الشيخ حسني.. الموت ده صاحبي
نعمــــــة الـلـــــه حســـيـن
"للموت أنفاس خفيفة زي النسمة مايحسهاش غير المقصود به.. بتحس ببرد
داخل صدرك وهوا مالهوش مصدر رائحته جميلة.. بيروحك من الحتة اللي
إنت فيها.. تبقي شايف الناس.. والناس شايفاك، لكن لا تقدر تكلمها
ولا تقدر تقول لهم يبعدوا.. كل اللي عليك تعمله تصاحبه وتطاوعه..
آه لو كل واحد يعرف إنه حايقابله مرة واحدة ماكانش حد يعمل "شر"
خالص".
وأنت يا ساحر الفن الجميل.. ياطيب القلب.. وخفيف الدم.. يا ابن
البلد الشهم الجدع صاحبت الموت زي ماقلت في مسلسلك (جبل الحلال)
علي لسان "أبو هيبة" واحدة من أجمل الشخصيات التي لعبتها وجسدتها..
كنت في كامل صحتك وأنت تتحدث عن الموت مع أنك يا "شيخ حسني" ضرير
لكن بصيرتنك كانت نافذة.. وكأنك تصف انتظارك للموت.. بقدر حبك
للحياة عرفت أن الموت خواف أو مش خواف.. لكنه خجول علشان كده بييجي
مستخبي مش عاوز حد يشوفه.. قربت منه كتير وقرب مني كأننا أصحاب!!
وعندما لم يعد في العمر بقية ذهبت معه لكنك ستظل في قلوب وعقول كل
محبيك.. يا صاحب البهجة والسعادة.
• • •
في فترة ما من حياتك ابتعد خاطر الموت عن أذهانك.. مع أنك تعلم أنه
أقرب من حبل الوريد.. يومها كان قريبا من صديقك عاطف الطيب الذي
رحل قبلك ومعه بعد ذلك أحمد زكي وهكذا اجتمع ثلاثي البريء.. "سبع
الليل" أحمد زكي.. والضابط "شركس" السادي الذي يتلذذ بتعذيب
المعتقلين بوحشية.. محمود عبد العزيز وهو يبكي في أعماق نفسه، فقد
كان في حقيقته يكره الظلم ولا يطيق مشاهد التعذيب أو الدم.. ورغم
ذلك أجادها وكأنه جبار حقيقي.
محمود عبد العزيز.. "الشيخ حسن".. آل باتشينو العرب.. الضرير في "الكيت
كات" مع شريف منير وهو يسوق "الفسبة" في مشهد النهاية ويغني
(درجن.. درجن) كلمات عامية لا تعتقد أبدا أنها ممكن يغنيها أحد..
كما غني "للقفا" في "الكيف" ليرسخ شخصية "المزاجنجي".. التي لم
يقدمها أحد قبله أو بعده بسبب حرصه الشديد علي الإلمام بكل تفاصيل
الشخصية التي يقدمها.
• • •
الساحر ابن الإسكندرية التي عشقها حيث نشأ فيها ممضيا طفولته
وشبابه وبداياته التي
كانت مسرحية علي خشبة مسرح كلية الزراعة التي كان يدرس بها.. وحصل
علي درجة الماجستير في تربية النحل.. كان محمود يؤمن بأن الزراعة
هي المهنة الأصلية للإنسان المصري عبر التاريخ.. وكان يري في أرض
مصر خيرا لم تستطع أن تستغله كله.
• • •
عرف طعم العسل بنجاحه منقطع النظير في
الساحة العربية كلها كما عرف لسعات النحل من خلال أيام الفقر
الشديد حيث نام أياما كثيرة بدون عشاء وذلك بسبب عشقه للفن، وذلك
عندما ترك منزل الأسرة حيث إن والده لم يكن موافقا علي عمله
بالفن.. ولذلك اضطر إلي أن يأتي إلي القاهرة ويقيم في شقة ابن
خالته بالمنيل.. تلك الشقة كان يقيم فيها عدد كبير من الشباب كل
منهم يحمل أحلامه وطموحاته.. لكنه لم يتحمل هذا العدد الكبير
والفوضي العارمة، فكان أن ذهب ليقيم مع صديقه "مجدي وهبة" الذي ظل
يردد دائما أنه ساعده في بداية حياته.
وجاءته الفرصة من خلال نور الدمرداش ومسلسل "الدوامة"
الذي شاركته البطولة "نيللي" وحقق نجاحا كبيرا.. صدي النجاح كان
بمثابة الفرحة للأهل والجيران وبدأوا يهنئون والده علي هذا
النجاح.. الذي اعترف بدوره بحق ابنه في مزاولة الفن والتمثيل.
• • •
رحم الله أستاذي وجدي قنديل رئيس تحرير مجلة آخر ساعة الأسبق، فقد
كان هو همزة الوصل بيني
وبين محمود عبدالعزيز وأيضا سعاد حسني.. تقديمه لي لهما كان أكبر
داعم لي .. في أواخر عام 1988 طلب مني إجراء حوار مع محمود
عبدالعزيز، كان محمود عائدا من جوائز الأوسكار العربية ولأول مرة
يخرج عن هدوئه ويهاجم المنظمين لها بأنهم يتاجرون بسمعة الفنان
المصري والفن المصري، وكان في انتقاداته بمثابة الإنقاذ فيما بعد
للعديد من الفنانين حتي أنه لم يخش لومة مصطفي العقاد في ذلك
الوقت.. وكان العقاد من ملوك الإنتاج والسينما في أمريكا.. لم
يحسبها محمود فهو كما يقول لا يعرف التنظير ولا الحسابات.. كلمة
الحق والصدق علي لسانه.
أذكر أنني سألته يقولون عنك إنك بخيل.. وكانت تلك إشاعة تتردد
عنه.. لم يغضب وأجابني البخيل شحيح أيضا في عواطفه وأنا لست كذلك
يشهد عليّ بيتي وأصدقائي.
عشق محمود للإسكندرية لا حدود له.. فأحيانا ما يذهب لمدة ساعتين
تلاتة للجلوس علي رمال البحر مع أكلة سمك.. هذه المتعة تعطيني جرعة
سعادة تكفيني طول العمر.
من يعرف محمود عبد العزيز يدرك جيدا أنه إنسان قدري متوكل علي
الله.. وليس متواكلا.. يترك كل شيء لوقته.
حب التمثيل هو الحلم الدائم الذي كان محمود يحلم به.. وظل هذا
الحلم يكبر وعندما نجح وأصبح فنانا كبيرا.. ظل حلمه أن يكون فنانا
ملتزما مؤثرا، وقد تحققت أحلامه كلها سواء في اليقظة أو المنام.
مما قاله لي تجربتي مع الموت تأخرت.. التقيت به.. لكني هربت منه
بمعجزة، وكان ذلك أثناء سفري إلي الإسكندرية لحضور عقد قران
شقيقي.. نجوت بمعجزة وأدركت يعني إيه عمر الشقي بقي.. وعندما تجيء
اللحظة سيجدني بانتظاره.
ملحوظة هذا الكلام في عام.. 1988
وكأنه كان
يدرك أنه عندما يلقي الموت سيكون مستعدا له وأنه لن يأتيه علي غفلة
بل سيكون هناك إشارات (مرض) مثلا أو شيء من هذا القبيل.
قلق وحذر محمود عبدالعزيز جعلاه يدقق كثيرا في اختيار أدواره فلم
يقدم عملا لايرضي عنه.
من مفارقات القدر أنني عندما أجريت معه الحوار أن كان والدي رحمه
الله في المستشفي.. وعندما نشر الحوار سأل عني.. وعرف أن والدي
توفي متأثرا بشدة.. لذا في كل مرة كنا نلتقي فيها كان يقول لي أنت
الملتزمة.. ليقول لي »احمدي ربنا فرصة مرض والدك جعلتك تمضين في
قربه فترة طويلة لتشبعي منه.. ياريت كل واحد بيحب حد يلحق يشبع منه
قبل ما يموت».
ودارت السنون ورقدت أنت أيها الساحر العظيم الفنان القدير علي فراش
المرض محاطا بأحبابك منتظرا صاحبك الذي هربت منه مرة.. فهل شبع منك
أولادك وشبعت أنت منهم.
لترحل في هدوء مع صاحبك الموت.. وتترك الجميع في حالة صياح وضجيج..
رحلت لكن بقيت أعمالك في وجدان كل الشعب المصري والعربي.
»بحبك
يا ستاموني«.. و«الشكرمون طاح في التروللي»
قفشات لا تنسي
..
بحبك يا ستاموني مهما الناس لاموني.. إنت بتستعماني يا هرم.. قفشات
ولزمات فنان أمتعنا خلال مشواره الفني لدرجة أن قفشات محمود
عبدالعزيز يرددها الشباب وأصبحت مثاراً للضحك، ولطالما اجتذبت
اقتباسات الأفلام قطاعات عريضة وأصبحت من الأقوال المأثورة التي
تضرب بجذورها في عمق الثقافة المصرية، فكانت لزمات الفنان الراحل
في أفلامه السينمائية مثار ضحك المصريين وإعجابهم بل إنهم
استخدموها كمفردات لغة بينهم للتعبير بها عن مواقفهم اقتداء بالنجم
الراحل.
عايز تارلوب هاتولي تارلوب
حد ليه شوق في حاجة
فمثلا فيلم "الكيف" الذي قام ببطولته النجم الراحل مع الفنان يحيي
الفخراني عام 1985 قد أحدث ضجة في مصر وقتها حيث تناول في معالجة
درامية جريئة ظاهرة انتشار المخدرات لكن مفردات وكلمات وحوارات
محمود عبدالعزيز في الفيلم كانت هي أجمل ما في الفيلم لطرافتها
وسخريتها من الواقع بطريقة كوميدية وبلغة جديدة لم يعرفها المصريون
من قبل حتي إنه وعلي لسانه في الفيلم قال لشقيقه يحيي الفخراني
"أعملك إيه إنت ما بتعرفش لغة".
ومن الجمل التي قالها محمود عبدالعزيز في الفيلم وأصبحت لزمة في
حوارات المصريين "الشكرمون طاح في التروللي" ولازم ندوش الدوشة
بدوشة أدوش من دوشتها عشان ماتدوشناش" و"احنا اللي بنطلع القرش من
بذر العنب" و"أول مانشخلل الشخاليل ونشرشأ الشواشي هتسرسأ البصاري
وحانشفك دوغري اسببك بالسبيب يعني أحينك يعني أقبضك".
ومن تلك الجمل أيضا عندما أجاب شقيقه في الفيلم حول سؤاله لماذا
يتناول المخدرات ويغيب عقله بها قال عبدالعزيز "ده أنا بادهبزه
وادهرزه عشان يبرعش ويحنكش ويبقي آخر طعطعة".
وفي رده علي تهديدات تاجر المخدرات له في الفيلم جميل راتب قال
عبدالعزيز "احنا بالصلاة عالنبي حلوين قوي مع بعض.... لكن ساعة
الغلط بنطرطش زلط.... يعني لحمنا جملي مكندز مانتكلش وإن اتاكلنا
عضمنا ركب ماننقرش وأن انقرشنا نشرخ في الزور وماننبلعش. ولو
اتبلعنا هتلاقينا مر علقم وتطرشني".
لكن أظرف ما في الفيلم هو جملته التي رد بها علي مؤلفي الأغاني مثل
"اديني في الهايف وأنا احبك يا فننس" وبحبك يا ستاموني مهما الناس
لاموني".
في فيلم "السادة الرجال"، اشتهر الساحر بجملة "فوزية اللي رجليها
حلوة" عبر عدد من المشاهد الكوميدية، التي جمعته بالراحلة معالي
زايد.
وفي فيلم جري الوحوش اشتهر عبدالعزيز بجملة "القرد بيتنطط ولا بطل
تنطيط"؟
وفي فيلم الكيت كات الذي قام فيه بدور الشيخ حسني الكفيف قدم
عبدالعزيز نموذجاً في الكوميديا والتراجيديا معا، وكانت أشهر
العبارات التي ظل العامة يرددونها حتي الآن "أنا بشوف أحسن منك في
النور والضلمة كمان" و"انت بتستعماني يا هرم".
وفي فيلم أبو كرتونة كانت جملته الشهيرة "تعالي جنبي يا ماما" لزمة
رددها المصريون بعد ذلك عندما يقوم العريس بدعوة والدته للجلوس
بجواره في "الكوشة" خلال حفلة زفافه.
وفي فيلم "إبراهيم الأبيض" ترددت عبارتان علي لسان المعلم زرزور
الذي أدي شخصيته في الفيلم محمود عبدالعزيز هي الكلمات السائدة في
حوارات الشباب.. "الجرأة حلوة مفيش كلام" والإنسان ضعيف ضعيف"، لكن
الفنان الراحل كان ينطق حرف الضاد بالدال فكان يعطي للكلمة نكهة
كوميدية وينطقها الإنسان دعييف دعييف".
عملت كل حاجة
رحل وهو يردد في صراعه مع المرض
رضا الشناوي
رحل عن عالمنا الفنان الكبير محمود عبد العزيز يوم السبت الماضي
بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 70 عاما خاصة بعد وصول الأزمة
الصحية معه لمراحل متقدمة.. حقا رحل الساحر والقبطان عنا جسدا ـ
وبقي عطاؤه وعمله وإنجازاته الفنية، ومنها علي سبيل المثال لا
الحصر فيلم الكيف، عفوا أيها القانون، إعدام ميت، الشقة من حق
الزوجة، العذراء والشعر الأبيض، العار، الجوع، إبراهيم الأبيض،
أبناء وقتلة، أبو كرتونة، قانون إيكا، طائر الليل الحزين، تزوير في
أوراق رسمية، سمك لبن تمر هندي، القبطان، الجنتل، مسرحية خشب
الورد، ومسلسلات رأفت الهجان، محمود المصري، أبو هيبة في جبل
الحلال، راس الغول، علامات في تاريخ السينما المصرية قدم خلالها
قضايا المخدرات والجاسوسية وموضوعات واقعية جاءت من قاع المجتمع،
ورغم غياب رجل الالتزام والكلمة والمواقف عن دنيانا وساحتنا
الفنية، إلا أنه سيظل الحاضر لمسيرة حياة فنية واجتماعية تزخر
بالعطاء الإنساني والمهني المتميز، ناقش فيها واقع وقضايا المجتمع
ومتطلبات الجمهور بذوق راقٍ
وبدون إسفاف.
قبل رحيله بيوم طلب الاستماع لبرنامج سينمائيات تقديرا للراحلة
معالي زايد
وبساطة النجم الراحل محمود عبد العزيز واضحة حتي
مع نفسه. فهو كان يعترف بها ويعلن بصراحة أنه إنسان عادي يكره
التكلف والازدواجية، فمحمود عبد العزيز هو محمود داخل أو خارج
الوسط الفني ـ فهو ودود وعشري ـ ولكنه يسير علي مبدأ (عامل تعامل)
وسنوات عمره لم تكن أبدا حائلا بينه وبين الواقع، لأنه يفضل دائما
أن يعيش سنه بكل ما يعنيه من وقار والتزام ومرح ونضج عقل، لكن قد
لا يعرف الكثيرون أن هناك تفاصيل صغيرة تختبئ خلف ورقة سيناريو
وقصة المبدع محمود عبد العزيز قبل أو أثناء تقديمه أي عمل فني وكان
يؤكد أنها تساهم في خلق أجواء خاصة ترتبط بشخصيته التي يجسدها
وتصبح مع مرور الوقت شريكا له في مشوار إبداعه التمثيلي، وكما يقول
المثل لكل مبدع طريقة فقد كانت الإسكندرية مسقط رأس الفنان هي
المهد الذي يشهد إبداعات النجم القدير وعلي صوت فيروز ومشهد البحر
كان يقرأ سيناريوهات أعماله منذ فترة الستينيات وحتي قبل لحظة
مرضه. وكان يقول إن تجسيد أي شخصية وخاصة لعمل درامي يحتاج
لمواصفات مختلفة فأنا أعشق الإسكندرية بشكل خاص، ولا أستطيع قراءة
سيناريوهات أعمالي الجديدة في مكان آخر خاصة فترة الصباح بداية من
الحادية عشرة صباحا وحتي السادسة مساء وبعدها لا أستطيع جمح رغبتي
في التفكير وأنا علي كورنيش النيل.. وكنت أكتب دائما ملاحظاتي في
ورق مسطر، وهو الذي كان يساعدني علي تنظيم أفكاري في كل عمل ويختلف
قلم كل عمل عن آخر جديد، ولكنه لايختلف عن كونه قلما أسود حبرا
ولكن تختلف نوعيته من مسلسل أو فيلم لآخر.
ولم يخف النجم الراحل في أحاديثه للمقربين خصوصا صديقه الليبي الذي
يمتلك فندقا كبيرا علي الطراز الإيطالي بمنطقة الهانوفيل ويدعي
محمد فرج المسماري أنه كان يعشق الموسيقي الكلاسيكية لدرجة سيطرتها
علي أدواته الفنية في كتابة ملاحظاته علي الورق الأبيض ناعم
الملمس، ولا مانع في اختلاس الوقت لتناوله الحلويات الشرقية وفنجان
القهوة ويعتبرهما أفضل شيء لإيجاد توقيت لخيال واسع حينما يقرأ جمل
الحوار بكل عناصر المتعة.
ورغم الأعمال الدرامية الرائعة التي قدمها محمود عبدالعزيز سواء في
المسرح والسينما والتليفزيون ومنها علي سبيل المثال لا الحصر
مسرحية خشب الورد التي قدم فيها الفنانة إلهام شاهين في أول ظهور
فني لها علي الساحة الفنية ثم مجموعة أفلام "أبناء وقتلة ـ العذراء
والشعر الأبيض ـ طائر الليل الحزين ـ عفوا أيها القانون ـ قانون
إيكا ـ تزوير في أوراق رسمية ـ الجوع ـ الكيت كات ـ إعدام ميت ـ
البنات عايزة إيه ـ أبو كرتونة ـ الشقة من حق الزوجة ـ الكيف ـ
ومسلسل رأفت الهجان إلا أنه غاب عن الساحة لسنوات طويلة وحدث أن
التقي بالفنان الراحل سامي العدل في إنجلترا وعاتبه العدل علي
غيابه عن الساحة.
ونجح في إشعال نيران الغيرة علي شهرته ومكانته، وأكد لسامي العدل
وقتها أنه لايمكن أن يرفض عملا جيدا لكن سامي العدل سارع بإقناعه
بقبول دور البطولة في المسلسل الكبير محمود المصري.. وبعدها قدم
رائعة أعماله السينمائية في أفلام الساحر وسمك لبن تمر هندي
والقبطان، وبعدها فكر في الابتعاد لخوض مجال الإنتاج الفني، وفي
هذا الوقت اقتحم نجلاه محمد وكريم مجال التمثيل ـ رغم أنه لم يكن
يتمني لهما أن يدخلا المجال علي اعتبار أن همومه النفسية شديدة
القسوة، وحدث بعدها أن قدم رائعة فيلم "إبراهيم الأبيض" لإيمانه
الشديد وحبه للفنان أحمد السقا.. وكان الفيلم من نوعية أفلام
الأكشن.
والفنان القدير الراحل كان يقول أنا عملت كل حاجة ولم أتوقف عند
لون معين فقدمت أفلاما تتناول قضايا المخدرات مثل "الكيف" ومشاكل
البنات في فيلم البنات عايزة أيه.. والأفلام الاجتماعية مثل "طائر
الليل الحزين.. والقبطان.. الشقة من حق الزوجة.. الجوع" وتلك
موضوعات واقعية جاءت من قاع المجتمع وهذا التنوع نتيجة بحث مستمر،
هذا علاوة علي أني جسدت الكوميديا الراقية في فيلم الكيت كات.. سمك
لبن تمر هندي.. وأبوكرتونة هذا بالإضافة لأن الفنان الراحل قدم
بتميز نوعية أعمال الجاسوسية الشيقة التي جذبت المشاهدين،
وبالتحديد في مسلسل رأفت الهجان وفيلم إعدام ميت ولاحظ عليه
المتابعون لأعماله التي
قدمها في الفترة الأخيرة خصوصا الرمضانية ومنها مسلسلا "أبوهيبة في
جبل الحلال.. وراس الغول" أنه دائما ما يعيش حالات قلق قبل اختيار
أي عمل جديد، الأمر الذي يسبب له متاعب نفسية وجسمانية ولكنه دائما
ما يقول عبارته الشهيرة.. القلق هو الذي صنع نجاحي ويقصد القلق علي
النجاح بصفة خاصة.. كما لوحظ في الفترة الأخيرة تفضيله للهدوء
والحب والسكينة وبعده عن الضوضاء.. وعندما سأله صديقه الفنان مظهر
أبوالنجا الذي كان يكن له محمود عبدالعزيز عشقا خاصا منذ القدم..
ليه يامحمود عاوز تعيش في شبه عزلة.. كان رد الفنان محمود
عبدالعزيز لأني لا أحب الكذب.
وكان لمحمود عبدالعزيز رأي خاص في هوجة إطلاق الألقاب علي الفنانين
حيث كان رافضا ويقول لا يستحقها من أطلقت عليه سواء من جيلي أو
الجيل الحالي.. فلا يوجد في أي بلد في العالم سوي مصر يردد لقب
الممثل الكبير.. نجمة الجماهير.. فتي الشاشة.. وحش الشاشة ـ الممثل
العظيم ـ فكيف يصبغ الفنان علي نفسه لقب الفنان القدير أو القوي
وغيره ـ وبصراحة هي ظاهرة غريبة.
والذي لا يعرفه كثيرون أن محمود عبدالعزيز سبق ووقع بعد انتهاء
فترة خصامه السابق للفن عقد بطولة المسلسل التليفزيوني "كازانوفا"
تأليف مدحت العدل وإخراج مجدي أبوعميرة وكان سيجسد بأسلوب كوميدي
خفيف شخصية طبيب أمراض نساء ناجح في عمله ويتمتع بوسامة كبيرة
ويقرر الزواج والاستقرار، ولكنه لا
يعرف أنه سيدخل في دوامة بسبب غيرة زوجته التي تحول حياته إلي
جحيم.. وكان مفروضا لو تم شفاؤه من أزمة مرضه أنه سيبدأ في تصوير
أحدث أفلامه السينمائية "أوضتين وصالة" وعلي هذا الأساس لم يقدم
جزءا ثانيا من مسلسل جبل الحلال الذي سبق وقدمه في رمضان قبل
الماضي ونال نجاحا كبيرا.
ومحمود عبدالعزيز أكد للمقربين إليه خصوصا الفنان فاروق الفيشاوي
أنه رغم ظروفه الصحية كان يفكر في العودة للمسرح.. ولم يهمله كما
يردد البعض، فبرغم ارتباطاته الفنية إلا أنه لا يمانع في تقديم عرض
بشرط أن تكون فكرته جريئة وتستحق أن يتفرغ لها.. وأنه كان يحرص في
كل مرة يسافر فيها إلي لندن وباريس أو أمريكا علي مشاهدة أحدث
العروض المسرحية، وتمني لو عثر علي فكرة تصلح للعرض في مصر..
وتتناسب مع مجتمعنا وعاداته وتقاليده.. كما أكد للمقربين منه مع
الفيشاوي وعادل إمام أن رحيل أصدقائه خالد صالح وفاتن حمامة وعمر
الشريف وعبدالرحمن أبوزهرة وحسن مصطفي جدد مشاعر أحزانه مرة أخري
خصوصا علي فراق شقيقه أحمد الذي فقده في أكتوبر 2014والمثير
في هذا الإطار أن الفنان محمود عبدالعزيز رغم ظروفه المرضية
الشديدة إلا أنه طلب الاستماع لبرنامج سينمائيات الذي تم تقديمه
بعد منتصف الليل علي موجة صوت العرب قبل وفاته بيوم واحد، وكان عن
ذكري رحيل الفنانة معالي زايد وعن أعمالها التي كان من أهمها الشقة
من حق الزوجة وسمك لبن تمر هندي.. وهو لا يعلم أن سناء الشيخ وكيل
وزارة الإعلام ـ رئيس الإدارة المركزية للإنتاج السينمائي بقطاع
الإنتاج ستبدأ تنفيذ فيلم تسجيلي يروي مشوار الساحر محمود
عبدالعزيز منذ الصغر وحتي آخر أعماله علي غرار ما تم تنفيذه
للفنانة فاتن حمامة.. ويري البعض إطلاق اسم الفيلم بالعبارة التي
كان يقولها محمود عبدالعزيز "أنا خارج المنافسة".
التدوينة الأخيرة
قدر غريب، علي صفحات “نجوم أون لاين” وفي شهر رمضان الماضي،
نشرنا خبرا عن دخول الفنان الراحل موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”،
حيث كتب تغريدته الأولي في نفس اليوم بجملة مقتبسة من فيلم
“إبراهيم الأبيض” الذي جسد فيه دور “عبد الملك زرزور”، التي قال
فيها “أهو فتحت تويتر.. حد ليه شوق في حاجة؟”.
الغريب الذي حدث أن محمود نشر تويتة عن مسلسله “راس الغول”
أثارت جدلا وقتها، قال فيها إن العمل سيكون آخر أعماله، وهو ما
تسبب في ضجة وتناول البعض الأمر علي كونه بمثابة إعلان الاعتزال من
قبل محمود عبد العزيز، وقتها كان محمود عبد العزيز يصور مشاهد
مسلسله بلبنان، والجميع في مصر يتحدثون عن اعتزاله، قبل أن يخرج
نجله محمد ليوضح الأمر بأن المقصود من كلمة “آخر” هي “أحدث” أعماله
وليس اعتزال محمود عبد العزيز، مؤكدا أن الحساب يعمل تحت إشراف
الساحر بنفسه.
ويبدو أن التغريدة التي لم يقصدها محمود عبد العزيز تحققت بالفعل،
بعدما رحل عن عالمنا بعد خمسة أشهر من كتابتها فكانت فعلًا آخر
أعماله الدرامية، ورغم امتلاكه أكثر من عمل درامي بعد المسلسل مع
شركة “فنون مصر”، وكان من بينها الجزء الثاني من مسلسل “جبل
الحلال”، وكذلك امتلاكه لفيلم “أوضتين وصالة” إلا أن القدر لم
يمهله الوقت من أجل تنفيذ تلك الأعمال.
»فيس
بوك« و«تويتر» دفتر عزاء
عصام عطية
بعد دقائق من إعلان خبر رحيله تصدر اسم النجم الراحل محمود عبد
العزيز قائمة الـ”هاشتاج” الأكثر تداولًا عبر موقع “تويتر”
للتدوينات القصيرة.. ونعاه الكثير من جمهوره ومحبيه بكلمات وأدعية،
واقتباسات لجمل من أشهر أعماله الفنية.
وكان عدد كبير من النجوم قد نعوا “الساحر” عبر صفحاتهم في مواقع
التواصل الاجتماعي..
الفنان نبيل الحلفاوي الذي شارك الفنان الراحل في العمل بمسلسل
رأفت الهجان كتب علي صفحته علي تويتر أن الفنان الراحل كان يجمع
بين الطيبة والتدين والجدعنة والرجولة، مضيفا أن من أبرز المواقف
معه عندما كانا معا في إيطاليا ومر عليه في غرفته في الفندق، فدعاه
محمود للصلاة معه ومع شقيقه، ليفاجأ الحلفاوي بمحمود عبدالعزيز يقف
في نافذة الغرفة ويرفع الأذان بصوت عال.
محمد هنيدي أيضا ودع الساحر بالدعاء له بالرحمة.البقاء لله في
الفنان الرائع والمبدع محمود عبد العزيز وداعا يا ساحر.
الخبر كان صادما للمخرج عمرو سلامة، الذي عبر عن صدمته بهذه
الكلمات. خبر كالصاعقة، وفاة هرم الفن المصري محمود عبد العزيز،
لكنه سيخلد بفنه وبحب الناس له، ولن ينساه التاريخ كموهبة خارقة
وكساحر أبهج قلوب البشر.
المخرج يسري نصر الله كذلك أسماه “صانع البهجة” صانع البهجة تركنا.
وداعا محمود عبد العزيز.
خالد النبوي الكيف، العار، الساحر، رأفت الهجان.. رحم الله الفنان
الكبير محمود عبد العزيز.. ذهبت للقاء ربك لكنك لم تمت. .ستظل معنا
بقدر ما أسعدتنا».
أما أحمد حلمي.. فأسماه “الأستاذ” الأستاذ محمود عبد العزيز . الله
يرحمك
نعاه الموزع حسن الشافعي رحل الساحر محمود عبد العزيز، رحمك الله
وأدخلك فسيح جناته.
عمرو دياب غرد عبر تويتر قائلا :”رحم الله صديقي الفنان القدير
محمود عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته، وداعا يا أسطورة الفن العربي”.
شريهان غردت عبر تويتر: “لله ما أخذ وله ما أعطي وكل شيء عنده بأجل
مسمي.. اللهم صبر أبناءه وزوجته ومحبيه في مصر والوطن العربي وصبر
قلوبنا معهم يا الله”.
غادة عبدالرازق كتبت عبر الفيسبوك: البقاء لله في أوفي فنان، محمود
عبدالعزيز في قلوبنا دايما.. اللهم اغفر له وارحمه وأسكنه فسيح
جناتك”.
المطربة أحلام كتبت عبر الفيسبوك :”ترجل الفارس.. ترجل الهجان..
خسر الفن العربي الساحر.. واحد من عباقرة الجيل في الفن والطيبة
والشهامة”.
وليد توفيق غرد عبر تويتر: “محمود عبدالعزيز في ذمة الله.. شمعة
أخري في عالم الفن تنطفئ تاركة وراءها تاريخًا من العطاءات”.
نانسي عجرم غردت عبر تويتر: “متقدمة بأحر آيات التعازي من عائلة
الفنان الكبير محمود عبدالعزيز والشعب المصري والعربي، مضيفة الله
يرحمه ويسكنه فسيح جناته”.
أحمد السقا كتب عبر الفيسبوك :”الله يرحمك.. كنت خير الأب وخير
الصديق وخير الأخ.. دعواتكم بالرحمة”.
راغب
علامة غرد عبر تويتر: “خبر مؤلم ومحزن أن نخسر فنانا وأن أخسر
صديقا.. رحم الله حبيب القلب العملاق محمود عبدالعزيز”.
محمد حماقي غرد عبر تويتر: “البقاء لله في وفاة الفنان الكبير
والقدير محمود عبدالعزيز.. هتوحشنا يا ساحر”.
محمد رمضان كتب عبر الفيسبوك:”فراقك يوم حزين علينا.. الله يرحمك
ويسكنك فسيح جناته”
هند صبري: »محمود عبدالعزيز في ذمة الله، أحد أهم الممثلين الذين
عرفهم العالم العربي، سيضل خالدا بأعماله يوم حزين، الله يرحمه و
يصبر أهله».
كارول سماحة قالت: خبر حزين جداً وفاة الفنان الكبير محمود
عبدالعزيز أسطورة في السينما العربية تبقي في ذاكرتنا إلي الأبد.
أتقدم بأحر التعازي لعائلته وللشعب المصري.
يارا نعوم كتبت: “خالص التعازي للشعب المصري والعربي افتقدنا اليوم
هرم التمثيل العربي الله يرحمه”.
سيرين عبد النور كتبت :”وداعاً ممثل مصر والعالم العربي . الله
يرحمه محمود عبد العزيز”
آمال ماهر: “إنا لله وإنا إليه راجعون، وداعا للساحر وداعا
محمود عبدالعزيز”.
ميس حمدان: ”لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، محمود
عبدالعزيز في ذمة الله، ربنا يرحمك ويعوض تعبك ومرضك خيرا يارب. هتوحشنا
يا ساحر”. |