'شيخ
جاكسون' يدخل المنافسة على تانيت قرطاج السينمائي
العرب/ سارة محمد
بتمثيل متقن ورؤية إخراجية جديدة، طرح المخرج عمرو
سلامة قضية التدين الزائف والتخبط بين المفاهيم الدينية الصحيحة
وحب الفن والإبداع في فيلمه "شيخ جاكسون"، الذي قدم صورة جديدة
للاضطراب النفسي الذي يواجه الكثير من أفراد المجتمع، لكنه واجه
اتهامات بتسطيح الفكرة والمعالجة الفنية، ما أفقده جانبا من البريق.
أثار فيلم "شيخ جاكسون" المرشح لمسابقة أفضل فيلم
أجنبي في مسابقة الأوسكار العالمية، والذي ينافس حاليا للفوز بإحدى
"تانيتات" مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ضمن فعاليات أيام قرطاج
السينمائية في نسختها الـ28، جدلا فور عرضه في دور السينما المصرية
بسبب طرحه لقضية الصراع بين الدين والفن بصورة جديدة.
وجذب عنوان الفيلم المثير جمهورا واسعا لكونه معبرا
عن قضية مجتمعية أبدية، ومع ذلك وقع المخرج في فخ التسطيح، بعد أن
ظهر الفيلم في النهاية ليس أكثر من خواطر أو مذكرات في حياته.
لا تزال أزمة المخرج المؤلف مشكلة واضحة لدى عدد من
شباب المخرجين الذين يريدون ترسيخ جيل يسير على نهج داوود
عبدالسيد، ورأفت الميهي، ورغم وجود سيناريست آخر في هذا العمل وهو
عمر خالد صاحب بعض التجارب الخاصة بالأفلام الروائية القصيرة، ظلت
قضية المعالجة أزمة واضحة في هذا العمل.
تنطلق أحداث الفيلم مع خبر وفاة مطرب البوب العالمي
مايكل جاكسون في 25 يونيو 2009 الذي يتعرف عليه البطل خالد (أحمد
الفيشاوي)، أثناء قيادته لسيارته من خلال أحد المارة بجانبه.
هنا تنطلق الذكريات في عقل البطل الذي يعود بذاكرته
إلى مرحلة الطفولة، وبداية تعرفه على هذا النجم بعد مشاهدته في
التلفزيون ليسأل والده عنه، فيقول له “هذا اسمه مخنث”، أي يتشبه أو
يظهر بمظهر النساء.
الفيلم قدم فكرة ثرية، تتراوح بين التمسك بروح
الدنيا والبحث عن ثواب الآخرة متجسدة في لقطات تراود عقل الإنسان
أحيانا
تبدو علامات عدم اقتناع الطفل بحديث والده ليأتي
مشهد موالٍ، ويسأل والدته عن الكلمة التي سمعها من أبيه وعن هذا
المطرب، فتأتي الأم على خلاف الأب وتفصح عن حبها لجاكسون وتطلب من
ابنها عدم الإنصات لحديث والده.
قدم سلامة في هذين المشهدين عمقا واختصارا لطريقتين
مختلفتين في تربية الأب والأم لنجلهما قبل رحيل هذه الأخيرة مبكرا،
والذي تسبب في أزمة للبطل وضعف شخصيته، من دون إظهار مشاهد لخلاف
في العلاقة بين الزوجين في تربيتهما لطفلهما.
فسر مؤلفا العمل أزمة البطل على أنها تعود بالأساس
إلى حنان افتقده بعد رحيل والدته التي ظل مرتديا لسلسلتها الذهبية
لسنوات متقدمة من عمره، وتأثير والده الذي يريده أن يبقى مثله
مدربا في رياضة كمال الأجسام يتمتع بالقوة المفرطة، ويرفض محاولات
تقليده لـ”جاكسون” وحبه له.
وتأتي “المراهقة” هي المحطة الأهم في حياة خالد
وتصب أغلب الأحداث نحوها لكونها الأكثر تأثيرا في حياة البطل،
وإبراز مدى تعلقه بالأسطورة العالمية كغيره من أبناء جيله، خصوصا
مع حبه لإحدى زميلاته في المدرسة المتأثرة بجاكسون.
بدأ خالد في تقمص شخصيته بارتداء ملابسه وقبعته
وإطلاقه لشعره الطويل المجعد وحفظ أغانيه وتعلم رقصاته، وأجاد أحمد
الفيشاوي في هذا الدور الذي استعد له جيدا.
ويتمثل الخط الدرامي الواضح في أحداث “شيخ جاكسون”
في مرحلة المراهقة، من حب البطل لزميلته شيرين، التي تلعب دورها
الوجه الجديد سلمى أبوضيف أو في تأثره بالنجم العالمي.
وهنا يكشف عن شق حقيقي في علاقة الابن بوالده هاني،
الذي يسجل به الفنان ماجد الكدواني رقما جديدا في النجاح على مستوى
الأداء الراقي والعميق لأب حاول إخفاء مرارة حبه لزوجته بعد
الرحيل، بالدخول في علاقات غير مشروعة أمام نجله لمجرد أن يثبت له
أن الحياة تستمر.
كشفت شخصية الأب عُوار التربية التي يتبناها الكثير
من الآباء مع أبنائهم، ويتعامل الرجل أحيانا مع شطحات ابنه بهدوء
وفي وقت آخر يغلب على طريقة التربية العنف ومحاولات جذبه لجعله
بطلا رياضيا، ليكشف في النهاية فشل إدارة الأب لواحدة من أخطر
مراحل العمر وهي المراهقة.
ومع وضوح العلاقة بين الأب والابن، إلاّ أن المشاهد
الثلاثة التي جمعت الابن مع الأم لم تكن كافية، أو على الأقل، لم
تبرز مدى تأثر البطل بوالدته بشكل أعمق باستثناء مشهد الحديث عن
جاكسون الذي جمع بينهما في طفولته.
مرحلة الشباب التي يقدمها الفنان أحمد الفيشاوي
ويظهر فيها مرتديا لجلباب أبيض وطليق اللحية لم تتضح فيها خلفيات
وصوله إلى هذا الشكل، حتى أن تخلي البطل في مرحلة المراهقة عن
التمسك بشخصية جاكسون لم يكن واضحا أو مقنعا، لكن الأزمة الكبرى في
العمل تتمثل في التحول السريع وغير المبرر في الفيلم، ففي الجزء
الأول يظهر الفيشاوي في حالة تديّن شديدة وتبدو محاولات محاربته
للشيطان الذي يحاول السيطرة على عقله في صورة جاكسون.
أما الجزء الثاني فتظهر علامات التخبط عليه في
محاولات عودته لحياته في الماضي، فنجده يفكر في حلاقة لحيته
ويتواصل مع حبيبته القديمة التي أصبحت مغنية في أحد الأماكن
العامة، ويذهب بالفعل لمقابلتها متخليا عن جلبابه ومرتديا للملابس
“الكاجوال”، بل إنه يحاول تقبيلها بالقوة.
والتديّن مسألة تتفاوت حساباتها بين البشر، لكنه في
الأساس يرتبط بمدى ظهور تحولات فاصلة في الحياة، كالتعرف على بعض
الأصدقاء من أصحاب الفكر الحر أو وجود منافذ تساعد على جذب صاحبها
نحو التراجع.
ولم تقدم فكرة التغير الكبير والطارئ في حياة أشخاص
بسبب ارتباط الأحداث بذكريات الماضي وربط ذلك بذكرى وفاة أحد
الأشخاص المتأثرين بهم، الكثير عن المنطق الذي يمكن من خلاله فهم
السياق العام للتحول.
وأخفقت فكرة الطبيب النفسي في “شيخ جاكسون” في
تقديم مبرر مقنع لاستدعاء الفنانة بسمة، وهي نجمة اختفى ظهورها من
الساحة الفنية منذ أربعة أعوام، وتظهر بسمة عبر الأداء الصوتي
لشخصية الطبيب المتحدث مع البطل، بالإضافة إلى ظهورها في مشهدين
تتحدث فيهما مع خالد.
وقدم المخرج العديد من المشاهد المميزة التي دعّمت
فكرة تذبذب درجة الإيمان، منها دخول شبح شخصية جاكسون إلى المسجد
وشعوره برقصته مع المصلين خلفه للدرجة التي تصل إلى حد خروجه من
الصلاة وضربه لأحد المصلين وسماع موسيقى إحدى أغانيه الشهيرة أثناء
وجوده في ورشة “تصليح” سيارته من خلال أصوات المطارق.
كما عرض المخرج مشهدا معتمدا على الغرافيك للبطل
وهو يصارع نفسه لإحساسه بالذهاب إلى النار بسبب حبه للغناء، ليلخّص
ما يدور في عقل البطل من تأنيب للضمير.
وكان الفنان الشاب أحمد مالك والمخضرم ماجد
الكدواني على مستوى تمثيلي عال، بعد أن قدما مهارة في دمج
السيناريو مع المشاهد وحركة الجسد.
فيلم “شيخ جاكسون” فكرة ثرية، عرضت من قبل بصور
مختلفة في أعمال تلفزيونية أو سينمائية، لكنها اختلفت عنها في
تقديم صورة أكثر واقعية للاضطراب النفسي في حياة الأشخاص بين
التمسك بروح الدنيا والبحث عن ثواب الآخرة، متجسدة في لقطات تراود
عقل الإنسان بين الحين والآخر.
####
فاطمة ناصر تشارك في قرطاج السينمائي بفيلمين
تونسيين
العرب/
صابر بن عامر
تحضر الممثلة التونسية المقيمة في مصر، فاطمة ناصر،
فعاليات الدورة الثامنة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية، التي
افتتحت في الرابع من نوفمبر الجاري وتتواصل حتى الحادي عشر منه،
بفيلمين تونسيين، الأول ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية
الطويلة، وهو “مصطفى زاد” لنضال شطة، والثاني خارج المسابقة، وهو
“أمواج متلاطمة” للحبيب المستيري، “العرب” التقت بطلة المسلسل
العربي الحدث “غرابيب سود” في تونس، فكان هذا الحوار.
تونس – فاطمة ناصر، فنانة تونسية، بدأت حياتها
الفنية بالتمثيل في أفلام مصرية قصيرة، فظهرت لأول مرة مع المخرج
عمرو سلامة في الفيلم القصير “الإعلان”، ثم في فيلم “على الهوا” مع
المخرج إيهاب لمعي (2007) والذي شارك في المسابقة الدولية لمهرجان
القاهرة السينمائي في نفس العام، وهي أيضا إحدى بطلات المسلسل
العربي المثير للجدل “غرابيب سود” الذي وقع بثه في رمضان المنقضي،
وحقق نسب مشاهدة عالية.
فاطمة التي انطلقت مسيرتها الفنية في مصر، والتي
لها من عمر التجربة الآن عشر سنوات، تعود اليوم إلى وطنها الأم
تونس، لتشارك في أيام قرطاج السينمائية في نسختها الـ28، بفيلمين
تونسيين، في عرضهما العالمي الأول، حيث يعرض الفيلم الأول
الثلاثاء، ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، وهو
“مصطفى زاد” للمخرج التونسي نضال شطة، بطولة عبدالمنعم شويات
وضيفتنا، والثاني خارج المسابقات الرسمية للمهرجان، وهو للمخرج
التونسي أيضا الحبيب المستيري والمعنون بـ”أمواج متلاطمة”، ومن
بطولتها طبعا وأحمد الحفيان، ويعرض الأربعاء.
وعن دورها في الفيلمين تتحدّث ناصر لـ”العرب” فتقول
“في فيلم مصطفى زاد أقوم بدور مضيفة طيران اسمها فرح متزوجة من
إعلامي في إحدى الإذاعات (عبدالمنعم شويات)، وهو رجل عبثي، غير
مبال بقدسية الحياة الزوجية وواجباته العائلية، يعيش مع زوجته
صراعات، علاوة على بعض الإسقاطات السياسية والاجتماعية التي لا
تخلو من كوميديا سوداء، وتدور أحداث الفيلم في 24 ساعة، تحديدا في
الليلة الفاصلة، قبل أول انتخابات ديمقراطية تشهدها تونس بعد ثورة
14 يناير 2011، أي ليلة 23 أكتوبر 2012 ويوم الانتخاب”.
أما عن دورها في فيلم “أمواج متلاطمة”، تقول فاطمة
“أقدم فيه دور خديجة، وهي امرأة مطلقة، تعيش في قرية تونسية
(الشابة)، منبوذة من محيطها المحافظ، إلى أن تتعرّف على ضابط
متقاعد بعد استقلال تونس سنة 1956 (أحمد الحفيان)، فترى فيه الراحة
والأمان والملاذ، ويرى فيها الوطن الذي خانه”.
وعن سؤال “العرب” حول وجه الالتقاء والاختلاف بين
خديجة وفرح في كلا الفيلمين، تجيب “هما في النهاية حول أنثى تبحث
عن ذاتها وكينونتها وسط مجتمع ذكوري، وإن تغيّرت الأزمان ففي أمواج
متلاطمة تقع الأحداث في فترة الستينات من القرن الماضي، أما مصطفى
زاد فيحكي الآن وهنا، وفي الحقبتين تعيش السيدتان تناقضات المجتمع
الذكوري الباحث عن ملذاته وتحقيق شهواته، وإن ادّعى الفضيلة
والشرف”.
والبحث عن كينونة المرأة وذاتها المهمّشة، سبق وأن
قدّمته فاطمة ناصر في الفيلم التونسي “حرّة” لمعز كمون (إنتاج
2015)، وهنا تسألها “العرب”، هل هو انتصار منها للمرأة الحرّة؟
الفنانة التونسية فاطمة ناصر تتبنى قضية المرأة
المعنفة، وتدافع عنها بكل ما أوتيت من جهد سواء في الحياة أو الفن
وتجيب ضيفتنا “أنا أتبنى في حياتي الخاصة قضية
المرأة المعنّفة، كما هو حال عالية في فيلم حرّة التي واجهت عنف
زوجها (جمال ساسي) ولا مبالاته برغباتها وحاجاتها وتعنيفه لها
دائما، بأن هجرته في آخر الفيلم، بعد أن غادرت بيت الزوجية هي
وابنتهما الوحيدة، وذلك لأجل إنقاذها من نفس المصير الذي عرفته هي،
وهي رسالة عالمية لكلّ النساء المعنّفات، فالعالم أرحب والحياة
تستحق أن نعيشها بحريّة”.
وعلى النقيض من هذا الدور المتمرّد لامرأة تنشد
الانعتاق، قدّمت ناصر في المسلسل العربي الحدث لرمضان 2017،
“غرابيب سود” دور فتاة تونسية وقعت في حب أمير داعشي، وانتقلت معه
للعيش في بيته قادمة من أوروبا، وهي المغتربة وغير المستقرّة
والباحثة عن مساحة خاصة من الأمان، لتعيش تجربة مغايرة تماما
لحياتها السابقة.
وعن الدور تقول “هو دور مغاير تماما لما سبق لي وأن
قدّمته سواء في الدراما التلفزيونية أو السينما، هي المرأة
الخاضعة، صحيح، لكنّ خضوعها هنا، له مبرّرات، ولو أنني لا أتبنى
هذا الخضوع في الواقع، فهي الأنثى الباحثة أبدا عن الأمان، وهو ما
أراد إيصاله المسلسل للجمهور العربي، حول عمليات غسل الأدمغة التي
تتبنّاها القوى المتطرفات، فتبحث في عمق كل شخص، ملهاته ومأساته،
وتقدّم له البديل المُرتقب، فيُمنهج ويؤدلج، ويقع في المحظور”.
وعلى خلاف ما قيل حول تردّد فاطمة في قبول الدور
المثير للجدل، حين عرض عليها، تؤكد الممثلة التونسية، أنها وافقت
على أدائه على الفور، ولم تخف أو ترتبك للحظة واحدة، سواء قبل دخول
التجربة المحفوفة بالمخاطر أو بعد عرض المسلسل على قناة “أم بي
سي”، رغم التهديدات التي طالتها وطاقم العمل والفضائية الباثة،
مؤكدة أن الفن رسالة، وهي مؤمنة ومقتنعة بكلّ دور قدّمته أو
ستقدّمه لاحقا، رغم اعتراضها أحيانا على الطرح الذي يتم به تناول
بعض الأحداث الحارقة، في بعض الأعمال التي شاركت فيها.
وتمتلك ناصر عينا نقدية، لكلّ ما يعرض عليها، أو ما
يدور حولها في العالم العربي، وهي المؤمنة بذاتها كامرأة مثقّفة،
حرّة، وفاعلة في مجالها وفي مجتمعها، وهو ما تريد إرساءه في جميع
أدوارها.
وتخصّ فاطمة ناصر “العرب” بجديدها المُنتظر، فتقول
“انتهيت مؤخرا من تصوير مسلسل ‘عائلة الحاج نعمان’ بطولة النجم
السوري تيم حسن والمصريين صلاح عبدالله وأحمد بدير، وهو مسلسل من
70 حلقة سيبث قريبا خارج الموسم الرمضاني، كما سأواصل ظهوري في
الجزء الثاني من مسلسل ‘نصيبي وقسمتك’ مع النجم المصري هاني سلامة،
والذي سيعرض أيضا خارج السباق الدرامي الرمضاني”.
وقدمت فاطمة أدوارا مميزة في العديد من الأفلام
المصرية منها “أسد وأربع قطط” (2007)، و”احكي يا شهرزاد” مع المخرج
يسري نصرالله (2009)، والفيلم التونسي “صابون نظيف” لمليكة عمارة
(2010)، وفيلم “سكر مر” للمخرج هاني خليفة (2015) وفيلم “حرة”
(2015) مع المخرج معز كمون.
وتميزت فاطمة ناصر بأدوارها التلفزيونية أيضا،
فقدمت العديد من المسلسلات الدرامية منها المسلسل التونسي “مكتوب”
(2008)، و”الحب والسلام” (2009) وهو إنتاج سوري عراقي مشترك،
و”الهروب من الغرب” (2009)، و”عابد كرمان” (2011)، و”الصفعة”
(2012)، و”المنتقم” (2012)، و”مولانا العاشق” و”بعد البداية”
(2015). |