ملفات خاصة

 
 
 

عمر الشريف لم يكن ملاكاً ولا شيطاناً

سمير فريد

عن رحيل الأسطورة

عمر الشريف

   
 
 
 
 
 
 

أعاد جمال الغيطانى فى يومياته فى «الأخبار»، عدد الأربعاء الماضى على نصف صفحة، نشر مقال للكاتب اللبنانى أسعد أبوخليل، نشره فى جريدة «الأخبار» اللبنانية عن عمر الشريف (1932-2015).

المقال عن مواقف عمر الشريف السياسية، وخلاصته أن الفنان باع مصريته وعروبته وإسلامه من أجل أن يصبح «عالمياً»، ابتداء من عنوان المقال «أومار شاريف»، وكأنه شخصية أجنبية. ودلائل الكاتب على ذلك أنه اشترك فى تمثيل فيلم «لورانس العرب» إخراج دافيد لين، وفى رأى الكاتب أنه «يضع العرب فى الخلفية»، ويعتبر «إهانة للتاريخ وللعرب على حد سواء». واشترك فى تمثيل فيلم «دكتور زيفاجو» إخراج دافيد لين المعادى للاتحاد السوفيتى والشيوعية. وفى تمثيل فيلم «فتاة مرحة» إخراج وليم وايلر مع الممثلة الأمريكية اليهودية باربرا سترايسند، وهى مؤيدة لإسرائيل. وفى تمثيل فيلم «تشى» إخراج ريتشارد فليشر عن حياة جيفارا الذى مولته المخابرات الأمريكية لكى تتبرأ من قتله. وحتى فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن» إخراج فرنسوا ديبرون، والذى يعبر عن تسامح الإسلام مع اليهود، يراه الكاتب عن تسامح الصوفيين فقط، وذلك «لأن غيرهم ليسوا لائقين» - على حد تعبيره.

■ التصريحات والتصرفات

ويرى الكاتب أن تصريحات عمر الشريف السياسية تتكامل مع أفلامه، وهى أنه يحمّل عبدالناصر المسؤولية عن إشعال حرب يونيو 1967، ويرى اليهود يسيطرون على السينما الأمريكية، وأن العرب قبليون ولا تلائمهم الديمقراطية. ويرى الكاتب أن الأفلام والتصريحات تتكامل مع تصرفاته فى حياته الخاصة التى تؤكد أنه «لم يكن يتعاطف مع الشعوب المقهورة حول العالم»، والدليل على ذلك ضرب عامل مكسيكى فقير فى بيفرلى هيلز، ووصفه إياه بأنه «مكسيكى مغفل»، وصفع معجبة مصرية ضايقته.

لقد اعترف عمر الشريف بأنه كان يلعب القمار ويشرب الخمر، وكان يثور ويتحول إلى شخص آخر عندما يفرط فى الشراب، ولهذا اشتبك مع العامل المكسيكى فى مرآب للسيارات، كما اشتبك مع شرطى فرنسى فى باريس فى واقعة أخرى. وهذه التصرفات بالطبع سيئة ولا يمكن تبريرها، ولكنها لا تعنى أنه لا يتعاطف مع الشعوب المقهورة حول العالم!.

وما هى المشكلة فى أن يرى عمر الشريف أن العرب قبليون ولا تلائمهم الديمقراطية. إنه مجرد رأى قابل للنقاش، ولا ينفرد به. وكذلك قوله إن عبدالناصر هو المسؤول عن حرب يونيو. أما القول بأن المؤثرين فى صناعة السينما العالمية أغلبهم من اليهود، فهذه حقيقة معروفة قالها أيضاً مارلون براندو وآخرون، وصدرت عنها عدة كتب، ولا تعنى الإعجاب بهذه السيطرة، أو التسليم بها، إن لم تكن تعنى عدم قبولها.

■ ليبرالى يؤمن بالسلام

الكاتب يفترض أن عمر الشريف يعمل بالسياسة وكأنه عضو فى حزب سياسى، وأنه إن لم يكن من القوميين العرب، ومن الذين يؤمنون بالكفاح المسلح، فهو شيطان رجيم. والواقع أن عمر الشريف كان ليبرالياً ويؤمن بالسلام، وممثلا يسعده قبل كل شىء العمل مع مخرجين كبار يعرفون كيف يختارون الممثل المناسب للدور المناسب. وهو لم يمثل فى السينما العالمية شخصيات عربية فقط، وإنما شخصيات تنتمى إلى أكثر من عشر جنسيات وأعراق.

لماذا يطلب من عمر الشريف رفض التمثيل فى «لورانس العرب»؟ لأنه يضع العرب فى الخلفية، وما معنى الخلفية هنا؟، وألم يصور الفيلم فى الأردن، وتحت رعاية القصر الملكى؟ لماذا يُطلب من عمر الشريف أن يرفض التمثيل فى «دكتور زيفاجو» لأنه ضد الاتحاد السوفيتى والشيوعية، وكأنه كان شيوعياً، وباع نفسه للمعادين لها؟ لماذا يُطلب من عمر الشريف رفض التمثيل مع من يؤيدون إسرائيل، وهل قبوله يعنى أنه يؤيد إسرائيل مثلهم؟ لقد مثل شخصية مقامر أمريكى فى فيلم «فتاة مرحة»، ومثل نفس الدور بعد ذلك فى فيلم «سيدة مرحة» إخراج هربرت روس، فما علاقة هذه الشخصية بالسياسة أصلاً؟

وقد قال عمر الشريف إنه لم يكن يعرف دور المخابرات الأمريكية فى إنتاج فيلم «جيفارا»، فلماذا لا نصدقه، وما الذى يدعوه إلى الكذب، وأليس وقوعه فى هذا الفخ دليلا على أنه ليس ذلك السياسى الضليع الذى يفترضه كاتب المقال؟ لقد تم وضع عمر الشريف فى قائمة المقاطعة العربية عام 1980 لتأييده المعاهدة المصرية الإسرائيلية التى وقعت عام 1979، مثله فى ذلك مثل نجيب محفوظ، ولم يكن السبب أفلام عمر الشريف أو أدب نجيب محفوظ.

■ البيع والشراء

لم يبع عمر الشريف مصريته أو عروبته أو إسلامه، ولم يبع أى شىء. ولم يكن الغرب يريد أن يشترى منه سوى موهبته. وقد كان فى إمكانه أن يبيع لو أراد، ولكنه رفض بملء إرادته، ولم يغير جواز سفره المصرى. وكان يريد العودة إلى مصر والتمثيل فى أفلام مصرية وعربية، وكان له ما أراد، وكان آخر أفلامه فيلما مغربيا. وكانت سعادته الكبرى أن يلبى دعوات المهرجانات العربية من مراكش إلى دبى والدوحة. وكان يدعو الله أن يموت فى مصر ويدفن فى ثراها، وتوافق دعاؤه مع إرادة الله. وبعد موته قالت باربرا سترايسند على صفحتها فى «فيس بوك» إن عمر الشريف كان «فخوراً بمصريته». فهل كانت تكذب، ولماذا تكذب؟

ويقول الكاتب إن «العالمية» لم تكن هاجس عمر الشريف وهو يعمل فى مصر، وهذا ليس صحيحاً. فقد مثل دور جحا فى فيلم فرنسى صور فى تونى عام 1957 قبل خمس سنوات من تصوير «لورانس العرب». وذلك فضلاً عن أن هذا الهاجس ليس عاراً ولا مسبة، فكل فنان فى العالم، سواء فى الشرق أو فى الغرب، فى القاهرة أو هوليوود، يسعى لأن يكون معروفاً فى كل العالم. ويقول الكاتب إن «نيويورك تايمز» وصفت نجومية عمر الشريف بأنها كانت «وجيزة». وهذا ليس صحيحاً، لأنه عاش ومات نجماً مرموقاً، وكان مثل أغلب الفنانين يمر بفترات صعود وهبوط. ثم أليس من الممكن أن نقول إنها حتى لو كانت «وجيزة»، فإن السبب فى ذلك رفضه التمثيل فى أفلام معادية للعرب، ورفضه زيارة إسرائيل؟!

ليس هناك ما يثبت أن هذا أو ذاك «باع» إلا عندما يعرض عليه الشراء، فيرفض أن يقبل. الشعارات والكلام فى حاجة إلى محك للإثبات. وقد تلقى عمر الشريف أكثر من دعوة من مهرجانات فى إسرائيل، ورفض، ولم يقبل أن يصور فيها أى فيلم طوال حياته، وكان من شأن ذلك أن يفتح له أبواباً كثيرة. قل ما هو الفيلم المعادى للعرب الذى اشترك فى تمثيله عمر الشريف أو اصمت. قل متى ذهب إلى إسرائيل، أو صور فيها فيلماً، أو اصمت.

لماذا يتجاهل الكاتب باقة الورد الأبيض التى أرسلها الرئيس الفلسطينى محمود عباس لتوضع على قبر عمر الشريف، وكانت الوحيدة من ملك أو رئيس عربى.. أم أن محمود عباس لا يتعاطف مع الشعوب المقهورة حول العالم؟!. ويقول الكاتب إن حياة عمر الشريف الخاصة لا تعنيه، فلماذا يشير إلى واقعة عامل السيارات المكسيكى، ويبنى عليها حكمه الغليظ الذى يجعل عمر الشريف مجرداً حتى من المشاعر الإنسانية البسيطة.

يفيض المقال بالكراهية، وبجهد كبير، من أجل شيطنة عمر الشريف. وليس مطلوباً من كاتبه أن يحب عمر الشريف أو يحترم أفلامه. يكفى عمر الشريف حب جمهوره الكبير، واحترام نقاد السينما لأغلب أفلامه، فى مصر والعالم العربى والعالم كله. عمر الشريف ليس ملاكاً ولا شيطاناً، وإنما ممثل مبدع، وشخصية وطنية وعربية وعالمية من أعلام مصر فى القرن العشرين، وسوف تبقى أفلامه الكبرى ما بقيت السينما وما بقى الإبداع الفنى.

samirmfarid@hotmail.com

 

المصري اليوم في

01.08.2015

 
 
 
 
 

ناهد صلاح تصدر كتاب عن عمر الشريف بعنوان «بطل أيامنا الحلوة»

فن/ هند موسي

رحيل النجم العالمي عمر الشريف منذ أسابيع قليلة، كان له الأثر في نفس الكاتبة والناقدة السينمائية ناهد صلاح، التي وقعت مؤخرًا عقد كتابها الجديد بعنوان عمر الشريف "بطل أيامنا الحلوة"، على أن تُصدره "دار مصر العربية للنشر" خلال الأيام القليلة القادمة.

وتستعرض ناهد خلال الكتاب، حياة الشريف العائلية والاجتماعية وتأثيرها على تكوينه الفني وعمله، كذلك علاقته بأمه التي كانت لها النصيب الأكبر في تشكيل حياته وكذلك علاقته بالفنانة فاتن حمامة، وانطلاقه إلى عالم النجومية في مصر والعالم العربي ومنه إلى فضاء العالمية، وجانب آخر من الكتاب يتم تناول علاقته بالنساء والقمار والسينما.

 

التحرير المصرية في

03.08.2015

 
 
 
 
 

عمر الشريف .. سفير النجوم إذ يرحل

بدر الدين عرودكي - كاتب سوري

لم يكن لقب أمير الشاشة العربية ينطوي على أيِّ مبالغة. كان كل من يراه في مختلف الأدوار التي أداها على امتداد نيف وستين عاما، بدءا من مصر ثم في أرجاء العالم كلها، لا يتردد في التعبير عن إعجابه بحضور ساحر ما كان على ما يبدو في أوروبا وأمريكا منتظرا من شابٍّ قادم من مشرق ما أكثر ما سيم التعذيب والإذلال والاحتقار. وها هو يأتي "من هناك"، مفاجئاً أرباب السينما في مواطن ولادتها بوسامته وتعددية ثقافاته فضلا عن كبرياء لا تفصح عن نفسها إلا بنظرات عينيْن كان يسكن في أعماقهما باستمرار حزن لن تمحوه سنوات من الأمجاد ومن الشهرة، حزنٌ كان مشوبا بنبلٍ وسَم قصة حبٍّ، حقيقية، كان الجميع يعلمها ويعلم كم كان أصيلا في عيشها من قبلُ ومن بعدُ..

ذلك ما رأيته يوم التقيتهُ للمرة الأولى ذات يوم من يناير 1988 وثبت في عينيَّ في المرات التالية.

كان عمر الشريف يملك كل عناصر الرمز الدالّ: الحرفية التي أتاحها له كبار مخرجي السينما المصرية ثم كبار المخرجين الأوروبيين والأمريكيين، والإطلالة العربية التي جعلته يصير بين يوم وليلة معبود جماهير السينما في العالم، فضلا عن الاسم الذي يحمله والذي بات على كل شفة ولسان.. دون نسيان الأساس: دماثته وتواضعه وأريحيته التي جعلته عميقَ الودِّ مع جمهوره.

انطلق من مصر وحملها في قلبه حيثما رحل وعاد إليها مثلما انطلق منها عاشقا وحبيبا.. وبين الانطلاق والعودة كان قد  ترك في أرجاء العالم ما لا يمكن أن ينسى: أدوراً رائعة في أفلام باتت من كلاسيكيات السينما العالمية، وحضورا أليفا وحميما تراه في عينيه.

حين يلفظ الناس اسمه بحبور وإعجاب كانوا يعرفون من أين أتى.. وكان ذلك يكفي لمدّ الجسور..

 

الهلال المصرية في

20.08.2015

 
 
 
 
 

عمر الشريف .. بطل أيامنا الحلوة

ناهد صلاح

بينما تمر اليوم ذكرى ميلاد عمر الشريف، أتذكر السؤال الذي طاردني حين تم الإعلان عن كتابي "عمر الشريف.. بطل أيامنا الحلوة"، الصادر عن دار مصر العربية للنشر والتوزيع ومكتبة أطياف في العام 2015، إذ كان السؤال: أكلما مات نجم يصدر عنه كتاب؟، يبدو السؤال في ظاهره وباطنه مستفزاً لأي كاتب كأنه يحاكمه لأنه مارس فعل الكتابة، وقبل أن أنطق وأقول حينها: ولما لا نكتب عن نجم من لحم ودم يصعب على الموت أن يطويه كورقة مهملة؟ وجدتني أقول: وليكن! كما لو كنت أستعير بعض غموضه الذي كان يداعب خيالنا 

من ناحية أخرى، فإن الكتابة عن عمر الشريف كواحد من رموزنا الفنية أمر لا حرج فيه، خصوصاً وأنني آمنت دائماً بضرورة وجود مؤلفات تحكي سيَر اللامعين من أبناء الوطن لتكون نقطة ضوء تنير لنا الماضي وأحداثه وهزائمه وانتصاراته، فتصنع خطاً ممتداً للمستقبل؛ نستطيع من خلاله أن نواصل الطريق بسهله وصعبه، ونحاول أن ننجو بروحنا من متاريس الجهل والخذلان ونحمي أنفسنا من الانهيار في الفراغ الفسيح، ومع عمر الشريف اكتشفت أن حياته أكثر ثراءً من أفلامه، فلا تستطيع أمامها سوى أن تنجرف في تفاصيلها المغوية لعلك تجمع أجزاءً من روح شفافة تشعل الظلام لكن يصعب عليك أن تمسك بتلابيبها، فتكتفي أن تتابع طوافها في شوارع الوطن والغربة.

كل الذين بحثوا عن الحب وحاولوا أن يعثروا على ملمح منه في علاقة نوال وخالد في فيلم "نهر الحب" (1960)، تعاطفوا مع بطلي الرواية الشهيرة للروسي الأشهر ليو تولستوي كما قدمها المخرج عز الدين ذو الفقار، متجاوزين فكرة أن خالد يحب نوال المتزوجة من رجل آخر، لأنهما حافظا على قدسية وطهارة هذا الحب وترف الشوق وأناقة الصورة، فبينهما كان هذا الوتر الذي يصدر أنغاماً هي مزيج من أنين مكتوم ورقة قاسية تشحذ مديح الحب حتى لو كانت نهايته الهزيمة المفجعة.

أفكر، فيما أتابع المد والجزر في رقصة نوال وخالد الشهيرة في هذا الفيلم، واتساءل: كيف أصبح هذا الثنائي رمزاً لصورة الحب؟ وهل الطيور على أشكالها تقع فعلاً؟ فلماذا فرّ أحدهما؟ ولماذا ظلت قصة الحب المنتهية واحدة من الأناشيد الحارة والطيبة ترددها الأمهات لبناتهن جيلاً بعد جيل كما فعلت معي أمي؟ هل هو عطش الحناجر اليابسة للحب والاحتياج المطلق له في الفراغ الفسيح؟.

كنت سألته: هل أحببت فاتن حمامة؟

نعم.. بطريقة شرقية. زواجي لم يكن زواج حب، بمعنى أنه لم يكن حباً عاطفياً، لقد كان زواجاً أساسه الانسجام والمحبة والصداقة، وأي زواج يقوم علي مثل هذه المشاعر يمكن أن ينجح، ولقد نجح زواجي بالفعل لأننا بقينا زوجين لمدة عشر سنوات وخلال هذه السنوات العشر لم أخدعها أبداً.

هل كنت سعيداً؟

لقد كنت قانعاً.

بالضربة القاضية اختصر عمر الشريف قصة حبه الكبيرة التي لم يزل يحكي عنها الجميع ويتحاكى حتى بعد الموت، وصفها بأنها مجرد علاقة قامت على الانسجام، علاقة ود وفقط ولا حديث عن حب زلزل كيان طرفين وجعلهما يوماً ما يقفان على ضفة التحدي، وحولهما إلى أيقونة للحب في الجغرافيا العربية.

 رتبت لي الصدفة أكثر من مرة موعداً مع عمر الشريف، استقبلني بتلقائية محت كل القصص والروايات عن عصبيته التي قالوا أنها لازمته ليل نهار، عرفت أنه يفضل الصوت الهاديء الذي يستطيع أن يسمعه جيداً، فالتزمت بإيقاعه وتحدثت بهدوء وبطء وأصغيت له جيداً وهو يعيد شريط ذكرياته في مقابلتنا الأولى عقب تصويره فيلم "حسن ومرقص" (2008)، حيث فزت بحوار صحفي طويل تم نشره على حلقات في صحيفة الجريدة الكويتية.

  الصدفة أيضاً منحتني لقائي الثاني به في الدورة السادسة والعشرين لمهرجان الاسكندرية السينمائي (2010)، حيث كان ضيف شرف المهرجان والتقيته يومياً في بهو الفندق الذي أقيمت فيه فعاليات المهرجان وفزت في هذه المرة أيضاً بالعديد من القصص في حياته، أما لقائي الثالث والأخير معه، كان حين حضر لإجراء سهرة تليفزيونية كنت أشارك في إعدادها للفنان سمير صبري بمناسبة رأس السنة (2015)، كانت إطلالته هائلة والجميع يسعى إليه ليلتقط معه صورة، كانت لديه تلك الابتسامة الحائرة والحذرة التي تخفي وراءها اصابته بمرض الألزهايمر الذي استحوذ على ذاكرته، لكنه مع ذلك لم يفقد ثباته.

 لقاء في القاهرة ولقاءان في الاسكندرية لكي يكتمل إيقاعه الـ"كوزموبوليتان"، ابن الاسكندرية الذي استكمل نشأته في القاهرة، المدن التي انتصرت للجوهر واحتضنت التعددية، المسافر، المغامر، المتسامح، الغاضب وسمات أخرى جعلت مشواره خيالياً كطائر جامح يبحث عن فضاء أوسع حتى صار هادياً للآخرين الحالمين بجموح مثل جموحه، ومطمعاً للمغامرين وصائدي الأخبار، وذوي المخيلات الواسعة في إثارة الفضائح.

حياته مغوية للحكي، مشحونة بألوان عدة من حيرته بين حريته في الخارج وحنينه إلى وطن تركه برغبته وكامل إرادته، ورحيله.. ابن البحر كأنه وُلد على مركب، صوته لم يأت من جذور الأرض؛ بل من تأرجح الريح وجرح في الهوية، من الاسكندرية إلى هوليوود مروراً بالقاهرة، جسر مفتوح عبره عمر الشريف بجرأة المغامر الذي عرف قوانين اللعبة جيداً وتناقضاتها، ما جعل مشواره أقرب إلى القدر والخيال والغموض من الواقع وضجره وبؤسه، رحلة طويلة وحافلة رسمها "ابن العرب" وتوغل فيها بخطوات متوهجة من الخصوصية والحميمية إلى "بلاد الخواجات" حلمه وعشقه الذي سحبه خلفه حتى آخر الدنيا.

منذ أن كان اسمه "ميشيل"، حتى صار اسمه "عمر" النجم العالمي، المغامر الذي لم تخطفه رحلة التوهة في الغربة بشكل كامل، فحتى أخر لحظة لم يتخل عن مصريته أو جواز سفره المصري، الغاضب، البطريرك، الرمز بالنسبة للكثير من الممثلين العرب الذين تطلعوا إلى طموح العالمية، المتسامح الذي يلتزم بمعايير إنسانيته، ويمتلك شجاعة الاعتراف والمواجهة والبساطة التي تخرج عن إطار كونه نجماً كبيراً، فلم يضف لنفسه هالة من القدسية عادة يحرص النجوم عليها أمام جماهيرهم.

 

العربي الجديد اللندنية في

04.09.2015

 
 
 
 
 

أعرق سينما بفرنسا تعرض أفلام الراحل عمر الشريف

القاهرة - بوابة الوفد

نظمت أعرق و أقدم دور السينما في قلب العاصمة الفرنسية باريس والمعروفة باسم "سينما ماك ماهون" حفل تكريم للفنان الراحل العالمي عمر الشريف .

حضر الحفل وزير الاثار الدكتور ممدوح الدماطي وسفير مصر بفرنسا السفير ايهاب بدوي وأعضاء السفارة المصرية بالاضافة الى عدد كبير من الفنانين الفرنسيين و الأجانب و عاشقو النجم المصري العالمي.

وقد اعلنت إدارة السينما الشهيرة-في بيان لها- انها ستقوم بتكريم واحد من أكبر النجوم في تاريخ السينما العالمية بعرض 12 فيلما له خلال الفترة من 10 الى 22 سبتمبر الجاري، فضلا عن تنظيم لقاءات مع مخرجين و ممثلين كبارعملوا وعرفوا عن قرب الفنان المصري العالمي.

تحدث خلال الحفل عدد من الاصدقاء القريبين لعمر الشريف من الوسط السينمائي في فرنسا عن مدى إعجابهم و تقديرهم له على المستوى الفني و الانساني.

كما قاموا بتلاوة عدد من رسائل النعي التي كتبها نجوم عالميون مثل الايطالية صوفيا لورين والامريكية بربرا سترايزند و البريطانية جاكلين بيسيه.

ومن جانبه، وجه سفير مصر بباريس ايهاب بدوي التحية لكل النجوم العالميين و أصدقاء الفنان الراحل خاصة في فرنسا لما اظهروه من حب و إعجاب و اخلاص له، مشيرا ايضا الى رسائل النعي و التقدير التي جاءت من كبار المسؤولين الفرنسيين.

واثنى السفير المصري على المسيرة الفنية الرائعة للفنان المصري ..و قال /انه قدم أكثر من 70 فيلما، و ان مبادرة تكريمه تعكس عمق العلاقات الفنية و الثقافية بين مصر و فرنسا.

و قد امتلأ مدخل سينما "ماك ماهون" بالصور التذكارية للفنان عمر الشريف مصحوبة بأحاديث صحفية اجرتها معه كبريات المجلات و الصحف الفرنسية.

جديربالذكر ان الممثل المصري عمر الشريف واسمه الحقيقي ميشال شلهوب قد توفى في العاشر من يوليو الماضي عن عمر يناهز 83 عاما بعد صراع مع المرض، و قد حظى بشهرة عالمية بعد مشاركته خصوصا في فيلم "لورانس العرب" وأدائه البطولة في فيلم "دكتور چيفاجو".

و قد بدأ مشواره في السينما مع المخرج المصري يوسف شاهين في فيلم "صراع في الوادي" عام 1954. وأصبح نجما عالميا بعد فيلم "لورانس العرب" الذي أنتج في عام 1962 والذي حصل بفضله على جائزة الجولدن جلوب عن أفضل دور ثاني.

كما حصل على جائزة "جولدن جلوب" عن فيلم "دكتور زيفاجو".. ومن أفلامه الأخرى البارزة "الفتاة المرحة" وتشي جيفارا وجنكيز خان. .كما نال جائزة سيزار الفرنسية لأفضل ممثل على دوره في فيلم "ابراهيم و ازهار القرأن".

وحصل عمر الشريف في العام 2003 على جائزة الأسد الذهبي عن مجمل أعماله في مهرجان البندقية السينمائي

 

الوفد المصرية في

10.09.2015

 
 
 
 
 

في حوار مسجل.. عمر الشريف:

العالمية أثرت سلبا على استقراري.. ومعجب بفكر «عبد الناصر»

أماني أبو النجا

قال الفنان عمر الشريف، إن كونه نجمًا عالمًا تسبب له في حدوث عدم استقرار في حياته الشخصية، مضيفًا: "عشت حياتي متنقلا من بلد لأخرى حاملا حقائبي دومًا، وبالتالي لم يكن لدي شقة أستقر فيها، فكنت أسكن الفنادق المختلفة بشكل مستمر".

وأضاف في آخر حوار مسجل له، في برنامج "واحد من الناس" المذاع على قناة "الحياة"، الجمعة، "لا أرى فرقًا بين أن أكون فنانًا عالميًا أو محليًا، فما الفائدة أن أصبح شخصًا معروفًا في الصين أو الهند، بينما أنا مصري ولن أعيش في هذه البلاد، وسأعود إلى بلدي في النهاية، ولذلك كنت أسأل نفسي دائمًا هل كان من الأفضل لي أن أكتفي بشهرتي داخل مصر؟

وأوضح "الشريف" أنه حصل على عدد من المميزات الإيجابية بعد أن أصبح فنانًا عالميًا، أهمها الخبرة والمال والسعادة في بعض الأحيان.

وكشف الفنان الراحل عن حبه للمواطنين المصريين الفقراء على وجه التحديد، قائلا: "أشعر أنهم على طبيعتهم وغير متكلفين، كما أن الشعب المصري أطيب شعوب العالم ويعيش حالة رضا كبيرة، ولكن المصريين مصابين بالكسل، فإذا حصلوا على طعام اليوم، لا يفكرون في العمل من أجل الغد"، على حد قوله.

وعن رأيه في سياسات الحكومات المصرية تجاه مساعدة الفقراء، رد قائلا: "الحكومة تعمل كل ما تستطيع للتخفيف عنهم ولكن مواردها محدودة، خاصة وأن الضرائب التي يتم تحصيلها في مصر قليلة للغاية بالمقارنة بحجم الضرائب في دول العالم".

وأكد "الشريف" أنه كان معجبًا بفكر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، قائلا: "كان هناك فسادا كبيرا في البلاد، ولذلك كان لابد من اندلاع ثورة تقضي عليه وتنظر للفقراء بعين الاهتمام".

يُذكر أن الفنان عمر الشريف توفى في 10 يوليو الماضي، بإحدى المصحات النفسية.

وقال زاهي حواس، أحد الأصدقاء المقربين للفنان الراحل، في تصريحات صحفية إن "الشريف" رفض تناول الطعام والشراب قبل وفاته بـ15 يومًا مما أدى لتدهور حالته الصحية بشكل كبير.

 

الشروق المصرية في

19.09.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004