أيام قرطاج
..أفلام
تنتصر لقضايا المرأة والمهمشين.. وتواجه الإرهاب
رسالة تونس محمود موسى
جمهور تونس البطل الحقيقي.. والعاصمة تتنفس الفن
وإشادات بـ «يوم الدين»
يدرك المسئولون فى تونس أهمية أن يتم افتتاح
فاعليات مهرجان أيام قرطاج السينمائى فى موعدها وبكامل أناقتها رغم
محاولة البعض إفساد أى تقدم وإنجازات بالتفخيخ الفكرى أو الجسدى،
وتأتى الدورة الـ 29 لأيام قرطاج هذه السنة عقب الحادث الإرهابى
الذى تم تجاوزه، وانطلقت أيام المهرجان مساء السبت، وأقيم الافتتاح
لأول مرة فى مدينة الثقافة وسط حضور رسمى وفنى كبير، وتقدم الحضور
رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس مجلس الشعب محمد الناصر ووزير
الثقافة محمد زين العابدين وعدد من الوزراء والسياسيين والسفراء
العرب والأجانب.
ذلك إضافة إلى حشد من النجوم المصريين والعرب من
بينهم: ليلى علوي، وأيمن زيدان، وفتحى عبد الوهاب، ومن نجوم تونس
عائشة بن أحمد وسميرة مقرون.
حضور رئيس الحكومة التونسية حفل الافتتاح حمل رسالة
قوية هى أن الدولة عازمة على السير للأمام وان أى محاولة لجر
البلاد لعنف ستواجه بكل قوة.
وأكد الشاهد ـ فى تصريحات إعلامية ـ أن الدولة وفرت
جميع الإمكانات لإنجاح هذه الدورة.
وأشار إلى الدور الكبير الذى تؤديه الفنون فى
مواجهة جماعات الإرهاب والتطرف. وبانتصار الثقافة يتراجع العنف
والإرهاب لأن التصدى لهذه الظواهر لا يقتصر على المعالجة الأمنية
والعسكرية.
وأكد أن رسالة الدورة الحالية لأيام قرطاج
السينمائية تأتى بعنوان «الثقافة تنتصر».
رئيس المهرجان نجيب عياد أشاد بضيوف المهرجان من
الخارج الذين أكدوا دعمهم ومساندتهم تونس، عقب التفجير الإرهابى
الذى وقع قبل ايام بالعاصمة تونس. وقال إن ضيوف المهرجان من
الخارج، لم يعتذر منهم احد عن عدم الحضور رغم العملية الإرهابية.
الدعم الذى يلاقيه مهرجان قرطاج من الداخل والخارج
يستحقه لأنه المهرجان الاقدم فى إفريقيا، فقد بلغ عمره هذه السنة
52 عاما منذ انطلاقته عام 1966 كما انه يعد واحدا من المهرجانات،
راسخة الهوية والتوجه فهو مهرجان عربى إفريقى.
كما يتميز المهرجان باختيار أفلام تحمل خصوصية
وتفردا بعيدا عن الدخول فى سباق العرض العالمى الاول وخلافه من
التنافس بين المهرجانات ويتأكد ذلك من معرفة نوعية الافلام التى
عرضت فى أيام المهرجان.
فكان الافتتاح بفيلم «بلا موطن» للمخرجة المغربية
نرجس النجار الذى يتناول واحدة من القضايا الشائكة والمسكوت عنها،
وهى قضية آلاف من العلائلات المغربية الذين تم طردهم من الجزائر
سنة 1975 وذلك من خلال قصة «هنية» تلك الفتاة بلا موطن، وتحاول
جاهدة العيش بين عائلتها المشتتة على الحدود والممزقة بين وطنين
منذ سنة 1975 ولم تفوت المخرجة نرجس النجار ان تقدم فيلما عن ازمات
ليس مئات آلاف فقط وانما تطرقت من خلال فيلمها الى مواصلة الدفاع
عن قضايا وهموم تمس كرامة وكبرياء وأنوثة المرأة فى مواجهة عالم
ذكوري.
وكان العرض العالمى الأول لفيلم نرجس النجار فى
مهرجان برلين السينمائى فى دورته الماضية 68 ، ويعد فيلم «بلا موطن
» اول فيلم مغربى يعكس أزمة الحدود بين المغرب والجزائر.
وإلى أفلام المسابقة الروائية التى انطلقت الاحد
الماضى وكان اول ما استقبله الجمهور التونسى الذى ملأ قاعات
السينما الفيلم المصرى القصير «بين صيف وشتاء» وهو اول اعمال
المخرج شادى فؤاد وبطولة سيمون وحمزة العيلى، وفى اثناء تقديمه
الفيلم زعم المخرج ان فيلمه لم يتكلف سوى 600 دولار اى نحو عشرة
آلاف جنيه مصرى وهو ما يشير الى نجاح الجيل الجديد فى الوصول لطرق
انتاج جديدة يستطيعون ان يحققوا من خلالها ما يطمحون إليه من افلام.
ورغم فرحة الوفد المصرى بأن تكون انطلاقة المسابقة
بافلام مصرية فقد ازعجهم انطباع الجمهور عن الفيلم الذى وصف بأنه
ليس قليل التكاليف فقط وانما قليل الفكر والفكرة، فالفيلم تدور
احداثه عن سلوى التى تصل الى القاهرة قادمة من الإسكندرية لتخليص
إجراءات، فتقرر أن تزور أخاها الأصغر حسن الذى فارقته هى وأمها منذ
الصغر عندما انفصل أبواهما، إذ يعيش كل منهما بمفرده بعد وفاة
أبويهما، وتتصل سلوى بأصدقائها القدامى لمقابلتهم فتقضى اليوم مع
حسن ببيت أبيها ويتعاملان بفتور حتى يكتشف كل منهما الآخر
ومعاناتهما مع الحياة والوحدة والفشل والنجاح.
وجاء الفيلم المغربى «صوفيا» المشارك فى مسابقة
الافلام الروائية الطويلة ليغوص بجرأة كبيرة فى واحدة من القضايا
التى يبدو أنها تسبب أرقا شديدا فى المجتمع المغربى وهى قضية اطفال
بلا نسب، وكتب على تترات الفيلم فى المقدمة نص مادة من القانون
الجنائى المغربى، تفيد بأن كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط
بينهما علاقة زوجية هى جريمة فساد يعاقب عليها بالحبس من شهر إلى
سنة واحدة.
وتتناول احداث الفيلم قصة حقيقية لفتاة تعيش بحى
فقير فى مدينة الدار البيضاء، وتحمل جنينا نتيجة علاقة جنسية خارج
إطار الزواج، حيث عانت لدى محاولة إدخالها للولادة فى اى مستشفى
وكان الرفض الدائم لذلك مادامت لا تحمل أوارق زواج، وفى النهاية
نجحت فى ولادتها عن طريق صديقها ثم سعت بعد ذلك فى البحث عن أبى
المولود لكى يتم الاعتراف به وتسجيله بطريقة قانونية مهما تكن
العواقب والنظرة الاجتماعية لكن تم توريط احد الاشخاص والافتراء
عليه وتورطه للاعتراف بنسب المولود ظلما.
وقد أثار فيلم صوفيا الجدل عند عرضه فى المغرب
واتهمته ناشطات فى مجال الدفاع عن حقوق المرأة بأنه «مسىء للأمهات
العازبات» و لا يعكس نظرة المجتمع السلبية لهن كما ان الفيلم لا
يخدم قضية «الأم العازبة فى المغرب».
واستقبل الجمهور بحفاوة كبيرة مساء الإثنين الفيلم
التونسى «فتوى» للمخرج محمود بن محمود الذى يناقش التطرف الدينى فى
تونس وتدور أحداثه حول إبراهيم الناظور، العائد من فرنسا لحضور
جنازة ابنه مروان، الذى لقى مصرعه فى حادث دراجة نارية. فيكتشف أن
ابنه كان ينشط فى خلية متشددة، وهى حقيقة تدفعه للبحث وراءها.
كان الجمهور فى تونس فى شغف وترقب لعرض الفيلم
المصرى «يوم الدين» للمخرج أبو بكر شوقى الذى شارك فى المسابقة
الرسمية لمهرجان كان السينمائى وحاز على جائزة من مهرجان الجونة
إضافة إلى اختياره لتمثيل مصر فى الأوسكار وقوبل بعاصفة التصفيق
والإشادة الكبيرين لما يحمله من رسائل انسانية تنتصر للمهمشين.
ويتناول «يوم الدين» جوانب من حياة «بشاى» الذى
يقرر بعد وفاة زوجته مغادرة «مستعمرة» للمصابين بالجذام وينطلق مع
حماره رفقة صديقه «النوبى» الشهير بـ«أوباما» فى رحلة فى أنحاء مصر
بحثا عن عائلته.
ويعود لأيام قرطاج السينمائية هذا العام المخرج
الجزائرى مرزاق علواش بفيلم «ريح ربانى» ويدخل من خلاله أعماق
الحياة النفسية المضطربة لأمين، الشاب الذى كان قبل لقاء الجهادية
«نور» يقضى وقته فى قراءة القرآن والصلاة فتحوله هذه العلاقة مع
نور من مشروع «جهادى» إلى عاشق يختار الموت حبا فى «نور» لا دفاعا
عن أفكار إخوانه الجهاديين.
وعرض أمس الثلاثاء الفيلم التونسى «فى عينيا»
للمخرج نجيب بالقاضى الذى يقدم فيلما انسانيا عن حياة لطفى المقيم
فى مارسيليا لكنه يضطر للعودة إلى تونس حتى يعتنى بابنه الذى يعانى
من التوحد، وهى حكاية رجل فقد الروابط، ويسعى لترميمها فى رواية
اجتماعية إنسانية.
وعرض الفيلم العراقى «يارا» الذى كان الفيلم العربى
الوحيد فى المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو السينمائى وهو من
إخراج عباس فاضل، وسبق له التنافس على جوائز التانيت وذلك بفيلمى
«العودة إلى بابل» سنة 2002، و«نحن العراقيون».
ويعرض اليوم الاربعاء فيلم المخرج التونسى محمد بن
عطية «ولدى» ويتناول فيه التطرف الدينى ومعاناة الوالدين بعد أن
يتم غسل دماغ ابنهما ويخسران رمز المستقبل بالنسبة إليهما للأبد.
وللمرة الرابعة يعود جود سعيد لأيام قرطاج السينمائية إذ يقدم
المخرج السورى فيلم «مسافرو الحرب» فى عرضه العالمى الأول.
الفيلم يتناول قصة «بهاء» الذى يتقاعد ويخطط للرحيل
من حلب الممزقة بالحرب وخلال الرحلة إلى قريته مع مسافرين آخرين،
تدفعهم الاشتباكات إلى التعديل فى خط الرحلة ويجد نفسه عالقا مع
مجموعة من الشخصيات الغريبة الأطوار لكنهم يحاولون معا إعادة
الحياة إلى قرية مدمرة وجدوا فيها ملاذهم بانتظار نهاية المعارك
فهل ستنتهى ويتنصر بهاء على «الحرب»؟
ويعرض غدا الخميس فيلم «لعزيزة» للمخرج محسن البصرى.
وتشارك مصر بخمسة أفلام منها أربعة أفلام فى
مسابقات المهرجان ففى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة يشارك «يوم
الدين» للمخرج أبو بكر شوقي، وفى مسابقة الأفلام الروائية القصيرة
فيلم «بين صيف وشتا» للمخرج شادى فؤاد ، وفى مسابقة الأفلام
الوثائقية الطويلة فيلما «أمل» للمخرج محمد صيام و«تأتون من بعيد»
للمخرجة امل رمسيس إضافة الى فيلم «الفن شارعنا» للمخرجة والممثلة
نفرتارى جمال الذى يشارك فى قسم «السينما الواعدة». |