكتشف. في هذا الصدد، لا يزال يمكنني توقع المزيد.

·        ذكّرني فيلمك قليلاً بأفلام النوار (Noir). قصة رومانسية صاخبة بين امرأة لديها ماض ورجل بلا مستقبل، مصوّرة بالأبيض والأسود، في الخمسينيات، وملامح مكائد سياسية وتقلبات في الحبكة.

* حسناً، هذه التصنيفات من نصيب النقاد. سمعت أيضاً أن الفيلم يذكّر بـ"كازابلانكا" مايكل كورتيز وأفلام بيرغمان وتاركوفسكي. أنا أفهم ذلك، لكني شخصياً لست مشغولاً أبداً بأنواع أو مراجع سينمائية. على أقصى تقدير، بحثت عن ممثلين يتمتعون بمظهر كلاسيكي، توماش كوت لديه شيء من غريغوري بيك، وجوانا كوليغ فيها شيء جين مورو. لكن بخلاف ذلك، سألت نفسي كيف يمكن أن أروي هذه القصة، التي حمتُ حولها لفترة طويلة، بأفضل ما يمكنني. ولهذا، عدت تلقائياً إلى صندوق الحيل الشخصية: الصور المنمقة، والموسيقى، التهكم، والمراجع الدينية.

·        لا يدوم الفيلم أكثر ساعة ونصف، لكن أحداثه تغطي أكثر من متوسط ​​العمر البشري. كيف تعطي المُشاهد شعوراً بمجموع ما تعرضه من أحداث منفصلة؟

* أكتب قصة وأحذف كل الأشياء الفائضة، من هنا أبدأ. ما يتبقى يجب أن يكون مفعماً بالحيوية ومتماسكاً بصرياً وقوياً. مشهد موجود فقط لنقل المعلومات هو مشهد ميت يختفي على الفور. أحاول اقتراح، وليس شرح الرابط بين الأحداث. على سبيل المثال، أخذت الوقت الكافي لتصور مشاهد الموسيقى والرقص في فرقة الرقص الشعبي حيث تشارك كلتا الشخصيتين. كمشاهد، يمكنك الحصول على مساحة لملاحظة التغييرات التي مرت بها المجموعة على مر السنين. مثلاً، تأثروا بموسيقى الجاز في باريس أثناء العروض على الجانب الآخر من الستار الحديدي.

·        هل تريد أيضاً أن تقول بفيلمك شيئاً عن أوروبا اليوم؟

* لم تكن هذه فكرتي، لقد تغيرت أوروبا وتغير الناس أكثر من اللازم في هذه الأثناء. نقضي وقتاً أطول في البحث عن المعلومات على شاشاتنا بدلاً من النظر إلى عيون بعضنا البعض. هذا هو السبب في أنني لا أحب صنع الأفلام التي تدور في الوقت الحاضر. لا أعرف كيف يمكنني جعل استخدام الهاتف المحمول مثيراً للاهتمام بشكل مرئي.

·        هل تعتبر "حرب باردة" كحكاية رمزية حول العلاقة بين شرق أوروبا وغربها؟ إشارة تحذير ربما؟

* لم أحاول إيصال شيء من هذا القبيل، على الأقل بوعي. بالطبع أعرف أن قصة الحب يمكن أن تحصل على معنى أعمق من خلال السياق التاريخي، ولكن إذا تعمدت وضع مجازات في قصة، فسوف تصبح سخيفة. كل ما عليك فعله هو أن تخبر قصتك بشكل جيد ونقي قدر الإمكان، ثم ستجد نفسك تبدع أكثر مما ظننت في البداية.

يظهر الفيلم أوجه تشابه بين ذلك الحين والآن، لكن لا يُقصد به تحذير. من شأن ذلك أن يكون مرعباً. هو في المقام الأول قصة حب، ومن خلال هذه القصة يظهر لنا العالم الذي يعيشان فيه. لكنك قد ترى فيه شيئاً معيناً لم أقصده، وبعض المشاهدين يرون أشياء مختلفة عن بعضهم البعض. بعد العرض الأول للفيلم في وارسو، جاءني وزير الثقافة. لقد كره هذا الرجل فيلمي السابق، لكنه قال: أحسنت، قصة جميلة، موسيقى جميلة. فكرتُ: لقد فاتتكَ بعض الأشياء، مثلاً كيف كان الموسيقيون محرومين من الحرية في ذلك الوقت. لكني أبقيت فمي مغلقاً. في بعض الأحيان لا يرى الناس أنفسهم كما تراهم.

·        في الفيلم تُظهر كيف تُستخدم الثقافة سياسياً: يريد ساسة النظام الحاكم إبراز الأفكار الشيوعية عبر الموسيقى الشعبية. ما علاقة ذلك بالوضع حالياً، وكيف تحافظ كفنان على استقلاليتك في بلد مثل بولندا؟

* نعم، أرادوا جعل الموسيقى الشعبية واجهة الاتصال لبلدنا. موسيقى يغنيها فتيان وفتيات سلافيين شقر تعمل كنظير لموسيقى الجاز في الغرب. الآن تدعم الحكومة البولندية الحالية الفرقة الموسيقية التي ظهرت في الفيلم، بعدما واجهت مشكلات مادية. الحكومة تفعل ذلك باعتبار الفرقة نظيراً قيّماً لجميع ما تسمّيه بالأفلام والمسرحيات المعاصرة غير الأخلاقية. يوجد صدى معين للحالة البولندية الحالية حاضرة بالفعل في فيلمي، ولكني أشك في أن القائمين على الحكم يرون الأمر بالطريقة نفسها التي أراها بها.

لا أحاول التفكير في الأمر أكثر من اللازم. الحدود البولندية لم تغلق بعد، وطالما يمكنني صنع أفلام أستطيع التعبير فيها عن حقائقي وقناعاتي عن الناس والحب والثقافة والسياسة، فأنا أفضل ألا أنفق الوقت على ألعاب الخطابة الكلامية مع السياسيين، إذا كنت أنا وبقية الفنانين قادرين على العيش في بولندا بهذه الطريقة، فنحن على أية حال لم نضع بعد. لا تدع القصص الصحفية تخدعك. الناس والحالات أكثر تناقضاً مما تظن. نرى الآن العالم ينهار إلى سرديتين لا يلمس كل منهما الآخر. في أميركا ترامب لم يعد بين الجانبين أي شيء مشترك. بسبب خوارزميات الإنترنت، يستمع الأشخاص فقط إلى مجموعتهم الخاصة. ليس هناك أرضية مشتركة. نأمل من الفن تقديم تلك المساحة.

بعدما قلت ذلك، هناك صوت/سرد أكثر غباء من الصوت/السرد الآخر، وأكثر إجرامية وأكثر دموية. صوت/سرد يريد أن يعاقب، يقتل، يسجن ويعزل البلد. لذا عندما يتعلق الأمر بهذا الجانب، فأنا على الجانب الآخر منه بكل تأكيد. أنا سينمائي، أريد الحرية في ما أريد عمله. أعتقد أن الفن يجب أن يكون منطقة خالية إيديولوجياً. دع الفن هو الفن، لا تضاجعني، ولا تحاول أن تستدرجني غصباً إلى عربتك.

(*) يُعرض الفيلم حالياً في بيروت (سينما متروبوليس) وفي القاهرة (سينما زاوية).

(**) رُشّح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار: أفضل فيلم أجنبي، وأفضل إخراج، وأفضل تصوير سينمائي.

المدن الإلكترونية في

25.02.2019

 
 
 
 
 

الجمهور السوري يتهافت على «كفرناحوم» على «يوتيوب»

فجر الممثل السوري طارق عبدو مفاجأة حين نشر رابطاً على اليوتيوب، متوجهاً إلى أصدقائه ومتابعيه على الفايسبوك بأن ما وضعه هو رابط الفيلم اللبناني «كفرناحوم» (نادين لبكي) متمنياً عليهم المسارعة بحضوره قبل حذفه عشية انعقاد حفل توزيع جوائز الأوسكار أمس. هكذا، كانت المناسبة مواتية لتهافت عدد كبير من الجمهور السوري الذي لم يتح له سابقاً مشاهدة الفيلم، على اعتبار بأن الصالة الوحيدة الناشطة في دمشق هي «سينما سيتي» لم تفكّر في استقطاب هذا الشريط، وهي تذهب غالباً نحو خيارات ذات مستوى متدن أو أفلام تجارية هابطة.

لم يمض أكثر من ساعات حتى حقق الشريط 15 ألف مشاهدة على الموقع تزامناً مع حفاوة سورية واضحة على صفحات السوشال ميديا. انتهى حفل توزيع الأوسكار، ولم ينل الشريط الجائزة، لكن الفيلم لم يحذف عن اليوتيوب، والمشاهدات استمرت متجاوزة عتبة 40 ألف مشاهدة خلال يوم واحد!

الأخبار اللبنانية في

25.02.2019

 
 
 
 
 

الأفلام المتنافسة على "أوسكار" الأقل تحقيقا للإيرادات

كتب: نورهان نصرالله

ساعات قليلة تفصل المشاهدين حول العالم عن النسخة الـ91 من حفل توزيع جوائز الأوسكار، وتعتبر جائزة أفضل فيلم من أهم الجوائز التي تعلنها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، ويتم الإعلان عنها في نهاية الحفل، وتمنح الجائزة للمنتج، ويتم اختيار الأفلام من أبرز الأعمال التي عرضت خلال العام.

وتحتدم المنافسة بين 8 أفلام هذا العام، يعتبر أبرزهم فيلم "Rome" للمخرج ألفونسو كوارون، "Black Panther" للمخرج رايان كوجلر، "A Star Is Born" إخرج برادلي كوبر، "Vice" إخراج آدم مكاي، "BlacKkKlansman" إخراج سبايك لي، "Green Book" إخراج بيتر فاريلي، "Bohemian Rhapsody" إخراج براين سينجر، و"The Favourite" للمخرج يورجوس لانثيموس.

وبالرغم من أن تلك الأعمال تعتبر الأكثر قيمة فنية بالنسبة لأكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة المانحة لجوائز أوسكار، إلا أنها أقل الأفلام تحقيقا للإيرادات على مدار عام 2018، بخلاف فيلم "Black Panther"، الذي حقق إيرادات وصلت إلى 700 مليون دولار، ليأتي في المركز الأول، قاربت إيرادات "Bohemian Rhapsody"، حاجز الـ212 مليون دولار، ليأتي في المركز الـ12 في قائمة الأفلام أعلى تحقيقا للإيرادات في 2018، يليه في المركز الـ13 فيلم "A Star Is Born" الذي حقق 210 مليون دولار.

وجاء فيلم "Green Book" في المركز الـ44 بإيرادات وصلت إلى 68 مليون دولار، وفي المركز الـ59 فيلم "BlacKkKlansman"، حيث لم تتجاوز إيراداته 50 مليون دولار، محققا 48 مليون دولار، وفى المركز الـ63 فيلم "Vice" بـ46 مليون دولار، أما فيلم "The Favourite"، جاء في المركز الـ85، محققا إيرادات 31 مليون دولار.

بينما لم تتجاوز إيرادات فيلم "Rome"، الذي يعتبر الأقرب إلى الجائزة إلى 3.9 مليون دولار، وقد يرجع ذلك إلى عدم طرحه في دور العرض بشكل موسع بسبب سياسة شبكة "Netflix".

 

####

 

3 جوائز تضمن لـ"Rome" دخول تاريخ "الأوسكار"

كتب: نورهان نصرالله

تتجه أنظار العالم الليلة إلى حفل توزيع جوائز أوسكار الـ91، المقام بعد ساعات، حيث يراهن عدد كبير من النقاد على حصول فيلم "Rome" للمخرج ألفونسو كوارون، على نصيب الأسد من الجوائز هذا العام، وذلك بعد ترشيحه لـ10 فئات تتضمن أفضل فيلم، أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية وأفضل ممثلة، وإذا نجح الفيلم في تحقيقها ستكون الأولى في تاريخ الجائزة.

يعتبر فيلم "Rome" على موعد مع التاريخ في حالة فوزه بجائزة أفضل فيلم، ليكون الفيلم غير الناطق بالإنجليزية الأول الذي يحصد تلك الجائزة، في تاريخ الأوسكار، والتي ترشح لها من قبل تسع أفلام كان أولها الفيلم الفرنسي "Grand Illusion"، عام 1939، ثم فيلم "Z" عام 1969، ثم الفيلم السويدي "The Emigrants"، عام 1972، وتكرر الأمر العام التالي أيضا مع الفيلم السويدي "Cries and Whispers".

وفي 1995 ترشح الفيلم الإيطالي "The Postman"، لنفس الجائزة، التي ترشح لها مواطنه "Life Is Beautiful"، عام 1998، وتلاه عدد من الأفلام الأجنبية التي ترشحت لجائزة أفضل فيلم كان آخرها الفرنسي "Amour"، عام 2012.

وفي حالة نجاح الفيلم في الجمع بين جائزة أفضل فيلم وأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، ستكون المرة الأولى التي ينجح فيها فيلم في الجمع بين الجائزتين على مدار تاريخ الأوسكار، حيث سبق وترشح للجائزتين معا 4 أفلام فقط قبل "Rome"، كان أولهم "Z" للمخرج كوستا جافراس، عام 1969 خلال النسخة الـ42 من جوائز أوسكار.

وآخر تلك الحالات كان في عام 2012، بفيلم "Amour"، للمخرج مايكل هاينيكي، والذي حصل على جائزة أفضل فيلم أجنبي، بينما لم يحصل على جائزة أفضل فيلم التي ذهبت في هذا العام إلى "Argo" إخراج بن أفليك.

وتترشح الممثلة ياليتزا أباريسيو لجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "Rome"، والذي كان بمثابة تجربتها السينمائية الأولى، وتتنافس على الجائزة مع مجموعة من الفنانات البارزات في هوليود من بينهن ليدي جاجا عن فيلم "A Star Is Born"، مليسا مكارثي عن "Can You Ever Forgive Me"، أوليفيا كولمان عن "The Favourite"، بالإضافة إلى جلين كلوز عن دورها في "The Wife"، ولكن في حالة فوز "ياليتزا" بالجائزة ستكون الممثلة الأولى من السكان الأصليين الأمريكان الأصليون أو الهنود الحمر التي تحصد تلك الجائزة في تاريخ جوائز أوسكار.

 

####

 

بعد 33 ترشيحًا.. مصر "صفر أوسكار" وناقد: "المنافسة ليست سهلة"

كتب: نورهان نصرالله

ساعات قليلة تفصلنا عن إعلان نتائج حفل توزيع جوائز أوسكار الـ91، ومن ضمنها فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، الذي يتنافس عليه 5 أفلام من بينهم الفيلم اللبناني "كفر ناحوم" للمخرجة نادية لبكي، وهو العام الثاني على التوالي الذي تصل فيه لبنان للترشيحات النهائية، على الجانب الآخر لم تنجح مصر هذا العام في الوصول للقائمة الطويلة للمرشحين للجائزة بفيلم "يوم الدين" للمخرج أبو بكر شوقي.

بدأت رحلة مصر مع جوائز الأوسكار في نسختها الـ 31 وذلك عام 1958، عندما رشحت أول أفلامها للمشاركة في فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، وكان "باب الحديد" للمخرج يوسف شاهين، الذي كان بمثابة أول فيلم عربي وأفريقي يترشح للجائزة؛ كما كان المخرج المصري الوحيد الذي ترشح للجائزة 4 مرات. وبعد "باب الحديد" تكرر الأمر على مدار 4 سنوات متتالية بـ"دعاء الكروان"، و"المراهقات"، و"وا إسلاماه"، و"اللص والكلاب".

وفي عام 1963 لم يجري ترشيح أي فيلم، ثم استئنف الترشيح في النسخة الـ37، بـ "أم العروسة" للمخرج عاطف سالم، عام 1964، وعلى مدار الأعوام التالية "المستحيل" و"القاهرة 30"، وبعد فترة توقف دامت 3 سنوات تم ترشيح فيلم "المومياء" للمخرج شادي عبد السلام عام 1970، في النسخة الـ 43 من حفل توزيع الجوائز، وعلى مدار 5 سنوات على التوالي "امرأة ورجل"، "زوجتى والكلب"، "إمبراطورية ميم"، "أريد حلا" و"على من نطلق الرصاص".

ومنذ عام 1979 بدأت تأخذ الترشيحات شكل غير منتظم، ففي هذا العام تم ترشيح فيلم "إسكندرية ليه" للمخرج يوسف شاهين، ثم "أهل القمة" للمخرج علي بدر خان، عام 1981، في النسخة الـ 54 من حفل توزيع الجوائز، ثم في 1990 فيلم "إسكندرية كمان وكمان"، و1994 فيلم "أرض الأحلام" للمخرج داود عبد السيد، وعام 1997 فيلم "المصير".

وعلى مدار الأعوام من 2002 وحتى 2018، تم ترشيح أفلام بشكل منتظم، بخلاف 4 أعوام هم 2005، 2009، 2012، 2015، لتكون الأفلام التي تم ترشيحها على التوالي منذ 2002 هي "أسرار البنات"، "سهر الليالي"، "بحب السيما"، "عمارة يعقوبيان"، "في شقة مصر الجديدة"، "الجزيرة"، "رسائل البحر"، "الشوق"، "الشتا اللي فات"، "فتاة المصنع"، "اشتباك"، و"شيخ جاكسون".

ومن جانبه قال الناقد الفني محمود قاسم، إن المنافسة بين الأفلام المصرية تحديدًا والعربية بشكل عام، وبين الأفلام المرشحة من مختلف دول العالم للتنافس على الجائزة ليست سهلة، فحتى الآن لم يحصد فيلم عربي الجائزة بخلاف الفيلم الجزائري "Z" للمخرج اليوناني كوستا جافراس، عام 1969 خلال النسخة الـ 42 من جوائز أوسكار.

وتابع قاسم لـ"الوطن": "بالطبع هناك أفلام مصرية جيدة ولكن مستواها لا يصل للمنافسة على أوسكار، حيث أن التواجد في القائمة الطويلة نفسها يتطلب موضوعات بعينها بخلاف الجودة الفنية للأعمال".

 

####

 

العرب حاضرون في ليلة واحدة.. "أوسكار" يجمع مصر ولبنان وسوريا

كتب: نورهان نصرالله

للمرة الأولى يحقق العرب تواجدًا ملحوظًا في حفل توزيع جوائز أوسكار، ويحدث ذلك في النسخة الـ91 من الحفل الذي يذاع في تمام الساعة الثالثة من صباح الغد.

ففي الوقت الذي تنافس فيه الممثل الأمريكي من أصل مصري على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "Bohemian Rhapsody"، ليكون المصري الأول الذي يترشح لتلك الجائزة، حيث إن ترشح عمر الشريف لجائزة أوسكار كان عن فئة أفضل ممثل مساعد، عن دوره في فيلم "Lawrence of Arabia"، وذلك في النسخة الـ 35 من حفل توزيع جوائز أوسكار، عام 1963.

وللمرة الأولى أيضا تصل مخرجة عربية ولبنانية إلى الترشيحات النهائية لجائزة أوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، من خلال فيلمها "كفر ناحوم"، الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي بالدورة الـ 71، واختارت من خلال الفيلم أن تلقي الضوء على قضية أطفال الشوارع من خلال "زين" طفل في الـ 12 من عمره يرفع دعوى على والديه لأنهم جاء به إلى حياة مليئة بالقسوة والعنف والإهمال، ويعتبر ذلك التواجد الثاني لـ لبنان على التوالي بعد وصولهم للقائمة القصيرة العام الماضي عن فيلم "قضية رقم 23" للمخرج زياد دويري.

وللعام الثاني على التوالي تتواجد سوريا في قائمة أفضل فيلم وثائقي، بـ"عن الأباء والأبناء" للمخرج طلال دركي، الذي يوثق نشأة الأطفال تحت لواء ما يدعى "الدولة الإسلامية" في سوريا، لا تدور القصة حول الجهادي "أبوأسامة" المنتمى لـ"جبهة النصرة" في مدينة إدلب شمال سوريا، ولكن القضية الأساسية بالنسبة لمخرج الفيلم هي الأبناء الذين ينشأون في تلك الظروف، ويغذيهم الأب بتلك الأفكار الظلامية والممارسات العنيفة التى تقتل براءتهم، بعد تدريبهم على ذبح الطيور واستخدام السلاح، وإلحاقهم بالمعسكرات التدريبية، يقومون معاً بتلك الممارسات بشكل طبيعى باعتبارها أشياء معتادة.

 

####

 

"قائمة شندلر".. حكاية فيلم فاز بالأوسكار منعته الرقابة بمصر

كتب: سلوى الزغبي

احتفل عشاق السينما في الساعات الأولى من صباح اليوم، بتوزيع جوائز أوسكار العالمية في دورته الـ91، حيث ذهبت جائزة أفضل فيلم لـ"Green Book" (جرين بوك)، كما حصل على جائزة أفضل سيناريو أصلي.

وقبل 25 عامًا مُنع أحد الأفلام الفائزة بالأوسكار من العرض في مصر، ورغم أن فيلم "قائمة شندلر" فاز حينها بـ7 جوائز في الأوسكار إلا أن الرقابة على المصنفات الفنية في مصر عرض الفيلم الأمريكي، لمخالفته للنظام العام والآداب العامة، حسب ما نشر في صحيفة الأهرام حينها عام 1994.

الفيلم الأمريكي مُنع من العرض لتضمنه مشاهد قتل وعنف وتفزيع وفزع لا يتحملها المشاهد، بالإضافة إلى مشاهد عري للرجال وللنساء وبعض المشاهد الجنسية، وأن حذف هذه المشاهد الأساسية في الفيلم يؤثر في التسلسل الدرامي، خاصة أن الفيلم يتمتع بدقة وتقنية سينمائية عالية بالسيناريو والإخراج والتصوير وهو ما أهله لنيل 7 جوائز أوسكار منها جائزة أحسن فيلم في الإخراج.

الوطن المصرية في

24.02.2019

 
 
 
 
 

6 أسئلة هامة عن أوسكار 2019

إبراهيم أبوبكر الصديق

ينتظر الجمهور حفلة الأوسكار رقم 91 التي سوف تقام فجر الثلاثاء.

حفلة الأوسكار هذا العام سوف تكون الحفلة الأولى منذ عقود التي تقام بدون مضيف أو مقدم للحفلة لذلك من المفترض أن تكون حفلة جديرة بالذكر.

للمرة الأولي نجد فيلم من أفلام الكوميكس مثل  Black Panther مدعو لحفلة الأوسكار ومعه أفضل أفلام العام والتي حقق بعضها نجاح كبير في شباك التذاكر مثل A Star Is Born و Bohemian Rhapsody.

هذا يعتبر تغيير عن الحفلات السابقة والتي كان يتم فيها توزيع الجوائز لأفلام محبوبة نقديا ولكن شاهدها القليل من الجمهور وذلك في كثير من الأحيان، إنها المرة الأولى أيضا التي توجد بها فرصة لنتفليكس عملاق البث الرقمي التي غيرت الطريقة التي يشاهد بها الناس الأفلام للحصول علي أكبر جائزة في الأوسكار وهي أفضل فيلم. نتفليكس تدخل المعركة بـ 10 ترشيحات لفيلم روما.

وفيما يلي نظرة على أكبر الأسئلة في عالم صناعة الأفلام في الوقت الذي تستعد فيه هوليوود لليلة الجوائز.

1- هل تستطيع نتفليكس الفوز بالجائزة الكبيرة؟

نتفليكس عملاق البث الرقمي فعلت كل ما يمكن أن تفعله من أجل حصول فيلم روما علي ترشيح أوسكار أفضل فيلم، حيث استضافت نتفليكس حفلات فخمة ومنحت المصوتين في الأوسكار شوكولا أواكساكا الداكنة وكتب طاولة القهوة التي يبلغ ثمنها 175 دولار أمريكي واستعانت بليزا تاباك الخبيرة في مجال الجوائز لكي تجعل أحلام ليلة الأوسكار لتيد ساراندوس مدير المحتوي في نتفليكس تتحول إلي حقيقة، ما يساعد أيضا أن فيلم روما وهو فيلم بالأسود والأبيض يعتبر قصيدة عن طفولة المخرج\الكاتب\المنتج\المصور السينمائي\ماذا أيضا؟ ألفونسو كوارون، وتفخر نتفلكس أنها تقدم مخرج في صناعة الأفلام على مستوي عالمي مثله.

ولكن بعض الذين يقومون بالتصويت في أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة التي تمنح الأوسكار ما زالوا ينظرون إلى نتفليكس على أنها تهديد وجودي للسينمات، وهو خوف لم يستطع العرض السريع الحصري لفيلم روما في السينمات تقليل أثره إلا بشكل قليل، في نفس الوقت، نتفليكس – التي تقوم بتعزيز صفوفها استعدادا للمعركة مع خدمة البث الرقمي التي سوف تطلقها ديزني-  أصبحت من الكبار الذين يقومون بالتوظيف في هوليوود، كل هذه الشيكات المدفوعة قد تتغلب على بعض المشككين. هل سيكون هذا (حملة تسويقية قيمتها أكثر من 25 مليون دولار أمريكي) كافٍ لجعل نتفليكس أول شركة رقمية – ديجيتال – تفوز بأكبر جائزة للأفلام؟

2- هل يكون 7 رقم الحظ لجلين كلوز ؟

بعد عقود من الأداء المتميز، من الصعب تصديق أن جلين كلوز لم تكسب الأوسكار حتى الآن. أدوارها المميزة في Fatal Attraction, Albert Nobbs, The World According to Garp لم تمنح تلك الأيقونة الأوسكار. مع كل هذا، هل دور الزوجة التي تعاني لفترة طويلة في فيلم The Wife سوف يمنح جلين كلوز التقدير الذي تستحقه؟ الاحتمالات تقول نعم ولكنها تواجه منافسة شديدة من أوليفيا كولمان في فيلم The Favourite وليدي جاجا في فيلم  A Star is Born.

3- هل هي لحظة مارفل؟

سيطرت أفلام الكوميكس على السينما في العقدين الأخيرين ولكن هذه الأفلام يتم تجاهلها في الأوسكار وذلك بخلاف أوسكار أحسن ممثل مساعد التي حصل عليها هيث ليدجر بعد وفاته عن فيلم The Dark Knight لأن هذه النوعية من الأفلام لا تنافس على الفئات المهمة في الأوسكار ولكن هذا قد يتغير لأن هناك فيلمان من إنتاج مارفل وهما Black Panther و Spider-Man: Into the Spider-Verse يتنافسان على فئات مهمة في الأوسكار هذا العام. Black Panther قد يحقق المفاجأة في سباق الفوز بأوسكار أحسن فيلم بينما Spider-Verse هو الفيلم صاحب الفرصة الأكبر للفوز بأوسكار أحسن فيلم أنيميشن.

4- إلى أي مدى سوف تؤثر السياسة على الأوسكار؟

بالتأكيد هوليوود تكره دونالد ترامب ومراسم توزيع الجوائز تمثل منصة مغرية للمشاهير للحديث عن الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة. دونالد ترامب ليس وحده الذي تفكر فيه صناعة الأفلام، من الاحتباس الحراري إلى حركة تايمز أب توجد العديد من الأسباب السياسية التي تستفز الفنانين، بالإضافة إلى ذلك هناك الانتخابات الرئاسية التمهيدية في الحزب الديموقراطي وهناك فرص كبيرة للتعليق بطريقة مثيرة على أحداث أخرى في ذلك اليوم.

هناك العديد من الآراء عن التعليقات السياسية في حفلة الأوسكار وهل تؤدي إلى انخفاض أرقام المشاهدة ولكن شبكة ABC التي تقوم بنقل حفل الأوسكار تفضل أن يكون الجدل في أقل مستوى وذلك لكي ترفع نسبة المشاهدة وإذا حدث ذلك فقد تكون حفلة الأوسكار شاحبة قليلة هذا العام.

من ميريل ستريب التي انتقدت بشدة ترامب في حفلة الجولدن جلوب بسبب تغريداته علي موقع تويتر إلي باتريشيا أركيت التي طالبت بالمساواة في الأجور بين الممثلين والممثلات أثناء خطبة فوزها بالأوسكار، لقد أصبحت السياسة تمنح مراسم توزيع الجوائز لحظات هامة جدا.

5- هل سيعرقل الجدل فيلم Green Book؟

لقد قام فيلم Green Book برحلة صعبة للوصول إلي الأوسكار, الفيلم يحكي عن قصة الصداقة غير المتوقعة بين السائق والحارس الخاص الأبيض الذي يقوم بدوره فيجو مورتينسين وعازف موسيقي الجاز الأسمر الذي يقوم بدوره ماهرشالا علي.

فيلم Green Book تسبب في حالة من الجدل أكثر من مرة، منذ بدء عرضه منذ ثلاثة أشهر واجه الفيلم حالة من الغضب بسبب تصريحات منتجه نيك فاليلونجا المعادية للمسلمين والتي اعتذر عنها فيما بعد والمناقشات العنيفة حول مدى دقة أحداث الفيلم التاريخية والتحتجاج على استخدام أحد أبطال الفيلم كلمة مهينة عرقيا (فيجو مورتينسين) وأخيرا ظهور مقالات توثق قيام مخرج الفيلم بيتر فارلي بالكشف عن مؤخرة الممثلين الذين يعملون معه أثناء إخراجه للأفلام الكوميدية.

ورغم كل هذه الفضائح والنكسات، يبدو أن ماهرشالا علي سوف يحصل على الأوسكار الثانية له في فئة أفضل ممثل مساعد وقد يزعج Green Book فيلم Roma في الصراع للفوز بأوسكار أفضل فيلم، وإذا فاز بأوسكار أفضل فيلم، يجب أن نتوقع كلمة من المخرج الأسمر سبايك لي.

6- كيف ستكون الأوسكار بدون مضيف؟

لقد مر حوالي ثلاث عقود منذ أخر مرة أقيمت حفلة الأوسكار بدون مضيف أومذيع، في السنوات السابقة قام بتقديم حفلة الأوسكار ووبي جولدبرج وألين دي جينيرس وهيو جاكمان وستيف مارتن وبيلي كريستال وأن هاثاوي وجيمس فرانكو وجميعهم قاموا بالترحيب بالمشاهدين في أكبر ليلة في هوليوود. وقد كان إقامة حفلة الأوسكار بدون مضيف أومذيع فكرة صعبة لدرجة أن شبكة ABC

أجبرت علي نفي فكرة أنها سوف تفاجأ المشاهدين عن طريق تقديم ووبي جولدبرج لحفلة الأوسكار.

ولكن هناك ما يدعو للقلق وهو أن المرة الأخيرة التي أقيمت فيها حفلة الأوسكار بدون مضيف أو مذيع كانت في عام 1989. في ذلك العام تنتشرت إشاعة أن فرقة كوين البريطانية والمغني الأمريكي آدم لامبرت سوف يقوما بتقديم حفلة الأوسكار في تلك السنة.

ولكن هل الترحيب الحماسي لأغنية We Will Rock You سوف يملأ الفراغ الذي تركه المونولوج الافتتاحي الذي يقوله مقدم حفلة الأوسكار؟

نقلًا عنvariety

موقع "إعلام.أورغ" في

24.02.2019

 
 
 
 
 

كريستيان بيل: العزف على آلة الجسد

أحمد عزت

كل فنان له أداته الخاصة التي يستخدمها، والتي توجد خارج ذاته، فالموسيقي له آلته الموسيقية، الرسام ريشته والكاتب قلمه، أما الممثل فلا يملك إلا جسده. إن جسد الممثل هو آلته الوحيدة والتي بواسطتها يمارس ويؤدي فنه.

المخرج الأمريكي لي ستراسبرغ

تبدو كلمات منظر فن التمثيل لي ستراسبرغ مدخلًا ملائمًا للحديث عن إحدى أيقونات التمثيل في السينما الأمريكيه الآن، البريطاني كريستيان بيل، خاصة فيما يتعلق بقدرته المدهشة على التحول الجسدي خلال الأدوار المختلفة التي يؤديها معززًا صورته في مخيلة المشاهدين كحرباء بشرية قادرة على التلون والتحول إلى أي شخصية.

هذه التحولات الجسدية على براعتها ليست أكثر من الخطوة الأولى في خلق الشخصية التي يؤديها، إذ لا بد أن يتبعها سلسلة طويلة من التحولات الداخلية. في مسيرة بيل العديد من الشخصيات ذات التركيبات النفسية المعقدة التي أداها ببراعة شديدة والتي تشهد على أن  قدرته على التحول الذهني والتلون النفسي لا تقل إدهاشًا عن قدرته على التحول الجسدي.

هناك ممثلون يرون أن التمثيل هو حفر في الذات، اكتشاف ما هو خفي في داخلك عبر الشخصيات التي تجسدها. وهناك فريق آخر من الممثلين يرون التمثيل نوعًا من الهروب من الذات عبر شخصية أخرى.

في أحد الحوارات الصحفية يقول بيل:

استمتع كثيرًا بالتحول الذهني والجسدي، في بعض الأحيان يكون الأمر عظيمًا عندما تنظر للمرآة ولا ترى نفسك.

لذلك يبدو بيل أقرب إلى الفريق الثاني، كما تبدو هذه التحولات الجسدية مهمة جدًا لتكنيكه الأدائي. هذه التحولات الجسدية المتطرفة في أداءات بيل هي خطوته الأولى للانسلاخ عن ذاته وإخلاء الداخل لاستقبال الذات الجديدة، ذات الشخصية التي سيؤديها بحيث يصير الممثل نفسه خفيًا مع كل دور يؤديه.

من المثير جدًا في طبيعة الشخصيات التي يؤديها بيل وجود روابط حقيقية تربط بينها مثلما تربطها بشخصية بيل نفسه. فشخصية جيم التي أداها في فيلم «Empire Of The Sun»،الفتى اليتيم الذي تجبره الحرب أن يكبر باكرًا، تذكرنا بيتيم آخر هو بروس وين الذي يجبره مقتل والديه أن يكبر سريعًا لمواجهة عالم الجريمة والفساد في جوثام في ثلاثية «فارس الظلام The Dark Knight». تبدو أيضًا براعة بيل في إعادة تشكيل ملامحه الخارجية والتي يصفها بعض المعلقين بالهوس، ممتدة في هوس الشخصيات التي يؤديها بمظهرها الخارجي مثل شخصيتي باتريك بيتمان في فيلم «American Psycho»، وارفينج روزنثال في فيلم «American Hustle».

فيما تبقى من مساحة هذا المقال سنستعيد المحطات الأهم في مسيرة هذا المبدع وصولًا إلى هذه اللحظة التي ينافس فيه وبقوة للفوز بأوسكار أفضل ممثل رئيسي عن دوره في فيلم «Vice» للمخرج آدم مكاي في الحفل الذي سيبث ليلة الإثنين 25 فبراير الجاري.

Empire Of The Sun: بداية مثيرة لنجم واعد

لا بد أن المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج قد رأى موهبة أصيلة في هذا الطفل الإنجليزي ذي الاثني عشر عامًا حين اختاره من بين 4000 طفل من أقرانه ليؤدي دور البطولة في فيلمه «Empire Of The Sun» الصادر عام 1987 والمقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه من تأليف جيمس غراهام بالارد، حيث نضال الصبي الانجليزي جيم/كرستيان بيل للبقاء وسط أهوال الحرب حين تجتاح اليابان الصين ضمن أحداث الحرب العالمية الثانية. مدح أداء بيل في الفيلم كواحد من أفضل الأداءات التي قدمها طفل في السينما.

American Psycho: نقطة فاصلة في مسيرة بيل

انقضى عقد التسعينيات بالنسبة لبيل في أداء أدوار ثانوية في عدد من الأفلام لم تضف كثيرًا لمسيرته. يمكننا فقط أن نتوقف أمام دور بديع ومنسي له في فيلم تود هاينز «Velvet Goldmine» والذي يؤدي فيه دور صحفي موسيقي مثلي الجنس في بريطانيا السبعينيات. يثبت هذا الدور مبكراً مقدرة بيل على الأداء الجسدي ليس عن طريق التحولات الشكلية بل عبر حركة الجسد، خطواته وإيماءاته.

ثم يأتي دور البطولة في  فيلم  ماري هارون «American Psycho» الصادر عام 2000، الفيلم الذي سيمثل نقطة فارقة في مسيرته كممثل، حيث يؤدي خلاله وببراعة هائلة شخصية باتريك بيتمان، شخصية ذات تعقيد نفسي واضح ومنغمسة في خيالات متطرفة عن الجنس والعنف. أعاد النجاح الجماهيري والنقدي للفيلم بيل إلى دائرة الأضواء من جديد كموهبة مهدرة وغير مستغلة.

The Machinist: بيل أيقونة التحول الجسدي

يؤدي بيل عام 2004 دوره الأكثر أيقونية في فيلم براد أندرسون «The Machinist» والذي شكل إلى حد بعيد الصورة الذهنية التي كونها المشاهدون عن بيل وقدراته المدهشة على التحول الجسدي حيث فقد 30 كجم من وزنه جعلته يبدو على الشاشة كهيكل عظمي. يؤدي بيل هنا شخصية عامل في مصنع يدعى ريزنيك تريفور. شخصية معذبة تحاول أن تفلت من كابوس صنعته لنفسها. يؤديها بيل بحساسية مدهشة على المستويين الجسدي والنفسي.

الثنائيات: التحليق نحو آفاق أبعد

يمكننا خلال العقدين الماضيين أن نلمح تعاون بيل المثمر مع ثلاثة من المخرجين، كونوا مع بيل ثنائيات أسهمت في دفع مسيرته التمثيلية إلى آفاق بعيدة.

كريستوفر نولان

لم يقدم نولان لبيل خلال تعاونهما معًا عبر ثلاثية «فارس الظلام» الكثير على صعيد إمكانات الأداء التمثيلي، لكن النجاح الكبير للثلاثية التي أعادت تعريف أفلام الأبطال الخارقين حلق به بعيدًا نحو جماهيرية كاسحة.

ربما نجد مساحة أرحب للأداء في فيلمها معًا «The Prestige» حيث يؤدي بيل دور توأم يعيش كلاهما حياة مزدوجة من أجل إبقاء حيلهما السحرية سرًا. هذه التضحية الكبيرة التي تنال من حياتهما الشخصية ومن جسدهما من أجل إنجاح عملهما في عروض السحر، تعطينا لمحة أيضًا عن طبيعة الممثل المؤدي للشخصيتين وتفانيه المتطرف من أجل إنجاح عمله.

ديفيد أو راسيل

هو واحد من أفضل مخرجي السينما الأمريكية حاليًا في فن إدارة الممثل. منح راسيل بيل في أول تعاون لهما معًا، أوسكارا مستحقًا، هو أوسكاره الوحيد حتى الآن، كأفضل ممثل مساعد عن فيلم الدراما والسيرة الذاتية «The Fighter» الصادر عام 2010، والذي يؤدي فيه شخصية ديكي الأخ الأكبر للملاكم المحترف ميكي وارد. ديك الملاكم السابق الذي يعاني إدمان المخدرات. أداء مدهش من بيل اكتسح عامها موسم الجوائز وصولًا للأوسكار.

بعد 3 أعوام وعبر تعاونهما الثاني في فيلم «American Hustle» يمنحه راسيل ترشيحًا أوسكاريا كأفضل ممثل رئيسي، وواحد من أفضل أداءات بيل عمومًا، ومثال آخر يثبت مقدرته على إعادة تشكيل جسده من أجل الشخصية المؤداه.

آدم مكاي

المخرج الذي يقودنا إلى اللحظة الآنية، حيث أحدث ترشيحات بيل للأوسكار كأفضل ممثل رئيسي عن أدائه لدور ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش فترة ولايته وواحد من العقول الشيطانية في السياسة الأمريكية.

الأدوار التي منحها مكاي لبيل دائمًا ما كشفت عن مساحات جديدة داخل أدائه. سبق أن منحه مكاي دورًا مختلفًا تمامًا في فيلمه «The Big Short» نال عنه أيضًا ترشيحًا لأوسكار أفضل ممثل مساعد.

هنا في فيلمه «Vice» وأمام دور كتبه مكاي من أجل بيل، نجد تحديًا أكبر فنحن أمام شخصية كانت حاضرة لوقت قريب في المشهد السياسي العالمي، تبتعد ملامحها كثيرًا عن ملامح بيل، ومع ذلك استطاع بيل عبر تفانيه المذهل أن يتحول تمامًا إلى تشيني، ليس فقط عبر زيادة الوزن بل عبر الاشتغال على الصوت وطريقة النطق ودراسة الأداء الحركي للشخصية. أداء عظيم يجعله أبرز المرشحين إلى جانب رامي مالك للفوز بأوسكار أفضل ممثل رئيسي.

البريطاني كريستيان بيل صاحب مسيرة باهرة تحتشد بأداءات عظيمة تجعله واحداً من أفضل ممثلي السينما الأمريكية الآن. مسيرة ما زلنا ننتظر منها الكثير.

موقع "إضاءات" في

24.02.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2019)