رحلت الفنانة هند رستم، فى هدوء ودون ضجة مفتعلة، تماما كما اختارت أن
تعيش بعيدة عن الأضواء، عندما اعتزلت الحياة الفنية فى أواخر السبعينات،
تركت النجومية والأضواء مكتفية بدور الأم والزوجة والجدة، عاشت حياتها كما
تمنت واختارت، ولم تعد الشهرة تعنيها فى شىء رغم أنها كانت أيقونة الجمال
فى السينما المصرية ورمزا من الصعب أن يتكرر للمرأة كما ينبغى أن تكون، ليس
على مستوى الشكل ونبرة الصوت وملامح تقاسيم الوجه، بل ذكاء الأنثى وقدرتها
على تطوير نفسها..
فهند التى تعامل معها بعض المخرجين على أنها مجرد أنثى جميلة _أو
صورة، أرى أنها أجمل بكثير من مارلين مونرو، لم تستكين لهذا التصنيف الذى
حاول بعض المخرجين وضعها فيه بل تمردت وقدمت العديد من الأدوار الهامة فى
تاريخ السينما المصرية والعربية، ومنها "هنومة فى باب الحديد"، وشفيقة
القبطية والراهبة، وبين السما والأرض، وحتى أدوارها الخفيفة فى أفلام مثل
ابن حميدو وإشاعة حب هى أدوار لا تنسى، ومازلنا نحفظ العديد من لزماتها فى
هذه الأفلام.
هند رستم النموذج الأمثل للأنثى والمرأة والتى بدأت حياتها من مدينة
الإسكندرية التى شهدت مولدها وتفتحها بحى محرم بك، وفى تلك المدينة تفتح
عقلها نظرا للثقافات المتعددة والتنوع الاجتماعى فى تلك المدينة، وهو ما
انعكس على تركيبة هند المتفتحة إنسانيا وثقافيا بشهادة من عاصروها، ومن
كانوا على اتصال دائم بها حتى أيامها الأخيرة، ومنهم الفنانة نبيلة عبيد
وإلهام شاهين وغيرهما من النجوم والنجمات، التى لم تكن تبخل عليهم
بالنصيحة.
تفتحت موهبتها، حيث بدأت حياتها الفنية فى أدوار صغيرة بدءا من ظهورها
فى لقطة صغيرة بفيلم غزل البنات مع الفنانة ليلى مراد وهى تشدو بأغنية "اتمخترى
وتميلى ياخيل"، إلى أن قدمت دورا صغيرا مع الفنان يحيى شاهين فى فيلم
"أزهار وأشواك"عام 1947 ، ثم توالت أدوارها الصغيرة، إلى أن أعاد المخرج
الراحل حسن الإمام اكتشافها.
وصارت هند رستم بعد سلسلة من الأدوار المتنوعة مع حسن الإمام من أهم
وأشهر نجمات السينما المصرية، ولقبتها الصحافة بمارلين مونرو الشرق، ولكنها
فى ظنى أهم وأجمل بكثير، نظرا لتفردها واتساقها الشديد مع نفسها، فهى عندما
قررت الاعتزال لم يكن ذلك بسبب إحساسها بأن الفن حالة غير جيدة، وعليها أن
تتبرأ منه، العكس صحيح تماما حيث كانت تعتز بكل أدوارها التى قدمتها فى
السينما المصرية، الخفيفة منها والأكثر تركيبا، وأيضا كانت متابعة جيدة
للنجوم الشباب فى السينما المصرية..
رحلت هند أيقونة الجمال فى السينما المصرية ورمز من رموز الإغراء دون
أن تقدم مشهدا واحدا عاريا، وأعتقد أن دور "هنومة" فى باب الحديد مع المخرج
الكبير يوسف شاهين يؤكد ذلك، ولا نستطيع أن نقول لفنانة فى حجمها إلا يرحمك
الله فهكذا تكون المرأة والفنانة.
|