لا تقتل الغربة الحنين إلى الأوطان، الأوطان الجديدة التي تسكنها لا
تسكنك بقدر ما يفعل وطنك الأم. قد تعيش تجاهه غربة يضاعفها طول السنين وبعد
المسافات، لكن الوطن يظل دائماً قابعاً بداخلك، متربصاً بك، متواطئاً مع كل
الأشياء بداخلك ومن حولك. ولعل العراق يبدو كأنه الوطن الأشد قسوة وتنكيلاً
بأبنائه وربما الأكثر وجعاً من بين كل الأوطان.
الصحافي العراقي عرفان رشيد، يدرك هذا الأمر، وهو وإن خشي أن تقتلع
غربته العراق من داخله، إلا أنه يعلم تماماً أنه سيظل مسكنوناً ببغداد
الستينات والسبعينات، ويثق بأن البعد وإن طال والمسافة وإن كبرت لن تأخذه
منها ولن تأخذها منها، كما لن تقربهما أبداً.
عرفناه صحافيّاً، مديراً لقسم البرامج العربية بمهرجان دبي، ومديراً
فنيّاً لمهرجان بحر السينما العربية في إيطاليا، ومحرراً في قناة «راي ميد»
الإيطالية. التقيناه في العام 2009 مخرجاً قدم فيلماً قصيراً للأطفال، عرض
في الدورة الثانية لمهرجان الخليج السينمائي، تحت عنوان: «حروب الكبار»،
وطرح من خلاله أسئلة عديدة عن الحروب وأسبابها جاءت على لسان طفلة صغيرة لا
يتجاوز عمرها العاشرة. الحرب التي كانت محور أسئلة الطفلة كانت حرب بلاد
العراق، والفيلم الذي قام رشيد بتأليفه وإنتاجه وإخراجه كان دراميّاً
توثيقيّاً لتاريخ حروب بلاده.
ولأن العراق لم يغادر قلب رشيد وروحه وذاكرته يوماً، حتى وإن لمح
بذلك، نجدها حاضرة في فيلمه الجديد «كنت هناك في بغداد» الذي عرض خلال
الدورة السادسة من مهرجان الخليج السينمائي التي أقيمت في شهر أبريل/ نيسان
2013. وكما فعل في فيلمه السابق؛ فقد أخرج رشيد فيلمه هذا وأنتجه وتولى
كتابة السيناريو الخاص به وتأليفه، بل أضاف إلى ذلك ظهوره في الفيلم راوياً
لسيرته الذاتية ولسيرة العراق.
رشيد بدأ فيلمه بعبارة سمعها من الشاعر الإسباني رافائيل ألبيرتي حين
سأله عن المنفى قبل 25 عاماً، يقول فيها: «في لحظة ما من حياتك غريباً
يتحوّل المنفى إلى وحش دموي يحاول اقتلاع جذورك من داخلك، بمقدورك الصمود
إذا ما اقتنعت حقّاً بأنك لاتزال هناك في وطنك».
وحش المنفى لم يتمكن من اقتلاع بغداد من داخل رشيد، وحش ذاكرته أقوى
بكثير، فها هو يعود إليها بفيلمه راثياً لما آلت إليه أمورها، متمعناً في
ما حل بها مذ غادرها وربما قبل أن يغادرها، عاقداً مقارنة شيقة على درجة
كبيرة من التفصيل والدقة لتاريخها الحديث بتاريخ دول مثل تشيلي... فهذه
الدولة مرت في تاريخها الحديث بما يشبه ما مرت به العراق بعد انقلاب حزب
البعث على الحاكم. بينوتشيه انقلب على الرئيس التشيلي المنتخب سيلفادور
الليندي في السبعينات. قتل الرئيس في ظروف غامضة وأدخل البلاد في حقبة
مرعبة امتدت إلى عقود. صدام حسين فعل الأمر ذاته في العراق حين شارك في
الانقلاب على عبدالكريم قاسم وأطلق النار عليه. بدأ بينوتشيه حكمه العسكري
الديكتاتوري بقتل الرئيس سيلفادور الليندي تماماً كما بدأ صدام حسين فترة
حكمه الاستبدادية المرعبة بقتل الرئيس عبدالكريم قاسم.
ويستمر رشيد في عقد المقارنات بين تشيلي والعراق منذ تلك الفترة حتى
الوقت الحالي، ليعرج بعدها على عقد المقارنات ذاتها بين بغداد وبيونس أيرس.
تسكنه العراق مهما حاول أن يثبت العكس.
ومهما يكن ما يفعله رشيد مع العراق في فيلمه، إلا أنه لم يتمكن من أن
يبدد الوحدة التي يشعرها جراء فراقه للعراق. لم يقترب منها، وعلى رغم أنه
صرح في المؤتمر الصحافي الذي أجراه بعد عرض الفيلم مباشرة خلال المهرجان،
أنه أصبح بعيداً، بعيداً جدّاً عن بغداد، إلا أنه لم يكن كذلك. رشيد لايزال
يعيش عراق الستينات والسبعينات التي غادرها العام 1978، ولا يزال يسترجع
تفاصيل اللحظات الحاسمة التي أوصلت حزب البعث إلى كرسي الحكم، ولايزال
يتذكر الضابط الذي رفع فوهة المدفع إلى الأعلى بعد أن بدأ الجندي المكلف
إطلاق النار على المتظاهرين في الساحة الرئيسية في بغداد، وهم الذين جاؤوا
يطلبون إيضاحاً عن رحيل عبدالكريم قاسم، ويريدون أجوبة شافية لأسئلتهم.
لايزال يعيش تلك اللحظات، لايزال يتذكر طعم القرب من الموت، في الواقع
لايزال شابّاً صغيراً يصرخ مع العراقيين في وسط ساحات بغداد، وهو يقول:
«أشعر بوحدة أقل الآن، لكني أعتقد أني أصبحت أكثر بعداً من بغداد. أشعر
أنني لن أعثر على بغداد التي أعرفها».
لكن هل يريد رشيد العودة أصلاً وهو الذي يؤكد أنه غير متفائل بأن يعثر
على بغداد التي يعرفها ويحبها، ويقول: «بغداد لم تعد موجودة. لا يمكنني أن
أتفاءل في ظل وجود الأشخاص الذين يحكمون العراق الآن (...) العودة إلى
بغداد الآن ستكون بمثابة العودة إلى مدينة أخرى».
مهما يكن من أمر فما يقدمه رشيد ليس فيلماً، كما يشير هو بل وقفة مع
النفس، ومحاولة اعتراف، كما يسميها رشيد «هذه سيرة ذاتية كتبتها أثناء رحلة
لم تتجاوز الساعتين من بيونس أيرس إلى روما. لم أغير أي شيء مما كتبت خلال
تلك الرحلة، أضفت فقط جملة أخيرة وغيرت العنوان من «وصية» إلى «كنت هناك في
بغداد».
وكما تشبه تشيلي بغداد، كذلك هي بيونس آيرس، يقول رشيد إنه شعر فعلا
أنه في بغداد حينما زارها «على الأخص في المشهد الأخير، الذي صورته في شارع
يسير بمحاذاة النهر، شعرت وكأنني في شارع الحب في بغداد والذي نسميه شارع
الأميرة. كان هذا الشارع هو المعبر من وسط المدينة إلى الباب الشرقي حيث
دور السينما والمسارح والمراكز الفنية. كان كذلك شارع الحب الذي تتم فيه كل
مواعيد الحب، وهو الشارع الذي ترى فيه الفتيات الجميلات، هو شارع الحياة
والجمال».
وكما لا يفضل رشيد العودة إلى بغداد ويحبذ أن يبقى بعيداً عنها ليحافظ
على الذكريات الجميلة التي يحملها لها، لم يشأ في أحد مشاهد فيلمه إفساد
نزهة جميلة جمعت مجموعة من الصبية والفتيات، ظنه رشيد تجمعاً لإحياء ذكرى
المفقودين أثناء الحكم العسكري في الفترة ما بين 1976 و1983. لم يشأ رشيد
أن يسأل عن سر التجمع، وجد الاحتفاظ بما يعتقده أكثر متعة من أن يعرف
الحقيقة. تماماً كما هي بغداد الحاضرة في ذاكرته على رغم طول الغياب.
ليس مهمّاً أن يعيش رشيد في المنفى أو أن تعيش بغداد فيه، المهم أنه
لم يغادرها يوماً، وأنه سكنته، بل وازداد تورطه بها وانشغاله فيها مذ
غادرها وليس أدل على ذلك من قصة أم إبراهيم التي يأبى رشيد أن تغادره أو
يغادرها، والتي تعود إليه مع مشهد لمسيرة حاشدة نظمتها أمهات المفقودين
أثناء الحكم العسكري في ساحة عامة في بيونس أيرس إثر زيارته لها. في وسط
النسوة وجد جارته أم إبراهيم، هذه المرأة العجوز الضعيفة التي لاتزال إلى
الآن لا تعلم بمقتل ابنها على يد نظام البعث في الثمانينات. لا تزال تتسلم
رسائل منه وصوراً، يدبرها باقي أبنائها خوفاً على قلب والدتهم إن علمت
بالحقيقة. وكما تسكن بغداد وجدان رشيد، كذلك ترفض أم إبراهيم أن تغادر
ذاكرته. يبكي كلما روى قصتها وكلما استحضر صورة الأم التي تنتظر عودة ابنها
منذ عقود، يقول: «لأكثر من أربعين عاماً أنا متأثر ومضروب بطعنة في قلبي
بسبب أم إبراهيم. هذه إنسانة حقيقية وكل تفاصيل قصتها التي ذكرتها في
الفيلم حقيقية، كل شيء حدث كما هو». ويضيف «لا أذكرها مرة إلا وأبكي، اليوم
بكيت وقد أبكي الآن حين أتذكرها لأنها تذكرني بأمي. كما قلت كل شيء مكتوب
وقع بالفعل وهذه جزئية بسيطة مما عاشه العراقيون.
الوسط البحرينية في
11/05/2013
«كعبول»..
وطن في قائمة الانتظار
دبي- نوف الموسى
لتحظى العائلة بحياة كريمة وتأمين الإيجار السنوي ،كان يخرج يومياً
شاب (بدون) -لا يحمل أوراقاً لإثبات جنسيته - إلى مطعم «كنتاكي»، ويرتدي
مجسم (بارني) ويرقص للأطفال، باعتبارها وظيفته ومصدر رزقه، إلا أن كشفه أحد
أهالي الأطفال في إحدى حفلات عيد الميلاد، ما أدى إلى إنهاء خدماته، لأن
ملامحه (كويتية) ،وبحسب العرف المحلي فإن تلك الأعمال يُقبل العمل فيها
لغير الكويتيين عادةً.
فيلم «كعبول» للمخرج مساعد المطيري، أعاد فتح جرح معاناة فئة عديمي
الجنسية ومن يصنفون أنفسهم بـ «كويتيون بدون»، وأنهم لا يزالون في قائمة
الانتظار لاستحقاق بقايا وطن اكتملت ملامحه في وجدانهم التاريخي والثقافي
والمجتمعي.
إسقاط الضوء
الكثير من الآراء تناولت حيثيات الفيلم القصير الذي شارك في مهرجان
الخليج السينمائي السادس، ومنها من رأت بأن تلك القضية الشائكة في تفاصيل
أبعادها الاجتماعية، تحتاج إلى منظومة إعلامية متكاملة لدراسة وحل
تراكماتها على مدى سنوات، وتحديداً الكيفية في صياغة الفكرة السينمائية.
وبين مؤيد ومعارض لفيلم «كعبول»، قال المطيري: «أتذكر أنني عرضت
الفيلم على أشخاص بدون، قالوا فيها مبالغة، وأنهم ليسوا بهذه الصورة،
وعندما رآها كويتيون تعاطفوا معها وآخرون تحفظوا عليها، وأصبحت لا أفهم
ماذا يريدون بالضبط، ولكنني سعيت إلى التركيز على حالة إنسانية، تستحق
إسقاط الضوء عليها والبحث».
مجهودات فردية
في إحدى المدونات الإلكترونية المتخصصة بعرض تقارير ومقالات معنية
بالقضية وتطوراتها، وهي عائدة لـشاب بدون من الكويت، بعنوان: (بدونيات
حنظلة)، أوضح أن الفيلم يحمل طابعاً سلبياً على واقع الشباب البدون، لأنه
ركز على جوانب محددة من القضية، مبيناً أن هناك الكثير من الاعتراضات على
موضوع وظيفية (كعبول) إلا أنه يؤكد بوجود تلك الحالات في الكويت.
المعالجة السينمائية
واقعية المعاناة في فيلم «كعبول» تعد ملامسة للبعد الاجتماعي،
والاعتراض على فكرة فيلم أو تأييده من قبل البعض، عبر ملاحظات أنه لا يمس
الحقيقية، تظل محل جدل، باعتبار أن اللحظة السينمائية تكمن صناعتها الفنية
في تحليل (محور واحد) بالكثير من التفاصيل، وهذا لا يحقق بالـتأكيد رغبة
الجمهور في أهمية تناول كل محاور القضية المطروحة.
البيان الإماراتية في
08/05/2013
الحليان : الخصخصة أسقطت أهداف الفن والمخرج السعودي «مخادع»
عبدالله الحسين – الأحساء
كشف الفنان الإماراتي مرعي الحليان عن وضع الانتاج الفني الخليجي في
الآونة الأخيرة, موضحاً أن هناك خللا في الدراما الخليجية كما هو موجود في
الأغنية فالكل يُقدم نفسه للغناء ولا يوجد هناك أصوات يُرمز لها بالبنان,
بالرغم أن بقايا الجيل القديم يتمسكون بالمطربين المعروفين على مستوى الوطن
العربي مثل فنان العرب وغيره من المبدعين في المجال الغنائي, ومع الأسف
الآن الكل أصبح يغني دون الإلتفات للكلمة وجملة اللحن, فالحال نفسه في
الدراما من ناحية أنه «ماعاد هناك رسالة إعلامية لذلك بعدما اتجه الإعلام
إلى الخصخصة سقط عن أهداف المجتمع.. وربما يقول البعض ان فكري رجعي ولذلك
أتمنى أن يعود الإعلام إلى سيطرة الدولة», وأطالب بإعادة النظر في مسألة
إعادة انتاج الأعمال المشتركة من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي
التي تساهم في تثقيف الطفل الخليجي بصورة مقننة ومن الضروري في الخليج أن
ننظر إلى أن هناك رياح تغيير ثقافي وعولمة تجتاح كل شيء ومن الصعب أن نبعد
أنفسنا عن الآخر أو لا نتابعه و لدينا خصوصية من الذهب لابد أن نحرص عليها,
واختتم حديثه بأن خوضه تجربة مع أحد الأعمال السعودية أمنية بالنسبة له
كونه مع الأعمال الخليجية المشتركة التي ذوبت حواجز اللهجات وكل الفوارق ,
مبيناً ان المخرج المسرحي السعودي يبتكر خدعا بصرية عالية جداً تتحول إلى
مشهديات بصرية راقية, كون المسرح في الوقت الراهن فرجة بصرية في زمن الصورة
ولم يعد ثرثرة أدبية كما هو في السابق, ولا ننكر دور المرأة في المسرح كون
المسرح حياة وترجمة للواقع, وكذلك قضايا المرأة لابد أن تناقش على الخشبة,
وقد شكر الحليان الجمعية العربية السعودية التي حققت لهم حلما كبيرا من
خلال عرضهم على خشبة المسرح بالأحساء و مشاركتهم بالعرض الافتتاحي كون
المسرح السعودي هو الوحيد الغائب عنهم بحكم مشاركتهم في كافة دول الخليج.
ويضيف الحليان: كنا نرغب منذ زمن بأن نعرض بالسعودية والحمدلله تم
العرض وسط تفاعل جماهيري رائع.. وعن تحقيقه لقب سفير المسرح للإمارات بين
أن اعتماده على مناقشة أحوال الإنسان البسيط, مطالبا بضرورة مشاركة
مهرجانات المناطق بالمملكة في المهرجانات الخليجية كونها تحمل طاقات شابة
مهمة كون المسرح السعودي بصفة خاصة يتميز بثيمة الرمز
.
وعن مشاركته كعضو لجنة تحكيم بمهرجان السينما الخليجي في دبي أوضح أن
ذلك كان تشريفا له من خلال تقييم العروض السينمائية المشاركة بالمهرجان,
موضحاً أنه قد فوجئ بأحد أعمال الأكشن لأحد المخرجين السعوديين التي توازي
عروض السينما العالمية والتي تم تكريمه لدقة ومجاراة السينما العالمية,
مبيناً أن فضاء الأنترنت فتح لكافة المهمشين والمغلوب على أمرهم وغير
الحاصلين على رعاية فنية المجال من خلال عروض «اليوتيوب» والذي أصبح من
خلاله قنوات مجانية تتيح لتقديم ابداعات فنية مدهشة, وعن سبب خروجه من
الصحافة أوضح أن الصحافة كانت بالنسبة له السبب في قربه من الجمهور وقضايا
المجتمع
..
وكشف الحليان أنه كتب في رسالة استقالته من الصحافة «23 سنة في
الصحافة تكفي لكن ما تبقى من العمر لا يكفي للمسرح فأرجو أن تقبل
استقالتي», واختتم حديثه مع «اليوم» أنه بعد التقاعد فرغ نفسه للقراءة
الصباحية للنصوص المسرحية وكتابة أعماله إضافةً إلى خوضه تأسيس فريق فني
متكامل يحمل شعار «ستار قروب» لعمل مسرحيات الأطفال والكبار مع عدد من
الفنانين الذين عمل معهم أعمالا سابقة .
اليوم السعودية في
05/05/2013
مخرج فيلم «بيكاس» الكردي:
نقلت واقع معاناة الأكراد ولم أسئ للعرب
الوسط - منصورة عبدالأمير
لم يحصد الفيلم الكردي «بيكاس» الجوائز التي أمل معجبوه أن ينالها إثر
مشاركته في عدد من المهرجانات السينمائية. على الأقل، لم يحدث ذلك في
المهرجانات التي حضرتها وكان «بيكاس» حاضراً فيها وآخرها مهرجان الخليج
السينمائي الذي نظم في شهر أبريل/ نيسان 2013 في دبي.
ربما لم يرقَ الفيلم لذائقة لجان تحكيم تلك المهرجانات، وأتحدث هنا عن
مهرجاني دبي السينمائي الدولي ومهرجان الخليج السينمائي. المهرجان الأول
الذي افتتح به الفيلم برنامج الأفلام العربية الذي يحتضنه المهرجان، منحه
جائزة دبي إكسبو 2020 وهي جائزة الجمهور الذي اعتبر «بيكاس» أفضل فيلم من
بين كل الأفلام التي شاهدها في فترة انعقاد المهرجان في ديسمبر/ كانون
الأول 2012.
مهرجان الخليج كان أكثر كرماً مع الفيلم إذ اعتبره ثاني أفضل فيلم
روائي طويل عرض في المهرجان، ومنح مخرجه ومؤلفه كرزان قادر جائزة لجنة
التحكيم الخاصة لأفضل إخراج، كما منح شهادة تقدير للطفلين اللذين قاما بدور
البطولة فيه، وهما زمند طه وسروار فاضل.
في المقابل، حاز الفيلم إعجاب مشاهديه في المهرجانين، ومن جهة أخرى
تمكن من تحقيق سبق في بلده بتحقيقه إيرادات عالية وصلت إلى 200 مليون دينار
عراقي في صالات العرض العراقية وتحديداً في مدينة أربيل وفي السليمانية حيث
عرضه الأول.
هذا التواصل الجماهيري مع الفيلم ليس مستغرباً نظراً إلى صدقه في نقل
واقع الأكراد ومعاناتهم خصوصاً أيام حكم النظام العراقي السابق.
اسم الفيلم قد يوحي لمن يعرف معنى الكلمة بقصته، فبيكاس هي كلمة كردية
تطلق على الأشخاص الذين لا يحملون أي جذور عائلية، والذين تزايدت أعدادهم
في فترة الحرب في العراق. والفيلم يحكي قصة الطفلين اليتيمين «دانا»
و»زانا» اللذين فقدا والديهما ابان حكم النظام العراقي السابق، واللذين
يعتاشان على مسح الأحذية نهاراً ويتخذان من سطوح المنازل سريراً لهما.
يواجه الصغيران الكثير من الصعوبات على مستوى يومي ولا يجدان من يمسح
على رأسيهما سوى رجل عجوز سرعان ما يخطفه الموت ليفقدا بذلك كل معنى للحب
في حياتهما.
يحلمان بتغيير ظروف حياتهما البائسة، فيجدان ذلك ممكناً على يد بطل
خارق. بطلهما هو سوبرمان اللذان يشاهدانه في فيلم تعرضه دار سينما صغيرة في
قرية، لا يملكان بالطبع أجرة دخول الفيلم فيتلصصان المشاهدة من ثقب في جدار
السينما.
منقذهما من العناء والمعاناة هو سوبرمان إذن، لكن هذا البطل الذي يعيش
في أميركا لا يمكن له أن يحضر لإنقاذهما إلا أن يسافرا لإحضاره بنفسيهما
ليحل جميع مشاكلهما ويلقن كل من آذاهما درسا.
هو السفر إلى أميركا إذن، والوسيلة ليست سوى حمار أطلقا عليه اسم
مايكل جاكسون قايضا ثمنه بقلادة تحمل صورة والدتهما الراحلة، لم تكن أول ما
باعاه وتنازلا عنه من جذورهما.
لا يصل الصغيران إلى أميركا بكل تأكيد، لكنهما ينطلقان في رحلة
تتخللها شتى أنواع الصعوبات والمغامرات. وبدلا من لقاء منقذهما الأميركي
يتحول الطفلان إلى بطللين يصارعان واقعهما المأساوي وينتصران عليه.
مخرج الفيلم الكردي كرزان قادر كان تحدث خلال عرض فيلمه في مهرجاني
دبي والخليج السينمائيين، موضحاً أن القصة التي كتبها بنفسه وأخرجها هي في
واقع الأمر مبنية على واقع عاشه في طفولته. بنى القصة على ذكريات طفولته في
كردستان العراق، لكنه أجرى بعض التغييرات الطفيفة. تحدث عن ضرورة أن يكون
لكل طفل بطل خارق، كان كذلك في طفولته، نقل أحلامه وتصوراته تلك بكل أمانة
في فيلمه، لكنه فقط استبدل رامبو بطله المخلص للأكراد والقادر على تحريرهم،
بسوبرمان، الذي يقول إنه أكثر إقناعاً من رامبو في قدرته على تخليص البشر
من معاناتهم، لعدم لجوئه إلى العنف كما يفعل رامبو.
سوبرمان وأميركا هما المرادفان للحياة السعيدة في نظر كرزان طفلاً، إذ
يقول: «كان الجميع يتحدث عن أميركا فتصورتها في ذهني مكاناً مذهلاً...
الناس فيه سعداء لا تطولهم أي حروب ولا يعانون من أي أمر». لكن كرزان الذي
حلم طفلاً بالسفر إلى أميركا والعيش فيها وربما لقاء سوبرمان والعودة به
إلى كردستان، لم يحقق هذا الأمر، تماماً كبطلي فيلمه. يقول «لم أذهب إلى
أميركا لكنني وصلت السويد وأنا اليوم مخرج أفلام أفعل ما أحبه».
كلماته تحمل كثيراً من الأمل، وتأتي متسقة مع رسالة فيلمه التي تقول
أيّاً تكن وأيّاً تكن ظروفك، كن جريئاً بما يكفي لكي تحلم. ثم صارع من أجل
تحقيق أحلامك. قد لا تحقق تلك الأحلام لكنك حتماً ستحقق سواها، وستغير
حياتك من دون شك. لم يكن أمراً منطقيّاً ولا معقولاً أن يصل الصغيران إلى
اميركا على ظهر حمار. سوبرمان لم يكن واقعيّاً، وقدراته الخارقة ليست
حقيقية، وكرزان يقول: «أردت أن أقدم قصة خيالية، لدي شقيقان يحلمان
ويصارعان من أجل تحقيق حلمهما، يفشلان لكنهما يكتشفان أموراً أخرى».
ولأن كرزان أراد فيلماً يشجع على الحلم، فقد وضع له نهاية سعيدة
متفائلة. الصغيران لم يصلا إلى أميركا لكنهما اكتشفا أهمية وجود أحدهما في
حياة الآخر، عاشا لذة المغامرة، التقيا بأشخاص طيبين وآخرين على العكس. كل
ذلك علمهما معنى الحياة، وكل ذلك أخذهما خارج القرية الصغيرة، لواقع ربما
يكون أفضل. ترك كرزان نهاية فيلمه مفتوحة، لم يرجع الصغيرين إلى القرية وفي
الواقع غير نهاية فيلمه ليجعله أكثر تفاؤلا وقدرة على حفز الأحلام، يقول:
«كنت قد قررت أن أجعل أحد الصبيين يموت جراء انفجار لغم، لكن أحد أستاذتي
اقترح نهاية أكثر تفاؤلا. فعلت ذلك فجاءت النتيجة مذهلة، لفيلمي أولاً، ولي
ثانياً. لقد جعلني هذا الأمر أتغلب على كثير من الغضب بداخلي».
الغضب الذي عانى منه كرزان طويلاً لم تنجح سنوات الغربة والحياة في
السويد في تخليصه منه، جاء لما عاناه في طفولته من بشائع الحرب وقسوتها.
حين تحدث عن الفيلم وعن كونه مبنيّاً على ذكريات طفولته. اضاف ضاحكاً أنه
كان أحد الطفلين اللذين ظهرا في الفيلم، وقال إنه الصغير الذي يتلقى
الصفعات دوماً».
يقول: «رأيت الكثير من العنف خلال الحرب. عانيت فقد الكثير من الأقارب
والأصدقاء. وأنا هنا أروي قصتي فقط وقصة هؤلاء، وأريد أن أكون صادقاً بقدر
الإمكان. كتبت هذه القصة مما شاهدته في طفولتي. لا أريد أن أغضب أي طرف لكن
هذا ما حدث تماماً».
لذلك يرفض كرزان أن يتهم هو أو فيلمه بالإساءة لأي طرف، يرفض حتى وصف
فيلمه بالسياسي. البعض اتهمه بالعنصرية وبتقديم صورة سيئة عن العرب بسبب
مشهد ظهر فيه أصغر الطفلين وهو يستجدي المساعدة لشقيقة الذي يقف فوق لغم
أرضي، من سكان قرية عراقية ليواجه بقسوة من البعض ولا مبالاة من البعض
الآخر. كرزان يكرر أنه ينقل ما شاهده إبان الحرب، ويضيف أن الأنانية
والقسوة التي ووجه بهما الطفل هي أمور لم تحدث في كردستان أو العراق وحسب،
لكنها تحدث في جميع أنحاء العالم. حين يحتاج الناس إلى بعضهم، لا يجدون من
يقف بجانبهم». ولمزيد من المصداقية في نقل ذكرياته تلك، اختار كرزان طفلين
كرديين لم يسبق لهما أن شاهدا كاميرا، لذلك امتلأ فيلمه بكثير من العفوية
والصدق. يقول إنه وجد صعوبة بالغة في اختيارهما «لم أكن أبحث عن صبيين
يمثلان جيداً أو يتذكران الحوارات لكنني كنت أبحث عن نفسي وعن شقيقي بين
المتقدمين، كنت أبحث عن طفولتنا. أردت أن أجعل الفيلم قريباً من طفولتي
بقدر الإمكان».
الطفلان اللذان أصبحا شهيرين للغاية الآن في منطقة السليمانية حيث
يعيشان، لم يكونا الوحيدين من بين طاقم الفيلم ممن لم يشاهد كاميرا مسبقاً.
كل من عملوا في الفيلم كانوا كذلك، ومعظم أهل المناطق التي صور فيها كرزان
مشاهده كانوا كذلك. يقول: «بدأت من الصفر مع طاقم الفيلم، علمتهم كل شيء.
ليس الممثلين وحسب لكن المدينة بكاملها غير معتادة على الأمر».
عملية التصوير استغرقت 38 يوماً، لكن كرزان يشير إلى أنه كان صور
أجزاء من الفيلم في فترة سابقة ليتوقف العمل بعد اندلاع مظاهرات في المدينة
حال تفجر موجة الربيع العربي في المنطقة. يقول: «كانت هناك مظاهرات في كل
مكان وتم اطلاق الرصاص وكان الناس يموتون فالغينا كل شيء وعدنا إلى السويد.
بعد ذلك خسرنا كل المشاهد التي صورناها ولم نتمكن من العودة إلى التصوير
إلا بعد خمسة أشهر حين استقر الوضع».
الوسط البحرينية في
04/05/2013
خسر 10 ملايين درهم في 3 أفلام من بطولته وإخراجه وكتابته
مجيد عبدالرزاق.. «بني آدم» رهان على الخسارة
محمد عبدالمقصود - دبي
ظن الكثيرون أن رجل الأعمال الإماراتي مجيد عبدالرزاق، الذي أثار دهشة
الجميع بتقديم نفسه منتجاً وكاتباً ومخرجاً وممثلاً رئيساً في أول محاولات
سينمائية له قد اعتزل السينما، بعد خسائر مالية كبرى وصلت إلى
10 ملايين درهم، نتيجة إنتاج فيلمين سينمائيين عُرضا في دور السينما
المحلية من دون أن يشهدا إقبالاً جماهيرياً يذكر، كما أنهما لم يحققا
عائداً مالياً في التوزيع، على الرغم من إبرامه تعاقدات مع شركات متخصصة،
لكن مجيد المتخصص في مجال المفروشات تحديداً، سار عكس توقعات الجميع، وكرر
التجربة التي مضى على أحدثها أكثر من خمس سنوات، قبل أن يعود بفيلم جديد هو
«بني آدم».
وأكد عبدالرزاق لـ«الإمارات اليوم» أن «كثيراً من الآراء المحيطة به
تدعوه إلى أن يكف عن خوض أي مشروعات سينمائية»، مضيفاً: «الكثيرون قالوها
لي بشكل صريح، أنت رجل أعمال، ولن تستطيع أن تحقق أرباحاً هنا، وستتعرض
للمزيد من الخسارة، لكن الحقيقة هي أنني لا أبحث عن المكسب بقدر ما أبحث عن
ذاتي التي أجدها فقط على شاشة السينما». وأوضح «ما لا يعرفه هؤلاء أنني لا
أبحث عن المكسب المالي هنا، بل قد يكون أقصى أهدافي في هذا الإطار هو تقليل
هامش الخسارة، أو وقفها على أقصى تقدير، وحتى لو تعرضت لخسائر مضاعفة فلن
أدير ظهري للسينما».
نصوص جاهزة
اعتبر عبدالرزاق أن السينما بالنسبة إليه تستوعب طاقاته التعبيرية
بشكل مواز للتجارب الشعرية والقصصية لدى البعض، مضيفاً: «أشعر باترياح شديد
حينما أعالج نصاً سينمائيا، أو أن أقف أمام الكاميرا لأجسد شخصية ما، كما
أن العمل خلف الكاميرا أيضاً في إطار فنون الإخراج يبقى مهماً كي يكمل
سعادتي بالتجربة». ونفى فكرة أنه يقوم بشراء نصوص جاهزة وينسبها لنفسه، أو
أنه يستعين بمخرجين آخرين في العمل، شريطة أن يكون العقد المبرم بينهما ينص
على أنهم يعملون في وظيفة مساعد مخرج، ما جعل بعض المخرجين الإيرانيين
المعروفين يقبلون بالعمل معه تحت هذا المسمى مقابل مبالغ مالية كبيرة،
مضيفاً: «لم أدّع أنني درست الإخراج، لكنني أملك رؤية أسعى إلى توصيلها،
واستعين بفنيين من أجل ذلك وحسب معلومات كهاوٍ، فهذا لا يبخس حقيقة أن
العمل هو من نتاج رؤية المخرج دون تدليس، تماماً كما أننا نستعين بفنيين في
شتى مجالات العمل السينمائي من ماكيير ومونتاج وغيرهما».
مهارات عدة
دافع عبدالرزاق عن فكرة جمعه بين أكثر من فن في وقت واحد على نحو
غريب، موضحاً: «أمتلك مهارات في أكثر من مجال أحب أن استثمرها، لذلك تجدني
في أعمالي كاتب سيناريو ومنتجاً ومخرجاً وممثلاً، ولا ينبغي لأحد أن يتذرع
بأن هذا الأمر لا يتيح فرصاً جيدة للآخرين، لأن أي عمل سينمائي في النهاية
يصب في مصلحة تنشيط الحركة السينمائية في الإمارات، أما دعم الأفراد أنفسهم
فهذا مسؤولية المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، في حين تبقى المبادرات
الفردية مقدّرة في هذا الإطار».
وتابع: «ما يحدث أنني الجأ إلى الكتابة في أجواء غير تقليدية للغاية،
لأنني لا أكتب إلا في أوقات الإجازة السنوية التي غالباً تطول لنحو شهرين
أقضيها خارج البلاد، ومعها تبدأ ولادة قصة جديدة اتتبع خطوطها، وأرى أنني
الأقدر على تجسيد شخصيتها الرئيسة، ولكي لا يكون هناك تنافر بين الفكرة
والتطبيق أرى أنني الأصلح أيضاً لصياغة رؤيتها الإخراجية، في الوقت الذي
أتولى بطبيعـة الحال الإنفاق على العمل، فأكون المنتج والكاتب والمخرج
والممثل في وقت واحد، ولكن بشكل منطقي». وأشار عبدالرزاق إلى أنه «لا يتعمد
إزاحة النجوم في عمله، أو يتنافس معهم بمفهوم الممثل»، مضيفاً: «لدي مصلحة
رئيسة في إنجاح العمل، ولا يمكن أن احتكر الفيلم السينمائي بزيادة مساحة
الدور الرئيس، لأن ذلك سيضر فنياً بحظوظ الفيلم، لذلك ستجد بجانبي دائماً
عدداً من أبرز الأسماء على الساحتين المحلية والخليجية، حيث شارك الفنانان
حبيب غلوم، وعلي خميس، والفنان الراحل محمد الجناحي، والفنان السعودي
عبدالمحسن النمر، معي في أول أعمال (عقاب)، في حين أن أحدث الأفلام وهو
(بني آدم) يؤدي فيه كل من الفنان القطري عبدالله عبدالعزيز، والفنانة فاطمة
الحوسني، وعدد كبير من الوجوه الشابة أدوراً مهمة»
خسائر
قال عبدالرزاق: «أتوقع أن تتقلص الخسائر على الأقل في الفيلم الأخير
(بني آدم)، كي اتمكن من صياغة رابع أعمالي على نحو أكثر ثقة، لكن في كل
الأحوال فإنني ليس لي خيار آخر غير الاستمرار في العمل السينمائي، قبل أن
أعود إلى إدارة الأعمال التجارية، فهي المساحة الوحيدة التي أجد فيها ذاتي،
ولو علم من ينتقدوني مدى الراحة التي استشعرها حينما أقف أمام الكاميرا في
عمل سينمائي وفق رؤيتي الإخراجية لقصة قمت بكتابتها، لما فقكروا في توجيه
مزيد من اللوم، لأن حياة رجل الأعمال تحتوي بالضرورة أشياء أخرى بخلاف
الربح والخسارة المالية، لكن أؤكد لهم جميعاً أنني لست باحثاً عن الشهرة،
بل أبحث عن ذاتي في المقام الأول».
هنا العالم
لا يعرفه أحد، لكنه يعرف الجميع، هكذا يبدو رجل الأعمال الإماراتي
مجيد عبدالرزاق، وسط التجمعات الفنية الخليجية، على الرغم من أنه الأكثر
إنتاجاً وربما ظهوراً في أدوار البطولة المطلقة التي يخصصها لنفسه في أعمال
يقول إنه «ينتشي بكتابة السيناريو الخاص بها، وصياغة رؤاها الإخراجية».
وعلى الرغم من أن فيلمه «بني آدم» تعرّض لانتقادات قاسية من الفنانين
الإماراتيين والخليجيين أنفسهم، قبل الآراء النقدية أثناء عرضه في الدورة
الأخيرة لمهرجان الخليج السينمائي التي استبعدته من المسابقة الرسمية،
تماماً كما تعرّض فيلماه الآخران «عقاب» و«رمال عربية»، إلا أن عبدالرزاق
يبدو أنه يمتلك إصراراً عجيباً في أن يكون المخرج وكاتب السيناريو والممثل
الرئيس الوحيد لأعمال من إنتاجه في المرحلة المقبلة.
وبسؤاله عن أهمية إنفاقه أموال طائلة على أعمال لا تحقق مردوداً
مالياً أو فنياً جيداً، قال عبدالرزاق: «الأضواء التي تحيط بالسينما ليست
أضواء مصطنعة كما يظن البعض، بدليل أنني أشعر بارتياح كبير، سواء أثناء
التصوير، أو بعد عرض الفيلم في دور السينما، أو حتى في تلك التجمعات الفنية
التي تؤشر بقوة: هنا العالم»، لكنه في المقابل حرص على التأكيد: «لا
تفهموني خطأ.. لست باحثاً عن شهرة».
الإمارات اليوم في
02/05/2013
فيلمها «حرمة» السعودي استكمال لمفاهيم حياتية
عهد كامل: قضايا المرأة السينمائية في الصميم
دبي- نوف الموسى
بعد إنجاز رؤيتها الإخراجية عبر فيلم "حرمة" قدمت المخرجة السعودية
عهد كامل للمشاهد بعداً فنياً يضاف إلى سيرتها في التمثيل والإخراج، ومنه
مشاركتها السابقة في بطولة فيلم "وجدة" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور،
الذي اعتبرته عهد في حوارها مع "البيان" أنه فقد استثمارا كاملا لطاقة
الممثلين ، كونها تجربة هيفاء الأولى، موضحةً أن المرأة السعودية سينمائياً
تسعى إلى طرح قضايا من صميم مجتمعها.
ويعد فيلم "حرمة" استكمالا لضرورة الحديث عن مفاهيم حرمة الحياة، ضمن
متطلبات الحاجة والإيمان بدور المرأة في قدرتها على اتخاذ القرار. بدأ
السيناريو كما أوضحت عهد بسؤال مفاده:"ماذا سيحصل لو لم يكن في حياة المرأة
رجل؟.
حاجة مجتمعية
اختارت عهد نفسها لتتصدر البطولة وحول ذلك قالت:"الدور جريء جداً،
وكنتُ خائفة من اختيار ممثلة أخرى من السعودية، إلى جانب أن ميزانية الفيلم
كانت قليلة، ووقت أيام التصوير معدودة، ما يجعل إنجازه يحتاج إلى احترافية
في الأداء وسرعة في الإنجاز".
وبالنسبة لتفاصيل قصة الفيلم فقد ارتبطت بتجاوزات المجتمع لمفهوم حرمة
الأشياء، التي رسم لها المجتمع قدسية إنسانية تعدوا عليها علناً ومنها
المرأة ومكانتها وخياراتها، وبالنظر للفيلم يلحظ المشاهد العلاقة بين
المرأة التي فقدت زوجها وهي حامل، ما يجعلها تعمل المستحيل لتُبقي جنينها
حياً إلى موعد خروجه للحياة، والفتى المراهق الذي لا يملك أوراقاً ثبوتية،
ويقضي به الحال للعمل في بيع (الحشيش)، مثل فيها الشخصيتان أطراف المجتمع.
ضرورة
رأى منها أما وحضنا دافئا، ورأت به رجلا يدعمها ويقف إلى جانبها، هنا
تصف عهد بعد العلاقة، متسائلةً مجدداً: كيف يثق المجتمع بقدرة المرأة على
تربية أجيال بالكامل، ولا يعطيها الحق في تحديد مصيرها، مضيفةً أنه جاء
الوقت أن تبدأ النساء بالحديث عن قضاياهن بصدق في السعودية.
والمشاركة السينمائية ضرورة وليست ترفاً فكرياً، واستمرار البوح جزء
من حراك مجتمعي تعيشه المملكة بشكل إيجابي وملحوظ، ولكن لا تزال السينما في
الخليج تحتاج إلى فكرة الوعي، فالأفلام المستقلة غير مرتبطة بالثقافة
العامة للمجتمع.
مُنح الفيلم تمويلاً قدمه المعهد العالي في فرنسا، مبينةً عهد
أن التمويل لا يشكل أزمة بالنسبة لها، ولكن التنسيق بين الجهات الداعمة
وصناع الأفلام في داخل السعودية هو من يعيق الإنتاج المحلي.
النهاية مفتوحة
تركت عهد النهاية مفتوحة، وبررت ذلك بأهمية جعل المشاهد يتصور البعد
الدرامي للأحداث، وتوسيع مساحات الرؤية للخيال. وأوضحت أن اختيار منطقة (الهنداوية)
في السعودية، جاء لشعبية المنطقة الزاخرة بأناسها البسطاء. شهد الفيلم
عرضاً خاصاً في السعودية، لفتت أنه نال تجاوباً محلياً طالبوا باستمراره،
وعالمياً فإنه تم اختياره للمشاركة في مهرجان برلين السينمائي.
اهتمام بالتمثيل
التمثيل هو محور اهتمام المخرجة السعودية عهد كامل في الفترة الحالية،
مبينةً أن الإخراج رؤية تحتاج إلى وقت وتجربة تراكمية، وبالنسبة لتوجهاتها
السينمائية أوضحت أنها فنانة، ومعايشتها لصناعة الصورة تماهي إنساني لا
يشكل توجهاً بل يجسد اكتشافاً متجدداً للحياة.
البيان الإماراتية في
01/05/2013 |