ملفات خاصة

 
 
 

حوار نادر| الشريف:

فاتن حمامة توسطت لي حتى أعمل معها في فيلم «لا أنام»

فن/ التحرير: حوار - طارق الشناوي:

عن رحيل الأسطورة

عمر الشريف

   
 
 
 
 
 
 

هذا الحوار عمره ست سنوات، أجريته مع عمر الشريف فى جناحه المطلّ على النيل بفندق سميراميس، كان عمر فى حالة بوح وفضفضة، وكعادته لم يضع أبدا مكسّبات طعم ولون ورائحة على كلماته، وللمفارقة كان عائدا لتوّه من حفل مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون، واختلط عليه الأمر بسبب كلمة «القاهرة»، فهو رئيس شرف لمهرجان القاهرة السينمائى، وعندما جاءته الدعوة لم يدرك لا هو ولا سكرتيرته الكاتبة الراحلة إيناس بكر، أنه ذاهب إلى مهرجان آخر، الفضائيات نقلت الحفل وعمر يوزّع الجوائز على الفائزين فى الدراما والمنوعات، وكان يقف بجواره أنس الفقى، ورغم ذلك قال لى «وأنا فى طريقى إلى الصعود للمسرح » وجدت أن الذى يقف هناك ليس فاروق حسنى كما تعودت وأنا فى مهرجان السينما، لكنى لم أشأ أن أفسد الليلة، وأكملت السهرة، وأنا سعيد بسبب مشاركتى بالصدفة فى يوم فرح الفائزين من الفنانين العرب والمصريين».

نعم كلَّفنى السادات بتمهيد زيارته لتل أبيب

بيجن قال لى: «هنستقبل السادات كأن ربنا بيزورنا»

«عمرى ما أذيــــت إنسان فى حياتى»

بعد فيلم «لورانس العرب» رجعت مصر واعتقدت أنه لن يشغلنى أحد

طلبت أن يسبقنى عادل إمــــــــــــــام فى «تتر» فيلم «حسن ومرقص» لأنه هينبسط

مسلسل «حنين» لم ينجح لأنه ناعم أكثر من اللازم

أحمد زكى نجمى المفضَّل الأول.. ولا أتذكَّر من أفلامى المصرية القديمة إلا «بداية ونهاية»

أعيش الآن دقيقة بدقيقة.. وأعمل مع الشباب حتى لا أشعر أن مخى أصبح عجوزًا

عبد الناصر عمره ما أذانى وماكنتش باكرهه.. وأنا كنت «ناصرى» فى الأول

فى البداية سألته ملتقطا الخيط، هل أنت متابع للسينما أو الدراما العربية؟

- الحقيقة لا.. أنا عايش بره تقريبا، ثم أنا -بينى وبينك- منذ عشر سنين على الأقل لا أرى أفلام خلاص، لا بره ولا هنا، ولمّا يطلع فيلم فى التليفزيون لا أشاهده، أحب مشاهدة الرياضة والأخبار، وفيه حاجة اسمها «discovery channel» و«national geographic»، أحب الحاجات دى أوى، أشوف إيه إلى بيحصل فيها.

كيف لا تتابع الأفلام وأنت أحد أهم الرموز السينمائية عربيا وعالميا؟

- بازهق من الأفلام من كتر ما الواحد عارف بيتعملوا إزاى، الآن لا أصدّق حاجة، أبص أقول آآآآآه أنا عارف همّ عملوا إيه؟ آه ده حط الكاميرا كده، وده قالوا له امشى كده، وتعالَ من هنا، فبيتهيألى إن أنا لم أعد متفرج عادى.

المتعة تناقصت؟

- المتعة قلت، لكن أحبّ أشوف الأفلام القديمة.

سواء أكنت تمثّل فيها أم لا؟

- آه، خصوصا لو أنا مش فيها، مابحبش أشوف نفسى، بس أنا باقولها النهاردة لما بتسألنى عن الأفلام، مش فاكر ولا قصة من أى فيلم عملته، مش فاكر حصل إيه، فاكر «إحنا التلامذة»، فاكر حاجة واحدة إن يوسف فخر الدين فى الفيلم، غرّر بفتاة وأصبحت حاملا، وقعدنا نشوف شغلانة علشان نعمل لها إجهاض، مش كده؟

مظبوط.

- ده اللى فاكره من الفيلم مش حاجة تانية خالص، فاكر «بداية ونهاية» لنجيب محفوظ علشان قصة حلوة.

ومَن تحبّ أيضا؟

- بحب المخرج صلاح أبو سيف، وكل أفلامه بافتكرها مثل «المواطن مصرى» فاكره، الحاجات اللى عملتها، حتى الفيلم إلى ماكانش حلو، «لوعة الحب» ده برضه فاكره، علشان بحب صلاح أبو سيف.

قلت إنك كنت وما زلت تحبّ هذا الفيلم أقصد «لوعة الحب»؟

- يعنى.. كان مش بطال، بس مش اللون بتاع «صلاح»، هو حلو فى الفلاحى فى الحاجات الشعبية، إحنا صحيح كنا بنسوق قطار وكده فى الفيلم، لكنها قصة حب.

تقصد ليس هذا هو الجزء الحميم عند أبو سيف؟

- صلاح عاشق أكثر لأولاد البلد والأرياف، مثل «الزوجة الثانية»، مثلا.

حضرتك رأيت فيلم «حسن ومرقص»؟

- شفته.. عادل إمام جابهولى فى باريس، لأنى لم أره فى دور العرض، لا فى القاهرة ولا فى باريس.

لم تأتِ لكى تشاهده فى الأوبرا المصرية عند عرضه لأول مرة فى الصيف الماضى؟

- لم أستطِع المجىء، وأقاموا عرضا فى باريس لم أره، عادل جالى وجاب لى النسخة، وقال لى تعالَ، عرضوا فى سينما فى باريس واتفرَّجت عليه. يعنى، مش تحفة يعنى!

لماذا لم تأتِ إلى الأوبرا؟

- أصلى كان عندى شغل، أنا كنت باشتغل فى فيلم هيروح مهرجان كان، عن مرض «الآلزهايمر» (ملحوظة: عمر كان يقصد الفيلم الفرنسى «نسيت أن أقول لك»، وأدّى فيه دور رجل مصاب بآلزهايمر، والفيلم لم يعرض فى «كان»، وشاهدته فى مهرجان أبو ظبى).

واحتمال نراه معروض السنة دى فى «كان»؟

- ليس رسميا، أصل المخرج أول فيلم يعمله شاب، ليس لديه فلوس كتير، حبيت أعمل حاجة مع شاب، علشان أشوف بيعملوا إيه؟ عندهم إيه أفكار جديدة أنا باخاف أعجز فى مخى.

نعم التجديد مطلوب دائما للفنان حتى يظل شابا؟

- مش فى جسمى، جسمى هيعجز مش مشكلة، لكن مخى أحب أشوف الصغيرين بيعملوا إيه؟ ده اللى يهمنى، أحس إن مخى لسه شاب.

المخرج الجديد يضيف لك جديدا؟

- بيبقى نفسى أشتغل مع مخرجين صغيرين فى السن مش كبار، علشان الكبار فى السن بيبقوا فاهمين بعض.

وقالوا كل ما لديهم؟

- وأنا عارف إيه اللى لازم يتعمل بس برأى واحد عجوز، فمش هيجيب لى حاجة يعنى جديدة، لكن لو شاب آخد منه حاجة جديدة.

هيضيف حاجة جديدة لعمر الشريف؟

- بالتأكيد بحب أقعد معاهم، وأتكلم معاهم يقولوا لى ألفاظ مش عارفها.. اللغة بتاعتهم مش عارفها خالص، أنا فاكر لما جيت مصر كنت قعدت مدة فى أوروبا بره، وعدت وكنت باركب أسانسير، واحد شاب ركب معايا، وقال لى «عامل إيه» قلت له عامل إيه فى إيه؟! قال لى: يا أستاذ عمر عامل إيه؟ قلت: يعنى إيه عامل إيه فى إيه؟؟ ده إحنا كنا بنقول إزيك.. سعيدة.. إزى الصحة، والله العظيم ماكنتش سمعت اللفظ ده، مع إنى فى الإنجليزى «How do you do» عامل إيه؟

قلت ضاحكا، يبدو أننا تأخرنا كل هذه السنوات فى ترجمة المصطلح الإنجليزي.. فى فيلم «حسن ومرقص» كثير من النقاد وأنا واحد منهم تعجبنا أن يوضع فى التترات اسم عادل إمام قبل اسمك؟

- أنا اللى طلبت منهم كده، وصممت وقلت مش هشتغل لو لم يأتِ اسم عادل قبل اسمى، أنا لا أريد أن يأتى اسمى الأول، أنا كبير فى السن الآن لا يجوز ألعب دور بطل فى فيلم، لازم يكون دور تانى دور ثانوى دور رجل كبير على قد سنى، لأن الشبان يذهبون إلى السينما يتفرجوا على ناس من سنهم، وطبعا بيبقى فيه واحد جد وواحد أبوه وواحد عمه، بس يكون الدور حلو، وبعدين عادل بيشتغل فى مصر كتير، وعمل أفلام كتير وناجح، أنا راجل باشتغل بره كتير، ونادرا لما باعمل فيلم فى مصر.

لكنك الاسم الأكثر بريقا؟

- أنا عارف إن هو بيحب اسمه ييجى الأول، عارف إنه هينبسط.. أنا مش هنبسط لو اسمى جاء قبل اسم عادل، ولا تفرق معايا، لكن هو تفرق معاه، كنت حاسس كده ماعرفش لو أنا عندى حق.

لماذا لم تسأله؟

- لا أعرفه جيدا.. إنت عارف أنا ماعرفوش كويس؟ عادل.. اتكلمنا عدة مرات وتعشِّينا مرتين تلاتة، لكن غير كده لأ.

شاهدته على المسرح؟

- ذهبت إلى المسرح مرتين، أنا بحبه فى المسرح أوى.

بحكم خبرتك تقرأ مفتاح الشخصية التى تتعامل معها؟

- كنت عارف شخصيته، تقريبا يعنى، لطيف دمه خفيف، عارف شخصيته ماعرفش ليه؟ علشان شفته كتير، أفلامه شفتها، مش كلها، لكن شفت بعض الأفلام اللى عملها.

كيف ترى النجوم الآخرين؟

- نور الشريف شفت له فيلمين تلاتة وأنا بحبه.

وأحمد زكى طبعا؟

- أحمد زكى كان معبودى.. بحبه أوى.

تقدر تعرف شخصية الإنسان من تمثيله وليس من الحوار معه؟

- يعنى مثلا أحمد زكى الله يرحمه تشوفه بيمثل لو ماتعرفوش خالص وتتعرّف عليه تلاقى الشخصية موجودة.. الطبيعة الشخصية والدرامية له هو كان عمل أدوار مختلفة خالص، عمل عبد الناصر والسادات والبيه البواب والسواق والجندى والحرامى، لكن أنا مثلا عرفته زمان خالص قبل ما يشتهر، وكنت رابط بين شخصية أحمد زكى وكل الأدوار، مهما كانت مختلفة، لكن ألاقى فيها أحمد.

قدرت تحدد شخصيته الحقيقية من خلال أفلامه؟

- لا، ماعرفش ليه، هو كان مميزا ليس مثل كل النجوم، مختلف ولم يكن يتكلم كثيرا، مثلا أحاول أكلمه لأننى بحبه، عاوز أقعد أرغى معاه، هو كلمتين ورد غطاهم، وانتهى الأمر، أشعر أن لديه حاجات جوه مخه، مابيطلعش اللى جوه مخه، يعنى أنا كان بيتهيأ لى كده.

عندما تعمل فى السينما المصرية تعمل بقانونها، وفى السينما العالمية بقانونها، أم إنه قانونك أنت فى الحالتين؟

- أنا باعمل اللى بيطلبوه منى تقريبا، بس أنا باحضر وباحتاج إنى أحفظ العمل الفنى المصرى قبل ما أشتغل، زمان لما كنت باعمل أفلام مصرية هنا كانوا بيكتبوا المشاهد اللى هصوّرها، الساعة واحدة بعد الظهر ونشتغل الساعة 2، وييجى مساعد المخرج يحفظنا المشهد ويصوروا المشهد بحاله مرة واحدة، لأن الممثلين كل واحد عنده ثلاثة أفلام، يروحوا استوديو فلان وبعدين الاستوديو الثانى، وهكذا، لم يكن فى السينما المصرية أبطال كتير زمان، يعنى كانوا مين الشباب الأبطال، تلاتة أربعة، رشدى فى الأول كان بيعلب أدوار صغيرة، وبعدين بقى جان متأخر شوية، وشكرى سرحان وأحمد رمزى.

وعماد حمدى؟

- عماد كان كبير بس كان بيلعب أدوار البطولة والحب مع فاتن، ومحسن سرحان كان قبلى بشوية.

يحيى شاهين كان كبر شوية؟

- اشتغلت معاه.. عملت دور صغير فى «لا أنام».

تقريبا كل نجوم مصر الكبار كانوا موجودين فى «لا أنام»؟

- لكن كان بقالى مدة لا أعمل.. أفتكر فاتن هى اللى اتوسّطت علشان ياخدونى فى الفيلم، كنت بامثل دور عمها.

تتذكَّر هذا الفيلم؟

- برضه الله يرحمه صلاح أبو سيف كان هو المخرج.

خارج مصر تمثل بالأسلوب العلمى كما تحبه؟

- خارج مصر باحتاج تحضير أقل، لأن أنا فى مصر أحتاج إتقان اللغة قبل ما أبدأ أمثّل، لأنى لا أتكلم عربى كتير، لأنى باسافر كتير وباتكلم إنجليزى وكذا لغة، إيطالى وإسبانى وفرنساوى مليون حاجة، وبقالى مدة عايش بره فلازم الأول أتمرَّن، أقعد مع الأستاذة إيناس بكر كاتبة السيناريو المعروفة، تحفّظنى وأنطق مضبوط، وأفكر فى الدور والشخصية، لأنى لا أقدم حياتى أنا، أنا بالعب دور شيخ لازم أبذل مجهود.

مثل الفيلم الفرنسى «مسيو إبراهيم وزهور القرآن» والفيلم المصرى «المواطن مصرى»؟

- ده أنا عملت دور مع صلاح أبو سيف دور العمدة فى «المواطن مصرى»، كان كويس وعملته كويس، لكن لو أخده ممثل زى اللى بحبه محمود مرسى ماكانش تعب فيه، كان عمله زيى بس من غير ما يتعب.

بمجهود أقل؟

- أنا قعدت أصلح فيه علشان أقول الكلام كده بالضبط، وأقول الشخصية.

ده الجزء الخاص باللغة.. الجزء الخاص بفن الأداء؟

- العمدة الفلاح غير المصرى اللى عاش فى القاهرة.. اللغة مختلفة.. طريقة كلامه حركاته.. لبس الجلابية نفسه عايز الواحد يتمرن عليه، أنا لا أرتدى جلابية فى البيت علشان ألبس جلابية وأعيش فى الجلابية، لازم لها شغل تمسكها إزاى وتقعد إزاى وتقف إزاى.

تألف الشىء؟

- لو عايز تعمل الشغل بإخلاص، لازم الواحد يتعب شوية إحنا محظوظين مابنتعبش أد الناس اللى بيتعبوا أوى.

حضرتك عارف لما قلت إن فلوس الفنانين حرام، أسىء تفسير العبارة؟

- الناس زعلت.. مع إن أنا قصدى أقول بناخد فلوس كتير أوى بمجهود أقل، بنشتغل شهر أو شهرين بناخد أجر مابياخدوش إنسان طول عمره، لما يكون كل اللى كسبه طول عمره مش أد اللى بياخده فى فيلم، حرام.. وبتعمل إيه؟ ولا حاجة!! بتحفظ الكلمتين ويصوّروك وتروح، وتخرج وتروح تتعشَّى تتجوز 3 أو 4 مرات ورا بعض.

هذه هى الموهبة.. ربنا أنعم على إنسان بموهبة خاصة.. اللى هو الأداء.

- مش دايما موهبة فيه ناس بالحظ.. والحظ أهم حاجة، يعنى ربنا بيكتب سيناريو لكل واحد بيتولد، والسيناريو ده كل واحد بيمشى عليه، بيوزع الأدوار، إنت تطلع فلاح وتتعذب، وبعدين هجيبك عندى أعوضك، كل حاجة متقسمة.

وقد يأخذ القليل وهو عايش ويشعر بسعادة؟

- آه ممكن، ما همّ بينبسطوا هو الفقير عندنا تلاقيه برضه مبتسم، غير الفقرا اللى فى العالم، أنا بحب الفقرا اللى هنا أوى، باكلمهم أوقفهم فى الشارع وأسأله أسئلة، إنت ماشى كده ومبسوط ليه؟ ده إنت تلاقيك ميِّت من الجوع!! وكمان لا يحقد على الأغنياء، يعنى مثلا أبقى باكلمه وتعدّى عربية «مرسيدس» بمليون دولار، أقوله يعنى إنت كده «مانفسكش فى حاجة كده؟»، يقول ربنا يديهم ويزيدهم يا بيه، يمكن فى يوم يدينا إحنا كمان حاجة، آدى الفلسفة بتاعته، يعنى لا يحقد، لكن الفقراء فى الخارج يحقدون على الأغنياء بينهم وبين بعض، على طول، لكن الفقرا عندنا ولا على بالهم.

والفقير الأجنبى ماعندوش القناعة دى؟

- لأ.. نفسه يبقى غنى.

عينه على الآخر؟

- آه مختلفين.. شوف إحنا زى بتوع «نابولى» فى إيطاليا، أقرب ناس للشعب المصرى لأنه أيضا فقير وعايش جنب البحر الأبيض المتوسط.. أصل دول البحر الأبيض مختلفة، أنا بحب كل البلاد اللى بتطل على البحر الأبيض، لكن أبعد عن سكان البحر أزهق من الناس اللى فى البلاد الباردة، بيبقى دمهم بارد كمان، دول كمان ربنا أعطاهم الشمس والطقس الحلو والبحر الجميل والأكل والشرب دلوقتى مابقاش فيه، لكن زمان مصر كانت بتصدّر الأكل، النهارده مع الأسف لم يعد لدينا ما نصدره.

حضرتك بتخطط لحياتك الفنية أم تتركها، سواء على المستوى العالمى أو المصرى؟

- أنا لا أخطط حاجة.

من زمان أم الآن!

- أنا بعيش يوم بيوم.. دقيقة بدقيقة، يعنى الكلام ده حصل من حوالى خمس سنين كده، لما لقيت نفسى عجزت فى السن، فقلت دلوقتى أهم حاجة أنسى الماضى ولا أفكر فى المستقبل، وأعيش كل دقيقة على الآخر، لأنك ماتعرفش هتخلص أمتى، دى الحقيقة، الفلسفة المضبوطة لما الواحد يوصل لسن معين، يعيش كل دقيقة 100% يعمل كل اللى يقدر يعمله، الماضى.. هتقعد تفكر فى الماضى وتقول كنا وماكناش! وعملنا وماعملناش! أدينا عملنا اللى ربنا كتب لنا إننا نعمله، والمستقبل مش عارفين لو فيه مستقبل، أنا باعيش على أساس إن بعد خمس دقايق ممكن أموت بعد الشر، أنا باقول حاجات كده على الأقل فى الخمس دقايق دول لازم أكون عملت حاجة، فكرت فى حاجة.

قبل وصولك إلى هذه المحطة من عمرك، هل كنت تخطط لمستقبل حياتك؟

- بص المستقبل للصغيرين لازم يفكروا فى المستقبل.

زمان كنت بتفكر فى المستقبل؟

- آه.. لما كنت فى العشرين، عايز أعمل حاجة، عندى طموح أبقى حد، أبقى إنسان، واحد فى الدنيا كده معروف، أمى اللى كانت عملانى كده، أمى كانت فظيعة، كانت تريد أن أصبح عبقريا أو مشهورا فى العالم كله، أول ما دماغى طلعت من بطنها فكرت فى كده.

أرادت أن تصبح مشهورا فى العالم كله وليس فقط على مستوى مصر؟

- مافكرتش فى التمثيل، هى لم تكن تحب أن أكون ممثل، لكن أبقى عبقرى عالمى، وبعدين اللى خلانى كده، أنا كنت باروح مدرسة فرنساوى وأنا صغير، وبعدين فى سن 11 سنة سمنت!! كل الولاد بياكلوا جاتوه ويشربوا مياه غازية اللى كلها سكر وحلويات.. فتخنت! أمى غضبت وقالت ابنى وحش بشع! أعمل به إيه؟

رغم إن زمان أعتقد إن كان الطفل السمين مدعاة للفخر؟

- لا.. هى كانت عايزانى أبقى حاجة حلوة، أجمل راجل فى العالم، فى مخها كده.. جنون الأم، فقالت فين أوحش أكل فى العالم؟ عند الإنجليز أرسلتنى مدرسة إنجليزى داخلى، والأكل فعلا لا يؤكل، بعد الأكل اللى تعودت عليه فى البيت اللى كنا بناكله زمان، اللى كان كله بالسمن البلدى، وطبعا تناقص وزنى فى سنة، ولعبت كورة واتعلمت إنجليزى، لو ماكنتش اتعملت إنجليزى، ماكانوش خدونى فى «لورانس العرب»، كنت قعدت، كنت يمكن تخنت زيادة وزيادة، وبقيت تاجر أخشاب زى أبويا، الفكرة الجنونية بتاعتها دى اللى هى أوحش أكل عند الإنجليز، وبعتتنى عند الإنجليز وهى ماتعرفش كلمة إنجليزى.

ليس من أجل اللغة ولكن لإنقاص وزنك؟!

- آه علشان ماكلش.. قالت فين أوحش أكل، يعنى هى سمعت إنه وحش أوى، فغيرت كل حياتى.

وكان لك دائما خطط، فى مرحلة الشباب؟

- خطط لا.. عايش يعنى وباعمل المجهود اللى باقدر أعمله، لكن لم أضع خطة.. أنا كل حاجة تتخطط لى، يعنى كنت مسافر إنجلترا أتعلم التمثيل وقاطع تذكرة الطيارة، وقعدت فى كازينو «جروبى» فى الجنينة فى شارع «المناخ»، كان اسمه كده أنا وأحمد رمزى، جاء واحد كده رفيع يبحث عن ممثل، قال أنا عندى فيلم مع فاتن حمامة أكبر نجمة، بس لازم تعمل تجربة ولازم هى توافق عليك، وكان هذا الشخص الرفيع هو يوسف شاهين، وعملت «صراع فى الوادى»، ولا طلبت أى حاجة! خدونى عملت الفيلم واشتغلت.

فى هذه اللحظة كنت تفكّر أن تسافر تتعلم تمثيل؟

- آه كنت مسافر كمان 15 يوما، لو لم أقعد فى «جروبى» ساعتها، فلن أقابل يوسف شاهين ولا فاتن حمامة بالطبع.

والعالمية أيضا جاءت صدفة؟

- أنا كنت باشتغل هنا ومبسوط ومخلف ولد، ولسه عايز أجيب عيال، ومن أمريكا جالى منتج «لورانس العرب» قال لى هنصوّر فيلم فى الأردن فيه دور ليك، بس لا أستطيع أقولك دور إيه، لأنهم كانوا واخدين ممثل تانى، بس المخرج قال لا ينفع.

لم يشاهد لك أى أفلام؟

- ولا حاجة المخرج عايز ممثل شكله عربى، فقال للمساعد هات لى كل صور الممثلين العرب فى العالم، جاء له 100 صورة، ففتح الصور كده وطلع صورتى، وقال الولد ده لو بيتكلم إنجليزى هاتوه هنا، فالمنتج جالى فوجدنى باتكلم إنجليزى، خدنى هناك عملوا لى اختبار وخدونى! وترشحت لـOscar وأخدت golden globe من غير ما أعمل حاجة ولا أخطط ولا فكرت فى شىء.

لم يكن فى ذهنك طبعا أنها خطوة ستعقبها خطوات؟

- أنا قلت أنا هاعمل دور واحد عربى راكب جمل! وبعد كده هارجع مصر لن يأخذنى أحد، راجل بشنب أسود وعينين سود وشعر أسود! راكب جمل وسوف ينتهى الأمر!

بتعتقد أنه من المهم أن الإنسان ينبغى أن يجتهد ليزيد من قدراته الخاصة؟

- باشتغل على نفسى، بس القدر ليه دور كبير، النهارده قعدت فى البيت لو نزلت أقابل واحد هيقول لى تعال عندى مشروع ليك، لو مانزلتش خلاص.. صدف.. قدر.. وبعض الإصرار.

عارف فيلم «مسيو إبراهيم وزهور القرآن» الفيلم الرائع ده؟

- آه الجزء التانى مش حلو الأولانى لطيف.

الفيلم مع الأسف لم يعرض عرضا جماهيريا فى مصر رغم جماله وأهمية الرسالة التى يحملها؟

- هى رسالة إنسانية.. طفل أهله راحوا وسافروا، وهو نفسه الشيخ إبراهيم ده ماعندوش حاجة فى حياته قاعد على البقالة بتاعته وخلاص، ولو لاحظت إنه لا يتحدث إلى الزبائن، أى زبائن بيدخلوا عنده لم يختر غير الولد ده يكلمه.

الرسالة اللى قالها للعالم كله رسالة تصبّ فى صالح الإنسان العربى والمسلم.

- أنا عملت الفيلم ده علشان يكون فيه رسالة، وعملت «حسن ومرقص» أيضا لنفس الفكرة أقرب المسلمين والمسيحيين.

حضرتك بتقول اقتراحات أحيانا؟

- لأ، فى الفيلم ده ماقلتش.

لكن خارج مصر تقول ملاحظاتك؟

- لو مخرج من العظماء مابتكلمش، لو واحد عادى أقوله رأى، بس باقوله رأى مش ضرورى ياخدوه، وأوقات بيعجبه، وأوقات بيطلع مش عاجبه.

تجربة التليفزيون هى كانت التجربة الأولى فى رمضان فى مسلسل «حنين».. فى ذهن حضرتك تكررها؟

- لن أكررها، أنا عملتها علشان هى جوايا قريبة من قصتى وشخصيتى لراجل عايش بره، وبيحب مصر وناجح، الفكرة الأساسية كانت كده، وبعدين الأستاذة إيناس بكر، كتبت السيناريو، لكن المسلسل كان ناعم على الناس، يعنى الناس تريد أحداثا ساخنة، مثلا كان فيه مسلسل كان فيه اغتصاب فى أول حلقة.

قتل واختلاس وزنا المحارم؟

- كان فيه مسلسل «حمادة عزو» كمان، اللى بيحب أمه ويتجوّز على مراته.

فالقضايا الناعمة دى شوية صعبة بالنسبة للمشاهد؟

- آه.

لكن عندما يعرض العمل للمرة الثانية يألفوه أكثر؟

- لأن رمضان صاخب، بس أنا كنت حابب أعمل مسلسل فى رمضان علشان كنت عايز أعمل حاجة للشعب، أصلى مابفهمش روح الشعب بالضبط، علشان بقالى مدة باشتغل بره، وقلت ده هيعجبهم، واحد مصرى بيشتغل بره وبيحب مصر، علشان فيه مصريين كتير بيروحوا بيشتغلوا فى السعودية، وأكيد بتوحشهم مصر، مهما يحقق فى الخارج من وجود، ويكسب أموال يظل جواه حلم الرجوع.

وبالنسبة إلى المسرح؟

- المسرح عملت مسرحية فى لندن 15 شهرا فى نفس التياترو.

 

لكن فى مصر؟

- لا أريد عمل مسرح، مش عايز أرتبط ببلد معين، يعنى لما بتعمل مسرح تقعد 6 أشهر لا أستطيع التحرك لا أستطيع أروح إسكندرية، هناك بره عندى 6 حفلات فى الأسبوع ويوم إجازة، يوم الأحد 2 ماتينه و4 سواريه، ماقدرتش أتحرّك بره لندن، قعدت فى لندن سنة و3 شهور من غير ما أتحرك، اتولد حفيدى أول حفيد ماشفتوش إلا لما كان عنده 5 شهور.. حفيدى الأول اسمه «عمر» كمان.

حضرتك تعبر مباشرة عن آرائك السياسية؟

- باقول، لكن ليست لدى آراء قوية سياسيا.. أنا سمعت أوباما بيتكلم فى تركيا، آه ده اللى أنا مؤمن بيه الكلام اللي قاله، اتكلم عن الإسلام كويس أوى.. كانوا يصفقون له الأتراك فى البرلمان، اتكلم عن المحبة وإننا نحب نشتغل مع بعض، بلاش القتل اللي بيحصل طول الوقت، بقت اللقمة صعبة، فالناس علشان تاكل لازم تقتل، أنا تركت مصر لما سافرت أعمل «لورانس» كان التعداد 33 مليونا، القطر المصرى، وكان القاهرة 3 ملايين والإسكندرية 500 ألف، رجعت بعديها بـ10 سنين دلوقتى بقوا 7 ملايين فى الإسكندرية وفى القاهرة فوق الـ20 مليونا، مابيعرفوش يعدوا الشارع، وأنا أراهنك إن القطر المصرى فيه أكثر من 100 مليون، هيعدوا إزاى؟

ناس ليست لديها بطاقات شخصية؟

- يروحوا يخبطوا على الأرياف عندك كام عيل، يقول 5 علشان يخزى العين، وهو عنده 12 خايف ياخدوهم منه ولا يودوهم الجيش، لا أحد يقول الحقيقة.

أيام الرئيس السادات كان لك موقف فى ما يتعلق بالسلام ولعبت دورا؟

- اللى حصل إن السادات كلمنى، وقال لى أنا عندى فكرة أروح إسرائيل، إنت بتشتغل مع ناس يهود كتير فى الأفلام اللى بتعملها بره وعايزك تمهد للزيارة.

هل كنت تعرف الرئيس السادات قبل ذلك معرفة شخصية؟

- كانت علاقات ولقاءات عابرة، ذهبت سفارة إسرائيل هناك، وقال لى الرئيس السادات عايز أطمّن إنهم هيستقبلونى كويس، فذهبت وقابلت السفير، أولا قبل ما يدخلونى فتّشونى ولا كأنى هفرقع قنبلة، والسفير قال لى فيه إيه؟ قلت له عايز أكلم «بيجن» فى التليفون، قال لى عايز تكلم بيجن فى التليفون إنت مجنون ولا إيه؟ قلت له عندى رسالة مهمة أوى، قال لى رسالة إيه؟ قلت له ماقدرش أقول لك، فجاب لى بيجن على التليفون، فكلمته وقلت له الرئيس أنور السادات بيقول لو جالكم تل أبيب هتستقبلوه إزاى؟ قال لى هنستقبله كأن ربنا يزورنا. أنا ماعنديش أرقام السادات ولا عارف هكلمه فين، فبقول للسفير بالصدفة كده، عندك رقم السادات، فجاب لى أرقام الرئاسة، واتصلت وقلت لمن رد علىّ أقدر أكلم الريس؟ عندى حاجة لازم أقولها، ونقلت له الكلام بالضبط.

هذا يعتبر دورا كبيرا مع أنك لم تلتقه من قبل؟

- أصل أنا قابلته قبلها مرتين، مرة فى واشنطن كان معزوم على العشا، وأنا كنت معزوم، كان فيه طابور بيسلم عليه، أنا وصلت راح حضنى «يا ابنى يا حبيبى، لازم تيجى أنا هخاصمك لو ماجتش»، والطابور واقف ورايا، ومرة تانية كان كارتر، قال لى بص: الأسبوع الجاى هجوّز ابنى لبنت مش فاكر مين، لو ماجتش هخاصمك، قلت له أكيد هحضر يا ريس، كانت أول مرة آجى مصر جيت من الطيارة على فرح ابنه، وأيضا كان فيه طابور وقفت فى الطابور وقفنى ساعة: عايزك تعمل لى حاجة، عايزك تعمل لى فيلم عن أكتوبر، هساعدك بكل حاجة، الذخيرة والمدافع والطيارات، قلت له، أنا أصلى لا أفهم وأنا مش مخرج، قال لى جيب مخرج من بره، قلت له لا دى مسؤولية كبيرة، لو طلع فيلم متواضع هتزعل منى، يعنى مهما عملت النتيجة مش هتكون فى إيدى.

قبل التكليف بموضوع الزيارة؟

- آه، أنا ناسى التواريخ بصراحة بس أنا جيت 1976 على الفرح.

أيام عبد الناصر كان هناك بعض المشكلات؟

- أنا؟ أبدا.

المخابرات كان لها موقف معاكس لك؟

- أبدا.. عمرهم، كان الراجل ده اتعامل مع كل الممثلين يقصد «صلاح نصر»، قال نفتن شوية على الفنانين لو حد قال حاجة، وفاتن قالت له إحنا مانقدرش نعمل حاجة زى كده وأنا سبتها ترد، عبد الناصر عمره ما أذانى ولا كنت باكرهه ولا حاجة أنا كنت ناصرى فى الأول، لما عمل الثورة وكنت باتخانق مع والدى، ولم يكن مبسوط لأن والدى كان راجل غنى وله أملاك ومشروعات، والملك فاروق كان صاحبهم، كان بييجى يلعب كوتشينة مع والدتى فى البيت عندنا، لكن أنا علشان شاب كان عندى 20 سنة فحبيت الثورة، أنا مواليد 32 والثورة 52، وقلت بقى الفوضى دى تخلص بقى ونشوف الناس الفقرا هتعمل إيه؟ يعنى زى دلوقتى فيه ناس أغنيا جدا، والفقرا زادوا، فكنت متحمس فى البداية، وبعد ذلك لما حصلت الحروب دى لم أكن موافق على الحروب.. الحروب دى ضيعت فلسطين دلوقتى، واللى قبلها 56 كان العدوان الثلاثى، واللى زعلنى أكتر 67، لأنى كنت فى أمريكا، سخروا منا، غير أن أنا صعب علىّ لما شفت صور أحذية العساكر اللى جريوا من الصحرا، أنا عارف إن دول فلاحين مابيعرفش يلبسوا جزمة، وعلشان يعرف يجرى لازم يقلعها، مسكين وبعدين بيحارب مين، واحد فلاح من الغيط مش عارف حاجة بيقوله هنضرب إسرائيل يقوله إسرائيل مين؟ هو لم يأت فى الأرض عندى سرق حاجة خد بهيمة خد حاجة أروح أضرب أبوه! لكن ده عمره ما سمع.. طبعا غلابة وماكنش عندهم السلاح زى التانيين، فجنون يعنى، ودلوقتى فلسطين أدينا قاعدين، عايزين نجيب الحتة اللي قبل 67.. كل المشكلة اللى فى العالم على الحتة دى.

كنت تعبر عن آرائك أم اكتفيت بالصمت فى أثناء عهد عبد الناصر؟

- أنا بس لما كنت بره.. كنت مصاحب على ومصطفى أمين كانوا جيرانى فى مصر، وكنا بنخرج مع بعض، وعلى كان جارى فى الخارج، وأنا كنت باخرج كمان كنت باشوف البغدادى كل يوم «يقصد عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة»، كان قاعد فى لندن مع بنته وجوز بنته، اتكلمنا كتير وقلنا اللى عايزين نقوله، واللى مش عايزين نقوله أنا ماعملتش حاجة وحشة فى حياتى.. بينى وبينك يعنى عمرى ما أذيت حد، عمرى ما أذيت إنسان فى حياتى.

حتى مَن أساؤوا إليك؟

- اللى أذونى ماعنديش صلة بيهم، أوقات أرفض أروح أعمل برنامج علشان المذيع ده كان أذانى فقط، ولكنى لا أنتقم من أحد.

إذا لم تكن قد شاهدت عمر الشريف فى الحفلات العامة، فأنا أؤكد لك أنك لو أردت أن تجسّد معنى حب الناس بلا زعيق ولا هتاف ولا نشيد أجوف، سترى عمر الشريف.. إذا أردت أن تحيل هذا الإحساس اللا مرئى بالحب إلى واقع وكيان ملموس تتفاعل معه، فإنك أيضا سترى عمر الشريف، كانت هذه هى مشاعرى ولا تزال تجاه عمر الشريف.

 

التحرير المصرية في

13.07.2015

 
 
 
 
 

وداعا. المسافر!

بقلماحمد اسماعيل

المصدرالأهرام اليومى

وسط حضور إعلامى كبير ونخبة من نجوم الفن غابت عنها الأجيال الشابة تم أمس تشييع جثمان الفنان العالمى الراحل عمر الشريف من مسجد المشير طنطاوى بالتجمع الخامس حيث أقيمت صلاة الجنازة على روحه عقب صلاة الظهر وبعدها نقل الجثمان إلى مدافن الأسرة بالسيدة نفيسة حيث اوصى الراحل ان يتم دفنه بجوار حفيدته فى المقابر الخاصة بأسرة حمى نجله طارق المستشار محمود فهمى باشا

وفى لمحة شديدة العذوبة أرسل الرئيس محمود عباس أبومازن باقة ورد بيضاء الى المسجد

شارك فى تشييع الجثمان اللواء د.طارق دياب مندوبا عن رئيس الجمهورية ود.عبدالواحد النبوى وزير الثقافة وطارق نجل الراحل وحفيده كارم وناديه ذو الفقار كريمة فاتن حمامه ود.محمد عبدالوهاب زوج فاتن حمامه ود.زاهى حواس وزير الآثار الأسبق ورجل الأعمال منصور الجمال ود.محمد أبوحامد واللواء محمد حمدون والفنانون جميل راتب وحسين فهمى ود.أشرف زكى وسامح الصريطى ودلال عبدالعزيز وميرفت أمين وسمير صبرى وفاروق الفيشاوى ومجدى كامل وخالد النبوى ومها احمد وإيهاب فهمى ومادلين طبر وخالد يوسف

وكان أكثرهم حزنا وتأثرا الفنان جميل راتب الذى بكى عدة مرات كما تحدثت الفنانة مادلين طبر عن علاقتها بالراحل وظهرت متأثرة من شدة البكاء اما الفنان خالد النبوى فرفض التعليق نهائيا، وعقب انتهاء صلاة الجنازة انهار الفنان حسين فهمى فى البكاء نظرا لارتباطه بعلاقة صداقه مع الشريف وكان من اول الحضور بصحبة أسرة الراحل، ورفضت الفنانة ميرفت امين ان يلتقط لها احد اى صور او يتحدث معها

وصرح اشرف زكى نقيب المهن التمثيلية بان النقابة ستقيم للنجم الراحل سرادقا للعزاء بعد غد بمسجد عمر مكرم مؤكدا أنه بغياب الراحل تكون مصر قد فقدت قيمه ورمزا كبيرا وقال انه سوف يتغيب عن حضور العزاء نظرا لسفره لأداء العمرة.

 

####

 

عمر الشريف والفن الجميل

بقلمفاروق جويدة

المصدرالأهرام اليومى

لا احد يستطيع ان يحكى لنا الليلة الأخيرة فى حياة عمر الشريف وماذا دار فى خياله وهو يطوى صفحات عمره ما بين أضواء السينما العالمية والأسفار والرحلات والأمجاد وها هو يرحل عن عالمنا فى غرفة صغيرة فى أحد المستشفيات فى حلوان. مسافة كبيرة جدا وسنوات من العمر رحلت ما بين أضواء هوليوود وليالى باريس وشقته الشهيرة التى عاش فيها سنوات فى أشهر وأغلى الشوارع فى مدينة الجن والملائكة كما كان يسميها عميد الأدب العربى د. طه حسين. بعد كل هذا الصخب وملايين الوجوه وآلاف الكاميرات والحسناوات من كل جنس ولون هاهو الفارس ينام فى غرفة صغيرة بلا أصدقاء وبلا أهل وبلا نجوم. هاهى الرحلة الطويلة تنتهى بالفارس فى مكان بعيد عن كل النجاحات التى عاشها والبشر الذين التفوا حوله. انه لا يذكر الآن شيئا من ذلك كله لقد اغلق الكتاب وطوى صفحاته ولم يعد يذكر الأمجاد التى عاشها والأحلام التى وصل إليها انه الآن يواجه الموت وحده وكما نجيء الحياة وحدنا نمضى منها كما جئنا لا احد يصافحه وهو ينسحب فى هدوء ولا شيء يودعه فلا هو أمام بيت عاش فيه ربما تذكر جدرانه وصوره شيئا عن حياته. لقد رحل كل الأحباب من مات ومن سافر ومن اختفى فى ظروف غامضة وبقى وحيدا فى حجرة صغيرة. هناك أشخاص آخرون عبروا فى هذه الحجرة لا يعرف احد منهم والغرفة نفسها لا تذكر من عاشوا او ماتوا فيها ان الفنادق والمستشفيات ودور المسنين لا تذكر الوجوه التى مرت عليها يوما. من أصعب الأشياء ان تجد نفسك وحيدا من كل شيء حتى ذكرياتك التى عشتها والأماكن التى عرفتها لا شيء من هذا الآن لقد هربت الذكريات واختفت الأماكن وسافرت كل الوجوه. فى الحجرة الصغيرة ربما تحدث عمر الشريف مع نفسه فلا شيء غيرها حاول أن يسترجع بعض ذكرياته ولكن حتى الذاكرة خانته. أغمض عينيه فى هدوء ورحل وقد نسى كل شيء. وبقى عشاق فنه ومحبوه يذكرون كل شيء لأن الفن الجميل لا يموت.

 

####

 

لقاء مع عمر الشريف: مرتكبو الحوادث الإرهابية لا يمكن أن يكونوا مصريين

بقلمزينب عبدالرزاق

المصدرالأهرام اليومى

- لهذا اللقاء قصة

التقيت مع الفنان عمر الشريف يوم 22 يناير 2011، أى قبل اندلاع ثورة 25 يناير بـ48 ساعة، كان اللقاء فى فندق سميراميس على ضفاف النيل، وكان الفنان عمر الشريف يتمتع بصحة جيدة وذهن يقظ. لم يكن الزهايمر اللعين تمكن منه. كان بشوشا وسعيدا بقدومه للقاهرة. وكان يتحدث عن النيل وشوارع القاهرة، وميدان الإسماعيلية كما يسميه "ميدان التحرير" بمنتهى الحب. ولم نكن نعلم انها ساعات ويشهد هذا الميدان ثورة كبرى. اندلعت الثورة. بأحداثها وتداعياتها. فتم تأجيل نشر الحوار. وسافر عمر الشريف. وإليكم نص حوار الفنان عمر الشريف أيقونة الفن المصرية على تاج السينما العالمية

عمر الشريف، ذلك الفنان المصرى الذى يسبق اسمه كلمة "العالمي" ولكنه على الرغم من فخامتها عند البعض لا تعطى للرجل وصفاً معبرا، فهو ليس مجرد ممثل مصرى قام ببطولة العديد من الأفلام الناجحة ومن ثم ذهب إلى الخارج ليكمل مسيرته الفنية الناجحة

عندما تريد أن تكتب توصيفا حقيقيا عنه، ستشعر حينها بأنك لا تقوم بوصف إنسان تقليدي، فهو ميشيل القبطى الكاثوليكى وهو عمر المسلم، هو حسن ومرقص فى آن واحد، هو الريس محسب ولورانس العرب، وهو أيضا دكتور زيفاجو الذى تتعلق مشاعره بين امرأتين، وفى نفس الوقت هو حسين الشاب الخجول المرتبك الغارق الذى يحب ابنة عمه سميحة

هو الذى كان يسير على غير هدى بشارع سليمان باشا ويجلس على مقهى جروبى لتأخذه قدماه بعدها إلى الشانزليزيه بباريس، ومن الإسكندرية إلى القاهره ومن أستديو مصر إلى أستديوهات هوليوود

- هو المسافر دائما

فى هذا الوقت كان عمر الشريف يفكر فى إعادة فيلم إشاعة حب بصورة جديدة، وكان يقول: هناك مشكلة فى اننى لم أقم بعمل فيلم منذ عامين، والسبب فى ذلك يتلخص فى انه لا يوجد عمل جيد يناسبنى، حيث اننى فى هذه السن لا أريد ان أقوم بأى عمل عادى، انتظرت لكى أجد عملا جيدا لكنى لم أجد، فجاءتنى هذه الفكرة ويكتبها لى يوسف معاطى والصعوبة فى ان أجد عملا جيدا تكمن فى رغبتى فى ان أؤدى الدور بطريقتى وتكون حقيقية، هو بالطبع فى اخر الامر تمثيل لكنه يكون تمثيلا حقيقيا. وعن فكرة إعادة الأفلام القديمة مرة أخرى، وكيف سيؤدى هل سيكون يوسف وهبى الان قال: لا أستطيع تأدية الدور بنفس أسلوبه فى الكوميديا، حيث كنت أفضل يوسف وهبى فى الكوميديا أكثر من الدراما. كان يوسف وهبى صديقى وكنت ازوره دائما فى فيلته وكان ذلك يسعده كثيرا وكنت بجانبه فى لحظاته الأخيرة على فراش الموت

لا أستطيع تقليد يوسف وهبى فهو له طريقة مميزة لكن سيكون هناك تشابه فى بعض اساسيات الشخصية، والفيلم سيكون مختلفا بعض الشىء لكن روح الفكرة الرئيسية ستكون موجودة، الفيلم الأصلى كان حلو قوى، فطين عبدالوهاب - مخرج الفيلم - كان أحسن واحد فى العالم يعمل كوميديا وكنت أحبه كثيرا على المستوى الشخصي. كان فطين عبدالوهاب رجلا شيك وكان يرتدى الكرافتة والبدلة الأنيقة، كان جنتلمان بمعنى الكلمة ولا يعرف قلة الأدب أو السباب، كنت احبه جدا لكننا للأسف لم نعمل مع بعضنا سوى فيلم واحد فقط

وعموما دائما المخرجون يرشحوننى لادوار التراجيديا لأن عينى تبدو حزينة، وذلك الحزن الموجود فى عيني لم يكن يعكس شخصيتى الحقيقية، لاننى دائما ما أكون سعيدا وأحب الضحك والنكت، لكن الناس لديها فكرة بأننى حزين وهذا ليس حقيقيا، فانا احب الدنيا واحب كل الناس وعمرى ما كرهت أحدا أبدا، وحتى الذين لا يحبوننى فقط لا أعاشرهم ولكنى لا أغضب منهم

احيانا اشعر بالاسى لان الاضواء بعدت عنى إلى حد كبير، فانا أواظب على قراءة الأهرام كل يوم وانا فى القاهرة ولا أجد اى شيء مكتوبا عنى، فأقول لنفسى سبحان الله لا يكتبون عني لأنه ليس لدى فيلم جديد أقوم به، وعلى الرغم من اننى فزت بالعديد من الجوائز العالمية حيث اننى اخذت الاسد الذهبى فى فيينا واخذت احسن ممثل فى فرنسا واسبانيا وبرلين، إلا ان كل ذلك تم نسيانه لأنه قديم

عموما لا تعجبنى كلمة "عالمي" على الإطلاق، ذلك التشبيه الذى يضعونه قبل اسمي، فأنا اعتبر هذه الكلمة بايخة جدا

رأيى أن أحمد زكى فنان كبير وكان يستطيع الوصول الى العالمية لو كان يجيد الانجليزية كان ممثل حلو، وكنت مبسوطا منه جدا من أدواره، وأقول دائما انه أحسن مني، اتذكر يوما ما كنت فى لندن فقال لى صديقى د. يحيى سليمان الذى كان طبيبا مشهورا فى بريطانيا إن هناك ممثلا مصريا فى المستشفى لديه نفس مرض عبدالحليم حافظ، فذهبت لزيارته فوجدته مسكينا وحده فى المستشفى جلسنا معا وسعدت جدا بسعادته لزيارتى وقلت: يا سلام شوف الدنيا حلوة ازاى، حاجة صغيرة كده تمنح الاخر بسمة أمل

ربنا سبحانه وتعالى اعطانى حظا ليس له مثيل فى العالم، وذلك لعدة أسباب أولها: انه عندما ولدت كان لدى أم وأب عاشا مع بعض طول عمرهما وهذا شىء مهم جدا للاطفال، وأمى كانت بتضربنى "بالشبشب" كل ما أغلط فى واجب المدرسة، وهذا كان جيدا لانها علمتنى معنى الجدية والإتقان، وكانت أمى تتحدث بالفرنسية والعربية، وكانت لا تعرف الانجليزية

المحطة الاولى فى حياتى هى مولدى فى الإسكندرية حيث ان والدى كان اسكندرانيا ثم جئنا من الإسكندرية عندما كان عمرى 4 سنوات عندما قرر والدى أن ينقل عمله الى القاهرة حيث كان يبيع الأخشاب بشادر فى حى الأزهر وكنت أذهب واجلس معه هناك وكنت أتأمل الزبائن الغلابة الذين يشترون منه

عندما كان عمرى 9 سنوات، زاد وزنى جدا فى المدرسة وسمنت كثيرا كنت آكل كثيرا، وكان أكل الأمريكان منتشرا فى ذلك الوقت فى المدرسة، تذمرت امى كثيرا ولم يعجبها شكلي وغضبت كثيرا حيث اننى كنت اول طفل لها وعمرها 20 عاما، وكانت تقول فى عقلها ان هذا الطفل سيكون اجمل وأشهر رجل فى العالم، ولكن عندما زاد وزنى ارسلتنى الى مدرسة انجليزى داخلية بالاسكندرية، ولم أحب الطعام فى المدرسة، فالأكل قبل ذلك كان دسما جدا وكله بالسمن البلدى مثل الملوخية!، ولكن هذا لم يتواجد هناك فى المدرسة، فقدت الكثير من وزنى ولعبت رياضة ومثلت فى المسرح، اتذكر اننى جسدت اول دور لى فى مسرحية وعمرى 13 عاما والاولاد قاموا بالتصفيق لي، ولم يكن التصفيق لأدائى التمثيلى ولكن لأننى استطعت حفظ كل هذا العدد من الشعر والأشياء الأخرى، والمسرح المدرسى هو الذى جعلنى "أغوى" التمثيل واعشقه

عندما تخرجت، طلب والدى أن أعمل معه لكننى رفضت وقلت له إننى سأسافر الى لندن لكى اكمل دراستى، وفى يوم من الأيام وأنا أجلس مع صديقى الفنان أحمد رمزي وكنا نتناول الأيس كريم فى جروبي، وجدت شخصا رفيعا جاء الينا وقال لي: انت عاوز تسافر تتعلم التمثيل وأنا سأعطيك بطولة مع أكبر ممثلة فى مصر" وهذا الشخص كان يوسف شاهين، وأخذنى لأمثل دور البطولة مع فاتن حمامة فى فيلم "صراع فى الوادي". 

كان أول وقوف لى أمام الكاميرا كان عمرى 22 سنة بالضبط، أنا مواليد 1932 والفيلم كان عام 1953، كان دور شاب صعيدي، وأنا عمرى ما عرفت أتكلم عربى أقوم أتكلم صعيدي! كنت فى مدرسة انجليزى ومدرسة فرنساوى وكنا نتحدث فى البيت بالفرنسية اغلب الوقت وعربي نص نص وكانت الجملة نصفها عربى ونصفها فرنساوي، عملت "صراع فى الوادي" وشارك بمهرجان كان

الصدفة لعبت دورا فى حياتى، واشتراكى فى فيلم لورانس العرب كان من باب الحظ عندما كانوا يعدّون للفيلم طلب المخرج أن يبحثوا له عن ممثل لكى يلعب دور شخص عربى ويستطيع التحدث بالإنجليزية، فجاءوا اليه بصور كل الممثلين العرب، التقط صورتى وقال للمنتج: "الولد ده فى مصر لو شفته تاخد معاه ميعاد ولو بيتكلم انجليزى هاتهولى هنا"، فجاء المنتج وقابلنى وقالى لى انه سيكون دورا صغيرا وذهبنا معا لنقابل المخرج فى وسط صحراء الأردن، راحوا يتفحصوننى ويدورون حولى وينظرون الى "الشامة" التى كانت فى وجهى، وعندما كان يسألنى المخرج عن اى شىء اقول له أستطيع عمله، واستمر التصوير فى الفيلم لمدة عامين ولم أستطع العودة اثناء التصوير لمصر ولا رؤية فاتن وطارق ابني، ولم أرجع منذ ذلك الوقت سوى مرة واحدة لعمل فيلم مع المخرج عاطف سالم اسمه "المماليك" وتركت مصر بعده وسافرت مرة أخرى

اتذكر عندما مثلت مع الممثلة "باربرا سترايسند" فيلم "الفتاة المرحة" حدثت ازمة كبيرة فى هوليوود وفى مصر! كان اول عمل لباربرا سترايسند فى حياتها وهى كانت يهودية جدا، وكنت أمثل دور يهودى من نيويورك وكنت أتحدث الأمريكانى اليهودى الذى كانوا يتحدثون به فى ذلك الوقت، وتصادف قيام حرب 1967 اثناء الفيلم الصحف العربية أمطرتنى بالسب والاستنكار، حتى ان يهود أمريكا قاموا بسبي وقالوا اننى سآخذ اجرى لكى أعطيه لعبدالناصر لكى يقتل اليهود!، فهل هذا يعقل ولم أسلم فى ذلك الوقت لا من العرب ولا حتى اليهود!. 

لاشك ان السيناريو الذى يكتبونه فى امريكا واوروبا أفضل بكثير من السيناريو الذى نكتبه هنا، والمقابل المادى هنا أقل من هناك، بالإضافة إلى أن لديهم سوقا عالمية، قديما كل البلاد العربية كانت تبحث عن أفلامنا المصرية، ولم يكن يستطيع أحد أن يقوم بعمل أفلام مثلنا، أما الآن فالجميع يقوم بصناعة الأفلام

والسينما المصرية أصبحت أضعف من الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى

من الصعب أن تجد اليوم منتجين يقوموا بإنتاج فيلم بإمكانيات كبيرة ايضا امكانيات الأستوديوهات مختلفة ومتطورة كثيرا فى أمريكا وأوروبا، والإنتاج الكبير يعطى للعمل قوة، بالإضافة الى أن الممثلين هناك يمثلون بإتقان، هنا مستوى التمثيل مختلف جدا، لأن الحوار دائما فى كل الأفلام حتى العادى منها قوى ومدروس ويحتوى على عدة محاور نفسية واجتماعية وسياسية ولغة وحكم وعمق للشخصية رهيب

وعن قيامه بدور جيفارا فى هوليوود قال عمر الشريف ليبرئ ذمته: لم أكن أعرف فى ذلك الوقت أن السى آى ايه - المخابرات المركزية الأمريكية - هى التى تموله، حيث جاء لى مخرج الفيلم وكان معروفا فى ذلك الوقت، وكان بصحبة المنتج، وفى تلك الأيام كنت فى فرنسا أثناء حرب 1967 والدنيا غير مستقرة. كنت ألعب بريدج - لعبة ورق - وجاءوا الى مكانى بسيارة وقالوا عاوزين نعمل فيلم فكرته كذا، قلت لهم لا أريد أن أقوم ببطولة هذا الفيلم وبطريقة ما أقنعونى، فى آخر الأمر قمت بالدور وفى رأيى أنا عملته وحش بشكل سييء. وندمت كثيرا على هذا الدور

وعموما انا غير راض عن كل اعمالى السينمائية، فقط ثلاثة أعمال بالأكثر هى التى تعجبني، وعلى مستوى الأعمال المصرية، لا أعتقد أن ما يروق لى يتجاوز العملين، ومنها الفيلم المأخوذ عن قصة "آنا كارنينا" للأديب الروسى تولستوي "نهر الحب". هذا الفيلم قمنا بعمله مباشرة بعد زواجنا أنا وفاتن حمامة، ومخرجه كان زوجها السابق عز الدين ذوالفقار، وكان ذوالفقار رومانسيا جدا وكان دائما ما يحمل منديلا ويبكى اثناء التصوير عندما نقوم بتمثيل مشهد عاطفى ميلودرامي، وعز الدين كان يكتب هذه النوعية من أفلام الميلودراما بطريقة رائعة، وزكى رستم كان رائعا فى هذا الفيلم، كنت أحبه جدا وأول فيلم أمثل فيه "صراع فى الوادي" كان معي، أحب فيه طيبته وطريقة كلامه وشكله، وملامحه التى تعطى انطباعا بأنه شخص حاد وقاسيا وهو غير ذلك على الاطلاق، كنت أعشق طريقة تمثيله وهو يستطيع أن يؤدى أى دور بداية بالباشا مرورا بالبائع الذى يقف على شادر خضار مرتديا الجلباب

ويقول عمر الشريف: اتذكر أن اتصالا تليفونيا من الرئيس السادات لى وأنا فى باريس كان الخيط الأول لزيارة السادات إلى تل ابيب، كان السادات رجل شديد الذكاء، ويحبني، بعد حرب أكتوبر، كلمنى وأنا فى باريس وعرض على الرجوع إلى مصر، وقال لي: "انت تعرف يهود كتير وبتشتغل معاهم، ايه رأيك لو انا رحت إسرائيل ايه يكون رد الفعل؟ "وطلب منى نقل هذا الى السفير الإسرائيلى فى باريس، ذهبت بعدها مباشرة إلى سفير إسرائيل فى باريس وكنا على علاقة طيبة وقلت له أريد التحدث الى مستر بيجن رئيس الوزراء الاسرائيلي - فى التليفون، كانت مفاجأة للسفير، قلت له لدى اخبارية من الرئيس السادات وأريد أن أقولها له. وبالفعل اتصل بمستر بيجن وأعطاه لى، قلت له أنا عمر الشريف ممثل، قال لى أعرفك، فتحدثت إليه وأخبرته أن الرئيس السادات يريد الذهاب إلى إسرائيل لكنه لا يعرف كيف ستستقبلونه عندكم، قال لى: سوف نستقبله كالمسيح. بعد ذلك طلبت من السفير الإسرائيلى أن يطلب لى الرئيس السادات، فأنا لا أعرف رقما له، وبالفعل حدث، وتحدثت الى السادات، وقلت له إننى اتحدث اليك من السفارة الاسرائيلية بباريس وقد تحدثت مع "بيجن" وقال لى انهم سوف يستقبلونك كالمسيح، قال لى تمام يا عمر وانهى المكالمة، وبعدها بأسبوع ذهب الى إسرائيل. بعد ذلك قابلت السادات فى واشنطن ذات مرة فى البيت الأبيض وقال لي: "لازم تحضر إلى مصر الأسبوع القادم فرح ابنى جمال لو ماجيتش "هخاصمك"، كلمة "هخاصمك" كانت هايلة جدا وكلها حب وعشم، وبالفعل جئت بعدها إلى مصر لحضور فرح جمال ابنه

وببعض الاسى يقول: عمر الشريف النجم. الناس نسيته، لكن الناس بتحبنى جدا فى الشارع، يحبوننى كصديق لأنى صديق الجمهور، عندما اسير فى الشارع واعبر كوبرى قصر النيل وأسير حتى الزمالك اجد ترحابا وحبا كبيرا جدا من المارة. وهذا امر يسعدنى جدا جدا

أنا يهمنى أعرف الناس واتكلم معهم كأننى واحد منهم، واتحدث معهم فى كل شىء من أمور الحياة اليومية، لا أفضل الحديث عن السينما، عندما أتحدث مع الناس اسألهم عن أولادهم وعن عملهم وحياتهم، والكل فى مصر يحمد الله مهما كانت الظروف صعبة وهذا امر رائع

وعندما أركب تاكسي، لأننى لا أملك سيارة، أفضل السيارات القديمة المتهالكة وليست البيضاء وأجلس بجانب السائق "وندردش سوا"، ويكون مبتسما ومبسوطا اثناء حديثه معى، ويرفض أن يأخذ أجرته حبا لى

وفى رأيى لا يوجد فى الدنيا كلها شعب مثل الشعب المصرى لديه شهامة وجدعنة وطيبة قلب لا توجد هذه الطيبة ابدا فى اى مكان فى العالم، لذلك استغرب جدا عندما اسمع ان يوجد فى مصر حوادث إرهابية وتفجيرات، أقول فورا هؤلاء ليسوا مصريين، وأنا متأكد أن التفجيرات التى حدثت فى الإسكندرية، (يقصد هنا حادث كنيسة القديسين التى كان مر عليها ثلاثة أسابيع فى هذا الوقت) - ليسوا مصريين، المصريون لا يقومون بهذه الاعمال ابدا، فى رأيي، وإذا كان من فعل ذلك اسلاميون متطرفين أو متشددون فهذا ضد كل الأديان!. 

وعن على ومصطفى امين قال: أنا وعلي كنا أصحاب جدا وكان جاري، لسنوات فى الزمالك، وعرفت عندما تركت أنا مصر لحق بى بعدها نظرا للظروف السياسية فى ذلك الوقت فى الستينيات، وكان يسكن بجانبى ايضا فى لندن

مصطفى أمين كنت أعرفه كويس وهو كان بيعمل شغل هايل، عندما ذهب الى فرح جمال ابن السادات رأيت مصطفى أمين فذهبت لكى أسلّم عليه وعندما مررت بجوار السيدة منى جمال عبدالناصر جذبتنى من ركبتى وقالت لي: "لو سلمت عليه سأغضب جدا فقلت لها طيب، حاضر وسلمت عليه بعد ما خلص الحفلة. كانت منى عبدالناصر كل لما تشوفنى تقول لي: "أنت شبه بابا بالظبط". وهذا الامر لم يكن يروق لى!. 

عبدالحليم كان حبيبى وكنا أصدقاء، وكان كل سنة عندما يأتى الى المستشفى أذهب اليه ونلعب مع بعض كوتشينة وكنا نقعد على الأرض على السجادة طول الليل نلعب وعندما كان يفوز على فى اللعب كان يشعر بسعادة غامرة

اما فؤاد المهندس كان صديقى القريب الى قلبى وكنا نذهب معا لنستمع الى ام كلثوم، كنا نقف بالعربية بجوار واحد بيعمل فطائر بالسكر فى ميدان الإسماعيلية ميدان التحرير حاليا - عند مجمع التحرير، وأنا دائما أقول عليه ميدان الإسماعيلية وأنسى كلمة التحرير

كنا نذهب فى الساعة الرابعة فجرا بعد انتهاء العمل ونشترى الفطير ونستمع الى اغانى أم كلثوم، وكان المارة الموجودون فى الميدان فى منتهى الاناقة مرتدين "المينك" والكرافتات، وكان الفجر يؤذن من ميكروفون واحد وليس مليون ميكروفون مثل الآن!. 

وعن الخيل قال اعشق الخيل لأنه عنده عزة نفس، وأحب جدا سباق الخيل، اشترى خيلا واربيه، ويعتبر من الأشياء التى انفق عليها كل ما املك

ويقول عمر الشريف: انا لا اصدق العرافات والمنجمين لكن فى بداية حياتى فى احد الأيام ذهبت الى عرافة يونانية أنا واصدقائي عندما كنا طلابا فى المدرسة، نظرت الى كف يدى بمنتهى الاهتمام وقالت: انت ستكون رجلا مهما ومشهورا، ولم آخذ الأمر على محمل الجد فى ذلك الوقت، لأننا كنا بنهزر

"وقد تحققت النبوءة واصبح عمر الشريف ايقونة وعلامة فى تاريخ السينما المصرية والعالمية".

 

####

 

دفن عمر الشريف فى السيدة نفيسة

المصدرالأهرام اليومى

ورى جثمان الفنان العالمى عمر الشريف الثرى أمس - بمدافن الأسرة بالسيدة نفيسة بحضور عدد كبير من الفنانين والإعلاميين والشخصيات العامة. وانتهى المشيعون من دفن جثمان الراحل عمر الشريف بعد أداء صلاة الجنازة على جثمانه بعد صلاة ظهر أمس بمسجد المشير محمد حسين طنطاوى بالتجمع الخامس.

 

####

 

‎‎"المواطن مصرى" جمعها بعمر الشريف.

صفية العمرى: كان أول من يحضر إلى الاستوديو

المصدرالأهرام اليومى

عبرت الفنانة الكبيرة صفية العمرى عن حزنها الشديد لوفاة الفنان العالمى عمر الشريف وأيضا الفنان الكبير سامى العدل، وعن العمل السينمائى الذى جمعها بعمر الشريف قالت: فيلم "المواطن مصرى" الذى أعتبره علامة فى مشواره السينمائى وفى السينما المصرية ككل، فقد تعلمت من عمر الشريف كثيرا فى هذا العمل وأحمد الله أنه جاءتنى تلك الفرصة للعمل معه واللقاء به وأعتبر هذه الفرصة شرفا كبيرا لى فقد كان يعرف جيدا كيف يحترم عمله ويقدسه وكان أول من يحضر إلى الإستوديو للتصوير ويستعد بملابس الشخصية والسيناريو وليس بدوره فقط بل يساعدنا جميعا فى أداء أدوارنا والتمهيد للشخصية ويعرف جيدا كيف يحترم زملاءه ويتعامل بكل رقى مع الجميع

وأضافت صفية العمرى: أفتخر بالعمل مع عمر الشريف فقد فقدنا قيمة وقامة فنية وإنسانية لن تتكرر وقد فارقنا بجسده فقط ولم يفارقنا بأعماله وذكراه التى ستظل بيننا دائما.

 

الأهرام اليومي المصرية في

13.07.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004