فيلم يعكس حياة قرية عراقية في
صورة تلامس العواطف الإنسانية
«ليالي هبوط
الغجر».. أقلية مبعثرة ارتبطت بسلوكيات سيئة
دبي ـ عنان كتانة
في العراق
وتحديداً بعد السقوط ـ كما يصطلح المخرجون القادمون من هناك ـ كثير من
المتغيرات تداخلت وتزاحمت ملقية العبء فقط على كاهل الشعب المغلوب على
أمره، بكافة طوائفه ومكوناته، هذه الصورة تجمع عليها الأفلام العراقية
القادمة من بلاد الرافدين، مهما كان موضوعها أو طرحها، فالمشهد المعاش
أولاً وأخيراً يبقى فوضوياً وفاقداً للأمن، وهابطاً إلى أدنى مستوياته،
أسوة بـ «ليالي هبوط الغجر».
هذا
المسمى الأخير هو اسم لفيلم عراقي وثائقي يستعرض حياة قرية غجرية، تقع على
مقربة من مدينة الديوانية في جنوب العراق، ويلاحق في صوره التي أثارت
العاطفة على وجوه جميع من شاهدوا العرض ضمن فعاليات مهرجان الخليج
السينمائي المقام في مسرح دبي الاجتماعي في مول الإمارات، كل الأحداث التي
أتت على القرية وأبنائها بعد سقوط النظام السابق، في مناقشة للواقع السياسي
المتغير وتأثيراته السلبية على شرائح كبيرة من المجتمع العراقي.
قرية
غجرية
ليالي
هبوط الغجر فيلم للمخرج العراقي هادي موهود، الذي قال في حديث لـ «البيان»
عن فيلمه بعد العرض الذي استقطب إعجاباً كبيراً من الجمهور مساء أول من
أمس، إن الفيلم تطرق بشكل واضح وصريح إلى يوميات قرية غجرية معزولة،
محاولاً الكشف بشكل أوضح عن الجانب الإنساني لشخوص القرية، الذين تعرضوا
لظلم واضح من الآخرين، بمن فيهم النساء والرجال والشيوخ والأطفال.
المخرج
أكد أن الغجر وعلى الدوام مرتبطون في أذهان الناس بالسلوكيات السيئة،
الغناء والرقص والدعارة، فيما يلفت المخرج إلى أن المجتمع لم يكلف نفسه
لمعرفة حقيقة هؤلاء البشر من الناحية الإنسانية، فهم بشر من الواجب أن تتاح
لهم الحياة أسوة بغيرهم، دون النظر إلى العادات والتقاليد التي فرضت عليهم
من الأزل، ولا يزالون مأسورين لهم بفعل انغلاق المجتمع في وجوههم.
ومن وجهة
نظر المخرج، الفيلم كان فرصة لإطلاق المشاعر الإنسانية سواء في العراق أو
في الخارج، تجاه هذه الأقلية التي تعيش أيامها على غير النمط الذي تقبل به
أدنى طبقات البشر، مع السعي لخلق حالة صداقة بين المتلقي وشخصيات الفيلم من
النساء والأطفال والشيوخ والشباب.
الغجر كما
جاء في الفيلم، وكما صرح المخرج، أعدادهم قليلة، فهم بضعة آلاف ينتشرون في
قرى شبه مهدمة أو مهجورة في العراق، أكبر قراهم الحالية تضم بضعة مئات
السكان.
وكما أظهر
الفيلم، وكما هو معروف فإن الغجر يتعاطون الغناء والرقص والدعارة في
بيوتهم، وهذه الأمور تعد طبيعية للغاية بالنسبة للغجريين ذكوراً وإناثاً،
لأنهم وجدوا في هذه المنطقة بهدف التسلية والترفيه بالنسبة للآخرين، علاوة
على أن كافة الأبواب موصدة في وجوهم لنيل العيش الكريم، ووفي النهاية ليس
لهم أي مصدر للرزق سوى هذا المجال لبناتهم وزوجاتهم.
براءة
وجمال
المخرج في
فيلمه تجاوز تلك الأمور التي فتحت على هذه القلة الكثير من أبواب الشر
والطرد والقتل، وأبقى رسالته في محور الإنسانية، فهو الوحيد الذي طرق أبواب
هذه القرية باحثاً عن الحقيقة، وليس عن المتعة المباحة في بيوت الغجر
جميعاً، فالفيلم سعى منذ اللحظة الأولى إلى لفت الأنظار تجاه وجوه جميلة
مفعمة بالبراءة من الأطفال والنساء، وتحيطها شوائب كثيرة، وسلوكيات شائنة.
حاول
الشباب الغجريين الهروب من واقعهم بعد سقوط النظام، ولكنهم اصطدموا بجدار
من الرفض والمضايقات من أبناء العراق جميعاً، حيث ينظر إلى هذه الفئة بأنهم
أناس لا يستحقون الحياة، وأكثر ما يليق بهم هو توفير المتعة لمن يريد من
أهل المدن.
«ماهود»
يقر أن مضايقات العراقيين وازدرائهم للغجر جاء بفعل الممارسات التي تحدث في
البيوت ويقبلها ويتعايش معها الغجري والغجرية، وإن كان البعض من العراقيين
لا يزال يطرق أبواب الغجر بحثاً عن المتعة، وفي المقابل يرفض مجرد التحدث
مع غجري إن وجده في المدينة، بل وأكثر من ذلك يطرده ويلاحقه.
كما وأكد
أن همه ينصب كمخرج سينمائي من العمل التسجيلي الذي وفره هو فقط نقل الصورة
للعالم بحيادية مطلقة لا تنحاز إلا إلى الإنسانية، فهو يقر أنه سعى إلى
تقديم الغجر على أنهم بشر وأقلية صغيرة في العراق تعاني كما تعاني أقليات
وطوائف كثيرة من أبناء العراق بفعل التداخل والتنافس السياسي والحزبي
الحاصل.
المخرج
كما يؤكد «ماهود»، يبقى شاهد عدل على ما يجري أمامه، وبعد هذا الفيلم لا
يمكن القول سوى أن الغجر أناس جميلون يحبون الحياة، يحلمون ويضحكون
ويتألمون، ويتزوجون، لكنهم يتطلعون للدراسة ولا يمكنهم أن يستمروا، ويسعون
للانخراط في المجتمع فيرفضون، ويحاولون البحث عن مصدر للعيش فيقهرون، ولم
يتبقَ أمامهم سوى مهنة (الغناء والبغاء) يعتاشون منها دونما يشعرون بخجل أو
تردد أو أي شيء آخر.
البداية
والديانة
بحسب مخرج
الفيلم، فإنه يقال ان قسماً من الغجر أرسلوا قبل الإسلام كهدية من امبراطور
الهند إلى كسرى امبراطور فارس، وقد مارسوا دورهم في ترفيه الفارسي الحزين،
ولم يجدوا رعاية تكفي، فاضطروا للتشتت والهجرة، فراح قسم منهم لأوروبا
الشرقية، وقسم للعراق وآخر للهند، وهذه هي قصة وجودهم في بلاد الرافدين.
وكما هو معروف فإن الغجر وحتى اليوم، وفي أي مكان ينزلون به يدينون بديانة
أهل المكان.
البيان الإماراتية في 17
أبريل 2008
مهمته الوظيفية تمنعه من
حضور عرض فيلمه «دعاء»
عمر إبراهيم: الكاميرا لغتي المفضلة وسر تميزي في «سما دبي»
دبي ـ
البيان
عمر
إبراهيم شاب إماراتي يجيد التعامل مع الكاميرا من عدة زوايا، فهو مخرج
مزدوج في السينما والتلفزيون، شارك في العديد من المهرجانات داخل الدولة
وخارجها، حاز على أكثر من لقب أبرزها أفضل موهبة إماراتية في مهرجان دبي
السينمائي الدولي في دورته عام 2003.
هذا
المخرج الطموح يشارك في مهرجان الخليج السينمائي بفيلم قصير يحمل اسم
«دعاء»، لكنه ليس كنظرائه المخرجين سواء الإماراتيين أو القادمين من دول
الخليج العربي، وعلى الرغم من أن حضوره فعاليات المهرجان يتواصل يوميا أسوة
ببقية المخرجين المشاركين بأفلام قصيرة أو طويلة، إلا أنه لا يأتي بصفته
مخرجاً صاحب عمل سينمائي يشارك في المسابقة، وإنما لكونه مخرجاً يتولى
يومياً إخراج الرسالة اليومية لمهرجان الخليج السينمائي، فهو موظف رسمي
بمسمى مخرج تلفزيوني في فضائية سما دبي.
في أروقة
المهرجان مخرجون كثر، ومن مختلف الجنسيات الخليجية والعربية، واحد منهم
الشاب المواطن عمر إبراهيم الصامت في هيئته المفعم بالفن والحيوية والجدية
في عمله، نلحظه دائماً وسط الحاضرين عينه مشدودة نحو الكاميرا، يعطي
إشاراته للطاقم الذي يعمل معه في سما دبي، ويوجه المذيع والمصور نحو
البوصلة، ولا متسع أمامه من متابعة أبسط العروض التي يحتضنها المرجان
لانشغاله بالتصوير.
«البيان»
التقت عمر وتحدثت إليه بينما هو يوجه الكاميرا نحو هدفها باستمرار، حيث
أوضح أنه يتوق دائماً لمتابعة عروض أفلام المهرجان لكونه متخصصاً في هذا
المجال، ويشارك بفيلم في المسابقة، ولكن ظروف عمله تحرمه أحياناً من هذه
الفرصة، رغم أنه ينال بعض الأحيان فرصة استثنائية أثناء «البريك» فيتابع
فيلماً على عجالة ثم يعود إلى أدراجه لإكمال مشواره مع مهمته الوظيفية.
أكد
المخرج المتألق عمر أنه يشعر براحة وطمأنينة وهو يؤدي دوره التلفزيوني من
هذا الموقع، فهو يقدم خدمة إعلامية للشباب المخرجين، لا سيما المواطنين
منهم، ونظراً لكونه واحداً منهم فهو يدرك أهمية الدعم الإعلامي الذي يتطلبه
الإنتاج السينمائي، خاصة إذا وجد بجهود شباب صغار يحلمون بالنجومية
والإبداع.
يركز عمر
المخرج التلفزيوني في رسالته اليومية عن المهرجان على إبراز جميع المخرجين
الخليجيين، وإظهار الجهود التي قدموها في سبيل العمل الإخراجي، وكل يوم
يجتهد لإبراز وجوه جديدة، لكنه قال: بالتأكيد سيحظى الجميع بالظهور على
شاشة سما دبي، إلا أنا، نظراً لطبيعة عملي، وهذا أمر مقبول جداً بالنسبة لي
لأني أقدم خدمة أشعر من خلالها بحجم كبير من الرضا.
إضاءة
ينتظر
المخرج والإعلامي عمر إبراهيم العرض الأول لفيلمه القصير «دعاء» اليوم،
لكنه يخشى أن يسرق العمل منه الوقت، فلا يتمكن من متابعة فيلمه أسوة بغيره
من المخرجين، هكذا قال مازحاً.
البيان الإماراتية في 17
أبريل 2008
|