إلى جانب "مهرجان الأفلام السعودية"، ها هي "الرئاسة العامة لرعاية الشباب"
في البلاد، تُعلن إطلاق "مهرجان الشباب للأفلام"، مطلع العام المُقبل.
هكذا، يُصبح هناك مهرجانان للأفلام في السعودية التي لا توجد فيها صالة عرض
تجارية واحدة.
في بلدٍ يفتقد إلى شبّاك التذاكر، وتُمنع فيه السينما، يحاول كثير من
الشبّان فيه، خصوصاً خلال العقد الأخير، العمل على صناعة الأفلام؛ حيث
يُلاحظ أن حراكاً سينمائياً يتولّاه مخرجون ناشئون ومحترفون، يسعون إلى
المشاركة في مهرجانات خليجية وعربية، محاولين أن يثبتوا وجودهم على الخارطة
السينمائية العربية من خلال أفلام روائية قصيرة، وأخرى وثائقية.
هل يُمكن القول إنّ وجود مهرجانين، إلى جانب هذا الحراك، ممكن أن يشكّل
مقدّمة لافتتاح صالات عرض سينمائية في السعودية؟
رغم ضبابية المشهد وتشاؤم الكثيرين، إلّا أن الواقع لا يخلو من مؤشّرات
إيجابية ناتجة عن استعداد بعض رجال الأعمال لفتح دور في بعض المجمّعات
التجارية في الرياض. لا يستطيع أحد أن يحدّد متى وكيف ستكون البداية
الحقيقية على الأرض، لكنّ ثمّة توجّهاً عاماً، على المستوى الجماهيري، يتوق
إلى ذلك.
"هل
تشكّل المهرجانات مدخلاً لافتتاح صالات عرض سينمائي في السعودية رسمياً؟"
من جهةٍ أخرى، ثمّة دعمٌ باتجاه تنظيم الدورة الثالثة من "مهرجان الأفلام
السعودية" الذي تقيمه "جمعية الثقافة والفنون" تحت إشراف "وزارة الثقافة
والإعلام". انطلقت الدورة الأولى من هذا المهرجان عام 2008، ولم تُقم
الدورة الثانية منه إلّا في العام الماضي. وبعد قلق من عدم الحصول على
الترخيص، ها هم القائمون عليه يستعدّون لدورته الثالثة، التي يُفترض أن
تُنظّم في الربع الأول من عام 2016.
في مراجعةٍ سريعةٍ لدورته الماضية (شباط/ فبراير 2014)، نجد أنّ 66 فيلماً
شاركت في المهرجان، دارت معظم مواضيعها حول المجتمع السعودي وإشكالياته؛ إذ
تطرّقت بعض الأعمال إلى المرأة السعودية وحالها، بينما ذهبت أفلام أخرى إلى
تسليط الضوء على المهمّشين في المجتمع، مثل عمل بعنوان "ضائعون"، للمخرج
محمد الفرج، الذي يصوّر فيه جزءاً من حياة سكان قرية في مدينة أبها، لا
يحمل أهلها الجنسية ولا أية أوراق ثبوتية مع أنهم ولدوا وعاشوا هناك.
لم تمرّ الدورة الثانية من المهرجان بهدوء، بل شهدت هجوماً عنيفاً من قبل
المتشددين، لم يقتصر على شبكات التواصل وحسب، بل أيضاً من خلال الكم الكبير
من الشكاوى التي تلقاها مسؤولون في الدولة تتعلّق بما سمّاه المتشددون
"ترويجاً للرذيلة والاختلاط"، بعد أن شاهدوا رجالاً ونساءً سعوديين يمشون
على السجادة "الخضراء".
لكن المهرجان لم يتوقف، وها هو يستعد لدورته الثالثة، إلى جانب إعلان
مهرجان جديد. إلّا أن تساؤلاتٍ كثيرةٍ ستظلّ معلّقة إلى ذلك الحين. فهل
ستتمكّن التظاهرتان من استيعاب طاقات الشبّان الموهوبين والمُحبّين للفن
السابع؟ وهل ستشكّلان مدخلاً واقعياً لافتتاح صالات عرض سينمائي في
السعودية بشكل رسمي؟ |