النجمة الهوليوودية
غلين كلوز في الفيلم الجديد «الزوجة»:
هل تستحقُ أوسكارا عن
دورِها هذهِ المرة؟
لوس أنجليس – «القدس العربي» :
ينطلق هذا الأيام في دور السينما فيلم «الزوجة»،
الذي تؤدي فيه النجمة الهوليوودية غلين كلوز دورَ جوان، زوجة كاتبٍ
شهيرٍ يُدعى دان كاسيلمان، يجسدُ دورَه البريطانيُ جوناثان برايس.
وتدورُ احداثُ الفيلمِ في تسعينياتِ القرنِ الماضي، عندما يفوزُ
كاسيلمان بجائزةِ نوبل في الآداب، وفي اواخر الخمسينيات في بداية
علاقتها الرومانسية التي أدت الى زواجهما.
في البداية تبدو علاقةُ جوان مع زوجِها حميمةً
ومفعمةً بالمحبةِ والسعادة. لكن تدريجيا نكتشفُ أن وراءَ هذا
الغطاءِ المزخرفِ كانت علاقتُهما ملغمةَ بالمرارةِ والاستياءِ منذُ
أن تزوجا قبلَ أربعينَ عامًا، بسبب سرٍ، يسفرُ لاحقَا عن عواقبَ
وخيمةٍ.
الفيلم مقتبس عن كتاب «الزوجة» من المؤلفة جين
اندرسون وما يميزه هو أنه خلافا للأعمالِ الدراميةِ السائدةِ، التي
تقومُ على فكرةِ الصراعِ بين بطلٍ طيبٍ وخصمٍ شرير، تتسم
الشخصيتانِ الرئيستانِ فيه بأخلاقياتٍ حسنةٍ وسيئةٍ في آنٍ واحد،
مما يجعلُ التماهيَ معَ كلٍ منهما يتغيرُ من مشهدٍ لآخر أو يختلفُ
باختلافِ المتلقي. وفي حديث مع غلين، اعترفت أن التباس اخلاقيات
الشخصيات جذبها مع أنها استصعبت فهم شخصية الزوجة عند قراءتها
الأولى للسيناريو.
«أعجبني السيناريو ولكني لم أفهم دوافع تصرفاتها،»
تقول الممثلة. «وقد أثار ذلك اهتمامي. لهذا فمن خلال أسئلتي، التي
كان علي أن أسألها، مثل لماذا لم تتركه، فقد قادني ذلك في النهاية،
حسب اعتقادي إلى فهمها».
عادة كلوز لا تلعب دور شخصية بدون أن تحبها، بغض
النظر عن كونها صالحة أو طالحة. وهذا فعلا ما شعرته عندما فهمت
شخصية جوان «أنا لا أحكم على الشخصية. أحاول فقط أن أفهم لماذا
تتصرف بشكل ما، لأنني لا أعتقد أن بإمكانك أن تكون فعلا صادقا مع
الشخصية إذا حكمت عليها. سوف تفصل نفسك، وعادة في التجاوب مع تلك
الأسئلة، وجدت بدون استثناء أنني أجد مكانا، حيث أملك إنسانية
مشتركة أو بإمكاني فعلا أن أحبهم».
أما برايس، الذي لعب مؤخرا دور رجل الدين المتطرف
«هاي سبارو» في المسلسل التلفزيوني «لعبة العروش»، فقد تنهد
الصعداء عندما واجهته بالسؤال، كاشفا أن الكثير من النساء وصفت
شخصيته بالشرير. «أنت أول شخص يقول إن هناك نوعا من التوازن في هذه
العلاقة. الناس لا يستطيعون ملاحظة أنهم متورطون في ما يفعلون
وتصبح نهج حياتهم. وأقرت غلين أنها لم تعتقد أنهما ناقشا التداعيات
من قبل مما جعل الأمر يتدحرج حتى حدثت المواجهة بسبب منحه جائزة
النوبل».
الغموض الأخلاقي لشخصيات الفيلم
مخرج الفيلم السويدي، بيورن رانغ، الذي اختارته
كلوز لهذه المهمة، رحب بهذا الغموض الأخلاقي لشخصيات الفيلم «أنا
فضولي جدا في الدراما، التي ليس سهلا إيجاد البطل والخصم»، يقول
رانغ، الذي يعترف أنه شخصيا يعرف من هو الصائب ومن هو الخاطىء في
القصة، ولكنه لا يريد أن يفصح عن ذلك «إنه سهل من جهة الحكم على
واحد من شخصياتنا، لكن أنا لا أريد أن أحكم عليه. أريده أن يكون
معقدا مثل الحياة فعندما يخرج الجمهور تكون لهم وجهات نظر مختلفة
عن الفيلم نفسه. من جهة يمكن أن تفكر أن شخصية المرأة ضحية. لكن هي
ليست الضحية بالنسبة لي. هما بشر».
واختارت كلوز ابنَتها آني ستارك لأداءِ دورِ جوان
الشابة، في مشاهدِ الفلاشباك في أواخرِ الخمسينيات، حينما تقعُ في
حبِ استاذِها الكاتبِ المتزوجِ، كاسلمان، الذي يتركُ عائلتَه من
أجلِها ويتزوجها. ورغم أنها كانت تتفوق عليه في الكتابة إلا أنها
تخلّت عن مهنتها، بعد أن قالت لها كاتبة شهيرة أنه لا يمكن لامرأة
أن تمارس الكتابة في ذلك العصر، وكرست جل طاقتها ووقتها في مساندة
زوجها في سعيه الى تحقيق حلمه.
ستارك تعترف أن تسبب جوان في فصل استاذها عن زوجته
كان عملا غير أخلاقي وأن تخلّيها عن مهنتها من أجله ليس تصرفا
حكيما ولكنها تصر على أن هذه تصرفات شائعة في المجتمعات وتقر أنها
هي نفسها كانت تفعل الشيء ذاته لو حلت محل جوان «نحن مختلفون جدا
عندما نكون شبابا وخاصة عندما تجد حبا جديدا شاملا تقوم بأشياء من
أجل ذلك الحب وتنازلات. العلاقات صعبة، العلاقات معقدة وأعتقد أن
الناس ما زالوا يفعلون ذلك».
من المفارقات أن جوان كانت تدركُ أن زوجَها كان
أنانيًا ويخونُها مع نساءٍ أخرياتٍ ويكذبُ عليها ويحطُ من قيمتِها
أمام الناس، ولكنها تغاضت عن كلِ ذلك واستمرت في مؤازَرَتِه في
مهنتِه عبرَ السنينَ حتى حققَ الجائزةَ الكبرى.
«لكن يمكنك أن تفهم لماذا فعل ذلك»، يرد برايس. «هو
فنان محبط، وخلافا لمعظم الفنانين فهو يحتاج إلى إطراء. ولهذا يسعى
وراء قبول العالم له في الخارج».
أما كلوز فتعترف أنه كان على جوان أن تتحرك ضد
زوجها وتوقفه عند حده «لست متأكدة لماذا؟ لأنها ذهبت الى الكلية
وكانت مثقفة وكان يمكنها أن تفعل ذلك في الستينيات، ولكن أعتقد أن
محركها في هذه القصة كان فعلا الرحلة الى جائزة نوبل».
غلين ليست غريبة عن أدوار شخصيات غامضة. ففي عامِ
1987، أدت دورَ الأيقونةِ، الصحافيةِ اليكس فورست، في فيلمِ
«جاذبية قاتلة»، حيثُ تقعُ في حبِ محامٍ متزوجٍ وتحاولُ اجبارَه
على تركِ عائلتِه من اجلِها بالتهديدِ وبوسائلَ مرعبةٍ أخرى.
وخلافا لجماهير السينما التي بغضت فورست ولعنتها، غلين وقعت في
حبها.
«إذا تمعنت في ذلك. أليكس كانت تعاني من نوع، حسب
اعتقادي، اختلال نفسي أو اضطراب نفسي قد يكون نتيجة ما حدث لها في
طفولتها. وكل البحث الذي قمت به مع أطباء النفس أشار الى أنني كنت
ألعب دور امرأة تعرضت لسفاح الأقارب في جيل صغير جدا. وذلك أثار كل
هذه الأنواع من تصرفات التدمير النفسي. لهذا بالنسبة لي هي كانت
دائما شخصا بحاجة إلى المساعدة وللتفهم والشفقة بدلا من الحكم
عليها وإدانتها».
أداء دور فورست أثار اهتمام كلوز بادوار الأشرار.
ومن أهم تلك الأدوار التي جسدتها عبر السنين كانت المتلاعبةِ
ماركيز دي مارتيل في فيلمِ «علاقات خطرة»، وخاطفةِ الكلابِ كوريلا
ديفيل في «مئة وواحد كلب منقط»، والمحاميةِ القاسيةِ باتي هيوس في
المسلسلِ التلفزيوني «أضرار». لكنها لا تعتبر تلك الشخصيات أشرارا
بل أشخاص في حالة توتر نفسي ودائما تجد الخير فيهم لكي ترتبط بها
عاطفيا ودائما تقع في حبهم.
«في أدائي شخصية باتي هيوس في «أضرار»، التي تعتبر
مسببة مشاكل سيئة جدا وتتصرف مثل رجل تجد في نهاية المسلسل من خلال
كتابة رائعة كيف كانت تتعرض للاعتداء على يد والدها في صغرها. لهذا
كانت مصابة من البداية وفي ذلك المشهد الأخير، حيث لم يسمحوا لي
معرفة خلفيتي، شعرت عندما قرأته بحب عميق تجاهها. هي كانت تتعامل
مع من تمنحها الحياة».
99 في المئة من التمثيل تخيل
لم تبدأ كلوز سيرتَها المهنيةَ في هوليوود حتى
الخامسةِ والثلاثينَ من عمرِها عندما أدت دورَ الأمِ في الفيلمِ
الكوميدي «العالم حسب غارب» عام 1982، وتلتْه بفيملي «البرد
الكبير» و»الموهوب» في العامينِ اللاحقين وحققت ترشيحًا للأوسكار
عن أدائها في كلٍ منها.
وخلال الأربعة عقود الأخيرة، لعبت الممثلة إبنة
السبعين عاما أدوارا كوميدية ودرامية في الأفلام والتلفزيون وعلى
خشبة المسرح وتميزت بمنح شخصياتها نوعا من الغموض والهالة من خلال
التحكم ونظراتها وملامح وجهها «أعتقد أن 99% من التمثيل تخيل»،
توضح غلين. «لهذا أحاول عندما أعتقد أنني أفهم شخصية لدرجة أنني
أفكر أفكارها في تلك اللحظة وأسست لنفسي ربما أشياء حدثت في حياتي،
التي بشكل واع أو غير واع سوف تؤثر على ذلك الأداء، وهذا أظن ما
يضع هذا المظهر على وجهي».
أداءات غلين الرائعة حققت لها ثلاثَة عشرة ترشيحات
لجائزةَ «غلودن غلوب» وفازت باثنتينِ. ولأربعَ عشرة جائزةَ «ايمي»
للتلفزيون وفازت بثلاث منها، ولثماني من جوائزِ نقابةِ الممثلينَ
وفازت بواحدة، ولأربعٍ من جوائزِ طوني عن أعمالِها المسرحية، وفازت
بثلاث. كما رُشحت ستَ مراتٍ لجوائزِ أوسكار، ولكنها لم تفزْ بأيٍ
منها، لتصبحَ أكثرَ الممثلينَ ترشحًا للأوسكار دونَ الفوزِ بها.
تباينت اراءُ النقادِ والمعلقينَ حولَ إذا كانت الزوجةُ ضحيةً أو
مذنبة؟ وهل يمكنُ لومُ زوجِها وحسب أم تحميلُها أيضًا بعضَ
المسؤوليةِ عن تصرفاتِه؟ ولكن هناك اجماعًا على أن كلوز تستحقُ
أوسكارا عن دورِها، فهل ستفوزُ بالجائزةِ الكبرى هذهِ المرة؟ |