كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

عمر الشريف .. إبداع لن يهزمه «الزهايمر»

(ملف خاص)

كتب: حسن أبوالعلا

 

الأحد 31-05-2015 10:30 | 

عندما تظلم قاعة السينما وتدور ماكينة العرض تبدأ الأطياف فى مداعبة الخيال، فى تلك اللحظات يظهر على الشاشة مرتديا بدلته الأنيقة وعيناه يشع منهما سحر فُتن به ملايين الفتيات، ذلك السحر الذى جعله فتى أحلام الجميلات على مدى سنوات طويلة.

فى تاريخ السينما المصرية يظل عمر الشريف حالة استثنائية، ربما لن يصل إليها أحد غيره، فهو الممثل المصرى والعربى الوحيد الذى نجح فى امتحان السينما العالمية الصعب، وأصبح نجما لامعا وسط نجوم العالم الكبار، وقدم أدوارا مهمة كانت سببا فى ترشيحه لجائزة الأوسكار الأمريكية الشهيرة، ونال عن أحدها جائزة سيزار، التى توازى فى فرنسا جائزة الأوسكار، كما شارك فى بطولة أفلام ستبقى خالدة فى ذاكرة الفن السابع، وستبقيه فى ذاكرة كل عشاق الشاشة الفضية حتى لو تمكن منه «الزهايمر» ونسى كل شىء.

سيبقى عمر الشريف فى قلب وعقل كل من حلقوا مع أطياف السينما فى عالم الصورة الساحر، وعاشوا معه قصصا رائعة فى «صراع فى الوادى» و«فى بيتنا رجل» و«حبى الوحيد» و«بداية ونهاية» و«إشاعة حب» و«أيوب» و«الأراجوز» و«المواطن مصرى» و«دكتور زيفاجو» و«لورانس العرب» و«الرولزرويس الصفراء» و«السيد إبراهيم وزهور القرآن»، وسيعيش طويلا فى خيال كل من زارهم فى أحلامهم بأفلامه الرومانسية مثل «نهر الحب» و«أيامنا الحلوة» ومنحهم لحظات سعادة جعلتهم أكثر قوة فى مواجهة واقعهم الصعب.

وكان إعلان أسرة عمر الشريف إصابة النجم العالمى بمرض الزهايمر، ونسيانه كل شىء حتى مسيرته الفنية الطويلة ضربة فى قلب كل عشاق السينما، وإن كان الإبداع الذى تركه على الشاشة سيبقيه فى الذاكرة طويلا حتى لو كان هو نفسه بلا ذاكرة.

السبت 30-05-2015 19:58

زاهي حواس عن عمر الشريف:

صحته كويسة ولا يتذكر سوى صورة له وعمره عامان

كتب: حسن أبوالعلا

قال الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، وأقرب أصدقاء عمر الشريف : للأسف عمر مصاب بالزهايمر من حوالى سنة، لكن أنا وابنه طارق لم نكن نريد إعلان حقيقة مرضه، لأن الدنيا كلها تنظر لعمر على أنه فارس الأحلام.

وأضاف حواس: عمر الشريف يقيم حاليا في البحر الأحمر بعد أن بدأ يتسبب في مشاكل أثناء إقامته في فندق سميراميس بالقاهرة خاصة أنه كان يظل أغلب الوقت بمفرده بسبب عدم تذكره أي شىء، كما أننى وطارق نسافر كثيرا، وأنا اتصلت به يوم 10 إبريل الماضى لتهنئته بعيد ميلاده ولم يعرفنى، ولم يتذكر عيد ميلاده، والشىء الوحيد الذي يتذكره حاليا هو صورة له وعمره عامان يحتفظ بها في محفظته.

وتابع: أطلب من الناس أن تدعو لعمر بالشفاء، وأطمئن جمهوره بأن صحته «كويسة»، وطارق ابنه موجود حاليا في كندا، وهو ابن بار جدا بأبيه وينفق عليه مبالغ باهظة، وعرضه الشهر الماضى على طبيب شهير في لندن وأخبره الطبيب بأن المرض في حالة متقدمة. وأكد أنه اصطحبه منذ فترة لمشاهدة أحد عروض المخرج خالد جلال بمركز الإبداع الفنى، وكان سعيدا بالعرض لكنه في نفس اللحظة ينسى كل شىء. وقال حواس: عندما رحلت فاتن حمامة كنت خارج مصر، وبعد عودتى عقب رحيلها بـ 5 أيام قلت له «عارف إن فاتن ماتت»، فقال لى «فاتن مين»، فقلت له «أم طارق»، فقال: «طارق أخويا». وعن الأشخاص الذين يحرصون على زيارة عمر الشريف قال: «محدش بيسأل عليه إلا أنا وطارق»، فللأسف عندما يمرض الإنسان أو تأفل شهرته ينسحب الناس من حوله، وعمر شخص عصبى لكن لو كنت موجودا في مصر لا يمر يوم دون أن أراه، ومرة كنت موجودا في مانيلا وفوجئت به يتصل بى وقال «أنت فين تعال أنا وحيد وتعبان».

وحول يوميات النجم العالمى حاليا قال حواس: «عمر يستيقظ من نومه ويتناول الإفطار ثم يعود إلى غرفته، فهو لم يعد يستطيع الجلوس مع أحد لأنه في مرحلة متقدمة من الزهايمر، ولا يعرف أي شخص ولا يعرف أن لديه ابنا اسمه طارق.

وأشار إلى أن ما حدث لعمر الشريف «عظة» حتى يدرك أي إنسان أنه مهما حقق من الشهرة ومهما وصل للعالمية فإن عليه أن يفعل الخير، مؤكدا أن عمر الشريف باقٍ في قلوب الشعب المصرى وكل أصدقائه.

السبت 30-05-2015 19:57 | 

عزت العلايلي عن عمر الشريف:

روحه رياضية وحضنى بعد تصوير المشهد الأخير فى «المواطن مصرى»

كتب: حسن أبوالعلا

قال الفنان عزت العلايلى : رغم أننى لم أتعاون مع عمر الشريف إلا في فيلم «المواطن مصرى» للمخرج الكبير الراحل صلاح أبوسيف، إلا أنه جمعتنا صداقة قوية تعود إلى ما قبل إنتاج الفيلم بسنوات طويلة، وكنا نتقابل كثيرا سواء في مصر أو الخارج، فهو إنسان رائع ومتواضع وكان ينسى أنه عمر الشريف النجم العالمى، «وواحد غيره عمل عشر اللى عمله ماكناش نعرف نكلمه».

وأشار العلايلى إلى أن عمر الشريف نجح باقتدار في تقديم دور العمدة في «المواطن مصرى» رغم أنه لم يكن فلاحا ولم يعش في الريف، لأن لديه خيال الفنان، وصاحب رؤية، مبديا إعجابه بتقمص عمر للشخصية.

وأضاف: عمر يتمتع بروح رياضية عالية، فأثناء تصوير المشهد الأخير في «المواطن مصرى» الذي أنظر فيه لجثة ابنى الذي استشهد في الحرب كان يقف بجوار الكاميرا، وبعد انتهائى من المشهد فوجئت به «يحتضنى» وقال «أنا مستنيك عشان عازمك على العشاء».

وتابع: هناك ذكريات عديدة أثناء تصوير «المواطن مصرى» في الفيوم، حيث كنا بعد انتهاء التصوير نجلس لسماع أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب، وصداقتنا زادت بعد الفيلم وكان دائما يسأل عنى صديقنا المشترك الدكتور زاهى حواس.

وأوضح أنه يعشق الكثير من أفلام عمر الشريف التي قدمها في السينما العالمية، منها «الرولزرويس الصفراء» مع إنجريد برجمان، و«لورانس العرب» و«دكتور زيفاجو».

السبت 30-05-2015 19:57 | 

هشام سليم عن عمر الشريف:

عندما تعاونت معه اكتشفت إن دمه خفيف و«قعدته حلوة»

كتب: حسن أبوالعلا

بدأت علاقة الفنان هشام سليم بالنجم العالمى منذ كان طفلا يتجاوز عمره عامين، حيث كان والده الكابتن صالح سليم يرتبط بعلاقة صداقة بعمر الشريف ، لكنه لم يلتق به إلا بعد عودته للعمل في السينما المصرية مرة أخرى.

وقف هشام سليم كممثل أمام عمر الشريف مرة واحدة في فيلم «الأراجوز»، حيث جسد شخصية ابنه، وعن ذكريات التصوير قال: لم يعاملنى معاملة خاصة باعتبارى ابن صديقه، لأننا كنا في عمل فنى «والشغل شغل»، لكن هذا لا يمنع أنه كان بيننا نوع من الحميمية وكنا «بنهزر»، فعندما تعاملت معه اكتشفت أنه «بنى آدم لذيذ ودمه خفيف وقعدته حلوة».

وأضاف هشام: كنا نشعر بالسعادة أثناء تصوير «الأراجوز» وعمر الشريف كعادة كل الفنانين الكبار كان يأتى قبل موعده ويحترم عمله جدا، وفى محنته المرضية الحالية أقول له «أنا بحبك وقلبى معاك وربنا يساعدك على اللى انت فيه». وأشار إلى أنه يعشق العديد من أفلام عمر الشريف التي قدمها في السينما العالمية، خاصة فيلمى «لورانس العرب» و«دكتور زيفاجو»، لكن تبقى أفلامه التي قدمها في السينما المصرية مثل «صراع في الوادى» الأقرب بالنسبة له، لأنه يعرف عمر الشريف المصرى.

السبت 30-05-2015 19:57 | 

هاني لاشين عن عمر الشريف:

ابن بلد وكان « بياكل مش وجبنة قديمة» مع العمال

كتب: حسن أبوالعلا

يرجع الفضل للمخرج هانى لاشين في إقناع عمر الشريف بالعودة للعمل في السينما المصرية بعد اتجاهه للعمل في السينما العالمية، حيث قدم له فيلمى «أيوب» سنة 1983، و«الأراجوز» سنة 1989.

وقال لاشين: عمر الشريف ينطبق عليه لفظ «ابن البلد» في كل صفاته، فهو يتميز بالجدعنة والشهامة ومساعدة الناس والرقة مع الآخرين وعدم التعالى، وإحساسه أنه شخص بسيط وعادى، فضلا عن أنه عاشق للبسطاء وكان يتحرك في أمريكا وأوروبا وبداخله مصر طوال الوقت.

وأضاف: المواقف الإنسانية مع عمر الشريف كثيرة، فهو كان يتعامل مع البسطاء بكل حب وتواضع، «وكان بيأكل مع العمال مش وجبنة قديمة» ويحتضن الممثلين الشباب، فهو إنسان رائع قبل أن يكون فنانا، ومساعدة الآخرين جزء من تركيبته.

وحول تعاون عمر الشريف معه في «أيوب» رغم أنه كان وقتها مخرجا شابا قال: الأسماء لم تكن تعنى أي شىء بالنسبة لعمر، لكن المهم بالنسبة له هو ما الذي سيقدمه، فقبل «أيوب» كنت تعاونت معه في فيلمين تسجيليين هما «خطوات فوق الماء» و«الأيدى الذهبية»، الأول عن المصريين القدماء، والثانى عن الحرف اليدوية في مصر الفرعونية، وكان يظهر في الفيلمين.

وعن إحساسه بالحرج عند توجيهه لنجم عالمى وهو مخرج شاب قال: «الكلام ده بيحصل مع مخرجين دلوقتى»، فأنا أنتمى لجيل تعلم ونشأ على أن المخرج هو رب العمل والقائد، وهو الذي يتكلم والكل يستمع له.

وأشار إلى أنه كان من المفترض أن يجمعهما فيلم ثالث بعنوان «خوفو»، كان سيقدم من خلاله شخصية الملك خوفو، موضحا أن الظروف لم تسمح بخروج الفيلم إلى النور.

السبت 30-05-2015 19:57 | 

طارق الشناوي عن عمر الشريف:

«السيد إبراهيم وزهور القرآن» منحه أهم جائزة فى حياته

كتب: حسن أبوالعلا

قال الناقد طارق الشناوى : «أحيى أسرة عمر الشريف ، ممثلة في ابنه طارق، على فكرة الإعلان عن حقيقة مرضه، فهذه المصارحة لم نتعود عليها في مجتمعاتنا خوفا من إحراج المرضى، لكن عمر الشريف نفسه لا يدرك أنه مريض، كما أن مريض «الزهايمر» في بداية مرضه يدرك أنه سيحدث له تصاعد سلبى، والرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان وصل إلى درجة نسيانه أنه كان رئيسا، وعمر وفقا لتصريحات ابنه طارق، عندما يلتقى بمعجبيه يدرك أنه كان نجما».

ووصف الشناوى مرض عمر الشريف بالزهايمر بأنه ضربات النهاية مثل دقات المسرح للإعلان عن بدء العرض، موضحا أن عمر يسير في اتجاه الوداع، لأن المرض مميت وفى النهاية يؤثر على المخ بشكل مباشر.

وأضاف: «لأن عمر الشريف مبدع كبير على المستويين العربى والعالمى، فأفلامه ستظل باقية، ونحن كمصريين عندما نسافر لأى مكان في العالم يسألنا الأجانب عنه، ونجوميته بالنسبة لنا كأنها وسام، وإذا كانت ذاكرته حرقت كل الأفلام، وإذا كان نسى أنه كان نجما، فإن أعماله ستظل تشع على المستويين العربى والعالمى».

وأشار إلى أن عمر الشريف قدم في المرحلة الأخيرة من مشواره كممثل 3 أفلام هي بالترتيب «المسافر» للمخرج أحمد ماهر، والفيلم الفرنسى «السيد إبراهيم وزهور القرآن» والفيلم المغربى «روك القصبة».

وقال الشناوى: أعتقد أن «السيد إبراهيم وزهور القرآن» هو أكثر فيلم عبر عن قناعات عمر الشريف الفكرية، لأن الفيلم يتحدث عن التوافق الدينى، وعمر رغم إسلامه إلا أن في أعماقه دماء كاثوليكية ويهودية، فهو ولد لأب كاثوليكى وأم يهودية، كما أنه لم يكن لديه أي إنحياز أو تطرف دينى، ليس فقط بحكم نشأته أو سفره للخارج، لكنه كان مثل كل أهل الإسكندرية في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات ومنهم يوسف شاهين وتوفيق صالح، حيث عاشوا في مجتمع كوزموبوليتان فيه كل الأديان والأعراق، ولم يكن لديه ما يمنعه من قبول الأديان، كما منحه «السيد إبراهيم وزهور القرآن» جائزة «سيزار» وهى أهم جائزة في حياته

السبت 30-05-2015 10:22 | 

عمر الشريف يغادر مستشفى الجونة دون الخضوع لفحوصات الذاكرة

كتب: محمد السيد سليمان 

أكدت مصادر طبية بمستشفى الجونة أنه لم تتم أي فحوصات أو اختبارات طبية خاصة بذاكرة الفنان عمر الشريف للتأكد من إصابته بألزهايمر من عدمها، وذلك أثناء تواجد الشريف بالمستشفى لمدة 20 ساعة للعلاج من حالة إعياء شديدة. وأضافت المصادر أنه ليس من اختصاص المستشفى أو الفريق الطبى المعالج للشريف إجراء أي اختبارات أو فحوصات تتعلق بقدرة ذاكرة الشريف.

وحصلت «المصرى اليوم» على صورة من بطاقة خروج الشريف من مستشفى الجونة بعد تماثله للشفاء، مسجل بها اسمه، بالإضافة إلى اسم الطبيب المعالج.

وغادر الشريف المستشفى بعد تماثله للشفاء من وعكة صحية وحالة إعياء شديدة، وارتفاع في درجة الحرارة، حيث يشتبه في تناوله وجبة غذائية فاسدة أثناء إقامته بالفندق، وتم إجراء الإسعافات الأولية له، وتركيب محاليل طبية وإجراء تحاليل، واستمر تحت الرعاية الطبية بالمستشفى من عصر الأربعاء حتى صباح الخميس إلى أن تم السماح له بالخروج، وفضلت أسرته إقامته بالفندق بدلاً من الفيلا التي يملكها بالجونة مع مراقبة أي أطعمة ومشروبات يتناولها.

المصري اليوم في

30.05.2015

 
 

فيلم "سحب سيلس ماريا".. نهم المعاناة وتعقد العلاقات

إسراء إمام

ثمة أفلام، لا تكتفى بكونها مجرد أفلام. الجمال فيها لا يتأتى من سينمايئتها، ولا من قدر جودتها، لغتها، أدواتها، مفرادتها، وكيانها الملموس. وإنما تُنهكك بحالتها دُفعة واحدة، تُنهيك وتُلهيك، لا تحول بينك وبين رؤية عثراتها، وإنما حتى فى ذلاتها تبدو ساحرة، مُربكة، مُهلِكة.

أفلام تهبُك قطعة من قلب الدنيا. تأخذ بيدك لمضيق متوارى لم تطأه قدميك من قبل. تُعرى لك حقيقة من حقائق الإنسانية، وتصيغ على يدك نوعا مغايرا من الصراعات النفسية.

أفلام تصنع منطقها، تملك هويتها، ومساحتها الظليلة التى تنتشلك إليها.

أفلام لا تدّعى عليك، ولا تغالى فى دعوتك. هى فقط تبدأ بالحكى، وتترك لك الخيار لتتبع ذيلها مشدوها، ومندوها من تلقاء نفسك.

"سحب سيلس ماريا" THE CLOUDS OF SILS MARIA للمخرج أوليفييه أاسايس واحد من هذه الأفلام صنعه اسايس من لحمه ودمه، كتبه وأخرجه وأخلص فى عشق حدوته، فباتت صادقة بما فيه الكفاية لتتحدث عن نفسها.

الفيلم يصيغ معالجة غاية فى التعقيد، تتسم بنزعة متاهية، حول إمرأة قرر الزمن مواجهتها بقسوة. ممثلة تضع نفسها فى ورطة حقيقية، حينما تُقرر لعب دور مسرحي، لطالما راودها الخوف منه قديما. مسرحية "ثعبان مالوجا" التى تتناول علاقة شائكة بين إمرأتين، إحداهما شابة، عفية، نابذة وحاسمة. والأخرى مُسِنة، عاشقة، وشاعرية. الثانية تقع فى غرام الأولى، بينما تقودها عاطفتها إلى الهلاك. المفارقة التى يضعنا الفيلم أمامها، أن ماريا أندريس "جوليت بينوش" وهى الفتاة التى لعبت دور البنت الشابة سابقا، تقع تحت غواية إقناع مخرج ما يقرر إعادة المسرحية بعد 20 عاما لتجسد دور المرأة العجوز التى ستفنى. ومن هنا تتهاوى ماريا، ونبدأ رويدا رويدا فى التهاوى معها.

ذكاء السيناريو

السيناريو يسعى فيه الجميع إلى تأويل حكاية هيلينا وسسيجريد (المرأتان بطلتا المسرحية). على لسان كل المحيطين بماريا، نرى محاولة جاهدة لقراءة حكاية هذه العلاقة المُحيرة، حتى ماريا نفسها تملك تفسيراتها الخاصة حول ما جمع بين هاتين المرأتين. ولكن فى حقيقة الأمر، ينفرد السيناريو بمنطقته المغلقة الغامضة حول التحليل السديد لما دار بين هيلينا وسيجريد. بينما تعمد وضع كل هذه الإجتهادات المتباينة على لسان أبطال الفيلم ليتمادى فى إرباك المتفرج (وهو منهج اتبعه على دوام السرد). الكل يتفوه بوجهة نظره عن هيلينا، وعن سيجريد. ومع ذلك تظل كل منهما لغزا يأبى أن يفصح عن نفسه.

الحَدث بَيّن... هيلينا وقعت فى حب سجريد.

ولكن إلى حد نبذتها سيجريد، هل سيجريد قاسية بالقدر الذى تنعتها به هيلينا، وتُرى هيلينا بكل هذا الضعف الذى بدت عليه، ما المفهوم الذى قد يصف لنا معنى الضعف أو القوة فيما يخص  الحكاية بأكملها. كل هذه الأسئلة كانت الأرضية الأساسية التى وقف عليها السيناريو طوال الفيلم، لم يسألها بقدر ما عدد إجاباتها على لسان شخصياته. وفى الوقت ذاته خلق لها محيطا مغايرا، تتشابك فيه مع بعضها البعض، وتتداخل فيه بقوة مع حكاية سيجريد وهيلينا، التى يسعون طوال الوقت لهضم معناها.

ماريا هى الأخرى تحمل ذات الشغف صوب مساعدتها فال "كريستين ستيوارت". ماريا التى لعبت دور سيجريد منذ 20 عاما فى المسرحية القديمة، يأتى تورطها فى قبول دور هيلينا الآن بالكثير من المتاعب. مشاعر مُلتَبسة بالجملة، تطفو على السطح حينما تبدأ ماريا بالتدرب على دور هيلينا مع مساعدتها فال، كلمات النص على لسان كل منهما توخز تعقيدات عاطفية وإنسانية مسكوت عنها فى علاقتهما.

ماريا تكِن مشاعر واضحة لفال، ولكن السيناريو كالعادة لا يتطرق إليها ولو بكلمة واحدة، يرمى بظلالها فى تفاصيل طفيفة، بينما يتجاهلها فى الوقت ذاته وكأنها غير موجودة، ليضعنا فى منطقته المحببة من الأرجحة والشكوك. ولكن عند حافة القتال الخفى بين ماريا وفال فى اثبات وجودهما الإنسانى، نجد السيناريو يتوغل وبعنف. يجتهد ليُفصص الصراع الوجودى الذى يقود كل منهما للإنهيار فى النهاية. فال تُقدم قراءة معينة للمسرحية بأكملها، قراءة تبدو ظاهريا أنها تسعى فيها لتحفيز ماريا لقبول دور هيلينا، تبذل فال قصارى جهدها لتُقنع ماريا بأن هيلينا أقوى من سيجريد، أنها إمرأة تعبر عن ألمها ببساطة، ولا تشعر بالخزى من كونها وقعت ضحية لدهاء سيجريد، تلك الفتاة القاسية التى تستعمل شبابها لتغتر على هيلينا، تغويها ومن ثم تتركها فى العراء.

وعلى الجانب الآخر، تظل ماريا منحازة لسيجريد، ترى فيها رمزا للتحكم فى زمام الأمور، سيجريد هى التى تخلق الحدث، بينما تظل هيلينا مجرد رد فعل. فى الحقيقة فال تشدد على التشبث بقرائتها لكى تُثبت لماريا أنها الأصح، أنها قادرة على أن تُبدل وجهة نظرها وتجعلها أكثر إنفتاحا مع هيلينا، أى تصنع لها معروفا لابد وأن تعترف به. وفى الوقت ذاته، ماريا تظل قانعة دوما بنقيض وجهة نظر فال للسبب ذاته، لأنها ببساطة لا ترغب فى أن تُشعرها بأن ثمة معروفا حقيقيا تقدمه لها فى توضيح أى شىء.

وحول هذه الحقيقة تتبدل وجهات نظر فال وماريا لمجرد بلوغ غايتهما البعيدة. ويمكننا ملاحظة كيف كانت كل منهما تنتقل للدفاع عن هيلينا إذا بدأت الأخرى فى التعاطف مع سيجريد، والعكس تماما. فالطاولة ممدودة بينما تظل مراوغتهما ملتفة حولها.

ماريا

ماريا شخصية تمنحنا فى رحابة محاولة لفهمها. معطياتها ثرية، على الرغم من تضاربها فى بعض الأحيان، وبغض النظر عن المشاعر الوفيرة- لدرجة التشويش- التى قصد السيناريو أن يرسخها عنها. هى إمرأة مذعورة تخشى مواجهة الكِبَر، الوحدة، والنبذ. تنحاز لسجريد صحيح، ولكنها تكرهها فى الآن ذاته. فهى الفتاة التى تسببت فى موت هيلينا المسكينة، دفعتها لأن تغادر العالم فى بؤس. ماريا قبل 20 عاما أحبت نفسها وهى تلعب دور سيجريد، تغويها جاذبية سيجريد، قوتها، وشبابها، ولكنها منذ البداية تتعاطف مع حزن هيلينا. ماريا معجبة بسيجريد، ومُشفقة على هيلينا، بينما تمقت مشاعرها عموما حيال الشخصيتين.

رعب ماريا الحقيقى لم يبدأ حينما قررت أن تلعب دور هيلينا، ولكنه اتخذ إلى نفسها طريقا منذ أمد، حينما رأت الممثلة التى لعبت دور هيلينا أمامها وهى تُقتاد إلى مصير مظلم. دماغ ماريا سجل هذا المصير، وخشى على مدار العمر من ارتياد جحيمه. ولكن وفقا للجملة الشهيرة "احذر مما تخشى" تعثرت قدم ماريا فيما ركضت على مبعدة منه على مدار حياتها بأكمله.

فجأة تجد نفسها تلهث خلف إعجاب مساعدتها. تهاب وحدتها، وتواجه ظلها العجوز رغما عن أنفها. بدون سابق إنذار بدت وكأنها إنعكاسا صحيحا لصورة هيلينا المقيتة الكئيبة. وضع ماريا بلغ هذه الصورة منذ زمن، ولكنه انكشف جليا حينما قررت أن تلعب دور هيلينا، وكأن الدور أوقفها مجبرة أمام مرآة باغتتها بوحشة بحقيقة شكل حياتها.

فال

هذه شخصية شديدة الإنغلاق على نفسها. تعنت السيناريو فى تناولها بصمت. أوقات نشعر أنها تبادل ماريا شعورا أعنف بالإعجاب، تغتاظ من مجرد تجاهلها لوجودها، تحرص على أن تستوعبها رغما عن أنفها، وتدلل لها أنها الأجدر فى تمرير شعورا بالطمأنينة إلى داخل قلبها. وأحيان أخرى نشعر فيها بميلها نحو انتقادها، عدم احتمالها، والنفور الزائد عن الحد منها. ولعل هذه المشاعر المتناقضة مجرد وجهان لعملة واحدة. فيمكن أن يكون إحساس فال صوب ماريا، فيه من ذات التعقيد الذى يسيطر على ماريا إزاء هيلينا وسيجريد. لعل فال تنجذب بقوة إلى ماريا، وفى الوقت ذاته تحتقر شعورها. وتراه سببا أدعى ليفضى بها إلى سجن ماريا، بعيدا عن العالم الحقيقى الملائم لسنها وطبيعتها الأنثوية. وفى مشهد كانت تتدرب فيه مع ماريا على مشهد من المسرحية، جاءت جملة نطقتها على لسان سيجريد، بينما نشعر وقتها أنها أشارت فى بساطة إلى ما يعتمل فى دخيلتها " أنا هنا، والعالم يتغير من حولى، ببساطة أريد أن أكون جزء منه".

وقد عتّم السيناريو على العلاقة التى زعمت فال أنها بدأتها مع أحدهم. وهى المحاولة الوحيدة التى بدت أنها تهرب بها من حِمل ماريا الواقع عليها، بكل محاسنه ومساوئه. ولكن على ما يبدو، أنها أخفقت بقسوة. وجاء مشهد موفيا وموحيا ليدلل على رعبها من هذه التجربة الجديدة مقارنة بعالمها الضيق المتوارى. فنجدها وهى فى طريقها إلي موعدها الغرامى، توقف سيارتها بعد أن شعرت بالغثيان، وتبدأ فعليا فى التقيؤ. اختار أسايس فى هذا المشهد، أن يستخدم أغنية أشبه بأغانى الميتال السوداء، المُقبضة، والملخصة لكلام لم ولن يقال.

آخركلمتين

- ثمة مناطق ضعف بينة فى السيناريو، فبعض المشاهد نراها كُتبت فقط لكى تملأ فراغات من الوقت، وثمة شخصيات فُردت لها مساحات من السرد أكثر من اللازم مثل شخصية "هنريك فالد" ولكن كما قلت سابقا، حتى زلات الفيلم لم نملك إلا أن نستغرق فيها، ونجد فى طياتها ما يستوجب التنبه والمتابعة بشغف.

- الفيلم فكرة جوليت بينوش من الأساس، فهى من اقترح على أسايس كتابتها وتنفيذها.

- اختار أسايس أن يبدأ استخدام الموسيقى بكثافة فقط بداية من الجزء الثانى من السرد، وهذه التفصيلة جاءت ملائمة تماما لما حدث مع حياة ماريا، فهى فى البداية عاشت صراعاتها فى صمت، ولكن بعد قرارها بلعب دور هيلينا بدت أناتها مسموعة.

عين على السينما في

31.05.2015

 
 

«ذيب» يصل إلى دور العرض المصرية الأربعاء

خاص ـ «سينماتوغراف»

بعد جولة ناجحة بدور العرض في 7 دول عربية، والتي جاءت بعد حصوله على العديد من الجوائز في المهرجانات السينمائية حول العالم، أعلنت شركة MAD Solutions عن إطلاق فيلم ذيب للمخرج ناجي أبو نوَّار في دور العرض المصرية يوم الأربعاء 3 يونيو – حزيران، حيث ترك الفيلم علامة مميزة بذاكرة الجمهور المصري عند عرضه في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي، بعد أن شهد عرضيه إقبالاً جماهيرياً كبيراً أدى إلى إضافة عرض ثالث استثنائي.

ومنذ عرضه الأول في سبتمبر – أيلول 2014، يتلقى ذيب إعجاب الجمهور والنقاد في كل أنحاء العالم، ومؤخراً وصفه الناقد جاي وايسبرغ في مجلة فارايتي بأنه «أحد أفضل أفلام العام» ضمن مقال عن كفاح الأفلام العربية لكي تجد لنفسها مكاناً تحت الأضواء بمهرجانات السينما الدولية، وأضاف وايسبرغ “قصة المغامرة الكلاسيكية، الغنية بالمزج البصري لعناصر مختلفة والتي تُظهر نضوج المخرج في أول أفلامه الطويلة، لم تُعرض فقط في عشرات المهرجانات، ولكنها نجحت أيضاً في العالم العربي. وكان الفيلم قد انطلق في مارس – آذار الماضي بالإمارات، لبنان، الأردن، قطر، عُمان، الكويت وفلسطين من خلال MAD Solutions.

 وقد سبق أن اختارت فارايتي مخرج الفيلم ناجي أبو نوَّار كـأفضل صانع أفلام عربي لعام 2014، بالإضافة لفوز الفيلم بسبع جوائز من مهرجانات سينمائية مرموقة.

فيلم ذيب هو مغامرة صحراوية مدتها 100 دقيقة تم تصويرها في صحراء جنوب الأردن، وتعاون فيه المنتجون مع المجتمعات البدوية التي تم التصوير بالقرب منها، وشارك في التمثيل بالفيلم أفراد من العشائر البدوية التي تعيش في المنطقة منذ مئات السنوات، وذلك بعد إشراكهم في ورش عمل للتمثيل والأداء لمدة 8 أشهر.

 ذيب هو أول الأفلام الطويلة للمخرج والكاتب الأردني ناجي أبو نوّار الذي اشترك في كتابته مع باسل غندور، وتدور أحداث الفيلم في الصحراء العربية عام 1916، ويتناول قصة الفتى البدوي ذيب وشقيقه حسين اللذين يتركان أمن مضارب قبيلتهما في رحلة محفوفة بالمخاطر في مطلع الثورة العربية الكبرى. حيث تعتمد نجاة ذيب من هذه المخاطر على تعلم مبادئ الرجولة والثقة ومواجهة الخيانة.

سينماتوغراف في

31.05.2015

 
 

سناء جميل.. زهرة الصبار

كتبت / أمل عبدالمجيد

يذكرها جمهور السينما بدور نفيسة في (بداية ونهاية )، ويتذكرها جمهور المسرح بزهرة الصبار، ويذكرها مشاهدي التلفزيون ب(فضة المعداوي ) في الراية البيضا .. إنها الفنانة سناء جميل.

بعد أن رفضت الفنانة فاتن حمامة دور نفيسة في فيلم(بداية ونهاية) رشحها المخرج صلاح أبو سيف للدور، وكانت بدايتها الفعلية حيث حققت شهرة كبيرة في هذا الفيلم الذي أنتج عام 1960

من أعظم الأدوار التي جسدتها الفنانة الراحلة سناء جميل على شاشة السينما، كان دور الفتاة الفقيرة التي تضحي بمستقبلها وكرامتها من أجل عائلتها وشقيقها الانتهازي، الذي جسده النجم العالمي عمر الشريف.في رائعة صلاح ابوسيف ( بداية ونهاية)واشاد الكثير من النقاد بدور (نفيسة) وبأنه نقلة فنية كبيرة في مشوار سناء جميل السينمائي.

وبلغ من حبها للفن أنها ظلت تعاني من ضعف حاسة السمع حتى رحيلها بعد صفعة قوية تلقتها من عمرالشريف في نهاية الفيلم. وايضا تضحيتها الكبيرة حيث انها فضلت عدم الانجاب من أجل فنها والذي أرادت ألا يشاركها في حبه أحد.

ولدت سناء جميل بمحافظة المنيا مركز ملوي27 أبريل 1930 ولقد عانت الفنانة الراحلة سناء جميل في طفولتها كثيرا خاصة بعد وفاة والدها وهي في سن العاشرة من عمرها، الأمر الذي تركت بسببه بيتها في الصعيد واتجهت إلى بيت شقيقها في القاهرة كي تعيش معه ومع زوجته.

وفي القاهرة ألحقها أخوها بالقسم الداخلي في المدرسة واكتشفت حبها وعشقها للفن والتمثيل من خلال اشتراكها في الحفلات المدرسية ولحبها الشديد للتمثيل تم اختيارها رئيسة لفريق التمثيل . والتحقت بمدرسة أخرى واصلت فيها هوايتها غير أنها لم تكن تستطيع أن تخبر شقيقها بذلك لخوفها من غضب اخيها.

وكان لدي سناء تصميم وقوة ارادة فقررت أن تلتحق بمعهد الفنون المسرحية، وهنا ساعدها احد جيرانها ووقف بجانبها وقام بالتزوير في أوراق القبول التي قدمتها للمعهد فكتب إقرار الموافقة على أنه أخوها غير أن شقيقها علم بما حدث فقام بصفعها صفعة شديدة وخيرها بين أن تترك المنزل أو تترك الفن.

تركت سناء جميل المنزل وهي تبكي ووافق ذلك يوم حريق القاهرة، وظلت سناء تبحث عن مكان تقيم فيه ولا تملك المال الكافي وتقابلت مع زميلها في المعهد سعيد أبو بكر الذي كان متزوج من ايطالية انذاك فأخذها وقضت معهما الليلة وأخبرته بما حدث.

وكان الفنان الكبير زكي طليمات هو عميد المعهد فذهبت إليه مع سعيد، ووعد بأنه سوف يجد لها حل لتلك المشكلة وفعلا أخذها في فرقة المسرح الحديث وكان رئيسا لها مقابل 12 جنيها ووجدت لنفسها مكانا تبيت فيه في بيت الطالبات.ولكنها وجدت أن المكافأة الشهرية لا تكفي فعملت في بيت أزياء( ميزون سيل) وكان السهر يمتد بها لساعة متأخرة فتركت بيت الطالبات إلى مسكن مستقل.

اختار لها الفنان المسرحي زكي طليمات اسم (سناء جميل) ليكون اسمها الفني بدلا من اسمها الحقيقى (ثريا يوسف عطالله) حين مثلت مسرحية (الحجاج بن يوسف)

ودرست في المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت في العام 1953 وعملت في الفرقة القومية واشتهرت بأدائها الجيد باللغة الفصحى واللغة الفرنسية.

وكان أول لقاء حقيقي لسناء جميل، مع الجمهور من خلال مسرحية(الحجاج بن يوسف) ثم قدمت مسرحية (زواج الحلاق) وبالصدفة كان د. طه حسين، من بين الحاضرين للعرض فكتب عنها عدة مقالات يشيد بها وبموهبتها الكبيرة، وكان ذلك أحد العوامل القوية لكي تسير سناء في طريقها الفني وتشترك في روائع المسرح القومي ومنها (بيت من زجاج) و( سلطان الظلام) و(الناس اللي فوق ) و(ماكبث)وغيرها.

بالنسبة لادورها السينمائية بدأت سناء جميل مشوارها السينمائي في العام 1951 بفيلم (طيش الشباب) وعام 1952 (آدم وحواء)و (بشرة خير) و(حرام عليك) عام 1953 (بلال مؤذن الرسول )و(شريك حياتي) (إسماعيل يس في متحف الشمع)وكانت معظمها ادوار بسيطة وليست رئيسية حتي عام 1960 (بداية ونهاية) والذي يعتبر بدايها الحقيقية مع العملاق صلاح ابو سيف ويعتبر بداية سينمائية لها وعملت بعدها في العديد من الاعمال السينمائية وكان اخرها عام 1998 (اضحك الصورة تطلع حلوة).

و نجحت كذلك في تجسيد الأدوار السينمائية التي شاركت فيها وكان من أهمها(الزوجة الثانية)و (حكمتك يارب)و(توحيده) و(امرأة قتلها الحب) و(سواق الهانم)وغيرها من الأفلام التي تعتبر علامات في تاريخ السينما المصرية والعربية.

قامت بدور الام رغم انها لم تنجب . تزوجت من الكاتب لويس جريس واستمر زواجهما لاكثر اربعين عاما .يقول لويس جرجس عندما ألتقيت بسناء جميل في جريدة روزاليوسف في أحد الحفلات الخاصة بالجريدة، كنت أظن أنها مسلمة لترددها بكثرة (والنبي.. والله العظيم)ولكنها أوضحت له أنها تنتمي إلى الأرثوذكسية ، ولكن أكتسبت تلك العبارات من زميلاتها سميحة أيوب و زهرة العلا فقد كانا اقرب اصدقائها .

لقد كانت صاحبة فكر فني وعاشقة للمثيل مقلة في ادوارها ورغم ذلك تركت ادورها بصمة لدي الجماهير . ولقد فقدها الفن في 22 ديسمبر 2002 عن عمر يناهز 72 سنة بعد صراع مع المرض لتترك بصمة لدي جمهور المسرح والسينما والتليفزيون . 

بوابة روز اليوسف في

31.05.2015

 
 

برعاية مديرية الفنون السريانية في ثقافة الإقليم

«الجذور لن تموت» و»سراق التاريخ» فيلمان يجسدان واقع الطائفة المسيحية

اربيل – امجاد ناصر الهجول:

برعاية مديرية الفنون السريانية في وزارة الثقافة في اقليم كردستان العراق قدم المخرج الشاب اياد جبار عرض فيلمين وثائقيين بعنوان ( الجذور لن تموت و سراق التاريخ ) كرسالة الى الشعب العراقي وخاصة الاقليات بعدم الرحيل ومغادرة ارض الوطن للغرباء والبقاء للدفاع عن مدنهم حتى عودة الاستقرار واستتباب الامن والعيش بسلام وامان وتأخي كالسابق نسيج اجتماعي واحد و قوي بتماسك جميع اطيافه ودياناته وقومياته وان الحضارات لا تموت بتحطيم الاثار لانها باقية وخالدة مهما تقدم الزمن .

الفيلم الاول ( سراق التاريخ ) لا يتجاوز 3 دقائق لكن استطاع المخرج ان يختصر تدمير الحضارة الاشورية بمعالجته الاخراجية المتقنة التي اعتمد على بعض المشاهد بقيام القوات الامريكة بكسر باب المتحف العراقي وقيام داعش بتدمير متحف الموصل وخاصة الثور المجنح الذي يرمز للحضارة الاشورية و بعض اللوائح والمنحوتات و خطاب احد ارهابي داعش بان هذه اصنام كانت تعبد لغير الله عز وجل , مع مشاهد لـ ألة الكاميرا السينمائية التي تتوقف عن العروض ويخرج الفيلم السينمائي من عجلة الكاميرا ويتهاوى الى ارضية صالة العرض حتى قيام مشغل السينما بلملمة الفيلم وهو ايحاء و رسالة بان الحياة لا تموت مهما كان وجود الغرباء فلابد ان تدور عجلة الدنيا في العراق .

اما الفيلم الاخر وهو بحدود ( 20 ) دقيقة اتخذ المخرج من مدينة خانقين قصة سينمائية تحاكي الواقع في الزمن الجميل , حيث كانت مدينة خانقين يقطنها المسيحيون والعرب والاكراد وهي نسيج مصغر لتعايش والتاخي العراقي , وهاجرها ابناء الطائفة المسيحية مع قيام الحرب العراقية الايرانية لانهم كانوا اغلبهم يعملون في مصفى الوند وتوقف بسبب الحرب وما لحقه من تدمير جراء القصف والاهمال .

المحور الرئيس في الفيلم الوثائقي الجذور لن تموت هو ( سامي ) المواطن المسيحي الوحيد الذي ظل متمسك في مدينته خانقين ولم يرحل منها و يقوم يوميا باقاد الشموع والصلاة لسيدنا المسيح ومريم العذراء في بيته بعد ان اصبحت كنيسة البشارة التي يعود بنائها الى عام 1950 او اقل من هذا التاريخ بعقود حسب ما يذكر البعض لعدم صحة اثبات تاريخها بسبب هجره جميع المسيحيين , اصبحت الكنيسة متهالكة بسبب الاهمال وتحوطها المزابل والغاذورات من كل الاتجاهات , لان الجميع غادر المدينة ليبق سامي وحيدا يلملم ذكرياته ويحكيها لكاميرا المخرج اياد جبار مع بقية ابناء المدينة من العرب المسلمين ( السنة و الشيعة ) والتركمان والارمن ومنهم الدكتور كارزان العائد قريبا من امريكا ويعشق هواية اصطياد السمك بالاضافة الى سيدة كردية طاعنه بالسن و جعفر كاكيي الفنان التشكيلي و صالح باجلان احد المصورين الرواد , جميعهم يتحدثون عن زمن لا يتكر بوحدة العراقين و تعايشهم السلمي دون تفرقة عنصرية وطائفية وكيف تقرع اجراس الكنيسة مع مناداة الاذان ليمتزج الصوتين بصوت واحد وهو العبادة لرب واحد .

وقال السيناريست والمخرج ناصر حسن مدير السينما في اربيل : انا من المتابعين للمخرج الشاب اياد جبار و شاهدت لديه طفرة كبيرة بين فيلمه السابق وفيلمه الان وهذا دليل على اتقانه وحرفيته للعمل السينمائي الوثائقي , واستطاع ان يدخل بعمق الحدث ويصوره للمتلقي وينقله بصورة سينمائية جميلة و مفهومة للجميع من خلال تركيزه على قضية مهمة في المجتمع العراقي باستخدام الشخوص الذين سردوا لنا هذه الاحداث المعبرة عن النسيج الاجتماعي العراقي بكل دقة , وهذه التفاصيل والاحداث لم تشعرنا بالملل طول مدة الفيلم بالعكس كنا نترقب للاكثر بمعنى انه استطاع ان يشد المتلقي بقوة وانتباه للفيلم .

كما اشار القاص والروائي هيثم بهنام بردع : الفيلم الوثائقي يعتمد على مهارة وقدرة ومعرفة انية وضاربة بالعمق التي تغطي مساحة وحيز من العمل وهذه يمتلكها المخرج بكل مهارة لاني شاهدت رؤيا اعمق واشمل من فيلمه السابق لانه استمد مادة بناء الفيلم من شخوص متواجدين وعاشوا تلك الفترة الزمنية التي يرويها الفيلم بكل صدق , الحقيقة الفيلم كان يتحدث عن موزائيك جميل كان يعيشه الشعب العراقي بكل اطيافه وقومياته وديانته وكأن خانقين كانت نموذج لعراق مصغر تحتوي الجميع من المسلمين السنة والشيعة والكرد والتركمان والمسيح والصابئة واليهود , رسالة الفيلم رسالة سامية وجميلة تدعوا لماذا لا نعود الى الجذور وهذه الرسالة وصلت للمتلقي بكل بساطة .

فيما اشار كاتب ومخرج العمل اياد جبار : الفيلم الاول سراق التاريخ هو ردا عن الجريمة البشعة التي دمرت اثار متحف الموصل , والفيلم كان رسالة الى جميع الارهابيين بشكل عام بان الحضارات لا تموت باقية ولا تنتهي بتحطيم الاثار , اما الفيلم الاخر الجذور لن تموت , كنت مخطط لانجازه بوقت سابق عن كنيسة البشارة في مدينة خانقين وبادر الكاتب محمود البستاني بدعم الفيلم لانتاجه وبالفعل تم انجاز العمل وهو رسالة من مدينة خانقين التي كانت انموذجا لعراق مصغر متأخي متعايش سلميا , كما هناك رسالة اخرى من خلال المواطن سامي المسيحي الوحيد الذي ظل في خانقين ومن خلاله ادعوا جميع العراقيين وخاصة الاقليات ومنهم الاخوة المسيحيين بعدم الرحيل وترك مدنهم وارضهم لان حالهم من حالنا ويجب ان يشارك الجميع بالدفاع عن ارضه و مدينته ولا يترك الغرباء بالاستيلاء على مدنهم وذكرياتهم الجميلة .

الصباح الجديد العراقية في

31.05.2015

 
 

"الإرهابي الأمريكي"

محمد موسى

كانت خطة "القاعدة" المُرعبة لعقاب صحيفة يولاندس الدنماركية التي نشرت الرسوم الكاريكتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي كان التنظيم يحيك خيوطها في عام 2009 تتلخص في التالي: التسلل إلى مبنى تلك الصحيفة في قلب العاصمة كوبنهاجن. ثم قتل موظفيها بالأسلحة النارية، بعدها جَزّ رقابهم بالسكاكين ورمي الرؤوس من خلال النوافذ، على أمل أن تنقل كاميرات العالم الحدث على الهواء. الشخص الذي كان يقف وراء تلك الخطة هو ديفيد هيدلي، أمريكي من أب باكستاني وأُمّ إيرلندية. عاش حياته مُعلقاً بين أزمات وعداوات بلد الأب، والضياع الذي عاشه في طفولته والذي قاده إلى الإدمان على المُخدرات ثم "الإيمان" والانخراط بعدها في صفوف القاعدة.

لن تصل "غزوة كوبنهاجن" إلى مرحلة التنفيذ، فالصحيفة الدنماركية ستنقل مقرها بشكل مُفاجيء إلى منطقة سريّة، وسيفشل ديفيد هيدلي في مساعيه بإيجاد مُتطوعين مُسلمين للعملية من الذين يعيشون في أوروبا نفسها، في حين لم تتمخض رحلته لبريطانيا لتجنيد بريطانيين مسلمين، إلا عن لقاء سريع في محطة باص في الشارع مع بريطاني من أصول باكستانية بدا مرعوباً كثيراً من التعامل مع هذا الإرهابي الدولي الأبيض البشرة. ديفيد هاردي نفسه سيُقبض عليه عند عودته إلى الولايات المتحدة، إذ تبين أن المخابرات الأمريكية كانت تراقبه منذ فترة. لكن هذه بداية الحكاية فقط. فماضي هيدلي سيتكشف عن تفاصيل خطيرة للغاية، منها قيادته للعملية الإرهابية في فندق قصر تاج محل في مدينة بومباي الهندية في عام 2008، والتي أدّت إلى مقتل ما يقارب المائة والخمسين شخصاً.

يُحقِّق الفيلم التسجيلي "الإرهابي الأمريكي" والذي عُرض أخيراً ضمن البرنامج التسجيلي المعروف "الخط الأول" على قناة "PBS " الحكومية الأمريكية، في سيرة ديفيد هيدلي. الذي خرجت قصته للنور بسبب تسريبات إدوارد سنودن في عام  2013 لملايين الوثائق التي تتعلق بنشاطات غير قانونية لوكالة الأمن القومي الأمريكي. ستكون قصة هيدلي ونجاح الأمن في إيقافه قبل  أن يقوم بعمليات في أوروبا والولايات المتحدة، الذريعة التي سترد مراراً في تبريرات الإدارة الأمريكية لتبيان جدوى تجسسها على بيانات ملايين المدنيين الأمريكيين، للرد على عاصفة الغضب الشديدة التي أطلقتها فضيحة إدوارد سنودن في الحياة الأمريكية العامة. من جانبه يُحقِّق الفيلم في إخفاقات الأجهزة الأمنية الغربية، فهذه الأخيرة لم تعر اهتماماً كبيراً لكل التحذيرات التي شكلها ديفيد هيدلي للأمن في شبه القارة الهندية، وإنما انتبهت له، عندما التحق بتنظيم القاعدة قبل ثماني سنوات، وبدأ في تحضيرات لعملية إرهابية في كوبنهاجن، وخطط إرهابية أخرى في الولايات المتحدة نفسها.

يقوم بالمهمات التحقيقية في الفيلم الصحفي سيباستيان روتيلا، والذي قضى بضع سنوات في تتبع قصة هيدلي. لكن الصحفي لن يكتفي بالبحث في قصة الإرهابي الأمريكي، فيقدم في موازاة مهمته الأساسية، مُحاولات جديّة لكشف الكذب الحكومي الرسمي، وزيف ماكينة الدولة الإعلامية، وكيف تم استخدام قصة ديفيد هيدلي في تعليل سلوك الحكومة الأمريكية إبان أزمة إدوارد سنودن. في الوقت الذي أهملت أجهزة الحكومة الأمنية نفسها عشرات الإشارات عن سلوك مُريب لديفيد هيدلي، وكان من الممكن تلافي ما حدث في عام 2008 في الهند لو أنها تحركت بسرعة وأوقفته.

يستعيد الفيلم حياة هيدلي، فيبدأ من ولادته في باكستان، لأب عسكري وأُمّ أمريكية. عاشت العائلة الصغيرة في البلد الآسيوي حتى طلاق الوالدين وعودة الأُمّ إلى الولايات المتحدة. قضى هيدلي سنوات طفولته في مدرسة خاصة. ستطبع صراعات المنطقة الآسيوية بين الهند وباكستان سنوات الفتى الأولى وتترك ندوبها الغائرة في شخصيته. وفي تلك السنوات سيولد كرهه الشديد للهند. في الثامنة عشر يقرر هيدلي الالتحاق بوالدته في الولايات المتحدة، لكنه سيغرق هناك سريعاً في الإدمان على المخدرات. ليُودع في السجن لتهريبه المُخدرات ولم يبلغ الخامسة والعشرين من العمر. في الثلاثينات من العمر سيعود ديفيد هيدلي إلى باكستان ليلتحق بمنظمة مُتطرفة تتغذى على تأجيج الصراع مع الهند. عندها غير اسمه الباكستاني إلى اسم غربي، وبدا أنه وجد طريق حياته أخيرا كمُجاهد في الحرب الكونية ضد القوى الغربية ومن يُمثلها.

لا يحمل ديفيد هيدلي جلادة المقاتلين الشرسين أو تَحمّل أصحاب العقائد الراسخة، فهو يستسلم في كل مواجهة مع الأمن. فعلها بعد تفجيرات عام 2001 في نيويورك، عندما قبضت عليه الشرطة الأمريكية للاشتباه بعلاقاته مع منظمات إسلامية مُتطرفة، وفي عام 2009 عندما قُبض عليه في شيكاغو. تزوج هيدلي وطلق عدة مرة، ولم يعرف الاستقرار في باكستان أو الولايات المتحدة، كما بدا عاجزا عن التخلص من تركة سنواته الأولى في باكستان. هو لذلك يكاد يكون شخصية محيّرة، فهو يجمع بين العزيمة والجبن. كما ساهمت سحنته في ترسيخ لغز شخصيته، إذ إن عينيه تحملان لونين مختلفتين، واحدة بلون بني غامق والأخرى زرقاء، وكأن واحدة لأصوله الشرقية والأخرى للغربية.

يُخصص الفيلم مساحة زمنية مهمة للعملية الإرهابية في بومباي عام 2008، والتي ساهم هيدلي في الإعداد لها بشكل مباشر ويقضي اليوم السجن لدوره فيها (نال عليها عقوبة السجن لخمسة وثلاثين عاماً يقضيها في الهند). إذ ذهب إلى هناك لتفقد الأمكنة التي ستضربها الجماعات المُتطرفة ومنها معبد يهودي. الفيلم يثير أسئلة عن أداء المُخابرات الغربية والتي حصلت على أغلب المُراسلات المُشفرة التي أجراها ديفيد هيدلي مع مُنظمته المُتطرفة في باكستان. يُدين الفيلم التقاعس الغربي للتحرك في قضية لا تشمل مواطنيها. في الوقت الذي دافع بعض العاملين السابقين في أجهزة أمنية غربية، بأن متابعة أو فك رموز كل الرسائل الإلكترونية أو المُكالمات الهاتفية هو أمر مستحيل عملياً، لذلك تقع الأخطاء الكبيرة أحياناً.

يَتوفر للفيلم العديد من الوثائق والمشاهد الأرشيفية النادرة، منها ما كشفه إدوارد سنودن، فيما لم يُوضِّح الفيلم كيف حصل على الفيلم الذي صوره ديفيد هيدلي بنفسه، عندما استأجر دراجة هوائية وتوجه قريبا جداً من مبنى جريدة يولاندس في العاصمة كوبنهاجن. أو تلك التي صورتها الكاميرات الأمنية له في غرفة التحقيق في مدينة شيكاغو في عام 2009. كما يرتكز الفيلم على خبرة وحَصافة الصحفي سيباستيان روتيلا الذي قدم تحقيقاً بطبقات مُتعددة وبسلاسة أسلوبية لافتة، تنقّل فيه بين سيرة إرهابي أمريكي، لكنه أدان أيضا مُخابرات دول غربية مُتقدمة وقفت متفرجة على النزاعات الدموية لدول أخرى.

الجزيرة الوثائقية في

31.05.2015

 
 

مونوكروم الألفية الجديدة (2): ثلاثة أفلام أوروبية

محمد صبحي – التقرير

Les amants réguliers (2005)

“هؤلاء الذين يصنعون نصف ثورة، لا يصنعون شيئا سوى حفر قبرهم“

المخرج الفرنسي فليب جاريل Philippe Garrel، الذي صنع في العشرين من عمره فيلمًا (فُقد حاليا) عن باريس أثناء تظاهرات مايو 1968 الشهيرة، يعاود زيارة تلك الفترة في تجربة سينمائية ملحمية وحميمية.

تتمحور القصة حول علاقة الحب بين فرانسوا، وهو شاعر في عشرينياته يقوم بدوره لويس جاريل، ابن المخرج (لعب دورًا مشابهًا ولكن أقل أصالة في “The Dreamers” لبرتولوتشي) وليلي (الرقيقة كلوتيد هيسم Clotilde Hesme)، نحّاتة شابة من أبناء الطبقة العاملة. علاقة مؤطّرة بالانهزامية السياسية وروح التخلّي، ينتقدها المخرج بالإشارة إلى إدمان بطله للأفيون. يضع جاريل خلاصة أربعة عقود من الأفكار والتجارب السينمائية في دراما رمزية بقدر واقعيتها. يؤفلم الثورة/الانتفاضة الشبابية بتجريد مسرحي مبسّط محوّلا إياها إلى حلم يقظة مستعاد. هنا “مايو 68″ ولكن بدون سياسة: تدفق للرغبات الشابة، وتوق إلى يوتوبيا حسّية على الأرض وبالطبع مثل تلك الأحلام تأتي إلى نهايتها في لحظة ما.

على الرغم من استجلابه لفردوس معاش في لحظات عابرة (مثلا، عندما يتابع فرانسوا وريدًا نابضًا في عنق ليلي أثناء نومها)، فإن جاريل يؤكّد أن “العالم” الذي جاء بعد الثورة كان ينتمي إلى هؤلاء الناس العمليين بأقدام ثابتة على الأرض غير الحالمين الذين يظنون أن إلقائهم زجاجات المولوتوف على أفراد الشرطة سيغيّر العالم ويجعله أفضل. لو أن شخصًا آخر قال ذلك الكلام غير المخرج الراديكالي المولع بالجماليات، ربما بدا رجعيًا. ولكن ما يجعل جاريل يقول ذلك هو إدراكه الحزين المستخلص من النظر بأثر رجعي إلى ماضيه الخاص وأوهام الشباب وأحلامه الشاهقة.

صُوّر الفيلم بالأبيض والأسود الساحر من قبل مدير التصوير المخضرم ويليام لوبتشنكي William Lubtchansky. صور تتقطّر فيها ميلانكولية جاريل ونظرته التأمّلية والرومانتيكية التي تتماس مع تراث السينما الصامتة (كما ينعكس ذلك في مشهد عزف البيانو المنفرد). المسحة الرمادية المضافة للصورة تعطي الشعور ببرودة معدنية، وحين تقوم ليلي -في تحول براجماتي من جانبها- بتحدّي فرانسوا على المضي قدمًا واستكمال حياته، فإن برودة الواقع الصعب تصبح أكثر وحشية.

بخلاف الأفلام الزمانية “Period films” التي ينصبّ تركيزها على الأزياء والديكور وثرثرة شخصياتها التي تحاول توضيح المزاج الغالب على الفترة التاريخية التي يقدمها الفيلم، يقدّم جاريل ثورته الخاصة وشخصياتها كما عرفها: يقضون السنوات التالية في تغيير لاشيء تقريبًا، يداومون على الانتشاء بالمخدرات والاستماع إلى الموسيقى، ثم يموتون. ما من أبهة هنا، فقط.. صور لشباب بوجوه مزيّتة ومليئة بالبثور، قمصان متعرّقة، وشعور مهوّشة ومرور الوقت البطيء الذي يأتي بالتردد والملل. في 178 دقيقة هي مدة الفيلم، يقدّم جاريل -بأسلوب مينمالي خالص- خطابًا حزينًا ولا تنقصه النوستالجيا المربكة عن الحب في العشرين، ومحبة الأحلام المستحيلة.

Control (2007)

بيوغرافيا إيان كرتيس Ian Curtis المحتفى بها نقديًا وجماهيريًا وقت صدورها كواحدة من أفضل السير الموسيقية في السنوات الأخيرة، بتوقيع المخرج أنطون كوربجن Anton Corbijn في أولى تجاربه في الإخراج الروائي. قبل هذا الفيلم عمل كوربجن في إخراج الكليبات المصوّرة ولم تزل درّته هو الفيديو الطوطمي لأغنية أتموسفير لفريق Joy Division الغنائي، وهو عبارة عن نشيد بصري مصنوع بمزاجية واضحة وتم تسجيله بعد وفاة إيان كرتيس، المغني الرئيس للفريق (Lead Vocalist)،  بثمان سنوات.

الانفتاح الجميل لموسيقى الفريق الغنائي شكّل الموسيقى التصويرية لكثير من دروب المراهقة المضطربة للشباب الإنجليزي، وأفلمة قصة الفريق كان متوّقعًا تمامًا. ولكن هذا التوقّع تحوّل في بعض الدوائر إلى حالة من الخوف لأن قصة الفريق المانشستراوي ورحيل مغنيها الرئيس خلقا واحدة من أكبر الأساطير في المشهد الموسيقى الإنجليزي. فكورتيس كتب وغنّى كلماته التي تشبّعت بتفاصيل حياته الشخصية، ومات في الثالثة والعشرين من عمره، ومنذ ذلك الحين تمّ ترسيم صورة “كولتيّة” cult له كبطل مات ميتة مآساوية في سبيل فنه.

يعود إذا كوربجن إلى كرتيس، وينجز فيلمًا عنه لا يسعى فيه لأسطرة المغنّي الذي لعب سام رايلي Sam Riley دوره بالغموض المناسب لحياة متأرجحة بين أضواء الشهرة وثنايا الذات. كورتيس تتم رؤيته كمجرد طفل آخر يحب أن يدخّن في غرفته، يستلقي بملابسه الداخلية، ويتصفّح الموسيقى التي تتحدث إلي مراهقته وسخطها المعتاد. سامنثا مورتون Samantha Morton هي زوجته الشابة ديبورا، التي تستقيل من حياتها لتجفف ملابسه الداخلية منذ أصبح المغني الرئيس لجوي ديفيجن.

سام رايلي استطاع أن يصل لجوهر شخصية المغني، وأدائه “الكهربي” أعطى مصداقية لفكرة أن كورتيس كان يغرق في كل مرة يعتلى فيها خشبة المسرح. هذا الممثل الشاب يظهر الأيام الأخيرة لكورتيس وكأنها جلسة لطرد الأرواح الشريرة، والمخرج بدوره يبدو مؤيدًا لنظرية أن ندم كورتيس على زواجه بديبورا في سن صغيرة كان مصدر شغفه الوحيد.

الفيلم مستوحى من كتاب ديبورا كورتيس “لمس من مسافة بعيدة”. باستخدام مذكرات الشخص الأقرب لايان كورتيس، وكأساس للفيلم سمح للقصة بحسّ من المصدقية غالبًا ما غاب عن السير الموسيقية لفرق أخرى. تصوير كورتيس في الكتاب ليس كواحد من آلهة الروك، ولكنه شاب مع مشاكل داخلية وصعوبات بفعل المخاوف المالية وصرع ومهنة تأفل بينما تبدأ في الازدهار. والنتيجة النهائية… خليط حزين وقبيح من حياة مربكة ومُعبّر عنها بصراحة.

هناك متواليات تبدو كما لوكانت أطول من اللازم أو أقل ثقلًا وأهمية في اقتراحها للحظات ستصبح مصدرًا لأغنية لاحقة، ولكن تلك اللحظات لا تطغى أبدًا، فالمخرج وكاتب السيناريو مات جرينهالج يتمكنا من الإمساك بحسّ الفكاهة والعلاقة الرفاقية بين أعضاء الفريق.

التمثيل جيد وتصوير الفريق جاء موفّقًا وما يثير الإعجاب هو أداء الممثلين للأغاني بأنفسهم. ورغم الإشارة لسهولة لعب أغاني الفريق فإن خروجها بذلك الحماس والطاقة والإحساس التي حملها الممثلون لعمل رائع يضيف إلي مصداقية الفيلم. سامانثا مورتون قدّمت دورًا زاد من التعاطف والاقصاء والعزلة.. ولكن الأداء الفاصل على الأرجح سيكون من نصيب توني كيبيل Toby Kebbell الجمل الحوارية والهزل الصارخ وأحيانًا الرقيق المحجوز لشخصيته.

في الجانب البصري والموسيقي هناك الكثير من الصور الأيقونية، لقطات من الحفلات، حفل ولقاءات تليفزيونية تتوافق تمامًا مع أسلوب تصوير الفيلم بالأبيض والأسود. قام المخرج بعمل جيد حين تمكن من ‘عادة عرض تلك الصور والعروض كلقطات ثابتة ثم تربيطها في بعض الأحيان بسهولة تامة لنسج قصة حياة كورتيس بعد الزواج في ماكسفيلد.

الفيلم يستفيد من عيوبه كذلك؛ فأسوأ شيء يمكن حدوثه، هو فيلم سطحي ومتوازن وبنهاية سعيدة. هناك شيء ما بخصوص قصة الفريق وتراجيديا زواج كورتيس والتي يمكن تخيلها في فيلم من إنتاج mtv بتبسيط مفرط وسنتمنتالية فاقعة، ولكن كوربجن في فيلمه الروائي الأول لديه نبرة محايدة تقريبًا والكثير من زوايا التصوير الواسعة التي تعيد إلي الأذهان عنوان كتاب ديبورا.

 La morte rouge (2006)

عنوان الفيلم هو اسم مدينة كيبيكية متخيّلة في فيلم “”The Scarlet Claw، واحد من سلسلة أفلام المحقق شارلوك هولمز، وهو الفيلم الذي يأتي على بال المخرج فيكتور إيريس Victor Erice لاستدعائه كأول فيلم شاهده في السينما.

ليستعيد زيارته الأولى لإحدى دور السينما في سان سيباستيان حين كان يبلغ الخامسة من عمره، يستخدم إيريس كليبات مصوّرة وأخبار مؤرشفة ولقطات رقمية ليخلق تأملًا رثائيًا عن الخيال والواقع، التاريخ والذاكرة، الحياة والموت. بنبرة رقيقة ولكن مكثفة يقدّم نصف ساعة من المراسلة السينمائية الجليلة في تقصّيه لقوة السينما، ومعاناة أمة، ومسار الزمن المستمر والغير رؤوف بالمرة.

فيما يمكن تسميته قصيدة أو مقال بصري؛ يستكشف إيريس ذكرياته مع الفيلم والتاريخ المحيط به. يبدأ مع صالة السينما: بناية ضخمة بمسرح كبير كانت في السابق كازينوhttp://cdncache-a.akamaihd.net/items/it/img/arrow-10x10.png، حتى تمّ حظر القمار. يتحدث عن حالة “الأمة” الأسبانية: بلد لا يزال يتعافي من مصيبتي الحرب الأهلية والحرب العالمية الثانية، وكيف أن أهوال الواقع خدّرت الجمهور عن ويلات الشاشة. الأهم من ذلك كلّه يتحدث عن “بوتس”: رجل البريد القاتل في الفيلم (يلعب دوره جيرالد هامر Gerald Hamer). لفترة طويلة بعد مشاهدته للفيلم، عاش فيكتور الشاب في خوف من سعاة البريد، خوف ساهمت تهكّمات أخته الكبرى المؤذية في تضخيمه. ولع إيريس بالشخصيات المتوحشة يعيدنا إلي “خلية النحل The Spirit of the Beehive ” حيث يطارد فرانكشتاين آنا تورنت Ana Torrent الصغيرة والساحرة.

عمل رائع ينسج الذكريات والتاريخ وملاحظات شخصية ثاقبة عن قوة السينما والخبرة الجماعية، وحوش الطفولة، الصدمات والخيالات، بالإضافة لاحتشاده بصور ثابتة ولوحات بصرية بليغة بالأبيض والأسود مع موسيقى محببة من أرفو بارت Arvo Pärt. كل ذلك يجعلنا نتمنى لو أن فكتور إيريس صنع أفلامًا أكثر.

التقرير الإلكترونية في

31.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)