يمثل مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة نافذة
حقيقية للسينمائيين التسجيليين فى مصر والعالم العربى خاصة الشباب
منهم لعرض أفلامهم، و يعمق فهمنا لرؤية الآخرين للمجتمع وقيمهم
وأفكارهم. وفى الوقت الذى شهد فيه المهرجان تطورا خلال السنوات
الماضية واكتسب مكانة كبيرة، شهدت الدورة الأخيرة (رقم
17) التى
انتهت الأحد الماضى بعض المشاكل والأزمات، لكن هذا لم يقلل من نجاح
المهرجان بشكل عام.
عرض المهرجان فى حفل الافتتاح فيلم يهود مصر «نهاية
رحلة» للمخرج
أمير رمسيس، وتدور أحداثه حول محاولة تجميع شظايا حياة اليهود
المصريين فى النصف الأول من القرن العشرين
وتحدثت ماجدة شحاتة هارون رئيسة الطائفة اليهودية فى مصر خلال
أحداث الفيلم عن حياتها مع الـ12 يهوديا المصريين الباقين وعشقهم
لمصر وإصرارهم على البقاء فيها ، كما أنها شاركت فى ثورة يناير
وكانت فى البداية تخشى القبض عليها وتقديمها على أنها جاسوسة
إسرائيلية لكنها فوجئت برد الفعل الرائع من قبل المصريين تجاهها.
وشددت ماجدة على أنها تتمنى فتح جميع المعابد اليهودية فى مصر مثل
معبد المعادى ومصر الجديدة مؤكدة أن المعابد اليهودية جزء من تراث
مصر.
اختارت إدارة المهرجان 4 أفلام هذا العام تعبر عن ثورتى يناير
ويونيو لعرضها خلال فعالياته وهى أفلام موج والميدان، وأريج الثورة
، وكروب التى شاركت ضمن بانوراما الفيلم التسجيلى المصرى.
ودارت أحداث فيلم (موج) إخراج
أحمد نور، على أرض مدينة السويس وأحداث العنف التى مرت بها حيث
يروى نور خمس فترات من حياته ، كما استعان بالرسوم المتحركة داخل
الفيلم
أما فيلم (الميدان) الذى
كان مرشحا للفوز بجائزة الأوسكار فقد نجحت المخرجة الأمريكية
المصرية الأصل جيهان نجيم فى عمل تسلسل درامى للأحداث قامت خلاله
بالتوثيق لأحداث الثورة منذ بدايتها وحتى سقوط حكم الإخوان وذلك من
خلال عدد من النشطاء السياسيين الذين شاركوا فى ثورتى يناير ويونيو
من أجل تحقيق أحلامهم فى الوصول لمجتمع ديمقراطى يتمتع بالحرية
والعدالة الاجتماعية .
أما الفيلم الثالث (أريج
الثورة) للمخرجة
الأمريكية المصرية فيولا فيتناول 4 شخصيات مختلفة داخل المجتمع
وجميعها تميزت بالتعقيد ،وتسببت فى إحداث حالة من الجدل حيث جاءت
اثنتان منها تناقش إعادة بناء مدينة الأقصر وتطرقت لتهجير الأهالى
وظلم الحكومة ، بينما ركزت الشخصية الثالثة على المقارنة بين
الماضى والحاضر ، أما الشخصية الرابعة فكانت لفتاة تحاول أن ترسم
عالما افتراضيا لميدان التحرير وترتبط بعلاقة صداقة مع إحدى
السلفيات وتدعوها لزيارتها. وأكدت فيولا أنها حرصت خلال الفيلم على
الخروج من اطار الاعمال التسجيلية التقليدية والتى لم تقدم الأحداث
الحقيقية للثورة المصرية.
بينما حمل الفيلم الرابع إسم (كروب) للمخرجه
الألمانية جوانا دومك والمخرج المصرى مروان عمارة. وهذا الفيلم
أثار إستياء معظم المشاركين فى المهرجان من جمهور واعلاميين حتى
أطلق عليه البعض فيلم تزييف الحقائق حيث أحضر المخرج بعض المصورين
المجهولين للتحدث عن التصوير ودور الصورة فى توثيق الحدث متخذا
جريدة الأهرام كرمز للإعلام الحكومى، ولكن المخرج لم يقدم أى صورة
دقيقة للصحيفة داخل الفيلم لمناقشتها بشكل حيادى، بل كان يهدف فقط
لتشوية الصورة لغرض فى نفس يعقوب.
وخلال ندوة الفيلم سألت «الاهرام» للمخرج
اذا ما كان حاول التعامل مع العاملين بالمؤسسة للحصول على
الانطباعات الحقيقية لمدى ما تقدمه الصحيفة من مستوى مهنى على
المستوى الصحفى خاصة وأن المخرج كان تائها أثنا التصوير ومرتبكا،
حيث قام بتصوير صيدلية المؤسسة والجراج، وكلها أمور لا علاقة لها
بالعمل الصحفى، حيث أكد المخرج أنه رفض أن يستعين بأحد داخل
الصحيفة لهدف خاص به فى إشارة إلى وجود حقد دفين تجاه المؤسسة
الصحفية. وبسؤاله عن مصادر التمويل ارتبك وأكد أنه تمويل ذاتى مما
اثار شكوك التمويل المشبوه لبعض الأفلام. وفى النهاية قدم اعتذاره
خلال الندوة على أحداث الفيلم التى قد تكون غير واقعية، مما تسبب
فى تزييفه للحقائق بسبب جهله بدور الصحف القومية وما قدمته من
تضحيات خاصة أثناء ثورتى يناير ويونيو
.
وقد أطلق المهرجان لأول مرة قسما خاصا للأفلام الوثائقية عن كرة
القدم حيث اختار 3 أفلام ترصد حياة 3 شخصيات من أساطير كرة القدم
العالمية وذلك احتفاءً بأجواء مونديال كأس العالم لكرة القدم الذى
سينطلق فى البرازيل غدا.
وجاء الفيلم الأول (مارادونا) بواسطة
كوستوريكا، للمخرج الصربى الشهير إمير كوستوريكا،ليرصد حياة النجم
الأرجنتينى الشهير داخل وخارج الملعب ، وكاد الفيلم يتسبب فى أزمة
بسبب عرضه فى الهواء الطلق حيث اعترض المشاهدون على احتواء الفيلم
على مشاهد خارجة، وتم إغلاق الشاشة خلال تلك المشاهد.
أما الفيلم الثانى (بوشكاش
المجر) للمخرج
توماش ألماشي، فيرصد حياة الأسطورة المجرية بوشكاش منذ الطفولة
وحتى الوصول لعالم النجومية من خلال الساحرة المستديرة.
وجاء الفيلم الثالث عن الكولومبى (الاثنان
إسكوبار) للمخرجين
جيف ومايكل زيمباليست والذى رصد علاقة الرياضة بالسياسة والجريمة
من خلال إسكوبار أحد أقوى تجار المخدرات فى العالم ، واللاعب
إسكوبار الذى كان أحد نجوم منتخب كولومبيا البارزين وبالرغم من عدم
وجود صله قرابة بين الثنائى فقد كان مصيرهما متشابكا بشكل قاتل.
وقد قام المهرجان بعرض بعض الأفلام المتحركة ومنها الفيلم المصرى «الوحدة»الذى
لم تتجاوز مدته 4 دقائق وحاز العمل إعجاب جمهور المهرجان
والنقاد،وأكد مخرج الفيلم أشرف المهدى أنه حاول من خلال أحداثه
مناقشة قضية الوحدة والانعزال مشيرا إلى أهمية وجود مثل هذه
النوعية من الأفلام لما لها من تأثير فى سلوكيات الأطفال.
وقد عقدت إدارة المهرجان عدداً من الندوات الهامة منها ندوة
لمناقشة كتاب «الواقعية
التسجيلية فى السينما العربية الروائية «للناقد
صلاح هاشم وندوة عن كتاب«حرب
أكتوبر فى السينما» للناقد
سمير فريد. وأكد السينمائى كمال عبدالعزيز رئيس مهرجان الاسماعيلية
السينمائى الدولى : أننا
لا نفكر فى ان يقتصر دور المركز القومى للسينما على انتاج الافلام
فقط، ولكننا نريد ان نقدم الثقافة السينمائية بأوجهها المختلفة.
كما عقدت ادارة المهرجان ندوة حول لجنة السينما الحرة بنقابة
السينمائيين شارك فيها المخرجون عاطف شكرى و أسامة غريب وأحمد صلاح
و نيفين شلبى. وناقشت معنى السينما المستقلة وضرورة رصد التجربة
ومناقشة دورها فى إثراء الساحة السينمائية.
كما أقامت ادارة المهرجان ندوة لفيلم «مكان
اسمه الوطن «تأليف
نادين شمس واخراج تامر عزت كتكريم للراحلة نادين شمس. وأكد مخرجه
أنه يتناول قصة 4 مصريين يحلمون بالهجرة وتحكمهم فكرة مجردة.
.
وقامت إدارة المهرجان بعرض فيلم (ثامن
العجائب) الذى
سجل فيه المصور والمخرج الكندى جون فينى وقائع نقل معبد أبوسمبل فى
أقصى جنوب مصر أثناء إنشاء السد العالى . وشارك التشكيلى المصرى
حسين بيكار (1913-2002) فى
كتابة سيناريو الفيلم الذى يعرض أيضا مجموعة لوحات أنجزها بيكار
طوال عامين وتصور تاريخ المعبد على مدى 3500 سنة وقد قامت إدارة
المهرجان بتكريم المخرج السورى محمد ملص وعرض فيلمين له ضمن
فعاليات المهرجان هما«المنام» و»فوق
الرمل.. تحت الشمس» وناقشا
قضايا واقعية داخل المجتمع.
ويبدو أن الأزمة المالية التى أعلن عنها كمال عبد العزيز رئيس
المهرجان قبل انطلاقه بقليل تسببت فى حدوث حالة من عدم التركيز لدى
إدارة المهرجان فى سوء التنظيم، حيث تداخلت مواعيد العروض
والندوات، بالإضافة لاختيار إدارة المهرجان لأفلام دون المستوى ولا
ترقى للمشاركة فى مهرجان بحجم الإسماعيلية الدولى.
ورفض كمال عبد العزيز التعليق على سوء مستوى بعض الافلام مؤكدا أن
اللجنة اختارت أفضل الافلام لتقديمها فى المهرجان. وأكد أن الإدارة
بذلت كل جهدها لنجاح المهرجان وتم الإعداد له بشكل جيد.
من جانبه اعتذر محمد حفظى للإعلاميين عن بعض الأخطاء التى حدثت
خلال المهرجان. |