حكايات ٧ سينمائيين رفضوا استلام جوائزهم من الأكاديمية التي تمنح
الأوسكار
أحمد خالد
مع إعلان أكاديمية علوم وفنون السينما الأمريكية عن ترشيحاتها
لجوائز الأوسكار، تزايدت الاحتجاجات بسبب خلو قائمة ترشيحات
الأوسكار لهذا العام من أي ممثل أو ممثلة سوداء البشرة، ووصل الأمر
إلى وصف الجوائز التي تمنحها الأكاديمية العريقة بـ"جوائز الأوسكار
البيضاء".
واحتج عدد لا بأس به من السينمائين وطالبوا بمقاطعة حفل الجوائز
الـ٨٨، والمقرر إقامته يوم ٢٨ فبراير، بسبب ما أسموه "نقص التنوع
في ترشيحات الأوسكار" هذا العام، بدءًا من جادا بنكيت سميث وزوجها
ويل سميث، ووصولا إلى الممثل مارك رافلو، والذي أعلن أنه يفكر
جديًا في مقاطعة الحفل رغم منافسته على جائزة "أفضل ممثل في دور
مساعد".
وهو ما دفع الأكاديمية التي تمنح الأوسكار إلى التعهد بمضاعفة
أعداد الأعضاء فيها من النساء والأقليات بحلول ٢٠٢٠، واتخاذ
إجراءات تضمن زيادة التنوع منها إضافة ٣ مقاعد جديدة إلى مجلس
الأكاديمية لتحسين التنوع في قيادتها، وسحب حق التصويت من أولئك
الذين لم يكونوا فاعلين في الصناعة السينمائية خلال السنوات العشر
الأخيرة.
ولكن حالات المقاطعة لحفل جوائز الأوسكار هذا العام من قبل أفراد
أو مجموعات ليست الأولى في تاريخ الجائزة الشهيرة؛ فعدد كبير من
السينمائيين أعلنوا صراحة مقاطعتهم لحفل جوائز الأوسكار سواء بشكل
مطلق او بسبب مواقف ما عبر التاريخ.
موقع
FilFan.com
يستعرض لكم أشهر ٧ سينمائيين رفضوا حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار:
١)
جورج سي سكوت
الممثل الأمريكي جورج سكوت رفض عام ١٩٧١ ترشيحه للأوسكار عن فيلم
Patton (١٩٧٠)،
وأرجع رفضه إلى أنه لا يرى أي منافسة مع زملائه الممثلين، وعندما
فاز سكوت بالجائزة، تسلمها عنه منتج الفيلم فرانك مكارثي، وطلب
جورج سكوت من مكارثي إعادة الجائزة إلى الأكاديمية في اليوم التالي
مبررا أنه رفض ترشيحه للجائزة ما يعني أنه لا يقبل هذا الفوز.
جورج سكوت وصف الحفل لاحقا بأنه عبارة عن عرض تمثيلي وأن الموجودين
فيه يشبهوا اللحم المعروض، وأن الهدف من وراء جوائز الأوسكار وحفل
توزيعها هو الاستفادة المادية فقط لا غير.
٢)
مارلون براندو
براندو أحد أهم الممثلين في التاريخ وصاحب فوزين بالأوسكار، وهو
ثاني ممثل في تاريخ الأوسكار يرفض تسلم جائزته.
براندو رفض الذهاب لاستلام الجائزة عام ١٩٧٣ عن دوره في فيلم
The Godfather (١٩٧٢)،
ولم يكتف فقط بعدم الذهاب إلى حفل توزيع الجوائز، بل طلب من
الممثلة ساشين ليتلفيزر أن تحضر محله في الحفل، وفي حال فوزه تصعد
إلى المنصة لتنقل للجميع رسالته بأنه لا يرحب بالجائزة بسبب تعنت
هوليوود تجاه الهنود الحمر –السكان الأصليون لأمريكا – والتي تنتمي
ساشين إليهم.
براندو لم يكن رافضا لتكريمه من الأكاديمية على طول الخط؛ فبراندو
فاز عام ١٩٥٥ بجائزة "أفضل ممثل في دور رئيسي" عن فيلم
On the Waterfront (١٩٥٤)
وحضر الحفل لتسلم جائزته.
٣)
إنجمار برجمان
موقف المخرج السويدي إنجمار برجمان، أحد أهم مخرجي السينما في
العالم عبر التاريخ، كان واضحا تجاه مهرجانات السينما بشكل عام منذ
البداية.
إنجمار نال أول ترشيح للأوسكار عام ١٩٦٠ عن فيلمه
Wild Strawberries (١٩٥٧)
في فئة "أفضل سيناريو"، لكن هذا الترشيح أثار غضبه فقام بكتابة
خطاب لرئيس الأكاديمية حينها يعبر فيه عن رفضه لهذا الترشيح.
برجمان كتب في خطابه أنه يرفض فكرة الجوائز بشكل عام، ويعتبرها
إهانة للعقل، وقال إنه لو كان بيده الأمر لرفض مشاركة أي من أفلامه
في أي مهرجان سينمائي، وطلب من الأكاديمية أن تتجاهله، وتتجاهل
أفلامه مستقبلا، ولا تقوم بترشيحه أو ترشيح أيا من أعماله لأي
جائزة، وهو ما لم تفعله الأكاديمية التي رشحته لاحقا لـ٩ جوائز
أوسكار بجانب فوز ٣ من أفلامه بجائزة "أفضل فيلم أجنبي"، كما منحت
الأكاديمية جائزة شرفية لبرجمان، ولكنه أصر على موقفه ورفض الحضور
لاستلامها.
٤)
دادلي نيكولز
أول من رفض جائزة الأوسكار في تاريخ الجائزة المرموقة هو
السيناريست دادلي نيكولز الذي فاز عام ١٩٣٥ عن فيلمه
The Informer (١٩٣٥).
نيكولز رفض تسلم الجائزة بسبب وجود خلافات ونزاعات حينها بين
الأكاديمية ورابطة الكتاب، ورأى أن قبوله لهذه الجائزة يعتبر خيانة
و طعنة في الظهر لزملائه الكتاب وأعضاء الرابطة.
التمثال الذهبي تم إرساله من الأكاديمية إلى بيت نيكولز، ولكنه قام
بإعادته للأكاديمية مرة أخرى رافضا الاحتفاظ به.
٥)
كاثرين هيبورن
صاحبة ١٢ ترشيحا و٤ فوز في فئة التمثيل، وإحدى أهم الممثلات في
السينما عبر التاريخ، لم تتسلم أي جائزة من الأربعة في تاريخها.
كاثرين هيبورن صاحبة الشخصية القوية والمواقف الحازمة أعادت جميع
الجوائز التى أرسلت لها من قبل الأكاديمية ورفضت الاحتفاظ بها.
كاثرين هيبورن بررت موقفها برفضها لفكرة الجوائز في الأساس، رغم
كونها في قائمة الشخصيات الأكثر فوزا والأكثر ترشحا في تاريخ جائزة
الأوسكار.
ووافقت هيبورن على حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار السادس والأربعون
(١٩٧٤) من أجل تسليم المنتج لورانس وينجارتن جائزة الأوسكار
الشرفية، وهو الذي قام بإنتاج عدد كبير من أفلام كاثرين هيبورن،
وكان الظهور الوحيد لها في أي حدث يخص جوائز الأوسكار.
٦)
جان لوك جودار
جان لوك جودار الأب الروحي للموجة السينمائية الفرنسية الجديدة،
وصاحب الأفلام الفلسفية لم يترشح لأي جائزة أوسكار خلال مسيرته
ولكنه فوجئ عام ٢٠١١ بإهداء الأكاديمية جائزة شرفية له عن تقديمه
لنوع جديد من السينما ملئ بالعاطفة والشغف و المواجهة، وحاول
المسؤولين في الأكاديمية التواصل مع جان لوك جودار ولكنه لم يرد
عليهم.
في حوار لاحق لجودار مع إحدى الصحف برر جان لوك جودار موقفه من رفض
الجائزة بـأنه يعتقد أن "هذه الجائزة غريبة ولا تعني شيئا، وأنا
أتساءل دوما: لماذا أرادوا تكريمي؟ هل شاهدوا أيا من أفلامي من
قبل؟ أو حتى سمعوا عما قدمته للسينما؟، وإذا كانوا شاهدوا أفلامي..
فلماذا جاء التكريم الآن؟".
جودار أشار في الحوار نفسه أنه لا يملك تأشيرة لدخول الولايات
المتحدة الأمريكية ولا يرغب في التقدم للحصول عليها.
٧)
وودي آلن
٢٤
ترشيحا للأوسكار منهم فوز ٤ مرات هي حصيلة المخرج والممثل والمؤلف
وودي آلن حتى الآن.
"الفيلسوف
العبقري" كما يطلق عليه محبيه لم يحضر حفل جوائز الأوسكار في أي من
المرات التي ترشح أو فاز فيها.
مرة وحيدة هي التي ظهر فيها وودي في حدث يخص جوائز الأوسكار، في
حفل توزيع جوائز الأوسكار الرابع والسبعون (٢٠٠٢) بعد هجمات الحادي
عشر من سبتمبر، واصفا حضوره بأنه "موقف وطني" تجاه بلاده وليس فني.
وودي لا يحب الجوائز ولا يحب المنافسة، فهو يرى أن السينما وجدت
للاستمتاع بها، و ليس الدخول في صراعات ومنافسات مع الأخرين، وعند
سؤاله في النسخة الثامنة والستون من مهرجان كان السينمائي (٢٠١٥)
إذا كان يفكر في تغيير موقفه بشأن المشاركة في المنافسة الرسمية
للمهرجان بفيلمه القادم كان رده قاطعا بالنفي.
The Hateful Eight..
ألغاز أجاثا كريستي وحمام دم تارنتينو!
حاتم منصور
"عندما
يسألني أحدهم عما اذا كنت درست في معاهد سينما، أجيبه بـ (لا).
درست في الأفلام نفسها"
العبارة السابقة من أشهر مأثورت السيناريست والمخرج الأمريكي
كوينتن تارنتينو. الرجل الذي درس السينما عن طريق مشاهدة ألاف
الأفلام، وأمضى فترة الثمانينات كلها كموظف في نوادي تأجير شرائط
الفيديو، قبل أن يبدأ مشواره الذهبي عام ١٩٩٢ بفيلم "كلاب المخزن"
Reservoir Dogs
ويواصل بعدها تألقه بفيلم "حكايات شعبية"
Pulp Fiction.
ما يجعل للعبارة وزن باستمرار، هو طبيعة أفلامه نفسها. كل فيلم من
أفلامه السبعة بلا استثناء، يعكس تأثر واضح بكلاسيكيات قديمة، وهو
ما ينطبق على فيلمه "الثمانية المكروهون"
The Hateful Eight
المعروض حاليا.
التأثر الأوضح هنا يتعلق بأستاذه الراحل سرجيو ليوني، الذي ترك
بصمة واضحة على أفلام الغرب الأمريكي، كان أشهر لمساتها في "الطيب
والشرس والقبيح"
The Good, The Bad and The Ugly (١٩٦٦).
التأثر الثاني يتعلق بفيلم تارنتينو نفسه
Reservoir Dogs (١٩٩٢)
الذي دارت أحداثه عن مجموعة من المجرمين في مكان مغلق، تجمعهم
أجواء متوترة بسبب شكهم في وجود خائن بينهم.
التأثر الثالث - والأقل وضوح - متعلق بفيلم الرعب "الشيء"
The Thing
الذي أخرجه جون كاربنتر عام ١٩٨٢ وهو فيلم يلعب بدرجة من الدموية
والخيال العلمي على تيمة: شخصيات محاصرة في مكان واحد، وأحدهم وحش
غير بشري سيقضي على الباقين. الكل بلا استثناء مشكوك فيه في مرحلة
ما في الفيلم، وعلى المتفرج أن يشارك في لعبة التخمين والتشويق
الدموية حتى النهاية.
الفكرة لو لاحظت تفريعة لمدرسة الروائية البريطانية أجاثا كريستي
(من الجاني؟). وبالتالي لدينا هنا في الفيلم الثامن لتارنتينو، ما
يمكن وصفه كقصة بوليسية شيقة لأجاثا كريستي، يتم اخراجها عن طريق
سرجيو ليون، اذا تخلى عن وقاره وقرر تنفيذها بنزعة عبثية دموية
تفوق الموجود في أفلام الرعب نفسها!
الأحداث بعد انتهاء الحرب الاهلية الأمريكية. صائد الجوائز (كيرت
راسل) يصطحب مجرمة محكوم عليها بالإعدام (جينيفر جيسون لي)،
لتسليمها للسلطات مقابل مكافأة. لكن كل شىء يتغير عندما تُجبره
عاصفة ثلجية في الطريق، على الإقامة مؤقتا في مأوى مع آخرين
(صامويل إل جاكسون - تيم روث - والتون جوجينز - مايكل مادسن - بروس
ديرن - دميان بشير).
اذا كنت من جمهور تارنتينو يمكنك الأن استنتاج الأساسيات. لا أحد
يقول الحقيقة.. الأجواء تتوتر.. الكل موضع شك.. الكل ضد الكل..
المسدسات تخرج.. والكثير من الدماء تتناثر. أو ربما الكثير جدا جدا
هذة المرة!.. حمام دم قد يكون الوصف الأدق.
أضف للتركيبة بعض الألاعيب والتوابل المشهور بها مثل (التلاعب
بالتسلسل الزمني للسرد والفلاش باك، والحوارات الطويلة، والشخصيات
الغريبة، والاسقاطات بخصوص قضايا العنصرية)، وستعرف غالبا مواضع
التسلية في الفيلم.
رغم هذا لا يرقي العمل ككل الى نفس معدل التسلية في أفلامه. والسبب
الكثير والكثير جدا من المط والتطويل في النصف الأول، خصوصا مرحلة
البداية قبل احتشاد الشخصيات في مكان مغلق. ملاحظة مؤسفة جدا عن
فيلم يتحول في نصفه الثاني لقطار تشويق واثارة لا يتوقف.
أغلب الطاقم تعامل مع تارنتينو سابقا، لكن رغم اسم الفيلم يبرز ٣
بالأخص. الأول صامويل إل جاكسون الذي يستعيد أمجاده، بدور قد يكون
الأهم منذ لقاءهم الأول في
Pulp Fiction (١٩٩٤).
شيء ما ساحر يحدث على الشاشات عامة، عندما ينطق جاكسون سطور حوار
تخص تارنتينو!
الثاني كيرت راسل الذي فاز بشخصية جذابة ذات طابع كاريكاتيري شكلا
وسلوكا، قام بتطويعها في هذا المسار أكثر وأكثر. ومن جديد يحافظ
تارنتينو على سمعته كمخرج قادر على اعادة ممثل تم نسيانه لمسار
الأمجاد، مع اختياره لـ جينيفر جيسون لي.
دور جينيفر المحوري يحتاج لنجمة صاحبة حضور خاص. نجمة تستشعر
وجودها في المكان والأحداث حتى وهى خارج الكادر. وقد أعطت
لتارنتينو ما أراد وأكثر، ونالت عن جدارة، ترشيح أوسكار كأفضل
ممثلة مساعدة.
رغم جودة المحتوى الموجود بصريا، على مدار مدة العرض التي تناهز 3
ساعات، خسر الفيلم الكثير بسبب الدعاية والضجة التي أثيرت عنه منذ
البداية، مع قرار تارنتينو بتصويره على خام نيجاتيف ٦٥ ملم،
واستخدام عدسات ٧٠ ملم. تركيبة ينتج عنها نسبة أبعاد عريضة جدا ( ١
: ٢.٧٦) لم تستخدم منذ الستينات. لاحظ في الصورة نسبة العرض إلى
الطول.
هذة الضجة رفعت سقف توقعات العديد من المتفرجين والنقاد، على
اعتبار أن الفيلم سيشهد بصريا شىء لم نراه من قبل. اجمالا صورة
الفيلم أكثر من ممتازة، بشكل يعكس خبرات تصوير اسم مخضرم مثل روبرت
ريتشاردسون. وتستحق فعلا التواجد ضمن الـ5 مرشحين للأوسكار كأفضل
تصوير، لكن تحفُز الكل بعد هذة الضجة منع العديدين من تذوق معالم
تميزها.
البعض الأخر يرى التركيبة العريضة غير موفقة، لفيلم تدور أغلب
أحداثه في مكان مغلق، على اعتبار أن مزاياها تخص عادة اللقطات
الخارجية، التي تظهر فيها أبعاد مكان أو خلفيات، وهو رأى لا أتفق
معه نهائيا.
النسبة العريضة أفادت الفيلم أكثر في المشاهد الداخلية، لأن طبيعة
الحبكة تتطلب في مقاطع عديدة، متابعة حركة وأماكن تواجد عدة شخصيات
داخل نفس اللقطة. بصفة عامة لا أعتبر التصوير هنا أفضل انجازات
ريتشاردسون مع تارنتينو، لكن يظل بالتأكيد ضمن أفضل انجازات العام.
لمسة اينيو موريكون في الموسيقى التصويرية العنصر الأكثر تميز هذة
المرة. والمفاجأة أنه لم يعد لتكرار ما قدمه سابقا مع سرجيوليوني.
لا توجد أنغام بطولية أو لمحات تعظيم، لأن أبطال وأجواء الفيلم
مختلفة. الموسيقى هنا أقرب لموسيقاه في
The Thing (١٩٨٢).
فيلم الرعب الذي تحدثنا عنه سابقا. ربما يرى موريكون شخصيات الفيلم
كما يراهم مخرجه. مجرد طاقم أوغاد محبوس في مكان مغلق، يتحرك أغلبه
بدوافع خطأ. اذا تأملت مسار تارنتينو عامة، ستلاحظ ربما أن هذة قد
تكون نظرته للعالم ككل!
باختصار:
داخل هذا الفيلم الجيد جدا الذي تبلغ مدته ما يقرب من ٣ ساعات،
تحفة ممتازة محبوسة تصرخ للخروج مدتها أقل بنصف ساعة أو أكثر. عمل
أخر يستحق المشاهدة يحمل كل جينات تارنتينو وخصوصيتها. في الحقيقة
يستحقها أكثر من مرة. |