مهرجان الإسكندرية يحتفل بذكرى شارلي شابلن
القاهرة - العربي الجديد
يستعدّ مهرجان الإسكندرية السينمائي للاحتفال بذكرى مرور خمسة
وعشرين عاما على وفاة الفنّان العالمي شارلي شابلن، ومرور مائة عام
على إنتاج فيلم "المتشرّد"، خلال دورته المقبلة التي ستبدأ بين
الخامس عشر والعشرين من سبتمبر/أيلول الحالي.
هو "السير تشارلز سبنسر شابلن". قد لا يعرف كثيرون ملامحه الحقيقية
الوسيمة، لاعتماد شخصياته على ملابس وشارب وقبّعة اختارها شابلن
لتميّزه أيّام السينما الصامتة حيث عمل، وكان يعتمد على التمثيل
الإيمائي قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى.
لم يركّز الفنان الكوميدي على التمثيل فحسب، بل كان يكتب وينتج،
وأخرج أيضا بعض الأفلام القصيرة. وأثار الجدل وطرح علامات استفهام
وتساؤلات على كثير من كبار الكتّاب، وشكّل كيانًا غامضًا، إذ كان
يصرّ على إضحاك الناس في أوقات البؤس التي شهدها الكوكب خلال الحرب
العالمية. حتّى قال عنه الكاتب جورج برنارد شو إنّه "العبقريّ
الوحيد الذي خرج من الصناعة السينمائية".
كان لشابلن هواية أخرى هي الموسيقى، فشارك في وضع ألحان بعض
أفلامه. إذ كان والداه فقيرين يغنّيان، ويقيمان تمريناتهما في
المنزل. وكان الطفل شارلي يلازمهما، فساهم ذلك في تنمية حبّ
الموسيقى لديه. لكن فجأة توقّفت والدة شابلن عن الغناء بعد إصابتها
بمشاكل صحيّة في حنجرتها. مما أحزن شارلي كثيرا لأنّه كان يستمتع
بصوتها.
وما ضاعف حزنه هو إصابتها بأمراض جعلتها تهلوس، فاضطرّ بسببها
الأطباء إلى أن يودعوها في مستشفى للأمراض العقلية، فيما توفي
والده متأثّرا بمرض في الكبد بسبب كثرة شربه الكحوليات وتعاطيه
المخدّرات. فوجد شابلن نفسه في أحد الملاجئ، لا عائل له. واختارت
والدته الملجأ إذ باتت لا حول لها ولا قوّة، ولا تستطيع حمايته
لأنّها سجينة داخل أسوار المستشفى في لندن.
"الصعلوك" و"لقمة عيش"
شقّ بعد ذلك شارلي شابلن طريقه نحو عالم النجومية، حين انتقل إلى
الولايات المتحدة الأميركية. ولم يكن الطريق مفروشا بالورود، بل
كان مليئا بالعراقيل والأشواك. لكنّ هذه الأشواك لم تُصِب طموحه
بأي أذى، فالتقى الممثّل والمخرج والمنتج البريطاني فريد كارنو،
الذي احتضنه وأشركه في فرقته.
فمثّل شابلن في أولى أفلامه "لقمة عيش". لكنّ منتج "سانات"، صاحب
شركة "كستون" للإنتاج الفنّيّ، ندم على اختياره، إذ شعر أنّ شابلن
ممثل فاشل، رغم ذلك أعطاه "سانات" فرصة ثانية لينطلق شابلن بسرعة
الصاروخ. كما لو كان يتحدّى الفشل مدفوعا بإيمانه بنفسه وبموهبته.
وجسّد شخصية "الصعلوك" في الفيلم الصامت الذي حمل الاسم نفسه.
وتدرّج شابلن في أفلامه لينتقل من حياة الفقر إلى حياة الثراء من
دون أن تتغيّر ملامحه. فهو لم يكن ميّالا إلى حياة الترف. بل كان
معتادا على الزهد والفقر، بعدما تذوّق مرارتهما لسنوات طويلة.
طرائف شابلن
كانت في حياة شابلن مواقف طريفة عديدة كتب عنها في مذكّراته، منها
أنّه كان يسير يوما في الشارع، وشاهد إعلانا عن مسابقة أفضل شخصية
تقلّد شارلي شابلن، فقرّر التخفّي في الزيّ الشهير له وذهب إلى
المسابقة، وكانت المفاجأة أنّه احتلّ المرتبة 27.
تزوّج شارلي أكثر من مرّة. تزوّج أوّلا من الممثلة الناشئة ميلدريد
هاريس، وأنجبت له طفلاً مات بعد ثلاثة أيام من ولادته، ليصبّ غضبه
على زوجته، وقيل إنّ حبّه لها مات مع موت المولود الجديد. ولا ينسى
هذا النجم الكبير مسقط رأسه «لندن».
فقرّر زيارتها بعد أن بلغت ثروته المليون دولار، جمعها من فيلم
واحد هو "الصغير" الذي يحكي قصّة تسكّعه في الشوارع الفقيرة. وكان
الناس يستقبلونه في كلّ ميناء يمرّ به على متن السفينة التي
أقلّته. وراح يسجّل فرحة الناس في كتابه "رحلتي مع البحار".
وقد سأله صحافيون عمّا يريد الذهاب إليه من وراء فيلمه "البحث عن
الذهب"، فأجابهم بنشوة "أريد أن يذكرني الجمهور من خلال دوري فيه".
وبلغ دخله من هذا الفيلم أكثر من مليوني دولار. ثم تزوّج للمرّة
الثانية من لينا جراي، التي أنجبت له ولدين هما تشارلز وسيدني.
إلا أنّ زواجه لم يستمرّ. وبعدما تطلّق تزوّج للمرّة الثالثة من
الممثلة التي كانت تُسمّى في هوليوود "إلهة الحبّ"، وهي بوليت
جودار. أيضا فشل زواجه منها، وانتهى أيضًا ليتزوّج مرّة رابعة
وأخيرة من فتاة صغيرة بعمر أبنائه هي "أونا"، ابنة الكاتب المسرحي
"يوجين أونيل"، وأنجب منها ستّة أطفال وُلد معظمهم في سويسرا.
كوكتيل الملابس
لكن ما سرّ ملابس شارلي شابلن الكوميدية؟ السر يعود إلى أنّ المخرج
ماك سانيت طلب منه أن يضع ماكياجا كوميديا لإضحاك الناس. وكتب
شابلن وقتها في مذكّراته "لم أكن أملك أيّ فكرة عن أيّ ماكياج يجب
أن أضع، لم أَرِد أن أظهر كصحافيّ في نشرة إخبارية كما هو الحال في
فيلم لقمة
عيش، لكن
في الطريق إلى خزانة الملابس فكّرت أن أرتدي سروالا فضفاضًا، حذاءً
كبيرًا، عكّازًا وقبّعة.. وأردت أن يكون كلّ شيء متناقضًا: السروال
الفضفاض، المعطف الضيق، القبّعة الصغيرة والحذاء الكبير".
ويتابع "كنتُ متردّدًا بين أن أكون بمظهر شخص كبير أو شاب. لكن
تذكّرت أنّ "سانات" كان ينتظر منّي أن أكون بمظهر شخص أكبر عمرا،
لذلك أضفت شاربًا صغيرًا ليضفي على الشخصية أعواما إضافية، وحاولت
ألا أخفي تعابير وجهي. ولم تكن لديّ أيّ فكرة حول الشخصية، لكن في
اللحظة التي ارتديت الملابس، ووضعت الماكياج على وجهي أحسستُ
بالشخصية".
ومنذ ذلك الحين ارتبطت شخصية هذا النجم، في عيون جمهوره الكبير،
بهذه الملابس التي باتت جزءًا لا يتجزّأ منه. إلى أن توفي في
سويسرا بتاريخ ٢٥ ديسمبر/كانون الأول من عام 1997، عن 88 عاما. |