كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

أسامة أنور عكاشة «سيد الدراما»!!

طارق الشناوي

2015-05-31 06:05:25

 

بينى وبين أسامة أنور عكاشة كثير من المشاغبات الصحفية، كان أسامة فى مرحلة زمنية عندما يقرأ مقالا لى ينتقد عملا له، يسارع بالرد، وفى العادة الرد يستتبع أيضا التعقيب وندخل فى دائرة لا تنتهى.. ورغم ذلك فإن هذا التراشق الصحفى بيننا، لم يسفر إلا عن مزيد من التلاقى الفكرى والصداقة الوطيدة إلى درجة أننا ظللنا على مدى 15 عاما كلما أقامت «قصور الثقافة» لقاء رمضانيا لأسامة يتم اختيارى لمحاورته دون أن يقصد أو أقصد.

مرّ زمن وكان أسامة يكتفى بأنه قدم عملا فنيا، وهو الذى يتولى الرد بالنيابة عنه. اختلفت مع بعض مسلسلاته، ولكنى مع الزمن عندما تتحول النظرة الأحادية إلى تقييم بانورامى، أرى خريطة متكاملة لمدرسة متفردة، كان ولا يزال بالنسبة إلىّ هو الكاتب الدرامى الأول بحكم التراكم الذى حققه عبر السنوات بكل تلك القفزات، حيث لم -وغالبا- لن يستطيع أى كاتب آخر أن يصل إلى هذا الكم من النجاح، فهو الغزارة التى تمتزج بالثراء الإبداعى.

المبدع يخضع لحالات متباينة، أما الصورة الأخيرة التى أراها وقد اكتملت بعد أن وصل إلى خط النهاية تضعه فى مكانة الكاتب والنجم الأول بلا منازع، هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن يتجاهلها، ونستطيع أن نطبق عليها معيارا رقميا، فلقد كان هو الكاتب الأول الأغلى سعرا، الذى تباع المسلسلات باسمه، وظل حتى رحيله متمتعا بتلك المكانة الاستثنائية.

أسامة ابن الإعلام الرسمى، إلا أنه لم يكن يوما صوتا للدولة، كانت لدى أسامة قناعة بأنه صوت نفسه. وكثيرا ما اصطدم بالدولة.. حتى إن حلمه بتقديم فيلم عن حرب أكتوبر رغم أن كل المؤسسات السيادية قد وافقت ومنحت ضوءا أخضر للمشروع، فإن هجمة شرسة تعرض لها قالت إنه ليس ساداتيا، وأكتوبر هو انتصار السادات، فأجهضوا الحلم، كان أسامة يقول دائما إنه يقدم «أكتوبر» من خلال الجندى الذى حارب وليس رصدا للقادة الذين اتخذوا القرار.

أقام أسامة حدائق إبداعية مترامية الأطراف لها سور وأغلب من كتب دراما بعد أسامة أخذ من ثمرات هذه الحديقة، على الجانب الآخر كان أسامة يعتقد أنه لم يبنِ سورًا، ولكنه وضع علامات على الطريق، وحكى أن أحد أصدقائه قال له: لديك «زير» مثل السبيل الذى يوضع مجانا على الطريق للعطاشى، وكل من جاء بعدك ألقى «كوزًا» وأخذ ما تيسر!!

قلت لأسامة فى آخر برنامج تليفزيونى سجله وقدمته الإعلامية عزة مصطفى «لو أنك مسافر إلى رحلة الخلود ووضعت فى حقيبتك كل مسلسلاتك البالغ عددها 43، ولكن المسؤول عن إنهاء الإجراءات طلب أن تتخلص من ثلاثة لأن الوزن زائد»، على الفور تشكك أسامة فى براءة السؤال، وقال لعزة «طارق يقصد أكثر من ثلاثة مسلسلات»، فطلبت منه المذيعة أن يذكر أسماء، فأجابها أنه سوف يترك الحقيبة كلها ويصعد إلى الطائرة غير مثقل بهذه الأحمال، ويكتب هناك فى عالم الخلود من أول وجديد.

ثم استدرك بعدها قائلا إن من بين كل هذه المسلسلات سوف تعيش له فى التاريخ 20 مسلسلا، وأتصور أن الرقم الحقيقى يصل إلى 30 استطاعت بالفعل أن تتحدى الطبيعة الاستهلاكية لدراما الشاشة الصغيرة.

أقرب مسلسلاته إلى قلبه «ليالى الحلمية»، أما أكثرها جنوحا فى الخيال وتمردا «أنا وأنت وبابا فى المشمش»، والشخصية الدرامية التى لا ينساها «فضة المعداوى» فى «الراية البيضا»، إلا أن المسلسل الذى أحزنه كثيرا فهو «التعلب فات»، كان أسامة يرى فى السيناريو دخولا إلى منطقة كوميدية غير مطروقة تُقدم بسمة مغلفة بروح الطفولة، هكذا كان يتخيله على الورق قبل أن يغتاله التنفيذ، خصوصا أنه بطولة العملاقين محمود مرسى ويحيى الفخرانى، هكذا باح لى أسامة فى لحظة فضفضة.

توافقت ذكرى أسامة أنور عكاشة الخامسة، ونحن على مشارف دراما رمضان، ولا نزال نفتقد السيد!!

 

«القات» وإسماعيل يس!!

طارق الشناوي

2015-05-30 06:29:19

أصبح اسم «القات» مرادفا للشعب اليمنى مثلما صارت كلمة «السعيد» مرتبطة باليمن، ولكن هل من الممكن أن تتوافق السعادة مع كل هذا الخضوع والرضا الاجتماعى بالتعاطى اليومى لنبات مخدر، يحيل الجميع إلى بشر خارج الحياة؟

قبل يومين استمعت إلى تسجيل نادر لإسماعيل يس فى حفل أقامته الإذاعة المصرية فى اليمن احتفالا بعيد الثورة الثانى اليمنى عام 1964، أعاده من الأرشيف الإذاعى اللامع المدقق إبراهيم حفنى فى برنامجه «منتهى الطرب»، احتفالا بذكرى إسماعيل يس، قدم مذيع الحفل إسماعيل باعتباره نجم العالم العربى الأول فى الكوميديا، وبالفعل كان ولا يزال «سُمعة» يتمتع بتلك المكانة، وقبل أن يبدأ فقرته ووسط حفاوة جماهيرية غير مسبوقة، أحالها الصوت المنبعث من الراديو من فرط صدقها إلى صورة، قال إسماعيل يس للآلاف إنه التقى الرئيس اليمنى المشير عبد الله السلال فى مسكنه ووجده بيتا متواضعا، وسأله: لماذا لا تسكن فى قصر؟ فأجابه: إحنا أقمنا الثورة عشان الشعب اليمنى يسكن فى القصور، وليس من أجل أن يسكن رئيس الجمهورية فى القصر. وأضاف سُمعة أنه يوجه رسالة إلى اليمن كلها رافضا حكاية التقسيم بين شمال وجنوب، وكان قد سبقه بالغناء محمد قنديل برائعته «وحدة ما يغلبها غلاب» التى كتبها بيرم التونسى، ولحنها باقتدار وروعة عبد العظيم عبد الحق، وبها هذا المقطع: «أنا قاعد فوق الأهرام وقدامى بساتين الشام» فكان يغيرها إلى «وقدامى تعز والشام» أو «صنعاء والشام» و«عدن والشام»، مؤكدا الوحدة بين شطرى اليمن.

وبينما قنديل اكتفى بالغناء للثورة والوحدة، فإن إسماعيل يس بكل جرأة انتقد تعاطى «القات»، وهى قضية شائكة وحساسة، ولكن نجومية إسماعيل يس سمحت له بذلك، مأزق «القات» أن الشعب تقريبا كله يتعاطاه يوميا، وهناك رضا وغطاء اجتماعى لا يرى أى ضرر، بل هو يوحد اليمنيين فى توقيت محدد يبدأ من الواحدة ظهرا ويمتد الى ما شاء الله.

«القات» مادة مخدرة لم يجرؤ أى حاكم يمنى عبر التاريخ على مواجهته. الغريب أنهم تقبلوا ذلك من إسماعيل يس. كل رؤساء اليمن السابقين يعتبرون «القات» هو «الذهب الأخضر»، لأنه يضمن لهم شعبا مستسلما كسولا، الأراضى الزراعية فى اليمن السعيد تتقلص فيها مساحات زراعة البن والفواكه والخضراوات لصالح «القات»، لأنه يُدر أموالا أكثر، آفة تهدد شعبا بأكمله وتمنعه من الحياة الطبيعية.

داخل اليمن هناك من يقاوم وتوجد جمعيات توعية تتصدى، لكنها تُقابل برفض من الدولة وقبل ذلك بثقافة شعبية ترى فى «القات» وتعاطيه عادة حميدة، خصوصا مع انتشار البطالة فى اليمن، فما الذى يفعله الشباب سوى جلسات «القات».

شاهدت عشرات من أفلام تسجيلية يمنية تناولت الثورة وبعضها وصل إلى حدود الأوسكار لأفضل فيلم أجنبى، ووجدت فيها إصرارا على التغاضى عن «القات»، ترى الثوار أو جزءا وافرا منهم وهم يمضغونه داخل الخيام، وهم يدخنون الشيشة، وكل منهم لديه صدغ متورم بفعل المساحة التى يحتلها «القات» فى فمه، مما يجعلك تتشكك فى جدوى الثورة التى يقودها مغيبون.

لماذا لا نسمع أصواتا ترفض؟ لأن الكل يريد إرضاء الشعب، الدولة التى تتعرض لخطر اجتماعى يجب أن يظهر من بينها قائد يتصدى، مثلما حدث فى الصين وحرب الأفيون التى نجحت فى التخلص من هذا الإدمان فى مطلع القرن الماضى، صحيح أن مخاطر الأفيون لا تقارن أبدا بـ«القات» الأقل ضررا، ولكن لا أحد ينكر خطورته.

كل الثورات التى قامت بداية من تلك التى قادها عبد الله السلال فى مطلع الستينيات، والتى لعبت مصر دورا محوريا فيها، لم تقترب من تلك المنطقة الشائكة، ولكن فعلها نجم العالم العربى الأول إسماعيل يس، ستصمت المدافع وتخرس كل دعاوى الفرقة عندما يدرك هذا الشعب العظيم كم كان يحبهم «سمعة»!!

 

«فانوس» السيسي!

طارق الشناوي

2015-05-29 06:10:38

فى الأسواق ومنذ العام الماضى فانوس به ملامح الرئيس عبد الفتاح السيسى. فى رمضان الماضى حقق الفانوس أرقاما قياسية فى التوزيع والتداول، وكان هو الأغلى سعرا، معبرا عن حب المصريين لرئيس تجسد فيه كثير من الآمال والأحلام، بعد أن تخلصنا فى ثورة 30 يونيو من كابوس جثم على صدورنا. كان بالفعل هو الفانوس الأول فى السوق، وسبقه شيكولاتة السيسى وبلح السيسى، وكلها وسائل فى التعبير عن الحب، من فرط التماهى أطلقوا عليه أحيانا فانوس «قلب الأسد»، لارتباط اسم السيسى بالشجاعة، الفانوس وارد الصين، وكان يحمل عدة أشكال، ولكنها حافظت على زى المشير عبد الفتاح السيسى حتى تتوافق مع اللحظة التاريخية التى ارتبطت به قائدا للجيش، وكان أيضا لأغنية «تسلم الأيادى» باعتبارها فى تلك الأيام هى المعادل الموضوعى للسيسى نصيب كبير من الحضور، كما تم رسم صورة السيسى يدويًّا على الفانوس المحلى «أبو شمعة».

تاريخ مصر مع الفوانيس التى تحمل ملامح الرئيس لم نعرفه إلا مع السيسى، ولكننا عرفنا «البلح السياسى» فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، عندما أرادوا تسويق جمال مبارك جماهيريا، رغم أنه لا يتمتع بأى كاريزما، وأطلقوا على نوع مفتخر من البلح اسم جمال، ومن الممكن أن ندرك ببساطة أن مثل هذه الأمور كانت تتم بتعضيد من الأجهزة الأمنية، التى كانت خاضعة لمؤسسة الرئاسة. مستحيل فى بلد كان يخطط لصالح العائلة التى أرادت أن ترث مصر، أن يصبح الأمر مجرد فكرة عابرة، بقدر ما كانت الدولة بكل أجهزتها تسعى لتسليم مفتاح مصر على المحارة لابن الرئيس، فقررت أن تجس النبض بـ«شوال» من البلح!!

دعونا، قبل أن نوغل أكثر، نعود مرة أخرى لفانوس السيسى، ماذا لو كان هذا الفانوس قد شاهدناه فى زمن جمال عبد الناصر؟ المؤكد أنه كان سيسحق كل الفوانيس الأخرى، كانت مصر ترى نفسها فى عبد الناصر، بل أزيدكم من الشعر بيتًا وأقول إن محمد نجيب كان يتمتع بكاريزما استثنائية، وهو الرئيس المصرى الذى لم يتم الغناء باسمه سوى مرة واحدة مونولوج «20 مليون وزيادة» لإسماعيل ياسين، وبه مقطع مباشر «الجيش ونجيب عملوا ترتيب»، لاحظ كلمة ترتيب ليست لضبط القافية حتى تتوافق فى الجرس الموسيقى مع نجيب، ولكن لأننا فى 23 يوليو لم نكن نعرف ما التوصيف الصحيح لما حدث، فاعتبروه «ترتيبا»، وبالطبع «20 مليون وزيادة» هم عدد سكان مصر وقت الثورة.

نعم كان نجيب سيحقق أرقاما قياسية فى مبيعات الفوانيس، والدليل أن تنظيم الضباط الأحرار فى مارس 54 عندما أرادوا التخلص منه، تراجعوا أمام غضب الجماهير، وأتصور أن الرئيس أنور السادات لو لحق هذا الزمن لحقق فانوسه أرقاما غير مسبوقة، خصوصا بعد انتصار 73، ولكن مع مبارك لم يحدث له هذا التماهى الجماهيرى، فهو الرئيس الموظف، ولكن كان صفوت الشريف ومن بعده أنس الفقى فى نهاية كل رمضان سيعلنان انضمام كل القنوات التليفزيونية لإذاعة هذا البيان المهم وهو «أن فانوس مبارك حطم أرقام المبيعات تحطيمًا»! أما مرسى فلقد كان تنظيم الإخوان سيصدر فتوى «بأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار» ويلغى تماما تداول تلك الفوانيس!

هل لا يزال فانوس السيسى، سواء الصينى أو المحلى، له نفس الحضور فى الشارع المصرى؟ حتى السيساويون يدركون أن الرئيس لم يعد يتمتع بنفس الحضور، هناك كثير من الاستحقاقات والآمال التى ارتبطت بفانوس السيسى فى رمضان 2014، لن تتحقق فى رمضان 2015.

مجرد أن يظل الرئيس فى شارع الفوانيس له حضوره، هى ظاهرة تستحق التوقف، خصوصا أنه يتم عرضه مع عديد من الفوانيس التى عبَّرت عن علاقة الناس بالميديا، مثل فانوس أحمد مكى «الكبير قوى» و«أبلة فاهيتا» وشاكيرا وكولومبو وغيرها.

السيسى لا يزال يشغل مساحة فى الوجدان المصرى، ولكن حجمها، وما الدلالات السياسية والاجتماعية والنفسية التى تعنيها، هذا هو ما ينبغى أن نحيله بعد رمضان إلى أرقام!

 

عادل إمام من 25 إلى 30

طارق الشناوي

2015-05-16 18:10:21

هل سيضطر عادل أمام للأدلاء برأيه مباشرة وبلا مواربة في ثورتي"25 يناير" و"30 يونيو"، يبدو أن ذلك بات وشيكا في الأيام القادمة، كل المعلومات المتوفرة عن مسلسله القادم "استاذ ورئيس قسم" تؤكد أن الاحداث تتحرك داخل إطار زمني يتناول الثورتين.

من الناحية النظرية الممثل لا يتحمل رأي ورؤية وقناعات الشحصة الدرامية التى يؤديها فهي مسؤلية الكاتب والمخرج ،وإلا كان علينا اعدام المليجي وعادل أدهم وتوفيق الدقن عشرات المرات بذنب من قتلوهم على مدى نصف قرن في الافلام ، هذا هو الجانب النظرى ولكن عمليا الناس تحمل الممثل كل التبعات حاصةعندما يتعلق الأمر بثورة مثل 25 يناير ،باتت تحت مرمي النيران خلال السنوات الأخيرة ،ومع تواجد الوجه الأخر للصورة وهو حضور حسني مبارك وحصوله هو ورجاله وابنيه على البراءة في أكثر من قضية.

عادل موقعه في الدولة بعد الثورة بات ملتبسا ،والشباب عبر اليوتيوب شير له دعمه للرؤساء الثلاثة مبارك ومرسي والسيسي، عادل محسوب على زمن مبارك ، صحيح لحق وهو في بداية مشواره الفني السنوات الست الأخيرة من زمن عبد الناصر وشهدت الاعوام التي حكم فيها السادات بداية تألقه وتربعه على القمة ،ولكن مع مبارك كان هو الواجهة والعنوان الرئيسي وبلا منافس حقيقي .

لا يمكن لأحد إغفال أنه يمتلك موهبة استثنائية وحقق نجاحا استثنائيا يدخل ببساطة لموسوعة الأرقام القياسية " جينس" ،40 سة على القمة الجماهيرية والرقمية في السينما والمسرح، وعندما توجه للتليفززيون قبل أربع سنوات ظل هو صاحب الأجر الأعلى في دراما الشاشة الصغيرة والفارق شاسع مع الثاني "كريم أو السقا" .

الرقم هنا له دلالة مباشرة على أنه لا يزال الجاذب الأول للاعلانات وبالتالي لكثافة المشاهدة، كان لى عددا من الملاحظات السلبية على تلك المسلسلات ،ولكننا هنا نتحدث عن جمهور يختار بإرادة حُرة ما يريده ولا يمكن تزييف إرادته .

عادل لا يصطدم بالسلطة ، فهو مدرك أنه يستند الى قاعدة جماهيرية والى شباك تذاكر ديمقراطي يصوت لصالحه كما أنه يحيط موهبته وصعوده الجماهيري بعقل واع يراجع كل التفاصيل ، إلا أن عادل بقدر ما يعني صعوده تعبير مباشر عن اختيارات الشارع فهو أيضا يقدم للدولة رسائل تؤكد أنه معها ، يخشى أن يصطدم بها ،فكان هو مثلا أكثر المؤيدين بالصوت والصورة لتوريث الحكم لجمال لأنه أيقن ان هذا هو رأي السلطة فقرر أن يقدم لها ما تريده وزيادة .

كان الأختبار الأول له مع ثورة 25 يناير ،في البداية ناصبها العداء ولكن عندما باتت حقيقة قال أنه كان يتمنى أن يشارك فيها لولا أنه كان يخشى أن تلحقه عصا أو طوبة ، كانت المظاهرات تطالب بإسقاط ليس فقط ملف التوريث ولكن مبارك وهكذا كان موقفه المعلن هو اسقاط مبارك ، الان مع بدايات خروج مبارك من هذا الحصار تغيرت بالضرورة قناعات عادل في البرامج والحاديث الصحفية ، وبدأت تحمل قدر ا من التقدير والتعاطف بل تصل الى حدود التجليل أحيانا لمبارك .

من الذي سيقول رأيه في المسلسل عن الثورتين "الاستاذ ورئيس القسم " الذي يؤدى دوره عادل امام ،أم انه عادل امام شخصيا وهل المشاهد سيفصل حقا بينهما؟!

 

 

 

 

مهرجان «أبو ظبي» وإسدال الستار!!

طارق الشناوي

2015-05-09 03:48:29

كان القرار مفاجئا لنا جميعا، وأتصور أيضا أن إدارة المهرجان فوجئت بالقرار، كانوا يستعدون للمشاركة فى «كان» بعد 48 ساعة فقط بإقامة جناح تعودوا على إنشائه فى السنوات الماضية، وقبلها فى فبراير الماضى تزاملنا فى مهرجان برلين، كانوا يتابعون الأفلام لاختيار الأفضل، ولتوقيع الاتفاقات للعرض فى الدورة القادمة التى تحمل رقم «9»، كان بالفعل قد تحدد موعد الدورة فى الأيام الأخيرة لشهر أكتوبر، هل وضع هذا القرار كلمة النهاية لتظاهرة بات لها وجودها الخليجى والعربى والعالمى المؤثر، أم أنها مجرد سحابة عابرة؟

تستطيع أن تقول الآن إن المنصات السينمائية العربية نقصت واحدا، المهرجان لم يغفل قَطّ تأكيد هويته العربية بالأفلام والمشاركات الرئيسية والهامشية والتكريمات ولجان التحكيم.

تابعت المهرجان منذ انطلاقه الأول عام 2007 بإدارة الإعلامية نشوى الروينى، وكانت تنظمه «هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث»، ثم انتقل إلى خبير المهرجانات الأمريكى بيتر سكارليت، وبعدها ومع تغيير الإشراف إلى المنطقة الإعلامية لأبو ظبى «توفور 54» قررت الإدارة بشجاعة إسناد المهرحان إلى واحد من أبناء دولة الإمارات وهو الممثل والمخرج على الجابرى، الذى كان قد أشرف قبلها على مسابقة «أفلام الإمارات»، وكان معه مشرفا على القسم العربى الباحث السينمائى انتشال التميمى، وفى ذلك العام (2012) تمكن المهرجان من عبور شائعات طالته بالإلغاء ونجح برشاقة فى عبور المأزق، فكان له البقاء بثلاث دورات مميزة من خلال حرصه باختياراته السينمائية على التفرد وأيضا بتكريماته التى كان دائما للمصريين قسط وافر منها. الجابرى تجده حاضرا ومتفاعلا ودارسا لكل التفاصيل، كثير من الزملاء ممن لم يشاركوا فى المهرجان يعتقدون أن البذخ المادى هو سمة المهرجان الخليجى، والحقيقة هى أن كل التفاصيل تخضع لمعادلة اقتصادية مقننة بدقة تعرف بالضبط أين تتوجه الميزانية.

الإعلان المواكب لتوقف المهرجان أكد أن السياسة قد تغيرت من إقامة المهرجان إلى دعم الأفلام، رغم أن التوازن كان قائما بين الدعم الموجه للأفلام وإقامة المهرجان، بل كان المهرجان قد تخلى فى دوراته الأخيرة عن دعوة نجوم عالميين بعد أن زادت مطالبهم المادية، قسط وافر من الأفلام المشاركة بالمهرجانات ستجد أن صندوق «سند» التابع لنفس الإدارة هو الذى يدعمها من البداية، وقد يدخل كشريك فى أثناء التنفيذ أو قبل الانتهاء منها، الإعلان أكد أن الدعم كله سيتوجه إلى الأفلام العربية والخليجية، وهو ما يعيدنا فى الحقيقة إلى المربع رقم واحد، الذى حمل معه نفس السؤال منذ الدورة الأولى لمهرجان «دبى» الذى قص شريط افتتاح مهرجانات الخليج عام 2004.

كان الحاجز الذى واجهه هو تلك المعضلة الأزلية «البيضة أم الفرخة؟»، أى نصنع فيلما أم نقيم مهرجانا؟ أيهما أسبق؟ وتغلبت فى نهاية المطاف النظرة التى ترى أنه لا تعارض، وأنجبت المهرجانات أفلاما، وصار هناك دائما مسابقة موازية سواء فى «دبى» أو «أبو ظبى» أو «الدوحة» للسينما الخليجية، وهناك أيضا مسابقة للسينما الإماراتية، بل شهدت الدورة الأخيرة لأبو ظبى عرض فيلم إماراتى فى الافتتاح «من ألف إلى باء» للمخرج على مصطفى.

كان كل شىء يجرى بحساب دقيق، وهو أن الهدف الأسمى أن يصب المهرجان لصالح السينما الإماراتية والخليجية، ثم تتسع الدائرة لتصل فى حدودها النهائية إلى السينما العربية.

الساحة العربية والخليجية تحديدا انتعش فيها عديد من المهرجانات فى السنوات العشر الأخيرة، وكانت الكويت قبل بضعة أشهر تستعد لإطلاق الدورة الأولى لمهرجانها السينمائى، الذى كان أيضا يحمل بداخله توجها عربيا، هل الستار بالفعل تم إسداله عن مهرجان «أبو ظبى» أم أن الأيام تحمل نهاية أخرى؟ دعونا ننتظر.

 

 

قمر "الأب والأبن"!!

طارق الشناوي

2015-05-08 21:30:08

مثل الكسندر ديماس "الاب والابن "أصبح لدينا ٌقمران " الأب والأبن" ، أتابع بشغف ما يكتبه قمر "الابن" الشهير بأيمن بهجت قمر على صفحات الأخبار عن شقة الدقي التى عاش فيها وهو طفل صغير مع الأب " بهجت قمر " ، كثيرة هى المعلومات والومضات والأسرار التى التقطها الابن ورصدها بعين ومشاعر الطفل ، ولكنى أتوقف أمام الكتابة من الباطن التى مارسها الأب ، القضية ليست جديدة ولكننا بين الحين والأخر نتابع بعض وقائعها ، فهى من وجهة نظري جريمة لا تغتفر ، الطرفان فيها متعادلان في الإدانة من يكتب أو يلحن مقابل أجر ومن ينسب لنفسه "جينات" فنية حرام، كنت قد قرأت مجدداً مذكرات نجيب الريحاني التي أصدرتها "دار الهلال" بعد رحيله عام 49 بعدة سنوات ، ذكر الريحاني كيف التقي ببديع لأول مرة حيث أن نجيب كان قد اختلف مع أمين صدقي كاتبه الأثير قبل بديع ،فلجأ لأحد أفراد الفرقة وهو في الحقيقة لم يكن يمتلك موهبة بل كان يستعين من الباطن بكاتب ناشئ وهمس أحدهم في أذن الريحاني باسم بديع خيري وعلى الفور التقاه نجيب، وكان يصفه بأنه كان خجولاً وأذاب نجيب هذا الخجل وكونا معاً واحداً من أهم إن لم يكن أهم ثنائي عرفته الدراما المصرية سينمائياً ومسرحياً.

قبل أكثر من ستين عاماً كان هذا هو القانون السائد في الدراما السينمائية، الكاتب الكبير بهجت قمر، كان يمارسها في بداية مشواره مطلع الستينيات، والغريب أنه ظل حتى رحيله يكتب من الباطن، كان بهجت قد صار اسماً كبيراً في دنيا الدراما ولكن بعض المخرجين من أصدقائه كانوا يلجئون إليه لكي يصلح السيناريو أو المسرحية، وخاصة الحوار وكثيراً ما كان يضيف مشاهد رئيسية ليحمل الفيلم أو المسرحية جينات "قمرية".

سألت أيمن هل ناقش أبيه، قال كثيرا ما أعترضت وهددته بالامتناع عن الأكل، لهذا فإن مسرحيته الأخيرة "ريا وسكينة" حملت فقط أسم بهجت قمر، الذي صار علامة مميزة على خفة الدم والأريحية والابداع !!

 

سلمي حايك من بيروت للقاهرة!

طارق الشناوي

2015-05-08 21:25:27

تجد في كتاب "النبي" لجبران خليل جبران كل الحياة رغم أنه في الحقيقة يعلو على كل مظاهر الحياة، يبدو وكأنه يٌمسك بضوء الحقيقة في قبضة واحدة لتنير حياة البشر أجمعين وهكذا بعد أكثر من 90 عاما لا يزال كتاب "النبي" هو واحدا من أكثر الكتب تداولا في العالم .

فهو أحد أهم كنوز الانسانية عبر كل العصور صُدر بأكثر من خمسين لغة البطل الذي يروي الحكاية هو " مصطفي " ورغم ذلك لا يتناول حياة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، فهو ينهل من سيرة كل الانبياء وتلمس فيه روح كل الأديان ، حيث روح الخقيقة وفيض التسامح .

مصطفي هو المعبر عن أفكار جبران خليل جبران ، ولا يمكن أن تجد أمامك سواه وهو يضع خلاصة أفكاره في هذا الكتاب الذي لا يتناول الحياة ولكن روح الحياة .

بعض البشر أختصهم الله بشئ من قبس النور ليشعوا به على الناس، لا لون ولا دين ولا جغرافيا ولا تاريخ قبل أو بعد الميلاد ميلادي أم هجري ، لا ابجدية لا تينية أو عربية أنه نور النور ، تستطيع أن تُمسكه بيديك لو أمتلكت شفرة التواصل وهو ما أستطاع جبران أن يرنو إليه ، ولم يكن أنانيا فمنحه للبشرية كلها.

بفيلم رسوم متحركة قررت سلمي حايك الفنانة اللبنانية الأصل المكسيكية الاقامة البريطانية الجنسية أن تُقدم من انتاجها وأيضا بصوتها ومضات من كتاب " النبي " ، المشهد الاساسي هو السفينة التى تعني الخلاص حيث ينتظرها مصطفى لكي يعود الى أرضه بعد عشر سنوات قضاها مقيدا داخل حجرة ومعه فقط ريشته وقلمة وأوراقه يرسم ويكتب مشاعره ، أنهم يفسرون كلماته برؤية ثورية تدعو للتمرد بينما هو يوقظ الارواح .

يُعرض هذا الفيلم حاليا في بيروت هل من الممكن أن نراه في مصر بدون أن يثير تحفظات الازهر الشريف أشك ، وأتمنى ألا تصدق شكوكي ؟

"النحلة تعتقد ان الزهرة ينبوع الحياة والزهرة تؤمن بأن النحلة هي رسول المحبة فلنكن في لذاتنا كمثل النحل والزهور" ،أنها واحدة من ومضات جبران لم أجد أرق وأعمق وأبدع منها لنهاية تلك الومضة .

 

آمال ماهر حطمت فروق التوقيت!!

طارق الشناوي

2015-05-08 21:23:17

يظل النجاح رهينا بالموهبة هذه حقيقة، ولكن أيضا بالعصرية، أن تصالح الزمن وهذا هو ما كان يعوز أمال ماهر قبل أن تنطلق قبل سنوات قلائل وتحطم الشرنقة الكلثومية وهكذا استمعت إليها في شريطها الأخير لتثبت أنها ابنة للألفية الثالثة.

أرادوا لها في البدايات أن تعيش زمن أم كلثوم و أنتصرت أخيرا لزمنها وأيامها مع الشاعرين أيمن بهجت قمر ونادر عبد الله والملحن وليد سعد الذين كان لهم البصمة الأهم.

آمال آول مطربة اراد حسني مبارك أن تُنسب لعصره عندما أمر الأذاعة المصرية بتبنيها ومن حسن الحظ أن الأمر لم يستمر طويلا ، وهو ما دفعه بعد ذلك لتبني ريهام عبد الحكيم ،رؤساء الجمهورية في مصر كان لهم حسا فنيا أقلهم مبارك ، جمال عبد الناصر كلثومى المزاج الا ان هذا لم يمنعه فى ايامه الاخيرة من الحماس لصوت عفاف راضى وطالب الاعلام بتبنيها .. السادات كان يعشق صوتى أم كلثوم و فريد الاطرش ويفضل الحان بليغ حمدى ولكنه تحمس لصوت ياسمين الخيام استجابة لرغبة زوجته جيهان السادات .

امال ماهر كان بينها والناس حاجزا زجاجيا وكأنها تحفة فنية وممنوع اللمس هكذا كنا نسمعها ونراها في البدايات ، لم تستسلم تماما كانت بين الحين تحاول ان تحطم حالة البرودة بينها و الناس حتى أقتربت وسكنت المشاعر.

أمال واحدة من أجمل وأروع وأقوى الأصوات العربية التي ظهرت في السنوات الأخيرة.. الصوت مثل وجه الإنسان أنت لا تعرف الوجوه باعتبارها جميلة أو قبيحة ولكن الوجوه أساساً ملامح وقسمات نتعرف أولاً على الوجه وبعد ذلك من الممكن أن نصفه بالجمال ،آمال بدأت قبل 15 سنوات استوقفت الموسيقار صلاح عرام لأنها كانت تقلد أغنيات أم كلثوم ثم استحوز عليها عمار الشريعي..الذب لحن لها بعض الألحان الخاصة ، مثل "عربية يا أرض فلسطين" فلم تخرج عن الإطار الكلثومي ، حاولت قبل عشرة أعوام تحطيم هذا القيد بألحان لحلمي بكر وباءت المحاولة بالفشل الذريع.. ثم غنت زمنها وعمرها فحطمت فروق التوقيت !!

 

نزار قباني والانتقام!!

طارق الشناوي

2015-05-08 21:05:51

مرت ذكراه السابعة عشر قبل أيام، نزار ليس مجرد شاعرا كبيرا بل كان هو الناطق الرسمي بأحوال العرب الوطنية والعاطفية ،وعلى مدي يقترب من نصف قرن ستجد دائما حروف نزار تنزف مع جراحنا الغائرة وتبتسم لانتصاراتنا العابرة ، احدث ثورة في مفردات اللغة لينقلها من قصر الفخامة والأبهة الى شارع الحياة والصعلكة .

عندما عشنا الهزيمة في 67 كتب "هوامش على دفتر الهزيمة "، كان نزار وقتها هو الشاعر الأول في عالمنا العربي وأيضا كانت قصائده محط اهتمام الجميع من اهل للفن للفوز بها ، وكالعادة حاول شاعر مصري معاصر لنزار أن يتصيد له حتى يمنعه من دخول البلاد وليس هذا فقط ولكن أن تمنع قصائده من التداول بعد أن احدثت فصيدته" أيظن" التى لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب وغنتها نجاة ، نجاحا مدويا في الشارعين المصري والعربي ثم تبعها مباشرة ب "ألف أهواه "ايضا مع نجاة وتلحين عبد الوهاب وناله ضربات متلاحقة تحت الحزام من هذا الشاعر الحاقد الذي قال انه تجاوز في حق الزعيم جمال عبد الناصر مستندا الى تلك الأبيات .

السر في مأساتنا / صراخنا أهم من أصواتنا/ وسيفنا أطول من قامتنا/ إذا خسرنا الحرب فلا غرابة/ لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة/.

واستغل اقترابه بحكم عمله في الصحافة والاذاعة والتليفزيون ووصل الى صانع القرار فتقرر منع قصائده من التداول ، ثم أكتشفنا أن جمال وهو اخر من يعلم فهو الذي أنقذ في نهاية الامر الموقف بعد أن وصلته رسالة من نزار وأعاد أسمه وقصائده للتداول في الاذاعة وغنت له بعدها مباشرة أم كلثوم من تلحين عبد الوهاب أيضا " أصبح عندي الأن بندقية " وهي قصيدة تحمل روح المقاومة ، الغريب في الأمر أن الشاعرإياه لم يكن عديم الموهبة ولكنه ناظم للشعر أكثر من كونه شاعرا ، برغم أن أم كلثوم غنت له وعبد الحليم وفايزة أحمد ووردة وفريد وعادل مأمون ،ولكنه لم يستطع أن يصل الى قامة نزار فقرر اقصائه أنه من هؤلاء الذين يتصورون أن بقاءهم مرهونا فقط بإزاحة الأخرون وهكذا مات هذا الشاعر الذي كان وقتها على قيد الحياة بينما عاشت ولا تزال حروف نزار فينا ومعنا!!

 

الدكتوراة تحصل على شادية!!

طارق الشناوي

2015-05-08 21:00:16

التقيت بها مرة أو اثنتين فقط في منزل الموسيقار الكبير الراحل محمود الشريف كانت تطلق عليه اجلالا وتقديرا " خوفو" الموسيقي ،بينما كانت هى الفنانة والانسانة الأقرب الى أنغامه ومشاعره ، بعد أم كلثوم لم ير الشريف في أصوات النساء سوي ليلي مراد وشادية ، كانت شادية تشترط كعادتها أن اللقاء ليس للنشر، وأتذكر أنها كانت في تلك السنوات مطلع الثمانينيات تحفظ لحن "غربتني الدنيا عنك" وسجلته بالفعل بصوتها على عود الشريف ، ولكن في اللحظات الأخيرة تراجعت وغنته ياسمين الخيام ، لكن اللقاء بينهما لم ينقطع فهي أبنته وظلت الأقرب إليه في عز معاناته الصحية خلال الأشهر الأخيرة من حياته.

كان صوت شادية "يا حبيبتي يا مصر" هو الضوء الذي سرى في وجدان الثوار مع بداية ثورة اللوتس وعاد صوتها مجدداً بعد عامين ليضمد الجراح في بورسعيد الباسلة في زمن عبد الناصر التى صارت ثائرة في زمن مرسي وهي تقول "أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد لتبوس لي كل إيد".

قبل أيام حصلت شادية على الدكتوراة الفخرية من أكاديمية الفنون بالهرم بالتأكيد الدكتوراة حصلت على شادية والعكس غير صحيح ، شادية كانت ولا تزال تُضمد جراحنا العاطفية ، وهي التى كنا ولا نزال نردد معها " يا حبيبتي يامصر " ، تفضل شادية دائماً الهدوء وليس هذا الأمر مرتبطاً بقرار الاعتزال الذي اتخذته قبل أكثر من ربع قرن ، شادية بطبعها عزوفة عن أجهزة الإعلام ولن تجد في أرشيفها المقروء والمسموع والمرئي إلا القليل جداً ، فهي تترك للأخرين مهمة الكتابة والتقييم ، بل أنها على مدى تارخها الفني الطويل والعميق والمشرق ناءت بنفسها على الدخول في أي صراع شخصي أو فني .

عندما اعتزلت قبل نحو 30 عاما كانت حريصة على ألا تتورط مثل عدد من الفنانات اللاتي أعلن أن الفن حرام ابتعدت بلا ضجة ولم تتبرأ من أي أغنية أو فيلم أو مشهد.

كان صوتها في ثورة 25 يناير يشد من أزر الثوار طوال 18 يوما حتى رحيل الطاغية مبارك وتكرر الموقف عندما قررت مصر في 30 يونيو ازاحة مرسي وجماعته عن الحكم ،إلا أن الغناء الوطني يعبر عن وجه واحد فقط من ملامح شادية، جمعت شادية بين كل الأطياف والألوان الغنائية فسكنت أغانيها القلوب، فمن ينسى صوتها الضاحك "يا دبلة الخطوبة" أو الشجي "ليالي العمر معدودة" أو الوطنى "يا أم الصابرين " ثم تناجي الله قبل الاعتزال "خذ بإيدي".

دائماً هي حاضرة معنا في حياتنا نعيش معها الحب بكل اطيافه لله والوطن والبشر.

سوف تلاحظ أن الصمت هو واحد من معالم شادية في مشوارها الفني والشخصي لأنها تثق أن قلوب عشاقها _ وهم كُثر _ تتحدث دائما بالنيابة عنها ، يا حبيتي يا شادية، يا حبيبتي يامصر.

 

يا رايحين الغورية!

طارق الشناوي

2015-05-08 06:14:08

أصحو دائمًا على صوت فيروز فى الإذاعة المصرية عبر إذاعة الأغانى، وعلى مدى نصف الساعة أشعر أنه مدد من السماء، فهى ترانيم الملائكة للمعذَّبين فى الأرض.

أمس كان الله كريمًا معى، فما إن أنهت فيروز فقرتها حتى جاء صوت محمد قنديل «يا رايحين الغورية».

درس الغورية، فى الحقيقة لدينا أكثر من درس، الكلمات لكاتب وضابط شرطة هو محمد على أحمد، ارتقى إلى رتبة اللواء، لمع فى بدايات عبد الحليم، وكان من الشعراء الذين شكَّلوا فى مرحلة الانطلاق قوة ضاربة لحليم، يكفى أن أذكر لكم مثلا أن «على قد الشوق اللى فى عيونى.. يا جميل سلِّم» كتب هذا الاستهلال الرائع كمال الطويل، عندما أراد مغازلة فتاة جميلة على شاطئ الإسكندرية، وبحساسية مرهفة أكملها محمد على أحمد لتصبح هى المنصة التى انطلق منها حليم، محققًا ذروة جماهيرية غير مسبوقة، وكان نجاح الأغنية هو المحفِّز الأول لتقديم فيلم «لحن الوفاء» الذى أطلقوا عليه فى البداية اسم «على قد الشوق»، وهو أيضًا الذى كتب قصيدة «لا تلُمْنى» لعبد الحليم من تلحين الطويل، هل أنعش ذاكرتكم بهذا البيت «إن جنيت الورد عفوًا.. لا تلمنى.. فعلى الشوك مشيت»، رحل الشاعر مبكرًا قبل عبد الحليم بأسابيع قليلة.

دعونا نعاود تأمل «الغورية» بهذا اللحن الساحر، كان الطويل فى البدايات وقنديل فى عز تألقه، وجاءت «الغورية» ومعها «بين شطين وميّه» لمحمد على أحمد أيضًا، وتحمّس الطويل للأغنيتين، إلا أن اللجنة العليا فى الإذاعة المصرية التى كان يرأسها الشاعر صالح جودت اعترضت بحجة أن الطويل بلا خبرة، فكيف يجرؤ على التلحين لصوت قنديل الذى يتألق مع الكبار، أمثال رياض السنباطى ومحمود الشريف وأحمد صدقى. الطويل تمسك بحقه فى التجربة، وإذا لم يُقدم ما هو لائق فسوف يمتثل لرأى اللجنة ويعتذر، وجاء اللحنان وهما يشعان صدقا وألَقًا.

كان عبد الحليم حافظ لديه إحساس بأن كل ما ينجزه صديقه الطويل من إبداع هو الأَوْلى به، ولديه أيضًا قناعة أنه يملك بصوته وجهة نظر فى أداء اللحن مغايرة لقنديل، وهكذا سجّله دون علم الطويل، ولم تكن النتائج فى صالحه، ولهذا بعد أن حقق حليم نجاحًا جماهيريا طاغيا منحه نفوذًا فى الإذاعة المصرية، فقرر أن يمنع «الغورية» التى سجلها بصوته من التداول، لكن مع رحيل عبد الحليم صارت الأغنية من الممكن أن تتسلل لتصبح شاهدًا على موقف ودرس للأجيال، وهو أن بعض الألحان تخلق وبها نبض الصوت، وكان كمال الطويل من هؤلاء الملحنين الذين من الممكن أن تلمح فى أغنياتهم تلك الحالة من التوافق بين النغمة الموسيقية ونبرة الصوت، فلا تستطيع أن تستمع إليها بصوت الآخر، الأمر هنا ليس مقارنة بين حليم وقنديل، لكن بين مزاجين ومذاقين مختلفين، وهكذا كانت الغورية لقنديل وقنديل للغورية، الدرس الثانى هو أن لا نعاند أنفسنا، عبد الحليم لم يتشبّث بالخطأ، بل تمنى أن يمحوه أساسًا من تاريخه.

هذا عن «الغورية» التاريخ والإبداع، لكن ماذا عن الغورية المعنى، «يا رايحين الغورية.. هاتوا لحبيبى هدية»، سوف أسلّم معكم أنه حدَّد المواصفات المطلوبة عندما قال «هاتوا لى توب من القصب يليق على رسمه.. أنقش عليه العجب وأكتب عليه اسمه»، هل يقبل ابن البلد أن يتغزل فى جسد محبوبته علنًا، ويطلب من الآخرين أن يشاركوه الغزل، خصوصًا أنه لم يحدد مَن أوصاهم بالشراء، نساء أم رجالا، ويواصل «هاتوا لحبيب الأوصاف حلق بدلّاية»، أيضًا لم نعرف نوع «الدلّاية» ولا حتى عيار الذهب، إنه الكسل اللذيذ الذى نعيش فيه حتى ونحن نحب، نريد مَن يذهب بدلا منا للغورية ونكتفى نحن بالنداء «يا رايحين يا رايحين الغورية»، وهو ما يتكرَّر مع نداء «تحيا مصر»، وهو ما يستحق أن تتسع معه دائرة الرؤية من حدود «الغورية» إلى حدود «المحروسة»!

 

مبارك أصل وصورة!!

طارق الشناوي

2015-05-06 05:35:43

أول من أمس استعدّ مبارك للاحتفال بعيد ميلاده وصبغ شعر رأسه على سنجة عشرة، ليصبح كسواد الليل، ولكن هل لا يزال مبارك هو مبارك؟

فى مثل هذه الأيام كان الإذاعة والتليفزيون يعلنان فرحًا شعبيًّا، حيث تُقام الزينات وتعلو الرايات، ويتردد باستمرار الغناء «اخترناه اخترناه وإحنا معاه لمشاء الله»، كانت أبواب «حظك اليوم» فى الجرائد تَعتبر عيد ميلاد الرئيس هو يوم السعد، ودائما يكتب مواليد هذا اليوم حظهم فى السماء. الإعلام الرسمى طوال السنوات الخمس الأخيرة صار يكتفى بالاحتفال بذكرى عبد الوهاب، حيث يوم رحيله هو يوم ميلاد مبارك، تستطيع أن ترى فى هذا العام أن عددا من الدراويش ذهبوا إلى المستشفى العسكرى فى المعادى للتلويح لمبارك، وبينهم رجل أطلقوا عليه شبيه السادات، وأشارت الأخبار إلى أنه حمل معه تورتة ضخمة متوجها إلى المستشفى، ولا أتصور أن هذا من الممكن أن يُرضى السادات، فلم يحفظ أبدا مبارك ذِكر ولا ذكرى السادات.

صورة مبارك دراميًّا وإعلاميًّا لا تزال تحمل قدرًا من الالتباس، الرجل على الورق حتى الآن غير مدان، والقضايا التى تنتظره لا أتصورها سوى أنها كلها تقع تحت السيطرة القانونية، ولكن موقف السلطة السياسية غير متعاطف مع ظهور مبارك مجددًا للحياة العامة، أو على الأقل هكذا أنا أقرأ الموقف، الرئيس السيسى من المستحيل حتى الآن أن يذكر فى خطاب له أو بيان رئاسى شيئا عن مبارك، الإعلام الرسمى سوف يستمر فى اتخاذ نفس الموقف وهو الحياد السلبى، الإعلام الخاص لديه القدرة على اتخاذ قراره، هذه المرة كانت فضائية «صدى البلد» على الخطّ وأجرى مبارك حوارًا مع أحمد موسى، فى ذكرى تحرير سيناء، كُتبت له الإجابات وهو اكتفى بتسميعها، فى الحوار أثنى مبارك على السيسى، ولكن من الواضح أن مؤسسة الرئاسة لم تُرحّب، ودليلى أن مبارك لن تتاح له الفرصة مجددا للظهور الإعلامى على الأقل فى القريب العاجل حتى ولو بالثناء على السيسى.

الدولة رسميا لا تزال حائرة فى التعامل إعلاميا مع مبارك؟ دعونا نوسّع الدائرة قليلا ونسأل: هل الإذاعة تقدم مثلا أغانى بها اسم مبارك فى ذكرى أكتوبر أو تحرير سيناء أو عيد ميلاده؟ القرار السياسى الذى يلتزم به الإعلام الرسمى منذ ثورة 25 يناير -حتى الآن- هو أن لا يأتى ذكر مبارك فى أى أغنية، ولم يتغير الموقف بعد ثورة 30 يونيو، والدليل أن القوات المسلحة فى احتفالية أكتوبر لم تذكر مبارك، متوافقة فى ذلك مع رأى القيادة السياسية.

فى العام الماضى جاء الاحتفال بمرور 25 عاما على إنشاء دار الأوبرا المصرية «اليوبيل الفضى»، قدمت الدار فيلمًا تسجيليا تضمَّن لقطات سريعة لمبارك وسوزان، مثل هذه الأمور لا تستطيع مثلا أن تقول إنها مجرد اجتهاد من رئيسة دار الأوبرا الفنانة إيناس عبد الدايم، ولكنها من المؤكد أخذت ضوءًا أخضر من وزير الثقافة الأسبق صابر عرب، وهو بدوره تلقى الموافقة من السلطة الأعلى، وربما هى نفس السلطة التى حذفت اسم مبارك من احتفالية القوات المسلحة، ليؤكد أن الدولة تتملكها الحيرة، إذا كانت الثقافة سمحت فالإعلام لا يسمح.

ما الذى تخبّئه الأيام القادمة؟ الإرهاصات تؤكد أن مبارك سيحظى بقدر من الرعاية الأدبية، عدد من البرامج وقطاع وافر من النجوم والإعلاميين يمهدون لهذا الطريق، والدراما بدأت فى التسخين.

الناس فى العادة تُطل على الماضى بعيون ليست محايدة، هم على المستوى الشخصى لم يحصلوا على مكاسب ملموسة منذ ثورة 25 يناير، وهى الثغرة التى سيُطل منها مبارك على المشهد، وسيلعب الإعلام وأصحاب رؤوس الأموال دور البطولة فى تقديم صورة زائفة لمبارك البطل المظلوم والمغدور، وساعة الصفر هى برامج ودراما رمضان 2015!

 

عبد الوهاب بعيون الموجى والطويل وبليغ!

طارق الشناوي

2015-05-05 02:29:08

هل كان الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، يؤمن بأن النجاح يساوى فقط عبد الوهاب؟! نعم، ظلّ ممسكًا بالضوء حتى وصل إلى التسعين من عمره، لكنه لم يستطع أن يحتكر لنفسه كل الضوء.

عندما نتناول شخصية محورية فى زمانها مثل عبد الوهاب الذى مرّت ذكراه الـ24، أمس، من الممكن أن تُطل عليه بالعديد من الزوايا.

هذه المرة أراه بعيون ثلاثة من الملحنين، الموجى والطويل وبليغ، شكَّلوا الجيل التالى الذى خرج من معطف الأستاذ، وفى نفس الوقت تمرَّد على الأستاذ.

الموجى كان أكثر الثلاثة اعترافًا بالأستاذ، فهو مَثَله الأعلى، تمنَّى أن يصبح عبد الوهاب، ولهذا تقدَّم إلى الإذاعة كمطرب، إلا أن لجنة الاختيار رفضته بالإجماع مطربًا ومنحته الموافقة بالإجماع مُلحنًا، الموجى كان يناله بين الحين والآخر ضربات وهابية، منها أنه قد يجد بعض ظلال من ألحانه منسوبًا إلى الأستاذ، الموجى كان يغضب فى حضرة الأستاذ ثم يلتزم الصمت إعلاميًّا، الطويل على النقيض، يعلو صوته إعلاميًّا لو لمح شيئًا من موسيقاه استحوذ عليه الأستاذ، ولهذا كان كثيرًا ما يحدث بينهما جفاء، ورغم ذلك أتذكَّر أننى سألته لماذا لم يلحن «إنت عمرى» بعد أن رشَّحته أم كلثوم نكاية فى عبد الوهاب الذى كان قد تقاعس عن استكمال اللحن؟ فقال لى: كانت الجماهير تنتظر لقاء العملاقَين، ولم أشأ أن أفسد هذه اللحظة، سألته عن رأيه فى «إنت عمرى»، أجابنى: من أروع أغانينا العربية.

مع بليغ كان الأمر شديد الالتباس إنسانيًّا وفنيًّا، حال عبد الوهاب دون زواج ابنته من بليغ، أما فنيًّا فلقد قال إن بليغ «رخّص الغناء»، كان يرى أن بليغ هو أكثر موسيقار يأتى إليه الإلهام من السماء، ولكنه لا يجتهد كثيرًا فى التعايش مع الجملة الموسيقية، فيقدّمها قبل أن تختمر فى أعماقه إبداعيًّا، وكان عبد الوهاب يستخدم تعبير «بعبلها»، واصفًا الجُّمل الموسيقية لبليغ.

عبد الوهاب كان يعلم أنه حتى يواصل البقاء على القمة عليه أن يهضم مفردات الجيل الجديد، ومن هنا مثلًا من الممكن أن تجد تفسيرًا لكلمة قالها كمال الطويل فى تحليله لموسيقى محمد عبد الوهاب، فهو يصفه بالنشافة يأخذ مما يقدمه العصر، كل ملحنى الزمن الذى عايشه تجد بأسلوب غير مباشر أن عبد الوهاب أخذ منهم لمحة ما، لم يكن عبد الوهاب ابن الزمن الذى سبقه فقط، لكنه ابن الزمن الذى يعيشه، يتابع تلاميذه بنفس القدر من الاهتمام الذى هضم به إنجاز كل مَن سبقوه، وعلى رأسهم سيد درويش.

كان عبد الوهاب يرى أن الغزارة الموسيقية لبليغ حمدى سلاح ذو حدَّين، وكان معروفًا أن بليغ هو أكثر ملحن عرفه العالم العربى ويمتلك كل هذه الخصوبة ولا يلاحقه فى الغزارة سوى الموجى، بليغ يحظى دائمًا بالمرتبة الأولى فى تحقيق أكبر أداء علنى، وعلى مدى تجاوز 30 عامًا، فإن ترتيب بليغ حمدى يأتى فى المقدمة. ما الذى يعنيه هذا سوى أن موسيقى بليغ لا تزال تنبض بالحياة.. عبد الوهاب يأتى فى المركز الثانى، يجب ملاحظة أن ما قدَّمه بليغ حمدى يتجاوز فى العدد خمسة أضعاف -على أقل تقدير- ما قدّمه عبد الوهاب، رغم أن عبد الوهاب عاش حتى تجاوز التسعين بينما بليغ غادرنا فى الستين من عمره!

عبد الوهاب شكَّل بالنسبة إلى كل الأجيال التى جاءت بعده علاقة تحمل تقديرًا وفى نفس قدر لا ينكر من التوجس.. مثلًا كان محمد الموجى وكمال الطويل وعبد الحليم حافظ قد تعاهدوا فى بداية المشوار أن لا يجعلوا عبد الوهاب يفرق بينهم، إلا أن عبد الوهاب منذ الخمسينيات استطاع أن يخترق هذا الحصار وبذكاء يرتبط مع عبد الحليم بمشروع فنى اقتصادى، وهو شركة «صوت الفن».

نعم، عبد الوهاب كان يشعر بالغيرة من كل جديد موهوب يتابعه يتأمله يهضمه، كان يحيل الغيرة إلى طاقة إبداعية إيجابية، تمنحه البقاء فى تاريخنا الموسيقى معتليًا القمة وحتى الآن!

 

وما دخْلُ الشيخ والقسيس والضابط؟

طارق الشناوي

2015-05-04 06:33:35

اعتلى العميد مندوب وزارة الداخلية خشبة مسرح «الهناجر»، مؤكدا أن دور الفن هو تأكيد الثوب الناصع البياض لرجل الشرطة وكثيرا ما شوهت الدراما الصورة، بل وأمعنت فى ذلك. كان المطلوب كما أراد مقدم الحفل أن لا تتجاوز الكلمات 5 دقائق لكل متحدث، ولكن الضابط كان هو أول من كسر الإشارة وامتدت كلمته 15 دقيقة، ورغم ذلك يريد من الآخرين الانضباط، ولم ينسَ قبل أن يُنهى كلمته توجيه تحية من وزير الداخلية إلى الحضور.

تعددت الكلمات فى هذه الاحتفالية، وكان قد سبقه إلى المنصة شيخ وقسيس، وطالَب كل منهما بضرورة الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية حمايةً للمجتمع وحتى يعود إلى الفن إشراقه.

كانت هذه بعض شذرات من مؤتمر عنوانه «القوى الناعمة.. الفن والفكر والإبداع.. فى مواجهة التطرف والإرهاب»، أقامه قطاع شؤون الإنتاج الثقافى تحت رعاية وزير الثقافة فى ساحة الأوبرا.

الهدف هو أن الرسالة الإبداعية من الممكن لو امتزجت فيها القيم الدينية والتربوية والأخلاقية والأمنية أن تحقق الغرض منها، الحقيقة أن تلك الرؤية المباشرة فى توجهها تعبّر عن مفهوم قاصر تتبناه الدولة الآن، وهو يرفع عنوان العودة إلى زمن «رُدَّ قلبى»، الكل يريد بإحساس فطرى أن يعيدنا إلى أيام إنجى وعلى والجناينى عبد الواحد.

هذه هى السينما التى تشعر أن مؤسسة الرئاسة ترنو إليها، وهو ما دعا وزير الثقافة أكثر من مرة إلى تأكيد أنه يريد أفلامًا وطنية حتى تكتمل الصورة النظيفة للشاشة، الرسالة التى يتم ترسيخها هى أن كل ما نراه فى الشارع من تسيب وانفلات لفظى وحركى سببه الشاشتان، ولو قدمنا أفلاما خالية من تلك الشوائب لعشنا فى عالم مثالى بلا شرور ولا أشرار، وسوف يختفى من الشاشة نهائيا محمود المليجى وأحفاده القتلة الأشرار.. ويتناسى هؤلاء أن العنف الذى نراه فى الشارع ونرصده صحفيًّا وبرامجيًّا يسبق كثيرا ما تُقدمه الدراما، لا يعنى ذلك أن كل صانعى الدراما لا يستثمرون تلك المشاهد تجاريًّا، فى الحقيقة هم يفعلون ذلك وأكثر من أجل الربح، إلا أن منع تداول الصورة السلبية للمجتمع على الشاشة لا يعنى اختفاءها من الحياة، بل إن الغياب فى هذه الحالة سيؤدى لا محالة إلى انصراف الناس عنها. الشارع ملىء مثل الجو بالميكروبات ولا نعيش فى شارع معقم، فلماذا يعتقد البعض أنه من الممكن أن تُقدم دراما معقمة؟

تعددت الكلمات فى المؤتمر وجاء دورى فى النهاية، وقلت للحاضرين لا تتصوروا أن ختامها مسك، وأضفت أن على وزارة الثقافة أن تلعب دورا واحدا وهو الدفاع عن الحرية، إذ إننا نلاحظ أن السقف حاليا ينخفض والدولة رسميا سعيدة بذلك تستشعر أن هذا هو الطريق الوحيد لفرض الانضباط على كل جنبات الحياة، وأضفت أنه لا سلطة أمنية أو دينية من حقها أن تفرض رأيها على الفن، وليس معنى ذلك أن الفن يحطم ثوابت أخلاقية أو يهدم قيمًا دينية، ولكنه لا يقيَّم إلا بترمومتر واحد وهو «الجمال»، علم «الاستاطيقا»، وليس بمعيار الحلال والحرام، وإنه لا يمكن أن يتعانق الفن والأمن معا فى بوتقة واحدة، وكل المحاولات التى تمت قبل ثورة 25 يناير لتحسين صورة ضابط الشرطة باءت بالفشل. كانت وزارة الداخلية فى عهد العادلى تشاهد الأفلام التى بها مجرد عسكرى شرطة فى مشهد عابر ولا تسمح بالعرض إلا إذا أيقنت أنه يصب فى صالحها، وهذا لم يمنع الثورة التى انطلقت شرارتها الأولى ضد الشرطة.

الدور الوحيد الذى على وزارة الثقافة أن تلعبه هو أن تكون صوتًا لنا عند الدولة لحماية الحرية، لا سوطًا علينا لقمع هامش الحرية!!

 

الساعة إلا تلت!!

طارق الشناوي

03-05-2015

الحضور الإعلامى ليس هو المعادل الموضوعى للقيمة الإبداعية بالضرورة، ومن هنا أجد مثلا أن الإنجاز الفنى الذى حققه هانى شنودة الذى احتفلنا قبل أيام بعيد ميلاده لا يتناسب مع تلك الإضافات التى حققها قبل أكثر من أربعين عاما للغناء المصرى.

تستطيع أن ترى بين الفنانين من هم دائمو الحضور فى البث الإعلامى، إذ يحقق لهم هذا الحضور قوة أدبية ومكانة خاصة ربما لا يكون لها سند إبداعى موازٍ، ولكن البعض يحدد مكانة الناس أحيانا بهذا «الترمومتر»، مثلا الدكتور الذى يراه الجمهور كثيرا فى التليفزيون يذهبون إلى عيادته، وقارئ القرآن الذى تستمع إليه فى الإذاعة يزداد الطلب عليه بعدها فى السرادقات.

هانى شنودة يكتفى بأن يحتضن ومضاته ويحاول أن يصل إلى جمهوره ولو من ثقب إبرة، فهو محارب بالنغمة، ثورى بالفكر، موهوب بالسليقة.. هانى مؤسس فرقة «المصريين» التى أحدثت انقلابا موسيقيا منذ نهاية السبعينيات عندما انطلقت بروح ورؤية مغايرة للسائد، وقدمت أغنيات خارج القاموس الشعرى والموسيقى التقليدى، مثل «ماتحسبوش يا بنات» أو «بنات كتير كده من سنى»، و«ماشية السنيورة» وغيرها.

ضرب هانى شنودة فى كل الاتجاهات العاطفية والسياسية والاجتماعية، مستعينا بعقول مخضرمة وأخرى شابة كانت أيضا تؤمن بنفس المنهج، وهكذا تجد معه من البداية صلاح جاهين وشوقى حجاب وعبد الرحيم منصور وبهاء الدين محمد وعصام عبد الله، ونلمح من الأسماء التى بدأت رحلتها معه محمد منير وعمرو دياب.. ومن الموسيقيين عمر خيرت ويحيى خليل.

كان تأثير هانى شنودة هو الأعمق، ليس بسبب نجاح فرقته، ولكن لأنها أحدثت تيارا موسيقيا ووُلدت من رحمها فرق أخرى، وصل عددها إلى رقم 128، وكانت هذه هى الدلالة الكبرى على أنه جاء فى الوقت المناسب، وردد نغمة كانت على ألسنة شباب ذلك الزمان. صحيح أنه لم يواصل الطريق سوى عدد محدود منها مثل «فور إم» عزت أبو عوف، و«الأصدقاء» عمار الشريعى، و«طيبة» للأخوين الإمام، حسين ومودى. حالة غنائية امتلكت كل ربوع مصر.. كل الفرق الأخرى انقسمت على نفسها أو اتجه أصحابها إلى مجالات أخرى.. «الأصدقاء» كان من بين نجومها مثلا علاء عبد الخالق وحنان ومنى عبد الغنى، كل منهم ذهب إلى طريق.. «أبو عوف» ترك الفرقة واتجه إلى التمثيل.. الأخوان «إمام» الراحل حسين كان واحدا من نجوم التمثيل ومقدمى البرامج، و«مودى» اتجه بطاقته إلى الموسيقى التصويرية، وكان فى الفرقة عازف الدرامز أحمد عز الذى أصبح مليارديرا فى عهد المخلوع. الفرق كلها تعرضت لعوامل الزمن التى أحالتها إلى فعل ماضٍ.. حاول هانى شنودة فى لحظة زمنية أن يشكل فريقا آخر، بل واتجه إلى تغيير عنوان الفرقة.. ولم أفهم السر، وهو من المؤكد لم يكن لديه أسبابه وماتت التجربة وعاد مرة أخرى اسم «المصريين» وواصل هانى العطاء رغم الأجواء القاسية.

هانى قدم فى البداية مطربة الفرقة إيمان يونس، تزوجت وسافرت، ثم استعان بمنى عزيز، تزوجت وابتعدت قبل 17 عاما، ومنذ ذلك الحين لم يعثر على بديل لها. لم يكتفِ هانى بالأغانى الجماعية، لكنه قدم أغنيات فردية مثل «أنا باعشق البحر» لنجاة، كلمات الشاعر عبد الرحيم منصور، حيث وجدنا اللحن متمردا تماما على الشكل التقليدى، ونجاة أيضا قدمت فى أدائها إحساسا مختلفا، ولا ننسى له واحدة من أروع أغانينا «زحمة يا دنيا زحمة» بصوت عدوية، الأغنية يعتقد كثيرون أن كاتبها هو صلاح جاهين، والحقيقة أنه شاعر موهوب لم يحقق شهرة يستحقها، إنه حسن أبو عتمان، ويكفى أن نذكر تلك الشطرة «الساعة إلا تلت ومعادى معاه تمانية».

هانى من الشخصيات التى تستمتع بالإنصات إليها، فهو القائل: «الشباب شباب الركب»، فهو يرى أن الإنسان ما دام لم يشعر بالألم فى ركبتيه فهو لا يزال شابا.. وقد يكون هذا صحيحا بنسبة كبيرة، ولكن أيضا أضيف: «الشباب شباب الإبداع»، وشنودة بإصراره على أن يكمل رحلة «المصريين» يعيش ولا يزال شباب الإبداع، أما الركب فهو أدرى بحالها!!

 

سينمائيون مصريون فى طهران!!

طارق الشناوي

02-05-2015

وزارة الأوقاف منعت قراء القرآن من السفر إلى ثلاث دول، إيران وتركيا وقطر، على اعتبار أنها من الأعداء. لا أدرى ما دخل قراءة كتاب الله فى تلك المعركة، وهل من المنطقى أن مصر بلد الأزهر الشريف الذى يبسط ولايته على كل المسلمين فى العالم تصدر هذا القرار المتطرف؟! أتصور أنها مجرد مزايدة من وزير الأوقاف ليقدم رسالة للدولة تؤكد أنه يقف فى أول صفوف المقاطعة. قبل أقل من عامين كان شيخ الجامع الأزهر د.أحمد الطيب يُدرك جيدا أن عليه أن يُبعد الأزهر عن أى صراع سياسى، حيث التقى الطلبة الأتراك بالأزهر الشريف مؤكدا أنهم جميعا أبناؤه.

يجب أن يظل الأزهر حريصا على عدم التورط فى خلاف بطبعه مرحلى، وهو ما أدركته بالفعل نقابة السينمائيين، إذ يشارك الآن وفد مصرى فى مهرجان «الفجر» مكون من نقيب السينمائيين مسعد فودة، ووكيل أول النقابة عمر عبد العزيز، والمخرج هانى لاشين، ومدير التصوير محمود عبد السميع، وأيضا عدد من الزملاء الصحفيين.

واتفقوا على إقامة عدد من الأسابيع السينمائية هنا وهناك، وهذا يعنى رسالة واضحة بأن الفنان المصرى لا يقاطع السينما الإيرانية. نعلم أن هناك صعوبة فى توجيه دعوة لفنان إيرانى للقاهرة، بينما العكس غير صحيح، من الممكن أن تتم دعوة أى مصرى لإيران بإجراءات لا تستغرق سوى أيام وربما فى حالة الضرورة ساعات.

فى العام الماضى فاز الفيلم الإيرانى «ميلبورن» فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بجائزة «الهرم الذهبى»، واضطر وزير الثقافة السابق د.جابر عصفور إلى أن يصعد إلى خشبة المسرح مبررا، مما أوحى أنه «عامل عملة»، ويشعر بتأنيب الضمير، ويريد أن يثبت لأُولى الأمر أنه لم يقصد أى شىء، لا سمح الله.

من الممكن أن نغمس السياسة فى عديد من مظاهر الحياة، ولكن علينا أن نتحرى الدقة فى الثقافة والفن والرياضة، لا قيود توضع ولا أسوار تُشيد، باستثناء عدونا الاستراتيجى إسرائيل، كل ما يجرى سياسيا مع أى دولة أخرى من الممكن أن يتغير فى لحظات، ولدينا مثلا الجزائر وكيف كانت القطيعة وتبادل الشتائم ثم كأن شيئا لم يكن.

ألم نسأل أنفسنا لماذا ومهما فعلت أمريكا بنا إلا أننا فى نهاية الأمر «نجرّ ناعم»، ولا نقاطع لا فيلما ولا مسلسلا ولا نجما؟

لنا تجربة يتيمة بعد هزيمة 67، عندما أصدرت وقتها وزارة الثقافة المصرية قرارا بمقاطعة الفيلم الأمريكى، فى تلك الأثناء التى شهدت بدايات البث التليفزيون المصرى لم يكن هناك «فيديو» ولا «سى دى» ولا فضائيات ولا «نت»، أى أن المقاطعة السينمائية كانت بالفعل ستؤتى أُكلها، ورغم ذلك فإن هذا القرار لم يستمر سوى عدة أسابيع قليلة.

لا مقاطعة للذوق، ثم من قال إن الفيلم الأمريكى يعبر عن السياسة الأمريكية، وأيضا الفيلم الإيرانى لا يعبر رسميا عن الدولة الايرانية. أردوغان مثلا أعلن أنه غير راضٍ عن الأعمال الدرامية التركية، وهاجم تحديدا مسلسل «حريم السلطان»، ولكنه لم يجرؤ على مصادرته.

كان مبارك معاديًا للسياسة الإيرانية، وكرد فعل كانت المهرجانات والتظاهرات السينمائية تتحرج فى دعوة أى فنان إيرانى، أتذكر أن سعد الدين وهبة فى منتصف التسعينيات تعرض لحملة شعواء عندما كان رئيسا لمهرجان القاهرة السينمائى، وقرر إقامة تظاهرة للسينما الإيرانية، وقبل ست سنوات عندما سمحت نقابة السينمائيين باستقدام ماكيير إيرانى لبراعة الإيرانيين فى هذا المجال، وذلك فى مسلسل «جمال عبد الناصر» اعتبرها البعض بمثابة خيانة عظمى للوطن واختراقا للأمن القومى.

من يعاقب ذائقة المشاهد المصرى الذى يفضل قسط وافر منه الدراما التركية؟ وهناك من يعتقد أنه من الممكن أن يستبدل المسلسل الهندى بالتركى، أو الفيلم الهندى بالإيرانى، رغم أن المنطق هو الإضافة وليس الاستبدال، ثم ماذا لو حدث شىء يعكر صفو العلاقات السياسية المصرية الهندية؟ هل نستبدل بها وحتى إشعار آخر الدراما الباكستانية؟ للثقافة دائما حسابات أخرى!!

 

باليه وموسيقى في الجنة

طارق الشناوي

01-05-2015

فى فيلم «بحب السيما» يقول محمود حميدة لابنه الصغير إن نجوم السينما فاسقون، وسوف يدخلون النار، فيدعو الطفل الله أن يلقيه فى الجحيم، حتى يصبح فى صحبتهم.

لكلٍّ منا تصوره عن الجنة، له علاقة بالمرحلة العمرية والمجتمع والثقافة العامة والشخصية وهكذا. مثلا رأت د.غادة والى، وزيرة التضامن، أن الجنة بها موسيقى وباليه، ولم تسلم من هجمات المتزمتين الذين يعتبرون أنفسهم حاملى صكوك دخول الجنة، حيث حور العين أو النار يوم تشوى الوجوه، وأتصورهم لم يغضبوا بسبب الموسيقى والرقص، لكن لأن هذا يعنى أن راقصات الباليه ومؤلفى وعازفى الموسيقى سيدخلون فى هذه الحالة بالضرورة إلى الجنة، فلا يمكن أن يتصور أحد استدعاءهم للجنة من أجل تقديم فاصل موسيقى، ثم عودتهم بعدها لاستكمال نصيبهم من صنوف العذاب.

الطفل يعيش فى المجتمعات المتزمتة دينيًّا، وهو يعتقد أن الله قرين القسوة، ولهذا فعندما يطلبون من الأطفال التعبير عن الله بالرسم أغلبهم يتخيلون النار أو الكرباج، بينما قليل منهم يرسم مثلًا سماء زرقاء مبهجة أو قوس قزح.

سوف أروى لكم حكاية عمرها أكثر من 55 عامًا، سمعتها قبل أكثر من عشر سنوات من إعلامية كبيرة أمد الله فى عمرها، لم أستأذن فى نشرها، ولهذا لن أذكر اسمها، لكن الحكاية فرضت نفسها، قالت الإعلامية ونحن نتبادل شرب الشاى فى مهرجان الإذاعة والتليفزيون «أنا ح ادخل الجنة فى الحالتين» سألناها عما تقصده، فأجابت: سواء أكنت مسلمة أم مسيحية، فأنا مسلمة، وأيضًا تم تعميدى وضحكنا، نريدها أن تُكمل، بدأت تروى ما حدث لها هى وشقيقها، حيث كان بيتهما بجوار دير يذهبان إليه يأكلان فاكهة وخضراوات طازجة، ويعودان محملين بالشيكولاتة والحلويات.. الراهب فى الدير كان يؤرقه طبقًا لعقيدته أنهما لن يدخلا الجنة، فهما لا يؤمنان بيسوع، ولم يتم تعميدهما، فماذا يفعل؟ قرر تعميدهما، الطفلان شعرا بأن عليهما أن يحتفظا بالسر، وعلم الأب بذلك، واكتفى بأنه لن يرسلهما مرة أخرى للدير، خصوصًا أنهما كانا يشاركان ويرتديان الزى الخاص كشمامسة فى أداء ترانيم الزواج المسيحية فى الكنيسة المجاورة للدير.

قالت لى الإعلامية الكبيرة إن لديها قناعة أن الراهب لم يكن يعنيه تعميدهما، لكنه من فرط الحب للطفلين أراد أن يأخذهما معه بعد عمر طويل إلى ملكوت المسيح!

ماذا لو حدث ذلك الآن؟ بالتأكيد سنجد أنفسنا بصدد ثورة عارمة فى البلد، ماذا لو تأملنا عمق الأديان وهى تدعو للإيمان بالله وتقديم الفضيلة والنأى عن الرذيلة، «أليست كلها طرقًا مختلفة إلى الله؟!» كما وصفها غاندى عندما اشتد النزاع بين المسلمين والهندوس عام 1947 فى الهند، وأعادها قبل عامين فى «الفاتيكان» بابا الكاثوليك فرنسيس قائلًا «كل الأديان صحيحة، لأنها صحيحة فى قلوب من يؤمنون بها»، وأضاف «ألسنا جميعًا نحب ونعبد نفس الإله».

هل يدخل المختلف دينيًّا أو فكريًّا الجنة؟ طبقًا للمفهوم المباشر لأصحاب الديانة -أى ديانة- أن مصيره النار.. أتذكر أننى سألت شاعرنا الكبير الراحل أحمد شفيق كامل، وهو صاحب الروائع التى شدت بها أم كلثوم «إنت عمرى» و«أمل حياتى» و«الحب كله» و«ليلة حب»، وكان قد توقف عن كتابة الأغانى العاطفية، معتقدًا أنها حرام، سألته: هل يدخل «بيتهوفن» النار لأنه لم يشهر إسلامه، رغم أنه أدخل السعادة فى قلوب الملايين؟ قال لى إن هذا السؤال حيّره فسأل الشعراوى، فأجابه بأنه سوف يأخذ نصيبه من السعادة فقط فى الدنيا. ولم أقتنع، فكيف يدخل النار من منحوا البشرية كل هذا الإبداع وكل هذا الجمال، والله جميل يحب الجمال؟

لماذا لا نسمع صوتًا لرجال الدين أكثر تسامحًا؟ المسلم من حقه أن يتمسك بدينه، والمسيحى لا يرضى بديانته بديلًا، إلا أن ملكوت الله يتسع لكل عباده الصالحين من كل الأديان، حتى لو كانوا راقصى باليه وعازفى موسيقى!

التحرير المصرية في

01.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)