كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"كفر ناحوم"مرشح للفوز بجائزة الجمهور في مهرجان روتردام

أمير العمري

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2019)

   
 
 
 
 
 
 

الفيلم يقدم صورة غير سياحية عن بيروت الأخرى، ونادين لبكي اختارت نهاية تتناقض مع قوة فيلمها.

يعرض مهرجان روتردام السينمائي الدولي مجموعة كبيرة من الأفلام من حوالي 80 دولة، وتشهد عروض المهرجان إقبالا كبيرا من جانب جمهور المدينة الهولندية رغم برودة الطقس، فالمهرجان حدث ينتظره عشاق السينما سنويا في هذا التوقيت.

روتردام (هولندا) – يعرض مهرجان روتردام السينمائي الدولي في دورته الـ48 عددا لا بأس به من الأفلام الجديدة التي تعرض للمرة الأولى عالميا، كما يعرض مختارات من أهم ما عرض من أفلام خلال العام السابق، ويتميز المهرجان باهتمامه بالتجارب الجديدة وأفلام المخرجين الشباب، وبذلك يتيح الفرصة لاكتشاف المواهب السينمائية الجديدة.

في الوقت الحالي ومنذ أيام، يتصدر الفيلم اللبناني “كفر ناحوم” للمخرجة نادين لبكي، قائمة الأفلام العشرة الأولى في استطلاعات آراء جمهور المهرجان أو نتائج التصويت الذي يجري على الأفلام وتمنح بموجبه جائزة الجمهور، وليس مستبعدا أن يصبح هو الفيلم الذي يفوز بهذه الجائزة.

شاهدت هذا الفيلم للمرة الأولى عند عرضه في مسابقة مهرجان كان، لم يكن انطباعي عنه جيدا، لم أخصص له مقالا منفردا، كتبت وقتها بضعة أسطر وقلت إنه يتفرع إلى مواضيع متعددة، منها مشكلة الأطفال المشرّدين، وغياب بطاقات الهوية بسبب غلاء سعر استخراجها بالنسبة للأسر الفقيرة، ومشكلة اللاجئين غير الشرعيين الذين يتم استغلالهم، وموضوع تجارة الأطفال، والتدهور العام في المجتمع اللبناني، وغياب ضمانات حماية الأطفال.. وغير ذلك.

وقد فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان كان، وضمن بالتالي شراء حقوق توزيعه من قبل شركة “سوني” العالمية، وتوزيعه على مستوى أوروبا وأميركا.

المخرجة - المؤلفة أثرت فيلمها بالكثير من التفاصيل التي يجدها الجمهور الغربي بوجه خاص، مثيرة ومؤثرة عاطفيا

ومضى الفيلم بعد ذلك لكي يترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي في مسابقة “غولدن غلوب” الأميركية، ثم لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي (ضمن 5 أفلام)، رغم أن القائمة الأولية التي ضمت 8 أفلام تضمنت أفلاما تفوقه كثيرا في مستواها الفني، منها على سبيل المثال الفيلم الكولومبي “الطيور العابرة”، والدنماركي “المذنب”، والألماني “أبدا لا تنظر بعيدا”، (وقد سبق أن تناولتها جميعا بالنقد والتحليل على هذه الصفحة من “العرب”).

وكان من المدهش ألاّ يصل فيلم من بين هذه الأفلام الثلاثة إلى قائمة الترشيحات النهائية، التي أراها أيضا أفضل من الفيلم الياباني “سارقو المتاجر” الذي ضمته قائمة الأوسكار ولم يكن ضمن قائمة الغولدن غلوب، وهو يعالج موضوعا إنسانيا مؤثرا يتشابه في بعض جوانبه مع “كفر ناحوم”.

المشاهدة الثانية

عدت لمشاهدة “كفر ناحوم” مرة ثانية عند عرضه في مهرجان روتردام السينمائي المقام حاليا والذي يختتم في الثالث من فبراير الحالي، لكي أعرف لماذا لم يكن هذا الفيلم من بين أفلامي المفضلة في مهرجان كان، ولماذا اعتبرته أقل شأنا من الفيلمين السابقين لمخرجته، وكنت أريد أيضا أن أعرف لماذا يثير هذا الفيلم كل هذه الأصداء الإيجابية لدى جمهور المهرجانات في أوروبا ويصل إلى الترشيح للأوسكار، وربما ينال الجائزة، بل لقد أصبح موضوع فوزه بها شبه محسوم.

ربما يكون من أول أسباب التحمس الكبير للفيلم أنه من إخراج مخرجة-امرأة، أي سيدة عصرية لبنانية ونموذج للعصرنة الأوروبية في أحد مجتمعات “الشرق الأوسط” التي تمتلئ بالمتناقضات الطائفية المشحونة، وهي شديدة الانفتاح على الثقافة الأوروبية، تجيد الفرنسية، ولديها علاقات جيدة مع “قواعد” الإنتاج السينمائي الفرنسي.

ويجب أن أضيف أن سر الاهتمام بنادين لبكي وفيلمها ربما يعود في جانب آخر منه إلى كوننا نعيش الآن عصر ما بعد حملة “أنا أيضا” Me Too التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد، كما أعادت هذه الحملة وغيرها إلى الصدارة، مبدأ ضرورة مساواة المخرجات بالمخرجين، وهو ما انعكس بوضوح على سبيل المثال، في اختيارات دورة مهرجان لندن السينمائي الأخيرة (أكتوبر 2018) الذي جعل منظموه نصف عدد أفلام المهرجان لمخرجات-نساء، بغض النظر عن مستواها.

إلاّ أن السبب الذي لا شك فيه أن الفيلم يصور موضوعا إنسانيا حول الطفولة المشردة، وهي قضية تشغل مساحة اهتمام كبيرة في وسائل الإعلام، خاصة وأنها قد تكون مفرخة أولية للإرهاب.

ولا شك أن وجود طفل في الدور الرئيسي في هذا الفيلم، ونجاحه في الأداء بشكل تلقائي كبير، والصمود في أكثر المشاهد عنفا وفوضى، التي صوّرت في الشارع على غرار أفلام الواقعية الإيطالية الجديدة، ترك تأثيرا كبيرا على جمهور الفيلم.

ولا شك أن تفوق الأداء والعمل مع ممثلين معظمهم من غير المحترفين، يحسب أساسا لصالح المخرجة التي نجحت في تدريب الممثل الطفل والسيطرة على أدائه وإدارته مع غيره من الممثلين، في مواقع التصوير الحقيقية.

وهذه التلقائية في الأداء، وانسجام أداء الممثلين جميعا، محترفين وغير محترفين، مع أرضية الواقع لا شك أنهما من عوامل التأثير الإيجابي للفيلم ووصوله إلى قطاعات كبيرة من الجمهور، وربما كان الفيلم من هذه الناحية تحديدا، يذكرنا

بأفلام المخرج الإيطالي جياني إيميليو الذي يسير على نهج الواقعية الجديدة، خاصة فيلمه الشهير “سارقو الأطفال” الحائز على الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان كان 1992، شأنه في هذا شأن “كفر ناحوم”.

صورة عن الواقع

نجحت نادين لبكي بمساعدة فريق الإنتاج، في الحصول على ما أرادته، أي على صورة لذلك الحي أو تلك المنطقة العشوائية المكدسة بالفقر والفقراء التي يطلق عليها “كفر ناحوم”، والتي توحي بأننا أمام “نهاية العالم” وتتناقض تماما مع صورة بيروت “السياحية”، هناك أصبح “كل شيء مباح”، بيع الأطفال مقابل بضع دجاجات لأسرته الفقيرة، توالي إنتاج الأطفال والقمامة، الاحتيال الذي يمارسه الجميع على الجميع، تدهور فكرة ومعنى الأسرة مما جعل الأب-الزوح المسكين في الفيلم (والد البطل الصغير زين) الذي أنجب ستة من الأطفال لا يتمكن من إعالتهم، ولا يمتلكون أصلا أوراق تسجيل أو هوية، ويصرخ أمام المحكمة لاعنا الزواج والساعة التي تزوج فيها.

أما المدخل أو الحيلة “الدرامية” إلى الموضوع فهو أن هذا الطفل الذي لا يتجاوز 12 عاما، رفع قضية ضد والديه، بينما هو يقضي عقوبة لخمس سنوات في السجن على قيامه بقتل الرجل الذي اشترى شقيقته الطفلة المسكينة سحر التي لا تتجاوز 11 سنة، وتزوجها ونتج عن معاشرته لها نزيفا أفضى إلى موتها على عتبة مستشفى رفضت إدخالها بسبب عدم وجود أوراق تثبت هويتها، فهو يطالب المحكمة بمعاقبة والديه على “جريمة” إنجابه.

فكرة القضية نفسها فكرة “سينمائية” لا تقنع أحدا، كما أن الأريحية التي تصل إلى حد الكرم واللطف والدماثة وخفة الروح التي يظهرها القاضي خلال النظر في القضية وفي تعامله مع الأطراف المختلفة ومنها محامية الطفل زين (وهي ليست أقل من المخرجة نادين لبكي نفسها)، كلها جوانب مبالغ فيها كثيرا وغير مقنعة، وكانت تصلح كمدخل كوميدي لفيلم هزلي، أما أن تصبح محورا لفيلم جاد يحاكي الواقع الحقيقي، فهذا ما يقلل كثيرا من جدية الطرح، خاصة وأن نادين لبكي تقطع الحدث وتعود بين وقت وآخر إلى قاعة المحكمة وإلى الكثير من التفاصيل الزائدة العبثية تماما، وهو ما يفقد الفيلم الكثير من حرارته المطلوبة وسلاسة متابعته.

وفي مشاهد المحكمة بدا كما لو أن المخرجة-المؤلفة تطرح من خلالها رأيها، وتصرخ باحتجاجها الشخصي، متجاوزة كثيرا وعي شخصيات فيلمها البسيطة التي ربما لا تدرك أصلا آلية عمل القضاء، ناهيك عن فكرة مقاضاة طفل يعيش على الهامش داخل إصلاحية للأطفال، والديه بسبب إنجابهما له.

مشاكل الفيلم

من الناحية السينمائية تعاني مشاهد المحكمة من الطابع الخطابي المباشر والمبالغة في الأداء، بحيث تتناقض في طابعها “المسرحي” المصنوع مع باقي أجزاء الفيلم وأسلوبه الحر الذي يقوم على التصوير في المواقع الطبيعية باستخدام الكاميرا المحمولة الحرة واللقطات المأخوذة من زوايا بعيدة وعلوية ساقطة، بحيث تضع باستمرار الشخصيات الرئيسية في قلب المكان، لا يعيبها سوى التكرار في المعنى والتكرار في التكوينات البصرية ومن نفس الزوايا.

ورغم براعة تصويره الحي وسط المجاميع الحقيقية من البشر في الشوارع، يمتد الفيلم ويطول زمنه، فهو على نقيض “سارقو الأطفال” الإيطالي، ينحرف عن موضوعه الرئيسي، لينتقل من موضوع إلى آخر.

ففي خضم رحلة البطل الصغير الهائم على وجهه في الشوارع، يلتقي بامرأة إثيوبية شابة، هي راحيل المهاجرة التي تقيم في لبنان بشكل غير مشروع وتعمل خادمة في أحد المطاعم، وقد أنجبت طفلا صغيرا تقيه من العيون، وتقبل بمساعدة زين واستضافته في الغرفة الحقيرة التي تقيم فيها، مقابل أن يرعى طفلها يانيس أثناء غيابها في العمل.

ويصور الفيلم كيف تتعرض راحيل للابتزاز حتى ترضخ وتقبل أن تبيع طفلها مقابل بطاقة هوية مزورة ومبلغ من المال، ثم كيف يقبض عليها، ويصبح ابنها الرضيع وحيدا مع زين الصغير الذي يصبح بمثابة الأب بالنسبة له، يحمله ويرعاه ويتحايل لسرقة حليب الأطفال المجفف لكي يرضعه، وغير ذلك من التفاصيل التي يجدها الجمهور الغربي بوجه خاص، مثيرة ومؤثرة عاطفيا، وهي تفاصيل تصل حينا إلى التأثير الميلودرامي الذي يستدر الدموع على غرار الأفلام الهندية الشهيرة.

الفيلم اللبناني يصور موضوعا إنسانيا حول الطفولة المشردة، وهي قضية تعتبر، ربما، من أهم أسباب تفريخ الإرهاب

رغم تأثير المشاهد التي تستمر على الشاشة لأكثر من 40 دقيقة، والتي تدور بين زين ويانيس وما يلقاه زين من معوقات ومشاكل ويتعرض بدوره للابتزاز من بائع يريد أن يبيع يانيس لأسرة ثرية، إلخ.. وكلها بلا شك مشاهد جيدة التنفيذ، إلاّ أنها تصلح وحدها إذا ما انتزعت خارج الفيلم، كعمل مستقل يمتلك إيقاعه الخاص.

كثرة التفاصيل والخروج عن مسار السرد، بسبب الإغراء الكامن في تلقائية الأداء والتصوير الحي المباشر، تجعل إيقاع الفيلم يهبط في النصف الثاني، مع كثرة الاستطرادات وتكرار المعنى والإشارات التي تصبح مألوفة وقد أُشبعت من قبل، مما يجعل الفيلم يعاني من الترهل والبطء مع عدم تطور الفكرة لتظل تدور حول نفسها.

ومن الجوانب الإيجابية الجيدة أن نادين لبكي تتخلص من الديكور المغلق، وتنطلق في شكل أقرب إلى روح الفيلم التسجيلي، ولكن هذا الانعطاف أيضا له مشاكله، فالانسحاب وراء جمال المشهدية مع تلك الموسيقى المؤثرة التي أبدعها خالد مزنار، يغري بالخروج عن جوهر موضوع الفيلم والوقوع كما أشرت، في التكرار والاستطراد، ليبقى الإطار العام للمشاهد الخارجية أهم من الحدث الدرامي نفسه الذي لم يعد يدهش كثيرا في النصف الثاني الذي كان يحتاج إلى نوع من الشد والتحكم واستبعاد الكثير من اللقطات والحوارات المتكررة النمطية التي قصد منها الإضحاك للتخفيف من قتامة الموضوع، وهنا كان يمكن أن يصبح الإيقاع العام أكثر انسيابية وانضباطا، علما بأن زمن الفيلم يبلغ 130 دقيقة.

نادين لبكي قدمت في "كفر ناحوم" صورة تتناقض تماما مع صورة بيروت السياحية

ومن بين عيوب الفيلم ضعف النهاية التي ينتهي إليها، فنادين لبكي بدأت موضوعا قويا وقطعت فيه مسارا طويلا، وتفرعت وسردت ووصفت كثيرا، مع بعض المعلومات الكثيرة التي أثرت الموضوع، لكنها لم تنجح في الوصول إلى نهاية قوية تبقى في الذاكرة.

صار لدينا الآن فيلمان حديثان من لبنان يتشابهان في استخدام قاعة المحكمة ووقوف طرفين في نزاع ما أمام القضاء اللبناني، هما فيلم “القضية 23” و”كفر ناحوم”، لكن “القضية 23” هو الأكثر تماسكا وقوة وإحكاما وإثارة، رغم بعض الملاحظات حول مضمونه الفكري وانحيازاته الأيديولوجية القصدية الموجهة، وقد وصل كلاهما إلى القائمة النهائية لجائزة الفيلم الأجنبي في “الأوسكار” فوجب أن نبارك هذا النجاح وننتظر أن يحصد الفيلم هذه المرة، الجائزة لنحتفل بغض النظر عن أي ملاحظات نقدية.

كاتب وناقد سينمائي مصري

العرب اللندنية في

01.02.2019

 
 
 
 
 

الأفلام المرشحة للأوسكار تلتقي وتختلف تحت مظلة واحدة

يجمعها سباق الجائزة الكبرى

صندانس: محمد رُضا

يمكن النظر إلى الأفلام التي تم ترشيحها رسمياً لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم من عدة زوايا. هي على تشابه هنا واختلاف هناك. تنتمي إلى فئات متداخلة، ويمكن تصنيف معظمها كمجموعات مثيرة للاهتمام بحد ذاتها. جميعها من تلك التي برزت عناوينها في مناسبات سابقة للأوسكار بحيث أن وجودها في هذه القائمة الرسمية ليس مفاجئاً بل أقرب إلى تحصيل الحاصل. لكن ما عدا ذلك نجدها تثير الاهتمام كونها تنتمي إلى الفئات التالية.

- أفلام عن الأبيض والأسود

قبل المضي أكثر لا بد من التذكير بالأفلام المرشحة لهذه الجائزة الأكبر شأناً من سواها: وهي: «بلاك بانثر» لرايان كوغلر، «بلاكككلانسمان» لسبايك لي، «كتاب أخضر» لبيتر فارللي، «مولد نجمة» لبرادلي كوبر، «روما» لألفونسو كوارون»، «بوهيميان رابسودي» لبرايان سينجر، «المفضلة» ليورغوس لانتيموس و«نائب» لأدام مكاني.

ثلاثة من الأفلام المرشحة تتداول القضية العنصرية أو، مع بعض التوسع في هذا الأمر، قضية الجذور الأفريقية مع انعكاسات في الداخل الأميركي. هذا الجانب متوفر بعناية رائعة في فيلم «بلاك بانثر» الذي هو وحيد الأفلام المرشحة الذي عرض تجارياً قبل عدة أشهر، وليس كحال الأفلام الأخرى خلال الشهرين الأخيرين غالباً.

في الوقت الذي يؤسس فيه «بلاك بانثر» لبطل أفريقي خارق (على غير عادة أفلام السوبر هيروز الأخرى) يقدم شخصية أفرو - أميركي آخر عمل لصالح المخابرات الأميركية (CIA) ولديه حسابات معها لها علاقة برؤيته للعلاقة بين البيض والسود وسياسة التفريق العنصري. هذا الجانب موحى به من خلال سطرين أو ثلاثة من الحوار والكثير من الدوافع التي تترتب على تمرده على الوكالة المعروفة.

«بلاكككلانسمان» هو عن حكاية حقيقية قام المخرج سبايك لي بابتداع إطار كوميدي أسود لها حول ذلك التحري الأسود الذي يدعي أنه أبيض يريد الانضمام إلى الحزب المعروف بـ«كوكلس كلان». عندما يُطلب منه الحضور يوفد زميلاً يهودياً ليحل مكانه.

أما الفيلم الثالث في هذا الاتجاه فهو «كتاب أخضر» الذي يعود إلى الوضع الناتج عن شخصين أحدهما أسود والآخر أبيض عليهما اكتشاف البيئة العنصرية المحيطة خلال حكاية درامية ليست بعيدة الشبه عن «قيادة مس دايزي». هذه المرّة السائق هو الأبيض والشخصية التي يقودها السائق (فيغو مورتنسن) هي أفرو - أميركية (ماهرشالا علي).

والأبيض والأسود في صميم فيلم رابع لكن من زاوية مختلفة. فالمخرج ألفونسو كوارون اختار تصوير فيلمه «روما» بالأبيض والأسود (كذلك فعل بافيو بافليكوڤسكي في «حرب باردة» المنافس في مسابقة أفضل فيلم أجنبي وهو القسم الذي ينافس «روما» فيه أيضاً).

- تاريخ وذكريات

يشترك «روما» أيضاً مع «بلاكككلانسمان» في أنه مستوحى من ذاكرة ومصادر شخصيات حقيقية. هذا هو الحال كذلك بالنسبة لفيلم «نائب». هذا الأخير يرسم صورة لما حدث داخل البيت الأبيض خلال كارثة سبتمبر (أيلول) 2011 لكنه يمضي قبل ذلك وبعده في سبر غور شخصية نائب الرئيس الأميركي دك تشايني كما يمثله ببراعة مطلقة كرستيان بايل. وهو يضم أيضاً كل الشخصيات التي انتمت إلى القيادة السياسية في البيت الأبيض وقريباً منه آنذاك وفي مقدمتها رئيس الجمهورية جورج و. بوش كما يؤديه، بالقدرة الفذة ذاتها، سام روكوَل.

«بلاكككلانسمان» يستند إلى أحداث حقيقية بطلها رجل بوليس أسود اسمه رون ستوللوورث، كان أول أسود في تاريخ ولاية كوليرادو انضم إلى سلك البوليس وذلك في السبعينات. المخرج سبايك لي يستند إلى الكتاب الذي وضعه رون حول هذا الموضوع وبالتالي، ورغم التغييرات، يسرد شيئاً قريباً من السيرة الذاتية.

هذه السيرة تتخذ شأناً مختلفاً لكنها جامعة لما سبق في هذا الإطار عبر فيلم «روما» الذي استقى المخرج ألفونسو كوارون مصادره من ذكرياته وهو صغير. لكن الاختلاف يقع تحت هذه المظلة التي تضم الأفلام الثلاثة وهي أن «روما» لا يتعامل مباشرة مع ذكريات المخرج حول نفسه بل حول خادمة البيت بينما يستمد الفيلمان الآخران «نائب» و«بلاكككلانسمان» حكايتيهما من سير شخصيات غير شخصية.

- اعزفها مرة رابعة يا سام

وتحتل الموسيقى حيّـزاً مهماً رغم أن «عودة ماري بوبنز» لروب مارشال (صاحب الفيلم الفائز بالأوسكار قبل سنوات «شيكاغو») ليس في عداد الأفلام المتسابقة هنا. ما هو متوفر فيلمان عن الموسيقى والغناء، وأحدهما يمكن أن يدخل كذلك نطاق السير الشخصية.

إنه «بوهيميان رابسودي» الذي يسرد حكاية المغني فردي مركوري، قائد فريق «ذا كوين». هذا فيلم سيرة كما هو فيلم غنائي، ولو أن اللون الغالب فيه هو الجانب الثاني. رامي مالك يؤدي شخصية مركوري بكل اندفاع وبذل ممكن، ويستحق الترشيح الذي ناله كأفضل ممثل. لكن الفيلم ذاته أمر آخر.

على النسق نفسه نجد «مولد نجمة» الذي يحتوي على الغناء والموسيقى (بل على الحفلات أيضاً) ويختلف في أنه فيلم خيالي بالكامل. وهذا الاقتباس هو الرابع من حكاية خيالية سبحت عبر هوليوود لعقود كثيرة. لا جديد فيها سوى صانعي الفيلم، لكنها من التنويع العاطفي والغنائي بحيث دخلت الترشيحات المذكورة ببعض الجدارة.

الفيلم الوحيد الذي لا ينتمي إلى أي من هذه الفئات هو «المفضلة». كوميديا اجتماعية ساخرة حول الملكة آن ورجال ونساء قصرها والمشكلات العاطفية التي عايشتها. هو فيلم وحيد في هذا الشأن كونه يتعامل والتاريخ. ومع أن شخصية الملكة آن، كما تقوم بها أوليفيا كولمان حقيقية، فإن الغاية ليست تقديم قصّة حياتها بل قصّة حياة فترتها كملكة (مطلع القرن الثامن عشر).

- الحاضر هو الماضي

تبقى حقيقة أخرى وأخيرة في هذا المجال: كل الأفلام باستثناء فيلمين تعرض أحداثاً تقع في فترات ماضية: «المفضلة» في القرن الثامن عشر، «روما» في السبعينات من القرن الماضي، «كتاب أخضر» في الستينات، «بلاك بانثر» في السبعينات، «بوهيميان رابسودي» في الثمانينات والتسعينات، «نائب» في العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من هذا القرن.

الفيلمان المختلفان هما «بلاك بانثر» الذي يمكن طرحه في أي زمان ومكان (ينطلق من تاريخ أفريقي ويصب في آخر مستحدثات المؤثرات الخاصة الحالية) و«مولد نجمة»، ولو أن حاضر هذا الفيلم متصل بماضيه، إذ هو تكرار للنسخ الثلاث السابقة من الحكاية ذاتها التي بدأت من الثلاثينات.

 

####

 

شاشة الناقد

The Favourite

الفيلم البريطاني المنافس على أوسكار أفضل فيلم

> إخراج: يورغوس لانتيموس

> تقييم: (***)

يختلف فيلم المخرج اليوناني الأصل الجديد «المفضلة» عن أفلامه الأخرى. في فيلمه السابق، «قتل الغزال المقدّس» قفز للمخرج من وراء الكاميرا لأمامها لاستعراض قدرات فنية تقوم على تركيب المفردات المستخدمة لتقديم حكاية نفسية وُلدت معقدة وبلا فائدة.

على ذلك، فإن النظرة الداكنة للحاضر والواقع هي ذاتها النظرة الداكنة للماضي الذي يستلهم منه لانتيموس فيلمه الجديد هذا. هذه النظرة تتبدّى كوشاح أسود يلقي بظلاله فوق كل الشخصيات التي تمر من أمام الكاميرا، لكن مع مزيد من السخرية العبثية التي لاحت في أفلامه السابقة ووجدت لها بيتاً جديداً في نكش بعض تاريخ الملكة آن الشخصي. تاريخ لا نعرف بالتحديد نسبة الواقع منه لكن الفيلم يؤم، وبنجاح، حالته الخاصة. لا يدعي إنه يتبنّى ما نراه، لكن الشخصيات حقيقية على نحو أو آخر.

إنه عن الملكة آن (أوليڤيا كولمن) التي حكمت بريطانيا موحدة ما بين 1707 و1714 ليس كسيرة حياة كاملة، بل في أعوام تقع خلال حكمها وتتمحور في علاقتها النسوية مع وصيفتها سارا تشرشل (راتشل ڤايز) كما حول كافة التجاذبات العاطفية والنفسية والمصلحية التي شهدها القصر الملكي.

بذلك يعمد لانتيموس (وكاتبا السيناريو ديبورا ديڤيز وتوني مكنامارا) إلى احتفاء معاد للاحتفائية، عملياً، إلى تشويش، إن لم نقل تشويه، شخصية معروفة بوضعها في صورة شخصية تختلف عن الصور الإيجابية المتداولة عنها. على عكس بطلة فيلم «فكتوريا وعبدل» التي نتعرف عليها في البداية على نحو غير جاذب وكيف يتغير مظهرها إيجابياً صوب الأفضل بمجرد أن تجد في الهندي عبد الكريم الدافع للتغيير، تبدو الملكة آنا كشخصية غير جديرة بمنصبها. نتعرّف عليها أولاً وهي تخلع التاج متذمرة وتسأل كيف كان وقع خطابها كما لو أنه لم يكن أكثر من تقليد تريد التخلص منه. بعد ذلك، وفي عدّة مرات، نجدها تأكل بشراهة وتسيء معاملة من حولها بسبب أو من دونه.

الفيلم، أيضاً، هو أفضل ما شاهده هذا الناقد للمخرج لانتيموس، لكن هذا وحده ليس مدعاة للحبور ولا حقيقة أن ما قدّمه هنا من خلط أوراق نضح بإعجاب النقد الأجنبي.

(1*) لا يستحق

(2*) وسط 

(3*) جيد

(4*) ممتاز

(5*) تحفة

الشرق الأوسط في

01.02.2019

 
 
 
 
 

"روما": إتقانُ الحياةِ بعينين مُغلقتين

هدى جعفر

يُغري "روما"، آخر أعمال المُخرج المكسيكي حامل الـ"أوسكار" ألفونسو كوارون، ببداياتٍ متعددة، ويعدُ بأكثرِ من خيطٍ يقودُنا إلى سحرِ هذا الفيلم.

"روما" الذي يُكدّس الجوائزَ، أبرزها الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي، منذ خروجه للعالم يجعلنا نتساءل بإلحاحٍ: كيف يمكن الإمساك بالروحِ التي تسكنه منذ أول ثانية وحتى الإظلام الأخير؟

عن نفسي أجدني عالقة في مشهد بروفيسور زوفيك (المصارع لاتِن لَفر) وهو يتحدّث مع الشباب المتحمسين الذين انتهوا للتوّ من وصلة فنون قتالية في ساحةٍ ترابيةٍ يُحيط بها الفضوليّون المتابعون لما يجري بسعادةٍ برغمِ الشقاءِ وضنكِ العيش.  

"روما" الحكاية

يقول بروفيسور زوفيك أنّه سيقوم بحركة جديدة يصفها بالعصيّة إلا على القّلة من سادة الفنون القتالية والرياضيين البارعين، وأنّها تتطلب تركيزًا عقليًا وجسديًا، ولكن بعد أن يُنفّذها نكتشف أنّها لم تكن أكثر من الوقوفِ بساقٍ واحدةٍ مع رفع اليدين عاليًا وعقدهما، ممتدّتين، فوق الرأس مع إغماض العينين، تتعالى همهمات السخرية والاعتراض من الأداء الذي بدا عاديًا جدًا وفي المتناول، لكن الجميع يفشل عندما يطلب بروفيسور زوفيك القيام بتلك الحركة، باستثناء سيّدة واحدة أتقنتها بمهارة وسرعة: خادمة قلِقة من إحدى القرى البعيدة تعمل في مدينة مكسيكو، حامل من رجلٍ تنصّل منها، وقد جاءت إلى الموقع الذي يتمرّن فيه للحديث حول جنينِهما، إنّها كليو، المرأة التي يُهدي ألفونسو كوارون إلى النسخة الحقيقية منها فيلمه هذا.

"روما" العائلة

يُقدّم الفيلمُ زمنًا مُقتطعًا من حياةِ أسرةِ المخرج كوارون وخادمتهم كليو في حي روما الذي سكنته الأسرة في مكسيكو سبعينيات القرن الماضي، وليس العاصمة الإيطالية كما قد يظنّ البعض، وهي الفترة التي تكتشف فيها السيّدة صوفيا (مارينا دي تابيرا) أنّ زوجها د. أنطونيو (فرناندو غردياغا) قد هجر البيتَ تاركًا إياها مع أربعة أبناء، وقد سمح لنا كوارون أن نسترقَ النظرَ لتلك الأيام بمهارةِ حكّاء شديدِ الكرم واسعِ الحيلة.

ماذا كانت تصنع كليو آنذاك؟ ما هو مُتوقّعًا من سيّدة مكسيكية في عمرهِا وظروفِها، تدخل في علاقة جسدية مع فيرمين (خورخي أنتونيو غيرييرو) وهو ابن عم رامون (خوسيه مانويل غيرييرو مِندوزا) عشيق زميلتها في البيت الطاهية آديلا (نانسي غارسيا)، حيث يأخذها في لقائهما الأول إلى غرفة متواضعة، وبعد أن يستعرض أمامها، عاريًا، بعضًا من الحركات يحكي لها جانبًا من ماضيه البائس، ثم يغوصان في سريرِهما المُستأجَر.

تكتشف كليو أنّها حامل، وتُخبر فيرمين بذلك في قاعة السينما بين القُبل المحمومة، فيستأذنها، بكل لطافة، للذهاب إلى دورة المياه، ولا تراه بعدها إلا مرتين: الأولى في ساحة التدريب فيهددها وينفي علاقته بالطفل، والثانية مُسلّحًا مع رفاقه وهم يلاحقون الطلاب المتظاهرين الذين لجأوا إلى محل الأثاث حيث ذهبت كليو مع والدة مخدومتها السيدة تيريسا (فيرونيكا غارسيا) كي تشتري مهدًا لمولودتها التي تأتي للعالم ميّتة في نفس اليوم.

"روما" الزمان/ المكان

يقبضُ "روما" على الحدثِ الجللِ في حياة الأسرة، ويُحيطه بتفاصيل كليو، والمقصود هنا ترك الأب لعائلته من أجل امرأة أخرى.

تدعونا الكاميرا في بداية الفيلم للتحديق في أرضية فناء البيت لأكثر من 3دقائق وكليو تغسلها بمياهٍ غزيرةٍ، وينتهي الفيلم بالكاميرا مُثبّتة على سماء المدينة المُشرقة، وما بين البداية والنهاية فرق "السماء والأرض".

رغم أنّ الفيلم مُهدًى إلى ليبو وهو اسم المربية/الخادمة الحقيقية في بيت كوارون، إلا أنّ الفيلم لا يحمل اسمها بل اسم المكان: روما، بكل ما يحتشد فيه من صورٍ ورؤى، حتى أنّ مشهدًا مُعتادًا،مثل الدمية نصف العارية والكُرة التالفة بجانب المياه المتسرّبة، يُصبح جديرًا بالتأمّل وبالاستدعاء من الأقاصي.

وكوارون مخرجٌ ماهرٌ في إسهابِه واقتضابِه، يُريك "رأس الحربة" وعليك أن تكتشف أنت باقي الفريق، أو يهديك العام والشامل لتصل إلى المعنى الدقيق المتواري، وكما قدّم كوارون، على سبيل المثال، المشهد البديع الذي نرى فيه الطرف الصناعي لتمثال "ديفيد" بدلًا من الذي فُقد أثناء عملية الإنقاذ في فيلمِه "أبناء الرجال"، يملأ "روما" بالعديد من اللحظات المُكثّفة، فيُقدّم لنا الأب د. أنطونيو في أوّل مشهدٍ له مُجزّأً: سجائره، سيارته، يداه، محاولاته لإدخال السيارة دون أن تُلامس المرآةُ الجانبيةُ عِضادةَ البوّابة، تلك السيارة التي تقوم السيدة صوفيا ببيعها بعد أن تتقبّل هِجران أنطونيو وشراء واحدة أكثر رشاقة فتقودها بمهارة.

العيب، إذن، ليس في قدرات الأم القيادية بل في السيارة/الأب التي لم تكن تناسبها.

هناك أيضًا فيرمين عندما يُقابل كليو لأول مرة في المطعم، حيث ينتظر قيامها من مقعدها ليصب في جوفه ما تبقى من الـ"كوكاكولا" خاصتها دون أن تنتبه، إنّ جوعه هو ما يقوده فقط.

الرفوف التي تعلوها الساعات الكثيرة في محل الأثاث، يوم وقوع مجزرة كوربُس كريستي (يوم ولادة كليو)، إنّه احتشاد للزمن، "عدة أوقات" في وقتٍ واحد للدلالة على اللحظات التاريخية الفارقة، وكوارون لا يُصرّح بالمجزرة إذْ من السهل استنتاج ذلك.

برازُ الكلبِ "بوراس" أو "بوررراس" (بطريقة كليو الفاتنة) الذي يملأ الفناء، وتنظيفها الدائم له بكل اهتمام فيعود لامعًا كأنّ شيئًا لم يكن، بلاطات الفناء نفسها التي اكتسبت حضورًا دراميًا لا يُمكن إغفاله، ولا حاجة للقول لما/لمن يرمز البراز هنا!

النادلة التي تتلو قائمة الحلويات وكأنّها آلة بينما أحد الأطفال يبكي بحرقة بعد أن أخبرته والدته صوفيا أنّ والدهم تركهم ولن يعود، إنّ الحياة لا بدّ أن تستمر، هذه فكرة أثيرة لدى كوارون.

أمّا المشهد الأكثر حساسية وإيلامًا فهو حين تُجاري كليو أحد أطفال العائلة الذي يتصنّع موته، فتُقلده وترقد بقربِه على المَصْطبَة الحجرية في سقفِ البيت ثم تقولُ بعد صمت ثوانٍ:" أُحب كَوْني ميّتة"، كم هي مؤلمة وصادمة ومُعبرة هذه الجملة، ليس من المبالغة القول أنّها تختصر كل الفيلم، إذا كان لابدّ من اختصار!

"روما" الإنسان

لقد اجتمع في "روما" العديدُ من "موتيفات" كوارون المُقدّمة في أعماله السابقة، على سبيل المثال: الطائرة المُحلّقة في أكثر من مشهدٍ من فيلم "مع شريكك فقط" (1991) وهو أوّل أعماله الروائية الطويلة، والمظاهرات حين تُحاذي الشأنَ الشخصي في فيلم "وأمّك أيضًا" (2001)، خروج الولادة المتعسّرة من سياقِها البيولوجي إلى السياسي/الاجتماعي مثلما حدث في "أبناء الرجال" (2006).

كان الفيلم يسير على مهل، والمشاهدُ ينتظر تلك العقدة الكبير المُتوقعة في الأفلام عادةً، لكنه يندمج في بلاغةِ السرد، ومتعةِ التلصص، والتفاصيلِ التي تنمو رويدًا، وبعد انتهاء الفيلم ينتبه أنّ جزءًا من الحزن قد أصابه، وبضعة كيلوات من الحكاية الثقيلة، لينطلق في "روما" التي تخصّه.

تم تصوير الفيلم بعينين متعطشتين للاختزان، لقطات طويلة ومُستغرقة وتشعر أحيانا أنّها بعيني ألفونسو الصغير، كمشهدِ الرقصة الجماعية في احتفال أعياد الميلاد قُبيل احتراق الغابة، فـ"الكاميرا والتصوير السينمائي لم يكونا هناك للتجسيد، بل كانا الفيلم نفسه" حسب وصف المصوّر، ثُلاثيّ الـ"أوسكار"، إيمانويل لوبِزكي لـ "روما" الذي لم يشارك فيه رغم عمله مع كوارون في 6أفلام أخرى.

كليو(ياليتسا أباريسيو في أول أدوارها) لم تكن شخصية صاخبة بصوتٍ عالٍ ولا مقاتلة كلاسيكية، كانت تستقبل كل التعقيدات بوجهٍ هادئٍ وبعينين تعلقهما على ما حولها بسحرٍ لا يُحتمل، تتلقى ما يحدث لها بـ "اللاشيء"، لا اعتراض، ولا تساؤل، ولا غضب، فقط قوّة هائلة لمواصلة الأيام، وهذا أمر كما تنص العبارة المُستهلكة: سهلٌ ممتنعٌ، إذ من اليسير تصويرُ دورِ امرأة غضبى أو حانقة أو تخطط للانتقام، لكن من الصعبِ تصوير امرأة تواجه أحزانها بالصمت، وبالقوة، وبـ"اللاشيء"، كيف يُمكن أن تصل معاني "اللاشيء" كاملة غير منقوصة!

إنّ كوارون يُصوّر ما هو أعتى من الغضب والانتقام، يصوّر المضي قدُمًا في حياة يعرف البطل أنها لن تتغير، وأنّها لن تمنحه شيئًا مهما كان ودودًا، كليو، مثلًا، تدخل إلى البحر الثائر لإنقاذ طِفليْ العائلة، وهي لا تجيد السباحة، وبعد أن تنقذهما تبكي والعائلة متحلقة حولها، وكل ما تتفوّه به أنّها لم تُرد لابنتها أن تأتي إلى الدنيا، ثم تُكمل حياتها.

في المشهد الأخير نرى كليو، من زاوية مُنخفِضة، بعد العودة من الشاطئ تصعد لسقف البيت:هادئة، قوية، بشعرها الليليّ المُنسدِل لآخر الظهر، سقف البيت الذي يجاور الشمس، بالضبط، الشمس: الحياة، والأمل، والاستمرار القسريّ، رُبّما. وقبل أن تنطفئ الشاشة تمامًا يُكتب عليها: "سلام سلام سلام"، وهي ذات العبارة بنفس الأحرف الإنكليزية لكلمة سلام بالهندية التي يختم بها الشاعر الأمريكي تي.إس. إليُت (18881965) قصيدته الشهيرة "الأرضُ اليبابُ".

روما" كوارون

لقد اعترض البعضُ على "روما" بالقول إنّه فيلمٌ بسيطٌ وبلا عقدة درامية "حقيقية" وعلى قدرٍ من الإملال، وربّما أقل من التوقعاتِ خاصةً أنّه جاء بعد فيلم "جاذبية"(2013)، الذي استحوذ على عددٍ من "الأوسكارات" في 2014.

وأعتقدُ بأنّ الرد الأنسب لذلك هو ما جاء على لسانِ بروفيسور زوفيك بعد أن سَخِر الحاضرون من حركته التي اعتقدوا أنّها ستكون أكثر صعوبة واحترافية: "ماذا؟ هل أصابكم الإحباط؟ ماذا توقعتهم؟ أن أحلق في الهواء أو أن أرفع طائرة؟ أنتم تشهدون عملًا فذًا مذهلًا، إن لم تصدقوني، جرّبوه إذن، لكن بعينين مُغلقتين".

هناك حكايتان في "روما"، حكاية كليو/ليبو التي عاشت في سبعينيات المكسيك، وكيف استطاعت أن تدعم الأسرة المتذبذبة، وهناك القصة الثانية الخلفية، الأهم والأكثر إلهامًا: حكاية الفتى المكسيكي الصغير، الذي نشأ بعيدًا عن والده، وأصبح مخرجًا موهوبًا يحمل جوائزًا رفيعةً، ويتصدّر قوائم أفضل المُخرجين على مستوى العالم، ليُهدي مربيتَه بعد أكثر من 45عامًا فيلمَه الجميل!

إنّ "روما" عن العابرين الذين لم يحظوا بالتفاتةٍ كانوا الأجدر بها، عن القوة الحقيقية التي لا تُرادف الإيجابية بالضرورة، عن الحياة بكل سحرِها وعظمتِها وقسوتِها.

وإن لم نصدّق علينا أن نتخيل كيف يُمكننا أن نُقلّد البطلة كليو، وأن نتقن الحياةَ، كما فَعلتْ، بعينين مُغلقتين.

 

####

 

الرجل الأبيض يروي قصة العنصرية في "الكتاب الأخضر"

سعاد أبو غازي

أراد صناع فيلم "الكتاب الأخضر" Green book تفجير الكوميديا من الجمع بين رجلين بينهما العديد من المتناقضات في رحلة طويلة لمدة شهرين إلى الجنوب الأمريكي عام 1962، وأستند الفيلم في ذلك إلى قصة حقيقية جرت بين موسيقي أمريكي من أصل أفريقي، وسائق أمريكي من أصل إيطالي، وانتهت نهاية سعيدة بأن أصبحا صديقين حتى وفاتهما عام 2013، لكن الفيلم الذي يبدو من قصته إنه بسيط وحسن النية ليس كوميديا، ومن الصعب التعامل  معه وتمريره دون أن يجد المشاهد إجابة على سؤال:  ماذا تعني رواية القصة من منظور الرجل الأبيض؟

رحلة طويلة

"الكتاب الأخضر" كان فيلم الافتتاح في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ويبدو اختياره جاء بناء على إنه فيلم جيد جدا (فنيا)، وهو واحد من أفضل الأفلام التي أنتجتها ستديوهات هوليوود خلال العام الماضي، ويعالج قضية "العنصرية ضد الأمريكيين من أصل أفريقي" في بساطة، ويمكن تعميم رسالته لتشمل مناهضة العنصرية عموما ضد أصحاب أي عرق، بالإضافة إلى إنه فيلم مسلي وممتع أيضا، ولكن مشكلة الفيلم تكمن في الزاوية التي تُروى منها القصة، والتفاصيل التي صُنعت منها شخصية الموسيقي الأمريكي من أصل أفريقي "دونالد شيرلي" وطريقة تفاعلها مع الرجل الأبيض "توني ليب".

يروي الفيلم قصة دون شيرلي وهو عازف بيانو مشهور، يحمل درجة الدكتوراة، ثري، يسكن في شقة فاخرة أعلى قاعة كارنيجي في نيويورك، بالإضافة إلى إنه ذو بشرة سوداء، ينوي القيام بجولة فنية طويلة إلى العديد من مدن وولايات الجنوب، ويبحث عن سائق وحارس شخصي، يلتقي بطريقة ما  بـ "توني ليب" الذي يبحث عن وظيفة بعد إغلاق الحانة التي يعمل بها لمدة شهرين لإجراء أعمال الصيانة، "توني" رجل أبيض، أمريكي من أصل إيطالي، لديه زوجة وأولاد وعائلة كبيرة، مازال يتحدث الإيطالية في منزله المتواضع - بالمقارنة بمنزل دون شيرلي، وهو رجل قوي البنية، يكسب رزقه من قدرته على ممارسة العنف ضد الآخرين، أشار لنا الفيلم في البداية بأن "توني" رجلا عنصريا، فقد ألقى في صندوق القمامة بكوبين زجاجيين استخدمهما رجلين من ذوي البشرة السوداء في منزله.

"توني" الذي لم يكن مضطرا لقبول وظيفة سائق- كان أمامه خيارات أخرى- يذهب في رحلة لمدة شهرين مع "دون شيرلي" الذي لم يكن مضطرا أيضا للقيام بهذه الجولة- يمكنه العزف في نيويورك ويكسب أموالا أكثر، وأراد الفيلم أن يُحكم عقدته، فقال إن السائق لا يمكن أن يترك الجولة وإلا يفقد نصف آجره، وإن عليهما أن يسافرا وينتهيان من عملهما قبل عيد الميلاد في الخامس والعشرين من ديسمبر.

كسر الصورة النمطية

يمكن النظر إلى قصة الفيلم على إنها مربع من أربعة أضلاع، ضلع يضم العلاقة بين "توني" و "دون شيرلي"، وضلع الرحلة نفسها التي يخوضونها ومعهما "الكتاب الأخضر" الذي يتضمن التعليمات التي يجب على أصحاب البشرة السوداء إتباعها عند سفرهم إلى الجنوب الأمريكي، مدون عليه عبارة "الهجرة بدون عنف"، كما يضم أسماء الفنادق والنزل التي يمكن لهم استخدامها، والأماكن التي يُحظر عليهم التواجد فيها.

أما الضلع الثالث هو المكان "الولايات المتحدة الأمريكية"، والضلع الاخير هو الزمان (عام 1962) ذروة حركة الحقوق المدنية ضد العنصرية في الولايات المتحدة، حيث إن هناك أماكن مخصصة للسود وأخرى للبيض، حيث إن المعتاد أن يعمل الأسود لدى الأبيض، أما أن يعمل رجل أبيض لدى رجل من ذوي البشرة السوداء هو مشهد يثير الريبة والاشمئزاز لدى البيض والسود على حد سواء.،عام 1962 حيث لا يمكن للسود أن يجلسوا مع البيض في المطاعم والفنادق نفسها، وعليهم أن يستخدموا مراحيض خاصة بهم، وحيث لا يمكن لرجل أسود أن يشتري زيا يمكن يرتديه رجل أبيض!

كسر فيلم "الكتاب الأخضر" الصورة النمطية عن "الرجل الأسود"، خاصة فيما يتعلق بـ "انتهاج العنف"، فالعنف في عرف الرجل الأبيض في الولايات المتحدة هو سلوك مرتبط بـ (الرجل الأسود)، لكن في هذا الفيلم نرى "دون شيرلي" يلوم "توني" على ضربه لضابط شرطة، ويقول له وهما محتجزان "لا تربح مع العنف توني.. تربح فقط عندما تحافظ على كرامتك.. الكرامة تسود دائما".

مشكلات رواية القصة

شارك نيك فاليلونا ابن "توني ليب" الحقيقي في كتابة قصة وسيناريو الفيلم، وقال في أكثر من سياق إن "كتاب أخضر" ليس مستندا لقصة حقيقية بل هو القصة الحقيقية، لا يمكن تصديق ذلك لسبب بسيط إن قصة الفيلم تم روايتها من منظور "الرجل الأبيض"، من وجهة نظر "توني ليب"، فهو الذي رسم لنا شخصية "دون شيرلي" كما رآها هو أو كما أعتقد، فما الذي يجعلنا نصدق مثلا إن "دون شيرلي" هو كل الصفات مجتمعة: متعجرف، منطوي، مغرور، متأفف على الدوام، لا يتواصل مع عائلته، ومنعزلا عن أبناء جلدته، لا يعرف موسيقاهم وليس لديه أصدقاء منهم، ولا يعرف شيئا عن ثقافتهم. إذا كان كذلك فأي ثقافة كان يعرف أكثر؟ لماذا أظهر الفيلم "توني ليب" يعرف المغنين والموسيقيين (السود) أكثر من دون شيرلي نفسه؟

جعل الفيلم "دون شيرلي" في ذروة الأحداث يردد غاضبا مونولوج طويل، يقول فيه: "الأثرياء يدفعون المال لي لعزف البيانو لهم؛ لأنني أجعلهم يشعرون بالثقافة، لكن عندما أنزل عن المنصة أعود زنجي آخر لهم. أعاني من تلك الأمور لوحدي؛ لأنني لست مقبول بواسطة جماعتي، لأنني لست مثلهم أيضا. لست أسود كفاية، ولست أبيض كفاية، ولست غاضب كفاية. إذن من أكون؟" لم يمهد الفيلم لهذه اللحظة جيدا، على الأقل من ناحية نسج التفاصيل الخاصة بعلاقة "دون شيرلي"بـ "جماعته"، لم نفهم جذور هذه العلاقة المعقدة؟ ما المواقف التي صنعت ذلك. هذه مشكلة أخرى من مشاكل رواية القصة من منظور "الرجل الأبيض"!

رسائل متناقضة

يبعث الفيلم أيضا برسائل متناقضة، فعندما قال الشرطي لـ "توني ليب" بعد أن حاول الدفاع عن "دون شيرلي" "لابد أن لك أصول زنجية"، هنا غضب "توني" وضرب الشرطي، واُحتجزا في قسم الشرطة إلا أن روبرت كنيدي تدخل وتم إطلاق سراحهما، لكن هذا يبدو متناقضا مع معنى آخر أراد الفيلم إيصاله هو أن "التغيير ممكن"، فـ "توني" لم يتغير ولم يتنازل عن عنصريته في شهرين كما عرض الفيلم، بل غضب لأن الشرطي اتهمه بأن له أصولا زنجية، كما إن عملية التغيير خاصة فيما يتعلق بفكرة "راسخة" في الأذهان مثل "العنصرية" من الصعب تصديقها، ومن الصعب أن يحدث في رحلة لشهرين، وإلا لما استمرت العنصرية مشكلة حاضرة بقوة في المشهد الأمريكي حتى الآن، وأوصلت رجلا مثل "دونالد ترامب" إلى كرسي الرئاسة.. بالمناسبة تقول تقارير إن الرحلة الحقيقية قد استمرت عاما كاملا وليس شهرين كما عرض الفيلم.

الرسالة الأخرى المتناقضة حملتها نهاية الفيلم، حيث كُتب على الشاشة مع عرض صور للرجلين بطلي القصة الحقيقية "توني ليب ودونالد شيرلي ظلا أصدقاء حتى ماتا بعد شهر من أحدهم الآخر عام 2013"، بغض النظر على أن الصور التي تم عرضها صور منفصلة للرجلين ولا توجد صور واحدة منها تجمعهما معا، يُصعب التصديق أيضا-حسب الرؤية التي قدمها الفيلم لشيرلي- إنهما يمكن أن يصبحا صديقين، فالشخصية التي تم رسمها لـ "دون شيرلي" في الفيلم لا يمكنها أن تعقد صداقات مع أحد، ناهيك عن شخص يختلف عنه كثيرا مثل "توني ليب" فكلاهما يسير في طريق ولا يمكنهما التلاقي بسهولة.

يُصنف فيلم "كتاب أخضر" على إنه فيلم درامي كوميدي، بالنسبة لي لم يكن هناك كوميديا على الإطلاق، حتى وإن حاول الفيلم خلق إيقاع وجو عام ليس ميلودراميا ولا حزينا، بل حاول تخفيف من معالجة قضية مثل "العنصرية"، ووضعها في قالب كوميدي، لكن الصورة العامة كانت تقول إننا أمام أحداث مؤسفة، وتفاصيل مؤلمة، خاصة عندما تتذكر إن الفيلم مُستند إلى قصة حقيقية، وإن كل هذه الأحداث وأكثر منها قد وقع فعلا وتسبب في إيلام "دون شيرلي" الحقيقي.

أخيرا، يمكن مشاهدة فيلم "كتاب أخضر" على إنه فيلم مسلٍ، لكن إن أردت مناقشة الأفكار التي يحملها الفيلم، ستختفي المتعة إلى الأبد.

 

####

 

فيلم "الكتاب الأخضر".. اختلاف اللون وتلاقي القلوب

محمد جمال الروح

"لدى حلم".. بهذه العبارة التاريخية ينهي  مارتن لوثر كينغ  خطاب هو الأشهر في القرن العشرين والذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري في 28  أغسطس 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية  ومنذ هذا اليوم تأخذ حركة الحريات المدنية في أمريكا منحى جديدا ويبدأ تدريجيا التعايش والتجانس بين البيض والسود بعد عهود من التفرقة العنصرية المقيتة التي سلبت الأقليات حقوقهم في العيش بكرامة وحرية ومساواة.

وربما لا يضارع هذه الخطبة في شهرتها وأهميتها إلا خطبة سياتل زعيم (الدواميش) الهنود الحمر بعد هزيمته المريرة أمام الرجل الأبيض بما فيها من بلاغة وشاعرية وبكاء على وطن سلبه الرجل الأبيض المتغطرس.

يعيد فيلم "الكتاب الأخضر" Green Book قراءة معاناة الأقلية السمراء ذات الأصول الأفريقية  في جغرافيا أمريكا المترامية بين الشمال والجنوب ولكن بمعالجة فريدة ومغايرة وملمح كوميدي نابع من قلب المفارقة وعمق القضية وسرد بصري بديع في لغته وأدواته   ليستحق الفيلم أن ينافس بقوة على ترشيحات جوائز الأوسكار في دورتها 91 التي تقام فبراير القادم  وذلك بعد فوزه بثلاث جوائز جولدن جلوب ( أفضل فيلم موسيقى كوميدي وأفضل سيناريو، وأفضل ممثل مساعد "ماهرشالا على". كما فاز الفيلم مؤخرا بجائزة رابطة المنتجين لأفضل فيلم لعام 2018، وهي الجائزة هي الرابعة على التوالي.

يعتمد الفيلم على قصة حقيقة حدثت بين شخصيتين ، الدكتور دون شيرلي عازف البيانو الشهير الحاصل على الدكتوراه  وأول عازف من أصول أفريقية يعزف بالأوركسترا الوطنية الأمريكية  ويلعب دوره الممثل الأسمر الموهوب (ماهرشالا على ) الحائز على الأوسكار عن دوره في فيلم (Moon light)  والشخصية الثانية توني ليب سائق الدكتور شيرلي الذي عمل بعد ذلك بالتمثيل وأشتهر بدور رجل عصابات المافيا ويؤدى دوره بأداء ملفت الممثل ( فيجو مورتنيسن) يستمد الفيلم أسمه من كتاب أعده ساعي البريد الأسمر فيكتور هوجو جرين كدليل لسائقي السيارات السمر يحصي فيه المطاعم والفنادق التي يسمح للملونين بدخولها  دون التعرض لمضايقة البيض المتنمرين ضدهم .

وتبدأ القصة حين يغلق الملهى الليلى الذي يعمل به توني ليب أبوابه ويصبح عاطلا وفى أمس الحاجة للمال ليعول أطفاله وزوجته (ليندا كاردنيلي) بينما يبحث الدكتور شارلي عازف البيانو الأسمر عن سائق وحارس شخصي له في رحلته الفنية لولايات الجنوب الأمريكي المتشددة ضد الاقلية السوداء وبعد تحريات وسؤال يكتشف شارلي أن توني هو الشخص المناسب  كي يصحبه في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر .

وتبدأ الرحلة في سرد أحداثها من خلال كم المفارقات الناتجة عن اختلاف الشخصيتين فنحن أمام عازف بيانو مثقف يجيد العديد من اللغات يحيط حياته بسياج من الارستقراطية ويجلس في بيته على كرسي أشبه بعرش النجاشي لكنه يخفى داخله شعور دفين بالاضطهاد والعزلة بسبب لونه الأسمر.

وفي المقابل السائق توني شخصية نمطية من أصول إيطالية مندفع محدود الثقافة لا يعرف شيئا عن اللياقة وذوقيات التعامل لكنه لا يحمل نوازع العنصرية ولا يجد غضاضة في العمل لحساب رجل أسود لكسب المال مع اعتزازه الشديد بنفسه.

في هذا الوضع الذي تبادلت فيه الأدوار والمعاكس للنسق الاجتماعي الأمريكي في الستينات نجد هذا التكوين الذي يلفت الانتباه يجلس شارلي ببشرته السمراء في كرسي السيارة الخلفي مرتديا حلته الأنيقة متأففاً وعلى المقود سائق أبيض يأكل الدجاج المقلي بنهم ويلقي بالعظام خارج النافذة متجهين للجنوب الذي لا يسمح للسود حتى أن يشاركوهم دورات المياه. من تلك المفارقات يغزل السيناريو خيوطه لنجد خطين متوازيين للصراع الأول بين الدكتور شارلي وتوني بما بينهما من اختلافات شخصية وتباين في تقييم الأمور ورؤية الحياة.  

والصراع الثاني بين المجتمع الجنوبي العنصري وهذا الأسمر العبقري الذى لا يسمح له فنه ونبوغه ورقيه في الفكاك من أنياب العنصرية لدرجة أن الوجيه الذى دعاه ليعزف في بيته لا يسمج له بالتبول في مرحاض القصر فيضطر ليعود للفندق في موقف مهين.

ومنظم الحفل لا يسمح له أن يتناول العشاء في الصالة التي يجلس فيها رواد المكان البيض وينصحه بالذهاب لمطعم في نهاية الطريق. لكن شارلي يحافظ على رزانته وثباته أمام تلك التصرفات العنصرية حتى يأتي أهم مشاهد الفيلم الذي يقترب فيه الحوار بين الشخصيتين من جوهر الفيلم وفلسفته.

يوقف شرطي سيارتهم بينما الأمطار تهطل بغزارة ويسأل توني لماذا تسوق لهذا الأسود وعندما يعرف الشرطي أن توني من أصل إيطالي ينعته بأنه من أصل زنجي فيكيل توني له لكمة تتسبب في اعتقالهم وفي المحبس يستنجد الدكتور شارلي  تليفونيا  بروبرت كيندي النائب العام الأمريكي المعروف بمساندته للحركات المدنية المناهضة للعنصرية  والذي يأمر بالإفراج عنهم وعند خروجهم يلوم الدكتور شارلي توني على تصرفه الأرعن بضرب الشرطي.

بينما تونى فرح باتصال بوبي كيندي الذي كفل لهم الحرية لكن الدكتور شارلي يشعر بالحزن لإحراج النائب العام لذنب لم يقترفه في إشارة لرقيه واحساسه بالمسئولية وتقديره لمسلك الأخوين كيندي السياسي والاجتماعي.

يرسم توني على وجه ابتسامه تشي باللامبالاة طالما انه خرج من الحبس هنا ينفعل الدكتور شارلي ويدخلا في حوار حاد مكاشف لما تخبئه الأنفس فشارلي يسمعه الأثرياء كي يشعروا بالثقافة فقط (على حد تعبيره) لكنه حين ينزل من المنصة يعامل كزنجي وضيع لا تشفع له موسيقاه الجميلة وفنه الراقي لينعم بالقليل من المساواة والتقدير وليست هذه أزمته الوحيدة أنه أيضا ليس كبقية الزنوج الذين لا يعرفونه ولا يعيش عيشتهم  .

إذا هو غارق في بحر التيه في رحلة البحث عن الهوية.. معلقا في مساحة رمادية بين الابيض والاسود. أما توني لا يقدر معاناته ويحسده على كسب للمال بعزفه للأثرياء ويخبره أن عالمه أكثر سوادا من عالمه فهو الذي نشأ في الحي الفقير ذا برونكس وشب على الكدح والمكابدة ليطعم أطفاله.

مع هذا المشهد الذي وضع بعناية في البناء الدرامي للفيلم تنفرج زاوية الرؤية ونكتشف أزمة هذا البلد الذى يضع على مدخله تمثال الحرية تتصاعد الاحداث ويكتشف كلا منهما الأخر في تلك الرحلة التي تعري هذا المجتمع المليء بالضغائن والامراض الاجتماعية  وتبدأ الصداقة تتغلغل في قلوبهم شيئا فشيئا وينقذ توني الدكتور شارلي من بعض المآزق التي قد تودي بحياته  وشارلي يساعد توني في كتابه الرسائل الرومانسية لزوجته التي تفتقده  حتى أن توني الذي يبحث عن المال يرفض رشوة من منظم الحفل طالما الأمر يتعلق بكرامة صديقة الذي بدأ يتعاطف معه.  

نجح السيناريو الكلاسيكي المكتوب بحرفية ملفته في السيطرة على خيوط الدراما حتى اخر مشهد ونجح بيتر فارلي الذى اعتاد أن يقدم أفلام  الـlight comedy  في ضبط إيقاع متوازن لم تشذ نعماته طوال مشاهد الفيلم علاوة على العناصر البصرية الذي وضعتنا في أجواء الستينات بكل ملامحها والموسيقي وشريط الصوت الدافئ المطعم بأغاني الستينات  .    أما أداء فيجو مورتنيسن  وماهرشالا على - السهل الممتنع كان أهم مقومات نجاح الفيلم والذي أعتقد أن الأوسكار سيكون من نصيب أحدهم . لم يكن فيلم "الكتاب الأخضر" مجرد فيلم عن قضية العنصرية  بل أنه رحلة العثور على الانسانية في القلوب واكتشاف الأخر  ودليل مرئي على أن المحبة والصداقة ليس لهم لون أو عرق.

عين على السينما في

01.02.2019

 
 
 
 
 

"أم المعارك" على أوسكار أفضل ممثل رئيسي

العين الإخبارية - ماهر منصور

على الرغم من أن قائمة المرشحين لأوسكار أفضل ممثل بدور رئيسي في عام 2018 تضم 5 أسماء، فإن التوقعات تكاد تنحصر في نجم فيلم "Bohemian Rhapsody" رامي مالك، وبطل فيلم "Vice" كريستان بيل، من دون أن يعني ذلك أن الاثنين لن يلقيا منافسة من الثلاثة الآخرين، ولا سيما أن في جعبة كل منهم رصيداً فنياً كبيراً في الأوسكار، فترشيح برادلي كوبر نجم فيلم "A Star Is Born" هو الخامس في تاريخ جوائز أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، ويحضر ويليم ديفو عن دوره في "At Eternity's Gate" للمرة الرابعة في قوائم ترشيحات الأوسكار، فيما يسجل فيجو مورتينسن بطل فيلم "Green Book" حضوره المنافس على الأوسكار للمرة الثالثة

إلا أن "أم المعارك"، إن صح التعبير، للظفر بأوسكار أفضل ممثل بدور رئيسي ستبقى محصورة بين رامي مالك وكريستان بيل مع ترجيح كفة هذا الأخير، إذ يجسد الاثنان معنى أن يكون التمثيل مهنة أساسها الشغف، وكيف يكون رسم الشخصية عملاً شاقاً وممتعاً في الآن نفسه، ولا سيما حين تكون الشخصية حقيقية، يتطلب تجسيدها مقاربتها على المستويين الشكلي والنفسي، وبالتالي لا يكفي الممثل وقتها القراءة الدراماتورجية ليفهم دوره ويمثله، وإنما عليه أن يحيل قراءته تلك إلى سحر في الحضور، وغنى في إبداع الشخصية، وتعدد في أبعادها.

هذا ما فعله رامي مالك حين جسد شخصية المغني الإنجليزي فريدي ميركوري الذي قضى بسبب مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وكريستان بيل في مقاربته لشخصية ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، إذ اختار الاثنان الاشتغال على شكل الشخصية الحقيقة التي يؤديها كل منهما.

بالنسبة لنجم "الملحمة البوهيمية " فقد وضع شعراً مستعاراً واستعان بالمكياج لتركيب أنف اصطناعي وأسنان، كما تعلم عزف البيانو والغناء وتلقى دروساً في الأداء الحركي للشخصية ليقدمها على نحو عفوي، كما تلقى تدريبات على مخرج الحروف واللهجة كما ينطقها فريدي ميركوري.

أما كريستان بيل فقد دخل في تحد خاص لتجاوز فارق العمر بينه (45 عاماً) وبين النائب تشيني (78 عاماً) وهو ما تطلب منه زيادة وزنه على نحو كبير وبشكل مبهر لا يصدق، كما صبغ حاجبيه باللون الأبيض، وقام بحلاقة شعر رأسه، إضافة إلى خضوعه لنحو خمس ساعات من المكياج اليومي ليقارب شخصية تشيني، وعلى صعيد لغة الجسد تقمص كريستان حركات النائب الأمريكي بشكل كبير ولا سيما في التعبير عن حالته النفسية، وكان واضحاً حرصه على تقمص التفاصيل الصغيرة جداً في الرجل، ومنها على سبيل المثال طريقة تنفسه.

ومع حرص النجمين على هذه المقاربة الشكلية الدقيقة في المظهر والسلوك، بدا الاثنان مهددين بالوقوع في فخ التقليد الذي يواجه عادة أولئك الذين يجسدون الشخصيات الحقيقة، ولكن سرعان ما طفا على السطح اشتغالهما على العوالم الداخلية لشخصيتهما ولا سيما النفسية لتقديم مقترحهما الدرامي الخاص، وقد أبديا شغفا في تجسيدهما كل وفق فهمه لفن الممثل ووعيه للشخصية التي يجسدها.

اعتمد رامي مالك تقنية أداء معروفة لدراسي فنون التمثيل هي "لو" الساحرة، كما يسميها أستاذ الأداء التمثيلي الروسي العالمي قسطنطين ستانسلافسكي، التي كانت كفيلة بأن تجعله يلتقط حقيقة "كيف سوف يشعر"، لو أنه كان فريدي ميركوري بالفعل، وعن ذلك يقول نجم "الملحمة البوهيمية": "كان علي أن أكون فريدي بشكل تلقائي قدر المستطاع. حتى إنني، في أي لحظة، سواء كان مشهداً مستقلاً أو حفلة موسيقية، شعرت كما لو أنه كان موجوداً في جسدي".

بالمقابل عكس أداء كريستان بيل تفهمه لطبيعة شخصية ديك تشيني غير النمطية، بدوافعها وسلوكها، لذلك عمد إلى محاكاة جوهرها أكثر من مظهرها، عبر هارموني منسجم بين أداء من الداخل وآخر من الخارج، للتعبير عن مشاعر وانفعالات الشخصية، وتلك كانت مهمة صعبة، وفق ما يوحي كريستان بيل بكلامه حين قال إنه استعان بالشيطان للخروج بالشكل التمثيلي الذي قدمه لديك تشيني في الفيلم.

في النتيجة نجح الاثنان في تجسيد شخصيتهما بشكل مذهل، فاعتبر النقاد أداء رامي مالك هو الأكثر روعة في فيلم "الملحمة البوهيمية"، فيما قالوا عن كريستان أن الذين لن يحبون الفيلم سيقرون على الأقل بأن أداء بيل أمر استثنائي.

ووفق هذه القاعدة كان دخول الاثنين دائرة المنافسة على الجوائز مسألة معقدة، ولا سيما عندما يتطلب الأمر التوقع أي منهما سينال اللقب الأغلى، أوسكار أفضل ممثل لدور رئيسي.

كانت جوائز غولدن غلوب حسمت المسألة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، حيث نال رامي مالك جائزة أفضل ممثل رئيسي عن فئة الأفلام الدرامية، ونال بيل الجائزة ذاتها عن فئة الأفلام الكوميدية، وسرعان ما قلب رامي التوقعات متفوقاً على منافسيه المرشحين لنيل أوسكار أفضل ممثل، كريستان بيل وبرادلي كوبر وفيغو مورتنسن، حين منحته نقابة الممثلين في الولايات المتحدة الأمريكية "Screen Actors Guild Award"جائزة أفضل ممثل، وهي الجائزة التي عادة ما تعد المؤشر الأقوى لصاحب أوسكار أفضل ممثل، كون الممثلون يشكلون أكبر كتلة تصويت في الأكاديمية، لكن ذلك لا يعني أن الجائزة باتت في جيب رامي مالك، بل حتى الساعة ما زلت مؤمناً أن كريستان بيل هو صاحب الحظ الأوفر بنيل أوسكار أفضل ممثل رئيسي، حتى لو كان ذلك بنسبة ضئيلة أمام منافسه رامي، فقد امتاز عمل كريستان بجنون إبداعي وتفان وبجهد تمثيلي خارق، ولعل هذا الجنون ما يجعله يتفوق على رامي مالك ويتجاوزه لينال الأوسكار الثاني في مشواره الفني.

بوابة العين الإماراتية في

01.02.2019

 
 
 
 
 

صباح الفن

روما

انتصار دردير

يبقي الفيلم المكسيكي الناطق بالأسبانية »روما» للمخرج الفونسوكوارون هو الأقرب لاقتناص جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، برغم تميز وجدارة الأفلام الأربعة الأخري »حرب باردة - بولندا، سارقو المتاجر - اليابان، كفر ناحوم - لبنان، لاتنظر بعيدا - ألمانيا»، فكل منها يستحق الفوز لكن لابد أن تذهب الجائزة في النهاية لفيلم واحد، وربما كان فوز »روما» بجائزة الجولدن جلوب كأفضل فيلم أجنبي مايعضد فوزه بالأوسكار، لكن بعيدا عن الجوائز سواء التي حصل عليها عند عرضه الأول في فينسيا »اقتنص الأسد الذهبي» أو ماحققه في مهرجاني نيويورك وتورنتو، فانه يبقي لهذا الفيلم حالة السحر الخاصة التي تغلف مشاهده وتصافح وجوه أبطاله، وفي تقنية »الأبيض وأسود» التي اختارها كوارون مايجعلك مشدودا الي الشاشة وأنت تتابع هذه الأجواء الحميمية برغم كل الانكسارات. انه فيلم يستدعي الماضي والذكريات والحنين، اذ يستعيد المخرج طفولته في ضاحية روما بالمكسيك سبعينيات القرن الماضي حيث الاضطرابات السياسية ومظاهرات الطلبة ومذبحة »كوربوس كريستي»، لكن المخرج يأتي بكل هذه الأحداث في خلفية الفكرة ويضع الخادمة أو المربية »كليو» في بؤرة الحدث راصدا أدق انفعلاتها ودورها الحيوي الذي تؤديه بحب للأطفال وكيف تقوم علي خدمتهم بدءا من التنظيف واعداد الطعام وايقاظهم للمدرسة ومصاحبتهم خلال الامسيات التي تجتمع فيها الأسرة لمشاهدة التليفزيون ومرافقتهم في أجازاتهم حتي أنها تكاد تضحي بنفسها لانقاذهم من الغرق، بينما تختفي شخصية المخرج فلا تجد له مشهدا يكشف شخصيته بل هو واحد من أربعة أطفال ليفسح المجال لبطلته أو لنقل لبطلتيه، الأم صوفيا والخادمة كليو، وكأنه أراد أن يصنع فيلما للنساء، اذ تتقاطع أزمة المرأتين حين ينسحب رب العائلة المحاط بحب زوجته ودفء أسرته بعدما وقع في غرام أخري، بينما الخادمة التي منحت نفسها لمن تحب تفاجأ به يتخلي عنها ويختفي فتطارده ويهددها. تبدو هزيمة المرأتين برغم الفوارق الطبقية واحدة، فكل منهما تشعر بخيبة أمل تجاه الرجل لكن هذه الخيبات تتواري أمام استمرار حياتهما وسط صخب الأطفال وانطلاقهم .
لايكتفي كوارون في هذا الفيلم بالاخراج بل أنه أيضا كتب الفيلم وقام بتصويره ومونتاجه ليهديه الي مربيته الحقيقية، الفونسو كوارون الذي حصل علي أوسكار أفضل اخراج ومونتاج عن فيلمه »جاذبية عام 2013» هل يحصل عليها في النسخة الـ٩١ كصاحب أفضل فيلم أجنبي
.

أخبار اليوم المصرية في

02.02.2019

 
 
 
 
 

مهرجان روتردام.. وجود عربي مؤثر وجائزة لـ«كفر ناحوم»

احتل الشرق الأقصى وأوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية نسبة ملحوظة فى اختيارات المسابقة الرسمية الطويلة هذا العام، والتى يصل مجموع جائزتيها إلى 50000 يورو

تحرير:روتردام- محمد عاطف

الوجود العربى فى الدورة 48 لمهرجان روتردام السينمائى الدولى ليس كبيرا من حيث الحجم لكنه جاء مؤثرًا بشكل ملحوظ، إذ حظى الفيلم اللبنانى (كفر ناحوم) إخراج نادين لبكى بإعجاب كبير، واستطاع الفيلم أن يحصل على جائزة الجمهور، بعد أن أعلنت الأفلام الفائزة اليوم، وحصل على جائزة لجنة تحكيم الشباب الفيلم الإيطالي «سعيد مثل لازارو»، وجائزة الفيبريسي فيلم «نهاية موسم» من أذربيجان إخراج إلمار إيمانوف، وجائزة النمر للفيلم الصيني «المضارع التام» إخراج زو سينزي، وجائزة الإنجاز الفني الاستثنائي لفيلم «خذني إلى مكان جميل» إنتاج البوسنة والهرسك مع هولندا.

وكان مهرجان روتردام السينمائى الدولى بهولندا (23 يناير – 2 فبراير 2019) قد افتتح دورته 48 بالفيلم المثير للجدل (إله قذر) إخراج ساشا بولاك، وهو إنتاج مشترك هولندى بريطانى بلجيكى أيرلندى، ويروى قصة سيدة تعافت من تشوه كان قد أصاب وجهها وجسدها بسبب حمض حارق، لكن ذلك التعافى الجسدى لم يستتبع بالضرورة التعافى النفسى والاجتماعى من أثر الحادثة.

ولفت الفيلم الصينى (المضارع التام) إخراج «زو سينزى» الأنظار، إذ يعد الفيلم الأول من نوعه المصنوع بالكامل من خلال تجميع مخرجته لمواد فيديو قام بتحميلها الشباب الصينيون من مدوني الفيديو في الصين على مختلف الشبكات. وصلت المادة التى استخدمتها المخرجة إلى 800 ساعة اختصرتها إلى 124 دقيقة قدمت من خلالها صورة موجزة وجامعة عن جيل كامل، مما جعل الفيلم سياسيا بالدرجة الأولى، لا سيما مع الرقابة المشددة التي تقوم بها السلطات الصينية على مستخدمى الإنترنت، ونافس فى المسابقة الرسمية الطويلة أيضا الفيلم البرازيلى (فى قلب العالم) إخراج الأخوين جابرييل مارتينز وموريليو مارتينز، ويناقش مشكلات الشباب من سكان الأحياء المهمشة، وتظهر في الخلفية حالة عدم الاستقرار السياسى التى تمر بها البرازيل.

وفى مسابقة (مستقبل مشرق) التى تمنح 10000 يورو إلى المخرج الفائز تخصص كمنحة تطوير إلى مشروعه القادم فقد ضمت الفيلم السورى (يوم أضعت ظلي) للمخرجة سؤدد كعدان، وتحظى المخرجة باحتفاء خاص فى دورة المهرجان لهذا العام بسبب النجاح الكبير الذي أحرزه الفيلم عند عرضه العالمي الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي، وأثار الفيلم الجزائرى (رياح ربانى) إخراج مرزاق علواش إعجاب الجمهور لمناقشته موضوع الإرهاب، فضلًا عن الأداء المتميز لبطلة الفيلم سارة لايساك التي لعبت دور الشخصية المسيطرة على مجريات الصراع في الفيلم. جاء أيضًا الدور النسائى الذى قامت به مها عليمي في الفيلم المغربي (صوفيا) إخراج مريم بن مبارك، رغم أنها أصغر شخصيات الفيلم سنا. أما فيلم (تل أبيب على نار) للمخرج الفلسطيني سامح زعبي فكان الفيلم الأكثر كوميدية بين أفلام المهرجان، إذ مثل بطل الفيلم قيس ناشف الواقع الفلسطيني المحاط بضغوط ومزايدات من كل الاتجاهات على جميع خياراته. حصل المخرج سامح زعبى على تمويل إسرائيلي للفيلم، كما اشترك ممثل إسرائيلي في البطولة، مما أثار جدلًا كبيرًا حول هوية الفيلم، ومدى إمكانية عرض الفيلم في أي بلد عربي.

يحتوى مهرجان روتردام السينمائى الدولي على واحدة من أكبر وأهم المنصات الاحترافية الخاصة بالصناعة على مستوى المهرجانات الدولية، من خلال (صندوق هربرت بالز) و(سينيمارت)، وقد اشتعلت (أيام روتردام الاحترافية) IFFR Pro Days بمختلف الأنشطة والفعاليات بين محاضرات سينمائية، ولقاءات بين صناع الأفلام والمانحين، وندوات احترافية، حصلت فعالية (صناع أفلام فى خطر) على اهتمام كبير من حضور المهرجان، رغم اقتصار المشاركة فيها على عدد محدود من المدعوين. إذ ناقش الحضور الأخطار التى يتعرض لها صناع الأفلام حول العالم هذه الأيام، وبخاصة صناع الأفلام التسجيلية، وحجم ما يتعرضون له من مخاطر تهدد حياتهم وأمنهم الشخصي، وما ينبغى أن يقوم به جميع أطراف الصناعة لوضع حلول لتلك المشكلة

ويدير المهرجان فريق ضخم على قمته مدير المهرجان بييرو بير الذي تقلد منصبه مؤخرًا، بعد خبرة امتدت لسنوات طويلة من العمل الجاد داخل أروقة المهرجان، بدأها كسائق متطوع قبل 25 عاما، حتى تقلد قمة هيكله الفنى، وذلك بالتوازى مع عمله كمنتج ومستشار لصندوق هولندا السينمائى، الذي يعد واحدا من أهم الجهات الإنتاجية فى العالم.

التحرير المصرية في

02.02.2019

 
 
 
 
 

بعد ترشحه لـ10 جوائز أوسكار.. فيلم "روما" ينعش السياحة في المكسيك

وكالة الأنباء الفرنسية AFP

أفضى النجاح الباهر لفيلم "روما"، أبرز أعمال المخرج السينمائي المكسيكي ألفونسو كوارون، إلى توافد محبي الفن السابع إلى موقع تصويره في أحد أحياء مكسيكو، حيث عاش كوارون حتى مطلع شبابه في هذا الحي الهانئ جنوب منطقة تعرف باسم روما تقيم فيها الطبقة الوسطى.

وبعد شهر تقريبا من بدء عرض الفيلم في الصالات وترشيحه لـ10 جوائز "أوسكار"، في سابقة لعمل مكسيكي، راحت شوارع الحي تشهد إقبالا غير مسبوق.

ويصادف السكان في حيهم عشرات الزوار والصحفيين الذين يلتقطون الصور أمام المنزل رقم 22 من شارع تيبيخي حيث صور الجزء الأكبر من هذا الفيلم بالأبيض والأسود.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وضعت لوحة معدنية على واجهة هذا المنزل كُتب عليها "هنا صور فيلم روما".

ويقول إستيبان ألفاريز، وهو موسيقي من كوستاريكا في السابعة والعشرين من العمر يزور للمرة الثانية العاصمة المكسيكية: "أحببنا الفيلم كثيرا وقررنا المجيء لرؤية المنزل"، وهو يحاول مع شريكته التعرف على المواقع التي تظهر في هذا الفيلم الذي يروي فيه كوارون تفاصيل من حياته الخاصة.

ولم يسكن كوارون صاحب فيلم "جرافيتي" في المنزل رقم 22 من شارع تيبيخي، لكن في البيت المقابل رقم 21 الذي يتمتع بالتصميم الهندسي عينه العائد للثلاثينيات.

غير أن التعديلات الهندسية التي أجراها أصحاب العقار الجدد على البيت الذي ترعرع فيه المخرج دفعت هذا الأخير إلى اختيار منزل مجاور.

وتعمل باولينا كروز (37 عاما) خادمة منزلية في الدارة السابقة لكوارون، وتقول، وهي تصطحب الكلب في نزهة: "أنا الحاضنة".

وصحيح أن باولينا لا تشبه بأسلوب لبسها المعاصر شخصية كليو العاملة المنزلية في "روما"، غير أنها تؤكد أن القصة أثرت فيها، وتقول: "سعدت بأنهم ركزوا على العاملات المنزليات".

وتابعت: "كما يظهر في الفيلم، نتعلق فعلا بالعائلة، خصوصا الأطفال، ونصبح جزءا منها"، وهي تدرك الفرصة المتاحة لها بالعيش في منزل سكن فيه أحد المشاهير، وتقر "إنه أمر رائع".

وقد فتحت صاحبة المنزل المقابل حيث جرى التصوير دارتها لطاقم الإنتاج خلال عدة أشهر بين 2016 و2017، وتتذكر جلوريا مونريال كيف كان التصوير بمثابة "حفلة".

ولا تخفي سعادتها الكبيرة بفتح أبواب دارها لمن يقرعونه لالتقاط صور تذكارية، وخصصت كتابا مفتوحا للزوار يتركون على صفحاته خواطرهم ستقدمه إلى كوارون.

وكانت جلوريا، التي تحرص على عدم الكشف عن سنها، تذهب إلى الحضانة في الحي مع كوارون، وقد تعلما فيها القراءة والكتابة.

وخلال التصوير، أخبر كوارون فيكتوريا بانتوخا المدرسة وحفيدة مؤسسة دار الحضانة هذه "أحن كثيرا إلى هذه المدرسة وحرصت على إدراجها في فيلمي".

بوابة العين الإماراتية في

02.02.2019

 
 
 
 
 

على بعد خطوة من الأوسكار.. ألفونسو كوارون أفضل مخرج في DGA

العين الإخبارية - ماهر منصور

فاز المخرج ألفونسو كوارون بجائزة أبرز إنجاز إخراجي في فئة الأفلام الروائية الطويلة لعام 2018 عن فيلمه "روما" (Roma) ضمن جوائز نقابة المخرجين الأمريكية السنوية الحادية والسبعين (DGA) التي أعلن عنها قبل قليل في لوس أنجلوس

وترشح ألفونسو كوارون للفوز بالجائزة ضمن قائمة ضمت إلى جانبه كلا من برادلي كوبر (A Star is Born) وبيتر فارلي (Green Book) وسبايك لي (BlacKkKlansman) وآدم مكاي (Vice)، وبتفوقه على المخرجين الأربعة، بات كوارون الأقرب إلى الفوز بجائزة أوسكار أفضل مخرج في 2018، حيث سبق وفاز تسعة من أصل عشرة مخرجين ممن نالوا جائزة( DGA) في السنوات العشر الأخيرة بجائزة الأوسكار لأفضل مخرج

فوز ألفونسو كوارون بجائزة أفضل مخرج في DGA هو الثاني لمخرج فيلم بلغة أجنبية في تاريخ الجائزة بعد أن فاز المخرج التايواني "أنج لي" بالجائزة ذاتها في عام 2000 عن فيلمه النمر الرابض والتنين الخفي (Crouching Tiger, Hidden Dragon) الذي قدم باللغة الصينية، كما حاز هذا الأخير أيضاً على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في عام 2001، وهي الجائزة التي باتت تقريباً بين يدي ألفونسو كوارون بانتظار إعلانها الرسمي في 24 فبراير الحالي

وبمقدار ما يمنح فوز ألفونسو كوارون الجديد ثقة أكبر لمنتج فيلمه "نيتفلكس"ويحسم الجدل الدائر حول مشروعية منافسة أفلام منصات خدمة تقديم الترفيه عبر الإنترنيت في المهرجانات، يكرس فوز ألفونسو كوارون عصراً ذهبياً للمخرجين السينمائيين المكسيكيين في هوليوود، إذ يأتي تتويجه بفوزه بجائزة أفضل مخرج في DGA بعد نحو 21 جائزة سينمائية كبرى نالها فيلمه مع عشرة ترشيحات للأوسكار، حصل من بينها كمخرج على جائزة غولدن غلوب لأفضل مخرج، وجائزة اختيار النقاد للأفلام لأفضل مخرج وجائزة ستالايت لأفضل مخرج

يذكر أن فوز ألفونسو كوارون بجائزة أفضل مخرج في DGA جاءت باختيار أكثر من 15 ألف مخرج وعضو في فريق الإخراج يعملون في السينما والتلفزيون والإعلانات التجارية ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من وسائل الإعلام السمعية والبصرية، وتمنح جوائز DGA تمنح لأبرز المخرجين من المخضرمين والمبتدئين العاملين في الأفلام الوثائقية والسينمائية والمسلسلات التلفزيونية، وبرامج الأطفال.

####

جوائز جويا الإسبانية تكافئ فيلم "روما"

العين الإخبارية

اختير الفيلم المكسيكي "روما" من إخراج ألفونسو كوارن أفضل فيلم أمريكي لاتيني خلال حفل توزيع جوائز جويا السينمائية الإسبانية في إشبيلية في جنوب إسبانيا.

وسبق لهذا الفيلم المصور بالأبيض والأسود أن فاز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية وجائزتي جولدن جلوب وأربع مكافآت في حفل النقاد في الولايات المتحدة

وهو مرشح في 10 فئات في الحفل الحادي والتسعين لجوائز الأوسكار في 24 شباط/فبراير الجاري في هوليوود.

ونال جائزة أفضل فيلم في حفل جويا للعام 2019 فيلم "كامبيونيس" للمخرج خافيير فيسير الذي لاقى أكبر نجاح في صالات السينما الإسبانية العام الماضي.

وكانت جائزة أفضل إخراج من نصيب رودريجو سوروجويين عن فيلم "إل رينو" فيما حاز أنطونيو دي لا توري جائزة أفضل ممثل في الفيلم نفسه.

ونالت سوسي سانشيث جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "لا إنفيرميداد ديل دومينجو".

بوابة العين الإماراتية في

03.02.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2019)