حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل توفيق صالح

توفيق صالح يلتحق بالمخدوعين

هوفيك حبشيان

خطف المرض صباح أمس المخرج المصري الكبير توفيق صالح عن 87 عاماً (1926-2013)، بعدما أعطى السينما المصرية والعربية ما اعطاه من أفلام مهمة طوال فترة زمنية لم تتعدّ الربع قرن، هي فترة نشاطه بين 1955 و1980. وعلّق أحد النقاد على وفاته قائلاً إنه اختار اللحظة المناسبة للرحيل، علماً ان الرجل كان "ميتاً" سينمائياً منذ زمن طويل، وتحديداً منذ 1980، تاريخ تصويره "الأيام الطويلة" بين سوريا والعراق. فهو مذذاك لم يقدّم أيّ جديد، لكنه ظلّ يحافظ على مكانه في الذاكرة السينيفيلية بأفلامه الروائية السبعة (له ايضاً سبعة أفلام قصيرة بعضها روائي وبعضها وثائقي، وعدد من الأفلام التسجيلية)، سواء لدى الجيل الذي عاصره أو الأجيال التي اكتشفت لاحقاً أعمال هذا الفنان الذي يُعتبر أحد رواد الواقعية، ومن القامات الكبرى في السينما المصرية، على غرار صلاح أبو سيف وهنري بركات وكمال الشيخ.

صحيح انه كان مقلاً، لكنه عمل بتأنٍٍّ، وباحترافية عالية قلّت مثيلتها بين زملاء له في المهنة. كان صالح، الدائم الاهتمام بالقضايا الكبرى البعيدة عن الحدوتة الصغيرة، يؤمن بأن "السينما أداة تغيير لا تكريس لتخلّف الواقع ودغدغة مشاعر الجماهير قبل النوم مع كل الأمنيات الطيبة بأحلام سعيدة".
ينحدر هذا الاسكندراني من عائلة تنقلت كثيراً أيام طفولته، اذ كان والده طبيباً يعمل في الحجر الصحي، ما فرض عليه أن يكون في مدن ساحلية مصرية عدة. على مقاعد الدراسة التقى اسكندرانياً آخر يكبره بعشرة أشهر، سيذيع صيته عالمياً: يوسف شاهين. كلٌّ منهما ذهب في اتجاه؛ سافر شاهين الى أميركا وقصد صالح باريس، وكان يجمعهما حبّ السينما. انطلق بدءاً في المسرح مع اخراجه مسرحية لتوفيق الحكيم الذي كان يعشقه، بعدما كان التحق بكلية الآداب لتعلم الأدب الانكليزي. في جمعية الصداقة الفرنسية، عرض مسرحية "رصاصة في القلب" (الحكيم)، وهذا ما جعله ينال منحة لدراسة المسرح في فرنسا.

عام 1954، وبعدما كان قد تمرس من خلال عمله كمساعد مخرج لحسين فوزي، أنجز باكورته الروائية الطويلة، "درب المهابيل"، الذي أبصر النور جراء تعاونه مع نجيب محفوظ. كان صالح وضع معالجة الحكاية التي يريد تصويرها عندما التقى محفوظ عند عودته من فرنسا، فنصحه صاحب "اولاد حارتنا" (بحسب الروايات المتداولة) بموضعة الأحداث في حارة قاهرية، "كي لا يُتهَم بالشيوعية". وهكذا كان. هذا الفيلم الذي يُعدّ من كلاسيكيات السينما العربية جاء حداثوياً في طريقة اخراجه. جمع شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد ومحمد توفيق وحسن البارودي وتوفيق الدقن: حكاية ورقة يانصيب يشتريها عامل فقير لعلها تساعده إذا كانت رابحة في عقد قرانه مع الفتاة التي يحبها. شاء حظه ان تكون الورقة رابحة. بيد ان والد الفتاة يرميها بحجة انها مخالفة للدين الاسلامي، فتقع في يد احدهم، ويصبح هذا الأخير مطارَداً من أهل الحيّ الشعبي. "درب المهابيل" تعبير عن موقف صالح من التناقض بين مستلزمات العصر والارث الديني. تعرض الفيلم لفشل جماهيري ذريع قبل ان يُعتبر احد النماذج الجديدة للسينما المصرية.

يقال ان موهبة صلاح انصقلت وثقافته تعمقت عندما ذهب للدراسة في فرنسا ومكث فيها لعامين متتاليين. ويبدو ان لقاءه الفيلسوف ايتيان سوريو (1892 - 1979) قلب نظرته إلى الحياة وبدّل مفاهيمه. هناك، في مدينة الأنوار، تكثفت اهتماماته فبدأ يتعاطى الرسم والتصوير الفوتوغرافي ويطالع الأدب الروسي. وكان يمضي أيامه في مشاهدة الأفلام ويملأ ساعاته بزيارة المعارض والمتاحف، حدّ ان المنحة التي كانت اسندت اليه سُحبت منه لعدم التزامه النظام. في تلك الفترة ايضاً، تعرف الى بعض المحترفين العاملين في السينما الفرنسية، ما اتاح له ان يعمل في طاقم تصوير ثلاثة أفلام فرنسية، واحد منها هو "باقة فرح" لموريس كام (1951) من بطولة جان لوفيفر وشارل ترينه.

بعد "صراع الأبطال" (1962) مع شكري سرحان وسميرة أحمد عن صراع المصريين ضد الكوليرا خلال فترة الاحتلال الانكليزي (ساهم الفيلم في تحويل السينما في مصر الى قطاع عام)، انجز واحداً من أفلامه المهمة: "المتمردون" الذي انتج عام 1966، عن قصة للصحافي صلاح حافظ.
على الرغم من ان صالح لجأ الى التكثيف الرمزي والاستعارة تفادياً للوقوع في المحظور الرقابي، لم يستطع الاحتيال على أولئك الذين كان شاهين يسمّيهم "أغبياء الرقابة". طُلب منه ان يحذف بعض المشاهد ويعدل النهاية، الأمر الذي استجاب اليه. لكن، كان ينبغي انتظار بعض الوقت لكي يجد الفيلم طريقه الى الصالات التجارية. في النهاية، هذا العمل وصفٌ لحال السياسة المتردية في مصر بعد حرب اليمن. عموماً، كانت الرقابة دائماً في مواجهة مع صالح، سواء الرسمية او غيرها، متهمة أفلامه بـ"الاساءة لصورة مصر". "يوميات نائب في الأرياف" (1968) الذي أفلم رواية لتوفيق الحكيم، استدعى تدخل الرئيس المصري جمال عبد الناصر ليجيز عرضه من دون أن يُمسّ أيٌّ من مشاهده، بعدما كان ما يعرف بـ"أعضاء اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي" طلب حذف 16 مشهداً منه. حالات العسف التي عاشها، مراراً وتكراراً، وحتى ازاء افلام انتجت بأموال الدولة، جعلته يصاب بالخيبة والاحباط. في أيار 1998، روى لإحدى الصحف: "أحسستُ بالغصة تزداد مرارة في حلقي، شعرتُ بالاغتراب والنفي وأنا في بلادي، فقررتُ الرحيل".

بعد مرحلة خيبة وتوقف عن العمل، استجاب صالح لعرض من "المؤسسة العامة للسينما" في سوريا ليصوّر فيلمه الأشهر، "المخدوعون" (1972)، المقتبس من رواية "رجال في الشمس" للراحل غسان كنفاني، الذي نال "التانيت الذهبي" من "أيام قرطاج السينمائية". تحول الشريط مع مرّ الزمن الى احدى المحطات الرئيسية في سيرة دعم القضية الفلسطينية سينمائياً، وانجزه صالح مشحوناً بمشاعر الغضب والحزن والأسى التي سكنته بعد موت عبد الناصر. في عام 1958، في البصرة، يحاول ثلاثة فلسطينيين الهرب الى الكويت. للثلاثة تجارب سيئة مع المهربين، اذ سبق أن خُدعوا وتُرِكوا في وسط الصحراء. لكنهم يوافقون هذه المرة على الاختباء داخل صهريج في عزّ شهر آب وتحت حرارة تتجاوز الخمسين. تتأخر السيارة في المرور على نقطة تفتيش الجمارك، فيموت الشبان الثلاثة من الحرّ وعدم توافر الاوكسيجين، وينتهي بهم القدر ثلاث جثث في الزبالة. "وكأنهم على موعد مع الموت في غياب الحلّ العربي لقضيتهم"، قال صالح عنهم.

خاتمة الفيلم تذكّر قليلاً بالفصل الأخير من "أجر الخوف" (1953) لهنري جورج كلوزو، علماً ان نهاية الرواية مختلفة عن نهاية الفيلم: كنفاني اضفى على موت المخدوعين سوداوية اكثر باعتبارهم سقطوا بصمت وخنوع ورغماً عنهم، أما صالح فوجد في هذا الموت نوعاً من اصرار على مواصلة الثورة. مرةً أخرى، مُنع عرض هذا الفيلم الذي استطاع ان يعبّر جيداً عن الواقع العربي واخفاقاته، في بعض الدول العربية، منها الأردن والكويت. فالهاربون الثلاثة جالسون في مكان شديد الظلمة، ويقصدون المجهول. هذا خطاب صالح في حدّه الأدنى. انطوى "المخدوعون" على نبرة غاضبة وأسلوب غنيّ بالاحالات الرمزية في تصويره درب الشقاء والخوف من أجل الوصول الى الحرية. هذا كله في تلميح واضح الى ان المخدوعين لم يكونوا فقط هؤلاء، بل الملايين من العرب ممن يعيشون في الصمت والاهمال.

انفتاحه على العالم العربي وبحثه عن فرص عمل قاداه الى العراق، حيث عاش 11 عاماً، من منتصف سبعينات القرن الفائت الى ثمانيناته. فيه درّس السينما وفيه انهى حياته المهنية مع فيلم من انتاج عراقي يُعتبر سقطة في مسيرته: "الأيام الطويلة". يعتبر البعض أن هذه الزلة نسفت تجربته التقدمية الرائدة، اذ انتصر لنظام صدام حسين الحاكم في العراق، متجاهلاً مأساة شعب عانى على مدار ثلاثة عقود من ظلم طاغية. يصوّر الفيلم بداية التحاق صدام بحزب البعث حين كان في التاسعة عشرة، وكلف هو وزملاء له قتل عبد الكريم قاسم. لكن صالح دافع عن نفسه قائلاً إنه كان آنذاك موظفاً لدى العراقيين وقد انتهى به الأمر إلى الانصياع لإصرارهم. رفض صالح كل الاتهامات التي قالت إنه تقاضى أجراً ضخماً مقابل تلميع صورة صدام.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

19/08/2013

 

توفيق صالح!!

طارق الشناوي

مثالى فى عالم متوحش، موهوب فى زمن يصعد فيه الأدعياء إلى القمة، عزوف ومترفع فى وسط يكرم فيه الفنان بمقدار رصيده من الشهرة والأضواء.

لم أعرف توفيق صالح عندما كان يقف خلف الكاميرا مخرجا منذ منتصف الخمسينيات، ولكنى اقتربت منه بمجرد عودته إلى مصر فى مطلع الثمانينيات، كانت تملؤه الرغبة للإبداع، دائما لديه مشروعات وأفكار متجددة، أتذكر من بينها القصة القصيرة لنجيب محفوظ «يوم قتل الزعيم»، وتبدل على كتابة المعالجة الدرامية أكثر من كاتب كبير موهوب مثل صبرى موسى وبشير الديك، ولكن كان توفيق صالح يبحث عن شىء آخر مختلف لم يجده عند كاتبى السيناريو، وماتت تلك الفكرة ولاحقتها أفكار أخرى.

توفيق صالح الإسكندرانى، مواليد 1927، خريج فيكتوريا كوليتج مع رفيق الرحلة يوسف شاهين الذى سبقه فى الميلاد بعام وفى دنيا الإخراج السينمائى بأربعة أعوام، كانت بداياته مع «درب المهابيل» منتصف الخمسينيات تبشر بالكثير مع زعيم الحرافيش نجيب محفوظ، فهو صاحب موقف فكرى وسياسى وليس مجرد مخرج مبدع، وبعدها استمرت المسيرة مع «يوميات نائب فى الأرياف» و«المتمردون» و«صراع الأبطال» و«السيد البلطى» كان لديه طموح خاص فى طريقة السرد السينمائى، ولهذا التقى مثلا صلاح حافظ الصحفى الكبير فى سيناريو «المتمردون» للبحث عن هذا المذاق، وبعد أن ينهى صلاح حافظ السيناريو لا يكتفى توفيق بهذا القدر، بل يبدأ فى إضافة تفاصيل دقيقة تعبر عن رؤيته الإبداعية الخالصة.

كنت أقول له مشكلتك يا أستاذ توفيق أنك لا تريد أن تتنازل لتتواءم مع السوق السينمائية، يقول معقبا إنه مرن ويدرك مقومات السوق، ولكنه لا يستطيع أن يقدم سوى فقط ما يقتنع به. قبل أن يشد الرحال إلى سوريا، كان من المفترض أن يخرج ثلاثية نجيب محفوظ وبترحيب من نجيب محفوظ لمؤسسة السينما التى تملكها الدولة، وكان يرأسها فى ذلك الوقت المخرج صلاح أبو سيف، وبدأ توفيق مع فريق عمل من شباب معهد السينما فى كتابة السيناريو، وحدث خلاف حاد فكرى ومادى بين أبو سيف وصالح، ولم يستطع نجيب محفوظ أن يجد له حلا رغم صداقته للطرفين وتمسك توفيق بموقفه، وقرر أبو سيف نكاية فى توفيق إسناد الثلاثية إلى حسن الإمام، انتظر توفيق أن ينضم نجيب محفوظ إلى جانبه، ولكنه وقف على الحياد، وحدثت جفوة بين زعيم الحرافيش نجيب وأصغر الحرافيش سنا توفيق طالت بضع سنوات، كانت الدولة فى ذلك الوقت هى المهيمنة على الإنتاج السينمائى، ووجد نفسه فى خصومة مع آليات العمل فى مصر، وهكذا امتدت فترة إقامته فى دمشق.. ويبقى فيلمه الأثير «المخدوعون» الحاصل عام 72 على التانيت الذهبى فى قرطاج كانت مؤسسة السينما السورية سياسيا تخشى عرضه، ولكن النسخة وصلت خلسة إلى تونس ليقتنص الجائزة، وشد الرحال بعدها إلى بغداد وتلقى استدعاء من صدام حسين ليقدم الفيلم الذى يروى بطولة صدام «الأيام الطويلة»، كانت لديه قناعة أنه يتناول الإنسان وليس الأسطورة، ولكن السلطات العراقية أرادته أسطورة وحكى لى أنه فى مشهد يتلقى صدام رصاصة فى أثناء هروبه وبينما تجرى له جراحة لنزع الرصاصة دون بنج قدم توفيق صالح لقطة لصدام وهو يصرخ ألما، فما كان من صدام سوى أن شكل لجنة وأحضر الطبيب الذى أقسم أن صدام لم يتألم وتم حذف اللقطة.

عاد إلى القاهرة بعد رحيل أنور السادات ولديه آمال عريضة تبددت تباعا، اقتربت كثيرا من الأستاذ توفيق صالح على مدى تجاوز 10 سنوات كنا فى لجنة المهرجانات التى تختار الأفضل للترشيح، كان توفيق كعادته مثاليا فى بحثه عن الفيلم اللائق بتمثيل مصر، وكنت أنا وعدد من الأعضاء مثل الناقدين الكبيرين على أبو شادى وماجدة موريس والراحل عبد الحى أديب ومديرى التصوير محمود عبد السميع وعلى الغزولى، نحاول أن ندفع ببعض الأفلام التى نلمح فيها إمكانية أن تمثلنا وكثيرا ما اختلفنا مع الأستاذ توفيق وتنتهى الجلسة بعد الشد والجذب أن أوصله بسيارتى إلى بيته بالقرب من ميدان الجيزة وأقتنص منه فى هذه الرحلة الكثير من حكايات الزمن القديم.

من أحب تلاميذه إلى قلبه والأقرب إليه فنيا وإنسانيا داود عبد السيد وعلى بدرخان، ومن الجيل التالى أحب سينما شريف عرفة، ومن المخرجين الكبار عز الدين ذو الفقار، وكان يراه أصدق وأرق مخرج عرفته السينما المصرية، بينما أفضل مخرج على الإطلاق فى الإيقاع البصرى والحركى فهو يوسف شاهين، وإن كان لديه الكثير من التحفظات على الأفكار التى تحملها أفلامه. أريد أن أحكى الكثير عن توفيق صالح، ولكن رصيدى من الكلمات نفد ولم تنفد بعد مشاعرى.

التحرير المصرية في

20/08/2013

 

توفيق صالح وداعاً

ابتسام عبد الله

خبر رحيل "توفيق صالح" وصلني في ساعة مبكرة من صباح "يوم الأحد"، عن طريق زوجته كنت متوقعة الأمر، فقد عانى في الاعوام الثلاثة الاخيرة، من المرض ونقل الى المستشفى مرات عدة.تعرفت على توفيق صالح في بغداد وفي مهرجان فلسطين للافلام في اوائل السبعينات وتوطدت علاقتنا الاسرية خاصة بعد ان قرر بعدئذ الاستقرار في بغداد، وتم تعيينه أستاذا في أكاديمية الفنون الجميلة، قسم السينما.ويعتبر توفيق صالح من المخرجين البارزين في السينما المصرية بالرغم من قلة افلامه، اذ كان يدقق كثيرا في اختياراته، حريصا على الموضوعات التي يختارها من الواقع المصري، وربما يعود السبب في ذلك الى تأثره بنجيب محفوظ صديق العمر وبقية (شلته) التي كانت تدعى بـ"الحرافيش". 

لقد غاص توفيق صالح في القاهرة القديمة وشوارعها وشخصياتها، علما انه درس الأدب الإنكليزي في الجامعة، وسافر بعدئذ الى فرنسا للدراسة في السوربون (قسم الفلسفة)، التي تضمنت محاضرات عن السينما ضمن مادة، "علم الجمال" ولم يكمل توفيق صالح دراسته اذ سرعان ما بدأ الاهتمام بالرسم وفي استديوهات باريس، تمرن على الإخراج في ثلاثة أفلام فرنسية.

العودة الى القاهرة

عاد توفيق صالح الى القاهرة بعد ثورة 1953 بأشهر، وهو يشعر برغبة قوية للتغيير، كان شابا على قدر من الخيلاء، واحتار هل يختار السينما مجالا للعمل، وكيف؟ ومجال السينما في مصر هو الفرفشة والتسلية.

لكنه تذكر ان هناك اسماء اخرى "كامل التلسماني وصلاح ابو سيف ويوسف شاهين وعز الدين ذو الفقار واحمد بدر خان..الخ"، مخرجون يحاولون تقديم سينما تتجادل مع السائد، تناقش، وتطرح الحلول.

وغاص في القاهرة القديمة، وعلاقته الوطيدة بنجيب محفوظ ساعدته كثيرا للتغلغل في تفاصيل المكان وفهم الشخصيات فقدم توفيق صالح "درب المهابيل" و"صراع الابطال"، وكاد الفيلم الاخير يمنع من العرض، لولا تغيير النهاية، وظل قرار المنع يصعد من مسؤول الى آخر، حتى وصل الى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي شاهده شخصيا وقرر عرضه.

وقال توفيق ذات يوم، "احسست بالغصة تزداد حرارة في حلقي، شعرت بالاغتراب وبالنفي وانا في بلادي... وقررت الرحيل".

لم يرتبط توفيق صالح باي مجموعات او تنظيمات سياسية يسارية، لكن اغلب اصدقائه كانوا من اليساريين، ولذلك كانت تمر عليه عدة اعوام حتى يسند اليه فيلم لاخراجه، علما انه ساهم في كتابة معظم سيناريوهات افلامه. وقد جذبته "الافكار والنظريات اليسارية"، وهو في فرنسا.

وتوفيق صالح، تعجبه بعض افلام صلاح ابو سيف، وكان صديقا ليوسف شاهين (ولو ان تلك الصداقة –كما اعرف- قد تغيرت بعدئذ. ومع ذلك فهو يبدي اعجابه بافلام شاهين وطريقته في ابهار المشاهد، مع انتقاده لتنظيره السياسي الكثير، ويسجل توفيق، اعجابه بداوود عبد السيد، "الكيت كات" و"ارض الاحلام" لفاتن حمامة و"سارق الفرح".

ظل توفيق صالح يفكر في العودة الى الاخراج، ولكنه كان باستمرار قلقا: اي قصة يختار، ومن هي الجهة المنتجة؟ وهل انه مرغم على مسايرتها في اختيار القصة، والاسلوب السينمائي، ام تترك له الحرية في التفاصيل: السيناريو، واختيار الممثلين؟

وفي مرات عدّة كنت اجلس فيها مع يوسف شاهين وتوفيق صالح يحاول الاول اقناع الثاني بالعودة الى الاخراج بفيلم من انتاج شركة يوسف شاهين. ويتفقان في المرحلة، ثم يتراجع توفيق صالح، او يدب خلاف بينهما حول نقطة ما، وينتهي الحوار. توفيق صالح كان متأنيا في اختياراته لقد توقف عن العمل السينمائي اعواما طويلة، ولذلك حرص على اختيار موضوع قريب من افكاره، وكان حائرا في ذلك.

وفي الاعوام الثلاثة، كنت خلال زياراتي للقاهرة ازوره ونتحدث عن السينما والافلام والروايات، وفي صيف عام 2012، رأيته يقرأ رواية من تأليف يحيى يخلف وسألته ان كانت اعجبته، فأجابني، "انني اكتب السيناريو له".

فرحت لقوله، وسألت، "وهل تعود الى السينما"، قال "ان اكملت السيناريو ورضيت بعملي".

كان ذلك في الصيف الماضي، وقاد عاد من المستشفى بعد رقوده اياما، وكنا في رمضان، وقبل عودتي، ذهبت مع الاسرة لزيارته وتوديعه ايضا، وقلت له "ان شاء الله، تكمل السيناريو"، قال: "ان شاء الله"، وعندما اتصلت بنا زوجته صباح امس، لم اسألها عن العمل طبعا، قالت "توفي قبل ساعة".

لم اجب، امتلأت عيناي بالدموع، اختنق صوتي وتلاشى صوتها وانقطعت المكالمة، واضافت انه سيتم دفنه في مقبرة الى جوار الاديب نجيب محفوظ.

ببلوغرافيا الأفلام الروائية الطويلة

درب المهابيل 1955.. سيناريو نجيب محفوظ... بطولة شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد وتوفيق الدقن.

صراع الأبطال 1962.. بطولة شكري سرحان وسميرة أحمد.

المتمردون 1966.. عن رواية الصحفي صلاح حافظ بطولة: شكرى سرحان وزيزي مصطفى ومحمود السباع وتوفيق الدقن.

السيد البلطي 1967 عن رواية صالح مرسي: زقاق السيد البلطي.. بطولة عزت العلايلي ومحمد نوح وسهير المرشدي ومديحة حمدي

يوميات نائب في الأرياف 1968..عن رواية توفيق الحكيم.. بطولة: أحمد عبد الحليم.

المخدوعون 1972.. إنتاج سوري.. عن رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني.

الأيام الطويلة 1980.. إنتاج عراقي .. تمثيل إبراهيم جلال.. محمود عبد الحميد.. سامي السراج.. ندى سهام

الأفلام التسجيلية والقصيرة

كورنيش النيل 1956

فن العرائس 1957

نهضتنا الصناعية 1959

من نحن؟ 1960.. وهو فيلم باللغة الإنجليزية عن اللاجئين الفلسطينيين

نحو المجهول 1960

القلة 1961

فجر الحضارة 1977 (إنتاج العراق وهو عن الحضارة السومرية القديمة)

الجوائز التي حصل عليها

نال فيلم المخدوعون:

الطانيت الذهبي من مهرجان قرطاج 1972

الجائزة الأولى من مهرجان ستراسبورج لأفلام حقوق الإنسان 1973

الجائزة الأولى من المركز الكاثوليكي الدولي ببلجيكا 1973

جائزة لينين للسلام من مهرجان موسكو 1973

المدى العراقية في

20/08/2013

 

وفاة المخرجين توفيق صالح وممدوح مراد

أحمد عدلي 

توفي أول من أمس المخرجان توفيق صالح وممدوح مراد بعد صراع طويل مع المرض.

القاهرةبعد صراع مع المرض، توفي المخرج توفيق صالح في ساعة مبكرة من صباح أول من أمس عن عمر يناهز 86 عاماً ليترك، تاركاً مجموعة من الاعمال السينمائية المميزة.

صالح الذي ولد في الاسكندرية قدم للسينما المصرية 8 افلام روائية طويلة بالاضافة الى 7 افلام قصيرة تعد من علامات السينما المصرية منها "يوميات نائب في الارياف"، "ضرب المهابيل"، "السيد البلطي"، و"صراع الابطال" علماً بانه كرّس اخر ثلاثين عام في حياته لعمله كاستاذ بمعهد السينما.

كذلك، توفي المخرج ممدوح مراد عن عمر يناهز 66 عاماً بعد صراع مع المرض، وهو أحد المخرجين التليفزيونيين المعروفين، حيث قدم عدد من المسلسلات الهامة منها ادهم الشرقاوي، الف ليلة ولية، فرسان الله، الغضب واخرها سيف الدولة الحمداني.

ومن المقرر ان يتقبل نجل الفنان الراجل المخرج محمد مراد العزاء اليوم الثلاثاء في مسجد الحامدية الشاذلية بالقاهرة.

إيلاف في

20/08/2013

 

درب المهابيل 

كمال رمزي 

ما من مرة أشاهد فيها هذا الفيلم إلا وأجد فيه شيئا ثمينا لم ألحظه من قبل. إنه، كالمنجم كلما توغلت فيه، كشف لك عن خيوط الذهب بداخله.. شاهدت الفيلم صبيا، فى سينما «شبرا بالاس» التى تحولت إلى محلات تجارية. حينها، بدا العمل صادما، مزعجا ومؤثرا، فهو يخلو من المناظر الجميلة التى عودتنا الشاشة عليها. لا فيللات، ولا حديقة، ولا سيارة، ولا ثريات مضيئة فى صالات واسعة، ولا أصحاب ياقات بيضاء أو نساء يتدثرن بمعاطف من الفرو، ولا صراع بين امرأتين من أجل رجل، أو صراع رجلين من أجل امرأة.. وهذه كلها من مفردات السينما المصرية السائدة فى تلك الأفلام. «درب المهابيل»، يدور فى زقاق ضيق، نماذجه البشرية أقرب إلى القاع: عجلاتى بخيل ــ حسن البارودى، يقهر العامل عنده، واسمه طه ــ شكرى سرحان. ابن البخيل ــ توفيق الدقن ــ يكره والده.. طه يحب خديجة ــ بدايات ظهور برلنتى عبدالحميد ــ ويشترى ورقة يانصيب، يمنحها لخطيبته، لكن والدها، الورع، يجبرها على القائها فى الطريق ليلتقطها المجذوب «قفة» ــ عبدالغنى قمر ــ وحين يعلن عن فوز الورقة بمبلغ ألف جنيه ينقلب الدرب رأسا على عقب، فكل واحد، وواحدة، يرى أنه الأحق بالمال الذى لا يمكن ان يذهب لمجذوب. تندلع صراعات، ومؤامرات، تنتهى بتحطيم عشة «قفة» المبنية من الصفيح، ووفاة العجلاتى البخيل، وابنه، وعودة «قفة» ملفوف الرأس بالشاش وقد خبأ المال بين طيات خيش عنزته.. وأثناء نومه، تتساقط العملات الورقية لتلتهمها الماعز، ويستيقظ الدرب على صباح جديد، وتنتهى القصة التى دارت وقائعها خلال دورة شمسية واحدة.

مشاهد من الفيلم المزعج ظلت زاهرة فى الذاكرة، منها صرخات توفيق الدقن المفعمة بالغضب والرجاء والتهديد، حين يردد «الفلوس فين يا قفة».. وانعكاس وجه برلنتى عبدالحميد الصبوح، المصرى، على مرآة السرير المزمع شراؤه لشهر العسل.

بعد سنوات، شاهدت الفيلم مرة ثانية، فى سينما «نادية» بالنعام، قبل ان تتحول إلى مخزن لشركة بيع المصنوعات ــ أين الشركة الآن؟ ــ وتنبهت إلى ذلك الاهتمام بالشخصيات الثانوية، على نحو يكسبها حضورا قويا وعميقا، فوالد خديجة الورع «عبدالعزيز» يبدى الندم لأنه أجبر ابنته على التخلص من ورقة اليانصيب. وبائع الأثاث القديم «عبدالغنى النجدى» يتحمس للقبض على شكرى سرحان، بعد ان دفع الأخير عدة أقساط من ثمن السرير الذى لم يتسلمه بعد.. وفتاة الليل «نادية السبع»، العليلة، يهاجمها الرجال علنا، ويتقربون لها سرا.. انه السيناريو القوى، المتفهم، المحكم، لعبة توفيق صالح وعمنا الكبير، نجيب محفوظ، صاحب القصة.

تحت الكبارى، تدفقت مياه كثيرة، تتابعت مشاهدة مئات الأفلام، لكن بقى لـ«درب المهابيل» حضوره الخاص، تجلى ليلة عرضه فى برنامج «ذاكرة السينما» الذى يعده، بفهم ودراية، الناقد على أبوشادى، وتقدمه المذيعة المرموقة، سلمى الشماع، وتستضيف فيه كبار السينمائيين، وليلتها، كانت بمثابة اكتشاف جديد لعروق الذهب فى المنجم، ابتداء من الأداء التمثيلى المختلف، المبتعد عن المغالاة والافتعال والتصنع، المقترب من الصدق والاقتصاد والتوازن بين العقل والعاطفة، إلى مغزى الفيلم الجدير بالالتفات، وهو أن الثروة لا تأتى إلا عن طريق العمل، ولا يمكن ان تتحقق بضربة حظ.

«درب المهابيل»، الذى غاب عنا صاحبه، الأستاذ والصديق الغالى، توفيق صالح، يطل علينا من منتصف القرن الماضى «1955»، لينبهنا إلى مغبة اللهاث وراء المنح والعطايا، التى أضاعت عاما من حياتنا، ولاتزال، فالمال الذى يأتى من دون عرق شريف، بالتأكيد، سيذهب سدى، ولن يخلف إلا مأساة. إنه فيلم عن الحاضر.

الشروق المصرية في

20/08/2013

 

رحيل سينمائيين من جيل الرواد..

المخرج المصري الطليعي توفيق صالح والسيناريست السوري رفيق الصبان

ي.ت. 

غياب بعد غياب صاحب "الأيام الطويلة" المخرج المصري الكبير توفيق صالح الذي رحل عن عمر يناهز 87 عاماً (1926 2013) بعدما أعطى السينما المصرية والعربية ما أعطاه من أفلام سينمائية برز فيها طليعياً في فترة مزدهرة العطاء بين 1955 و1980.

توفيق صالح انقطع عن السينما منذ العام 1980، ولم يقدم جديداً وانطوى في عزلة وغياب خلف الذاكرة السينمائية، خلف الصورة تاركاً أثراً مقيماً في سبعة أفلام قصيرة ما بين الروائي والوثائقي وعدداً من الأفلام التسجيلية.

كأن السينما المصرية تفقد أسماءها الواحد تلو الآخر، ممن شكّلوا الموجة السينمائية الثانية والثالثة وأثروا المشهد السينمائي المصري والعربي. وتوفيق صالح واحد من تلك الأسماء التي لمعت في منهجية فنية وأكاديمية وتخرّج على يديه من المعهد العالي للسينما في القاهرة كثيرون، وهو الذي درس السينما في فرنسا في العام 1950.

ولد توفيق صالح في الإسكندرية العام 1926، وبعد سفره الى فرنسا العام 1950، عاد الى مصر وأخرج 8 أفلام روائية طويلة و7 أفلام قصيرة، بدأها بفيلم "درب المهابيل" (1955)، من تأليف نجيب محفوظ، وبطولة شكري سرحان، الذي عاد وتعاون معه في فيلمين هما "صراع الأبطال" (1962) و"المتمردون" (1966) من تأليف الصحافي صلاح حافظ، وتعاون توفيق صالح مع الكاتب صلاح مرسي عام 1967 في فيلم "السيد البلطي"، كما قدم فيلم "يوميات نائب من الأرياف" (1968)، عن رواية لتوفيق الحكيم، و"المخدوعون" عام 1972، عن رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني، و"الأيام الطويلة"، عام 1980.

يذكر أن "المخدوعون" (1972) نال "ألتانيت" الذهبي في أيام قرطاج السينمائية وصار جزءاً من نسيج دعم القضية الفلسطينية سينمائياً وقد مثل رسالة السينما في إطار موجة السينما الواقعية التي سكنت أفلام توفيق صالح كأحد رواد الواقعية في السينما الى جانب صلاح أبو سيف وهنري بركات وكمال الشيخ.

11 فيلماً في مسيرة 25 سنة ليست كثيرة وكان توفيق صالح فعلاً، ليس غزير الإنتاج، يعمل بتأن ولكن بمهنية وباحترافية هائلة وباهتمام نوعي في القضايا المثارة سينمائياً وذات علاقة بالواقع وما سماه نجيب محفوظ "الحارة القاهرية" بدل الذوبان في أيديولوجيات تلك المرحلة وأفكارها الشمولية لا سيما الشيوعية منها.

تعاون صالح مع نجوم كبار في السينما تركت بصماتها الكبرى وإلى جانب شكري سرحان، برلنتي عبدالحميد وتوفيق الدقن وسميرة أحمد... وآخرون.

كان توفيق صالح مثقفاً وعميقاً متأثراً بلقاءاته الباريسية في مدينة الأنوار لا سيما الفيلسوف إيثيان سوريو وعاش الزمن الفرنسي والذي ازدهر تراثياً بين الفنون على أنواعها الأدب وفنون الرسم والنحت والسينما والمسرح والتصوير، وانعكس ذلك في أفلامه عبر لجوئه الى الرمزية وتكثيف الإيقاعات.

من أفلامه المهمة "صراع الأبطال" (1962) ويروي صراع المصريين مع مرض الكوليرا خلال فترة الاحتلال الإنكليزي، وفيلم "المتمردون" (1966)، عن قصة الصحافي صلاح حافظ، وفيلم "يوميات نائب من الريف" الذي استدعى تدخلاً من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لإتاحة عرضه بعيداً عن مقص الرقابة.

أحس في أواخر مساره بالمرارة والاغتراب الفني، ربما صار الواقع الفني أكثر إيلاماً وأكثر قسوة من الواقع نفسه فالتجأ توفيق صالح الى عزلاته وتنحى بعيداً بعد خيبة واكتئاب، وفيلمه الأخير "الأيام الطويلة" والذي انتصر فيه لنظام صدام حسين قفز فوق معاناة الشعب العراقي، واستبداد النظام، وتوق الشعب وتطلعاته الى الحرية والكرامة.

وحقيقة أن الفيلم كان محكوماً بالضعف والتراجع عن أعماله السابقة، خصوصاً وأن الموضوع في ذاته، أي صدام، كأنما كان تحت الطلب، أو في إلحاح الحاجة، فجاء بارداً متردداً، على نقيض أعماله السابقة الصارخة بالاحتجاج، الجريئة، والتوغل في بعض الظواهر المبكرة عن تفاعلات المجتمع، بأعمال تتمتع بطليعية جديدة، وبواقعية حادة، شرسة، اتهامية مقاومة.

وربما وحدها هي المصادفة او فوضى الموت التي تجمع موت رفيق الصبان الى موت توفيق صالح، الرجلين الذين اعطيا مصر الكثير في الفن السابع والصبان من النقاد وكتّاب السيناريست الكبار، توفي بعد صراع مع المرض وبعد معاناة مع ازمة قلبية.

بدأ الصبان حياته من المسرح السوري حيث اخرج عدداً من الاعمال في مسقط رأسه دمشق العام 1931، وهو احد مؤسسي المسرح القومي في سوريا، ومؤسس "فرقة الفكر والفن" كما أسس فرقة المسرح الدرامية التابعة للتلفزيون السوري واخرج للمسرح "اتيفون" لسولليكيس، و"تاج البندقية" و"ماكيت" و"يويوس قيصر" لشكسبير و"حكاية حب" لناظم حكمت، و"الزير سالم" لالفرد فرج.

انتقل الى مصر اوائل السبعينات وكتب فيلم "زائر الفجر" (1972)، وامتدت مسيرته الى نحو 25 فيلماً و16 مسلسلاً. من افلامه "الاخوة الاعداء" و"قطة على نار"، و"ليلة ساخنة" و"الباحث عن الحرية" مع المخرجة ايناس الدغيدي ومحمد الصباح استاذا لمادة السينارية في معهد السينما.

اصدر العام الماضي كتاب "السينما كما رأيتها" الذي يعرض لعالم السينما منذ بداياته في اوائل القرن العشرين.

"منشورات الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة"

الصبان ابن زمن جميل، ابن الوحدة السورية المصرية التي فشلت في السياسة ونجحت في الالهام الفني العريض الذي جمع الطاقات والموارد الفنية الهائلة في البلدين مصر وسوريا، و... زمناً جميلاً وكبيراً وغنياً شكل نسيجاً كاملاً ازدهر منه السياسة والفنون وشكل حياة فنية منجزة بجهود حثيثة جداً لرواد الفن السهل والصعب معاً.

المستقبل اللبنانية في

20/08/2013

 

رحيل سندباد السينما العربية توفيق صالح

محسن بن أحمد 

هو الذي قال : «... أنا غريب... غريب وهذا قدري، يعني أنا داخل مجتمع أقبله ولكن لا يقبلني... ماذا أعمل..؟»

إنه السينمائي العربي الكبير توفيق صالح الذي وافته المنية الأحد الماضي عن سن تناهز الـ87 عاما بعد رحلة متفردة... وذات طابع خصوصي في المدونة السينمائية العربية ترجمها في 7 أفلام روائية طويلة ومثلها أشرطة قصيرة.. لا غير.

رحل توفيق صالح الى دار الخلد حاملا معه غربته تلك وأحلامه ومشاريعه.. آماله.. وطموحاته واخفاقاته.. كآخر جيل الأحلام الابداعية والايديولوجية.. تاركا في الخزينة وللأجيال السينمائية القادمة أعماله لتواصل السير على الطريق الذي عبّده بجهده وعرقه ومنحه مهجته لمواجهة واقع مرير تتكاثر وتتوالد فيه أزمانه وعقده وقيوده.

عاش الراحل توفيق صالح حياته وهو يحلم بمنجز ابداعي سينمائي واقعي.. الا انه في كل مرة يصطدم بتحجّر الأنظمة السياسية وقيودها السلطوية الرافضة لفكرة الابداعي الحر ووعيه الطامح الى الانطلاق في الأفق الرحب دون قيود او شروط... رافضا الاستكانة والتدجين. شاهرا سلاح الكاميرا لنقد الاوضاع ومواجهة السلوكات غير المشروعة بعيدا عن الحسابات الضيقة... فكان التضييق عليه الذي جعله يتنقل من بلد الى آخر وعلى كتفيه مشروعه الابداعي الذي يتعاطى مع الواقع بعين الصدق والصفاء والنظرة الثاقبة، فكان أن استحق عن جدارة لقب سندباد السينما العربية.

نذر الراحل حياته السينمائية لطرح قضايا تشرّح وتنقد وتنتقد الفترة التي ينتمي اليها ولعل القضية الفلسطينية كانت  شغله وانشغاله الكبيرين ولا غرابة ان تكون حاضرة بكثافة في أغلب أفلامه التي قدّمها.

أفلام الراحل الطويلة الـ7 صوّرت الواقع العربي دون اضافات او تجميل فكان درب المهابيل (1955) وصراع الأبطال (1962) والمتمردون (1966)... وفي 1972 ارتقى الراحل توفيق صالح الى قمة الابداع السينمائي بفيلم (المخدوعون) المأخوذ عن رواية الكاتب الفلسطيني الكبير الراحل غسّان كنفاني (رجال في الشمس)... عمل توّج في تلك السنة بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية.

قرطاج تحتفي بالراحل

وشهدت دورة 2012 لأيام قرطاج السينمائية برائد السينما الواقعية العربية من خلال تكريم استثنائي تم خلاله تجديد العهد مع مجموعة من أبرز أعماله السينمائية منها بدرجة أولى (المخدوعون).

الشروق التونسية في

20/08/2013

 

بعد تاريخ حافل من العطاء الفني

رحيل الناقد رفيق الصبان والمخرج السينمائي توفيق صالح

كتبت غادة عبد المنعم و(أ.ش.أ)

رحل الناقد الفني وأستاذ السيناريو بالمعهد العالي للسينما الدكتور رفيق الصبان عن عمر يناهز 82 عاما، وذلك بعد قضائه أسبوعا في العناية المركزة بمستشفى السلام بالمعادي.

ونعت جبهة الابداع المصرى في بيان اصدرته مساء أمس الدكتور رفيق الصبان، مؤكدة ان مصر والعالم العربى والوسط الفنى والثقافى فقدوا رجلا قدم الكثير للفن في مصر والعالم العربى ناقدا ومؤلفا واستاذا اكاديميا وعاشقا لفن السينما، وكتب رفيق الصبان أكثر من 25 فيلما سينمائيا، وحوالي 16 مسلسلا، وهو حاصل على وسام الفنون والآداب الفرنسي من درجة فارس.

وبدأ الصبان مسيرته عن طريق المسرح السوري حيث أخرج عدداً من الأعمال المسرحية في سورية، انتقل بعدها الى مصر وكتب فيلم «زائر الفجر» عام 1972 لتبدأ عندها مسيرته السينمائية الطويلة التي امتدت لحوالي 25 فيلما أشهرها الأخوة الأعداء وقطة على نار وليلة ساخنة، وآخرها هو الباحثات عن الحرية مع المخرجة ايناس الدغيدي.وكان رفيق الصبان يعمل أستاذا لمادة السيناريو في معهد السينما.

رحيل آخر

وفي السياق ذاته وبعد تاريخ حافل من العطاء الفني أثرى به السينما المصرية فقدت الأوساط الفنية المصرية صباح أمس أستاذ السينما المصرية المخرج توفيق صالح بعد 40 عاماً من النشاط الفني السينمائي عن عمر يناهز 87 عاماً.

حيث قدم صالح حوالي سبعة أفلام روائية طويلة فقط، كان اخرها فيلم «الأيام الطويلة» 1980، وتم تصويره بين سورية والعراق والذي لم يعرض في مصر حتى الآن، وقد قام باخراج مسرحية توفيق الحكيم «رصاصة في القلب»وتم عرضها في جمعية الصداقة الفرنسية هناك وقد سافر توفيق الى فرنسا لدراسة المسرح، وشارك في اخراج 3 أفلام سينمائية فرنسية، ومن ثم عاد ليستكمل دراسته بالسينما وكان أول أفلامه «درب المهابيل» 1954 والذي تعاون فيه مع الكاتب نجيب محفوظ، وفيلم «صراع الأبطال» ثم أخرج بعدها ثلاثة أفلام، «المتمردون» عن قصة للصحافي صلاح حافظ، و«يوميات نائب في الأرياف» 1968 عن رواية بنفس الاسم للكاتب توفيق الحكيم، ثم أخيرا «السيد البلطي» 1969 عن قصة لصالح مرسي ثم سافر الى سورية وقدم فيلم «المخدوعون».

وتوقف عن العمل تماما منذ ذلك الوقت، مكتفيا بعملة كأستاذ غير متفرغ لمادة الاخراج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة منذ عام 1984، وقد شارك صالح أخيرا في حفل افتتاح احد المهرجانات السينمائية، حيث ألقى خلالها كلمة للسينمائيين.

الوطن الكويتية في

20/08/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)