"العائد
من الموت".. جمال الطبيعة وعنف من يعيش عليها
كاظم مرشد السلوم
لعل ابرز ما يميز فيلم "العائد" للمخرج أليخاندرو جونزاليس
إيناريتو ، هو جمال المشاهد واللقطات التي صورت سحر الطبيعة
وقسوتها في ذات الوقت ، وبالتأكيد هي التي ستبقى في ذاكرة من يشاهد
الفيلم ، دون الاحداث التي يمر بها بطله ، حيث رسمت الكاميرا لوحات
فنية غاية في الروعة . اما الحكاية فلم تكن سوى حكاية عادية ،
مستلة من حكايات الصراع بين الهنود الحمر ومغتصبي اراضيهم البيض ،
وان كانت هي في الاصل حكاية حقيقية لأحد الذين عاشوا تلك الفترة
وتعرض الى ذات الاحداث التي تظهر في الفيلم ، مع بعض التعديل الذي
طرأ عليها ، لضرورات السينما . ، كون قصته مأخوذة من رواية مايكل
بونكي التي صدرت عام 2002، والتي تعتمد بدورها على شخصية حقيقية.
الفيلم يحاول ، ومنذ اللقطة الاولى ومن خلال صوت بطله هيو غلاس ،
ان يؤكد على مبدأ المقاومة ، مقاومة كل الصعاب حتى النفس الاخير ،
وبالتالي هي ثيمة الفيلم الاساسية التي بنيت الحبكة الرئيسة عليها
،اذ يوصي ابنه "" هون عليك يابني ، أعلم انك تريد لهذا ان ينتهي ،
انا هنا بقربك ، سأكون هنا ، لكن إياك ان تستسلم ، هل تسمعني ،
طالما بإمكانك ان تتنفس ، فيجب عليك ان تقاوم ، تنفس واصل التنفس
"" .
لكن هيو يفقد ابنه ليتخذ من وصيته طريقا ومبدأ ودافعا له لينتقم من
قاتل ابنه ، فيتزجيرالد ، الشرير الذي لا يهمه سوى الحصول على
المال
.
الحكاية
مجموعة من الصيادين الذين يعملون لدى احدى شركات الفراء ، يتعرضون
لهجوم عنيف من قبل سكان المنطقة الاصليين "الهنود الحمر" من بينهم
هيو غلاس وابنه من زوجته الهندية التي قتلت في هجوم للجيش على
قريتها الهندية ، ينتهي الهجوم بمقتل العديد من الصيادين ، يبتعد
هيو غلاس عن المعسكر قليلا ، فيتعرض لهجوم دب كبير ، يتسبب بأذى
كبير له وفي جميع إجزاء جسده ، حد عدم استطاعته الحركة ، قبل ان
يتمكن اخيرا من قتل الدب بسكين كانت لديه
.
يصبح هيو عبئا على ما تبقى من مجموعة الصيادين وهم في طريق عودتهم
الى الديار ، مع وعورة المكان وكمية الجليد الذي يغطي الطرقات يطلب
الصياد فيتز جيرالد من رئيس المجموعة الكابتن بريدجر ، ان ينهي
حياة هيو رأفة به وتخليصه من معاناته وألمه وحتى تسهل عليهم متابعة
رحلة عودتهم بدونه ، لكن الكابتن وإن يوافق اولا لكنه لا يستطيع
التنفيذ ، فيعلن عن مكافأة لمن يبقى مع هيو ويوصله الى الديار أو
ان يدفنه بشكل لائق في حالة وفاته ، يبقى مع هيو ابنه وفتى يافع
اخر ، وفيتزجيرالد ، الذي يقوم بقتل الابن ، ودفن هيو وهو حي ،
ويتركه في وسط الغابة التي تملأها الثلوج والوحوش ، وخطر الهنود
.
لتبدأ رحلة هيو ، وهي رحلة الخلاص والانتقام ، حيث يمر بالعديد من
الصعاب لكنه يتجاوزها جميعا ليصل في الاخر الى قاتل ابنه وقاتله ،
لينتقم منه في الاخير ، فينحره امام حشد من الهنود الذين وجدوا
اخيرا ابنتهم التي اختطفت واغتصبت لكن هيو ساعدها في الهروب.
جماليات النص المرئي
يقدم المخرج أليخاندرو جونزاليس إيناريتو ، دهشة بصرية جمالية ، من
خلال تصويره الطبيعة دون إضاءة بل الاعتماد على الاضاءة الطبيعية
التي انتظرها المصور البارع ايمانويل لوبزكي ، ليدهشنا بسحر هذه
الطبيعة وقسوتها في نفس الوقت ، حيث ثنائية الجمال والقسوة ، تساهم
بشكل كبير في مجرى الاحداث
.
يحرك ايمانويل لوبزكي كاميرته بالطريقة التي تجعلك تندهش لسحر
الطبيعة ، حتى تفقدك احيانا تعاطفك مع هيو ومعاناته ، واعتقد ان
جمال التدفق الصوري ، هو الأهم في فيلم اليخاندور العائد من الموت
.
تأويل النص المرئي
ما يقوله هيو في بداية الفيلم كوصية لابنه ، يؤكد على موضوعة الصبر
والمقاومة ، لكن الفيلم ينسحب الى جانب الانتقام ، الانتقام الذي
لا بد منه ، كما اراد صانعو الفيلم ، لكن السؤال هو لماذا لم يطرح
الفيلم مأساة الهنود الحمر ، الا في بعض المشاهد حيث يمر
فيتزجيرالد والفتى الذي معه بإحدى قرية الهنود التي احرقت وقتل من
فيها باستثناء امرأة واحدة ، وكأن الفيلم يريد ان يقول ان ما حصل
للهنود هو نتيجة طبيعية لمقاومتهم من استولى على ارضهم
.
ان ما يمر به البطل يفوق حدود القدرة الانسانية ، لكن يبدو ان
الاصرار على البطل الامريكي الذي لا يقهر يبقى حاضرا في معظم
الافلام الامريكية ، كما هو مطروح في فيلم "افاتار" لجميس كاميرون
، حيث جندي البحرية هو من يقود في نهاية الفيلم سكان كوكب اخر ،
رغم حضاراتهم وما يمتلكون من قدرات.
الاداء
يبدو ان الممثل ليوناردو دي كابريو مصرّ هذه المرة على الحصول
الاوسكار التي ما زال ينتظرها حيث لم يحصل عليها رغم انه كان بطلا
للفيلم الكبير" تايتينك " والحاصل على عدة جوائز اوسكار ، فكان
اداؤه مميزا بدليل عدم قبوله بأن يكون له بديل في المشاهد الخطرة ،
وتحمله جميع المصاعب التي تطلبها التصوير . ولكن السؤال ، هل هذا
كافٍ لكي يحصل اي ممثل على جائزة الاوسكار ، باعتبار ان التمثيل
يتطلب ايصال الحس الدرامي الى المشاهد وجعله يتماهى مع الممثل ،
واعتقد ان هذا لم يحصل مع دي كابريو ، بسبب طول المشاهد التي تظهر
معاناته في رحلة العودة من الموت والذهاب الى الانتقام ، الامر
الذي قد يكون سببا في تراجع التعاطف الذي يبديه المشاهد في الربع
او النصف الاول من الفيلم ، واعتقد انه كان بالإمكان اختزال وقت
الفيلم - ساعتان وست وثلاثون دقيقة - ، الى ساعتين لكي يبقى
المشاهد في فورمة الفيلم ، فالإطالة حسب رأيي قد اثرت على مستوى
الفيلم
.
من خلال استطاعته ان يكسب كره المشاهد له كونه شخصية شريرة غادرة
لا يهمها سوى المال، استطاع الممثل توم هاردي ان يؤدي دوره بشكل
جيد ، وكان المعادل الحاضر في الخط الدرامي امام البطل دي كابريو
.
خاتمة
الترشيحات الكثيرة لفيلم "العائد" للحصول على الاوسكار ، أفضل ممثل
، أفضل ممثل مساعد ،أفضل تصوير سينمائي ،أفضل تصميم أزياء، أفضل
مونتاج صوتي ، أفضل خلط أصوات ،أفضل مونتاج ،أفضل تأثيرات بصرية،
أفضل مكياج وتصفيف شعر ، افضل مؤثرات بصرية لم تأتِ اعتباطا خصوصا
في حقل الاخراج والتصوير ، ومن الممكن ان يحصل على بعضها بالتأكيد
، خصوصا التصوير والاخراج ، وكذلك التمثيل التي ستمنح لكابريو ،
مع الضغط الإعلامي الكبير الذي رافق الترشيح.
المخرج الكولومبي سيرو غويرا وفيلمه "عناق الأفعى" المرشح لجائزة
أوسكار
ترجمة: عادل العامل
حين يفكر المرء بأكثر الأفلام الأميركية اللاتينية تكريماً لفترة
العشرين سنة الماضية، فإنها تنحصر بشكل رئيس في ثلاثة بلدان ــ
المكسيك، والأرجنتين، والبرازيل. لكن الأمور بدأت تتغير وأخذت
كولومبيا تتحدى الوضع الراهن. ويمكن القول إن فيلم سيرو غويرا،
"عناق الأفعى
The Embrace of the Serpent"،
هو أول فيلم كولومبي يتم ترشيحه على الإطلاق لجائزة أوسكار والفيلم
الوحيد الذي يمثّل قارة أميركا اللاتينية في فئة أفضل فيلم أجنبي
في مسابقة جوائز الأكاديمية في شباط هذا العام، كما يقول جاك ريكو
في مقاله هذا.
ويركز الفيلم، المصور بالأسود والأبيض، على كَراماكيت، وهو شامان
أمازوني ( والشامان كاهن يستخدم السحر لمعالجة المرضى وكشف الخبايا
والسيطرة على الأحداث )، والناجي الأخير من شعبه الذي يعيش في
عزلة، وكذلك العالِمين اللذين يقيمان، على مدى أربعين سنة، صداقةً
معه. وقد استُلهمت قصة الفيلم من يوميات واقعية لاثنين من
المستكشفين كانا يسافران عبر الأمازون الكولومبي خلال القرن الماضي
بحثاً عن اليَكرونا
Yakruna
المقدس الشارح للنفس الذي يصعب العثور عليه، وهو نبات غامض قادر
على تعليم الإنسان كيف يحلم ويعالج الأمراض. ويباشر الثلاثة
تجوالاً طويلاً سيقودهم إلى معرفة جديدة، وغدر، وتجارب فائقة حاسمة
أيضاً.
وقد كانت لنا فرصة للتحدث مع المخرج سيرو غويرا لنفهم بشكل أفضل
المغزى التاريخي لترشيح هذا الفيلم للأوسكار. وأخبرنا كذلك عن
حديثه مع الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس وما إذا كان سيرغب
ذات يوم في إخراج فيلم هوليودي:
·
كيف اكتشفتَ أنك مرشح لجائزة أوسكارٍ؟ أين كنت؟ وماذا كان رد فعلك
المباشر على الخبر؟
-
لقد دعا تلفزيون كاراكول ( في كولومبيا ) فريق الانتاج بكامله
لتناول الفطور في ستوديوهاته من أجل الاستماع للترشيحات. وحين
أُعلن الترشيح، كان أمراً مثيراً، وراح الحاضرون يتصايحون ويقفزون.
وبعدها بدأت المكالمات تأتي من الصحافة وبدا الأمر وكأني مختطف
لديهم ( ضحك
).
·
أعرف أن واحدة من المكالمات الأولى التي تلقّيتَها كانت من رئيس
كولومبيا، خوان مانويل سانتوس. ما الذي تحدثتما عنه؟
-
قال لي إنه مثار وفخور بالإنجاز الذي حصل. وشكرناه كذلك لدعمه
السينما الكولومبية، وهو عامل مهم في النجاح الذي لدينا اليوم.
·
ما رأيك بهوليود؟ أتود أن تخرج فيلماً هوليودياً في آخر الأمر؟
-
إن هوليود ماكينة تلتهم المخرجين، ولهذا أعرف أن من الصعب البروز
وسط ذلك كله. لكن ستكون فرصة ممتعة للتعلم هناك إذا توفرت عروض
للعمل ... والذي لن أفعله هناك بالتأكيد عمل نفس الأفلام التي
أخرجها في كولومبيا. سأكون مهتماً بإمكانية خلق أنواع مختلفة من
الأفلام والعمل مع أنواع مختلفة من المواهب. والخيال العلمي،
الخيال العلمي البارع، الفنتازيا، هو من الأشياء التي تجتذبني.
وهناك جزء مني متأثر كثيراً بالمخرج الياباني هاياو ميازاكي الذي
يترك خياله طليقاً لحاله. وأنا أقر بأني لم أستكشف حقاً في
كولومبيا وأنه لأمر ممتع أن أفعل هذا.
عنNBCNEWSn |