يوسف شاهين
من أعظم مخرجي السينما العربية
بقلم: نــادر عــدلــي
رحل فنان
السينما الكبير يوسف شاهين(25 يناير1926 ـ27 يوليو2008), بعد أن
حقق رحلة إبداع رائعة في صناعة الشرائط السينمائية التي حملت توقيعه وبصمته
وعمره علي مدي58 سنة كاملة(36 فيلما روائيا طويلا ـ6 أفلام روائية
وتسجيلية قصيرة).. وقصة يوسف شاهين مع السينما والحياة تبدأ وتنتهي في
مدينة الاسكندرية التي ولد ودفن فيها, ومدينة القاهرة التي عاش واخرج
أفلامه فيها, ونقل ثقافتها والدماء المتدفقة في شراينها وعلاقة مصر
بالعرب والعالم.
قدم يوسف
شاهين كل النوعيات والألوان السينمائية, وصنع مدرسة تضم شرائطه وتلاميذه
وشركة إنتاجه, مدرسة الحب والتسامح والتمرد والغضب التي أثارت العقل
ففجرت الجدل, وألهبت الوجدان.. لم تكن بدايته تقليدية في بابا أمين
عام1950, وظهر ذلك بوضوح في ثاني أفلامه ابن النيل الذي تجسد فيه ما يفعل
الفيضان بمصر والصعيد قبل بناء السد العالي, وقيم مصر الريفية, وهذه
المعاني جسدها ابن الاسكندرية الذي تعلم في أمريكا!.. إنها الموهبة
الطاغية والحس الصحيح الذي يثبت قوة هذا الموهوب حتي لو لم يكن وعيه قد
اكتمل( كان في الخامسة والعشرين من عمره) وبنفس الحس قدم صراع في
الوادي ورائعة باب الحديد, والفيلم السياسي جميلة بوحريد ليصل إلي ذروة
فنية مدهشة في الناصر صلاح الدين.
أشياء
أصابت انطلاقته منذ منتصف الستينيات, فهاجر إلي لبنان, وكان فيلمي بياع
الخواتم, ورمال من دهب, وما كان ليستطع أن يستمر بعيدا عن مصر فعاد
ليقدم أحد أهم أفلامه الواقعية في تاريخنا السينمائي الأرض.. وأصابته
نكسة أو هزيمة يونيو1967 كما أصابت مصر, فكان العصفور الذي يرفض
الاستسلام ويدعو إلي تحقيق النصر, ويظل الفيلم حبيس تعنت الرقباء والنظام
السياسي, ولا يتم الإفراج عنه إلا بعد تحقيق نصر أكتوبر1973 فعلا..
ومع العصفور تبدأ مرحلة أخري ووعي جديد لهذه الموهبة العبقرية, ويأتي
عودة الابن الضال ليجسد أزمة وطن, كما كان الاختيار يجسد أزمة
المثقفين.
وتبدأ
مرحلة رباعيتة الشهيرة بفيلم اسكندرية ليه, وتستكمل بحدوتة مصرية
واسكندرية كمان وكمان واسكندرية نيويورك, لم تكن مجرد سيرة ذاتية, إنما
سيرة وطن في مسيرة هذا المخرج المدهش.. وتحققت الرباعية في25 سنة
كاملة, وهي حدث فني عالمي بكل المقاييس لأن عددا محددا للغاية من
المخرجين في الدنيا كلها كان لديهم هذه الشجاعة والرؤية للاقتراب من عالمهم
الخاص.. أيضا كانت أفلامه التاريخية وتنوع عصورها يمثل حالة شاهينية
مثيرة وواعية ومبدعة: الناصر صلاح الدين, والوداع يا بونابرت
والمهاجر, والمصير, إنها أضواء علي عصور أربعة عادت للحياة بكل ما تملك
من فكر وثقافة ودعوة للعلم والتحرر.
كان ليوسف
شاهين ولع خاص بالموسيقي والغناء, وبعيدا عن الأفلام التي قدمها لفريد
الأطرش وشادية وفيروز وليلي مراد وماجدة الرومي ولطيفة, كان توظيفه
للموسيقي والغناء في حدوتة مصرية والمصير عنوانا مهما لعبقرية استخدام
الأغنية كإضافة درامية لعمل سينمائي.. لقد خاض شاهين في كل شئ, وصنع كل
ما أحب من شرائط, وألقي بدلوه فيما يدور حوله سياسيا واجتماعيا, عولمة
وفسادا, التقاء وابتعادا بين الشرق والغرب.. كل شيء.
عالم كبير
ملئ بالإبداع والإلهام, شديد الثراء, أثار الجدل وكان عنوانه التمرد,
وكان حلقة الوعي المستمرة لأكثر من نصف قرن في السينما المصرية التي طار
بها ليكون لها مكانا ومكانة في كل مهرجانات الدنيا, ويحصد فيها أرفع
الجوائز وعظيم التقدير.
الأهرام اليومي في 30
يوليو 2008
قالوا عن
الأسـتاذ
كتبت:
هناء نجيب
رحل يوسف
شاهين.. ولكنه ترك ثروة سينمائية كبيرة, وقد عمل معه أكثر من3 أجيال
خلال58 عاما.. وأصبح تلاميذه يقدمون أعمالا سوف تكون نواة للسينما في
المستقبل.. أما من الناحية الإنسانية فكان شخصا متواضعا وحساسا ومعطاء
لمن حوله.. لقد فقدته السينما العربية كعملاق من عمالقة السينما.. وعن
أعماله وحياته كان الحوار مع هؤلاء.
هند رستم:
كان يوسف شاهين يتميز بأنه أفضل مخرج يصنع الكادرات, ويعلم تماما أين
توضع الكاميرا.. كما ان أفلامه لها طابع مميز برغم وجوده ضمن كبار
المخرجين أمثال صلاح أبوسيف وبركات وغيرهم.. لقد عملت معه في ثلاثة أفلام
هي: بابا أمين, وباب الحديد وأنت حبيبي والأفلام الثلاثة قريبة الي
قلبي ولكن أفضلهم كان فيلم باب الحديد حيث اثبت يوسف شاهين انه ليس فقط
مخرجا قويا بل ممثل قدير, فقد أدي دورا لا يستطيع أحد أن يقوم به إلا
هو.. أما من الناحية الانسانية فهو متواضع للغاية وشخص بسيط برغم شهرته
الكبيرة.
نور
الشريف: يعد يوسف شاهين من أكبر المخرجين الذين اعادوا اكتشاف النجوم
أمثال: هدي سلطان, محمود المليجي, وغيرهم وقدم عشرات المواهب
الجديدة, كما تتلمذ علي يده مخرجون كثيرون.. وانا فخور بالانتماء
لمدرستة الاخراجية التي لها مذاق خاص به.. فكان صبورا جدا في عمله حتي
يخرج العمل الي النور بصورة لائقة, فلا أستطيع ان أنسي انه في فيلم حدوتة
مصرية تركني أعيد المشهد25 مرة الي ان وصل المشهد للاجادة التي ترضيني
وترضيه, فهو يهتم كثيرا بابداع الممثل.
السيناريست والناقد د. رفيق الصبان: لقد ترك يوسف شاهين أثرا كبيرا في
السينما المصرية والعربية لما يتمتع به من تجديد مستمر ودفاع عن حرية
المبدع لآخر لحظة, وأن يجعل الفنان مرآة حقيقية لمجتمعه, فكان مدرسة
فنية قائمة بذاتها انتجت مخرجين وممثلين وكتاب سيناريو ونجوما كبارا..
لقد غاب يوسف شاهين ولكنه ترك وراءه خطا مضيئا أعتقد أنه سيشعل السينما
المصرية لسنوات طويلة مقبلة.. لقد استطاع ان يربط بين الفكر السينمائي
الغربي مع الشرقي وهي اساس العبقرية, لأنه استطاع من خلال دراسته بأمريكا
ان يثقل خبرته الغربية ليمزجها بالطابع العربي.
الناقد
السينمائي يوسف شريف رزق الله: لقد رحل المخرج الكبير يوسف شاهين
بالفعل, ولكن ستظل أعماله في ذاكرة التاريخ.. فهو صاحب مدرسة تتلمذ علي
يده مخرجون موهوبون موجودون علي الساحة الفنية اليوم أمثال: يسري نصرالله,
واسماء البكري, واستطاعوا أن يحققوا لأنفسهم شخصية مستقلة, فهم بالفعل
سينما المستقبل لأنهم قدموا أعمالا متميزة عرضت في المهرجانات المحلية
والعالمية ونالت الجوائز والتقدير.. فهم أمل المستقبل الذي يعتمد عليهم
لاستكمال مسيرته.
الفنانة
لبلبة: يوسف شاهين مخرج عالمي. فهو فنان موهوب وأفضل مخرج يصنع حركة
الممثل فكان بارعا في تحريك وتجهيز الممثل, وإذا أعجبه مشهد يأخذه من أول
مرة حتي لا يفقد المشهد سخونته. فأنا محظوظة لأني عملت معه فيلمين الاخر
والاسكندرية نيويورك فقد تعلمت منه الكثير, ولا استطيع أن أنسي انه بكي
بكاء شديدا في مشهد بيني وبين محمود حميدة في الفيلم الثاني عندما كنت
أخبره انني لم استطيع ان انجب له ولدا.. اما من الناحية الانسانية فأعتبر
نفسي جزءا من عائلته.. فكان يقدم لي النصيحة بصدق واخلاص, فكان حساسا
ومتواضعا لأقصي درجة, ورحيله أثر في تأثيرا بالغا.
خالد
النبوي: يعد يوسف شاهين أعظم سينمائي في تاريخ العالم العربي.. فقد نقل
السينما المصرية للعالمية.. فهذه النوعية من الشخصيات نادرا مانقابلها في
الحياة.. فهو ملهم لكل من يعمل معه.. وكان لي الحظ أن أعمل معه في3
أفلام هي: المهاجر, والمصير والقاهرة منورة بأهلها وهو فيلم تسجيلي..
أما علي الجانب الانساني فأدين له بالفضل لأنه يعيطك أقصي ما لديه من
معلومات.. وقد استفدت منه بأن كل إنسان يقدم كل مايستطيع, أما التقدير
فيأتي مستقبلا.
الممثلة
يسرا اللوزي: لقد كنت محظوظة بأن أعمل بفيلم يخرجه يوسف شاهين وأنا في سن
صغيرة.. فكم كنت أتمني ان اقدم فيلما به رقص مع التمثيل.. فقد حانت لي
هذه الفرصة عن طريق المعرفة العائلية لأسرة يوسف شاهين.. وقد قدمت الدور
ببساطة وتلقائية شديدة, وهذا ما أعجب شاهين.. أما عن شخصيته فهو انسان
حساس وبسيط وهادئ ويستطيع ان يحرك الفنان كما يريد في الوقت المناسب..
وقد علمني أن أسأل عن جميع تفاصيل الشخصية قبل ان العبها.
الأهرام اليومي في 30
يوليو 2008
آخر
عمالقة السينما.. انتصر حيا وميتا
كتب:
محمود موسي
رحل يوسف
شاهين مخرجا عملاقا, رحل بعد أن قال كل كلماته.. رحل بعد أن أسعد
الملايين وخلد نفسه في القلوب. رحل المشاغب والانسان, وترك إبداعاته
وأفكاره شاهدة علي حلم رجل انحاز للناس بأفلامه وصوته ومواقفه.. أحب
الناس فأحبوه, ولهذا كانت جنازته شعبية وعزاؤه شعبيا.. كل جموع الشعب
كانت حاضرة وكأنها ارادت أن تقول له نحبك ياشاهين حيا وميتا.
يوم وفاته
كان يوما حزينا علي فقدانه.. وكأنه هو الذي اختار أن يموت في يوم اراد
ألا يحضره وهو صامت ساكن..
وكما هي
أفلامه التي كانت صوت الناس.. كان يوم وفاته الذي تلاقي فيه الحزن علي
وفاته وحزن آخر في انحاء المعمورة من أصحاب الأصوات المكتومة والملكومة.
خلال58
عاما سينما استطاع شاهين ان يجعل من أسمه قيمة ومن أفلامه علامة.. ساهمت
في اثراء الوجدان العربي والعالمي, فهو صاحب الأرض, وجميلة بوحريد,
والناصر صلاح الدين, والعصفور, وعودة الابن الضال, والمهاجر,
وحدوتة مصرية, واسكندرية كمان وكمان, وباب الحديد, وصراع في
الوادي, وسكوت هنصور, وكان خوفه من الفوضي والاستبداد آخر كلماته التي
قالها ورحل وهو سعيد وفرح بأن قدم هذا الفيلم وقال لي في حوار عن هي
فوضي: سعيد جدا لانني كنت أريد ان يظهر هذا الفيلم الي النور بأي شكل
لانني أري أن هذا الفيلم وقته وايامه.. والآن هو وقت تقديم هي فوضي,
لانه فيلم عن الناس وينتصر للناس ضد أي فاسد ومستبد.. فالفيلم عندما عرضه
علي المؤلف ناصر عبدالرحمن تحسمت له بشدة وقلت هذا وقته واثناء كتابة
السيناريو خلال عامين كنت أشعر ان الفيلم بيقول لي صورني ياجو.
شاهين
صاحب مدرسة سينمائية كبيرة تخرج فيها العديد من الفنانين والفنيين
والمخرجين.. فهو الذي جعل ماضيه مستقبلا في نظرة الاجيال لافلامه ونجح في
أن يجعل من35 شارع شامبليون مقر شركته صوت مصر في المهرجانات العالمية.
نال يوسف
شاهين عبر مشواره العديد من التكريمات والجوائز والأوسمة.. ولكنه لم يكن
يوما مغرورا أو بعيدا عن الناس وإنما كان يشعر بنفسه عندما يلتحم بقضايا
الناس!
وسألته
مرة عن نظرته لنفسه هل هي نظرة كبيرة وعظيمة كما يراه الجميع خصوصا أنه حصد
أعظم وأكبر الجوائز: قال من الأول وأنا حريص علي أن تكون اعمالي لها
صدي.. وان تصل للناس.. وأضاف لم أشغل نفسي يوما بأن أكون عظيما..
وانما اردت أن أقول كلمتي.. لأنني أري أن عظمة الانسان في اخلاقه ومواقفه
وانتصاره للناس.
شاهين
الذي لم يعد بيننا الآن, انتصر حيا وميتا.. انتصر حبا بخروج أفكاره
وأبداعه للناس, فنال التكريمات والجوائز وانتصر ميتا بمشاركة كل هذه
الحشود في جنازته مسئولين وبسطاء وكانت الكلمات الصادقة التي خرجت من
القلوب تنعيه من الكبار قبل البسطاء, أبلغ دليل علي قيمته الكبيرة في مصر
والعالم.. فالرئيس مبارك قال إن ابداع يوسف شاهين سيبقي في ذاكرة الوطن
وقلوب المصريين.. أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فقال إن الفن السابع
خسر برحيل واحد من أهم المدافعين عن حرية التعبير الفردية والجماعية في
افلامه.. وفي الوقت نفسه كان مرتبطا بوطنه الأم ومنفتحا علي العالم وسعي
من خلال افلامه الي دحض التعصب والاصولية.
وداعا
ياجو يامن كنت القدوة والمثل يامن انتصرت للانسانية في مواجهة الظلم
والاحتلال والتطرف.. فأنت الذي كنت تفتخر بمصريتك ووطنيتك وكنت تقول
مصريتي فوق كل شيء ستظل دائما في العقول والقلوب ستبقي أعمالك شاهدة علي
اخلاص إنسان انتصر للناس والحياة.
الأهرام اليومي في 30
يوليو 2008
العزاء في
استوديو نحاس
كما عاش
يوسف شاهين حياته كلها في بلاتوهات السينما, أصر أن ويكون العزاء في
رحيله داخل استوديو النحاس بمدينة الفنون بالهرم حيث شهدت بلاتوهات هذا
الاستوديو معظم ماصوره شاهين من أفلام.. ولعلها المرة الأولي التي يكون
فيها عزاء أحد مبدعي السينما الكبار داخل الاستوديوهات.
رحلة الحق
والخيروالجمال
يوسف
شاهين بكل المقاييس ـ رحمه الله ـ هو عميد السينما العربية وأحد كبار
المخرجين العالميين, والمخرج الأهم في تاريخ السينما العربية مبدعا
ومنتجا ومكتشفا وصاحب مدرسة وفكر ورؤية أسعدت الملايين لأنها ظلت تعبر عن
هذه الثلاثية الإنسانية الرفيعة: الحق والخير والجمال.
أفلام يوسف شاهين
-
بابا أمين ـ1950
-
ابن
النيل ـ1951
-
المهرج الكبير ـ1952
-
سيدة القطار ـ1952
-
نساء بلا رجال ـ1953
-
صراع في الوادي ـ1954
-
شيطان الصحراء ـ1954
-
صراع في الميناء ـ1956
-
ودعت حبك ـ1957
-
أنت
حبيبي ـ1957
-
باب
الحديد ـ1958
-
جميلة ـ1958
-
حب
الي الابد ـ1959
-
بين
يديك ـ1960
-
نداء العشاق ـ1961
-
رجل
في حياتي ـ1961
-
الناصر صلاح الدين ـ1963
-
فجر
يوم جديد ـ1964
-
بياع الخواتم ـ1965
-
رمال من ذهب ـ1966
-
الناس والنيل ـ1968
-
الارض ـ1969
-
الاختيار ـ1970
-
العصفور ـ1972
-
عودة الابن الضال ـ1976
-
اسكندرية ليه؟ ـ1978
-
حدوتة مصرية ـ1982
-
الوداع يابونابرت ـ1985
-
اليوم السادس ـ1986
-
اسكندرية كمان وكمان ـ1990
-
المهاجر ـ1994
-
المصير ـ1997
-
الآخر ـ1999
-
سكوت حنصور ـ2001
-
اسكندرية نيويورك ـ2004
-
هي
فوضي ـ2007
الافلام
القصيرة:
-
عيد
الميرون
-
سلوي
-
الانطلاق
-
القاهرة منورة بأهلها
-
2001/9/11 ـ لكل سينماه.
الأهرام اليومي في 30
يوليو 2008
|